دراسات سياسيةنظرية العلاقات الدولية

المنظمات غير الحكومية الفاعل الجديد في العلاقات الدولية

تعد ظاهرة التنظيم الدولي إحدى المتغيرات الهامة التي طرأت في الآونة الأخيرة على المجتمع الدولي الذي كان مقتصرا حتى وقت قريب على الدولة فقط …فقد ظهر اصطلاح التنظيم الدولي , أول مرة في فقه القانون الدولي سنة 1908 في ترجمة لمقال كتب بالغة الألمانية و نشرت ترجمته الفرنسية في المجلة العامة القانون الدولي, ثم ذاع استعماله من قبل فقهاء القانون الدولي الألمان , و الواقع ان تعريف المنظمة الدولية ليس بالأمر البسيط نظرا لحداثة عهد الظاهرة و تعدد أنواعها , إضافة إلى الخلط المتوقع بين هذا المصطلح و بين غيره من المصطلحات التي تقترب معه و تتصل به و بالتالي قبل أن تعريف المنظمات الدولية علينا التمييز بين هذا المصطلح و المصطلحات التالية التي تقترب منه و التي يتداخل معها كالنظم الدولية ، والتنظيم الدولي ، والمنظمة الدولية
§ النظم الدولية: التي تعني مجموعة القواعد القانونية المنظمة لموضوع رئيسي معين والمرتبط بإطار موضوعي محدد, مثل نظم الملكية في القانون الداخلي أو نظام الحياد أو التمثيل الدبلوماسي و القنصلي في القانون الدولي العام, أو هي كافة التنظيمات و التقاليد و القواعد الأساسية التي تميز الجماعة الدولية و تقوم الجماعة بإتباعها في تنظيم ما ينشأ من علاقات و روابط ومن ثم تشمل المنظمات و العلاقات الدبلوماسية و المؤتمرات و الحرب و يذهب البعض الى أبعد من ذلك إلى المعاهدات الدولية والمؤتمرات والحروب .

§ التنظيم الدولي: فيقصد به الإطار الذي تتشكل داخله الجماعة الدولية , بالتالي يمكن أن يشمل كل مظهر للعلاقات الدولية مثل العلاقات الدبلوماسية والقنصلية وإبرام المعاهدات وعقد المؤتمرات و غير ذلك من الأنظمة القانونية الأخرى . و هو التركيب المعنوي للجماعة الدولية منظورا إليه من وجهة نظر ديناميكية تشمل احتمالات تطوره إلى ماهو أفضل ،

§ المنظمة الدولية: هي ذلك الكيان الدائم الذي تقوم الدول بإنشائه من اجل تحقيق أهداف مشتركة يلزم لبلوغها منح هذا الكيان إرادة ذاتية مستقلة, أو هي وحدة قانونية تنشئها الدول لتحقيق غايات معينة و تكون لها إرادة مستقلة يتم التعبير عنها عبر أجهزة خاصة بالمنظمة, كما تعرف بأنها كائن قانوني دولي يتمتع بارادة ذاتية يمارسها من خلال أجهزة او فروع له و يهدف الى رعاية بعض المصالح المشتركة أو تحقيق أهداف معينة على الصعيد الدولي, كما نعرف المنظمة على أنها الكيان القانوني الدولي المستمر الذي تنشئه مجموعة من الدول يجمع بنها مصالح مشتركة تسعى الى تحقيقها و يتمتع هذا الكيان باردة ذاتية مستقلة يتم التعبير عنها بأجهزة ينشئها ميثاق المنظمة .

و منذ ظهور فكرة الدولة بمفهومها الحديث و الحرب و فكرة التوسع بين هذه الدول و اكتساب مناطق النفوذ على حساب بعضها البعض تتزايد كان السعي لايجاد سبل للتفاهم الودي لإيجاد حلول مقبولة
يرتبط الحديث عن نشأة المنظمات الدولية بعهد المؤتمرات و خاصة مؤتمر فيينا عان 1815بعد انتهاء الحروب النابليونية التي أسفرت عن هزيمة فرنسا مما دعا الدول المنتصرة إلى تنظيم جديد للعلاقات بين القوى الأوربية و بالتالي إرساء نظام المؤتمرات التي لم تكن دورية الا أنها شكلت إطارا للتشاور المستمر لإدارة النزاعات التي كانت تنشا بين هذه القوى حيث تأسس الاتفاق الأوربي (Concert of Europe) الذي كان اتفاقا بين القوى الأوربية الكبرى حول أمور السياسة الهامة وقد عقدت العديد من المؤتمرات الهامة خلال القرن التاسع عشر(19) منها :
§ مؤتمر باريسسنة 1856
§ مؤتمر برلين1878و 1884-1885
§ مؤتمر لندن1871
و نشا عن هذه المؤتمرات تقليد في التعاون الأوربي يهدف إلى التنسيق السياسي و إدارة وحل النزاعات و قد ساهم نظام المؤتمرات في زيادة الوعي بمشاكل و قضايا الأمن و التعاون الدولي و في إيجاد المناخ لتطور الدبلوماسية المتعددة الأطراف.
و يمثلا مؤتمرا لاهاي اللذان عقدا عامي 1899و 1908 ثاني محطة في تطور المنظمات الدولية حيت اهتما بتنظيم أكثر للعلاقات الدولية والنظام الدولي حيث اتسم مؤتمر لاهاي بالشمولية فاختلف عن نظام المؤتمرات المنبثق عن *الاتفاق الأوربي* و شمل دولا غير أوربية و اهتم بإيجاد الأجهزة والآليات لحفظ السلام و حل النزاعات بالطرق السلمية و بذلك ساهم *نظام لاهاي* في بلورة الوعي للضرورة الماسة لإجراءات حل النزاعات.
ثالث مصدر لنشأة المنظمات الدولية هي إقامة اتحادات دولية عامة تعنى بالقضايا و الأمور غير السياسية أو الأمور الفنية بشكل عام و كان ذلك نتيجة ازدياد تشابك تداخل العلاقات والمصالح الاقتصادية والاجتماعية و الفنية والثقافية بين الدول, يمكن تقسيم هذه المنظمات الدولية الوظيفية التي أنشئت في القرن (19) إلى ثلاث أنواع هي:

§ اللجان النهرية الدولية و أنشئت في مؤتمر فيينا عام 1815 لتنظيم الملاحة و استعمال الأنهار الدولية, فالدول الأوربية المعنية كان لها مصلحة مباشرة في إنشاء هيئات للإشراف على الملاحة في هذه الأنهار و إدارة شؤونها
§ المنظمات المؤقتة (شبه الاستعمارية) التي اتفقت على إنشاؤها الدول الأوربية بغية التعاون و التنسيق في أعمال معينة كتقديم خدمات في مجال معين مثلا لجنة الدين المصري التي أنشئت عام 1878 و إدارة الدين العثماني 1898.
§ الاتحادات الإدارية و هدفت إلى التعاون في مجال الاتصالات و البريد والنقل سكك الحديد الشؤون العلمية

كما ان هناك اربع اعتبارات عامة وراء نشأة المنظمات الدولية

§ الازدياد في عدد الدولخاصة مع ترسيم مفهوم الدولة القومية في أوربا و بالتالي تزايد حجم التفاعلات الدولية.
§ الثورة الصناعيةو ما تبعها من تطورات في حقول الاتصالات و المواصلات مما ساهم ذلك كذلك في تزايد التفاعلات الدولية و في ازدياد حدتها و تنوعها أي في المجالات المتعددة و طبيعتها (تنافس –تعاون- تنازع)
§ ازدياد الوعي بعد الحروب النابليونيةبضرورة إقامة نظام أوربي جديد و ازدياد انتشار أفكار العصرنة
§ انتشار الأفكار الليبراليةالتي تدعو للتعاون بين الدول و التي هي وليدة عصر النهضة أمثال دانتي, امريك كروسي , بنتهام روسو و بيار دوبوا …

و قد ترتكز نشأة المنظمات الدولية والإقليمية الى ثلاث مصادر هي :

ü مبادرة تأتي من دول او مجموعة من الدولمثل إنشاء عصبة الأمم و المم المتحدة و جامعة الدول العربية
ü مبادرة تنشأ عن مؤتمريشكل توصية أو قرار قد يتحول على أساسها المؤتمر إلى منظمة أو ينشأ عنه لاحقا منظمة و مثال على ذلك القرار الذي صدر عن مؤتمر قادة دول الجماعة الأوربية في 1974 بمأسسة مؤتمرهم, حيث صار هناك مجلس لقادة ورؤساء الدول المجموعة الأوربية يجتمع بصفة دورية, وكذا مأسسة مؤتمر الغذاء العالمي عام 1974 الذي تحول الى مجلس الغذاء العالمي.
ü منظمات أخرى تأخذ مبادرة او تقوم بدعم و تبني إنشاء منظمات فرعيةاو منظمات متخصصة مستقلة, و ذلك نتيجة قيام مهام و وظائف جديدة بحاجة الى إعطاءها صفة تنظيمية و الأمثلة على ذلك كثيرة في إطار الأمم المتحدة.

و عن السمات العامة للمنظمات الحكومية الدولية في القرن 19:
§ كانت العضوية بشكل عام محصورة بالدول ذات السيادة
§ كان إنشاء المنظمات يتم بواسطة اتفاقية متعددة الأطراف تعتبر بمثابة دستور المنظمة و تحدد الاتفاقية بنية المنظمة و أهدافها و مهامها و وسائل عملها
§ كان هناك(نظام المؤتمر) الذي يعبر عن الجهاز الأساسي لصناعة القرار في المنظمة و يضم المؤتمر كل الدول الأعضاء في المنظمة و يجتمع من فترة إلى أخرى و ليس بالضرورة بصفة دورية
§ اعتمد مبدأ الإجماع في القرارات و التساوي القانوني بين الدول فلكل دولة صوت

* المنظمات الدولية : دراسة في المصطلح والمفهوم

§ يعرف الأستاذ سامي عبد الحميد المنظمة الدولية انها:هي كل هيئة دائمة تتمتع بالإرادة الذاتية وبالشخصية القانونية الدولية حين تتفق مجموعة من الدول على انشائها ، كوسيلة من وسائل التعاون الاختياري ، بينها في مجال أو مجالات معينة يحددها الاتفاق المنشئ للمنظمة .

§ ويعرفها الأستاذأبو هيف انها تلك المؤسسات المختلفة التي تنشئها مجموعة من الدول على وجه الدوام للاضطلاع بشأن من الشؤون الدولية العامة المشتركة .

§ أما أستاذ مفيد شهاب فيعبر عنها انهاشخص معنوي من أشخاص القانون الدولي العام ينشأ من اتحاد أرادات مجموعة من الدول لرعاية مصالح مشتركة دائمة بينهما ، ويتمتع بإرادة ذاتية في المجتمع الدولي وفي مواجهة الدول الأعضاء .

§ و يعرفها الدكتور سعيد الدقاق ، انها ذلك الكيان الدائم ، الذي تقوم الدول بانشائه ، من اجل تحقيق أهداف مشتركة ، يلزم لبلوغها منح هذا الكيان ارادة ذاتية . وبناء عليه فلكل منظمة عناصر أساسية وهي الكيان الدائم ، والصفة الدولية ، والاهداف المشتركة ، والإرادة الذاتية أي الشخصية القانونية الدولية.

§ و يشترط بول رويتير أن التعبير يستدعي تجمع عنصرين ، فمن حيث هو منتظم لابد أن تكون له إرادة قانونية متميزة عن إرادة أعضائه ، ومن حيث هو دولي يتكون عادة وليس على سبيل الحصر من الدول .

§ ويقول ايكهيرس في معرض تحليل المصطلح ، انه يصف عادة منظمة دولية تقام عن طريق الاتفاق بين دولتين أو أكثر ، إن المصطلح بمعنى المنظمات الحكومية قد وجد منذ 1815 أن لم يكن أبكر من ذلك ، ولكنه لم يكتسب أهميته السياسية إلا بعد الحرب العالمية الأولى ، بل إن إسباغ الشخصية القانونية على المنظمة جاء في مرحلة أحدث ، وتقيم الدول المنظمات الدولية لتحقيق أهداف بعينها ، فهي بهذا أكثر ما تكون شبيهة بالشركات في القانون الخاص لأن الشركات تسعى هي الأخرى لتحقيق أغراض محددة ، وتختلف السلطات من منظمة إلى أخرى .

§ إن نقطة الانطلاق في تعريف المنظمة الدولية هي النظر إليه من حيث هو تطبيق للظاهرة الاتحادية أي انه يحقق المساهمة والذاتية ، ولذا فان المركز الأساسي الذي يقوم عليه جوهر المنظمة الدولية هو تزويدها بأجهزة دائمة قادرة على أن تعبر عن إرادتها ، تلك الأجهزة هي التي تمايز بين المنظمة الدولية والمؤتمر الدولي .

§ إن المنظمة الدولية هي التي تملك قدرا من الذاتية يفصله عن مؤسسيه والدول الأعضاء فيه يتمتع بأهلية تجانس لوحدة وقدرتها على أن تعمل باسمها الخاص في نطاق القانون الدولي و يورد العناصر الأساسيةللمنظمة الدولية ،حيث تباينت الآراء حولها :الاستناد إلى اتفاقية دولية ذات طابع دستوري .
1- عنصر الدوام
2- وجود أمانة عامة دائمة
3- الشخصية القانونية
4- التمتع بقدر معين من الحصانات والامتيازات
5- الاعتراف بالمنظمة كشخص من أشخاص القانون الدولي الأخرى
6- الاستعانة ضرورة بعدد من العاملين الدوليين ، وبممثلي الدول الأعضاء
7- الاعتراف للمنظمة بسلطة إصدار القرارات
8- التزام الدول أعضاء المنظمة بالعمل على تنفيذ ماقد تصدره من قرارات
9- التزام الدول أعضاء المنظمة بالاشتراك في تمويل نفقاتها .

§ ومع تعدد هذه العناصر ، يحصر الأستاذ سامي عبد الحميد العناصر الأربعة التالية :
أ – عنصر الارادة الذاتية
ب- عنصر الكيان المتميز
ج – الاستناد الى اتفاقية دولية
د- عدم انتقاص المنظمة من سيادة الدول المشتركة في عضويتها باعتبارها في الواقع مجرد وسيلة للتعاون الاختياري بين مجموعة معينة في مجال أو مجالات محددة يتفق عليها سلفا

و مما سبق يمكن الانطلاق من تعريف المنظمة الدولية من كونها عبارة عن تجمع إرادي لعدد من الدول متجسد بشكل هيئة دائمة يتم إنشاؤها بموجب اتفاق دولي و يتمتع باردة ذاتية و مزود بنظام قانوني و بأجهزة مستقلة تمارس المنظمة من خلالها نشاطها لتحقيق الهدف المشترك الذي من اجله تم إنشاؤها.
و تبعا لتعدد التعاريف بشأن المنظمة الدولية أن تتباين آراء الكتاب في تحديد عناصرها الأساسية للمنظمة الدولية بثلاثة عناصر:
v عنصر الكيان المتميز:تشتمل المنظمة الدولية على مجموعة من الأجهزة التي تعمل بصورة دائمة و تمارس الاختصاصات التي أسندت إليها بموجب المعاهدة المنشئة للمنظمة و لعل وصف صفة الدوام هو ما يميز المنظمة عن المؤتمر الدولي , كما تعبر هذه الصفة عن استقلال المنظمة عن الدول الأعضاء التي أنشأها و تكسبها شخصية خاصة تختلف عن أشخاصهم.
v عنصر الإرادة الذاتية: تعني الإرادة الذاتية للمنظمة أن جميع التصرفات التي تصدرها منها إنما تنسب إليها وحدها دون الدول المكونة لها باعتبارها شخصا قانونيا دوليا تسعى لتحقيق أهدافا معينة , ان تمتع المنظمة بإرادة ذاتية يستلزم ان تكون لها أجهزة منظمة تمارس نشاطها باسم المنظمة و لحسابها و لكل منظمة مجموعة من الموظفين الدوليين يعملون باسم المنظمة و لحسابها و يدينون بالولاء الوظيفي لها, كما ان لكل منظمة دولية ميزانيتها الخاصة بها تلتزم الدول الأعضاء بدفع حصصها المالية وفقا للمعايير المعتمدة من قبل المنظمة و تتمتع المنظمات بحصانات وامتيازات في إقليم كل دولة من الدول الأعضاء و يتمتع بهذه الحصانات و الامتيازات موظفوها ,كذلك فان مباني المنظمة يتوجب صيانتها و حمايتها.
v عنصر الدولية:و هذا يعني أن أعضاء المنظمة الدولية هم من الدول فقط و في بعض الأحيان يطلق على هذه المنظمات (المنظمات الحكومية الدولية ) و هذا يعكس الاختلاف الحاصل بين هذه المنظمات و المنظمات غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية وجمعيات حقوق الإنسان ومنظمة أطباء بلا حدود و اتحاد المحامين العرب الصليب و الهلال الأحمر الدولي و الاتحادات العالمية و الفنية التي تتكون عضويتها من الأفراد و الجمعيات المحلية من دول مختلفة بمعنى أنها ذات طابع دولي و لكن غير حكومي و المعيار الأساسي للتمييز بين هذين النوعين من المنظمات هو ان المنظمات الدولية الحكومية تخضع لقواعد القانون الدولي بينما تخضع المنظمات غير الحكومية للقانون الدولي لان الاتفاقات التي تنشاها معقودة بين هيئات و ليس بين دول .

* تصنيف المنظمات الدولية :

التقسيم القائم على أساس الأغراض (من حيث الاختصاص) :
يمكن تقسيم المنظمات الدولية من حيث الأغراض التي تسعى الى تحقيقها الى منظمات عامة و منظمات خاصة
vالمنظمات العامة : هي تلكالمنظمات التي يمتد اختصاصها ليشمل مظاهر متعددة في العلاقات الدولية و بالتالي أنشأت من اجل تحقيق أهداف متنوعة سياسية واقتصادية و اجتماعية و ثقافية ففي المجال السياسي تسعى لإحلال السلم والأمن الدوليين وفض النزاعات بالطرق السلمية بين أعضائها (دولها الأعضاء )و المثل البارز على هذه المنظمات الأمم المتحدة و يدخل ضمنها المنظمات الإقليمية ذات الاختصاص العام مثل الجامعة العربية منظمة الوحدة الإفريقية , منظمة الدول الأمريكية.
vالمنظمات الخاصة: فهي تلك المنظمات التي تسعى لتحقيق غرض محدد و معين كتحقيق التعاون بين دول أعضائها في الميدان الاقتصادي والعسكري والثقافي و الاجتماعي أو الإنساني الخ…و بالتالي يقتصر نشاطها على مجال واحد من العلاقات الدولية و لا يتحدد نشاط هذه المنظمات في مجال دون غيره فقد تكون هذه المنظمات :
· المنظمات الاقتصادية وتتوخى تحقيق أهداف ذات طابع اقتصاديمثل النقد (صندوق النقد الدولي) و تقديم القروض ( البنك الدولي للبناء و التعمير), كذلك الاتحاديات و قد تكون أهداف المنظمة الدولية الاقتصادية اعم واشمل و هذا ينطبق على السوق الأوربية المشتركة التي تسعى لتوحيد اقتصاديات الدول الأعضاء.
· المنظمات العسكرية و هي ترمي الى الدفاع المشترك وبين الدول الأعضاء مثل حلف وارسو و الحلف الأطلسي
· المنظمات الثقافية و تسعى الى تحقيق أغراض ذات الصلة بالثقافة و العلوم و التربية مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم و الثقافة ( اليونسكو) و منظمة التربية و الثقافة و العلوم العربية و المنظمات الدولية لحماية الملكية الفكرية العلمية و الفنية

التقسيم القائم على أساس جغرافي (من حيث نطاق العضوية ) :
يمكن تقسيم المنظمات الدولية من حيث نطاق العضوية إلى منظمات عالمية و منظمات اقليمية
vالمنظمات العالمية: هي المنظمات التي تكون العضوية فيها مفتوحة الى جميع الدول الراغبة في الانضمام إليها متى توافرت فيها شروط العضوية المنصوص عليها في ميثاق المنظمة. و قد تكون ذات اختصاص عام مثل الأمم المتحدة و عصبة الأمم و قد تكون ذات اختصاص خاص متخصصة مثل اليونسكو و منظمة العمل الدولية.و يذهب جانب من الفقه الى أن أية منظمة دولية لا يمكن أن تكون عالمية بصفة مطلقة نظرا لكون الانضمام الى أي منظمة يكون على أساس إرادي و بالتالي قد لا ترغب بعض الدول في الانضمام لمنظمة ما كما فعلت الولايات المتحدة لما اعترض الكونغرس على انضمامها الى عصبة الأمم أو في حالة الانسحاب من المنظمة كما فعلت كل من ايطاليا وألمانيا و اليابان لما انسحبت من العصبة قبل أن تحل, و قد يفرض الوضع القانوني لدولة ما عدم انضمامها للمنظمة الدولية (حالة سويسرا باعتبارها دولة محايدة مما حتم عليها عدم الانضمام إلى الأمم المتحدة.
vالمنظمات الإقليمية (الجهوية ): هي المنظمات الدولية التي تنظم الدول الواقعة في منطقة جغرافية معينة و بالتالي تضم في عضويتها عدد محدود من الدول و تنوع الأسس التي تقوم عليها هذه المنظمات فقد تقوم على أساس قومي مثل جامعة الدول العربية او جغرافي كمنظمة الوحدة الإفريقية التي تضم فقط دول القارة الإفريقية و منظمة الدول الأمريكية التي تضم في عضويتها دول الأمريكيتين, أو أمني كحلف شمال الأطلسي و حلف وارسو أو اقتصادي كالمنظمة العالمية للتجارة و منظمة الدول المنتجة للبترول (الاوبك) او ديني كمنظمة المؤتمر الإسلامي. وقد تكون هذه المنظمات الإقليمية ذات الاختصاص مثل منظمة الوحدة الإفريقية و قد تكون ذات اختصاص خاص مثل السوق الأوربية المشتركة و غيرها.

التقسيم القائم على أساس الصلاحيات:
يمكن تقسيم المنظمات الدولية من حيث الصلاحيات الى :
vمنظمات تتمتع بصلاحيات فعلية واسعة: و مثل هذه المنظمات تعد استثناء على الأصل, فالأصل هو محدودية الصلاحيات ومن ذلك قرارات محكمة العدل الدولية و مجلس الأمن في حالة تهديد السلم و الأمن الدوليين.
vمنظمات لا تملك سوى صلاحية ابداء الرأي و الرغبات : وهذا النوع من المنظمات الدولية هو الصورة الغالبة فيها حيث تتحد صلاحياتها باقتراح الاتفاقيات و إصدار التوصيات و الاقتراحات التي يتوقف تنفيذها على رغبات الدول .

التقسيم القائم على أعضاء المنظمة :
يمكن تقسيم المنظمات الدولية من حيث أعضائها الى :
vمنظمات حكومية: ويقصد بهذا النوع من المنظمات التي لا تضم في عضويتها سوى الدول مثل الأمم المتحدة و عصبة الأمم جامعة الدول العربية و منظمة الوحدة الإفريقية , مجموعة الثمانية .
vمنظمات غير حكومية : ويقصد بها المنظمات الدولية التي يتم تأسيسها من قبل الافراد و ازدادت أهمية هذا النوع في الآونة الأخيرة مثل منظمة أطباء بلا حدود,منظمة العفو الدولية , جمعيات حقوق الانسان

* المنظمات غير الحكومية :
المنظمات غير الحكومية مجموعات طوعية لا تستهدف الربح ينظمهامواطنون على أساس محلي أو قطري أو دولي. ويتمحور عملها حول مهام معينة ويقودهاأشخاص ذوو اهتمامات مشتركة، وهي تؤدي طائفة متنوعة من الخدمات والوظائف الإنسانية،وتطلع الحكومات على شواغل المواطنين، وترصد السياسات وتشجع المشاركة السياسية علىالمستوى المجتمعي. وهي توفر التحليلات والخبرات وتعمل بمثابة آليات للإنذار المبكر،فضلا عن مساعدتها في رصد وتنفيذ الاتفاقات الدولية. ويتمحور عمل بعض هذه المنظماتحول مسائل محددة من قبيل حقوق الإنسان أو البيئة أو الصحة. وتختلف علاقاتهابالمكاتب والوكالات التابعة لمنظومة الأمم المتحدة باختلاف أهدافها ومكانهاوولايتها.

يوجد عدد هائل من المنظمات الغير حكومية مهتمة بحقوق الإنسان مدافعة عنه، و تقوم هذه المنظمات على الصعيد الدولي و الصعيد الوطني. فعلى صعيد العالم العربي هناك نقابات المحامين و اتحاد المحامين العرب و النقابات المهنية و لجان الدفاع عن حقوق الإنسان و على الصعيد الدولي نجد الاتحاد الدولي للحقوقيين الديمقراطيين و يأتي على رأس هذه المنظمات اللجنة الدولية للصليب الأحمر و منظمة العفو الدوليةلذا لا بد من الإحاطة بالتعريف الفقهي والتعريف القانوني للمنظمات الغير حكومية .

اـ التعريف الفقهي للمنظمات غير الحكومية

لقد عرف الأستاذ اونلي المنظمات غير الحكومية حيث قال :لكي تعتبر الجمعيات دولية ينبغي أن تتوفر على الشروط التالية :

1ـ أن تكون دولية

2ـ أن لا تهدف إلى تحقيق الربح

3ـ أن تتضمن هيئة دائمة

و يعرفها الأستاذ محمد بوسلطان بأنها “عبارة عن تنظيمات خاصة أو جمعيات أو اتحادات في إطار القانون الوطني يقع مقرها الرئيسي في إحدى الدول و تخضع لقانون هذه الدولة ( دولة المقر ) لكن عمليا لها امتداد جهوي أو عالمي نظرا للمهام التي تعتزم القيام بها و قد تشكل لها فروع في مناطق أو دول أخرى

و عرف مارسال مارل المنظمة غير الحكومية بأنها :”كل تجمع أو جمعية أو حركة مكونة بصفة دائمة من طرف خواص منتمين لدول مختلفة لمتابعة أهداف غير الربح و الكسب “.

أما اتحاد الجمعيات الدوليةـ هو منظمة غير حكوميةـ حيث عرف هذه المنظمات “بأنها جمعية مكونة من ممثلين منتمين لدول مختلفة و هي دولية من خلال أعمالها و مصادر تمويلها و ليس لها هدف الربح الكسب و تستفيد من مرتبة استشارية لدى منظمة حكومية . .

و عرفها معهد القانون الدولي بأنها “تجمعات لأشخاص و جمعيات تنشا بحرية بموجب مبادرة خاصة و تمارس نشاطا دوليا ذا مصلحة عامة دون نية الربح و هدا خارج كل انشغال ذا طابع وطني
و قد تطلق عدة مصطلحات و تسميات على المنظمات غير الحكومية كالمنظمات غير الربحية و المنظمات التطوعية و المنظمات الخيرية المنظمات الأهلية و منظمات المجتمع المدني غيرها و يمكن القول أنها كلها تؤدي نفس المعنى تقريبا .

ب ـ التعريف القانوني للمنظمات غير الحكومية

لم يتم الاعتراف بالمنظمات غير الحكومية من الناحية القانونية على المستوى الدولي إلا في عهد هيئة الأمم ،فقد بين القرار 288الصادر في 07 فبراير 1950 عن المجلس الاقتصادي و الاجتماعي التابع للأمم المتحدة تصورا قانونيا لهذه الهيئات بأنها : “كل منظمة دولية لم يتم إنشاؤها بموجب اتفاقيات بين الحكومات بما فيها المنظمات التي يقبل إعطاء تعيينهم السلطات الحكومية بشرط لا يعرقل الأعضاء المنتمين إلى هذه الفئة حرية التعبير داخل هذه المنظمات .

لقد ركز هذا التعريف على علاقة المنظمات الغير حكومية بالدول من خلال تعيين ممثلين فهو ينصب في مفهوم سلبي يجعل من المنظمات الغير حكومية مضادة للحكومات فالتوجه السلبي ل تتبعه اغلب المنظمات الحكومية فرغم انه لم يتم نفي مشاركة ممثلين للحكومات تبقى الصفة الغير حكومية الخاصية الأساسية لهذه المؤسسات التي تعمل في إطار المبادرات الخاصة و تفتح المجال أمام المشاركة المباشرة للأفراد والجماعات في ميادين مختلفة للحياة الوطنية

و قد تبنى المجلس الأوروبي التعريف الذي تضمنته الاتفاقية الأوربية الخاصة بالاعتراف بالشخصية القانونية للمنظمات غير الحكومية والتي تعتبر منظمة غير حكومية في كل مؤسسة خاصة أو جمعية تنطبق عليها الشروط التالية :

ـ يجب أن يكون هدفها ليس الكسب أو الربح و ذو فائدة دولية على أن تمارس عملها على الأقل في دولتين

ـ أن تكون قد نشأت في دولة ما و بالتالي تصبح خاضعة للقانون الداخلي لهذه الدولة

ـ أن يكون لها مقر متوافق مع مجتمع دولة ما و مقرها الحقيقي على ارض هذه الدولة أو دولة أخر

أما المنظمات غير الحكومية الوطنية فيختلف تعريف ها باختلاف التشريعات الوطنية

فالقانون الفرنسي يعرف الجمعيات بأنها اتفاق بين مجموعة من الأشخاص يشركون بشكل دائم معارفهم و نشاطهم بهدف غير تقسيم الأرباح

و في الجزائر تعرف الجمعية بأنها :””اتفاقية تخضع للقوانين المعمول بها و يجتمع في إطاره أشخاص طبيعية أو معنوية على أساس تعاقدي و الغرض غير مريح كما يشتركون في تسخير معارفهم لمدة محددة أو غير محددة من اجل ترقية الأنشطة ذات الطابع المهني الاجتماعي و العملي و الديني و التربوي و الرياضي
و تجدر الإشارة إلى أن مصطلح “المنظمات الغير حكومية يشير إلى مجموعة كبيرة من المنظمات المستقلة إلى حد كبير عن الحكومات تتسم بصورة رئيسية بان لها أهداف إنسانية أو قانونية أكثر من كونها أهداف تجارية و تسعى بصورة عامة إلى تخفيف المعاناة أو تقرير مصالح الفقراء و الفئات المستضعفة الأخرى أو حماية البيئة أو توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية أو الاضطلاع بتنمية المجتمعات المحلية

ج ـ الإطار القانوني للمنظمات الغير الحكومية

بعض التعرض لتعريف كل من المجتمع المدني والمنظمات الغير حكومية ، كان لا بد من التعرض إلى الإطار القانوني للمنظمات الغير حكومية من خلال المطلب الأول الذي يبين الأسس القانونية لمنظمات الغير حكومية ،و المطلب الثاني الذي يبين النظام القانوني لها

الأسس القانونية للمنظمات الغير حكومية

أساس المنظمات الغير حكومية في المواثيق الدولية و الدساتير الجزائرية و القوانين التي تنظم الجمعيات.

في المواثيق الدولية –نصت المادة 71 من ميثاق الأمم المتحدة “المجلس الاقتصادي و الاجتماعي ويجري الترتيبات المناسبة للتشاور مع الهيئات الغير حكومية التي تعني بالمسائل الداخلة في اختصاصه و هذه الترتيبات قد يجريها المجلس مع هيئات دولية كما قد يجريها إذا رأى دلك ملائما مع هيئات أهلية

و بعد التشاور مع عضو الأمم المتحدة ذي الشأن ” فميثاق الأمم المتحدة نص في هذه المادة على دور المنظمات الأهلية غير الحكومية الاستشاري حيث يمكن ن يستعين بها المجلس الاقتصادي و الاجتماعي في المجالات التي تدخل في اختصاصه

و قد تضمن الجزء الثالث من المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية لعام 1966 حق تكوين نقابات فقد تعاهدت الدول الأطراف بكفالة الحق في تكوين النقابات و حق الأفراد في الانضمام إليها دون أية قيود غير تلك التي لم ينصص عليها القانون(7 و تكون ضرورية في المجتمع الديمقراطي من اجل المحافظة على من القومي أو النظام العام أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم

كما نصت المادة 2 من اتفاقية الحرية و حماية حق التنظيم النقابي “إن لعمال و أصحاب العمل دون تمييز من أي نوع الحق في إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات و لهم كذلك دون إن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية الحق في انضمام إلى تلك المنظمات و ذلك دون ترخيص مسبق

و قد نصت المادة 11 الفقرة 1 من الاتفاقية الأوربية على الحق في حرية الاجتماع و تكوين الجمعيات بما في ذلك الحق في الانضمام إلى النقابات

والمادة 10من الميثاق الإفريقي “يحق لكل إنسان أن يكون بحرية جمعيات مع آخرين شرط أن يلتزم بالأحكام التي حددها القانون

و نصت المادة 5 من إعلان حماية المدافعين على حقوق الإنسان و بغرض تقرير حماية حقوق الإنسان و الحريات الأساسية يكون لكل فرد الحق بمفرده و بالاشتراك مع غيره و على الصعيدين الوطني و الدولي في الالتقاء و التجمع سلميا و تشكيل منظمات و اجتماعات غير حكومية لانضمام إليها و الاشتراك فيها و الاتصال بالمنظمات الغير حكومية والمنظمات الحكومية الدولية

و بعد استقراء هذه النصوص نجد معظم المواثيق أكدت في حق كل فرد في إنشاء جمعيات و منظمات غير حكومية لحماية المصالح العامة

– الدساتير و القوانين ففي الدساتير : جاء دستور 1963 بعد استقلال الجزائر مكرسا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما منحت موافقتها عليه فنصت المادة 11 منه ” و نمنح الجمهورية الجزائرية موافقتها للإعلان العالمي لحقوق الإنسان… كما أكدت المادة نفسها على إقناع الجمهورية بالتعامل الدولي والذي من خلاله تتعامل مع المنظمات دولية مهما كان وعها سواء كانت حكومية أو غير حكومية المهمة الشرط الواجب أن تلبي مطامح الشعب الجزائري تطلعاته و جاء في نص الفقرة الثانية في المادة السالفة الذكر ما يلي “كمل تمنح اقتناء منها بضرورة التعاون الدولي موافقتها لكل منظمة دولية تلبي مطامح الشعب “و كغيرها من الحقوق التي اقرها الدستور فان الجزائر أقرت حقوق المواطنين في إنشاء جمعيات وطنية …..ونصت المادة 56 من دستور 1976″ حرية إنشاء جمعيات معترف بها تمارس في إطار القانون”

و تختلف تسمية القطاع الخيري باختلاف المنطلق الثقافي والبيئي , فهو قطاع تطوعي أو غير حكومي ،أو قطاع لا يهدف لتحقيق الربح ، وهو أيضا القطاع المستقل أو القطاع الثالث ويسمى أيضا بالاقتصاد الاجتماعي والقطاع الخفي أو الجمعيات الخيرية العامة وذوي البر والاحسان، كل هذه الأسماء تطلق للدلالة علي مساحة النشاط الاجتماعي،والممارسات العامة والفردية والمؤسسية خارج نطاق القطاعين الحكومي وقطاع منظمات الأعمال والموجهة للصالح والنفع العام.في محاولة لوضع تعريف موحد و توحيد تصنيفه تبنت جــامعة ( جونز هوبكـنر) بالولايات المتحدة الأمريكية مشروع بحث مقارن استطاع الوصول إلى تعريف واحد أساسه (بنية المؤسسة و عملياتها) ، ووضع تصنيفا لمؤسسات هذا القطاع وأسماه (التصنيف الدولي للمنظمات غير الربحية ) حيث عرف القطاع الخيري غير الربحي بأنه مجموعة من المنظمات ذات الطبيعةالمؤسسية,والمنفصلة عن الحكومة والتي لا توزع أرباحا والحاكمة لنفسها والتي تقوم على التطوع.

أما المنظمة غير الحكومية فهي وفقا لوثائق الأمم المتحدة الصادرة في عام 1994، تمثل كيانا غير هادف للربح وأعضاؤه مواطنون أو جماعات من المواطنين ينتمون إلى دولة واحدة أو أكثر وتتحدد أنشطتهم بفعل الإرادة الجماعية لأعضائها، استجابة لحاجات أعضاء واحدة أو أكثر من الجماعات التي تتعاون معها المنظمة غير الحكومية.
كما يشير هذا المصطلح أيضا إلى اتحاد أو جمعية أو مؤسسة أو صندوق خيري أو مؤسسة (شركة) لا تسعى للربح أو أي شخص اعتباري آخر لا يعتبر بموجب النظام القانوني المعني جزءاً من القطاع الحكومي ولا يدار لأغراض تحقيق الربح، حيث لا يتم توزيع أي أرباح تحققت.

كما عرفت المنظمة غير الحكومية بأنها نسيج غير حكومي (غير ربحي) وقد تكون كبيرة أو صغيرة دنيوية أو دينية وقد تعمل لصالح أعضائها فقط، أو لكل من يحتاج إلى مساعدة، بعضها يركز على قضايا محلية وبعضها الآخر يعمل على مستويات وطنية أو إقليمية أو دولية عالمية.
وتعرف أيضا بأنها ” تنظيم اجتماعي يستهدف غاية ومن أجل بلوغها تحدد نشاطها في بيئة جغرافية بعينها أو في ميدان نوعي أو وظيفي متخصص فيه”.
من خلال التعاريف السابقة يمكن أن نستنتج تعريف دقيق للمنظمات الغير الحكومية على أنها منظمات يبادر إلى تشكيلها رواد متطوعون يعملون لصالح قضايا عامة او يعملون لصالح آخرين.

خصائص و انماط المنظمات غير الحكومية

خصائص المنظمات غير الحكومية:
تتميز المنظمات الغير الحكومية عن المنظمات الحكومية بمجوعة من الخصائص نوجزها فيما يلي:
– أنها تنشأ مستقلة عن الدولة ، و أن تحكم نفسها من خلال مجلس أمناء.
– أنها تستفيد من الصدقات و الهبات النقدية من قبل الأفراد و الشركات أو التبرع بالوقت أو استقطاع من الراتب و التركات.
– أن تكون أدوات جلب منافع للآخرين أي منافع تستفيد منها فئات خاصة أو جميع الناس.
– أن لا تكون مؤسسة ربحية.
– تخضع الهيئات والمؤسسات الخيرية لرقابة ضريبية صارمة.
– الحرص على ترك مجال واسع من حرية التحرك والمبادرة لمجالس الأمناء التي تدير هذه المؤسسات لتقرر في كل زمان أولويات العمل ومواطنه.
– ارتباط مؤسسات القطاع الخيري عادة بالضمير الحي لدى العاملين خاصة على مستوى المتبرعين بالعمل وبعض قيادات العليا لهذه المؤسسات ،كما تتسم المؤسسات الخيرية والمنظمات غير الحكومية بأنها أكثر كفاءة وخدماتها أكثر جودة من المؤسسات الحكومية.
– حصول المؤسسة الخيرية على قدر كبير من العمل التبرعي والذي يعتبر أغلى عناصر الإنتاج في الاقتصاديات الغربية.
– تتلقى المؤسسات الخيرية دعما حكوميا يأخذ أشكالا مختلفة كالإعفاءات الضريبية والإعفاءات في الرسوم كما تتلقى منحا من الحكومة المركزية إضافة إلى دعم السلطات المحلية.
– طبقا للتشريعات المدنية في المجتمعات الغربية الحديثة تحظى جميع منظمات القطاع الثالث بالشخصية الاعتبارية إضافة إلى ضرورة الحصول على إذن السلطة الإدارية المختصة عند التأسيس والاستثمار لها.
– القيام على أساس مبادرات أهلية والاعتماد على التمويل الذاتي والتمتع بالاستقلال الإداري فضلا عن تعدد الأنشطة والأعمال والمشروعات.

أنماط المنظمات غير الحكومية:

تصنيف المنظمات الغير الحكومية:
لقد تم تصنيف المنظمات غير الحكومية وفقا للمعايير التالية ،الحجم والعضوية والوظيفة على النحو التالي:
-تصنيف حسب التوزيع الجغرافي: منظمات محلية، منظمات وطنية، منظمات أجنبية ودولية.
– تصنيف حسب المعيار الوظيفي ونوعية الأنشطة: زراعي، خدمي، صناعي أو حرفي.
– تصنيف حسب المعيار الجنسي: رجال، نساء.
– تصنيف حسب معيار الحجم: كبيرة، صغيرة.
– تصنيف حسب المعيار الطبقي: مزارعين، عمال ،طبقة وسطى.
– تصنيف حسب المعيار الثقافي: ديني، عرفي، قرابي.
كما أن هناك تقسيمات أخرى للمنظمات تتضمن أربع جوانب هي:
– منظمات حكومية: يضمها تشريع وتمويل حكومي ,وبها موظفين مثل مكاتب الضمان الاجتماعي.
– منظمات أهلية: تقوم بالجهود الأهلية و يمولها الأهالي مثل الجمعيات الخيرية الخاصة.
– منظمات مشتركة: يشترك في إدارتها وتمويلها الحكومة والأهالي.
– منظمات دولية: وهي منظمات الرفاهية الاجتماعية مثل منظمة اليونسكو والمنظمات التابعة للأمم المتحدة.

الصيغ المؤسسية للعمل الخيري
بسبب اختلاف المفهوم القانوني للعمل الخيري والوقفي في البلدان الغربية فإنه من الصعب حصر جميع مؤسسات القطاع تحت عنوان واحد، غير أن المؤسسات الخيرية والمنظمات غير الحكومية المشكلة للقطاع الثالث في البلدان الغربية تتوزع فيما بين المؤسسات الخيرية والأمانات الوقفية والجمعيات ،وبيانها فيما يلي:
-1- المؤسسة الخيرية: Foundationتقوم هذه الصيغة على أساس وقف أموال معينة من العقارات أو المنقولات للإنفاق من ريعها على أغراض خيرية و منافع عامة لا تستهدف الربح , كإنشاء المستشفيات أو المدارس أو الملاجئ أو للإنفاق على بعض ما يكون موجودا من هذه الهيئات بالفعل.
-2- الاستئمان: Trustوهو أن يضع الشخص ماله –عقارا أو منقولا – أو جزءا منه في حيازة شخص أخر يسمى (الأمين) أو يضعها في حيازة أكثر من شخص يكونون (مجلس الأمناء ), ليقوم بتوظيف هذا المال ،واستثماره لمصلحة شخص أخر أو أكثر من أولاد الوصي أو ذريته , خاصة القصر منهم وعديمي الأهلية والأرامل بهدف صيانة ثروته وعدم تبديدها وهذا ما يسمى بالاستثمار (الأهلي )وقد يكون هدف الموصي هو تحقيق مصلحة عامة يختارها هو , وهذه الحالة في الاستئمان تسمى (الاستئمان الخيري)والأمين أو مجلس الأمناء قد يكون شخصا طبيعيا أو اعتباريا كالمصارف والشركات المتخصصة في استثمار أموال (الترست)وإدارتها.
-3 – الجمعـية: Associationيؤسسها عدد من الأشخاص (بحد أدنى لعدد الأعضاء المؤسسين يحدده القانون، كما يحدد مواصفاتهم ) ، بدافع حب الخير وخدمة الغير –أو خدمة أعضاء الجمعية , أو فئة اجتماعية ما – وتعتمد الجمعية في تمويل أنشطتها على اشتراكات الأعضاء وتلقي الهبات والحصول على المساعدات بما في ذلك المساعدات الحكومية , بخلاف المؤسسة الخيرية التي تقوم على أساس الإيقاف.

كما تعد المنظمات غير الحكومية من أبرز الجهات الفاعلة للأمم المتحدة فهي مجموعة مؤلفة من مواطنين متطوعين، ولا تستهدف الربح،وتنظم على المستوى المحلي أو الوطني أو الدولي. وهناك حوالي 100 2 منظمة غير حكوميةنشطة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتتمتع “بمركز استشاري” لدى المجلسالاقتصادي والاجتماعي – وهو الهيئة الرئيسية لصنع السياسات المتعلقة بالمسائلالاقتصادية والاجتماعية – ويجوز دعوة ممثلي تلك المنظمات غير الحكومية لإلقاء كلماتفي اجتماعات المجلس. وبالإضافة إلى هذا، هناك حوالي 670 1 منظمة غير حكومية تنفذبرامج إعلامية بشأن مسائل تهم الأمم المتحدة، وهي معتمدة لدى إدارة شؤون الإعلام فيالأمم المتحدة. وكثير من المنظمات غير حكومية لها ممثلين رسميين في مقر الأممالمتحدة، وتهيئ للأمم المتحدة صلات قيمة بشعوب العالم.
وتتكلم المنظمات غير الحكومية باسم دوائر مناصرة دولية ووطنية واسعة،ويتزايد تأثيرها على أعمال الأمم المتحدة. وتقوم هذه المنظمات غير الحكومية بدوربارز في مؤتمرات الأمم المتحدة، وتعرض آراء الجهات المناصرة التابعة لها، بشأنمسائل تتراوح بين حقوق المرأة إلى الأمن الغذائي. وقد ساعدت هذه المنظمات علىاعتماد اتفاقية عام 1997 لحظر الألغام الأرضية وإنشاء المحكمة الجنائية الدوليةلعام 1998، للنظر في جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية. وتعمل المنظمات غير الحكومية جنبا إلى جنب مع الأمم المتحدة، لمساعدة الشعوبالمحتاجة في أشد البلدان فقرا.
ظهر الطلب الاجتماعي على التنمية مع ظهور كبريات المنظمات غير الحكومية ذات الصيت الإعلامي الكبير مثل “السلام الأخضر” (GRENNPACE)، الصندوق الدولي للطبيعية (WWF)أو ” أصدقاء الأرض” (EARTH FRIENDS OF)،و قد أدركت هذه المنظمات مدى هشاشة توازن البيئات الطبيعية
و عملت أحياناً بوسائل مثيرة. حاولت مؤخراً تعديل قواعد العمل الدولية الجاري العمل بها من لدن الدول و المؤسسات الدولية. شكلت كبريات هذه المنظمات غير الحكومية جماعة ضغط لا يستهان بها، و كمثال على ذلك، فإن الصندوق الدولي للطبيعة يضم مليون فرداً من أعضائه، و هذا فقط في الولايات المتحدة الأمريكية، ناهيك عن 4,7مليون من أعضائه الـموزعين على مئات من البلدان.
وحسب تقدير الأخصائيين. فقد أنشئت العديد من المنظمات غير الحكومية القطاعية منها و المحلية بجانب تلك المنظمات ذات الوزن الثقيل…و صارت تلعب حالياً دوراً محدداً في تشكيل وعي بيئي في الهيئات الدولية للتنمية المستدامة.

البعض من هذه المنظمات ، وإن كان غير معروف إعلامياً، فإنه أنجز عملاً هاماً في مجال التحسس والتوعية حول مشاكل البيئة وساهم مساهمة فعالة في إعداد و متابعة كبريات الندوات الدولية.

وكمثال على ذلك، شبكة عمل المناخ (RAC)تتابع عن قرب تنفيذ إجراءات بروتوكول طوكيو حول التغير المناخي و تقدم تحاليل من أجل اتخاذ الإجراءات الممكنة للكفاح ضد الإحتباس الحراري ( آليات إقتصادية ومالية…) وبصفة عامة، فإن إندماج مجتمع مدني منظم ضمن السلطة الدولية يدل على ثلاث تطورات جوهرية
وبسبب إحترافية المنظمات غير الحكومية. لم تعد المنظمات ترتكز فقط على قوتها التجنيدية على الصعيد الدولي، بل أيضاً على قدرتها على التحليل و التفكير والإقتراح الذي إزدادت أهميته بعد مؤتمر “ريو”. بعدما كانت في السابق مهمتها تنحصر على برامج المحافظة على الطبيعة، صارت تميل، و منذ سنوات، للإستثمار في كبريات المسائل السياسية والإقتصادية للتنمية المستدامة.

إن الصندوق الدولي للطبيعة مثلاً، يتوفر على وحدة للتجارة والإستثمارات.

هناك العديد من المنظمات غير الحكومية على هيئة شبكات أفقية في ميدان الخبرة، مثل “المركز العالمي لقانون البيئة و التنمية” (CIEL) والمؤسسة من أجل التنمية للدولة و القانون ((FIELDالمختصة في ميدان القانون الدولي للبيئة و التي تقدم خبرة ذات مستوى عالي، مثل إدراج قواعد البيئة في المنظمة العالمية للتجارة.

لقد باتت قواعد سير المؤسسات الدولية منفتحة على المنظمات غير الحكومية. وهكذا، فإن الأمم المتحدة أعطت للمئات من هذه المنظمات مكانة المراقب في النقاش الدولي.. لكن ما يلاحظ بالخصوص هو الإنفتاح التدريجي لكبريات المنظمات الإقتصادية الدولية على المجتمع المدني.
و من أجل تدعيم الحوار، قام عدد من هذه المنظمات بإنشاء منظمات غير حكومية، مثل المركز العالمي للتجارة و التنمية المستدامة يترأسها مدير سابق لبرامج الإتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة (UICN)، الذي يقوم بتنسيق تبادل المعلومات بين المنظمات غير الحكومية والمنظمة العالمية للتجارة.

و لشبكة البيئة والتنمية المستدامة في أفريقيا مواقف أكثر تبايناً: صارت مواقف المنظمات غير الحكومية أكثر دقة اليوم عما كانت عليه في العشرية السابقة. إنتقلت هذه المنظمات من موقف إتسم بالطابع الإحتجاجي الـمحض إلى موقف فعال، خصوصاً داخل المنتظم الأممي الذي نسجت معه علاقات متينة منذ ندوة إستكهولم.

الأمر لم يعد يتعلق بإدانة و رفض العولمة والتلوث ، بقدر ما يتعلق بإقتراح حلول مقبولة والبحث عن تسوية بالتراضي و إيجاد أرضية للتفاهم والدفاع عن المبادئ الأخلاقية في حل المعضلات الدولية. على الرغم من أن المنظمات غير الحكومية لا زالت تعبر عن عدائها للنهج الليبرالي الذي تدافع عنه المؤسسات الإقتصادية الدولية، إلا أنها لم تعد متغافلة عن التطورات الجوهرية للعولـمة. لم يبق إلا عدد قليل من هذه المنظمات غير الحكومية تطالب، بصفة جذرية، بحذف الهيئات مثل سحب دول أعضاء في المنظمة العالمية للتجارة (OMC) . و على وجه العموم، فإن الإتجاه العام للمنظمات غير الحكومية يسير في اتجاه وضع قواعد دولية تؤمنها من الإنحراف أكثر من تبني إستراتيجيات التراجع الوطني. *

أحزاب الخضر: تجدر الإشارة أيضا إلى ظهور التشكيلات السياسية المطالبة ليس فقط بالدفاع عن البيئة لكن أيضاً بتطبيق السياسات العمومية المستلهمة من التنمية المستدامة، بعدما جرى إنشاؤها أولاً في الدول الأوروبية، تؤول حالياً إلى التواجد والإنتشار في دول الجنوب، وتعمل على نشر الوعي بالمشاكل و التجنيد لصالح المحافظة على البيئة. و على غرار المنظمات غير الحكومية، فإن أغلبية أحزاب الخضر إنتقلت من إدانة النظام الرأسمالي إلى مواقف أكثر إصلاحية، البعض منها أبدى موافقته في أن يكون ممثلاً في حظيرة الحكومات.

النقابات: وأخيراً أصبحت هناك نقابات العمال طرفاً في ترجمة الطلب الإجتماعي للبيئة على المستوى السياسي. ويشكل ذلك دعماً هاماً، لأنها تخلق صلة مع عالم الشغل والمؤسسة، مساهمة بذلك في نشر مبادئ التنمية المستدامة باتجاه مجالات جديدة. وتشكل في هذا الصدد معاهدة مارس 1992 للكونفيدرالية الدولية للنقابات الحرة لصالح أهداف التنمية والبيئة مرحلة هامة لهذه الحركة وزن لإيجاد مكونات المجتمع (المجتمع المدني) فهذه تلعب دائماً دوراً متزايداً في إدانة المشاكل البيئية و الإنضمام إلى البرامج الوطنية و الدولية. و بات هذا الوزن بارزاً في عدد من ندوات الأمم المتحدة، كما بات أيضاً عاملاً جوهرياً في كبريات الخيارات و التوجهات الإقتصادية الدولية، كما أمكن ذلك ملاحظته في فشل مشروع الإتفاق المتعدد الأطراف حول الإستثمار(AMI) في بداية سنة 1998.

إن المفوضية العالمية حول البيئة والتنمية طرحت شعاراً مستقبلنا المشترك هو .(OUR FUTURE )
لقد أصبحت اليوم المنظمات الدولية غير الحكومية من الشركاء الأساسيين لكل من الأطراف الحكومية منها و غير الحكومية. إن أي تنمية مستدامة مبنية على نمو إقتصادي منصف ومسؤول يحتاج إلى تعاون الشركات.
لا يمكن أن يكتب النجاح لأي سياسة بيئية، ولا لأي مشروع إقتصادي يتسم بالعدالة و الإنصاف من غير مشاركتها.

لقد أبدى عدد من هذه المؤسسات في السنوات الأخيرة هذه إهتماماً بقضايا التنمية المستدامة. وقد تشكلت في هذا الصدد شبكات وطنية ودولية من المؤسسات شاركت في الندوات الدولية حول البيئة…إن هذا الشغف في المشاركة يمكن تفسيره بوجود إرادة لممارسة ضغط قوي تجاه السلطات العمومية للحفاظ على المصالح الإقتصادية. وإذا كانت بعض هذه الشركات معادية أساسا لسياسات التنمية المستدامة، فإن البعض منها يرى فيها إمكانية جديدة للنمو.

ترى بعض المؤسسات في السياسات الوطنية والدولية للتنمية المستدامة عائقاً في وجه حريتها للإستثمار والإبتكار و بالتالي للتنمية. إن هذا التخوف بات حقيقياً خصوصاً في قطاعات ينعدم اليقين العلمي فيها حول المخاطر البيئوية لبعض الأنشطة أضحى كبيراً، خاصة في مجال التكنولوجيات الحيوية أو الصناعات النووية.

وعلى العكس من ذلك، ترى مؤسسات أخرى أن الشغف العام حول التنمية المستدامة يحمل معه إنفتاح أسواق جديدة. وبتطويرها للإستراتيجيات الخضراء، تحاول هذه المؤسسات أن تحتل مواقع فروع خاصة للإستهلاك والحصول على مزايا تنافسية ضرورية لنموها ، وضمن هذا الخيار، تحاول أن تقيم تحالفات مع المنظمات غير الحكومية، ولا سيما في إطار تطبيق الإتفاقيات الطوعية (إقتصادية، قواعد السلوك). و هكذا نجد تحالف كل من “الصندوق الدولي للطبيعة” و”أنيلفر” (Unilever)لإنشاء ما يعرف بـ ((Marine steward ship Concil، الهيئة التي تستهدف ترقية التسيير المستدام للصيد البحري بواسطة ما يعرف بـالإشهاد الإيكولوجي.

أمثلة عن المنظمات غير الحكومية

و عليه يمكن القول أن المنظمات غير الحكومية الدولية هي هيئات خيرية عالمية تضطلع بجمع التبرعات من مجموعة متنوعة من المصادر، شاملة عموم الجمهور، بهدف مساندة مشروعات في العديد من البلدان . وتكون هذه المنظمات أحياناً منظمات متخصصة، حيث تركز على مجالات بعينها، مثل: الرعاية الصحية، أو الزراعة، أو جهود الإغاثة في حالات الطوارئ، أو البيئة، أو التعليم، أو تنمية المجتمعات المحلية، أو الإقراض الأصغر، أو مزيجٍ من هذه المجالات. وتشمل أمثلة هذه المنظمات على سبيل المثال:
· منظمة معونة العمل ActionAid(المملكة المتحدة)
· هيئة كير الدولية (الولايات المتحدة)
· منظمة Concern Worldwideالعالمية (أيرلندا)
· منظمة Helvetas(سويسرا)
· منظمة Intermon(إسبانيا)
· المنظمة النرويجية للمساعدة الشعبية (النرويج)
· منظمة Groupe Développement(فرنسا)
· منظمة أطباء بلا حدود (فرنسا)
· منظمة أوكسفام (المملكة المتحدة)
· منظمة PLAN International(المملكة المتحدة)
· صندوق إنقاذ الطفولة (الولايات المتحدة)
· الاتحاد الدولي لأرض الإنسان Terra des Hommes(سويسرا)
و فيما يلي عينة من هذه المنظمات بداية بـ:

1. هيومن رايتس ووتش،: Human Rights Watch
منظمة مراقبة حقوق الإنسان (بالإنجليزية: Human Rights Watch ) هيومن رايتس ووتش، هي منظمة أمريكية غير حكومية معنية بالدفاع عن حقوقالإنسان والدعوة لها، مقرها مدينة نيويورك. تأسست في سنة 1978 للتحقق من أن الاتحادالسوفياتي يحترم اتفاقات هلسنكي، وكانت منظمات أخرى قد أنشئت لمراقبة حقوق الإنسانفي مختلف أنحاء العالم. دمج هذه المنظمات نتج عن تأسيس هذهالمنظمة.

التأسيس والعضوية
منظمة مراقبة حقوق الإنسانالمعروفة باسم “هيومن رايتس ووتش”، منظمة دولية ينضوي تحت عضويتها أكثر من 180 شخصامن المهنيين الذين يكرسون جهدهم للعمل على مراقبة حقوق الإنسان في شتى بقاع العالم،وفيهم المحامون والصحفيون وأساتذة الجامعات والخبراء المختصون في شؤون بلدانالعالم، وهم من مختلف الجنسيات ويقيمون علاقات مع جماعات حقوق الإنسان فيالعالم.

تأسست المنظمة عام 1978 حيث كانت تسمى لجنة مراقبة اتفاقيات هلسنكي،وكانت مهمتها الأساسية مراقبة مدى امتثال دول الكتلة السوفياتية للأحكام المتعلقةبحقوق الإنسان في الاتفاقية. كما نشأت في ثمانينيات القرن الماضي لجنة لمراقبةالأميركتين بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. وسرعان ما تطورت المنظمة ونمت في أنحاءأخرى من العالم، إلى أن توحدت جميع اللجان عام 1988 في ما بات يعرف بمنظمة مراقبةحقوق الإنسان.

المقر
تتخذ المنظمة من نيويورك مقرا دائما لها، ويتبع لهامكاتب في لندن وبروكسل وموسكو وسان فرانسيسكو وهونغ كونغ وواشنطن ولوس أنجلوس،وتقيم مكاتب مؤقتة عند الضرورة.

الأهداف وميدان العمل
ترصد المنظمة ماتقترفه الحكومات من أفعال في مجال حقوق الإنسان، بغض النظر عن توجهاتها السياسيةوتكتلاتها الجغرافية السياسية ومذاهبها العرقية والدينية، وذلك بهدف:
– الدفاععن حرية الفكر والتعبير.
– السعي لإقامة العدل والمساواة في الحماية القانونية،وبناء مجتمع مدني قوي.
– محاسبة الحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان.
كما تتطلعالمنظمة إلى كسب تأييد الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي بأسره من أجل تعزيزالحقوق الإنسانية لكافة البشر.
ويجري باحثو المنظمة التحقيقات لتقصي الحقائقبشأن انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، ثم تشر نتائج التحقيقات على شكلكتب وتقارير سنوية، الأمر الذي تغطيه وسائل الإعلام المحلية والعالمية ويساعد علىإحراج الحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان أمام العالم.

وتقدم المنظمة أحدثالمعلومات عن الصراعات أوقات الأزمات -مثل شهادات اللاجئين- بهدف خلق رأي عام وردفعل دولي إزاء الحروب في العالم.
كما تهتم المنظمة بقضايا العدالة الدولية،ومسؤولية الشركات العالمية، والحرية الأكاديمية، وأوضاع السجون، وحقوق الشاذينجنسيا، وأحوال اللاجئين.

ومن أمثلة نجاحات المنظمة فيتحقيق أهدافها ومساعيها، نجاحها في اعتماد معاهدة تحظر تجنيد الأطفال في الجيوش. كما فازت بجائزة نوبل للسلام عام 1997 إثر جهودها لمناهضة استخدام الألغام الأرضية. ولها جهود معتبرة في إنشاء محكمة جرائم الحرب.

التمويل والإدارة
تحافظالمنظمة على استقلاليتها باعتمادها على تبرعات المؤسسات الخاصة والأفراد، ولا تقبلالدعم المالي الحكومي.

وقد أصدرت المنظمة تقريرها الدولي لعام2006 واستعرضت فيه أوضاع حقوق الإنسان وحال حرية التعبير والصحافة في 68 بلدا فيالعالم.

ويتناول الفصل الخاص بكل بلد القضايا الهامة في مجال حقوق الإنسان،والتحديات التي تواجه المدافعين عن حقوق الإنسان، كما يرصد مواقف الأطراف الرئيسيةعلى الساحة الدولية، كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة،والعديد من المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية.

وعكس التقرير قلقالمنظمة بشأن لجوء الحكومة الأميركية لممارسة التعذيب كوسيلة لمكافحة ما يسمىبالإرهاب.

كما رصد التقرير ما يسمى مناطق الاضطراب في العالم، تلك التي تقولإنها تشهد أخطر انتهاكات حقوق الإنسان، ومن بينها أوزبكستان والسودان وميانماروكوريا الشمالية وتركمانستان وزيمبابوي وجمهورية الكونغو الديمقراطية والتبتوالشيشان

2. منظمة العفو الدولية Amnesty International

منظمة العفو الدولية منظمة دولية غير ربحيّة ، يقع مقرهافي لندن، أسسها الإنجليزي بيتر بينيسن، أخذت على عاتقها الدور الأهم في حماية حقوقالإنسان و تركّز نشاطها على السجناء خاصةً فهي تسعى لتحرير سجناء الرأي، وهم أُناستم سجنهم لأسباب متعلقة بمعتقداتهم أو لونهم أو عِرقهم أو لغتهم أو دينهم، عن طريقتحقيق معايير عادلة للمحاكمة لجميع السجناء و بوجه الخصوص لسياسيين منهم أو من تمسجنهم دون محاكمة أو اتهام في الأصل. تعارض المنظمة بشدة عقوبة الإعدام و التعذيبأو أي شكل آخر من العقوبات الغير إنسانية أو المعاملة المهينةللسجناء.

نشاطات منظمة العفو الدولية مبنية في الأصل على مباديء الإعلانالعالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر لعام 1948، فهي مباديء اتفق عليهاالمجتمع الدولي، التي تتضمن الحق في عدم الاعتقال أو الحجز الاعتباطي؛ و حق التعبيرالحر عن الرأي و المعتقدات و الديانة؛ و الحق في محاكمة عادلة؛ والحق في الحياة والحرية و الأمان، و هي الحقوق التي تعمل المنظمة على حمايتها في مُجملنشاطها.

منظمة العفو الدولية منظمة حيادية فهي ديمقراطية ذات حكم ذاتي مستقلعن جميع الحكومات، والأيديولوجيات السياسية، والمصالح الاقتصادية، والمعتقداتالدينية. ولدي المنظمة استفلال مادي فهي ممولة ذاتيًا عن طريق التبرعات من الأعضاءو الأنصار المؤيديين الذين بلغ عددهم 2.2 مليون عضو ومشترك معظمهم من المتطوعين فيأكثر من 150 بلداً وإقليماً حسب تقرير المنظمة لعام 2007 و هي لا تسعي وراء أوتَقْبَل أي اعتمادات مالية من أي كيان حكومي. وقد بلغ دخل المنظمة في عام 2006 29.4مليون جنيه إسترليني حسب تقرير الأمانة العالمية(بالإنجليزية: The International Secretariat in London) المالي عن 2005/06 كما هو وارد في تقرير المساءلة من منظمة(وان ورلد ترست) لعام 2007.

تعطي المنظمة أهمية عُليا لاتزان التقارير ودقتها؛ فكل حركة للمنظمة مبنية على بحث مدقق عن طريق (الأمانة العالمية فيلندن)(بالإنجليزية: The International Secretariat in London) في الوقت نفسهفالمنظمة معدَّة و لديها القدرة التامة على التصحيح إن ثبت خطأ فيما أوردته منمعلومات. و تنتشر مكاتب و فروع المنظمة في 80 بلدًا في مختلف أنحاء العالم و لكنحملاتها تتعدى لتشمل معظم بلدان العالم
مُنحت المنظمة جائزة نوبل للسلام سنة1977. مثل منظمة العفو الدولية حركة تعمل على نطاق العالم بأسره وتنظِّم الحملات من أجلتعزيز حقوق الإنسان المعترف بها دولياً وحمايتها.
•وقف العنف ضد المرأة
•الدفاع عن حقوق الذين وقعوا في براثن الفقر وكرامتهم
•إلغاء عقوبة الإعدام
•معارضة التعذيب ومحاربة الإرهاب بالعدالة
•إطلاق سراح سجناء الرأي
•حماية حقوق اللاجئين والمهاجرين
•تنظيم تجارة الأسلحة العالميةولدىمنظمة العفو الدولية ما يربو على 2.2 مليون من الأعضاء والمؤيدين والمشتركين فيأكثر من 150 بلداً وإقليماً في جميع أنحاء العالم.

مقر الأمانة الدولية فيلندن. أما منظماتنا الوطنية – المسماة بـ “الفروع” – فمكاتبها في 80 بلداً
تاريخ منظمة العفو الدولية: منذ أن بدأت منظمة العفو الدولية عملها في عام 1961 وهي لا تكفعن النضال من أجل وقف انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.ولدىمنظمة العفو الدولية حالياً ما يربو على2.2 مليونمن الأعضاء والمناصرينوالمشتركين في أكثر من150 بلداًوإقليماً في جميع أرجاءالعالم.

3. كرينبيس )منظمة السلام الأخضر):
ظهورالمنظمات الدولية ذات البعد البيئيكان مع سنة 1971 تأسست الفيدرالية الدولية لأصدقاء الأرض التي تستهدف بناء عالم يقوم على:
– الاستجابة للحاجات الأساسية للإنسان فيما يخض الماء و الهواء و التغذية و الطاقة دون أن يؤثر ذلك على احتياجات الأجيال القادمة.
– توزيع عادل للثروات، و المزاوجة بين الحق في بيئة نظيفة و واجب المحافظة عليها.
– مساهمة جميع المواطنين في بناء مجتمع ديمقراطي بناء على قاعدة مبدأي الاحتياط و المشاركة

ابتداء من سنة 1986 برز اسم “الصندوق العالمي للطبيعة ” الذي اهتم بإيجاد الحلول للمشاكل البيئية من خلال حماية الغابة ، و محاربة تلوث البحار و المحيطات و السواحل، و المحافظة على نقاوة المياه العذبة والتنوع البيولوجي، و مواجهة عواقب التغيرات المناخية.
منذ سنة 1989 تحولت منظمة السلام الأخضر” كرينبيس” إلى منظمة دولية ، و ركزت في أهدافها على حماية الغابات و المحيطات من كل أشكال التدهور، وتشجيع استعمال الطاقات المتجددة و النظيفة كبديل للوقود الأحفوري، و نزع السلاح النووي و الحد من انتشار الإشعاعات النووية، و حظر استعمال المواد الكيماوية السامة ، و منع انتشار المواد المعدلة وراثيا.

كما عرف دور المنظمات غير الحكومية في حماية البيئة تحولا هاما:
* قبل مؤتمر ريو دي جانييرو لسنة 1992 كانت المنظمات غير الحكومية ترتكز فقط على قوتها التجنيدية دوليا، و تقتصر على برامج لحماية الطبيعة، و يغلب الطابع الاحتجاجي المحض على مواقفها.
* بعد هذا المؤتمر ، أصبحت هذه المنظمات قادرة على التحليل والتفكير و الاقتراح، و صارت تميل نحو الاستثمار في كبريات المسائل السياسية و الاقتصادية للتنمية المستدامة، و انتقلت إلى موقف فعال خاصة داخل المنتظم الأممي.
* منذ 1995 تبنى المغرب إستراتيجية جديدة لحماية البيئة و التنمية المستدامة ترمي إلى إدماج البعد البيئي في مخططات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد من خلال إنعاش الاستثمار و تأهيل النسيج الصناعي ومحاربة الفقر و تنمية العالم القروي و حماية البيئة و ذلك بشراكة واسعة تضم الإدارة و القطاع الخاص و المجتمع المدني و الجماعة المحلية.

و عموما يمر تدخل المنظمة غير الحكومية الدولية كرينبيس ” منظمة السلام الأخضر ” عبر خطوات:
* التحقيق: التأكد من الأضرار البيئية.
* البحث: فهم الأضرار و سبل تجاوزها.
* الاقتراح: اقتراح بدائل تربوية و تشريعية و تقنية.
* التشاور: الاتصال بالمسؤولين و أصحاب القرار الافتراضيين ( تدبير شؤون البيئة، و ترشيد استعمال الموارد الطبيعية. )
* الإعلام: إشعار الجمهور بالأخطار الحالية و المتوقعة.
* الضغط: تعبئة الجمهور و كل المؤثرين.
*فرض احترام النصوص و التشريعات و مقاضاة المتورطين في إلحاق الضرر بالبيئة و رفع السرية عن بعض التجاوزات.
* المواجهة أحيانا لإثارة الاهتمام و لإرغام المسؤولين على معالجة القضايا البيئية.
ورغم تزايد نفوذ المنظمات غير الحكومية المعنية بالشأن البيئي، فإن الوعي بالمحافظة على البيئة لم يرق بعد إلى المستوى المطلوب سواء لدى المواطنين او أصحاب القرار، مما يكرس استمرار ندهور البيئة و انتشار الكوارث البيئية.

الدور المتعاظم للمنظمات غير الحكومية

يقول جوزيف س. ناي ان تنبه الإعلام العالمي عندما أعلنت” لجنة حماية حقوق الإنسان” بأن: الحرب العراقية لم ترق للوصول إلى درجة تدخل إنساني. وتبعاً للإحصائيات الواردة على “موقع فاكتيفا” وهو قاعدة بيانات موجودة على الإنترنت، فقد ذكرت 43 مقالة ووسيلة إعلامية هذا التقرير، وقد تنوعت هذه الوسائل الإعلامية واتسعت رقعتها حتى شملت صحف مثل “كانساس سيتي ستار” و “بيروت دايلي ستار”.
* و لقد شكلت آراء” وكالة آمنستي العالمية” و”اللجنة الدولية للصليب الأحمر” بعد افتضاح أمر الاعتداءات على السجناء وسوء معاملتهم في أبو غريب ضغطاً كبيراً على إدارة بوش على الجبهتين الداخلية والخارجية.

و يبين هذان المثالان: مدى تأثر عصر المعلومات اليوم بالدور المتنامي للمنظمات غير الحكومية (NGO) على مسرح الأحداث العالمي. لا يمكننا أن نقول بأن هذا الأمر جديد تماماً، ولكن تقنيات الاتصال الحديثة سمحت بزيادة دراماتيكية في مقاييس وأعداد المنظمات غير الحكومية، فقد قفز الرقم من 6000 إلى 26000 خلال فترة التسعينات وحدها، أضف على ذلك أن هذا الرقم لا يروي القصة كلها إذا اعتبرنا أن هذا الرقم يمثل المنظمات غير الحكومية المسجلة و المؤسسة رسمياً فقط.

تدعي الكثير من المنظمات الحكومية بأنها تعمل كضمير عالمي يمثل شريحة كبيرة من مصالح العامة تتجاوز حدود ورؤى الدول والحكومات الفردية. و بأنها تخلق أشكالاً جديدة من التعامل عن طريق الضغط المباشر على الحكومات والأعمال في سبيل دفعها لتغيير سياساتها، والتأثير غير المباشر عن طريق تنبيه الرأي العام إلى الواجبات الحقيقية للمؤسسات والحكومات. لا تمتلك المنظمات الحكومية قوى تصحيحية صلبة، ولكنها غالباً ما تمتلك قوى لينة تؤخذ بعين الاعتبار ـ وهي قدرة هذه المنظمات على تحقيق أهدافها عن طريق الترغيب لا عن طريق الترهيب والضغط. و لأن هذه المنظمات تجتذب الكثير من التابعين والمؤيدين فإن على الحكومات أن تتعامل معها على أنها قوى حليفة وقوى معارضة. و
قبل عقود قليلة، كانت المنظمات الكبيرة مثل “الكنيسة الكاثوليكية الرومانية” تمثل النموذج الأكثر تقليدية من المنظمات غير الحكومية ذات الانتشار العالمي، وفي يومنا هذا يبقى لمثل هذه المنظمات وزنها، ولكن الكلف المتناقصة للاتصالات في عصر الإنترنت، فتحت الباب أمام منظمات أكثر مرونة في بناها ومقرات عملها وأعداد الموظفين فيها لدرجة يمكن أن تصل إلى اعتبارهم أفراداً لا طواقم عمل. إن هذه المجموعات المرنة فعالة جداً في اختراق الدول دون أي اعتبار للحدود. و ذلك لأن هذه المجموعات غالباً ما تضم مواطنين ذوي مراكز مؤثرة في السياسات المحلية للعديد من البلدان. وبالتالي باستطاعتهم تركيز انتباه الإعلام والحكومة إلى مواضيعهم واهتماماتهم، الأمر الذي يساعد في خلق ائتلافات سياسية جديدة تتعدى حدود الدول.

و كوسيلة إحصائية غير دقيقة للقياس: يمكننا أن نحسب الأهمية المتزايدة للمنظمات غير الحكومية عن طريق حساب عدد المرات التي يتم فيها ذكر هذه المنظمات في وسائل الإعلام الرئيسية. و لقد تزايد استخدام مصطلح (NGOs) أو منظمات غير حكومية حتى وصل سبعة عشر ضعفاً منذ سنة 1992م. وبالإضافة إلى لجنة رقابة حقوق الإنسان فقد بلغت منظمات مثل “ترانسبيرانسي” العالمية، و “أوكسفام” و “أطباء بلا حدود” حجماً استثنائياً من النمو نظراً إلى عدد المرات التي تم ذكرها في وسائل الإعلام الرئيسية. وتبعاً لهذا المعيار فقد أصبحت المنظمات غير الحكومية الكبرى لاعباً أساسياً في معركة جذب انتباه المحررين العالميين الأكثر تأثيراً.
وضمن هذه الظروف، لن تستطيع الحكومات الاستمرار في حجب تدفق المعلومات، الأمر الذي ساعد تاريخياً في حماية المسؤولين من التدقيق والتفتيش الخارجي. حتى الدول العظمى مثل الولايات المتحدة تأثرت بهذا الأمر. فقد لعبت المنظمات غبر الحكومية دوراً رئيسياً في تمزيق قمة منظمة التجارة العالمية في عام 1999م، وفي تمرير معاهدة الألغام، وفي التصديق على اتفاقية إطار العمل للتحكم بصناعة التبغ في أيار 2003م.

وعلى سبيل المثال: فقد كان للولايات المتحدة الكثير من الاعتراضات على” اتفاقية التحكم بصناعة التبغ”، ولكنها تخلت عن هذه الاعتراضات في وجه الانتقادات العالمية. ولقد تمت “عملية خلق معاهدة الألغام” رغم معارضة أقوى بيروقراطية ـ البنتاغون ـ في أكبر القوى العسكرية في العالم.

غالباً ما تكون المؤسسات العالمية هدفاً لحملات المنظمات غير الحكومية “حملات التسمية والنعت”، مثل الشركات العالمية التي تدفع الأجور القليلة في الدول الفقيرة. وقد تنجح هذه الحملات في بعض الأحيان في التهديد بتدمير قيمة العلامات التجارية العالمية.

فقد أعلنت “شركة شل الألمانية الملكية” في عام 2003 مثلاً، بأنها لن تنقب في بقعة تعلنها اليونسكو على أنها ميراث عالمي. يأتي هذا الإعلان بعد سنتين من إذعان الشركة لضغوط الجماعات البيئية المعارضة للتنقيب الذي كانت ستقوم الشركة به في مواقع وصفت على أنها ميراث عالمي في بنغلاديش.
و لقد تعرضت شركات الدواء العالمية للكثير من الانتقاد والنعت من قبل المنظمات غير الحكومية وذلك بتعريضها للكثير من الدعاوى القضائية في عام 2002 في جنوب أفريقيا بسبب استغلال هذه الشركات لمرضاها في سبيل إيجاد علاج لمرض الإيدز.

وقد أثرت حملات مشابهة من “التسمية والنعت” على سياسات التوظيف لكثير من الشركات العالمية مثل “ماتيل” و”نايكي” والكثير من مثيلاتها من الشركات.

تتنوع المنظمات غير الحكومية بشكل كبير وتختلف من حيث البنى والتمويل والأهداف والمسؤولية في اختيار المصادر ومراعاة الدقة في الاتهام. وسيكون من المبالغة بمكان أن نصدق على كلام ناشطيها بأن هذه الحركات تمثل “القوى العظمى الأخرى في العالم”، ولكن الحكومات التي تتجاهل خطر تأثير هذه المنظمات تتحمل تبعات هذا التجاهل على مسؤوليتها.

إذ تمتلك بعض هذه المنظمات سمعة ومصداقية تعطيها قوى لينة مؤثرة محلياً وعالمياً. و قد يفتقر بعضها الآخر المصداقية للتأثير في الطبقة المعتدلة من العامة، ولكنه يستطيع تحريك المظاهرات التي تتطلب انتباه الحكومات. سواءً من أجل الخير أو من أجل الشر، تمتلك المنظمات غير الحكومية والمنظمات الشبكية مصادر وقوى واضحة وهي لا تتردد في استخدامها.

خاتمة

هل تجعل المنظمات غير الحكومية السياسة في العالم أكثر ديمقراطية؟ ليس بالطريقة التقليدية التي يمكن أن تفهم بها هذه الكلمة. الكثير منها محصور في النخبة، محدود بعدد قليل من الأعضاء. وبعضها يتصرف بلا إحساس بالمسؤولية أو بالمصداقية. ولكن وعلى الرغم من ذلك، فإن المنظمات الحكومية تدفع إلى تجميع السياسات العالمية وذلك بتوجيه الأنظار نحو مواضيع تفضل الحكومات تجاهلها، وبالعمل كمجموعات ضغط عبر الحدود. وضمن هذا السياق، تخدم المنظمات غير الحكومية كترياق ضد البيروقراطية الحكومية التقليدية.

تبقى الحكومات اللاعب الأساسي في تحديد السياسات العالمية، ولكن على الحكومات اليوم أن تشارك خشبة المسرح مع العديد من المنافسين على جذب الاهتمام. إذ يغير اللاعبون غير الحكوميين وجه السياسة العالمية اليوم.

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى