النفط بين النعمة والنقمة وتأثيره في اقتصاديات الدول – الجزء الرابع

الفصل السادس: أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي

         إن تدهور أسعار النفط الخام بشكل حاد خلال السنتين الأخيرتين 1998 ـ 1999 لم يكن وليد عقد التسعينات، بل بدأ منذ أوائل الثمانينات، ولم يتوقف هذا التدهور حتى بعد انهيار تلك الأسعار إلى أقل من النصف عام 1986. (وقد تناول البحث أسباب ذلك تفصيلياً في الفصل السابق).

         إلاَّ أنه في أواخر الثمانينات حدث تحسن محدود في أسعار النفط خلال السنوات 1987 ـ 1988 إلى 1990. واتصفت أسعار النفط بالتذبذب الشديد أوائل التسعينات بسبب الغزو العراقي للكويت. ثم عاودت الأسعار الهبوط حتى وصلت إلى 12.28 دولاراً لبرميل النفط عام 1998، وتدهورت إلى 9.67 دولاراً في ديسمبر 1998.

         وفي كافة حالات انخفاض أسعار النفط، مارست الدول الصناعية المستهلكة سياستها التي دأبت عليها، وهي عدم السماح بانتقال ذلك الانخفاض إلى المستهلك النهائي للمنتجات النفطية حتى لا ينعكس أثره في زيادة استهلاك هذه المنتجات، ومن ثم يزداد الطلب على النفط. بل كانت تتعمد دائماً زيادة ما تفرضه من ضرائب على استهلاك المنتجات النفطية في كل مرة ينخفض فيها سعر النفط الخام، وذلك للتحكم في عامل الطلب حتى لا يزيد سعر النفط.

         ومن دلائل ذلك، ارتفاع الضرائب النفطية في الدول الأوربية من نحو 22 دولاراً إلى 55 دولاراً ثم إلى 66 للبرميل خلال الفترة 1985 ـ 1995، وهي التي شهدت انخفاضاً مطرداً في أسعار النفط (باستثناء فترة حرب الخليج الثانية). ولعل في ذلك أبلغ الرد على من يساندون سياسة إبقاء أسعار النفط عند مستواها المتردي أملاً في أن يؤدي الانخفاض إلى ارتفاع الطلب على النفط.

أسباب تدهور أسعار النفط الخام في أواخر التسعينات

         لم تكن أسعار النفط الخام طوال عقد التسعينات على وتيرة واحدة، بل تذبذبت بين التحسن المؤقت تارة، والاستقرار النسبي تارة أخرى، والتدهور الشديد في أواخر التسعينات تارة ثالثة.

         ويحاول البحث استخلاص أسباب كل فترة أثناء استعراض تطور أسعارالنفط الخام في المراحل التالية:

أولاً: تغيرات العرض والطلب العالميين أدت إلى تحسن مؤقت لأسعار البترول

         بعد انهيار أسعار النفط في عام 1986، بدأ يتراجع دور أوبك في مجال حفظ التوازن في السوق العالمي للبترول، الذي تحول إلى سوق للمشترين بعد أن كان سوقاً للبائعين منذ بداية السبعينات.

         وعلى الرغم من ذلك، برزت معالم على الطريق ـ خلال السنوات الحرجة من عمر المنظمة (1986 ـ 1990) ـ كانت تبشر بتخطي الأزمات… ونشير بإيجاز إلى عدد من هذه العوامل:

  1. تغيّر هيكل العرض العالمي بصورة واضحة، حيث انخفض الإنتاج المحلي من البترول في الولايات المتحدة الأمريكية خلال تلك السنوات، حتى وصل إلى 7.6 مليون برميل يومياً خلال النصف الأول من عام 1990 وهو أدني مستوى سجله منذ 26 عاماً. وأدى ذلك إلى تزايد الطلب فيها على البترول (علماً بأن الولايات المتحدة أكبر دولة مستهلكة للبترول في العالم حيث تستورد 25% تقريباً من إجمالي الطلب العالمي).

كذلك تراجع إنتاج المملكة المتحدة حتى وصل إلى 1.9 مليون برميل يومياً فقط في 1989. هذا بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج في الاتحاد السوفيتي من 12.5 مليون برميل يومياً في 1987 إلى 11 مليون برميل يومياً في بداية عام 1990.

  1. في أواخر عام 1986 عاد الانضباط إلى صفوف أوبك بعودة دول الخليج إلى جادة الصواب وتوقفت حرب الأسعار مع الدول المصدرة خارج أوبك واستعادت المنظمة تماسكها، الأمر الذي خلق موقفاً جديداً في صالح كل الدول المصدرة سواء الأعضاء في أوبك أو غير الأعضاء.

وقد قاد العودة دول الخليج العربية بزعامة السعودية، وهي التي أعلنت حرب الأسعار في الأشهر الأولى من عام 1986 فانهارت السوق وانهارت معها اقتصاديات عديد من الدول.

ودول الخليج بزعامة السعودية أيضاً هي التي أنهت حرب الأسعار في أواخر العام فاستقامت أمور السوق.

ومن المعروف أن السيد/ أحمد زكي يماني وزير البترول السعودي السابق، الذي قاد حملة حرب الأسعار قد أقيل من منصبه في أواخر عام 1986 حين تفاقمت الأزمة وأضيرت كل الأطراف المعنية، وعين بدلاً منه السيد/ هشام ناظر وزيراً للبترول في السعودية حيث قاد الدعوة إلى العودة لنظام سقف إنتاج لأوبك وحصص إنتاجيه لأعضائها وسعر رسمي استرشادي مؤقت لصادراتها وكان وقتئذ 18 دولاراً للبرميل.

بذلك بدأت أوبك تستعيد بعض ما فقدته، وبدأت تظهر كمورد أساسي ومستمر، وذلك عن طريق اتخاذ استراتيجية جديدة للأسعار والتسويق.

فبعد أن كانت تحدد سعراً رسمياً تدافع عنه، بدأت تتحول إلى تحديد سعر استرشادي كهدف، وهكذا تركت قوى السوق تحدد السعر الفوري لمبيعاتها. مع العلم أن هذا السعر أصبح يتأثر بكميات المبيعات اليومية والمنازعات بين الدول الأعضاء وقرارات الحصص الإنتاجية لكل دولة عضو في أوبك وإعلان السياسات، بل وحتى التصريحات التي يدلي بها وزراء بترول أوبك كان لها أثر نفسي قوي على اتجاهات الأسعار.

إن قدرة أوبك في التأثير على الأسعار لم تعد متماثلة في حالتي الزيادة والخفض. فبينما يستطيع مصدرو أوبك إغراق السوق بكميات تزيد على معدلات الطلب العالمي، فيحدث على أثر ذلك ضغوط تنازلية على الأسعار، فإنه من الصعب زيادة الأسعار عن طريق خفض الإنتاج خفضاً جبرياً لفترات طويلة، وذلك لاعتماد دول أوبك على العائدات البترولية وحاجتها إليها، كما أن هذا الخفض لا يأتي إلاّ كرد فعل لأحداث سياسية خارجة عن إرادة المنظمة.

  1. حدث ارتفاع تدريجي للطلب العالمي على البترول منذ عام 1986 وحتى منتصف عام 1990، بسبب التغيُّرات السياسية والاقتصادية في دول أوربا الشرقية وتقلص وارداتها من الزيت والغاز من الاتحاد السوفيتي، ونتيجة لزيادة استهلاكها من البترول، فقد تزايد طلبها على بترول أوبك وخاصة دول الخليج.

وكذلك كان ارتفاع الطلب العالمي على البترول بسبب تزايد القوة الاقتصادية لمجموعة الدول الآسيوية المصنعة حديثاً، والتي يطلق عليها النمور الآسيوية (تايوان ـ هونج كونج ـ كوريا الجنوبية ـ سنغافورة)، وزيادة طلبها على البترول بوجه عام وعلى بترول أوبك بوجه خاص.

وقد أدى ذلك إلى زيادة حصة أوبك من السوق العالمية للبترول بعد أن تراجعت في الثمانينات. كما أدى إلى ارتفاع الأسعار خلال السنوات 1987 ـ 1990، وإن كان بصورة متذبذبة، حيث ارتفع سعر البرميل من سلة خامات أوبك من نحو 8 دولارات للبرميل في يوليه 1986 إلى نحو 23.6 دولاراً في يناير 1990، ثم عاد وهبط إلى ما يتراوح بين 13 ـ 14 دولاراً للبرميل في الربع الأول من العام، ليسترد قوته ثانية قبل أزمة العراق والكويت حيث سجل سعراُ يتراوح بين 18 ـ 20 دولاراً للبرميل. وقد أدى ذلك إلى تضاعف عائدات أوبك في منتصف عام 1990 بالمقارنة بما كانت عليه في منتصف الثمانينات، إلا أنها لم تحقق المستوى الذي بلغته في أعقاب ثورة الأسعار الأولى.

وما زال السعر يتردد بين الزيادة والنقصان مع تذبذب درجة حرارة المواجهة السياسية في منطقة الخليج العربي.

ومن الجدير بالإشارة أن نكسة انهيار الأسعار عام 1986 استمر ظلُّها طاغياً على عقد التسعينات بأكمله، الذي ساده القلق والترقب والمخاوف من تكرارها في سوق البترول العالمي.

  1. على أثر هذا التحسن النسبي، زادت أواصر التعاون بين المصدرين من داخل أوبك ومن خارجها، من أجل إعادة التوازن إلى السوق العالمي للبترول.

هذا بالإضافة إلى اتجاه دول اوبك لإقامة علاقات مع شركات البترول الكبرى متعددة الجنسيات، عن طريق إقامة مشروعات مشتركة في مجالات التكرير والتسويق والتوزيع. وهذا من شأنه أن يضمن موارد بترولية للشركات الأجنبية بينما يوفر للدول المصدرة منافذ تصدير في أوقات الأزمات.

وهكذا مهَّدت التغيرات سالفة الذكر بالنسبة للعرض والطلب العالميين على البترول، وتفهم أوبك لدورها الحقيقي واستفادتها من دروس الماضي، إلى إيجاد نوع من التوازن في السوق العالمي للبترول، نتج عنه استقرار نسبي حققت في ظله أسعار البترول بعض الزيادة، حيث حددت أوبك ـ في أواخر عام 1986 ـ سعراً استرشادياً للنفط الخام قدره 18 دولاراً للبرميل، وقد استمر هذا السعر طوال السنوات 1987 و 1988 و 1990 وحتى يوليه 1990 ( تاريخ غزو العراق للكويت).

ثانياً: غزو العراق للكويت أدى إلى تذبذب أسعار البترول صعوداً وهبوطاً

         نواصل في هذه الفترة استعراض ما استجد من أحداث كان لها الأثر الفعَّال في أسعار النفط الخام صعوداً وهبوطاً ـ أو بالأحرى تحسناً وتدهوراً ـ خلال عقد التسعينات.

  1. كان عدوان العراق على الكويت مفاجأة للعالم أجمع، بعد أربعة أيام فقط من حدوث اتفاق جماعي لوزراء دول أوبك في المؤتمر الوزاري العادي رقم 87 المنعقد في جنيف في 26 ـ 27 يوليه 1990 ـ بعد تخطي خلافاتهم ـ على رفع الأسعار من 18 إلى 21 دولاراً للبرميل، والالتزام بسقف إنتاج للأوبك (22.49 مليون برميل يومياً) للنصف الثاني من عام 1990، وبحصص محددة لكل عضو.

وعلى أثر هذا العدوان، شهد سوق البترول العالمي تغيرات جوهرية أدت إلى نقص الإمدادات العالمية وحدوث ارتفاع كبير لأسعار البترول وتوقف تام لصادرات البترول العراقي والكويتي بناء على الحظر الاقتصادي المفروض من مجلس الأمن. ولأول مرة منذ عقود من السنين كاد الطلب على البترول يهدد بتجاوز العرض.

ففي أعقاب الأزمة مباشرة، واصلت أسعار البترول الخام ارتفاعها حيث سجل سعر برميل سلة خامات أوبك 26.5 دولاراً في السادس من أغسطس 1990، أي بعد أربعة أيام فقط من غزو الكويت. ثم تجاوزت الأسعار هذا الحد حيث وصل سعر البرميل من النفط 34.6 دولاراً، واستمر في الارتفاع حتى كاد يتخطى حاجر الأربعين دولاراً للبرميل، وخاصة لبترول شمال أفريقيا وبترول بحر الشمال وبترول الغرب الأمريكي ـ وذلك نتيجة للمضاربات ورد فعل التصريحات والتخوف من اندلاع الحرب في الخليج على نطاق واسع ـ مما حدا بدول أوبك إلى عقد اجتماع استثنائي في 26 ـ 28 أغسطس 1990 في فيينا، لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين تغطية الطلب العالمي على البترول عن طريق الإنتاج بأقصى طاقة ممكنة لتعويض ما فقدته السوق نتيجة توقف الإنتاج العراقي والكويتي، على أن تعاود الالتزام بالحصص المحددة بعد انتهاء الأزمة. وقد استطاعت بعض دول أوبك (السعودية والإمارات وفنزويلا وإيران) تعويض 3 ملايين برميل يومياً. وقد ساعد على ذلك وجود طاقة إنتاج عاطلة لدى دول الخليج وفنزويلا مع رغبة هذه الدول في استخدام هذه الطاقة.

جدير بالذكر، أن الخطورة لا تكمن في توقف بترول الكويت والعراق فحسب، ولكنها تكمن في موقف منطقة الخليج ككل باعتبارها أكبر منطقة إنتاجية، وأكبر احتياطيات بترولية في العالم.

ونشير هنا في هذه المناسبة إلى أن منظمة أوبك في مؤتمرها الاستثنائي المشار إليه الذي عقدته في 26 ـ 28 أغسطس 1990، أصدرت قراراً بدعوة مستهلكي البترول للمشاركة في المحافظة على استقرار السوق العالمي للبترول عن طريق تطبيق اتفاق المشاركة بين دول الوكالة الدولية للطاقة، الذي وضعته خصيصاً لمواجهة احتمالات مماثلة للوضع الحالي في السوق، بالإضافة إلى استهلاك المخزون الكبير الذي تملكه الشركات.

والغريب في الأمر أن خطة المشاركة هذه ـ التي ابتكرتها الوكالة الدولية للطاقة ـ أساساً لمواجهة دول أوبك وكسر احتكارها للإنتاج، فإن دول أوبك هي نفسها التي تدعو دول الوكالة إلى تطبيقها في هذا الوضع.

وفي منتصف ديسمبر 1990 عقد المجلس الوزاري لأوبك اجتماعاً لم يواجه فيه القضايا التقليدية. ففي أعقاب الغزو العراقي للكويت، ليس هناك التزام بالحصص ولا بسقف للإنتاج ولا قلق على الأسعار لأنها تتحدد وفقاً للتطورات السياسية والعسكرية في ذلك الوقت.

لذلك كانت هموم دول أوبك في هذا الاجتماع تنصب على التخوف من انهيار الأسعار في حالة التوصل إلى تسوية سليمة لأزمة الخليج، بينما تتركز هموم الدول الصناعية الغربية على احتمالات انقطاع إمدادات منطقة الخليج العربي إذا ما أصبح الخيار العسكري أمراً لا بد منه، مع ما يتبعه من زيادات خيالية في الأسعار.

  1. وعند قيام قوات دول التحالف الدولي بتوجيه أول ضربة جوية للعراق، كان رد الفعل الفوري في أسواق البترول العالمية زيادات حادة في الأسعار، وتجاوز سعر خام برنت البريطاني 33 دولاراً للبرميل.

وبعد أن توالت الضربات الجوية، وتناقلت الأنباء النجاح الذي حققته القوات المتحالفة مع ضعف الجانب العراقي، وعدم إصابة معامل التكرير والمنشآت البترولية في المملكة العربية السعودية، بدأت الأسواق تشهد تراجعاً حاداً في أسعار النفط الخام من 33 إلى 25 دولاراً لبرميل خام برنت.

ومع تزايد الثقة العالمية في تقدم قوات التحالف الدولي، بدأت الأسعار تسجل تراجعاً حتى استقرت عند حوالي 18 دولاراً للبرميل في منتصف مارس 1991، ثم انخفضت إلى 17.11 دولاراً للبرميل خلال الفترة من 1 ـ 5 إبريل 1991.

كان أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا التراجع كيفية استخدام الوكالة الدولية للطاقة للمخزون الاحتياطي الاستراتيجي بعد انفجار الأزمة. فقد أعلن الرئيس الأمريكي بوش عن الإفراج الفوري عن 33.75 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي من البترولي بمعدل 1.125 مليون برميل يومياً ولمدة شهر.

هذا إضافة إلى إعلان الوكالة الدولية للطاقة عن قرارها بتوفير 2.5 مليون برميل يومياً من المخزون الاحتياطي وطرحه في الأسواق. ويقضي هذا القرار بسحب مليوني برميل يومياً من المخزون الحكومي، بالإضافة إلى إجراء جبري يقضي بخفض الطلب على البترول بكمية 400.000 برميل يومياً وتحقيق وفر في استهلاك الطاقة يُقدر بنحو 100.000 برميل يومياً.

وهذا القرار يمثل تحولاً في سياسة الوكالة الدولية للطاقة، التي كانت تقضي باتخاذ مثل هذه الإجراءات في حالة حدوث نقص فعلي في المعروض من البترول .

وقد أدى عدم تقيد دول الخليج بالحصص المقررة لها أثناء حرب الخليج، وحرصها على تلبية احتياجات الطلب العالمي عن طريق زيادة الإنتاج منعاً لحدوث أزمة بترولية، إلى ظهور فائض في العرض العالمي، عندما تزامن مع استخدام المخزون الاستراتيجي لدول الوكالة الدولية للطاقة. وأدى هذا بدوره إلى انخفاض أسعار البترول العالمية، على الرغم من رغبة كل من العراق والكويت استئناف الإنتاج، وحاجة دول الخليج المشتركة في التحالف الدولي إلى مزيد من الأموال لتغطية تكاليف حرب الخليج، خاصة بعد عودة مستوى الإنتاج إلى ما قبل الحرب.

وبعد انتهاء حرب الخليج وتحرير الكويت تعزز موقف الولايات المتحدة الأمريكية، وأحكمت قبضتها على منطقة الخليج العربي تحت مظلة القوات متعددة الجنسيات. وهذا يفسر لنا انتهاز الولايات المتحدة الفرصة لكي تعيد إحياء مشروع بناء الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي من البترول لتخزين جزء من احتياطي نفط دول الخليج العربي، وذلك لتعويض عمليات السحب من المخزون الاستراتيجي الأمريكي خلال الأسابيع الأولى من اندلاع الأزمة.

ففي 13 مايو 1991 عقد في واشنطن محادثات ثنائية بين السيد/ هشام ناظر وزير البترول السعودي ونظيره الأمريكي جيمس واتكينز بشأن الخطط الأمريكية الخاصة بتعبئة الاحتياطي الإستراتيجي. وقد اتفق الوزيران على صيغة تنص على مزيج من “بيع واستئجار” كميات من الزيت الخام للمخزون الإستراتيجي. ولم يتم الإعلان عن هذا الاتفاق بصورة رسمية بسبب ضرورة العرض على الحكومة السعودية.

وتنظر السعودية إلى التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن المخزون الاستراتيجي كجزء من الأمن المتبادل الأوسع نطاقاً بين البلدين.

وتشير بعض المصادر إلى أن معدل الإمدادات السعودية للمخزون الإستراتيجي سوف يتراوح بين 200 ـ 250 ألف برميل يومياً خلال السنة المالية في ذلك الوقت. ومن المرجح أن تكون تلك الكمية خارج الحصة المحددة للسعودية في إطار الحد الأقصى لإنتاج أوبك.

وتجدر الإشارة إلى أن المحادثات حول هذا الموضوع كانت قد بدأت قبل حوالي عامين لكنها توقفت بسبب تأنِّي الحكومة السعودية لدراسة المشروع.وقد استؤنفت المحادثات بعد انتهاء حرب الخليج في ضوء مساهمة السعودية في تعبئة الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي كطريقة لتسديد حوالي 13.5 مليار دولار لواشنطن من تكاليف برنامج عاصفة الصحراء.

  1. أثر الغزو العراقي للكويت على عائدات دول أوبك

أدت هذه الأزمة إلى ارتفاع عائدات صادرات بترول أوبك عام 1990 نتيجة الزيادة الكبيرة في أسعار البترول عقب الغزو العراقي للكويت، وارتفاع مستويات إنتاج أوبك بسبب عدم التقيد بالحصص المقررة للتعويض عن توقف صادرات العراق والكويت، حيث سجلت عائدات دول أوبك (زيت خام + منتجات + سوائل غاز طبيعي) نحو 165.8 بليون دولار في عام 1990 في مقابل نحو 116.7 بليون دولار عام 1989، بزيادة نسبة 42%.

وقد حققت السعودية أعلى معدلات الزيادة بين دول أوبك حيث تضاعفت عائداتها من 24 بليون دولار عام 1989 إلى 48 بليون دولار في عام 1990 وقد جرى توجيه معظم هذه الزيادة في العائدات لتمويل التكاليف المباشرة وغير المباشرة للعمليات العسكرية في المنطقة.

أما العراق والكويت فقد أثرت حرب الخليج بشدة على عائدات كل منهما بسبب توقف صادراتهما منذ اندلاع الحرب، حيث انخفضت عائدات العراق من 14.5 بليون دولار عام 1989 إلى 10.2 بليون دولار عام 1990 بانخفاض بنسبة 30 %.

كما شهدت عائدات الكويت انخفاضاً من 10.9 بليون دولار عام 1989 إلى نحو 6.9 بليون دولار عام 1990 بانخفاض بنسبة 37%.

أما دول أوبك الأخرى فقد حققت زيادات كبيرة في العائدات تراوحت بين 40 إلى 65%.

جدير بالذكر أن هذه الزيادة في عائدات دول أوبك ليست زيادة حقيقية. وذلك إذا أدخلنا في الاعتبار عنصر التكلفة الفعلية لإنتاج برميل البترول، في الدول الرئيسية المصدرة للبترول.

فقد أدت البرامج السريعة لزيادة الإنتاج في أعقاب حرب الخليج للتعويض عن فقدان إنتاج العراق والكويت، إلى زيادة الاستثمارات الموجهة لرفع الطاقة الإنتاجية وبالتالي ارتفاع تكاليف إنتاج الوحدة الواحدة.

فقد ارتفعت تكاليف الإنتاج في المملكة العربية السعودية من 2.07 دولاراً للبرميل في عام 1989 إلى نحو 3.73 دولاراً في عام 1990.

هذا إضافة إلى تآكل القيمة الحقيقية للقوة الشرائية للعائدات البترولية نتيجة لتراجع قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى من ناحية، وإلى ارتفاع أسعار السلع المصنعة التي تستوردها دول اوبك من الدول الصناعية من ناحية أخرى.

وكما ذكرنا من قبل، فإن معظم عائدات دول أوبك الخليجية خلال عام 1990 قد استُخدمت في تمويل الإنفاق في مجال الدفاع والأمن القومي.

  1. أثر الغزو العراقي للكويت على آبار النفط

وفي مناسبة الحديث عن انخفاض عائدات الكويت بسبب توقف صادراتها. فتجدر الإشارة إلى أن هذا الانخفاض قد دام فترة طويلة بسبب إقدام النظام العراقي بصورة متعمدة غير مسؤولة وغير إنسانية على تلغيم آبار النفط الكويتية وتفجيرها وإضرام النيران فيها كوسيلة يائسة لوقف زحف قوات الحلفاء البرية لتحرير الكويت.

إن الكويت رغم صغر مساحتها (17.818 كيلومتر مربع)  تضم رصيداً ضخماً من النفط يُقدَّر بنحو 12960 مليون طن موزعة على 15 حقلاً نفطية تضم 1555 بئراً.

وقد بلغت جملة الآبار المشتعلة                  618 بئراً   بنسبة    39.7%

والآبار التي تدفق منها النفط ولم تشتعل         77 بئراً     بنسبة    5.0%

والآبار التي دمِّرت تماماً                       462 بئراً    بنسبة    29.7%

والآبار السليمة الصالحة للاستخدام              156 بئراً    بنسبة    10.0%

ومن ثم تكون نسبة التدمير والتخريب للآبار التي كانت منتجة حوالي 90% من المجموع الكلي.

(المصدر: وزارة النفط: دولة الكويت: إحصائية عن حالة الآبار في 26 فبراير 1991).

ونظراً لخطورة الدخان المنبعث من آبار النفط المشتعلة، قامت عدة جهات دولية برصد وتحليل مكونات هذا الدخان. وقد أظهرت بعض القياسات وجود تركيزات عالية من ثاني أكسيد الكبريت وتركيز من أكاسيد النيتروجين وتركيز من الأتربة المعلقة على بعد 100 كيلومتر وعلى ارتفاع 2000 متر من مكان الحرائق.

اضطرت الكويت ـ أثناء فترة العدوان ـ إلى شراء النفط اللازم لمعامل التكرير التي تملكها في الخارج حتى لا تتوقف عن العمل.

أما بعد تحريرها أخذت تستورد المنتجات البترولية كالبنزين والوقود اللازم لمحطات الطاقة وتحلية المياه، من السعودية والبحرين لتلبية احتياجات الطلب المحلي.

كما وضعت خطة لاستعادة قدراتها الإنتاجية تكلفت ما يتراوح بين 10 ـ 15 بليون دولار وقد بلغت تكاليف إطفاء الآبار الكويتية 1.5 بليون دولار. وتم إطفاء آخر بئر في السادس من نوفمبر 1991.

وقد أصدرت هيئة من المحكمين المحايدين، الذين عينتهم لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة، توصية باستحقاق شركة نفط الكويت 600 مليون دولار تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بها من جراء إشعال القوات العراقية النار في آبار البترول الكويتية في نهاية حرب الخليج.

ثالثاً: أحداث السنوات التالية لحرب الخليج (1991 ـ 1999 )

          تأثرت أوضاع السوق العالمي للبترول بالنتائج التي أسفرت عنها حرب الخليج الثانية، حيث شعرت الدول الصناعية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية بأهمية الإمدادات البترولية وضمان الحصول عليها من منطقة الخليج على الدوام، عن طريق العمل على إضعاف العراق وفرض العقوبات عليه حتى يتم تدمير أسلحته غير التقليدية، والقيام بمحاولة جديدة لإعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة حتى لا تقوم للعراق قائمة بعد ذلك.

          كما تزايدت معدلات إنتاج بعض الدول أعضاء أوبك وغيرها عما كانت عليه قبل الحرب حتى ظهر فائض في السوق أدى بدوره إلى استئناف انخفاض أسعار البترول، الأمر الذي جعل ميزان القوى في العلاقات البترولية الدولية يميل إلى أقصى المدى في صالح المستوردين. وأصبحت العوامل السياسية تلعب الدور الأول في تشكيل سوق البترول العالمي، والتحكم في الاعتبارات الاقتصادية.

          وقد سبق الإشارة إلى العوامل التي أدت إلى التحسن النسبي في أسعار البترول خلال السنوات 1987 و 1988 و 1989 وحتى يوليه 1990، ثم ارتفاع الأسعار خلال حرب الخليج وعودتها إلى الانخفاض بعد انتهائه.

          وهذا يؤكد أن المتغيرات في العلاقات البترولية الدولية، وفي سوق البترول العالمي، وفي موازين القوى بين أطراف هذه السوق (المصدرون ـ المستوردون ـ شركات البترول العالمية) لم تكن في شكل تطور طبيعي وتلقائي، أملته المتغيرات والأوضاع التجارية والاقتصادية فقط، إنما جاءت كآثار ونتائج لأحداث وعناصر سياسية هامة في منطقة أو أخرى من مناطق الإنتاج، وخاصة منطقة الشرق الأوسط.

          وسوف يوالي هذا البحث استعراض ما طرأ على أسعار البترول في ظل الأحداث التي وقعت أثناء السنوات التالية لحرب الخليج. ومهما كانت هذه الأحداث وهذه المؤتمرات التي تعقدها التكتلات البترولية، وما أسفر عنها من نتائج وقرارات فإن لها آثاراً مباشرة وغير مباشرة على صناعة البترول إنتاجاً وتسويقاً وأسعاراً.

          ونوضح مقدماً أن الإنخفاض قد لازم أسعار البترول خلال السنوات 1992 و 1993 و 1994، ثم تحسنت الأسعار خلال عامي 1995 و 1996 وحتى يونيه 1997. ثم تحركت الأسعار هبوطاً من مستواها (في ذلك الوقت) التي كانت 24 دولاراً إلى 18 دولاراً للبرميل الخام نتيجة لتجاوزات بعض دول أوبك لحصصها الإنتاجية المقررة. وعندما قررت أوبك في اجتماعها في 26 نوفمبر 1997 بجاكرتا زيادة سقف الإنتاج (الذي ظل ثابتاً منذ عام 1993) بنسبة 10% ليصل إلى 27.5 مليون برميل يومياً من أول يناير 1998 حدثت الطامة الكبرى. وبدأ تدهور أسعار البترول، ولم يتوقف هذا الانهيار حتى وقت الاجتماع الوزاري العادي لأوبك في 23 مارس 1999 . وهو ما سوف نتعرض له بالتفصيل بإذن الله تعالى.

          وقد آثر البحث أن يكون تناول (الفصل السادس) تحت عنوان (أحداث السنوات التالية لحرب الخليج) بشيء من التفصيل، فقد يكون من المفيد أن يعيش القارئ عصر التسعينات بأكمله يستعرض خلاله تاريخاً للأحداث والوقائع وفقاً لتسلسلها الزمني عاماً بعد عام، وسجلاًّ لدول منظمة أوبك وسياساتها وتجاربها وما اكتسبته من خبرات وما واجهته من أزمات وسياسات معادية. ومن ذلك كله يستفيد الجيل الجديد من العاملين في مجال صناعة البترول، خاصة الذين لم يعاصروا هذه الأحداث، حتى يستنيروا بخبرات من سبقهم، الأمر الذي يوفر عليهم خوض التجارب، ولكي يتفادوا الوقوع في الأخطاء، ويضيفوا إلى معلوماتهم كيفية مواجهة التحديات والتغلب عليها.

أحداث عام 1991: اتجاهات السوق والأسعار

تشير الدراسة التي أعدتها نشرة  Petro Strategies

          أن أزمة الخليج ومضاعفاتها قد أثرت مرة أخرى في عام 1991 على عائدات الدول الأعضاء في أوبك، حيث سجلت تلك العائدات حوالي 138 بليون دولار في عام 1991 بالمقارنة بنحو 143.7 بليون دولار في عام 1990 بانخفاض بنسبة 4%.

          وأن جميع دول أوبك ـ باستثناء السعودية وفنزويلا ـ حققت انخفاضاً في عائداتها البترولية تراوحت نسبته بين 2% إلى 18% في عام 1991.

          وبالنسبة للعراق والكويت فقد حققتا انخفاضاً بنسبة 95.5% و 90.2% على التوالي بسبب الحظر الاقتصادي على العراق وإحراق آبار البترول في الكويت.

          ويرجع انخفاض العائدات إلى انخفاض متوسط الأسعار الفورية لخامات أوبك من 20.78 دولاراً للبرميل في عام 1990 إلى 17.73 دولاراً للبرميل في عام 1991. بانخفاض بنسبة 14.6%. كما أدى بطء النمو الاقتصادي في معظم الدول الصناعية في عام 1991 إلى انخفاض الطلب على البترول.

          أما السعودية فقد حققت عائداتها البترولية 49 بليون دولار في عام 1991 في مقابل 48 بليون دولار في عام 1990 بزيادة بنسبة 1%. ويرجع ذلك إلى الزيادة في إنتاجها من الزيت الخام من 6.4 مليون برميل يومياً في عام 1990 إلى 8.2 مليون برميل يومياً في عام 1991. وقد عوضت الزيادة في الإنتاج الانخفاض في متوسط السعر الفوري لصادرات البترول السعودي من 21.3 دولاراً للبرميل في عام 1990 إلى 16.81 دولاراً للبرميل في عام 1991.

          وحققت فنزويلا أيضاً زيادة بنسبة 4% في عائداتها البترولية عام 1991، حيث بلغت 13.8 بليون دولار في مقابل 13.3 بليون دولار عام 1990.

          وكان من أسباب هذا الانخفاض سواء في عائدات دول أوبك أو أسعار البترول، أنه في أعقاب اندلاع أزمة الخليج في أغسطس 1990، ارتفعت أسعار البترول نظراً لحالة التوتر والترقب التي سادت الأسواق. وقد أدى ذلك إلى نتيجة حتمية وهي انخفاض الطلب الأمريكي على البترول. وبالتالي إلى انخفاض الواردات البترولية بنسبة 15.2% خلال الربع الأخير من عام 1990، الأمر الذي أدى بدوره إلى انخفاض الطلب العالمي على البترول (لأن الولايات المتحدة الأمريكية تستورد 25% تقريباً من إجمالي الطلب العالمي) وكان هذا أحد أسباب ظهور الفائض البترولي وانخفاض الأسعار بعد انتهاء الأزمة مباشرة.

وفي يومي 11 ـ 12 مارس 1991

          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية التابعة لأوبك لدراسة الطلب على بترول أوبك والعمل على تحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العالمي للبترول. وتوصل الاجتماع إلى اتفاق يقضي بخفض إنتاج أوبك إلى 22.3 مليون ب/ ي. واقترحت اللجنة عقد لقاء بين مصدري البترول ومستهلكيه. وجرى عرضه على الدول المستهلكة للبترول.

وخلال الفترة من 27 ـ 29 مايو 1991

وإلحاقاً لاقتراح عقد لقاء بين مصدري البترول ومستهلكيه.

وكخطوة أولى من قِبل الدول المصدرة للبترول نحو تفاهم وتعاون أفضل.

انعقد في مدينة أصفهان بإيران خلال هذه الفترة مؤتمر البترول والغاز في التسعينات بهدف التعاون بين المنتجين والمستهلكين من أجل قيام نظام بترولي عالمي يحقق استقرار سوق البترول (تفصيل وقائع هذا المؤتمر في الفصل السابع لدى الحديث عن الحوار بين المنتجين والمستهلكين)

وفي 4 يونيه 1991

          أنهى المؤتمر نصف السنوي العادي لوزراء دول أوبك رقم 89 ـ الذي انعقد في فيينا ـ أعماله، حيث اتفق الوزراء على الإبقاء على سقف الإنتاج للربع الثالث من عام 1991 عند مستوى سقف إنتاج الربع الثاني، الذي يبلغ 22.3 مليون ب/ ي.

          وذلك بهدف منع حدوث انخفاض في متوسط سعر سلة خامات أوبك، الذي يتراوح حول معدل 17 ـ 18 دولاراً للبرميل، للوصول إلى تحقيق حد أدنى للسعر الاسترشادي عند 21 دولاراً للبرميل.

          وقد رحَّب المؤتمر بمبادرة كل من الرئيسين الفرنسي والفنزويلي لعقد اجتماع للمنتجين والمستهلكين في باريس خلال يومي 1 ـ 2 يوليه 1991 بأمل أن يؤدي هذا الاجتماع إلى ترسيخ التعاون واستقرار السوق على المدى الطويل.

في أول يوليه 1991

          بعد شهر واحد من انعقاد مؤتمر إيران في 27 مايو 1991 وانعقاد المؤتمر الوزاري لأوبك في 4 يونيه 1991، حدث لقاء آخر في باريس في هذا التاريخ بين منتجي ومستهلكي البترول في العالم، بناء على دعوة من رئيسي فنزويلا وفرنسا كدولتين تمثلان الدول المنتجة والدول المستهلكة للبترول. (وسوف نتناول هذا اللقاء بالتفصيل في الفصل السابع لدى الحديث عن الحوار بين المنتجين والمستهلكين).

في 24 ـ 25 سبتمبر 1991

          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك في جنيف، حيث تم الاتفاق على زيادة سقف الإنتاج للمنظمة بنحو مليون برميل يومياً للربع الرابع من العام 1991 ليبلغ 23.65 مليون برميل يومياً. وكان الاتفاق بمثابة حل وسط للخلافات التي أثيرت خلال الاجتماع. وجاء منطقياً مع واقع مستوى الإنتاج الحالي القريب من 23.5 مليون برميل يومياً. وتعتبر هذه الكمية معقولة بسبب الغموض الذي لا يزال يحيط بمستقبل الصادرات السوفيتية ودخول فصل الشتاء وازدياد الطلب الموسمي على البترول.

          كما أحيطت اللجنة علماً بالارتفاع التدريجي لأسعار الزيت الخام إبتداء من يوليه حتى سبتمبر 1991 ولم تصل إلى مستوى الحد الأدنى لسعر خام الإشارة المحدد بـ 21 دولاراً للبرميل.

في شهر نوفمبر 1991

          عُقد في لندن مؤتمر النقد والمال، حيث أعلن وزير البترول الكويتي حمود الرقبة أن خطة استعادة بلاده لقدراتها الإنتاجية الكاملة سيكلف ما يتراوح بين 10 ـ 15 بليون دولار. وأن تكاليف إطفاء آبار البترول الكويتية والتي تم إطفاء آخر بئر في السادس من نوفمبر 1991، بلغت 1.5 بليون دولار .

          وقد لجأت الكويت إلى المزيد من القروض من أسواق النقد الدولية لإكمال إصلاح المنشآت التي تعرضت للتلف أثناء حرب الخليج، حيث حصلت على قرض جماعي بلغ 5.5 بليون دولار من البنوك الأجنبية في ديسمبر 1991.

أحداث عام 1992

اتجاهات السوق والأسعار ووجود فائض في العرض

في بداية عام 1992

          شهدت السوق العالمية للبترول انخفاضاً في أسعار البترول على الرغم من تراجع الإنتاج فيما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي منذ عام 1989.

وتوقف صادرات العراق، وعدم وصول الإنتاج الكويتي إلى مستوياته قبل حرب الخليج.

          وبسبب الركود الاقتصادي الذي شهدته معظم دول العالم، وما تبعه من زيادة طفيفة في الطلب العالمي بنسبة 0.6%.

          كما شهد السوق العالمي فائضاً في العرض بسبب قيام بعض دول أوبك بزيادة إنتاجها بعد إطلاق حرية الإنتاج لأعضائها لتعويض توقف إنتاج كل من العراق والكويت أثناء حرب الخليج.

وكانت اللجنة الوزارية لأوبك قد وافقت في سبتمبر 1991 على زيادة سقف الإنتاج للمنظمة بنحو مليون برميل ليبلغ 23.65 مليون برميل يومياً.

          وقد أدى فائض العرض إلى الضغط بشدة على أسعار البترول العالمية حيث سجل سعر سلة خامات أوبك نحو 17 دولاراً للبرميل بانخفاض 4 دولارات عن السعر المستهدف لأوبك.

          وإزاء هذا الوضع قامت بعض دول أوبك فرادى بخفض إنتاجها بغرض الحد من انخفاض الأسعار، والحفاظ على معدلات الأسعار عند مستوياته المناسبة. وعلى الرغم من أن إجمالي الخفض الذي أعلنته دول أوبك يقدَّر بنحو 400 ألف برميل يومياً إلاّ أنه لم يؤثر تأثيراً محسوساً على أسعار البترول العالمية.

خلال الفترة من 12 ـ 15 فبراير 1992

          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك في جنيف، حيث أشارت إلى الضعف الذي يشهده سوق البترول نتيجة للتباطؤ النسبي في الاقتصاد العالمي مما أدى إلى تراخي الطلب على البترول وانخفاضه عن العرض منذ نوفمبر 1991.

          كما أوضحت اللجنة أن الطقس الدافئ في ذلك الموسم أدى إلى تخفيض السحب من المخزون الذي يجري بناؤه عادة للموسم مما أدى إلى ضعف الأسعار.

          وقد قررت اللجنة ـ لذلك ـ ألاّ يزيد سقف إنتاج أوبك ويظل على مستوى 22.98 مليون برميل يومياً. وقد أعقب هذا الاتفاق انخفاض في مستويات الأسعار حتى وصلت إلى 16.32 دولاراً للبرميل خلال الربع الأول من عام 1992.

وفي 24 أبريل 1992

          عقدت اللجنة الوزارية لأوبك اجتماعاً في فيينا، وقررت تثبيت إنتاج أوبك من الزيت الخام عند 22.98 مليون برميل يومياً للفترة الباقية من الربع الثاني لعام 1992.

          وعلى أثر ذلك، ارتفع سعر سلة خامات أوبك من 16.32 دولاراً للبرميل في مارس 1992 إلى حوالي 17.7 دولاراً للبرميل في أواخر أبريل 1992. وبلغ متوسط السعر الفوري لسلة خامات أوبك في شهر يونيه 1992 حوالي 20.2 دولاراً للبرميل بزيادة 1.5 دولاراً للبرميل عن شهر مايو 1992.

خلال الفترة 21 ـ 22 مايو 1992

اجتمع مؤتمر أوبك الوزاري العادي الحادي والتسعون، الذي عقد في فيينا، النمسا.

          وتم الاتفاق على استمرار العمل بسقف الإنتاج المتفق عليه في فبراير 1992، الذي يبلغ 22.98 مليون برميل يومياً، خلال الربع الثالث من عام 1992.

          لم يحضر السيد هشام ناظر وزير البترول السعودي وحضر بدلاً منه الدكتور فايز بدر، الذي حاول أن يتقبل المؤتمر حصة مقدارها 8 مليون برميل يومياً للسعودية ولكن الأعضاء الآخرين رفضوا ذلك وأصروا على الحصة السابقة المحددة لها من قبل وهي 7.887 مليون برميل يومياً.

          كما رفض المؤتمر تقرير حصة جديدة للكويت تمشياً مع سياسة الإبقاء على سقف الإنتاج السابق. ولكنه سمح للكويت بأن تنتج على قدر طاقتها الإنتاجية لتعويضها عن فترة التوقف عن الإنتاج بسبب الغزو العراقي وتدمير حقولها البترولية.

          وقد قدِّر إنتاج الكويت في أبريل 1992 بحوالي 900 ألف برميل يومياً .

خلال الفترة من 16 ـ 17 سبتمبر 1992

          انعقد الاجتماع التاسع للجنة المراقبة الوزارية التابعة لأوبك في جنيف بسويسرا وقررت أن تكون حصة أوبك من السوق 24.2 مليون برميل يومياً خلال الربع الرابع من عام 1992. وأشارت إلى أن التباطؤ النسبي في تحقيق الانتعاش الاقتصادي العالمي انعكست آثاره على السوق العالمي للبترول.

          كما أكدت اللجنة على العمل من أجل بلوغ السعر الاسترشادي المتفق عليه بحد أدنى 21 دولاراً للبرميل .

          من الملاحظ أن ما أسفر عنه اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة السوق السابق ذكرها يبدو غريباً بعض الشيء. حيث يؤكد البيان الصادر عنها على أهمية الوصول إلى السعر المستهدف الذي يبلغ 21 دولاراً للبرميل، وذلك من خلال تحديد حصة أوبك في السوق التي تدور حول 24.2 مليون برميل يومياً دون تحديد سقف للإنتاج أو حصص للدول الأعضاء، الأمر الذي قد يؤثر على مستوى الأسعار ويحول دون الوصول إلى السعر المستهدف، على الرغم من أن القرار السابق لمؤتمر أوبك الوزاري (في 21 ـ 22 مايو 1992) يؤكد على تثبيت إنتاج أوبك من الزيت الخام عند 22.98 مليون برميل يومياً.

وفي 25 نوفمبر 1992

          انعقد المؤتمر الوزاري للمنظمة في ظل ما قررته المراقبة الوزارية في سبتمبر 1992

          من تخلي أوبك عن سياسة تحديد سقف للإنتاج وحصص للأعضاء، والاكتفاء بتحديد حصتها من السوق وتدور حول 24.2 مليون برميل يومياً. وقد كان لهذه السياسة أثر سلبي على الأسعار حيث توالى انخفاضها حتى وصل إلى نحو 18.7 دولاراً لبرميل سلة خامات أوبك، قبيل انعقاد هذا المؤتمر الوزاري للمنظمة، في مقابل 19.3 دولاراً للبرميل في أغسطس 1992. وقد جاء ذلك كنتيجة طبيعية لغياب الانضباط وارتفاع إجمالي إنتاج أوبك إلى 25.3 مليون برميل يومياً في شهر نوفمبر 1992.

          وعندما سيطرت الخلافات بين الدول الأعضاء حول حجم خفض الإنتاج وكيفية توزيعه، تناقلت وكالات الأنباء هذه الخلافات، وأدت الشائعات أثناء انعقاد المؤتمر إلى انخفاض في الأسعار. وعند هذا الحد تحول الخلاف إلى اقتناع سريع بأهمية الاتفاق على خفض الإنتاج والعودة إلى نظام الحصص وذلك للحيلولة دون انهيار الأسعار.

          وقد تم الاتفاق على حل وسط يقضي بالعودة إلى اعتماد سقف إنتاجي جديد عند مستوى 24.9 مليون برميل يومياً على أن يبدأ تطبيقه اعتباراً من شهر ديسمبر 1992 ويسري على الربع الأول من عام 1993.

          وترجع أهمية هذا المؤتمر بالمقارنة بمؤتمرات أوبك خلال السنوات السابقة إلى أنه يستبعد العراق تماماً من قراراته، وبذلك يكسر العلاقة التاريخية التي تربط بين حصته وحصة إيران، التي ارتفعت بنحو 10% عن حصتها التقليدية .

          هذا إضافة إلى إطلاق الإنتاج الكويتي للتعويض عن خسائر الحرب.

          كما أنه يتضمن اعتراف أوبك وموافقتها على الزيادة في حصة إنتاج السعودية بنحو 3 ملايين برميل يومياً وذلك منذ حرب الخليج. وهذا يعني أن إنتاج السعودية أصبح يمثل نحو ثلث إنتاج أوبك .

المؤتمرات والاجتماعات الهامة خلال عام 1992

في يومي 30 و 31 يناير 1992

عُقد الاجتماع الوزاري لرابطة منتجي البترول الأفارقة (آبا)

The African Petroleum Producers Association (APPA) في أبيدجان (كوت ديفوار).

          وقد تم توقيع اتفاقية إنشاء هذه الرابطة في لاجوس (نيجيريا) في 27 يناير 1987 وتضم في عضويتها (في ذلك الوقت) إحدى عشرة دولة أفريقية هي: مصر ـ الجزائر ـ ليبيا ـ نيجيريا ـ الجابون ـ أنجولا ـ بنين ـ الكاميرون ـ الكونغو ـ كوت ديفوار ـ زائير. وقد انضم إلى الرابطة جمهورية غينيا الاستوائية في 30 مايو 1996 واتخذت الرابطة من برازافيل بالكونغو مقراً لأمانتها التنفيذية.

          ومن المعروف أن بعض هذه الدول لم يصل بعد إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من البترول وتلجأ إلى الاستيراد.

وتتلخص أهم أهداف هذه الرابطة فيما يلي:

  • تنشيط التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف مجالات صناعة الهيدروكربونات.
  • تنمية وتطوير المساعدة الفنية فيما بينها في المجالات التي قطعت بعضها شوطاً فيها.
  • التنسيق بين سياسات التسويق عن طريق تبادل المعلومات، والتشاور بينها بشأن أوضاع وسياسات الطاقة، والتعاون لتلبية احتياجاتها منها.
  • دراسة وسائل مساعدة الدول الأفريقية المستوردة للبترول في تأمين احتياجاتها من الطاقة.

          وتُعقد اجتماعات دورية لوزراء البترول في الرابطة كل ستة شهور للنظر في جدول الأعمال الذي تعدُّه لجنة من كبار الخبراء في الدول الأعضاء.

وتتناوب الدول الأعضاء رئاسة واستضافة الاجتماعات حسب الترتيب الأبجدي لأسماء الدول.

وتقوم الدول المضيفة باستضافة المشاركين وإعداد الدراسات بالتعاون مع الأمانة الفنية للرابطة.

          ويلاحظ أنه من بين أعضاء هذه الرابطة أربع دول هي ليبيا والجزائر ونيجيريا والجابون، أعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، ومن بينهم أيضاً أربع دول هي ليبيا ومصر والجزائر وتونس، أعضاء في منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوأبك). ومعنى ذلك أن اجتماعات وزارء هذه الرابطة الأفريقية يدور خلالها مناقشات ومشاورات حول تطورات السوق العالمية للبترول وحول سياسات الأوبك والأوابك وما يتقرر في المؤتمرات بشأن الإنتاج والأسعار وكافة ما يتعلق بشؤون البترول. ولا بد أن يسفر عن هذه الاتصالات تكوين رأي عام أفريقي عربي بل وعالمي يؤثر على سياسة كافة الدول الأعضاء في هذه المنظمات.

وفي 17 يوليه 1992

          عقد مجلس وزراء رابطة منتجي البترول الأفارقة آبا ـ APPA دورته العادية بالقاهرة (جمهورية مصر العربية) وشارك فيها جميع الدول الأعضاء.

          ومن أهم ما تم بحثه مشروع اتفاقية العون المتبادل الذي تم إعداده كإطار عام للتعاون والعون الفني المتبادل فيما بين شركات القطاعين العام والخاص بالدول الأعضاء في رابطة منتجي البترول الأفارقة. كما نظر المجلس في التقرير الخاص بتوفير الإمدادات من البترول الخام والمنتجات البترولية للدول الأفريقية المستوردة للبترول في أوقات الأزمات.

وفي 23 أبريل 1992 .

          عقد اجتماع مشترك بين وزراء بترول منظمة أوبك والدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك) Independent Petroleum Exporting Countries (IPEC)

          وهي أنجولا ـ أذربيجان ـ الصين ـ كازاخستان ـ ماليزيا ـ المكسيك ـ النرويج ـ كولومبيا ـ روسيا ـ ألبرتا (ولاية كندية) ـ مصر ـ عمان. في مدينة فيينا بالنمسا.

في ذلك الوقت كان يسود سوق البترول العالمي متغيرات تتمثل فيما يلي:

  • دعوة المفوضية الأوربية بفرض ضريبة الكربون للحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون بدعوى المحافظة على البيئة.
  • فرض الحظر الاقتصادي والجوى على ليبيا والمخاوف من امتداد الحظر إلى صادرات ليبيا البترولية.
  • عدم وصول المفاوضات بين العراق ومجلس الأمن إلى اتفاق مشترك مما يضع علامة استفهام حول توقيت استئناف صادرات العراق.

          وقد تضمن البيان الختامي للاجتماع أن قضية حماية البيئة هي الموضوع الرئيسي المدرج في جدول الأعمال، بهدف تبادل المعلومات وتعزيز التفاهم على نحو افضل فيما بين منتجي البترول، قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية (قمة الأرض) في يونيه 1992 في البرازيل.

          وأشار البيان إلى أن ممثلي الدول المشاركة في المؤتمر أعربوا عن استعدادهم للتعاون مع الدول الصناعية والمراكز العلمية لدعم الأبحاث الجديدة، حول قضية ارتفاع درجة حرارة الأرض من حيث طبيعتها ومداها والتوقيت الزمني.

وأشار الاجتماع إلى أهمية تعزيز الجهود التي تبذلها الدولة المنتجة للبترول للحفاظ على البيئة.

          وناقش المؤتمر الحاجة إلى بحث التعاون مع منتجي البترول الآخرين في إطار تطوير وزيادة الإدراك والوعي العام بقضية حماية البيئة وتأثير السياسات المقترحة للتقليل من مشكلة تدهور البيئة. وفي هذا المجال اقترح الاجتماع إيجاد آلية عمل لتنسيق الجهود لتحقيق الأهداف المرجوة.

أحداث عام 1993

اتجاهات السوق والأسعار

في يونيه 1993

واجه المؤتمر الوزاري لأوبك رقم 93 المنعقد في جنيف

  • تجاوزات في معدل الإنتاج.
  • ومطالبات بعض الدول بزيادات في الحصص الإنتاجية المقررة لها.
  • وانخفاض في الأسعار إلى أدنى مستوى حققته منذ 6 شهور.

          حيث طالبت الكويت بحقها الشرعي بمنحها حصة تاريخية مساوية لحصة الإمارات التي تبلغ 2.16 مليون برميل يومياً.

          وعندما اقترح المؤتمر منح الكويت زيادة حصتها بنسبة 10%، عارضت إيران وطالبت منحها نفس الحق لأنها تمر بنفس الظروف نتيجة للحرب مع العراق طوال ثماني سنوات.

          ومع رفض الكويت النسبة المقترحة لزيادة إنتاجها، واستبعاد العراق بقرار الأمم المتحدة، انتهى المؤتمر ـ بموافقة عشرة أعضاء ـ إلى مد العمل بالسقف المتفق عليه خلال شهر فبراير 1993 وهو 23.5 مليون دولاراً للبرميل.

كما أكد المؤتمر على الالتزام بسعر إسترشادي لا يقل عن 21 دور للبرميل.

          وفي أثناء انعقاد المؤتمر، وبمجرد أن تناثرت الإشاعات عن الاختلافات بين أعضاء أوبك، انخفض سعر سلة خامات أوبك إلى 17.66 دولاراً للبرميل ثم إلى 17.56 دولاراً للبرميل في اليوم التالي.

          إن خروج الكويت على الإجماع يعني إعطاءها حصة مفتوحة بزيادة 600 ألف برميل يومياً عن حصتها (1.6 مليون برميل يومياً)، الأمر الذي أخل بميزان العرض والطلب العالميين وأثر تأثيراً سلبياً على الأسعار.

بعد أسبوع واحد من اجتماع وزراء أوبك تراجعت الأسعار في 16 يونيه 1993:

حيث انخفض سعر الخام العربي الثقيل من     14.15 إلى 13.65 دولاراً للبرميل

والخام العربي الخفيف من                     16.95 إلى 16.50

والخام برنت البريطاني من                  18.40 إلى 17.30

خلال الفترة من 25 ـ 29 سبتمبر 1993

          عقدت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك اجتماعها في جنيف. وأعربت اللجنة في استعراضها لوضع السوق البترولي عن قلقها بشأن مستوى الأسعار وانخفاض سعر سلة أوبك إلى أقل من 15 دولاراً للبرميل، والاضطراب العام في السوق. وقد تبين أن أغلب دول أوبك قد تجاوزت حصصها الإنتاجية المحددة خلال الشهور التسعة الأولى من عام 1993.

          وقد وافقت اللجنة، من أجل الحفاظ على استقرار السوق والعمل على رفع مستوى الأسعار، على تحديد سقف للإنتاج خلال الشهور الستة القادمة عند مستوى 24.5 مليون برميل يومياً، وحددت حصة لكل دولة من الدول الأعضاء. ورأت اللجنة أن توزيع الحصص سيُحسِّن من أداء السوق والأسعار، كما عبَّرت الدول الأعضاء عن تصميمها على إنجاح العمل بهذا الاتفاق.

          كانت حصة الكويت مليونين برميل يومياً. وأشار وزير البترول الكويتي أنه رغم موافقته على قرارات المؤتمر تمشياً مع روح التعاون، إلاّ أن تحديد حصة الكويت في المستقبل يجب ألاَّ تقل عن 2.16 مليون برميل يومياً.

          وتجدر الإشارة إلى أن أسواق البترول العالمية استقبلت نتائج الاجتماع الذي عقدته اللجنة المذكورة بارتياح شديد عقب الاتفاق على سقف إنتاجي للربع الرابع من عام 1993 والربع الأول من عام 1994 بنحو 24.5 مليون برميل يومياً، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعر خام القياس البريطاني برنت وخام القياس الأمريكي ويست تكساس إنترميديت بمقدار 70 سنتاً. ولكن مصادر الصناعة البترولية أرجعت هذه الزيادة إلى الوضع السياسي المتردي في كل من روسيا ونيجيريا وانخفاض إنتاج الزيت الخام فيهما.

          ويمكن القول أن اعتماد أوبك سقفاً إنتاجياً لمدة 6 شهور يعتبر أسلوباً جديداً في تعاملها مع السوق البترولية. وتبقى هناك حقيقة واضحة هي مدى التزام الدول الأعضاء بالاتفاق الجديد.

          وعلى الرغم من معقولية سقف الإنتاج المحدد بـ 24.5 مليون برميل يومياً، في حين أن المطلوب من أوبك ـ وفقاً لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة ـ حوالي 26 مليون برميل يومياً للربع الرابع من عام 1993، وبالتالي كان من المتوقع أن ترتفع أسعار البترول، إلاّ أنه وبعد مرور أكثر من شهرين على دخول اتفاق أوبك حيز التنفيذ فإن الأسعار لم تشهد الارتفاع المتوقع، بل اتجهت إلى الانخفاض حتى اقتربت إلى أدنى مستوى لها منذ حرب الخليج في عام 1991، إذ سجل سعر خام القياس برنت تسليم ديسمبر في المعاملات الآجلة في سوق لندن 15.6 دولاراً للبرميل كما سجل متوسط سعر سلة خامات أوبك حوالي 15.05 دولاراً للبرميل، ثم انخفض بعد ذلك إلى 14.4 دولاراً للبرميل.

          وهذا يعني أن أسعار البترول تقل عن مستوياتها الموسمية السنوية بنحو 5 دولارات للبرميل على الأقل.

وفي 23 نوفمبر 1993

عقد وزراء أوبك المؤتمر العادي في فيينا

في ظل ظروف وأوضاع صعبة

وفي ظل سوق للمشترين بالكامل يتصف بوجود فائض يتزايد

وتضارب مصالح المنتجين واختفاء وحدة المواقف بينهم

كما يتصف السوق بتراخي الطلب وضعفه نتيجة لسياسات مدروسة ومخططة من قِبل كبريات الدول الصناعية المستوردة للبترول.

فضلاً عن ضعف معدلات النمو الاقتصادي العالمي.

لذلك واجه المؤتمر مهمة عسيرة لدراسة الحلول الممكنة لتحقيق الاستقرار للأسعار.

وقد أسفر الاجتماع عن استمرار العمل بسقف الإنتاج السابق إقراره في اجتماع سبتمبر 1993  للجنة المراقبة الوزارية لأوبك (وهو 24.5 مليون ب/ى)

          وتجدر الإشارة في هذا الموقف إلى أن تحقيق التوازن في سوق البترول العالمي يتضمن تحقيق توازن دقيق بين الطلب العالمي على البترول وبين معدلات العرض المناسبة، التي لا ينشأ عنها فائض العرض أو عجز الإمدادات. ومسؤولية تحقيق هذا التوازن والاستقرار يستدعي إجراء المزيد من الحوار بين المنتجين (أوبك وأيبك) والمستهلكين لبلوغ هذا الهدف.

          خاصة وأن الدول الصناعية الغربية ومواثيقها وتكتلاتها تشكل تحديات ومحاولات للتقليل من أهمية البترول كمصدر رئيسي للطاقة مما يتطلب من الجميع بذل المزيد من التنسيق والتعاون للحد من تأثير الإجراءات التي تحاول هذه الدول فرضها.

وفي 6 ديسمبر 1993

          صدرت نشرة Petrostrategies أوضحت الدراسة المنشورة بها أن الزيادة في معدلات الإنتاج في كل من دول أوبك والدول خارج أوبك، ادت إلى هبوط حاد في مستوى أسعار الزيت الخام في عام 1993.

حيث انخفض سعر خام برنت في أوائل ديسمبر 1993 إلى   13.8 دولاراً للبرميل

وسعر خام دبي                                              12.1

وسعر سلة خامات أوبك                                     13.3

          كما أدى انهيار أسعار البترول في النصف الثاني من عام 1993 (خاصة الربع الرابع) إلى انخفاض عائدات معظم دول أوبك بنسبة 22.5%.

          بينما كان انخفاض عائدات خمس دول منها (تشمل السعودية) انخفاضاً أكبر من 25% كما أدى تفاقم انهيار عائدات السعودية، بالإضافة إلى انخفاض أسعار البترول، إلى انخفاض إنتاجها وفقاً للحصة المقررة لها لزيادة حصة إنتاج الكويت.

وتعليقاً على تدني أسعار النفط الخام خلال السنوات 1991 و 1992 و 1993 نذكر أن الأسواق قد شهدت:

تراجع الطلب العالمي على البترول.

وزيادة المعروض من البترول بسبب تجاوزات حصص الإنتاج التي أصبحت نمطاً تاريخياً.

          لذلك سجلت الأسعار أدنى مستوياتها خلال هذه السنوات ليتراوح سعر سلة خدمات أوبك ما بين 14 ـ 15 دولاراً للبرميل.

          وإذا وضعنا في الاعتبار أن تحقيق استقرار الأسعار في السوق العالمي للبترول يتطلب ضرورة التدرج بالسعر ارتفاعاً كي يساير مؤشرات التضخم العالمي والقوة الشرائية للدولار الأمريكي ـ وهو العملة التي يحتسب على أساسها سعر البترول ـ فإن هذه الأسعار المتدنية تقل كثيراً عن قيمتها الحقيقية.

          وإذا تذكرنا صدمة انهيار الأسعار في يوليه 1986، التي كان وراءها سياسة إغراق الأسواق بالصادرات البترولية دون النظر إلى مستويات الأسعار بهدف السيطرة على حصة عادلة من السوق، ودفع المنتجين من خارج أوبك ـ بعد انهيار الأسعار ـ إلى التراجع عن صناعة أصبحت غير مربحة لهم.

          فقد كان من المحتم ـ بعد هذه التجربة ـ وضع خطة استراتيجية واضحة لأوبك ولكن على العكس من ذلك، فإن أعضاء أوبك لا يزالون يمارسون سياسة إغراق الأسواق. بل إن مبدأ الدفاع عن حصة عادلة أصبح سياسة لكل دولة عضو في أوبك للدفاع عن مصالحها الفردية دون النظر إلى المصالح المشتركة.

          وإذا كانت أوبك تهدف إلى زيادة عائداتها لتمويل خططها الطموحة لرفع طاقات الإنتاج مستقبلاً، فإن ذلك لم يتحقق في الواقع العملي، بسبب تذبذب إنتاج الدول خارج أوبك إنتاجاً وتصديراً، وبسبب تعدد سياسات الدول المستهلكة استيراداً وترشيداً.

          فقد ارتفعت صادرات دول أوبك البترولية خلال الفترة من 1985 ـ 1992 إلى أكثر من الضعف، بينما لم تحقق عائداتها سوى زيادات ضئيلة. فقد ارتفعت صادرات اوبك من 10.9 مليون برميل يومياً في عام 1985 إلى نحو 24.5 مليون برميل يومياً، في الوقت الذي تحركت فيه عائداتها من 130 بليون دولار إلى 144 بليون دولار فقط خلال عام 1992.

          ومع الأخذ في الاعتبار عوامل التضخم وتراجع القوة الشرائية لهذه العائدات ـ كما سبق القول ـ فإن ذلك يعني أنها سجلت انخفاضاً بالمعنى الحقيقي.

          هذا في الوقت الذي لم يسجل إنتاج البترول من خارج أوبك سوى انخفاضاً طفيفاً لا يكاد يتعدى نصف مليون برميل يومياً خلال الفترة من 1985/ 1991. ويرجع هذا الانخفاض بصفة أساسية إلى تراجع صادرات دول الاتحاد السوفيتي (سابقاً).

          علماً بأن توالي انخفاض أسعار النفط الخام يدفع الدول الصناعية المستهلكة للبترول إلى الإفادة عن طريق فرض الضرائب بكافة أشكالها على استهلاك المنتجات البترولية، حتى أصبح ما يؤول إليها يفوق أربعة أمثال ما يعود على الدول المصدرة للبترول.

          وتنحصر النتائج في تدهور أسعار البترول، واستنزاف الثروات، وانخفاض العائدات واختلال موازين المدفوعات وتراكم الديون على عديد من دول الأوبك، وامتداد هذا الأثر إلى الدول الأخرى المصدرة للبترول خارج أوبك.

          أما الدول الصناعية المستهلكة للبترول، التي تمتلئ خزائنها بالأموال ويتزايد مخزونها الاحتياطي الاستراتيجي بالبترول، فسوف يصيبها الضرر أيضاً لانخفاض صادراتها من السلع والأسلحة للدول المنتجة، ولن تجد على المدى الطويل ـ مهما قصر أو طال ـ إلاّ إحتياطيات الدول الرئيسية المصدرة خاصة دول الخليج العربي، التي لم يتوفر لديها استثمارات كافية للإنتاج بسبب سياسات الدول الصناعية المستهلكة.

          تنفيذاً لإجراء المزيد من الحوار بين المنتجين (أوبك وأيبك) من ناحية، وبينهم وبين المستهلكين من ناحية أخرى، فقد حدث في عام 1993 اجتماعان آخران.

          ذكرنا ضمن أحداث 1992، أنه في 23 أبريل 1992 عُقد اجتماع مشترك بين منظمة أوبك والدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك) لإعداد تصور تقدمه الدول المصدرة للبترول في قمة الأرض عن البيئة والتنمية الذي تنظمه الأمم المتحدة في البرازيل في شهر يونيه 1992.

          وفي 13 أبريل 1993 (انظر ملحق البيان الصحفي الصادر عن الاجتماع الوزاري المشترك أيبك / أوبك، مسقط، عُمان، 13 أبريل 1993) ـ بعد عام واحد من الاجتماع السابق ـ وبدعوة من وزير النفط والمعادن بسلطنة عمان، تم عقد مؤتمر وزاري حضره وزراء دول أوبك OPEC الاثنا عشر ووزراء عدد من الدول المستقلة المصدرة للبترول أيبك IPEC في مدينة مسقط بعمان.

          بلغ عدد الوزراء المشاركين في هذا المؤتمر 25 وزيراً للبترول من الدول الأعضاء في منظمة أوبك هم: وزراء الجزائر ـ الجابون ـ أندونيسيا ـ إيران ـ العراق ـ الكويت ـ ليبيا ـ نيجيريا ـ قطر ـ السعودية ـ الإمارات ـ فنزويلا.

          ومن مجموعة أيبك: وزراء أنجولا ـ البحرين ـ بروناي ـ الصين ـ كولومبيا ـ مصر ـ كازاخستان ـ ماليزيا ـ المكسيك ـ النرويج ـ روسيا ـ تكساس ـ اليمن.

كما شارك في هذا المؤتمر سكرتير عام أوبك وسكرتير عام مجلس التعاون الخليجي.

وقد سبق عقد هذا المؤتمر بين أوبك وأيبك، اجتماعان:

الأول:   لخبراء مجموعة دول أيبك في لندن في 18 فبراير 1993.

والثاني: لخبراء مجموعة دول أيبك مع السكرتارية العامة لمنظمة أوبك في فيينا في 19 فبراير 1993.

حيث تم اقتراح جدول أعمال للمؤتمر الوزاري، تناول الموضوعات الرئيسية التي يناقشها المؤتمر في عمان في 13 أبريل 1993، وهي:

1. توقعات سوق البترول العالمية

دارت المناقشات حول توقعات الطلب العالمي على البترول حتى عام 2000 (وفقاً لأسس إقليمية)، وكذلك توقعات العرض العالمي للبترول حتى تلك الفترة.

ونصيب كل من أوبك وأيبك في إجمالي العرض العالمي للبترول، والطاقات الإنتاجية في كل منهما في الحاضر والمستقبل.

والاستثمارات المطلوبة لزيادة الطاقات الإنتاجية بحيث يمكن إشباع احتياجات الطلب العالمي في المستقبل.

واحتمالات التنمية في بلاد الاتحاد السوفيتي السابق وغيرها. وإمكانيات التعاون والتنسيق من أوبك وأيبك في هذه المجالات.

2. قضايا البيئة والتنمية الاقتصادية

تركزت المناقشة حول قضية “ضريبة الكربون” التي تزمع دول أوربا الغربية فرضها على وارداتها من البترول، وحول “ضريبة الطاقة” التي تزمع الولايات المتحدة الأمريكية فرضها، بحجة ان هذه الضرائب تهدف إلى تقليل ثاني أكسيد الكربون الناتج من عمليات احتراق المواد البترولية، ومواجهة ارتفاع درجات الحرارة في العالم.

كما دارت المناقشات حول أثر فرض هذه الضرائب من جانب أوربا الغربية والولايات المتحدة على حجم واردات هذه الدول من البترول، وبالتالي أثرها على اقتصاديات الدول المصدرة للبترول وعمليات التنمية الاقتصادية فيها.

3. العلاقات الدولية والطاقة

تناولت المناقشات في هذا المجال أثر المتغيرات في العلاقات الدولية وخاصة البترولية منها وأثرها على مستقبل إمدادات الطاقة وتجارتها الدولية.

وفي هذا المجال برز عدد من القضايا منها:

  • ميثاق الطاقة الأوروبي: أهدافه وأثر التطبيق العملي لنصوصه على إمدادات البترول العالمية، والاستثمارات في صناعة البترول، وعلى قضايا البيئة والتنمية الاقتصادية في الدول المصدرة للبترول.
  • كما برز موضوع التكتلات الدولية الاقتصادية، وأثرها على أوضاع الطاقة والإمدادات والأسعار والاستثمارات وهي:

– السوق الأوربية المشتركة

– واتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة

– والمنطقة التجارية الحرة المقترحة الخاصة بجنوب شرق آسيا.

وبعد انتهاء الجلسات الثلاث للمؤتمر، أصدر بياناً بما استقر عليه الرأي الجماعي بين المشاركين بالنسبة لموضوع ضريبة الكربون وضريبة الطاقة، حيث رفض الوزراء التسليم بفرض هذه الضرائب لما لها من أثر سلبي على الأسعار يجعل من الاستثمار في مجال البترول أو رفع الطاقة الإنتاجية أمراً غير مُجد من الناحية الاقتصادية، لأنه لن يعود على المستثمرين أو المنتجين على حد سواء بالعائد الذي يبرر مثل هذه الاستثمارات، مما سيؤدي إلى الإخلال بالتوازن بين العرض والطلب.

وأوصى المؤتمر باستمرار الحوار بين المنتجين والمستهلكين مع نبذ أسلوب المواجهة والصدام وأكد على أهمية التنسيق بين سياسات الدول المنتجة، واتخاذ موقف موحد في التفاوض مع الدول المستهلكة بشأن قضايا البيئة باعتبارها ذات صبغة عالمية.

كما أوصى المؤتمر بمتابعة عمليات التنسيق والحوار فيما بينهم بصورة مستمرة حول الشؤون البترولية، وذلك على نفس الأسلوب من الحوار الذي تعمل به الدول الصناعية.

هذا ومن المقرر أن ينبثق عن المؤتمر وعن مجموعتي أوبك وأيبك مجموعة عمل مصغرة تتولى متابعة التوصيات التي صدرت عن المؤتمر في بيانه الختامي وإجراء الحوار المنشود بين المنتجين والمستهلكين.

وفي 22 ديسمبر 1993

          في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، صدر البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي متضمناً استعداد دول المجلس لخفض إنتاجها البترولي بهدف دعم الأسعار إذا وافقت والتزمت جميع الدول المنتجة داخل أوبك وخارجها على خطط شاملة لتخفيض الإنتاج بشكل متوازن.

          وأشار البيان إلى الجهود التي تبذلها سلطنة عمان في هذا المجال مع الدول المصدرة للبترول غير الأعضاء في أوبك.

وفي 26 ديسمبر 1993

          بعد ختام اجتماعات قمة مجلس التعاون الخليجي بأربعة أيام، قام وزير النفط والمعادن العماني سعيد بن أحمد الشنفري بجولة شملت بعض الدول المنتجة للبترول غير أعضاء في أوبك للدراسة والتنسيق فيما بينها بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للإنتاج للمساعدة في دعم أسعار البترول في السوق العالمي.

          زار الوزير العماني اليمن ومصر وسورية وروسيا والنرويج وبريطانيا وماليزيا وبروناي والمكسيك.

ماذا كانت نتيجة مباحثات الوزير العماني؟

          وافقت كل من اليمن ومصر وسورية على تأييد الجهود التي من شأنها تحقيق السعر المستهدف وتحقيق التوازن في سوق البترول العالمي، بما في ذلك خفض معدلات الإنتاج.

          أما روسيا، فقد أوضحت المصادر الرسمية في موسكو أنه ليس من مصلحة روسيا خفض الإنتاج والصادرات البترولية وهي من أهم مصدر للعملة الأجنبية.

كما رفضت كل من بريطانيا والنرويج رفضاً قاطعاً أي خطوات لتقييد وخفض معدلات الإنتاج.

          نستخلص من نتائج هذه الجولة، أنه لابد من استجلاء النيات الحقيقية لأطراف السوق في العمل جدياً على استقرار السوق وعودة الأسعار إلى مستوى عادل لا يضر اقتصاديات المصدرين أو المستوردين أو الاقتصاد العالمي.

وفي 5 يونيه 1992

          انعقد المؤتمر الثالث للأمم المتحدة في البرازيل، تحت عنوان “قمة الأرض” وشعار “البيئة واللتنمية”، وذلك في ذكرى الإعلان العالمي، الذي صدر عن المؤتمر الأول للأمم المتحدة للبيئة البشرية، الذي انعقد في مدينة استوكهولم عاصمة السويد في يونيه 1972 وإعلان يوم 5 يونيه “يوماً عالمياً للبيئة”.

          ويتركز اهتمام المؤتمر على توقيع اتفاق حول خفض نسبة انبعاث ثاني أكسيد الكربون أو على الأقل تثبيت نسبته عند مستوياته في وقت انعقاد المؤتمر حتى عام 2000 ويدعو الدول الصناعية إلى خفض انبعاث ثاني أكسيد الكربون بنسبة 20%، الأمر الذي أدى إلى تحقيق هذا الهدف عن طريق خفض استهلاك الطاقة بالنسبة ذاتها.

          اتجهت الدول الصناعية المستوردة للبترول إلى فرض “ضريبة الكربون” على المنتجات البترولية بحجة حماية البيئة، بينما كان هدفها الأساسي هو إيجاد الحوافز والاستثمارات اللازمة لتطوير مصادر الطاقة الأخرى ولمنع زيادة الطلب على هذه المنتجات البترولية حتى لا يزداد الطلب على النفط الخام، ويظل سعره منخفضاً.

          وقد حذرت الدول العربية المساهِمة في المؤتمر من استخدام قضايا البيئة في تميز تعسفي من شأنه تقييد التجارة الدولية.

          كما أسقط الموقف العربي الموحد اقتراح فرض ضريبة تصاعدية على استهلاك البترول. ولم يدرج هذا الاقتراح في جدول أعمال المؤتمر، لأن سياسة فرض الضرائب من أجل خفض الاستهلاك ليس أسلوباً فعالاً لخفض الانبعاث الكربوني. فقد تزايدت الضريبة على البرميل الواحد من البترول في دول المجموعة الأوربية من سبعة دولارات في عام 1973 إلى 56 دولاراً في نهاية عام 1991، ومع ذلك فإن نسبة انبعاث الكربون قد ازدادت في الفترة نفسها.

          وكذلك عارضت الصناعات الكبيرة، التي تعتمد على استهلاك مكثف للطاقة، فرض هذه الضريبة حيث أن البترول ليس وحده المسؤول عن تلويث البيئة، بل إن الفحم يسهم بنسبة أعلى في تلويث البيئة. فضلاً عن أن خفض استهلاك الطاقة يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي ويضر باقتصاديات الدول المصدرة للبترول وبالاقتصاد العالمي ككل.

          وسوف نعود إلى مناقشة هذه الضريبة بالتفصيل في خاتمة البحث لدى الحديث عن الحوار بين المنتجين والمستهلكين.

وسوف نتناول ـ بإذن الله تعالى ـ الحديث عن اجتماعين آخرين (فيما بعد) هما:

  • اجتماع مشترك بين مجلس التعاون الخليجي والسوق الأوربية (في 16 مايو 1992) جرى فيه محادثات حول موضوع فرض ضريبة الكربون على صادرات البترول.
  • مؤتمر حوار بين المنتجين والمستهلكين عُقد في النرويج في 2 و 3 يوليه 1992 حيث شارك في المؤتمر وزراء الخارجية ووزراء الخارجية ووزراء البترول في أكثر من عشرين دولة منتجة ومستهلكة للبترول، وناقشوا عديداً من الموضوعات السياسية والاقتصادية المتعلقة بالبترول والطاقة في العالم. ووسائل التعاون بين الدول المنتجة والدول المستهلكة للبترول.

أحداث عام 1994

اتجاهات السوق والأسعار

خلال يومي 25 ـ 26 مارس 1994

          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك في جنيف بسويسرا، حيث أعربت اللجنة عن قلقها من جراء استمرار الضغط على الأسعار والمستوى المتدني الذي ساد السوق منذ اجتماع أوبك الوزاري في نوفمبر 1993، نتيجة لاستمرار الزيادة في إنتاج الزيت الخام من الدول خارج أوبك، وهو ما أدى إلى زيادة تدهور الأسعار. وقد قررت اللجنة الإبقاء على السقف الحالي للإنتاج 24.52 مليون ب/ ي خلال ما تبقى من عام 1994.

          ومن الغريب أن يتزامن موعد انعقاد مؤتمر وزراء أوبك في 25 مارس 1994 مع بدء تنفيذ اتفاقية المناخ، التي أقرها مؤتمر قمة الأرض في ريودي جانيرو.

          وهذه الاتفاقية، التي صدق عليها ستون دولة، ترفع شعار حماية البيئة من أجل خفض الاعتماد على البترول في موازنة الطاقة العالمية، وذلك بزيادة الضرائب المفروضة على استهلاك المنتجات البترولية، ودعم السياسات التي تهدف إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتطوير استخدام الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة البديلة.

          وتعتبر الظروف السائدة في السوق العالمي للبترول في ذلك الوقت مناخاً مناسباً لتحقق هذه الاتفاقية أهدافها. وذلك بعد أن تخلت أوبك عن دعم الأسعار وتنازلت عن السعر الاسترشادي وقررت الاستجابة للمتغيرات في السوق العالمي للبترول. وهذا ما يؤكده قرار وزراء أوبك (في 23 نوفمبر 1993) بمد العمل باتفاق سبتمبر 1993 عند سقف إنتاج 24.52 مليون برميل يومياً، وهو ما قررته أيضاً لجنة المراقبة الوزاريةلأوبك المذكورة .

          وتشير الدراسة التي أعدتها نشرة Petrostrategies إلى انخفاض عائدات دول أوبك البترولية خلال عام 1994 إلى نحو 125 بليون دولار في مقابل 127 مليون دولار في عام 1993 بانخفاض بنسبة 2%، وذلك على الرغم من ثبات معدل صادرات أوبك البترولية خلال عام 1993 عند مستوى 23.1 مليون برميل يومياً.

          ويعزى هذا الانخفاض إلى انخفاض متوسط الأسعار الفورية لسلة خامات أوبك من 15.73 دولاراً للبرميل في عام 1993 إلى 15.25 دولاراً للبرميل في عام 1994 بانخفاض بنسبة 3% .

إذا حاولنا تتبع مسار أسعار البترول منذ أزمة الخليج الثانية حتى عام 1994 نجد أنها اتخذت اتجاهاً تنازلياً: فقد انخفض معدل سعر سلة خامات أوبك من 24.8  دولاراً للبرميل في يناير 1991إلى 15.88 مع بداية 1992، 16.33 في 1993 ثم وصل إلى 12.15 يناير 1994.

          وهذا أقل ما حققته الأسعار خلال السنوات الأربع المذكورة واستمر هذا الاتجاه خلال الشهور الستة الأولى من عام 1994، ويعزى الانخفاض في الأسعار إلى ما يلي

  • تراجع الطلب في أوربا واليايان.
  • الانخفاض الحاد في الطلب في دول الكومنولث الروسي.
  • بعض التجاوزات لحصص الإنتاج من قِبل بعض دول أوبك.
  • ارتفاع الإنتاج من خارج أوبك وبصفة خاصة من دول بحر الشمال.
  • تزايد السحب من المخزون الاحتياطي العالمي خلال الربع الأول من عام 1994.

          ومع نهاية النصف الأول من عام 1994 بدأت الأسعار تسجل انتعاشاً ليصل معدل سعر سلة خامات أوبك إلى نحو 18.24 دولاراً للبرميل في أغسطس 1994 ويرجع السبب في ذلك إلى ما يلي:

          أدى انخفاض الأسعار خلال الربع الأول من عام 1994 (12.15 دولاراً للبرميل) إلى ظهور عوامل جديدة أدت إلى تحقيق نوع في التوازن في الأسواق من أهمها:

  • التحول في إدارة المخزون الاحتياطي العالمي من السحب إلى إعادة البناء خلال شهري مايو ويونيه 1994 لاستغلال فرصة انخفاض الأسعار.

فارتفع الطلب العالمي على البترول، وبالتالي ارتفعت الأسعار في يوليه 1994 إلى نحو 16.76 دولاراً للبرميل.

  • وكان حدوث قلاقل سياسية في اليمن والجزائر وكولوميبا واكوادور وأنجولا ونيجيريا سبباً في تقييد الإنتاج في هذه الدول، مما رفع سعر خام غرب تكساس المتوسط إلى 20 دولاراً للبرميل،ورفع سلة خامات أوبك تدريجياً إلى نحو 18.24 دولاراً للبرميل.

          إن تحقيق الاستقرار للأسعار يعتمد على تحقيق التوازن في الأسواق، وهذا أمر مرهون بكيفية أداء دول أوبك وعدم تجاوز الحصص المقررة لها حتى نهاية العام، وعلى الإنتاج من خارج أوبك والعوامل المؤثرة فيه، بالإضافة إلى كيفية إدارة المخزون الاحتياطي في العالم.

في 21 ـ 22 نوفمبر 1994

عقد المؤتمر الوزاري العادي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في بالي بأندونيسيا.

وبعد استعراض تقرير سكرتير عام المنظمة وتقرير اللجنة الاقتصادية

ومن أجل العمل على تعزيز الاستقرار في سوق البترول وتحسن الأسعار

قرر المؤتمر الحفاظ على سقف الإنتاج في ذلك الوقت البالغ 24.52 مليون ب/ ي

حتى نهاية عام 1995، وفق الحصص التي تم الاتفاق عليها في سبتمبر 1993.

صعوبات تواجه دول الخليج المصدرة للبترول

          إذا كانت مستويات الأسعار قد تحسنت في النصف الثاني من عام 1994 ـ للأسباب التي ذكرناها ـ في أسواق حوض الأطلسي، فإنها لم تكن بنفس المستوى في أسواق الشرق الأقصى.

          فمنطقة آسيا، التي كانت لفترة طويلة منفذاً لفائض صادرات منطقة الشرق الأوسط من الزيت الخام،وصلت إلى درجة التشبع، وشهدت تنافس المنتجين الخليجيين لحماية حصصهم التصديرية في المنطقة حتى ان شركة أرامكو السعودية بثقلها الكبير قامت بإبرام عقود طويلة الأجل بشروط مرنة.

          وتتناقض سياسة سلطنة عمان مع الأسلوب السعودي، حيث قامت عمان بتشديد شروط عقودها طويلة الأجل بدلاً من تخفيضها. وتحاول عمان تشجيع المشترين على الشراء بموجب عقود طويلة الأجل لكميات تراوح بين 40 ـ 50 ألف برميل يومياً على الأقل.

          وعلى جانب آخر، تركز الكويت على زيادة إنتاج معامل تكريرها حتى تستطيع تحويل الخامات، التي لا تجد طلباً عليها إلى منتجات بترولية، في إطار خطتها لاستعادة حصتها في سوق المنتجات الآسيوية. وتحاول مؤسسة البترول الكويتية في الوقت الذي فشلت فيه التوسع في الهند، زيادة مبيعاتها من المنتجات المتوسطة في أسواق بعيدة تصل حتى شرق أفريقيا.

          وقد أدى اشتداد المنافسة في أسواق آسيا إلى تأثر إيران، إذ يسعى المتعاقدون معها على التخلص من الكميات التي يحصلون عليها بموجب هذه العقود.

وفي أوائل شهر يوليه 1994

          أعلن السيد/ هشام ناظر وزير البترول والثروة المعدنية السعودي زيادة احتياطيات السعودية المؤكدة من الزيت الخام إلى 260 بليون برميل، والغاز الطبيعي إلى 182 تريليون قدم مكعب.

          وأكد الوزير السعودي أن بلاده تضيف احتياطيات كل عام أكثر مما تنتج. وتعود هذه الزيادة في الاحتياطيات إلى الاكتشافات الجديدة التي تحققت في المنطقة الوسطى والتي لا ترجع أهميتها إلى حجمها أو موقعها فقط، ولكن لكون خاماتها من النوعية الممتازة التي تتراوح درجة جودتها بين 49 ـ 53 درجة وانخفاض محتواها الكبريتي لأقل من 0.6%.

في 16 أبريل 1994

          في مراكش بالمملكة المغربية تم توقيع ممثلي 125 دولة من  دول العالم على الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الجات). على أن تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ اعتباراً من أول يناير 1995 إيذاناً بإنشاء منظمة التجارة العالمية، التي قامت بهدف تحرير التجارة الدولية والخدمات من كافة القيود، وتشجيع استخدام الأحكام التجارية العادلة وتقليص استخدام القرارات التجارية الفردية.

          وكانت جولة أوروجواي للجات قد انتهت بتوقيع ممثلي الدول الأعضاء (117 دولة) في 15 ديسمبر 1993 على إنشاء هذه المنظمة العالمية للتجارة في ظل ما تم الاتفاق عليه في هذه الجولة.

وفيما يتعلق بتأثير اتفاقية الجات على صناعة البترول

          تجدر الإشارة إلى أنها استبعدت صناعة البترول من الخضوع لأحكامها على الرغم من أن تجارة البترول تمثل نسبة كبيرة من حركة التجارة العالمية.

          وهذا يعني أن تجارة البترول سوف تستمر في إطار الإجراءات الحمائية ودون أي معاملة تفضيلية أو الحصول على خفض تجاري، مع استمرار تزايد الأعباء الضريبية على استهلاك البترول من قِبل الدول الصناعية الكبرى.

          وهذا يفسر لنا هدف استبعاد البترول من الخضوع لأحكام اتفاقية الجات، لأن ذلك يخدم مصالح الدول الصناعية المستهلكة للبترول أكثر مما يخدم الدول النامية المصدرة له. وهذه السياسة تؤدي إلى إلحاق الضرر باقتصاديات الدول التي تعتمد تنميتها على البترول، لأن هذا الوضع لن يتيح لها تحقيق الاستفادة المنشودة من تحرير المعاملات التجارية ورفع القيود عنها.

          وفيما يلي بعض التصريحات التي نُشرت في أعقاب التوقيع على الاتفاقيات الجديدة لجولة أوروجواي:

  • الرئيس الأمريكي بيل كلينتون: “الولايات المتحدة ستقود العالم في الاقتصاد بعد أن أصبحت قائدة له على المستوى العسكري”.
  • ممثل الهند في مفاوضات جولة أوروجواي: “قدمت أمريكا وأوروبا وثيقة وقَّع عليها العالم الثالث مُكرها”.
  • رئيس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:إن الدول النامية حصلت على فتات كعكة أوروجواي”.
  • السيد/ عمرو موسى وزير خارجية مصر: اتفاقية الجات ليست في مصلحة الدول النامية أبداً”.
  • السفير منير زهران رئيس وفد مصر في مفاوضات جولة أوروجواي: “ميزان المدفوعات للدول النامية سيصاب بالخلل نتيجة زيادة الاستيراد وانكماش الصادرات، والمستفيد الأوحد من هذا هو الدول المتقدمة”.
  • الدكتور يحيى بكور مدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية: “إن الدول العربية ستتحمل عبئاً يعادل 875 مليون دولار سنوياً من جراء الاتفاقات الجديدة لجولة أوروجواي”.

وإذا كانت مكاسب الدول النامية محدودة جداً في هذه الاتفاقات، فما هي أسباب توقيعها عليها؟

          إن 80% من التجارة العالمية تخص الدول الصناعية المتقدمة. ومعنى ذلك أن عدم انضمام الدول النامية لمنظمة التجارة العالمية سيؤدي إلى فقدها التعامل مع 80% من حجم التجارة العالمية.

أما الدول النامية الأعضاء في منظمة الجات فيخصها 12% من التجارة العالمية ومعنى ذلك أن أي دولة لا تنضم إلى المنظمة ستكون شبه منعزلة عن التجارة العالمية، لأنها تفقد التعامل مع 92% منها (80% دول متقدمة + 12% دول نامية).

          كذلك فإن عدم انضمام أي دولة لاتفاقيات جولة أوروجواي يجعلها تفقد العضوية في منظمة التجارة العالمية. ومن ثم لا تستفيد من المزايا الواردة في اتفاقات جولة أوروجواي وأهمها معاملة الدولة الأكثر رعاية، والاستفادة من التخفيضات الجمركية المتبادلة بين الدول الأعضاء.

          بالنسبة للدول العربية، فإن التكامل الاقتصادي يصبح المنفذ المستقبلي الوحيد لها بعد توقيع اتفاقات جولة أوروجواي. ويكفي أن نذكر في هذا الصدد أن حجم التجارة الخارجية للدول العربية يصل إلى حوالي 266 مليار دولار في السنة، ومع ذلك فإن حجم التجارة البينية لا يتجاوز 21 مليار دولار في السنة أي بنسبة أقل من 8%.

          وعلى الدول العربية أن تتذكر أن تكتل اقتصادي عضو في الجات له صوت واحد في اجتماعات ومفاوضات الجات. ومن ذلك مثلاً الجماعة الأوروبية، ودول جنوب شرق آسيا والنافتا (أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم تضم الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك).

كيف تواجه الدول العربية الحركة العالمية لعولمة الاقتصاد؟

          ليس أمام الدول العربية إلاَّ أن تسلك أقصر الطرق للاندماج في الاقتصاد العالمي، من خلال تكتلات اقتصادية ومناطق للتجارة الحرة العربية تنساب فيها رؤوس الأموال والاستثمارات والسلع والخدمات بما يؤدي إلى تعظيم التجارة البينية العربية وتحديد الأسلوب الأمثل لتهيئة الظروف المناسبة للاستثمار العربي المشترك بما يضمن توسيع حجم السوق العربية وجعلها أكثر جاذبية للاستثمارات العربية والأجنبية.

          وبما أن المجلس العام بمنظمة التجارة العالمية هو الذي يضطلع بإدارة شؤون ومهام المنظمة، ويتبعه عدة مجالس فرعية أهمها: مجلس التجارة في السلع، ومجلس التجارة للخدمات، ومجلس حقوق الملكية الفكرية… الخ.

          فمن المفيد مناشدة كل من منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك) ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة الدول المصدرة للبترول (أوابك) المطالبة بإنشاء مجلس لتجارة البترول ومنتجاته (على غرار المجالس المشار إليها) يتبع المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية. ليكون بمثابة إطار يدور في ظله الحوار بين المنتجين والمستهلكين للبترول بصفة دائمة لوضع سياسة عادلة تكفل استقرار السوق العالمي للبترول.

أحداث عام 1995

اتجاهات السوق والأسعار واستمرار الركود في الطلب العالمي

اتسمت أسواق البترول العالمية عام 1995 بعدد من التطورات، التي أثرت على صناعة البترول في الدول العربية، والتي من أهمها:

  • استمرار الركود في الطلب العالمي على البترول العربي من ناحية.
  • الارتفاع في الأسعار الرسمية للبترول في الأسواق العالمية من ناحية أخرى.
  • بالإضافة إلى المؤشرات التي تتوقع استمرار الركود في الطلب لعدة سنوات قادمة.

فللعام الثالث على التوالي لم تتغير كميات الصادرات العربية البترولية إلى الأسواق الدولية. ويرجع السبب في ذلك إلى عاملين أساسيين:

أولهما: يتمثل في استمرار الارتفاع الكبير في إمدادات الدول خارج أوبك وخاصة دول بحر الشمال، الأمر الذي لا يتيح فرصة أمام المصدرين العرب بالتوسع في إنتاجهم.

والثاني: يتعلق بالقيود التي تضعها بعض الدول الصناعية الرئيسية على استهلاك البترول عن طريق فرض الضرائب المتزايدة على استخدامه. وهذا يقلل من الطلب عليه إلى مستويات تقل كثيراً عن المستوى الذي يمكن أن تبلغه لو تم تخفيف تلك الضرائب.

وفي يومي 21 و 22 نوفمبر 1995

عقد المؤتمر الوزاري العادي لمنظمة أوبك في فيينا بالنمسا.

استعرض المؤتمر تقرير سكرتير عام أوبك، وتقرير مجلس الهيئة الاقتصادية، وتقرير لجنة المراقبة الوزارية.

           وفي ضوء فعاليات سوق البترول خلال عام 1995، وتوقعات العرض والطلب اعتباراً من يناير 1996، قرر المؤتمر الإبقاء على سقف الإنتاج الحالي المتفق عليه وهو 24.52 مليون برميل يومياً حتى نهاية يونيه 1996.

          وقد أعربت الوكالة الدولية للطاقة ـ قبل اجتماع أوبك المذكور عاليه ـ عن عدم تفاؤلها بالنسبة لأوضاع سوق البترول العالمية خلال عام 1996، وخاصة بالنسبة للدول التي تعتمد اعتماداً كبيراً على عائداتها من التصدير.

          وأشارت الوكالة إلى أنه في حالة فشل دول أوبك في الالتزام بسقف الإنتاج في ذلك الوقت والمقدَّر بنحو 24.52 مليون برميل يومياً، فمن المتوقع زيادة إجمالي فائض العرض على الطلب في عام 1996 إلى حوالي مليون برميل يومياً في مقابل 400 ألف ب/ ي في عام 1995.

          شهد عام 1995 ارتفاعاً ملحوظاً في عائدات الدول الأعضاء في منظمة أوبك بالمقارنة بعام 1994 حيث قفزت من 124.9 مليون دولار إلى حوالي 141.4 مليون دولار بزيادة بنسبة 13.2%.

ويرجع ذلك لارتفاع الأسعار فضلاً عن زيادة الصادرات

وقد وصل سعر البرميل عام 1995 إلى نحو 16.38 دولاراً مقابل 13.25 دولار عام 1994.

ارتفاع إنتاج منطقة بحر الشمال عام 1995

          في مناسبة ما سبق ذكره من استمرار الارتفاع الكبير في إمدادات الدول خارج أوبك وخاصة بحر الشمال بما لا يتيح فرصة أمام المصدرين العرب بالتوسع في إنتاجهم.

          قد يكون من المفيد أن نلقي مزيداً من الضوء على تطور الإنتاج في منطقة بحر الشمال تلعب الدول المنتجة للبترول خارج أوبك دوراً مهماً ومؤثراً في تحقيق استقرار سوق البترول العالمي، وقد تزايد نصيب هذه الدول من الإنتاج العالمي خلال السنوات الخمس الماضية (1991 ـ 1995) حيث وصل إلى حوالي 32.7 مليون برميل يومياً (بما يعادل 48.2% من الإنتاج العالمي) باستثناء دول الاتحاد السوفيتي سابقاً.

          وتجدر الإشارة إلى أن منطقة بحر الشمال تعتبر من أهم مناطق الإنتاج من خارج أوبك: وتضم كل من المملكة المتحدة والدنمارك وهولندا والنرويج التي لها دور بارز في اجتماعات ولقاءات مجموعة الدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك).

          وقد حقق إنتاج بحر الشمال في عام 1995 زيادة في إنتاج الزيت الخام بنسبة 4.7% وأكثر من 5% في إنتاج الغاز الطبيعي، حيث سجل إنتاج الزيت الخام حوالي 5.8 مليون برميل يومياً، بما يعادل أكثر من خُمس إنتاج أوبك في عام 1995. بينما يغطي إنتاج الغاز أكثر من ثلث استهلاك أوربا، مما جعل منطقة بحر الشمال تستمر كمركز للعديد من الصناعات البترولية ومحط أنظار الدول الصناعية الكبرى.

          والنرويج تعزز مركزها كأكبر منتج للزيت الخام في بحر الشمال. فقد سجل إنتاجها حوالي 2.9 مليون برميل يومياً (بما يعادل 49.7% من إنتاج المنطقة)، كما حقق إنتاجها من الغاز الطبيعي زيادة بنسبة 3.7% حيث سجل حوالي 27.8 بليون مكعب.

          أما المملكة المتحدة فقد ارتفع إنتاجها من الزيت الخام عام 1995 بحيث وصل إلى 2.7 مليون برميل يومياً، وإنتاجها من الغاز الطبيعي ارتفع بنسبة 12% ليبلغ حوالي 79 بليون متر مكعب مما جعلها تحتل المركز الأول بين دول بحر الشمال الأربع في إنتاج الغاز لأول مرة.

          وتبذل هولندا جهوداً مكثفة للحفاظ على مستوى إنتاجها من الغاز الطبيعي فقد كانت منذ عام 1993 تعتبر أكبر دول بحر الشمال إنتاجها للغاز. وقد استطاعت بالكاد أن تحافظ على مستوى إنتاجها خلال عام 1995 حيث انخفض بنسبة ضئيلة ليسجل 78.3 بليون متر مكعب. أما إنتاجها من الزيت الخام 75000 برميل يومياً.

هذا بالنسبة لارتفاع إنتاج دول منطقة بحر الشمال حتى عام 1995

          أما بالنسبة للدول المنتجة خارج أوبك ككل، فإن كثيراً من المحللين يعتبرون أن منظمة أوبك كانت ضحية للثورة التكنولوجية.

          كيف يكون ذلك؟ من الحقائق المؤكدة في صناعة البترول تضاعف قدرة الخامات المنتجة من الدول خارج أوبك على المنافسة في الأسواق العالمية خلال السنوات العشر الماضية. ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى الثورة التكنولوجية والإدارية في مجالات تحديد احتمالات العثور على البترول، وتكاليف الحفر والاستكشاف والإنتاج في المياه العميقة جداً. هذا بالإضافة إلى تحسين الإنتاجية مع خفض تكاليف الإنتاج من مصادر استخراج البترول غير التقليدية مثل استخراج الخامات الثقيلة جداً، ورمال القار التي يوجد احتياطيات ضخمة جداً منها.

          وحين قامت ثورة الأسعار في منتصف الثمانينات لإبعاد المنتجين الصغار من مجال المنافسة، كانت تكاليف استخراج البترول من خارج أوبك تتراوح بين 6 إلى 20 دولاراً للبرميل في مقابل ما يتراوح بين دولار واحد وستة دولارات للبرميل لخامات دول أوبك.

وبعد مرور عشر سنوات ماذا حدث؟

  • انخفضت تكاليف استخراج البترول في الدول المنتجة خارج أوبك إلى ما يتراوح بين 5 دولارات ـ 10 دولارات. بينما لم يطرأ أي تغيير على تكاليف استخراج برميل البترول داخل دول أوبك.
  • انخفضت تكاليف طرق الاسترجاع المحسن وإنتاج رمال القار مما يتراوح بين 20 ـ 24 دولاراً في منتصف الثمانينات إلى ما يتراوح بين 10 ـ 16 دولاراً للبرميل في عام 1995.
  • مكَّنت التكنولوجيا الحديثة وارتفاع الإنتاجية شركات البترول من خفض التكاليف الإجمالية بمعدل دولار واحد سنوياً لكل برميل مكافئ من البترول منذ بداية التسعينات وحتى الآن.

وهذه بعض الأمثلة التي تؤكد هذه الاتجاهات:

  • انخفاض معدل السنوات التي تستغرقها عمليات تنمية الحقل من نحو 5 ـ 7 سنوات إلى 2 ـ 3 سنوات فقط.
  • في خلال الفترة من 1989 ـ 1995 تضاعف حجم الغاز المكتشف من حفر متر واحد ثلاث مرات، بينما انخفضت تكاليف حفر المتر الواحد بنسبة 20%.

          وكانت نتيجة تطور أساليب الحفر والإنتاج وخفض تكاليف استخراج البترول على هذا النحو، أن ارتفع إنتاج الدول خارج أوبك حتى وصل إلى 50 مليون برميل يومياً. وتراجعت بذلك القدرة التنافسية التي كانت تتمتع بها دول الخليج العربي أعضاء أوبك. وعلى سبيل المثال: فقد سجلت واردات البترول الأمريكية في عام 1995 حوالي 8.8 مليون ب/ ي بلغ نصيب دول أوبك ككل 4.2 مليون ب/ي (كان نصيب الدول العربية أعضاء أوبك نحو 1.8 مليون ب/ي، ونصيب باقي دول أوبك 2.4 مليون ب/ي) بينما سجلت صادرات الدول غير الأعضاء في أوبك نحو 4.6 مليون ب/ي.

          وفي هذا الصدد تشير البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن الدول العربية أعضاء أوبك بدأت تفقد الكثير من حصتها لصالح المنتجين خارج أوبك ومنتجي أوبك الآخرين .

          وفي عام 1995 حدثت اجتماعات ومؤتمرات. وعلى الرغم من أنها تتفاوت في الأهمية، إلا أنه من الأفضل ذكرها على أنها مجرد وقائع في سجل صناعة البترول، ولكونها دليلاً على الاهتمام بهذه الصناعة. ولا غرابة في ذلك فقد قِيل إن البترول عصب الحياة منذ اكتشافه إلى ما بعد القرن العشرين بقليل. وسوف يقاسمه هذه الأهمية الغاز الطبيعي في القرن الواحد والعشرين وقد يتفوق عليه.

خلال الفترة من 11 ـ 13 مارس 1995

عُقد المؤتمر التاسع لبترول الشرق الأوسط في مدينة المنامة بالبحرين

وجدير بالذكر أن هذا المؤتمر يعقد بصفة دورية كل عامين منذ مارس 1979، وتنظمه جمعية مهندسي البترول العالمية وفرعها بالشرق الأوسط.

وقد عقد المؤتمر تحت شعار: “الاستغلال الأمثل للمصادر في ضوء التكاليف المعاصرة”.

تناولت جلسات المؤتمر مناقشة ما يقرب من 130 بحثاً فنياً في شأن مجالات الاستكشاف والحفر والإنتاج والخزانات وحماية البيئة والأمن الصناعي وباقي الأنشطة المصاحبة لصناعة البترول. كما خصص المؤتمر حلقة نقاشية لكيفية التكيُّف مع ظروف السوق العالمي في ظل المتغيرات التي يشهدها .

في 19 مايو 1995

          أصدر المؤتمر الأول لوزراء الطاقة الأفارقة في ختام اجتماعاته في تونس بياناً رسمياً، أطلق عليه بيان تونس، حث فيه على تطوير التعاون بين الدول الأفريقية في قطاع الطاقة، وتنفيذ مشروعات وخطط إقليمية لتحقيق التكامل بين الدول التي تتوافر فيها مصادر مختلفة للطاقة.

          وأكدت الوثيقة الرئيسية للمؤتمر ـ التي أعدها بنك التنمية في أفريقيا بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية ـ أن 24 دولة أفريقية تملك احتياطيات من البترول والغاز إلا أن الفوارق بينها شاسعة.

          وأشار إلى أن القارة الأفريقية تمتلك 6% من احتياطيات البترول العالمية، بينما تمتلك منطقة الشرق الأوسط 65%، وأمريكا اللاتينية 13% وأمريكا الشمالية 3%، وآسيا 5%، وأوربا الشرقية (سابقاً) 6%، وأوربا الغربية 2% فقط.

          وذكرت الوثيقة أن الإمكانيات المحدودة لغالبية الدول الأفريقية، وغياب سياسات بترولية مشتركة حالا دون تطوير قطاع الطاقة في أفريقيا، مستندة إلى ضآلة عمليات التنقيب ومحدودية المسح الجيوفيزيائي للقارة مما أدى إلى ضعف اهتمام الشركات البترولية العالمية باستخراج الثروات النفطية الأفريقية.

          أشارت إلى أن منطقة شمال أفريقية ونيجيريا تستأثران بالجانب الأعظم من الاحتياطيات البترولية والغازية في أفريقيا (90% من البترول، 80% من الغاز)

          بالنسبة لحصة أفريقيا من الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي فقد قدِّرت بنسبة 7% بالمقارنة بنسبة 31% في منطقة الشرق الأوسط.

          أوضحت الوثيقة أن استهلاك أفريقيا من البترول يمثل 3% فقط من لاستهلاك العالمي، وتستهلك أفريقيا نسبة 30% من إنتاجها البترولي، وتصدِّر الجانب الأكبر خاماً أو مكرراً إلى الدول الصناعية.

          ما يمثل استهلاك الغاز الطبيعي نسبة 1.8% من إجمالي الاستهلاك العالمي، مما يعني وجود اختلال كبير بين الاحتياطيات المتوافرة (7% من الاحتياطي العالمي) ونسبة الاستهلاك (1.8%)، خصوصاُ وأن الجهود التي تبذلها كل من مصر والجزائر للاستفادة من الغاز الطبيعي هي التي أتاحت الوصول إلى النسبة الحالية على ضآلتها.

وطرحت الوثيقة أربع وسائل لتجاوز الوضع الراهن وهي:

  1. حل مشكلة استثمار الإمكانات المتوافرة في القارة.
  2. استخدام الغاز الطبيعي كبديل مستقبلي يهيء لمرحلة انتقالية في سياسات الطاقة.
  3. إنشاء سوق نفطية أفريقية مندمجة.
  4. تنمية الصناعات البتروكيميائية الأفريقية بتكرير المواد الأولية المستخرجة وتصنيعها محلياً .

خلال الفترة 25 ـ 27 سبتمبر 1995

عقدت الدول المنتجة للبترول والدول المستهلكة له اجتماعاً في فنزويلا، وتناولت المحادثات ثلاثة موضوعات رئيسية:

  • صناعة البترول والغاز في العالم وأثرها على النمو الاقتصادي في الدول المنتجة.
  • التكنولوجيا وأثرها على صناعة البترول والبيئة.
  • تكامل العلميات الاستثمارية في الصناعة البترولية.

          وأكدت توصيات المؤتمر على أهمية مواصلة الحوار وحاجة العالم إلى مصادر جديدة للبترول والغاز بما يلبي نمو الطلب عليهما، وتطوير التكنولوجيا بما يعمل على تحسين الإنتاج وتخفيف التلوث.

          وقد أثبتت المناقشات أن الهوة لا زالت كبيرة بين الجانبين وهي تحتاج إلى مزيد من الحوار ليس فقط بين المنتجين والمستهلكين، وإنما أيضاً بين المنتجين أنفسهم لإيجاد ضمانات لاستثماراتهم في مجال البترول، وإيجاد منافذ تسويقية وتحقيق مستويات سعرية عادلة ومعقولة.

          وتجدر الإشارة إلى أهمية التنسيق بين الدول المنتجة خاصة وهي تواجه مشكلة التحيز الضريبي ضد البترول من قِبل الدول المستهلكة الرئيسية للطاقة مع تقلُّب وتدني مستوى الأسعار وتزايد الإمدادات من قِبل الدول المنتجة خارج أوبك دون الوصول إلى صيغة تساعد على خلق الاستعداد والتوازن في السوق البترولية.

خلال الفترة 13 ـ 18 أكتوبر 1995

عَقَدَ مجلس الطاقة العالمي مؤتمره السادس عشر في طوكيو باليابان تحت شعار:

“الطاقة لعالمنا المشترك: ماذا ينتظر منا المستقبل”

          شارك في أعمال هذا المؤتمر حوالي 4 آلاف مشارك يمثلون 84 دولة، بالإضافة إلى 19 مؤسسة وهيئة إقليمية ودولية، والعديد من الشركات البترولية ومنتجي مصادر الطاقة الأخرى المختلفة.

          وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمر الطاقة العالمي يُعقد بصورة دورية كل ثلاث سنوات، ويتولى متابعة أوضاع الطاقة من خلال لجانه المكلفة بمتابعة ودراسة الموضوعات التي يحددها مجلس الطاقة العالمي بناء على طلب الأعضاء.

          استعرض المؤتمر أكثر من 400 بحث ودراسة تركزت على الطاقة والتنمية الاقتصادية، ومصادر الطاقة المستديمة مستقبلاً وزيادة كفاءة استخدام الطاقة والطاقة لمحيط بيئي أفضل. كما تناولت الدراسات نظرة شمولية لوضع الطاقة العالمية، وتطلعاتها المستقبلية حتى عام 2050، بالإضافة إلى عدد آخر من قضايا البيئة والطاقة.

خلال الفترة من 13 ـ 16 نوفمبر 1995

عقدت الأمانة العامة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) ندوة حول:

“خطوط الأنابيب لنقل المواد الهيدروكربونية في الدول العربية”.

          عالجت الندوة مختلف المواضيع الفنية والاقتصادية المتعلقة بمد الأنابيب على الأراضي البرية وفي المناطق المغمورة، وطرق تشغيلها وصيانتها، والتطورات الفنية في هذه المجالات.

          قدم خبراء يمثلون شركات ومؤسسات عالمية ذات خبرة واسعة في مواضيع الندوة عدداً من الأبحاث الفنية. كما تضمن برنامج الندوة عدداً من الحالات الدراسية قدمها خبراء من الدول الأعضاء المشاركة في الندوة، بهدف تحقيق تبادل الخبرات.

          شارك في الندوة مختصون من: الإمارات العربية المتحدة، البحرين، الجزائر، المملكة العربية السعودية، قطر، الكويت، ليبيا، مصر، واليمن. إضافة إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي والشركة العربية للاستثمارات البترولية.

من خلال الأوراق المقدمة والمناقشات التي دارت حولها يمكن استخلاص النتائج التالية:

  • حققت الدول العربية المنتجة للبترول تقدماً كبيراً في مجال مد شبكات أنابيب لنقل الزيت والغاز والمشتقات البترولية عبر أراضيها، كما امتد بعضها إلى الدول المجاورة وإلى دول أوربية.
  • أثبتت الأقطار العربية قدرتها على تشغيل وصيانة خطوط الأنابيب ترقى إلى المستويات العالمية. وقد اكتسبت خبرة واسعة في هذا المجال، كما تمكنت من تصميم وتنفيذ بعض المشروعات.
  • أبرزت البحوث بعض التكنولوجيات الجديدة التي تساعد على تطوير وصيانة شبكات الأنابيب،.
  • ركزت الأبحاث المقدمة إلى الندوة على أهمية التفتيش على شبكات خطوط الأنابيب، وإجراء الصيانة الدورية عليها، وعدم الإهمال في ذلك تفادياً لحدوث أضرار مادية وبيئية.
  • أتاحت الندوة للمشاركين فرصة تبادل الآراء بصورة مباشرة مع الخبراء الأجانب.

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button