دراسات اقتصادية

النظام الإقطاعي في اروبا العصور الوسطى

الفصل الاول : مدخل نظري

1- تقديم حول الاقطاع :

1- تقديم حول الاقطاع 

يطلق اسم ” النظام الاقطاعي” على النظام السياسي والاجتماعي الذي يميز العصر الوسيط الاوربي عن غيره من العصور السابقة واللاحقة ، حيث أن هذا النظام يناقض ما سبقه وما تبعه من أنظمة .

اما مصطاح الاقطاع كمفهوم فلم يتم استخدلمه في اللغات الاوروبية ، كاللغة : الفرنسية ، الانجليزية ، الايطالية، وغيرهم ، إلا فــي

اواخر القرن الثانمن عشر ، عندما وجهت الثورة الفرنسية في سنة (1789) ، عناية العلماء و الباحثين الى بعض خصائص الانظمة التي كانت قديمـا ســائدة في أوروبا خاصة ، ومنذ ذلك الحين ومع بداية القــرن التاسع عشـــر ، اصبحت كلمات مثل ” الاقطاع ” “النظام الاقطاعي ” ” ( القــن ) ، (القنيـــة) ، (المأمـــور ) ، (الضومين أو الدومــين) وما شابه ذلك من المصطلحات ، ذات الصلــة بالأرض والعاملين عليها ، و المالكين لها ، في العصور الوسطى .

وهكذا ، اصبحت لتلك المصطلحات مكانتها في المعاجم اللغوية والتاريخية ، واصبحت هذه المفردات تشكل جزءا من قائمة مجموعة من المفاهيم التي يستخدمها الكتاب ، والمؤرخون ، في دراساتهم وأبحاثهم قي العلاقات المتشابكة ، حول الافراد والجماعات ابان العصور الوسطى الاقطاعية .

لذلك لا نرى فائدة من استعمال النظام الاقطاعي او المصطلحات المتعلقة به ، الا عندما يراد الكلام عن الارض وما يتصل بها من حقوق وواجبات وتصرفات وثقافة جرى تطبيقها وما نتج عن ذلك من نشأ من تعريفات ، ما تبع ذلك من تطور باراضي اوروبا الغربية ، وبصفة خاصة مملكة ( افرنجة او الفرنجــة ) ، التي تسمى اليوم فرنســـــا .

الاقطاعية الادارية ظاهرة سياسية ، اجتماعية ، واقتصادية ، جرى استخدامها خلال فترة العصر الوسيط الكلاسيكي ، في اوروبا الغربية ، خلال فــترة العصور الوسطى .

يعرف مؤرخو العصور الوسطى الاقطاعبة على انها في المقام الاول : تجزئة الملكية و السيادة بين طرفين مختلفين هما : الامير و تابعه ، او الملك و تابعه ، وكلا المتقاسمين يعيشان عيشة مشتركة ومتداخلة ، بمعنى انه لا وجود لاحد الشريكين دون الاخر ، لكن هذا التقسيم لا يعني في حقيقة الأمــر تفتيتــا لملكية الأرض أو السيادة عليها ، والدليل على ذلك ، هو عدم وقوع فوضى تامة بين الأطراف الذين يعيشون في ظل النظام الاقطاعي .

وكان المجتمع يحرص يصبو كمثل أعلى ، على تجنب كل ما قد يسبب أو يقود إلى وجود فوضوي ، بل كان يسعى على الدوام لإيجاد التفاهم والانسجام بين كافة الأطراف وما يسود علاقاتهم من الحقوق والواجبات التي يعملوا على إبقائها متحدة على أرض الواقع .

وعلى هذا الاساس نظتم الإقطــاع هي وعاء يحتوي من الصفات المتداخلة بين العلاقات السياسية والاجتماعية ، ومن بين هذه الصفات ، تميــز الإقطاع بتعريف وتحديد من يمتلك الارض ، كما نلحظ بوضوح الناحية السياسية ، من حيث وجود تسللسل في وجود سلطات تعمل مستقلة ،ولكنها توفرالتزام كافة الأطراف بتأدية واجبات شخصية محددة .

هناك حقيقتان اساسيتان تميزان هذا النطام عن النظام القديم ، والنظام الحديث ، الذي سيأتي ذكره لاحقا :

· الحقيقة الاولى :

تعتبر الملكية اساسا للعلاقات الحقوقية كما هو الشأن في النظام الحدث ، اي ان لكل ارض مالك و الملكية التامة ، تبدو حالة طبيعية في المفهوم العام ، اما في النظام الاقطاعي ، نجد أن الارض تصبح وعــاء ينشأ حقوقا مختلفة ، لدرجة تضع الباحث أمام ظروف تفيد حقيقة بزوال الملكية اوربمــا تفقد معناها .

· الحقيقة الثانية :

في كل من النظام القديم ، والنظام الحديث ، نجد ان نظام الدولة يتشكل من شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية أشخاص الحكومة ، وبعبارة أخرى يتضح أن الحكومة ليست سوى هيئة من هيئات كيان الدولة التي تعتبر شيئا عاما ، وسيادة الدولة ، في النظامين القديم والحديث تمارس سلطاتها بواسطة الحكام او الموظفين ومن يمنح سلطات محددة بحكم القانون لأداء مهام محددة تخدم مصالح المجتمع والدولة . والعكس من ذلك هو كان يحصل في النظام الاقطاعي ، حيث لا وجـــود للحاكم في ذلك النظام . والموظف حينذاك يمارس ساطاته بصفته الشخصية ، كافة الأفعال التي كان يمارسها في العهد الروماني ، او أصبح يمارسها في العهد الحديث بصفته ممثلا أو مندوبا عن الدولة.

وهكذا نرى في النظام الإقطاعي تسلسلا في السلطات من الناحية السياسية ، وتوضعا في الحقوق من الناحية الاجتماعية ، وهذا التسلسل في مزاولة السلطات ناجم عن التملك المتحقق في جميع الدرجات من الناحية السياسية وما يتصل بذلك من الحقوق التي تقوم مقام الملكية التامة من الناحية الاجتماعية . وهذا بالضبط ما يقصد به توضيحا لوجود الاقطاعية ناتج عن الاتفاق على تجزئة الملكية من النا حية الاجتما عية ، و تجزئة السيادة من الناحية السياسية.

2-مراحل تطور النظام الاقطاعي والعناصر الاساسية في تطوره :

يقصد بالتطورهنا ، التدرج الطبيعي في تكوين الشيء وفقا لمجموعة من الشروط وعبر مراحل متباينة ومتصاعدة خلال الزمن ، بالاتفاق على هذا التحديد نستطيع القول ، بان النظام الاقطاعي لم يأت فجأة نتيجة ثــورة ، أو أحداث إجتماعية لتحقيق مطلب ، او تم بفعل إرادة فردية ، ولكن في حقيقة الأمـتر جاء هذا النظام وتطور بشكل طبيعي ، وبإيقاع بطيء، الأمــر الذي جعل بعض الباحثين و المفكرين يعتبرونه حصيلة حوادث طبيعية تكونت وتشكلت عبر الزمان وبقوى تؤتي ثمارها تلقائيا .

العنصر البارز في بداية تشكل هذا النظام الأقطاعي هو وقوع تصادم و تمازج بين عالمين مختلفين في مراحل تطورهما، وهذه أحداث وقعت في اواخر القرن الخامس الميلادي .

وقد يدزن من غير المجدي البحث عن جذور الاقطاعية ، كون تلك الجذور لكثرتها تمتد في اتجاهات مختلفة ، كما ان اصولها متنوعة لتنوع مصادرها ، وهي ليست محددة بما نشأ وتطور في المجتمع الجرماني ، او تلك الأصـتول التي ترجع الى بنية المجتمع الروماني .

لهذه الأسباب نجد أن مجال البحث عن أصول ومنابت نظام الأقطــع ، هو مجال واسع يصعب استحضاره ، بسبب تعلقه بالعديد من الأحداث المعطيات بين العناصر التابثة و المتغيرة طوال فترة زمنية يزيد عن اربعة قرون (9.8.7.6م) من تطور مجتمعات اوروبا الغربية ، نتيجة تمازج نظامي المجتمع الجرماني والمجتمع الروماني فيها المجتمعين .

لما تقدم من أسباب ، يمكن حصر بداية الاقطاعية مع نهاية العصر الكارولنجي التي حدثت بين القرن التاسع الميلادي ونهاية القرن الثالث عشر الميلادي ، حينذاك استكمل هذا النظام طورة ، وبدأت عناصر ضعفه تعتيره ، و عوامل الانهيار بارزة فيه. وقد اظهرت بعض الدراسات التي انجزت حول النظام الكارولينجي ان هذا النظام لم يكن اقطاعيا ، حيث كانت الدولة الكارولينجية قائمة ، وسلطة الملك مطلقة ، ولو نظريا ، وكانت هـترم السلطات في ذلك النظام مؤلفة وموزعة بين : الدوقــات ومفردها دوق – و الكونتــات – ومفردها كونت – والمراكيز – ومفردها مركيز – ، وغيرهـــم

من فئات الموظفين القابلين للعزل ، بمعنى انهم جميعا للسلطة المركزية ، ولم ترتب لهم وظائفهم أي حقوق من الانتفاع او الاقطاع ، بل كانو يتقاظون اجــورهم عن طريق العملة .

كما ان نظام الملكية بقي محتفظا بكافة ما له من حقوق وامتيازات ، وما يتصل بذلك من ضوابـــــــــــــط السلطة الأساسية

المركزية على رأس الهرم الاداري و السياسي و الاقتصادي . وكان النظام الملكي يحرص على اقامة العدل وصــك النقـــــود ، و اقامة المعارض الموسمية ، والاسواق للتبادل التجاري ، وفرض الأمن لعموم الناس ، واستمرت جباية الضرائب بشكلها العقاري والشخصي حتى اواخر القرن التاسع .

وكانت واستمرت مِؤسسة الجيش قائمة باعتبارها ذات صفة ملكية وقومية ، وكان واجب الخدمة العسكرية للملك فقط، وكانت الخدمــة اجبارية وواجبة على كل رجل حر .

وهكذا يجد الباحث أن فكرة المصلحة العامة والسيادة كانت مجسدة في شخص الملك ، او الامبراطور الا ان الروابط الهامة في هذا النظام كانت كلها تأخــذ شكل التبعية ، واستنادا لهذا المبدأ يمكن القول أن الدولة الكارولنجية كانت دولة سابقة للإقطاعية و ممهدة لها ، بسبب مبدأ التبعية التي أقر واصبح من المباديء التي تسود المجتمع .

الإمبراطورية الكارولنجية

تعريف الكارولنجية

هي الأسرة الملكية الثانية التي خلفت الأسرة المورو فينيجية سنة (751م) وحكمت كل من فرنسا ، و ألمانيا لغايـة سنة (987)).

ترك (بيبين) إبن شارل مارتل عرش مملكته بعد وفاته لإبنه (كارولمان ) أو شارلمان و الذي سـميت المملكـــــة بإسمه ، وفي عهده توسعت الإمبراطورية ، لتشمل ممالك لومبارديا ، بافاريا ، بوهيميا ، النمسا ، وجــــــــزء من إسبانيا ، و توجه البابا إمبراطورا في 25 ديسمبر (800م) .

دام حكم شارلمان 45 سنة ، و بعد وفاته سنة ( 814م ) إقتســـــم أحفاده الثلاثة المملكة من بعده و نشبت الحرب بينهم لفتراة زمنية طويلة ، وتوقفت وإنتهت بتوقيع صلح فاردان سنة ( 843م) ، وبموجب ذلك الصلح تـــــــم تقسيم الإمبراطورية إلى ثلاث أجزاء.

المجتمع الإقطاعي 

بعد تفكك الإمبراطورية الكارولينجية ، عاد إليها الإضطراب و الفوضى بسبب التنازع المسلح بين ورثة الحكم ، في الوقت الذي إشتدت فيه غارات الشماليين النورمان على البلاد ، ولجأ الملاك الكبار إلى تكوين قوات مسلحة لحمايــة أنفسهم وممتلكاتهم ، وعندئذ إنصب السطو على الملاك الصغار ، الذين دفعتهم الحاجة الأمنيـــــة إلى اللجــــــــوء إلى صاحب القوة المسلحة في بيئتهم الإجتماعية ، طالبين حمايته في مقابل تنازلهم له عن أراضيهم ، وهكـــــــــــــذا بدأوا واستمروا تابعين له .

ما هية الكنيسة

تمثل الكنيسة طبقة رجال الدين ،التي تتألف من : البابا ، الكرادلة ، والقساوسة ، ومهمة الكنيسة وسدنتها ، القيام بالهداية ، التعليم ، تعمير المعابد و إقامتها ، و قد تمكنت هذه الطبقة من الاستقلال بشؤونها . حيث إعتبر البابا نفسه نائبا عن المسيح عليه السلام ، و إتخذ البابا لنفسه بلاطا كبلاط الملوك ، وكان البلاط البابوي يقوم بتحصيــل ضريبة معينة ، من النواحي و الأقاليم بواسطة المؤسسات الكنسية.

ولشدة إعتقاد الناس في قداسة الكنيسة تدفقت عليها الهبات ، والعطايا ، والهدايا ، فأصبحت الكنيسة بثرواتها وعلى رأســـها البابا ، أغنى من الملــوك .

عوامل ظهور الممالك الأوروبية

ونتيجة تفكك الإمبراطورية الكارولنجية ، أصبحت أوروبا الغربية موزعة إلى عدد لايحصى من الإمـــــــــــارات الإقطاعية ، وتوصلت بعض الأسر الإقطاعية إلى اتولي الملكية ومن أولئك على سبيل المثال : أسرة آل كابـــــــي بفرنسا ، وأسرة وليام الفاتح النورماندي في إنجلترا ، كذلك ظهرت عدة ممالك في أنحاذ متفرقة من قارة أوروبا تنتسب إلى الأسر المالكة ، وكان معظم هذه الممالك ذات طابع إقطاعي في تعاملها مع شعوبها .

أهم المماليك في أوروبا

نشأة فرنسا

كانت فرنسا تشــكل القطاع الغربي من المملكة الكارولينجية ، وكان بها حينذاك عاصمة المملكة الكارولنجية ، التي مانت تسمي : إيكس لاشابيل و فيها تحولت الأسرة الإقطاعية إلى أسرة ملكيـــة لأول مرة ، وذلك حين إســــــــتطاع كونت باريس (أودو) ، صد هجمات النورمان فإنتخبه نبـــــــلاء فرنســا ملكا.

نشأة بريطانيا

في سنــة ( 871 م) تولى عرش (مملكة وسكس) الكائنة في جنوب الجزيرة البريطانية ، ملك شاب هو ألفــــــرد الذي إستطاع صـــد هجماتالدانيين الذين إكتسحوا الجزر البريطانية ، وكانت هذه المملكة نواة للدولــــة البريطانية المعاصرة

نشأة ألمانيا

في بداية القرن ( العاشر الميلادي ) تعرضت ألمانيا لهجمات الفرسان المجريين وتمكن هنـــــــــــــري الصياد مـن الإنتصــــــــارعليهم ســنة (933م ) الأمـتر الذي حقق لأسرته مجدا كبيرا ، ثم قام إبنـــــــه من بعده بتوسيع رقعة ممـــــــــلكته على حساب الدوقيات المجاورة .

نشأة إسبانيا و البرتغال

أسس أتولف زعيم قبائل القوط الغربيين مملكة ، كانت عاصمتها تولوز وذلك في سنة (413م ) ، ثم طردهــــــــم الإفرنجة ، إلى ما وراء جبال البيرينيسنة ، سنة ( 507 ميلادية ) ، وبسطوا نفوذهم على معظم شبه الجزيرة حتى فتح المسلمون البلاد بقيادة طارق بن زياد سنــة (711 ميردية ) .

3 – تعريف التبعية 

يعتبر مبدأ التبعية في رأي مؤرخي القرون الوسطى ، من اهم أركان النطام الاقطاعي ، وكما هو معلوم فإن التبعية لست الا صورة من صور نظام توفير ” الرعاية ” مع ما يعنيه ذلك من الناحية التطبيقية على أرض الواقع ، اي العمل بالاحسان – بين المتبوع والتابع – وتحقق هذا الشــرط يوفــــــــر البيئة الملائمة لتماسك نظام الإقطاع ودوامه .

4 – الرعاية والاحسان 

رابطة التبعية المقصودة في نظام الإقطــاع ، هي تلك التبعية التي ربمــــــــــــا ظهرت في ظل الجمهورية الرومانية

(او ربما وجــدت قبل الميلاد) ، وهذه تختلف اختلافا بينا عن رابطة تابعية العبــد لســـيده ، او رابطة العبــد المعتوق بمولاه .

لذلك فإن التبعية والرابطــة المقصودة في هذه الظروف ، تتمثل في ارتباط وتبعية إنسان ضعيف حر محتاجا الى الحماية ، لهذا هو يطلب الحماية من انسان آخــر- مالك لحريته – قوي يستطيع توفيــر وتقديم الحماية لمن طلبها ، وتختلف تعهدات الطرف الذي وافق على تقديم الحماية ، تجاه الانسان طالب الحماية ، مع مراعاة الدافع من وراء تقديم الحماية ، ومــدى إمكانية تنفيذ الالتزام بالحماية في كل الظروف .

ومن مفيـــد القول ، توضيح أمرا ذات أهمية ، أن هذا النوع من العلاقة بين طالب الحماية ومقدمها هي علاقة تقدير واحترام ولا يشوبها أي تصرف غير شــريف ، و تقديم الحماية هـو شيء إرادي ، حيث ليس هناك أي منافع مادية أو خلاف ذلك من العوائــد ظاهرة أو خفية بين الطرفين ، مع ملاحظــة أن تلك الحماية ربمــا لا تدوم طيلــة فترة حياة الطرفين .

ان التبعية بهذه الكيفية ظلت قائمة لعدة قرون – حيث نشأت في عهد الجمهورية وامتــدت حتى بداية القرن الرابع الميلادي – وخلال تلك الفترة الزمنية لحقت بالتبعية العديد من التغييــرات ، ومن ذلك أنتشرت التبعية لدرجة شملت بعض الطبقات الاجتماعية غير الفقيــرة ، ومن أولئك الذين أصبحوا يطلبون الحماية على سبيل المثال :

قيام بعض صغار مـــلاك الأراضــي – في أواخــر عهد الامبراطوية – بالتوجه إلى بعض أصحاب النفوذ الذين كانوا يشغلون وظائف عليا في الدولة ، طالبين حمايتهم عن طريق رابطة التبعية – التي كانت تعني واستمرت تسير وفقا لمبدأ التعهد ب – الحماية والرعاية – لفترة زمنية طويلة ، دون أن يترتب على ذلك أي التـــزام دينــي او حقوقـــي ، بل هي رابطة قوية ذات ركيزة اخلاقية وجدانبة تربط بين الطرفين .

وخلال الفترة الزمنية التي شملت القرنين الرابع والخامس الميلاديين ، وبعد استقرارالأحوال عقب ما تعرضت له المجتمعات إلى عدد من الغارات والغـــزوات . وجد صــغار أفراد المجتمع ، مدى حاجتهم إلى كبير يوفر لهم الحماية في ظل نظام التبعية ، بعد أن أضيف إليه إلتزام جديد عرف باسم : تعهد عقاري ، وارتقى هذا الأمر في نفوس أفراد المجتمع إلى إعتبــار الرعاية من الأمور الطبيعية والضرورية لاستمرار مسيرة الحياة دون أي مخاطــر . بل أن بعض فئات المجتمع اعتبرت الحماية والرعاية مع التعهد العقاري من ضروريات الحياة .

كذلك استقر العرف بين غالبية الناس في المجتمع ، على إعتبار الوظائف الهامة في الدولة هي من نصيــب أقارب ، واصحاب ، وحاشـتية الملك او الامير .

ومما تقدم نلحظ حــدوث تغيير حوهري أســـتجد أمــر إضافة… تعهد عقاري يمثل ركنا من نظام رابطة التبعية التي تشمل الحماية والرعاية ، أن هذا التغييير أضاف إلى رابطة التعهد بالحماية والرعاية إلتزاما يترتب على مالك الأرض الصغير تجــاه الســيد الذي سوف يوفر له الحماية والرعاية ، و بيان ذلك ما يلـــي :

يتقدم المالك الصغير الذي يريد الحماية ، من الشخص أو السيد الذي يستطيع التعهد بتقديم الحماية والرعاية له ، ويبيع له ما يملكه من الأرض صوريا ، وبعد ذلك يســترد المالك الصغير – تلك الأرض التـــــي باعهـــا صــوريا إلــى ذلك

السيد الحامي – ولكن ، ليس بصفته مالكا للأرض كما كان سابقا ، بل بصفتـــة ” منتفـــع ” بالأرض فقط .

وهكذا ، أصبــح هذا التغيير وتيرة مقبولة في المجتمع ، كذلك كان التغيير يمثل مصدرا لبعض الفوائد التي تعــود على أصحاب الوظائف الهامة في الدولة ، وقد استقر أمـــر توزيع وظائف الدولة المهمة بين أصحاب الامبراطور، وأقاربه، ومحسوبيه ، وأفراد حاشيته ، وبقصــد تحقيق أمـر تمييز أفراد تلك الطبقات عن غيرهم من أفراد المجتمع ، فقد منح عندما تدعو الحاجــة يقررالأمبراطــور منــح أولئك الموظفين القابا مثل : الكونت ، الــدوق ، و الماركيز .

وخلال القرنين الثامن والتاسع الميلاديين ، تطور الانتفاع بالأرض ، في ظل التعويض عن ذلك بصيغة من صيغ تأجيـــر الأرض ، وبدل الإيجــأر ، يدفع على شكل إتـــاوات سنوية – تدفع نقدا – ومع ذلك يعتبر إيجار الأرض إحسانا وليس عائــد إيجاري وفقا للعقد .

وقد ساهمت الكنيسة بدورها في حدوث هذا التغيير وتطويـره ، بدءا من حــين الاعتراف بالديانة المسيحية ، كديانة للـــــدولة . وتبعا لأحداث التغيير والتطوير حرصت الكنيســة على زيادة ملكيتها للأراضي التي تعود إليها من مصادر مختلفــة ، ومن ذلك على سبيل المثال :

اراضي تحصل عليها كعطايا من جانب الدولة ، او هبات يقدمها بعض المؤمنين بالديانة المسيحية ، أو أراضي تؤول إلى الكنيسـة من وصايا بعض الأثرياء ، أو أراضي يتخلى أصحابها عن ملكيتها في مقابل أن يصبح متمتعا بالانتفاع بالأرض ، مستفيـــدا من المزايا والشروط التفضيلية التي توفرها الكنيسة ، وهذه تعتبرالأفضل مقارنة مع ما هو متوفــر من شروط ومزايا يعرضها بعض أصحاب النفوذ في ذات المجتمع . ومع حلول القرن العاشر الميلادي أصبحت الكنيسة اكبر ملاك الأرض على الإطلاق .

حــــرصت الكنيسة على توفير العديد من المزايا والشروط الجاذبة لأولئلك الذين يتخلــون عن ملكية أراضيهم وعقاراتهم إلى الكنيســة ، وعوضا عن ذلك يتحولون ليصبحــوا منتفعين ، وحققت لهم هذه الصفة مزيدا من المنفعة تجاوزت حدود العائدات التي كانت تعود عليهم وهم مــلاك. وفي مقابل حق الانتفاع ، يدفع بدل ايجــأر على شكل إتـــاوات سنوية – تدفع نقدا – ومع ذلك يعتبركان إيجار الأرض يعتبر إحســلنا وليس عائــد إيجاري وفقا للعقد .

ومن الأمور التي أقرتها الكنيسة وكانت تحظى بقبول ورضى المنتفعين ما يلي :

– في القرن التاسع الميلادي ، أقـــرت الكنيسة ، ان يمتد حق الإنتفاع الي ابناء المتخلي و احفاده . و قد انتشرت هذه الصيغة شيئا فشيئا ، حيث حققت في نهاية الامر تمكين الكنيسة ، من وضع اليد ، ومن ثم الحصول على الملكية التامة على الأرض أو العقــار تماما .

– وقد أضافت الكنيسة حافزا آخــر يستفيد منه واهب الأرض ، يتمثل في تنازل الكنيسة إلى واهب الأرض عن مساحة تعادل مساحة الأرض التي وهبها ، كي يستثمرها ويتنفع منها طوال حياته .

والمثال على ذلك ما يلي : من وهب ارضا مساحتها 100 هكتار ، يحق لــه ان يأخد مقابلها 100 هكتار اخرى ، بحيث تصبح الأرض التي ينتفع بها مساحة كلية تبلغ ( 200 هكتار) طوال حياته .

اصبحت هذه الشروط والمزايا ، من الفرص المتاحة لكل من يتمكن من الالتحاق بهذا النظام ، لذلك كان على كل من يرغب في الحصول على على امتياز الإنتفاع ، ان يقدم إلى الكنيسة ، أو غيرها من ملاك الأراضــي ، رسالة استعطاف تتضمن عبارات الإحترام ويبين في تلك الرسالة إقراره وإلتزامه صراحة بالمحافظــة وضمــان حقوق مانح الامتياز.

وفي حال استجابة مانح الامتيــاز بالإيجاب ، حينذاك يحصل طالب الانتفاع على موافقة خطية ، حسب صيغة معينة وبشروط يحددها المحسن او المالك ويقبلها طالب الانتفاع ، وكانت هذه التعاقدات تستمر سارية حتى اواخر القرن التاسع الميلادي ، شــريطة أن يجدد التعاقد كل خمس سنوات .

بعد ذلك استبدلت عائدات الملاك من هذه التعاقدات ، بضريبة سنوية تكون في الغالب ظئيلة ، لكنها تؤكد بصورة قطعية ارتباط المنتقع وحق المحسن في الملكية ، و يلاحظ ان اداء اليمين و المصافحة لم يكونا بعد من عناصر القبــول ، والتعاقد والالتزام بين اطـــراف التعاقـــد .

وبسبب السعي على الدوام لجعل حق الانتفاع مفيدا جدا لمن ينضــوي تحت مظلته ، فقد تم تمــديد فترة الانتفاع الزمنية لتصبح ســاريةلثلاثة اجيال أو ( 99 سنة) ، الأمــر الذي جذب مزيد ا مــن كبار الشخصيات الراغبين فيي الارتباط بنظام الإنتفاع ، دون ان تأبى على نفسها الرجاء والخضوع .

ومع سقوط النطام الكارولينجي تحول حق الانتفاع ، الى نوع جديــد في طبيعة العلاقة بين المالك والمنتفــع ، تمثل في السيطرة علــى الأرض ، عرف باســــم ” وضع اليد ” مع ما يتبع ذلك من آثــار .

وخــلال الفرن العاشــر ، اضحت هذه العلاقة في فرنسا او (مملكة افرنجة) ، علاقة تبعية اقطاعية يخضع فيها المتعاقدين لطقوس وشــروط معينة .

5 – التحولات الكبرى خلال القرن العاشر

قد نتج عن هذا التطور الذي لحق بالملكية العقارية ، والذي استغرق لحدوثه واستقراره مدة طويلة؟
ويمكن إدراج النتائج التي أمكن الوصول إليها من خلال الدراسة الظرفية التي تم استعراضها فيما تقدم .

كان من نتنائــج إنهيــار النطام الكارولنجي مع نهاية القرن التاسع الميلادي ، و بداية القرن العاشر الميلادي ، مــا يلي من آثــار :

– غياب املاك الدولة الكارونجية و اضمحلالها التام 

كان ذلك سببا في توزيع حقوق الملكية الى العديد من الأجزاء ، كما تسبب ذلك في تشتت مملكة أفرنجة الى عدة كيانات بحسب اللغات واللهجات المستعملة .

– فقدان الكنيسة لهيبتها الدنيوية

تزامن ذلك مع حدوث عدد من الغارات على اروبا الغربية ، وبصفة خاصة على ذلك المجال الجغرافي الذي كانت تحتله الامبراطورية الكارولينجية.

– استكمال نظــام الإقطاعية عناصر تواجده وعوامل تطوره

عبر تلك الفترة الزمنية وما سادها من أحداث ونتائج ، مكنت نظــام الإقطاع من استكمال عناصر تواجده وعوامل تطــوره ، ليس بصفته سبيلا لإنقــاذ للوضع المتدهور فحسب ، ولكن كان بداية لظهــور نظام سياسي واجتماعي واقتصادي جديد ، تميز عن نظام التبعية الذي كان يسبقه كما أوضح ذلك – المؤرخ جورج دوبل – بحدوث تجزئة السلطة الى عدد من الخلايا المستقلة ، أصبحت كل منها خاضعة لسيديمتلك بشكل فردي :

سلطة الحاكم والمنفذ لها ، وعمل اولئك على استغلال هذة الصفة … وكأنها آلــت أليه كنصيب من ارثه العائلي .

وعبر هذا الفصل حذث انسجام تام السياسية و الإجتماعية مع الحقيقة الفعلية لحضارة بدائية و قروية بالكامل و يعد هذا المجتمع مجتمعا مقسما معزولة اجزاءه بحواجز تعزل الرجال على قلتهم عزلة شبه تامة ، و يضاف الى ذلك سيطرة تربية خشنة ، الى درجة توفر قناعة وإدراك ومفهوم ذاتي لرجال ذلك الوسط أنهم مجردين من السلطة .

وأصبح من المفاهيم السائدة كذلك ما يعني : ما من قائد او سيــــد يتم الخضوع له الا بحضوره في عين المكان ، مما جعل هذا الحضور هو مصدرا لتعزيز السلطة في الضيعة ، كذلك توحي ظلال القصر في الضيعـــة بالامن والاطمئنان، وكان هذا الاطمئنان من الاسباب التي ادت الى احياء التجارة و لو ببطئ شديد .

كما كانت الفوضى التي كان يثيرها تفشي المنازعــات بين أولئك الأسياد ، وكذلك طغيانهم حتى على الكنيسة ، من العوامل التي ساعدت على ظهور صيغ جديدة من الاحتجاجات … التي أدت إلى فرض إدخال إصلاحات تدريجية على المجتمع الاقطاعي وسبل تطبيقة على أرض المواقع .

– كان المجتمع الاقطاعي مقسما الى ثلاث فئات :

1) رجال الدين الذين يعبــــــدون لصالح الجميع .

2) الجنود الذين يحاربــــــون من اجل الجميــع .

3) الأقنان الذين يشتغلون من اجل اطعام الجميع .

– تعريفــــات 

1) الهكتار والمونس 

قدرت أراضــي الإقطاع بمساحة تصل الى 200,000)) هكتار – والهكتار يساوي عشرة الاف متر مربع – وكانت المساحة تحسب في العصور الوسطي بوحدة قياس كانت تعرف باسم (المونـــس) ، وهنذه الوحدة كانت تعادل مساحة ( 17هكتار) .

2) القــــــن

هو من يتصرف في مونس واحد او اكثر .

3) الســيد

السيد (وجمعها أســياد) كان لكل واحد منهم مساحات شاسعة من الأرض .

هذه الانظمة ووالمجتمعــات التي تعايش فيها مختلف الأطـراف – من السادة والأقنان – فقد كانت الخدمات التـي يؤديها كل طرف ، كانت تشكل وســيلة تساعد الاخرين في نشاطهم العملي .

وكان كل واحد من أفراد المجتمع مكلف بالتخفيف عن الاخرين ، حينمــا كان للقانون هنيبــة يحظى معها بالتقدير والاحتــرام ، وكان الأمن يسود بقاع العالم .

اما اليوم فالقانون فقد هيبته ، وهو في تراجع وضعف ، بسب أصحاب النفوذ الذين يحاولون على الدوام أن يكــونوا فوق القانون ، أو يعملون على إيجاذ التغرات في القوانين التي يستطيعون النفاذ منها لتحقيق مآربهم ، خصوصا مع تزايد حالات الفساد المنتشرة في كثير من المجتمعات ، إضافة إلى ما نشاهده من حالات الفلتان الأمني ، أو غياب الأمن في كثير من المجتمعات بسبب تزايــد الجماعات الإرهابية التي تظهر تحت مسميات مختلفة في العديد من المجتمعات ، كذلك نلحــظ أن اخلاق بعض أفراد المجتمع من الرجال والنساء قد تغيرت كذللك ، كما تغيرت تقسيمات الطبقات الاجتماعية بدورها .

4) تعريف السنيورية 

هي نظام يهدف الى تنظيم العمل الزراعي داخل الضيعـــة ، ورعاية وضبط العلاقة بين السيد والقــــــن .

5) تعريف الضيعة

الضيعة في مجملها تشكل وحدة اجتماعية واقتصادية ذات اكتفــاء ذاتي . ظهــرت الضيعــة واستقرت خلال سيادة النظام الاقطاعي ، وكانت تحقق الاكتفاء الداتي من ما تنتجه من مواردها الزراعيــة . حيث كانت الضيعــة تنتـــج يكفيما يحتاجه غالبية أهلها من مستلزمات المعيشــة . فالأرض تنتج المواد الغذائية ، ومن ذلك على سبيل ذلك :

حاجــة الضيعة من الخضــار ، والثمــار ، اما اللحوم والألبان والأجبــان ، فقد كان مصدر الحصول عليها من مكاســب الضيعة .

وكانت نســاء القرية يعملن في غــزل الصوف لإنتاج الثياب والملبوسات . وكان لكل ضيعــــة حدادها ، ونجارها .

والضيعة في حقيقة الأمــر لم تك بحاجة للتعامل مع المدن تجاريا ، باستثناء بعض المواد التي كان يستوردها السيد لنفسه أو قضــاء حاجته ، وفي المجمل كانت تلك الحالات قليلة جــدا .

الضيعة كانت وحدة اجتماعية ودينية ، يتواصــل أفرادها خلال مســيرة الحياة ومتطلباتها ، يشترك اهل الضيعة في أفراحهم ، ويـــازر بعضهم بعضا في الاحزان ، يحتفلون بالاعياد ومناسبات طيبة تدخل المسرات على نفوسهم ، كما كان التزتوج يتم بين شـــباب الضيعة وشاباتها ، وكان في كل ضيعة كنيسة تتناسب مع تعدادها السكاني ويقوم على رعايتها رجل ديــــن وان كان لا يرقى الى مــيستوى القسيس في السلك الكهنوتي .

6) تعريف القـــن

هوأحــد فلاحين الضيعة يعيش على محاصيــل قطعة من الارض يمنحها له السيد ، ونتيجة لهذا الترابط بين الطرفين لا يستطيع الفلاح ترك الأرض التي خصصت له من قبل السيــد ، إلا إذا فــــر هاربا من الضيعــة ، او أن يلجا لشراء حريته بالمال ، والحالة الأخيرة لا بد وأن تقترن بموافقة السيــد على ذلك ، كما أن الســـيد لا يستطيع طرده منها الا في حالة رفض الفلاح تنفيذ إلتزامــه نحــو خدمة الأرض وما يتصل بذلك من واجباته القانونية ، او في حال ارتكاب القـــن لجريمة ما .

7.0) العلاقة بين السيد والقن 

لقــد اشتمل النظام السنيوري على مجموعة من الواجبات التي يلتزم بها طرفــي العلاقــة: الســـيد والقـــن .

7.1- واجبات القن تجاه السيد

تتألف واجبات القـــن من أربعة أجزاء : الخدمات ، المقررات ، الاحتكارات ، والتزامات بضرائب متنوعة .

أ ‌- الخدمات

تتمثل الخدمات لتشمل كافة أعمال السخرة التي يفرضها السيد على جميع اقنانه وهي ثلاثة انواع

– السخرة الاسبوعية : وهذه تعني أن من واجب القــن أن يعمل ثلاثة ايام من كل أســبوع في ارض السيد الخاصـــــــة وأن يعمل ثلاثة أيـــــام في ارضه التي استلمها من السيد .

– السخرة الموسمية: وهذه تتضمن تنفيذ القــن لأعمال زراعة أرض السـيد ، ومن ثم القيام بحصــاد وجمع المحصــول.

– السخرة العامة: وتتضمن هذه المسئولية إنشاء الطرق او إصلاحها وإنشاء الجسور وحفر الخنادق .

ب‌ – المقررات

ويقصد بتلك ضــرورة الوفاء بكافة الضرائب المتنوعة التي تيفرضـها الســيد على القــن ، ومن ذلك على سبيل المثال : :

– ضريبة الرأس : وهي التي يتمثل التزام على القــن أن يؤديها إلى ســيده – رغم بساطتها – إلا أنها تجبى من اجل إتأكيــد استمرار نفاذ طقوس العبودية ، وهذه الضريبة كانت تؤدى نقدا أو عينا ، زبدا كان أو شمعــا .

– ضريبة العشر : ترتب على القــن إلتزاما نحـو ســيده ، يتمثل في تقديم عشر إنتاجه من الحبوب ، والخضر ، وثمار الأشـــجار، وإنتـــاج الماشية ، والطيــور ، والأسماك إن وجدت . و الاسماك التي يتم إصطيـــادها.

ت ‌- الاحتـــــــــكارات
جرت العادة أن يحتــكر السيد الاقطاعي ملكية بعض المؤسسات ، يفرض على أقنانـــــه بالتزام التعامل معها ، ومن حالات الاحتكار على سبيل المثال :

طاحونة الغلال ، الفــــرن ، معصرة الزيوت وبعض المحاصيل الزراعية ، وبئر الماء . وكان كل قن ملزما بطحن حبوبه بطاحونة السيد,، وخبز عجينه في فرنه ، وعصرالزيتون والعنب في معصرة السيد، وذلك مقابل اجر نقذي او عيني يحدده الســـيد .

ث ‌- التزامـــــــات بضرائب متنوعة

كان السيد الاقطاعي يفرض مبلغا من المال على القــــن الذي يطلب الزواج من خارج الضيعــة ، كما كانت تفرض ضريبة على أبناء القــن المتوفي الــذين يرثونه عنه الانتفاع بالارض . وكانت الضريبة في هذه الحال غالبا ما تكون فرســــا ، او ثورا قويا . وفي بعض الحالات كان من حق الســـيد – تعســفا – ان يرث جزءا من تركة القـــن المتوفي ، وربمــا يستولي على كامل التركــة .

إضافة إلى ما تقدم ، كان الســيد يفرض ضريبة تعرف بضريبة الجبــن ، ويلتزم القــن دفـع هذه الضريبة مقابل السماح له برعي ماشيته في مراعي الضيعة ، وكذلك يحصل الســيد من القــن ضريبة الأسماك ، بسبب سماحه للأخـيــر بالصيد في النهر الذي يمر في أراضي الســــيد .

7.2 – واجبات السيد تجاه القـــــــــن 

أن الواجبات التي تقع على عاتق الســيد تجــاه القــن ، هي أقل تكلفة على الســـيد مقارنة بما يلتزم به القــ تجاه ســـيده ، ومن هذه الواجبات على سبيل المثال مايلي :

– على السيد توفيرالحماية للقـــــن التابع إليه .

– الحفاظ على حياة القــــن .

– المحافظــة على شــــرف أســرة القــــن في حياته و بعد مماتـــه .

8.0 – محكمة الضيعة

غالبــا ما كان يوجــد محكمــة في كل ضيعة ، وكانت المحكمــة تخضع لإشــراف الســـيد الاقطاعي الذي يكون قــد حصل على كافة الحقوق القضائية . وبشــكل موازي كان رئيس المحكمة ينتخب سنويا من طرف الأقنان في الضيعــة، حيث من المفروض أن يكون هذا الرئيس ممثلا اسميا عن الفلاحين الأقنان . ولكن في واقع الحال كان هذا الممثل يحـرص بالمحافظــة على مصالح الســـيد ، وكان من اختصاص المحكمة فــــرض مختلف العقـــوبات ، غير ان معظــم الغرامات كانت تصب في خــــزانة الســـــــــيد .

8.1- موظفو الضيعة

كان يـــوجد في كل ضيعة اربعة موظفين يشغلون المهام والمسئوليات التالية :

أ‌- وكيل السيد الاقطاعي: هو المشرف على ادارة أملاك الســــــيد ، الذي غالبا ما يكون مالكا لعدد من الضيــعات ، حيث يحتاج إلى من ينوب عنــه في تصريف شــئون الضيعة . 

ب ‌- رئيس محكمة الضيعة : هذا الرئيس كان ينتخب سنويا من قبل الفلاحين الاقنان.
ت ‌- حارس الــدريس : مهمته العمل على حراسة المحاصيل و البساتين من المعتدين على الثمار والمحاصيل من الناس أو الحيوانات .

ث ‌- كبير الفلاحين : مهمته الإشراف على عمل الفلاحين ، من زراعة ، وجني المحصول أو الحصــأد ، وكان من أدواته حمل عصــا يستخدمها في ضرب من يلحظ تقاعسهم في العمل .

8.2 – مباني الضيعة 

أ ‌- قصر السيد : ادا امتلك السيد ضيعة واحدة فإن يعشب بداخلها في قصر ويسولى بنفسه ادارةشؤون الضيعة وهذا القصر مبني من الطوب تحيط به حديقة مسورة مليئة بأشجار الفواكه الفواكه ويوجد في فناءه مجموعة من الالات الفلاحية .

ب ‌- الخوريـــــــة : هو مكان سكن خوري الضيعــة ، وكان هذا المسكن يقام ويبنى من الطــوب ، كجــزء ملحق بمبنى كنيسة الضيعة على مقربة من قصر الســــيد .

ت‌ – اكواخ الفلاحين : يعيش الاقنـــان في أكواخ من الخشب ، وتتكــون سقوفها من مادتي الطــين والقـــش وهي غالبــا ما تكون بسيطة وقــذرة ، وتكون جميع هذه الأكواخ قريبة من قصــر أو قلعة السيد للحصول على حمايته .

8.3- توزيع اراضي الضيعة

يحصل القـــن على مونس او مونسين من الأرض ( وهذه المساحة تساوي 17 – 34 هكتار ) ، ينتفع بها القــن

وأسرته ، واغلب اراضي الضيعة الصالحة للزراعة تعود في ملكيتها إلى ســيد الضيعة ، كذلك توجد مساحة من الارض مخصصة للخورية.، والى جانب أراضي الضيعــة الزراعية ، توجد عناك مســاحة من ارض مشاع ، تخصص لرعاية المواشــي ، أضف إلى ذلك أرض الغابــة المجاورة .

ان اهل الضيعة يقومون باتبــاع وتطبيق دورة زراعية ، استغلالهم الأرض الواقعة تحت تصرفهم ، والغاية من إتباع الدورة الزراعية ، المحافظة على خصــوبة الأرض وجودة محاصيلــها ، والدورة الزراعية كانت تتم بإحدى أسلوبين :

أ ) – الدورة الثنائية : وهذا النوع يتبع خاصة بالمناطق الاقل خصوبة ، حيث تقسم مساحة الارض الى قسمين يزرع أحدهمــا ، ويترك القسم الثاني حتى العام المقبل ، وفي العام التالي كررالعملية بالتناوب بين القسمين .

ب ) – الدورة الثلاثية : وهـــذه الطريقة تتبع في استغلال الأراضي ذات الخصوبة العالية ، تقسم مساحة الأرض غلى ثلاثة أقسام ، يستزرع قسم منها في فصــل الخريف ، والقسم الثاني يزرع خلال فصل الربيع ، أمــا القسم الثالث فيترك للراحــة حتى موعـــد الدورة الزراعية التالية ، وتعرف الأرض والحال هذه باسم الأرض البـــور .

– 9.0 التجارة والمدن و بـــــــــداية تشكل أسباب إفـــــــــلاس الاقطاعية

– 9.1 نشـــاة التجارة خلال القرن الحادي عشر
خلال القرن العاشر تخلى الشماليون عن القيام بالغارات والغزوات ، وبدأ اهتمامهم ينمــو في اتجــأه التجــارة وتطويرها بسبب ما حققوه من عائدات ربحية ، وبفضل أولئك التجــار ، حدث اتصال بفضل التبادل التجــاري بين الدولة البزنطية والدولة العباسية ، وفي الجنوب من الدولة الأوروبية تابعت مدينة البندقية نشاطها التجاري الموروث ، ونتيجة لذلك إنبثق و تشكل مركزان تجاريان.

وفي خلال الفترة الأخيرة من القرن العاشر ، ومع بداية القرن الحادي عشر، أحـــس التجار بنوع من الأمان حيث شــعروا بوجود الأمن في الحصون الإقطاعية ، المجــاورة للمدن الــديــرية ، فكانوا بنتقلون من حصن الى حصن ســعيا لإتمام مبادلاتهم التجارية . .

-9.2 نشــآء المـــــدن

كان التجار خلال تنقلاتهم في رحلاتهم التجارية يقيمون في ساحة الحصن الذي يصادفهم ، ومن ثم ينتقلون عبر مسيرتهم التجارية إلى حصن آخــر يقيمون في ساحتــــة . ولما ضاقت بهم ساحات الحصون بسبب إزدياد أعدادهـــم، أصبحوا يقيمون خارج الحصون ، وهكذا بدأت الأســواق تتشكل ..

وكنتيجة طبيعية لتشكل أسواق المبادلات التجارية ، فقد جذبت هذه الأماكن بعض الاقنــــان الفاريـــن ، خصوصا أولئك الذين كانوا من فئــة عمــال حمل المتاع ، وكان من ببنهم بعض الحرفيين ، حيث استقر هؤلاء في هذه المناطق التي تشكلت حديثــا ، وقد عمد أولئك لإحــاطة أنفسهم بســياج أو ســـور من الخشب ، تطور لاحقــا واستبدل بســور بنـــي من الحجارة وحفروا في محيـــط الســور خندقا ليكون خظ دفاع ضد الغزاة أو الطامعين من قطاع الطرق .

وبعد تزايد أعداد التجار بالمـــدن ، تكاثر العمال المهاجرين من القرى إلى هذه المدن الجديدة ، وتبع هؤلاء بعضا من النبـــلاء والفرســـان الذين أقدموا على بيع غالبية ما يملكون ، وهكذا استـــقر حال المدينة ، وإن بقيت خاضعة لسلطة االإقـــطاعي ، و تحت تصرفه القضائي .

ولاحقــا قــــاد التجار والصناع ثـــورة ضد الأساقفة و النبلاء واوفازوا باستقلال مدينتهم ، مع استمرا إلتزامهم بأداء قدر معين من الضرائب والخدمة العسكرية للإمبراطور، وقــد ساهم هذا الحــكم الـــذاتي في تطور و تقدم وازدهــار الصناعات الحرفية وغيرها بالقمونات .

كان كل قمــون يحصل على الحكم الــذاتي يعمل على تشكيل مجلس – يعرف باسم مجلس القمون – يتولى تســـيير شؤون المدينة ، بالسهرعلى تنظيم الحياة في القمـــون ، و تجهيز الجيش ، ومراقبته وانشاء المدارس وصيانتها.

وكان اهل القمون – المدينة – مجتمعون هم من يتكلفون بمصاريف تسير المدينة، والوفاء بدفع الالتزام المالي المستححق للملك عن طريق الضرائب ، وكان نظام الضريبة ، يحسب على وعاء دخل الفــرد ، وتبعا لذلك يكون كل مواطن ملزم بأداء ضريبة بقدر معين محتسبا على مقدار دخله .

وكان معظم الأيرادات المتحققة يصرف في المنفعة العامة ، و وكان يخصص جزء مهم من هذه الإيرادات إلى للسلطة المركزية . هذا النظام كان يطبق في المدن المستقلة وتتمتع بالحكم الذاتي .

اما المدن الخا ضعة للسيد الإقطاعي ، فكان الأخير يقوم على تحصيل وجمع الضرائب المحددة ، دون ان يصرف منها أي شيىء على المنفعة العامة.

وفد سجل تاريخ تلك الفترة حصول نزاعات ارتقت إلى مستوى الحروب فيما بين بعض المدن المستقلة بسبب المنافسة التجارية ، إلى جانب حالات الصراع على الطرق والجسور والاسواق …

10.0 -النقابات بالمدينة

10.1 – نقابات التجار
كان هدف التجار من تأسيس النقابات هو حماية انفسهم من اعتداءات محتملة من السيد الاقطاعي ، ورغبة في إيجاد هيئة إعتبارية تقوم على رعاية مصالح التجار في الاسواق البعيدة .

ومع مرور الوقت أصبحت النقابات ذات صوت مسموع ، مما سمح لها بحدوث المزيد من التطــور ، حتى صارت النقابة هي الجهة التي تتولــى تنظيم النشاط التجاري بالمدن ، كذلك كانت هي السلطة التي تفرض الأنظمة و القوانين اللازمة لاستمرا ر حياة النقابة ونجاحها في خدمة أعضائها ، كذلك كانت الجهة التي تفرض رسوم مزاولة المهنة وما يتصل بذلك من خدمــات .

وأصبحت النقابة هي المرجع لتحديــد الشــروط الواجب توفرها في من يرغب بمزاولة مهنة التجارة بالمدينة ، وهكذا استطاعت النقابات الحصول على اعترا ف السلطة بها وبمن ينتسب إليها من التجاريين .

10.2 – النقابات الحرفيـــــــة
كانت المدينة عقب حصولها على الاستقلال ، تحرص على إيجــاد نقابــة تضم كل سكان المدينة ، ومع تطور حاجة المجتمع في التغلب على ما يعترض مسيرته من عقبات ، وبسبب تضارب المصالح بين بعض فئات الحرفيين والصناع من جهة والتجار من جهة أخــرى ، بدأت تظهــر في مجتمع المدينة خلافات أساسها استياء الحرفيين و الصناع من تدنــي مستويات دخلهم مقارنة مع دخـــل التجار ، ونتيجة لذلك بدأ بعض الأعضــاء ينسحبون من عضوية النقابة الواحــدة، .

اتجه أولئك المنسحبون إلى تأسيس نفابات متخصصة ، ومع مرور الزمن أصبح لكل مهنة أو حرفة نقابة خاصة ، وكانت هناك خلافات تنشأ بين هذةه النقــابات حول شــروط وكيفية تحديد تخصص كل مهة أو حــرفة .

10.3 – قوانين النقابات
كان الهدف من انشاء النقابات هو حماية مصالح المهنيين و تنظيم نشاطهم وتأكيــد حقوق أعضائها ، وعلى سبيل المثال كانت القواعد التالية تشكل الهيكل التنظيمي والقانوني للنقابة المهنية .

– لا يسمح لصانع ان يباشر العمل بحرفة بالمدينة ، دون ان يكون عضوا بالنقابـــــــــة التي تضم كافــــــــة المشتغلين

بنفس المهنــة .

– لا يســمح باستيراد ســـــلع تنافس السلع المنتجــة محليــا .

– لايسمح لأي شخص بالحصول على عضوية النقابة المهنية ، إلابعد التأكد من أن طالب العضوية يمتلك المهارة الفنية للحرفة التي ينتمي إليها ، إلى جانب ضرورة الاستدلال بالأدلة القاطعة على ولائه السياسي و الدينى .

– تحديد ساعات العمل واجــــر العمال المهرة ومن يعمل معهم .

– تحديد شــكل ومواصفات السلعة لكي يمكن تحــديد سعر ابيعها ..

– على طالب تعلــم المهنة أن يدفع الرسم المقــرر وعليه الإقرار بالتزامه بطاعة المعلم ، هذين شرطين لا بد من الوفاء بهما من قبل المتدرب تمهيــدا لقبوله متدربا لاكتساب المعرفة والمهارة لتلك الحرفة .

– لايحــوز لمعلم المهنــة طرد العمال والصبيان الذين هم تحت التدريب .

– لايجــوز للعمال والصبيان ترك العمل عند المعلم قبل انقضــاء مدة االتدريب لمتفق عليها .

– العمال والصبيان يشتعلون بمنزل المعلم او بمكان ملحق به يحدده معلم الحرفة . .

11.0 – الطــــــرق التجارية

11.1 – الطــرق البرية

كانت الحروب المتبادلة بين البلدان الأوربية وما يتصل بذلك من الفوضى وازدياد حالات العبث على الطرق البريــة، الأمـــر الذي عــزز الشعور بفقدان الأمن ، كل هذه العوامل كانت سببا في تراجع التبادل التجاري بين البلدان خلال النصف الاول من مــرحلة العصور الوسطى .

ومع حلول القرن الحادي عشــر تحسس التجار توفــر بعض الأمن عبر الطرق البرية ، إلا أن تلك المسارات خلال الطرق البرية القديمة ، أصبحت غير صالحة بسبب عدم استعمالها ، حيث تراكمت على هذه الطرق طبقات من الوحــل والحصى .

بوادر تحسن الحالة الأمنية على الطرق البرية شـــجع التجارعلى التجمع واستئجـــار عدد من الحراس المسلحين يرافقون كل قافلة تجارية ، مما يســر تحسن الحالة العامة للطرق البرية وعلى جنباتها أقيمت بعض الفنادق والحانات ، وكذذلك أسهمت الكنائس بدورها لدعم النشاط التجاري حيث فتحت أبوابها لاستقبال قوافل التجــأر ومن يرافقهم من المسافرين.

11.2- الطــرق النهرية

– كان التجــأر يستخدمون الأنهار لنقل البضائع إلى اماكن المبادلات التجارية ، وكان من أبرز المشكلات التي كانت تواجههم ، الحاجة إلى الوفاء بما يفرض عليهم من ضرائب يقررها ويالب بها ألأمــراء الذين تمر الأنهار في مناطــق نفوذهم وسيطرتهم ، كما كان على التجار تحمل مخاطـــر تجمد مياه الأنهار خلال فصل الشــتاء أو تعرضهم لفيضانات مجاري الأنهار عند ذوبان الثلوج وارتفاع منسوب المياه وحدوث الفيضانات .

كذلك عمد التجار إلى تكوين اتحادات تمثل مصالحهم وتعمل على جمع من أموال من من كافة أعضاء الاتحادات ، ليتمكنوا من إدخال ما يلزم من تحسينات على مجاري الأتـــهار ومن ذلك على سبيل المثال : توسعة عرض مجاـترى النهر ، وتطهير المجرى من المخلفات والنباتات ، وزيادة عمق الميــاه لتسهيل عبور المراكب ذات الغاطس الكبير ، إلى جانب بناء أحواض بناء وصيانة المراكب النهرية .

11.3- طــرق النقـــل البحري 

في بدابة عهد استخدام البحــار لنقل البضائع والانتقال من بلد إلى أخـــر لاتمام المبادلاات التجاريه ، كان البحــأرة يستخدمون المياه المحاذية للشــواطيء ، تجنبا لمخاطــر الغرق ، أو الضيــاع في البحــار ، وبعــد أن أمــدهم البحارة العرب بالبوصلة التي تحدد إتجاه الرحلة البحرية أو العودة منها ، وبتوفر هذه الوسيــيلة تمكن البحارة من الإبحار في أعالي البحــار ، وتجنبوا دفع الضرائب التي كانوا يدفعوها خلال رحلاتهم النهرية .

وقد تعرضــت قوافل التجــأرة في البحار إلى إعتداءات القراصــنة ، لذلك أصبح التجار يفضلون استخدام القوافل التي تتألف من أســطول بحـــري يتكون من عدد الســفن ، يرافقها عدد من الحراس المسلحــون يستطيعون مواجهة القراصنة.

11.4- الأســــــــــواق

كان تطور التجارة وما يتصل بذلك من مبادلات تجارية ســببا في تحقق أرباحا مجزية ، ونتج عن ذلك الوفاء بدفع الضرائب إلى الأمراء ، وأســياد الإقطاع من الكونتات ، مما حــد بأولئك المستفيدون الاهتمام بالأســواق ، ويعملون على تطويرها ويعينون الموظفين لضمان أمن وسلامة تلك الأســواق، وتنظيم الخدمات فيها لتحقيق المزيد من تطورها وازدهارهــا .

ومن أبرز الأسواق التي نشأت وازدهرت كان ســوق الشمبانيا ، وكانت فترة كل ســوق تستمر من ( 6 – 4 ( أسابيع يتم خلالها بيع العديد من السلع والبضائع التي يجلبها التجــار من أماكن بعيـــدة ، وكان أصحاب النفوذ لا يسمحون بإقامـــــــة ســـوقين بذات المنطقــة في وقت واحــــد ، وبعد انتهاء الســوق كان يتم الانتقال بــه إلى أقليم آخـــر.

وقــد تعرض أقليم الشمبانيا إلى أفــول نجمه وتراجع ازدهاره ، نتيجة قيام الملك فيليب الرابع بضـــم ذلك الأقليم من جهة ، وفتح طريق ملاحــي بيـــن إيطالـــا وبريطانيــا ، مرورا بعــدد من موانـــيء تقع على شـــواطيء البحر المتوســط والمحيط الأطلســـي .

12.0 – نشــأة المصـــارف

تطور التجارة ، وما تحقق منها من عائدات وأرباح ، شجعت أســـياد الإقطاع والأمـــراء لصــك عملة خاصــة به ، الأمــر أصبح يقتضي وجود قنوات تمكن التجار من إســتبدال النقود المكتسبة في بلد ما بنقــــود بلــد آخر يحتاج التاجــر أن يشــتري منه بضائع تلزم للمتاجرة ، هذه العمليات النقدية أصبحت تتطلب وجود مصــارف تتولى بداية أعمال الصرافة واستبدال العملات تسيهلا لحاجة التجار ، ومع ازدياد الطلب على خدمات هذه المصارف وإيداع الأموال فيها على سبيل الأمانة إلى حين الحاجة إليها ، وتولى إدارة هذه المصارف ( البنوك ) اليهــود ، الذيــن أصبحوا يقرضون من الأموال المودعة لديهم بفوائد يدفعها المقترض ، وقد كان الربــى محرمــا حينذاك عنـــد المسحيين .

وفي وقت لاحق تمكن المسيحيون من إيجاد صيغا ملائمة يتجاوزون فيها موضوع الربي المحرم . وفي هذا المســأر أصبــح الايطاليون يقومون بإقــراض الاموال لمن تتوفر فيه شــروط إمكانية رد الأموال المقترضة ، وكان الأسلوب المتبع آنذاك ، التعهد بــرد المبلغ المقترض بســلع أو بضائع عينية على ردها سلع تفوق قيمتها قيمة المبلع المقترض .، كما أســهم تطورالعمل التجاري إلى ظهــور الصكوك ، التي كان لها الفضل في تطور وازدها العمل المصرفي وخدماته.

– وقد تم تأسيس أول مصرف تجاري ، وجرى تسجيله لتقديم الخدمات ، في مدينة البندقية سنة 1492 م.

____________________________________________________________

المصدر / أصل النص وهيكل العرض استمد من الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية .

يــــوم الأحـــد الموافق 02/07/2017

*****

معلومات إضافية

– تم تعديل النص الأساسي ، لإزالة الأخطاء اللغوية والإملائية ، أو الحاجة إلى تغيير في النص لكي يستقيم المعنى ، أو لإضافة معلومة يعتقد معها المصحح أنها أكثــر فائدة للقاريء أو الباحــث .

– محمــد الصــلاح – المنامة / مملكة البحرين .

11/ 07 / 2017

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى