دراسات اقتصاديةدراسات سوسيولوجيةدراسات سياسيةدراسات شرق أوسطية

الوطن العربي ومظاهر العولمة

خطة البحث

 * التطور السياسي للعلاقات العربية.

 الأبعاد السياسية.

 الأبعاد الاقتصادية.

 الواقع الاقتصادي العربي.

 *  الواقع الاقتصادي العربي في ظل العولمة.

 الهيكل القطاعي في الوطن العربي.

 حجم التبادل التجاري العربي.

 التبادل التجاري في المجال العسكري.

 حجم التبادل التقاني العربي.

 * دور التعليم ونتاجه في التقدم العلمي والثقافي.

أن الجغرافية السياسية لها اهتمام خاص بالمعطيات الطبيعية والبشرية التي ترسم أشكال النشاط البشري وتحدد نقاط قوة أو وهن الأمن القومي.

فالموقع الجغرافي البالغ الأهمية الذي يشغله الوطن العربي جعله محور تدور حوله كل أحداث التاريخ الخاصة به، إذ تضاربت على أرضه مصالح القوى الكبرى، فالوطن العربي يشغل مساحة تبلغ 14 مليون كم2 ويمتلك سواحل دافئة المياه يبلغ طولها 21 ألف كم تطل بجبهات طويلة على المحيط الأطلسي والهندي وبحار المتوسط والأحمر والعربي وخلجان العربي وعمان وعدن. كما يحتوي خزينا من النفط يزيد على 644,8 مليار برميل في نهاية عام 2000 مشكلاً نسبة 62,1% من الاحتياطي العالمي، وخزيناً من الغاز الطبيعي يبلغ 36,7 تريليون متر مكعب مشكلاً نسبة 23,7% من احتياطي العالم، وعدد مهم من السكان يصل  إلى 273 مليون نسمة في عام 2001([1]).

كل هذه المميزات زادت من أهمية الوطن العربي في السياسة الدولة وأصبحت معظم دول العالم تسعى وبكل السبل للسيطرة عليه، ولبيان ذلك سيتضمن هذا الفصل:ـ

1ـ التطور السياسي للعلاقات العربي.

2ـ الواقع الاقتصادي العربي.

3ـ حجم التبادل التجاري العربي.

4ـ التبادل التقاني العربي.

التطور السياسي للعلاقات العربية

لقد تجسدت العولمة في أهداف القوة العالمية من أجل سيادة نمط معين من الحياة وذلك باستخدام مختلف الوسائل. وهذا النمط كان وما زال يتخذ شكل عقيدة دينية أو هيمنة عسكرية أو سياسية واستغلال اقتصادي. ولعل  التجسيد لها في سعي القوى الاستعمارية للسيطرة على العالم واستغلال ثروات الشعوب وفرض الأنماط السياسية واقتصاد السوق دون اعتبار لخصوصيتها([2]) ونتيجة للميزات التي يمتلكها الوطن العربي فقد كان من أبرز مناطق العالم التي سعت وتسعى القوى العالمية للوصول إليها، وفرض هيمنتها الكاملة عليه. وكان لهذا أثر كبير في تطور علاقة الوطن العربي بدول العالم بما فيها القوى العالمية. وقد برز هذا التأثير في البعدين السياسي والاقتصادي.

1ـ الأبعاد السياسية

أن علاقة الوطن العربي بدون العالم تمتد إلى قرون عديدة مضت. لكن هذه العلاقة لم تأخذ حيزها الواسع سياسياً واقتصادياً حتى الحرب العالمية الأولى 1914 حيث احتدم الصراع بين الدول الأوربية التي سعت للسيطرة على الوطن العربي والدولة العثمانية التي كانت تسيطر عليه لاسيما بعد ظهور النفط في العراق وشواطئ الخليج العربي، وبعدما تمكن الأوربيين من طرد العثمانيين والاستيلاء على ممتلكاتهم وتقسيمها فيما بينهم بموجب اتفاقية سايكس بيكو البريطانية ـ الفرنسية سنة 1916. ومن ثم مؤتمر سان ريمو في إيطاليا في نيسان 1920 الذي فرض فيه الانتداب البريطاني على العراق وفلسطين ومصر، والانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان. وقد أضيفت فقرة تنص على أن الانتداب على فلسطين سيلتزم بتنفيذ وعدد بلفور الذي أطلقه في عام 1917.

لقد لجأت الإمبريالية إلى استعمال وسائل متعددة لصنع التجزئة وترسيخها. ومنها صنع كيانات جديدة واستخدام التفرقة الطائفية والقبلية والعرقية، إنشاء القواعد العسكرية، استخدام الإرساليات التبشيرية، حماية الطبقات والأسر الحاكمة، فرض التبعية ومحاربة جميع مشاريع الوحدة([3]).

وعلى الرغم من حالة الضعف والتمزيق التي كان يعاني منها الوطن العربي إلا أن حركات التحرر استطاعت القيام بحركة استقلالية ساعدت الظروف الدولية والاستراتيجية والاقتصادية على قيامها. فمن الناحية الاستراتيجية فان العلاقة بين المعسكرين (الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق، والغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية) قد تغيرت حيث حل نظام الصواريخ العابرة للقارات والغواصات الحاملة للصواريخ ذات الرؤوس النووية، محل الصواريخ متوسطة المدى (انظر الملحق رقم 1) كما لم يعد من الأمور الحيوية ربط الشرق بتحالف عسكري مع الغرب لاسيما بعد انهيار حلف بغداد، والذي كان واحداً من المشاريع التي قامت الولايات المتحدة الأمريكية بطرحها في عام 1955، الذي كان يهدف إلى أحكام الطوق على الاتحاد السوفيتي السابق والوصول إلى المنطقة العربية([4]). وقد ضم الحلف فضلا عن الولايات المتحدة الأمريكية كل من بريطانيا والعراق وتركيا وإيران والباكستان. وبعد إعلان الحلف استخدمت القوى الاستعمارية أساليب مختلفة للتدخل في شؤون الوطن العربي تحت مختلف الذرائع والتسويغات حيث رمت بثقلها في المشاركة في الحلف والتدخل في لبنان، كما تدخل الحلف الأطلسي في استخدام أسلحته لأضعاف ثورة الجزائر، وقامت بريطانيا بالعدوان الثلاثي على مصر بمشاركة فرنسا والكيان الصهيوني عام 1956. لكن حلف بغداد لم يستمر طويلاً إذ أنهار بعد ثورة 14 تموز 1958 في العراق أثر انسحاب العراق منه، وقد استبشر الاتحاد السوفيتي خيراً بأنهار الحلف ليزداد (اهتمامه بالوطن العربي بسبب العزلة الدفاعية التي كان يعاني منها والتي شدد عليها ستالين وتأكيده ضرورة إنجاز مستلزمات البناء والتقدم الداخلي كعنصر حاسم لتطور الثورة العالمية([5]) إلا أنه بعد عام 1958 بدأ يهتم بالوطن العربي نتيجة لأسباب عديدة:ـ

1ـ انحياز المعسكر الغربي بالكامل للكيان الصهيوني بعد صدور قرار التقسيم لعام 1948.

2ـ أن الوطن العربي يقع على مقربة من حدود الاتحاد السوفيتي الجنوبية، ويعد منطقة تتضارب فيها مصالح القوى الكبرى، كما أنه يشغل خاصرة الاتحاد السوفيتي السابق ونقطة وهن سوقية له([6]).

3ـ امتلاك الوطن العربي موارد نفطية هائلة.

4ـ يشكل الوطن العربي سوقاً تجارية يمكن أن يستفاد منها في تصريف منتجاته لاسيما العسكرية.

أن العلاقات العربية السوفيتية لم تأخذ وتيرة واحدة بل تطورت تبعاً للظروف الإقليمية والدولية، كما أنه تأثرت بعوامل داخلية حيث كان يشهد تراجعاً اقتصادياً بسبب الحرب الباردة مع الولايات المتحدة الأمريكية وكان لهذا أثر كبير انعكس على العلاقات الخارجية له مع دول المنطقة.

وفي بداية السبعينات من القرن العشرين حدث مفترق كبير في علاقة العرب بالغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إذ تطورت علاقته بالكيان الصهيوني على حساب العرب فهذا آفي شليم يقول (لقد تطورت العلاقة بين البلدين (الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية) لاسيما في رئاسة نكسون على نحو تدريجي حتى وصلت إلى شراكه وثيقة)([7]). وقد تدعمت العلاقات الصهيونية ـ الأمريكية بعد حرب 1973، وانتقلت المساعدات إلى الكيان الصهيوني فأصبحت من مئات الملايين إلى مليارات عديدة.

لقد كانت حرب 1973 نقطة تحول في طبيعة العلاقات الأمريكية ـ الصهيونية، إذ زادت من قدرت الكيان الصهيوني على رفض المقترحات الأمريكية بعقد اتفاقية للفصل بين القوات العربية والصهيونية على الجبهة الأردنية في عام 1974، ورفض الاقتراح الأمريكي الخاص باتفاقية سيناء عام 1975 إلا بعد أن قيدت الإدارة الأمريكية بعدد من القيود منها عدم التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية وعدم التصويت ضد الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة والتشاور المسبق مع الكيان الصهيوني في كل ما يخص الصراع العربي ـ الصهيوني. ولم يقبل الكيان الصهيوني باتفاقية كامب ديفيد إلا بعد أن ألزمت الولايات المتحدة الأمريكية بأجراء قفزة في كمية ونوعية المساعدات حتى بلغت 3,5 مليار دولار في عام 1986 و3,4 مليار دولار في عام 1987 جميعها منح لا ترد([8])، وفي اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 التي تبناها الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر بين الرئيس المصري السابق أنور السادات، ورئيس حكومة الكيان الصهيوني السابق بيغن التي عقدت في الولايات المتحدة الأمريكية، أخفقت الولايات المتحدة الأمريكية في التوصل إلى تسوية بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين ويعزى هذا الإخفاق إلى اللوبي الصهيوني، وإلى مبادرة الرئيس المصري بزيارة القدس وإلى إدارة كارتر التي تجاهلت المبدأ الذي مفاده أنه ما من حل يكون في الوطن العربي وهو ينكر على الفلسطينيين حق تقرير المصير. وثمة سبب أخر للإخفاق هو في قوة المناصرة للكيان الصهيوني في أوساط موظفي البيت الأبيض والكونغرس والصحافة والرأي العام([9]). وقد خسرت مصر من جراء هذه الاتفاقية الاستقرار السياسي والفكري، كما خسرت حقها في ممارسة سيادتها كاملة على جزء من وطنها وهو (سيناء). وخسرت استقلالها بقدر تركز القوات الأجنبية على أرضها دون أن يكون لها حق سحبها في أي وقت تشاء وبغير شروط، خسرت ميزان القوة بنيها وبين عدوها عندما قبلت أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية شريكا لها وضامناً، وخسرت الدول العربية كلها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً([10]).

لقد حققت الاتفاقية الكثير للكيان الصهيوني، فهي لم تكن فقط ضرورية لتحييد مصر (انشط دول المواجهة) بل أيضاً كانت أفضل ضمان لمنع أي سيادة أجنبية على الجزء الغربي من الأراضي الفلسطينية التي يغتصبها الكيان الصهيوني، كما حققت هدفين ثابتين للكيان الصهيوني هما السلام ووحدة الأجزاء([11]). ونتج عن هذه الاتفاقية، انسحاب الجيش الصهيوني من سيناء، وإقامة علاقات دبلوماسية بين مصر والكيان الصهيوني وجعل سيناء منطقة منزوعة السلاح وإنشاء منطقة عازلة بين القوات المسلحة المصرية والصهيونية([12]).

وفي ثمانينات القرن العشرين حدثت تحولات نتج عنها معظم ما يشهده العالم اليوم. ففي الاتحاد السوفيتي السابق وعندما تولى غور باتشوف السلطة أعلن عن اتباع سياسة إعادة البناء (البيروسترويكا) والمصارحة (الغلا ستنوست). وهذا أدى إلى عدم القدرة على التحكم في إعادة البناء فقط بل تفكيك الاتحاد السوفيتي، حيث سيطر الضعف على السياسة السوفيتية.

وفي عام 1991 تفكك الاتحاد السوفيتي إحدى القوتين العظميين والدولة الأوسع مساحة في العالم، وهذا الانهيار سبب ثقباً أسوداً (كما سماه بريجنسكي) في مركز اوراسيا وبدأ كما لو أن منطقة القلب التي جاء بها ماكندر قد انتزعت من خارطة العالم([13]).

ثم تولت روسيا ما كان للاتحاد السوفيتي السابق. وقد شهدت السياسة الروسية تبدلاً كبيراً حيث بدأت تسعى إلى تحقيق أكبر توافق ممكن مع السياسة الأمريكية وعلى امتداد الساحة الدولية. كما تراجعت السياسة الكونية لروسيا التي انتهجها الاتحاد السوفيتي السابق. وامتازت بالإهمال وعدم الوضوح في التعامل أمام إطلاق يد الولايات المتحدة الأمريكية في العالم والمنطقة العربية.

لقد ترك انهيار الاتحاد السوفيتي فراغاً سياسياً لهذا أصبح نقطة تحول فكرية مهمة حملت الكثير من المفكرين على صياغة العديد من التنبؤات التي أعلنت نهاية كل ظاهرة أو مؤسسة تقريبا، ابتدأ بـ (نهاية التاريخ) لفرنسيس فوكاياما. وانتهت بـ (صراع الحضارات) لصموئيل هنتنغتون.

لقد وجدت هذه التنبؤات اهتماماً بالغاً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأخذت تعمل على تطبيقها. فما جرى ويجري الآن في الساحة الدولية ما هو إلا نتيجة لتطبيق  هذه الأفكار الخبيثة التي تهدف إلى تفعيل دينامية التفتيت والانفصال التي تعم العالم تقريباً([14]) والنزعة الانفصالية خلقت صراعات متأججة في العالم، ولكن اختلفت أسبابها هذه المرة. فسببها اليوم مسائل جيوبولتيكية خطيرة أبرزها سعي جماعات اثنية عرقية أو دينية إلى الانتظام في كيانات خاصة مستقلة التي يعزى تحريكها إلى العولمة التي سببت تراجع دور الدولة وعدم سيطرتها على حدودها الجغرافية([15])، وفي الوطن العربي فأنه يشهد في زمن العولمة حالة تفرقة وتهميش وصراعات اثنية لم يألفها من قبل، يعود سببها إلى هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية المطلقة على القرار السياسي في دول الخليج العربي بل في معظم الوطن العربي بعد العدوان الثلاثيني على العراق في كانون الثاني 1991. لأنها أصبحت المحرك والداعم لهذه الحركات الانفصالية، وأن هذا يعزز حالة التجزئة في الوطن العربي. وقد أكد هذا ما جاء به بريجنسكي الذي يرى (أن استمرار الفرقة العربية التي ينبغي أن يبقي عليها الغرب بدافع الحفاظ على مصالحة وسيطرته على منابع النفط العربية)([16]).

أن مخططات الاستعمار تهدف إلى تغيير الخارطة السياسية للوطن العربي بحيث تصبح دولاً هشة ليبست لديها القدرة على فرض سيطرتها على حدودها السياسية ويمكن اختراقها بسهولة بالغة.

2ـ الأبعاد الاقتصادية

أن العلاقات الاقتصادية العربية بالعالم ليست حديثة وإنما تعود إلى عصور قديمة فموقع الوطن العربي في وسط العالم جعله محطة تلتقي فيها القوافل التجارية. أن طريق الحرير الذي يربط الشرق بالغرب يمر من خلاله، وهذا أعطى الوطن العربي أهمية بالغة لأنه السوق الذي يتم فيه عرض وتبادل السلع التجارية.

إلا أن هذه الأهمية تراجعت بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء واشتداد الحملة الاستعمارية التي اجتاحت الوطن العربي شرقه وغربه التي استغلت الموارد الطبيعية المتاحة فيه. واستمر هذا الحال حتى المدة الفاصلة بين الحرب العالمية الأولى والثانية التي شهدت  تغيرات مهمة في العلاقات الدولية حددت التغيرات الأساسية التي لحقت بالتطور الاقتصادي للبلاد العربية فقد اختفت الدولة العثمانية وروسيا من المسرح الدولي واختفاء ألمانيا كدولة عظمى وانطواء الولايات المتحدة الأمريكية على نفسها وانشغالها باستغلال مواردها الاقتصادية الهائلة وسوقها الواسعة. وهذا سبب الكساد العظيم في الاقتصاد الغربي([17]).

وبعد الحرب العالمية الثانية حلت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي كونهما الدولتين العظيمتين الجديدتين محل بريطانيا وفرنسا اللتين أدت الحرب إلى اعتمادهما على المعونة الاقتصادية التي قدمتها لهما الولايات المتحدة الأمريكية في أثناءها. وفي هذه المرحلة زادت أهمية النفط بالتصاعد حتى بداية الخميسيات من القرن العشرين فقد أتمت أوربا إعادة تعمير ما دمرته الحرب وصاحب ذلك تحول سوق النفط من سوق  بائع إلى سوق مشتري باكتسابه مصادر جديدة له خارج أوربا([18]) ونتيجة للحركة الاستقلالية التي انتهجتها البلدان العربية في المدة المحصورة بين 1955ـ1965 قامت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بدفع من الكيان الصهيوني لشن عدوان على مصر وسوريا والأردن في عام 1967 تمكن العدو الصهيوني خلالها من احتلال صحراء سيناء والضفة الغربية وهضبة الجولان. وقد كانت هذه الحرب نقطة تحول بالنسبة لأنصار الكيان الصهيوني إذ أثبتت فاعليتها في تحقيق مصالح القوى الدولية لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية([19]) كما أن هذه الحرب حققت قفزة نوعية وكمية في المساعدات الاقتصادية التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني (أنظر الملحق رقم 2 ورقم 3).

وفي بداية السبعينات ومع حرب تشرين 1973 استطاع العرب ولأول مرة في التاريخ من استخدام العامل الاقتصادي أداة ضغط لتغيير الموقف السياسي لصالحه وقد أعلن العرب النفط سلاح في المعركة. وهذا الموقف أدى بالقوى لاسيما الأوربية إلى البدء بحوار مع العرب تفاعلاً مع استجابة عربية أدت إلى ما سمي لاحقاً بالحوار العربي الأوربي([20]) ونتج عن هذا الموقف توترات ضمن حلف الأطلسي حين صعدت الولايات المتحدة الأمريكية من ضغوطها لاحتواء أي دور أوربي سياسي واقتصادي نشط حيال المنطقة العربية([21]).

أما في ثمانينات القرن العشرين فان القوى العالمية أسقطت التعامل مع العرب كمجموعة سياسية موحدة في جامعة الدول العربية وبنيت سياسة بناء علاقات اقتصادية وسياسية مع دول جنوب وشرق البحر المتوسط كل على انفراد وكذلك مع دول الخليج العربي وكان ذلك بتوافق مطلق بين ستراتيجيات القوى الدولية([22]).

وعلى العموم تبقى سياسة القوى الدولية لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية تستهدف التحكم بالنفط الذي (حسب رأيهم) لا يمكن تحقيقه إلا من خلال أشراف الجيش الأمريكي المباشر([23]). ولذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتكثيف وجودها العسكري براً وبحراً وجواً في منطقة الخليج العربي وقد تعزز هذا الوجود في بداية التسعينات حيث أصبح الوجود الأمريكي يشكل حالة هيمنة مطلقة في الخليج العربي وقد تم تعزيز هذا الوجود من خلال الدعوة المباشرة من قبل الأسر الحاكمة في الخليج العربي لتكثيف القرارات الأمريكية في المنطقة تحت ذريعة حماية دول المنطقة من التهديد العراقي الذي لا أساس له بل رسم صورته الغرب ليتسنى له الهيمنة على منابع النفط وتجارته. وسواء أدرك العربي أم لم يدركوا فان العدوان الثلاثيين على العراق عام 1991 انشأ تحالفا على الأرض بين العرب والدول المعادية بما فيها الكيان الصهيوني، واصبح مطلوباً من الطرفين تقنين هذا التحالف وإبرامه في تعاقد بينهم سواء هرولوا أو تثاقلوا([24]). وعلى أثر ذلك جاء ما يسمى بـ (مشروع الشرق أوسطي) الذي بلور فكرته شمعون بيرس (وزير خارجية الكيان الصهيوني) بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية التي تتزايد رغبتها في إعادة رسم المنطقة من خلال إقامة نظام إقليمي فيها يكون فرعاً لما يسمى بالنظام العالمي الجديد الذي يؤكد هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية. ويساهم كذلك في تعزيز دورها كقطب متفرد نظراً لما للمنطقة من أهمية حيوية للاقتصاد الأمريكي.

لقد أصبحت القوة الاقتصادية تفرض نفسها اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالاستقلال قبل كل شيء استقلال اقتصادي، وهذا يعني أن البلد الغني لا يحتاج للمساعدة ولا يضطر للخضوع إلى الشروط السياسية التي ترافق عادة مثل هذه المساعدة. فالدول الكبرى اليوم تلجأ إلى المساعدات كشكل من أشكال الهيمنة على الدول النامية، ولذلك تم إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في عام 1945 ومنظمة التجارة الدولية في عام 1995. وهذه المؤسسات أصبحت الوسائل التي تحارب بها الحكومات المؤمنة باقتصاد السوق وعدّها ترسانة استراتيجية لها([25]). أن القوة الاقتصادية أكثر من أية قوة أخرى، تشكل هدفا تسعى إليه الدول، وأساسا تقوم عليه قوتها الراهنة والمستقبلية ومعيارا أساسيا من معايير قياس قوتها، وفي الوقت نفسه أداة من الأدوات التي تملكها الدولة في ممارسة السياسة الدولية.

وفي ظل تنامي ظاهرة العولمة سيبقى الاقتصاد هو المسيطر ولكن سيشهد العالم أشكالا جديدة من التنافس للسيطرة عليه. وهذا التنافس سيحدث تغيرات مستقبلية في العلاقات بين القوى الاقتصادية. وقد ميز غسان العزي هذه التغيرات بالآتي([26])

1ـ نهاية النظام القائم على هيمنة قوة كبرى.

2ـ يشهد العالم أقلمةl متنامية للاقتصاد العالمي حيث بدأت تتشكل أقطاب إقليمية مثل أوربا الموحدة، الولايات المتحدة مع نافثا والتبادل الحر لأمريكا الشمالية بين كندا والولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، والأسيان وغيرها.

3ـ قد يشهد العالم قوى صناعية جديدة ليس في آسيا وأمريكا اللاتينية فقط ولكن في الجمهوريات المنفصلة عن الاتحاد السوفيتي السابق.

في جميع الأحوال أن القوى الاقتصادية سوف تكون سلاح القرن الحادي والعشرين ولكن هذا السلاح لن يبقى حكراً على دولة واحدة أو مجموعة صغيرة من الدول الكبرى بل سوف تبقى سلاحاً متغيراً إلى حدود بعيدة جداً.

الواقع الاقتصادي العربي

أن امتداد الوطن العربي بين دائرتي عرض 2ْ جنوباً ـ 38ْ شمالاً منحه فرص التنوع المناخي وبالتالي الزراعي والصناعي وهذا يعني أن هناك نقطة إيجابية تسجل للاقتصاد العربي. خصوصا وأن التطورات الاقتصادية والإقليمية أخذت شكل هندسة جديدة للقرن الحادي والعشرين، فالجانب الاقتصادي اصبح أكثر المجالات أهمية ووجد اهتماما بالغاً في ظل العولمة.

والاقتصاد العربي يعاني التأخر والتخلف والاعتماد على قطاع أو قطاعين اقتصاديين حالة حال اقتصاديات الدول النامية التي يعد جزء منها. لذا سوف تقسم الدول العربية التي تتباين فيما بينها من حيث مساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي إلى ثلاث مجموعات هي:ـ

1ـ المجموعة الأولى. وتضم الدول التي تعتمد على النفط سلعة رئيسة في تجارتها الخارجية مثل الإمارات والبحرين والجزائر والسعودية والعراق وعمان وقطر والكويت وليبيا واليمن.

2ـ المجموعة الثانية. وتضم الدول ذات الدخل المتوسط التي تتمتع بقاعدة إنتاجية متنوعة نسبياً وتشمل تونس وسوريا ولبنان والمغرب ومصر.

3ـ المجموعة الثالثة. وتضم الدول ذات الدخل الواطئ التي تعاني ضعف البنية التحتية والمؤسسات المالية والاقتصادية وانخفاض متوسط الدخل فيها وتشمل الأردن وجيبوتي والسودان والصومال وموريتانيا.

وعلى ضوء هذا التقسيم سيتم دراسة الواقع الاقتصادي العربي ومدى تأثير ظاهرة العولمة عليه.

الواقع الاقتصادي العربي في ظل العولمة

يمتلك الوطن العربي مساحة واسعة تزيد على 14 مليون كم2 شكلا نسبة 2ر10% من مساحة العالم. وأن عدد السكان الذي بلغ عام 2001 (273) مليون نسمة يشهد نمواً سريعاً مقارنة بالبلدان المتقدمة حيث بلغت الزيادة السنوية 7ر2% للمدة 1975ـ1999 في حين تراوح معدل الزيادة في البلدان المتقدمة بين أعلى  نسبة لها في الولايات المتحدة الأمريكية 1% وأقل نسبة في الاتحاد الأوربي 4ر0%

وبالرغم من سعة المساحة وعدد السكان إلا أن الوطن العربي مازال ثنائي الإنتاج يعتمد على الإنتاج الزراعي وعلى النفط. والإنتاج الزراعي لا يسد الحاجة الغذائية له وأن تصدير محاصيله لا يسد إلا قسماً ضئيلاً من وارداته الأساسية، أما النفط فأنه يشكل الإنتاج الرئيس ويهيمن هيمنة تامة على حركة التنمية العربية لجميع البلدان المنتجة للنفط أو غير المنتجة له.

ويتأثر الاقتصاد العربي بالتغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم ويمكن الاستدلال من خلال دراسة الجدول رقم (1) المؤشرات الديمغرافية والناتج المحلي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد إلى ما يأتي:ـ

1ـ ارتفاع المعدل السنوي لنمو السكان الذي أدى إلى زيادة عدد السكان من 138 مليون نسمة في عام 1975 إلى 273 مليون نسمة عام 1999 وهذا يعني تضاعف عدد السكان الأمر الذي يعني ضرورة توفير الغذاء لأعداد السكان المتزايدة من ضمن إنتاجية لم ترتفع كثيرا، كذلك حدوث خلل سكاني بزيادة حجم القوى العاملة بكمية تفوق فرص العمل المتوفرة مما يعني زيادة البطالة التي سجلت أعلى نسبة لها في الوطن العربي قياساً بأهم الكتل الاقتصادية الدولية (الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوربي، اليابان) حيث بلغت 20% من إجمالي القوى العاملة في الوطن العربي بينما لم تسجل سوى 9ر8% في الاتحاد الأوربي و7ر4% في اليابان و2ر4% في الولايات المتحدة الأمريكية وجاء هذا التباين نتيجة لسيطرة الشركات متعددة الجنسية على جميع العمليات الاقتصادية.

2ـ تتفاوت الدول العربية فيما بينها في معدل الزيادة السنوية للسكان فقد سجل 8ر3% في المدة 1975ـ1999 في مجموعة الدولة النفطية ذات الدخل المرتفع و 1ر2% في الدول ذات الدخل المتوسط و3ر3% في الدول ذات الدخل الواطئ. وبالرغم من ارتفاع المعدل السنوي لنمو السكان في الدول ذات الدخل المرتفع إلا أنها أقل سكاناً أي أن عدد السكان بلغ فيها 2ر104 مليون نسمة أما في الدول ذات الدخل المتوسط فقد بلغ 3ر120 مليون نسمة. وفي الدول ذات الدخل الواطئ بلغ 8ر47 مليون نسمة. وهذا التفاوت يسبب خللاً في توزيع القوى العاملة في الوطن العربي لاسيما وان الدول النفطية هي التي تستخدم قوى عاملة أجنبية بينما تعاني القوى العاملة في المجموعتين الأخريين من انعدام فرص العمل.

3ـ أن الناتج المحلي لمجموع الدول العربية سجل ارتفاعاً خلال المدة (1990ـ1999) فقد كان 2ر477 مليار دولار في عام 1990. ثم ارتفع إلى 6ر533 مليار دولار في عام 1995 ثم وصل في عام 1999 إلى 7ر621 مليار دولار ولم يشذ عن ذلك إلا في عام 1998 عن العام الذي سبقه فقد بلغ 1ر606

جدول رقم (1)

المؤشرات الديمغرافية والناتج المحلي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد في الوطن العربي وأهم الكتل الاقتصادية الدولية.

الدولالمعدل السنوي لنمو السكانمجموع السكان بالملايينمجموع السكان بالملايين

البطالة %

الناتج المحلي الإجمالي مليار دولارمتوسط دخل الفرد دولار

75ـ1999

19751999 1995199919951999
الإمارات8ر65ر09ر2 8ر421ر521726517744
البحرين5ر33ر06ر0 8ر56ر6101919956
الجزائر6ر20ر162ر29 1ر418ر4714821632
السعودية2ر43ر73ر21 8ر1272ر13967976525
العراق0ر30ر112ر22 0ر789ر8138343674
عُمان3ر49ر03ر2 8ر136ر1564776724
قطر9ر42ر05ر0 1ر81ر121664221897
الكويت5ر20ر12ر2 5ر266ر261355413160
ليبيا1ر34ر23ر5 6ر270ر3157715858
اليمن9ر30ر76ر17 8ر47ر6317383
مجموع الدول النفطية8ر36ر462ر104 3ر3766ر42143074.46
تونس1ر27ر54ر9 0ر187ر2020142400
سوريا1ر34ر71ر160ر96ر168ر1611711044
لبنان9ر08ر25ر30ر91ر114ر1636574675
المغرب2ر23ر173ر290ر189ر321ر3512161196
مصر3ر28ر380ر620ر84ر609ر8810601434
الدول ذات الدخول المتوسطة1ر20ر723ر120 0ر1399ر17616031470
الأردن8ر39ر19ر40ر155ر64ر715161523
جيببوتي5ر42ر06ر0 4ر05ر0846922
السودان5ر27ر163ر30 5ر95ر11353381
الصومال0000005ر9 000000000000
مورتيانيا6ر24ر15ر2 0ر17ر6132383
الدول ذات الدخل الواطئ3ر32ر208ر47 4ر171ر26600546
مجموع الوطن العربي7ر28ر1380ر2732ر206ر5337ر62121472277
الولايات المتحدة الامريكية0ر12ر2204ر2802ر40001ر915200031872
الاتحاد الأوربي4ر04ر3490ر3769ر80004ر849700023699
اليابان5ر05ر1118ر1267ر40009ر434600024898
مجموع العالم6ر14ر39877ر58620000004ر303510006980

المصدر:ـ الأمانة لجامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2000، مصدر سابق، ص 31،239،248،253

2- UN, Human develppment report, 2001, New yourk, 2001, P. 154-181.

مليار دولار في عام 1997. وأنخفض إلى 6ر587 مليار دولار في عام 1998([27]). وهذا الشذوذ ناتج عن تراجع أسعار النفط في هذا العام. وارتفاع الناتج المحلي هذا لا يتناسب مع الزيادات الحاصلة في عدد السكان مما جعله يؤثر سلباً على متوسط دخل الفرد في الوطن العربي.

4ـ تتفاوت الدول العربية في الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 6ر421 مليار دولار في الدول النفطية، وقد انطبقت الحالة السابقة إذ سجلت 5ر81 مليار دولار عوائد نفطية في عام 1998 بينما كانت تقدر بـ 4ر117 مليار دولار في عام 1997([28]). وسجلت هذه الدول أعلى النواتج (ماعدا اليمن التي دخلت مجموعة الدول النفطية في عام 1991) بسبب امتلاكها النفط ولو أنها تشهد عدم استقرار في نواتجها بين ارتفاع وانخفاض حسب أسعار النفط في حين بلغ في الدول متوسطة الدخل 9ر176 مليار دولار. أما في الدول ذات الدخل الواطئ فقد بلغ 1ر26 مليار دولار.

5ـ عند مقارنة الناتج المحلي الإجمالي العربي مع أهم الكتل الاقتصادية الدولية نجد أنه سجل أدنى ناتج بينما سجل في الولايات المتحدة الأمريكية 1ر9152 مليار دولار (يفوق الناتج المحلي العربي بأربعة عشر ضعفاً). وفي اليابان بلغ 9ر4346 مليار دولار (يفوق بستة أضعاف). أما في الاتحاد الأوربي فقد بلغ 4ر8497 مليار دولار (يفوق الناتج المحلي العربي باثني عشر ضعفا).

6ـ أن متوسط دخل الفرد في الوطن العربي بلغ 2277 دولار في عام 1999 محققاً زيادة طفيفة قدرها 130 دولار خلال المدة 1995ـ1999 إذ كان 2147 دولار في عام 1995. ومن خلال الخارطة رقم (1) يتبين أن هناك تفاوتاً في توزيع متوسط دخل الفرد بين الدول العربية فيقل عن ألف دولار في جيبوتي والسودان ومورتيانيا واليمن، ويزيد عن خمسة آلاف دولار في كل من قطر والإمارات والكويت والبحرين وليبيا والسعودية وعمان.

أما عند مقارنة متوسط دخل الفرد في الوطن العربي مع أهم الكتل الاقتصادية الدولية نجد أنه سجل في الولايات المتحدة الأمريكية 31872 دولار (وهذه القيمة تبلغ أربعة عشر ضعفاً لمتوسط دخل الفرد في الوطن العربي) أما في اليابان فقد سجل 24898 دولار (أحد عشر ضعفاً). وسجل في الاتحاد الأوربي 23699 دولار (ما يزيد على عشرة أضعاف) وهذا الفارق يعود إلى عدم الموازنة بين نمو السكان ونمو الناتج المحلي الإجمالي في الوطن العربي.

الهيكل القطاعي في الوطن العربي

يتسم الهيكل القطاعي في الوطن العربي باختلال كبير، والذي يظهر ضعف مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة مساهمة الخدمات وقطاع التوزيع.

أ ـ قطاع الصناعة يشغل القطاع الصناعي في الوقت الحاضر أهمية كبيرة في الدول العربية وبقية العالم. ففي الوطن العربي شهد تراجعاً خلال عقد التسعينات الذي شهد بروز ظاهرة العولمة، وذلك لاقتران حركة رأس المال بالتجارة مما أدى إلى انتقال هائل للصناعات التحويلية من البلدان الصناعية ذات الأجور العالية إلى البلدان النامية ذات الأجور المتدنية([29])، مثل صناعة الغذاء والمنسوجات والملابس والأدوات المنزلية الاستهلاكية وهذا الانتقال عزز من حركة الشركات متعددة الجنسية التي تسيطر على معظم الصناعات الاستخراجية في الوطن العربي. وهذه الشركات أصبحت متعددة الأبعاد وذات سلطة مركزية، فالشركات المائة الكبرى باعت، ما مجمله 1,4 تريليون دولار في السنة وهذا يبين أنها تحتل موقع القلب في عملية تدويل الإنتاج والسيطرة على التجارة الدولية، فشركة شل البترولية (بريطانية ـ هولندية) تحتل مساحة 160 مليون هكتارl، وهذا ما يجعلها تتقدم بمساحتها على 146 دولة، وهناك أقل من عشر شركات متعددة الجنسية تحتكر مجتمعة مجمل تجارة العالم من المأكولات، وأن شركة أميركية واحدة تحتكر نصف تجارة العالم من الحبوب والحنطة([30]). ومن أسباب تراجع الصناعة أيضا، أن الصناعات الاستخراجية في معظم أقطار الوطن العربي (السعودية، الكويت، الإمارات وغيرها) تابعة اقتصاديا للدول الرأسمالية الصناعية، لأن هذه الدول هي التي تتحكم فيها إنتاجاً وتسويقاً وفي مستوى الأسعار الذي يناسبها، كذلك فان العائدات من هذه الصناعة معظمها رؤوس أموال مستثمرة خارج الوطن العربي مما ساعد على تخلف الصناعة، والقطاعات الاقتصادية الأخرى كافة.

ب ـ قطاع الزراعة. تعد الزراعة من أهم القطاعات الاقتصادية، وذلك لأنها تتحكم بغذاء الإنسان الذي ممن الممكن استغلاله من قبل الدول المسيطرة على إنتاجه كورقة ضغط على الحكومات والشعوب. وهذا بداء تطبيقه فعليا منذ ظهور العولمة وبروز أدواتها لاسيما الشركات متعددة الجنسية ومنظمة التجارة الدولية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. فالشركات تتحكم في تجارة وصناعة الغذاء في العالم لاسيما تجارة الحبوب والحنطة، وهذا أدى إلى ارتباط القرار السياسي بهذه الشركات والدول التي تديرها. أما منظمة التجارة الدولية فقد جاءت بقرارات رفع القيود وتقليص الرسوم الكمركية، وقد يتبادر إلى الذهن أن هذه الإجراءات فيها من الإيجابية الكثير، لكنها في الحقيقة تؤثر سلباً من جانب اتساع رقعة المنافسة التي تتعرض لها بسبب انفتاح الأسواق على المنتجات الزراعية وبالنتيجة تتضرر صادرات الدول التي لا تمتلك منتجاتها قدرة تنافسية عالية([31]).

جـ ـ قطاع الخدمات يحظى قطاع الخدمات باهتمام كبير، لأنه يظهر نوعية الحياة ومستوى الرفاه الاجتماعي. كما أن هذا الاهتمام اقترن بالتقدم العلمي والتقاني الذي يشهده العالم في ظل العولمة. والخدمات لا تؤثر على الجانب الاجتماعي فقط وإنما لها تأثير مباشر في تطوير الاقتصاد وزيادة التنمية.

أصبحت الخدمات تحتل مركزاً مهماً في التجارة العالمية، ففي عام 2000 بلغ نصيبها 1,4 ترليون دولار أي خمس التجارة العالمية الكلية، والواقع ان حجمها الحقيقي يفوق هذا المبلغ، لأن إحصاءات التجارة العالمية تعتمد على انتقال الخدمات من دولة لأخرى ولا تسجل العمليات التي تجري داخل الدولة بين الشركات متعددة الجنسية والشركات المحلية([32]).

لقد تأثرت الخدمات هي الأخرى بظاهرة العولمة، فالشركات تسيطر على تجارة الخدمات وتتحكم في نوعية الخدمات التي تصدرها للدول حسب مصالح هذه الشركات أما منظمة التجارة الدولية فأنها فرضت على الدول المنظمة فيها منع تطبيق إجراءات تقيدية على الخدمات وهذا يفرض على الدول استقبال اليد العاملة الأجنبية ويسبب عجزاً في ميزان المدفوعات، فعلى سبيل المثال تعد السعودية في مركز الصدارة من حيث استقبال اليد العاملة الأجنبية غير المصدرة لليد العاملة لذلك يعاني حساب التحويلات دون مقابل عن عجز قدره 13977 مليون دولار في عام 1999([33]).

أما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فأن تأثيرهما ينحصر في قيمة القروض التي تقدمها للدول فكلما زادت قيمة القروض زادت السيطرة على القرار السياسي في الدول المقترضة سواء كانت القروض لتنمية القطاع الصناعي أم الزراعي أم الخدمات.

ويعاني الاقتصاد العربي بجميع هياكله الاقتصادية من تأثير ظاهرة العولمة وأدواتها ويمكن استنتاج ذلك من خلال دراسة الجدول رقم (2) والذي يظهر منه ما يأتي:ـ

1ـ شهد القطاع الصناعي تراجعاً خلال عقد التسعينات فقد بلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 33,5% في عام 1990 و31% في عام 1995 وهبطت إلى 27,3% في عام 1998 وعادت لتترفع إلى 30% في عام 1999، لكن هذا الارتفاع لا يمكن التعويل عليه لأن العام الذي سبقه شهد تراجعاً في أسعار النفط، كما أن ارتفاعه لم يصل إلى المستوى الذي كان عليه في عام 1997 (أنظر الشكل رقم 2).

2ـ عند مقارنة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي للوطن العربي مع نسبة مساهمته في أهم الكتل الاقتصادية نجد أنه تفوق على الولايات المتحدة الأمريكية لكنه جاء بعد الاتحاد الأوربي واليابان، وهذا التفوق لا يعود إلى تقدم الصناعة في الوطن العربي وإنما لأن القطاع الصناعي العربي يرتكز على النفط.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية فان تراجع الصناعة يعود لارتفاع نسبة مساهمة الخدمات. ولأبد من الإشارة إلى أن الصناعات المنتشرة في الوطن العربي هي صناعات غير حيوية أو دنيا مثل الصناعات كثيفة اليد العاملة والصناعات الملوثة للبيئة مثل تكرير النفط، أما البلدان الصناعية فأنها احتفظت لنفسها بالصناعات الحبوية وهذا ما تفعله العولمة.

3ـ للقطاع الزراعي أهمية كبيرة في بعض الأقطار العربية لمساهمته الكبيرة في ناتجها المحلي الاجمالي لعام 1999 مثل العراق والسودان وسوريا حيث بلغ جدول رقم

 

جدول رقم (2)

أ ـ الهيكل القطاعي للناتج المحلي الإجمالي للوطن العربي

للأعوام 1990،1995،1998،1999

(نسبة مئوية)

القطاعات1990199519981999
نسبة مساهمة الصناعة33,531,027,330,0
نسبة مساهمة الزراعة12,413,214,012,7
نسبة مساهمة الخدمات44,848,050,749,1

المصدر. التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2000، مصدر سابق، ص18

ب ـ الهيكل القطاعي للناتج المحلي الإجمالي لأهم الكتل الاقتصادية الدولية لعام 1998

(نسبة مئوية)

الولايات المتحدة الأمريكيةالاتحاد الأوربياليابانمجموع العالم
نسبة مساهمة الصناعة26,234,437,230,6
نسبة مساهمة الزراعة1,73,21,74,8
نسبة مساهمة الخدمات72,061,261,162,1

المصدر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية لعام 2000، المطبعة الشرقية، البحرين، 2000، ص 206،209

32,7% و37,3% و23,9% على التوالي([34]). وبالرغم من ارتفاع نسبة مساهمة هذه الدول إلا أن نسبة مساهمته في الوطن العربي إجمالاً لم تبلغ سوى 12,7% في نفس العام. وقد شهد هذا القطاع ارتفاعاً بسيطاً بالرغم من سعة المساحة الصالحة للزراعة في الوطن العربي والتي تبلغ 197 مليون هتكار والتي لم يستغل منها سوى 67 مليون هكتار (37% من المساحة الصالحة للزراعة) وعدم استغلال جميع الأراضي الصالحة للزراعة يعود لأسباب طبيعية وبشرية أهمها ما يأتي:ـ

أ ـ أن 84% من أراضي الوطن العربي تقع في المناطق المناخية الجافة وشبه الجافة وهذا جعل أمطاره تتسم بالتذبذب على مدار السنة ومن سنة لأخرى.

ب ـ حرب المياه التي يتعرض لها الوطن العربي من قبل الدول التي تنبع منها الأنهار المارة في أجزاءه والتي قامت بإنشاء العديد من المشاريع لحبس المياه مثل مشروع الكاب في تركيا على نهري دجلة والفرات وفينشا والليرد في أثيوبيا على نهر النيل ومشاريع الكيان الصهيوني على نهري اليرموك والليطاني([35]).

جـ ـ استخدام وسائل الري السطحي التقليدي الذي يستخدم في 90% من الأراضي المروية كذلك تدني مستوى التشغيل والصيانة لمنشآت الري.وقد طبقت بعض الدول العربية أنظمة الري الحديثة (الري بالرش والتنقيط) والتي تتصف بكفاءة عالية([36]).

4ـ عند مقارنة مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي للوطن العربي مع أهم الكتل الاقتصادية الدولية نجد أنه يشكل أعلى نسبة وهذا لا يدل على تأخر الزراعة في هذه البلدان وإنما تركيزها على جميع القطاعات الاقتصادية ولاسيما الخدمات التي تقدم إيرادات كبيرة بجهد قليل فالولايات المتحدة الأمريكية ما تزال تسيطر على تجارة القمح في العالم. كما أن هذا الارتفاع يعود إلى أن أهم الدول العربية في الإنتاج الزراعي لا تزال غير منظمة إلى منظمة التجارة الدولية.

5ـ يشهد قطاع الخدمات تطوراً ملحوظاً نتيجة التقدم العلمي والتقاني من حيث الكم والنوع. فارتفعت نسبة مساهمة الخدمات في الوطن العربي من 44,8% في عام 1990 إلى 48% في عام 1995 وإلى 49,1% في عام 1999 وبالرغم من هذا الارتفاع يبقى هذا القطاع متأخرا قياسا بنسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لأهم الكتل الاقتصادية حيث بلغ 72% في الولايات المتحدة الأمريكية و61,2% و 61,1 في الاتحاد الأوربي واليابان على التوالي (أنظر شكل رقم 3).

حجم التبادل التجاري العربي

أن انفتاح الوطن العربي على الأسواق العالمية لاسيما العربية يبدو وكأنه إعلان عن دخول الوطن العربي في ظل منظومة العولمة. وهذا القفز الفجائي في وقت لم تزل التنمية العربية متخلفة وممزقة ومنغلقة على بعضها مقارنة بنظائرها الغربية والآسيوية. وهذا يشدنا بإلحاح للتعرف على طبيعة تحديات العصر الزاحف على وطننا شرقاً وغبراً بكل ثقله ومغرياته وملابساته.

لقد اكتسبت التجارة الخارجية أهمية بالغة في ظل كثرة المتغيرات الدولية التي تطرأ على سير التجارة الدولية، فالشركات متعددة الجنسية تسيطر حالياً على مقاليد العولمة في جانبها الاقتصادي، بمختلف المظاهر التجارية والمالية، وفيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر، وبحسب تقرير الاستثمار العالمي لعام 2000، فقد حدث توسع هائل في عدد الشركات خلال السنوات الأخيرة ارتفع عددها من 7 آلاف شركة في عام 1970 إلى 37 ألف شركة في عام 1995 وإلى 40 ألف شركة في عام 1999، وقد تجاوزت القوة المالية للعديد من هذه الشركات قوة الاقتصادات الوطنية، فقد بلغت مبيعات شركة جنرال الكترتك 100,5 مليار دولار في عام 1998([37]). وهذه المبيعات تفوق الناتج المحلي الإجمالي لإندونيسيا البالغ 94,2 مليار دولار([38])، التي تعد من الدول الصناعية الجديدة المهمة في آسيا.

أما منظمة التجارة الدولية فكانت هي الأكثر تأثيرا في الاقتصاد العالمي واقتصاد الدول النامية، لأنها مكنت  الشركات متعددة الجنسية من اجتياح الاقتصاد العالمي والسيطرة على كل عملياته من خلال إلغاء القيود التي تحدد حركة هذه الشركات بما فيها السلطات الوطنية. وهذا التحرير للتجارة ينسجم مع المعطيات التجارية والمالية للدول الصناعية، لكنه ذو تأثيرا سلبي على الاقتصادات النامية ومنها الوطن العربي، ويمكن تحديد المشاكل التجارية الناجمة عن ذلك بالأتي([39])

1ـ الصعوبات التي تواجه الصادرات بسبب سياسات مكافحة الإغراق.

2ـ الضغوط التي تمارسها الدول الصناعية على البلدان النامية بهدف زيادة أجور العمال وتحريم تشغيل الأطفال.

3ـ إهمال التنظيم التجاري العالمي للضرائب على الاستهلاك التي لها تأثيراً بالغا على الصادرات النفطية.

أما بالنسبة للتقدم العلمي والتفاني فقد كان له أثر بالغ على حركة التجارة الدولية وذلك لأنه يدفع النمو الاقتصادي من خلال تقديمه أساليب جديدة لإنتاج سلع أكثر وبتكاليف أقل([40]). وهذا ما نلاحظه الآن لأن معظم العمليات التجارية تتم عن طريق الإنترنت الذي يعد من أهم أدوات العولمة في مجال  المعلوماتية.

لقد لعبت التجارة الخارجية أهمية كبيرة في الاقتصاد العربي وهذا يمكن ملاحظته من خلال دراسة الجدول رقم (3) الذي نستنتج منه ما يأتي:ـ

1ـ شهدت الصادرات العربية نموا خلال عقد التسعينات (انظر الشكل 4ـ أ) إذ ارتفعت قيمة الصادرات من 147 مليار دولار عام 1995 إلى 162,9 مليون دولار في عام 1999 ولكنها شهدت انخفاضا في عام 1998 حيث سجلت 136 مليار دولار، ويعود هذا إلى انخفاض أسعار النفط التي تشكل معظم الصادرات العربية المكونة في معظمها من صادرات أولية غير مصنعة واستخراجية، وذلك لأن الدول العربية لم تحدث تطوراً ملموساً في مستوى التصنيع، فقد تركزت معظم صناعاتها على السلع نصف المصنعة أو الاستهلاكية كصناعات الملابس والنسيج

جدول رقم (3)

وزن الصادرات والواردات العربية في الصادرات والواردات العالمية

(مليارات الدولارات)

19951996199719981999
الصادرات العربية0ر1478ر1682ر1730ر1369ر162
الواردات العربية5ر1344ر1393ر1422ر1547ر151
الصادرات العالمية0009ر52745ر55079ر54172ر5577
الواردات العالمي0003ر53686ر55977ر55165ر5751
وزن الصادرات العربية في الصادرات العالمية (نسبة مئوية)0002ر31ر35ر29ر2
وزن الواردات العربية في الواردات العالمية (نسبة مئوية)0006ر25ر28ر26ر2

المصدر: الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2000، مصدر سابق، ص 138

والصناعات الغذائية التي كانت مساهمتها في تجارة الصادرات العربية بـ (10% و 13% على التوالي لعام 1998([41]).

2ـ شهدت الواردات العربية ارتفاعاً أيضاً حيث ارتفعت من 134,5 مليار دولار في عام 1995 إلى 151,7 مليار دولار في عام 1999.

3ـ يعود ارتفاع الصادرات والواردات العربية إلى امتلاك الوطن العربي للنفط مما ساعده على امتلاك عوائد مالية كبيرة زادت من وارداتها، ويعد هذا خللاً واضحاً في هذا الجانب من الصادرات والواردات. فنسبة الخلل هذه زادت بعد ظهور منظمة التجارة الدولية على الرغم من استثنائها النفط من جدولها، إلا أن فتح الأسواق العربية أما الواردات سوف يؤدي إلى تراجع الصناعة المحلية التي لا تمتلك قدرة المنافسة مع المنتوجات الأجنبية سعرا ونوعاً مما يؤثر على التجارة والصناعة أيضاً، وزاد من اعتمادها على الخارج في سد  حاجاتها.

4ـ أن نسبة مشاركة الصادرات والواردات العربية في الصادرات الواردات العالمية لا تزال ضعيفة، بل أن نسبة الصادرات في تراجع مستمر فقد كانت تبلغ 3,2% من الصادرات العالمية في عام 1996 وتراجعت إلى 2,9% في عام 1999 (أنظر الشكل رقم 4 ب) هذا إذا ما استثنيا عام 1998 الذي كان انخفاضه كبيرا بسبب تراجع أسعار النفط. في حين لا تزال نسبة مساهمة الواردات غير مستقرة وعدم الاستقرار هذا يعود إلى الاختلاف في متطلبات الدول العربية من حيث السلع والخدمات.

أما اتجاهات التجارة العربية فقد ظلت أسواق الدول الصناعية المتقدمة هي الأسواق الرئيسة لاسيما الاتحاد الأوربي (بحكم قربه من الوطن العربي)، الذي أصبح أول الموردين، فبلغت الواردات العربية منه 39,2% من مجموع الواردات العربية في عام 1998، وقد جاءت الولايات المتحدة الأمريكية ثانيا التي بلغت الواردات العربية منها 13,2% من مجموع الواردات العربية ثم بقية دول العالم (أنظر خارطة رقم 2). وهذا ينطبق على الصادرات أيضا فقد شكلت نسبة الصادرات العربية نحو الاتحاد الأوربي 27,2% من مجموع الصادرات العربية وسجلت نحو اليابان 18,4%، أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد سجلت الصادرات العربية باتجاهها نسبة 10% من مجموع الصادرات العربية (أنظر خارطة رقم 3).

جدول رقم (4)

اتجاه التجارة الخارجية للدول العربية

(نسبة مئوية)

الصادرات

الواردات

19961997199819991996199719981999
الدول العربية7ر81ر9

1ر10

7ر89ر82ر85ر84ر8
الولايات المتحدة الأمريكية1ر96ر95ر100ر100ر130ر138ر122ر13
اليابان1ر186ر188ر164ر182ر69ر68ر72ر8
الاتحاد الأوربي8ر265ر253ر272ر272ر410ر405ر382ر39
دول جنوب شرق آسيا2ر110ر123ر111ر124ر58ر56ر57ر5
باقي دول العالم1ر262ر250ر246ر233ر254ر251ر272ر25
الإجمالي0ر1000ر1000ر1000ر1000ر1000ر1000ر1000ر100

المصدر: الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2000، مصدر سابق، ص 139.

أما الأموال العربية المستثمرة في الخارج فأنها تقدير ما بين 750ـ800 مليار دولار، الأصول السائلة منها 61% (ودائع مصرفية، أرصدة لدى صندوق النقد الدولي، استثمارات قصيرة الأجل وما تبقى يستثمر بشكل اسهم وعقارات)([42]). وهذه الأموال المستثمرة تستخدم عن طريق المؤسسات العابرة للقوميات للسيطرة على الاقتصاد العربي حيث تعود بشكل استثمارات وقروض تمنحها هذه المؤسسات إلى الدول العربية مما يجعلها في حالة تبعية من خلال تدخل هذه المؤسسات في القرار السياسي والاقتصادي للحكومات العربية، وبطبيعة الحال فان الاستثمارات الأجنبية المباشرة ما تزال ضئيلة ومركزه، فبلغت في الوطن العربي 8,7 مليار دولار ما نسبته 1% من إجمالي التدفقات العالمية الواردة والبالغة 865,5 مليار دولار. ونسبة الدول العربية 4,2% من إجمالي الواردات إلى الدول النامية والبالغة 207,6 مليار دولار (أنظر جدول رقم 5).

ويمكن تحديد أهم التحديات التي جاءت بها الاستثمارات الأجنبية المباشرة للوطن العربي بما يأتي([43]).

1ـ أنها تتدفق في الغالب إلى البلدان التابعة للغرب سياسياً واقتصادياً أو تساهم في خلق هذه التبعية.

2ـ تحاول هذه الاستثمارات الضغط على الدول العربية لتحرير حركة الرساميل القصيرة الآجل والاستثمارات المالية الأجنبية من القيود بحجة أن ذلك يمكنها من تمويل توسعها من خلال اللجوء إلى إصدار سنداتها وأسهمها في الأسواق العالمية.

3ـ يؤدي تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى تقاعس الدول في بذل الجهود لرفع مستوى الادخار القوي كنسبة لناتجها المحلي الإجمالي.

4ـ تمارس هذه الاستثمارات الضغوط على الدول الصغيرة نسبياً لأتباع استراتيجية إنمائية تعتمد على التقدير كقاطرة للنمو. فزيادة الصادرات ستمكن الدول المضيفة للاستثمارات من تسديد أرباحها وفوائدها.

جدول رقم (5)

مؤشرات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الوطن العربي

(مليار دولار)

التدفقات الواردة في عام 1999التدفقات الصادرة في عام 1999القيمة التراكمية للاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة منذ 1980 حنى 1999القيمة التراكمية للاستثمارات الأجنبية المباشرة الصادرة منذ 1980 حتى 1999
إجمالي العالم5ر8659ر7999ر47713ر4759
إجمالي الدولة النامية6ر3076ر655ر14387ر468
إجمالي الدول العربية7ر8556ر00ر896ر7
النسبة إلى إجمالي العالم1%1ر0%9ر%2ر0%
النسبة إلى إجمالي الدول النامية4ر2%8ر0%2ر6%6ر1%

المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، مجلة ضمان الاستثمار، السنة 18، العدد 150، 2000، ص3

5ـ تؤدي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الكبيرة إلى سيطرة الأجانب على جزء مهم من ثروة الدولة المضيفة لها. وقد تؤدي إلى ممارسة المستثمرين الأجانب نفوذاً سياسياً واقتصادياً بالتعاون مع الفئات المستفيدة منهم.

أن تزايد تبعية الاقتصاد العربي إلى الاقتصاد العالمي في صادراته ووارداته والاستثمارات المقدمة له أدى إلى تزايد درجة الانكشاف الاقتصادي له على الاقتصاد العالي. فمن خلال الإحصائيات المتوفرة لحجم التبادل التجاري العربي نستطيع قياس درجة الانكشاف الاقتصادي التي تتيح إمكانية الاستدلال على أهمية الصادرات في الناتج المحلي الإجمالي (فإذا سجل هذا المؤشر درجات أعلى فأنه يدل على تأثر الاقتصاد بشكل كبير بالتجارة العالمية والتغيرات الحاصلة فيها، ويبين مدى اعتماد الاقتصاد كلياً أو جزئياً على التجارة الخارجية كنشاط اقتصادي أساسي لها). ومن هذا المؤشر نستطيع أن نتبين مدى تأثير العولمة على الاقتصادي العربي والتجارة العربية. وقد تم احتساب هذا المؤشر وفق المعادلة الآتية :ـ

درجة الانكشاف الاقتصادي = ــــــــــــــــــ × 100

ومن خلال الجدول رقم (6) الذي تم احتسابه وفق المعادلة السابقة نستنتج ما يأتي:

1ـ أن درجة الانكشاف الاقتصادي للوطن العربي مازالت عالية فهي ثابتة ومستقرة خلال المدة 1995ـ1999. أما انخفاضها في عام 1998 فيعود لتذبذب أسعار النفط الذي شهده ذلك العام.

2ـ سجلت أعلى درجة انكشاف في الإمارات 1ر150 في حين سجلت أقل درجة انكشاف في العراق 7ر7 بسبب الحصار الاقتصادي المفروض عليه.  فالمبادلات التجارية للعراق تتم وفق مذكرة التفاهم(اتفاقية النفط مقابل الغذاء). أما بالنسبة للإمارات فان سبب الارتفاع يعود إلى الانفتاح الكبير على العولمة واقتصاد السوق.

3ـ سجلت أعلى درجة انكشاف في الدول العربية التي انضمت إلى منظمة التجارة الدولية فشهدت تزايداً في معظمها خلال المدة 1995ـ1999. ففي الإمارات بلغت 1ر150، موريتانيا 116,7 وقطر 9ر109، أما أقل الدرجات فقد سجلت في الدول العربية خارج المنظمة.

4ـ ازدادت درجة الانكشاف في الدول العربية التي تصدر المواد الخام (معدنية وزراعية)، وانخفضت في الدول التي كانت صادراتها أكثر تنوعاً. فقد سجلت قطر درجة انكشاف 9ر109 وهي تصدر النفط بشكل رئيسي، في حين انخفضت في مصر إلى (9ر21) التي تصدر بعض المواد الاستهلاكية والمصنعة.

5ـ سجلت أعلى درجات الانكشاف الاقتصادي في الدول العربية التي تعتمد على الشركات متعددة الجنسية في إدارة اقتصادها مثل (السعودية 1ر82، الإمارات 1ر150) في حين سجلت أقل درجات في الدول التي تدير اقتصادها بنفسها مثل العراق 7ر7 والسودان 3ر23.

6ـ تمثل التجارة الخارجية النشاط الرئيس في الوطن العربي وهذا يجعل الاقتصاد العربي معرضاً للكثير من التأثيرات الحاصلة في الأسواق العالمية كالتغير في الأسعار لاسيما وان معظم الصادرات مواد خام، التي تعد من أكثر السلع تغيراً في الأسعار.

جدول رقم (6)

درجة الانكشاف الاقتصادي للوطن العربي (1995ـ1999)

 

الدولة19951996199719981999
الأردن8ر786ر863ر806ر727ر69
الإمارات3ر1228ر1233ر1200ر1301ر150
البحرين1ر690ر665ر673ر716ر58
تونس0ر744ر673ر715ر701ر69
الجزائر4ر495ر478ر452ر398ر73
جيبوتي9ر538ر534ر539ر624ر68
السعودية1ر616ر620ر616ر531ر82
السودان2ر186ر254ر200ر203ر23
سوريا7ر492ر536ر522ر427ر43
العراق3ر12ر19ر31ر67ر7
عمان5ر810ر798ر821ر800ر77
قطر5ر848ر706ر765ر999ر109
الكويت4ر778ر748ر747ر718ر66
لبنان1ر731ر654ر547ر477ر41
ليبيا8ر557ر540ر522ر411ر44
مصر1ر256ر246ر228ر239ر21
المغرب1ر404ر355ر370ر497ر51
مورتيانيا0ر1142ر1089ر1043ر1197ر116
اليمن4ر292ر631ر681ر617ر64
مجموع الدول العربية5ر528ر520ر523ر495ر50

المصدر: من عمل الباحث بالاعتماد على :ـ

ـ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2000

7ـ تباين درجات الانكشاف للأقطار العربية تبعاً لمساحتها وعدد سكانها فالدول الكبيرة أقل انكشافاً من الصغيرة. أي أن هناك علاقة عكسية بين مساحة الدولة وعدد السكان وبين درجة الانكشاف.

التبادل التجاري في المجال العسكري

يواجه الأمن القومي العربي تحديات ومصاعب جمة لكونه مفهوم متسع ومتعدد المجالات ولا يقتصر على التهديدات الخارجية، كما أنه لا يقتصر على قضايا الدفاع والجانب العسكري فيها. ولذا فأن البحث في التبادل التجاري في المجال العسكري يتيح إمكانية وضع تصورات مستقبلية عن القدرات العسكرية للوطن العربي، واحتمالات استخدامها في مواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية. وقبل دراسة التبادل التجاري في المجال العسكري لأبد من الإشارة إلى أن الصناعة العسكرية تعد طوق النجاة من الحصار المفروض على الدول العربية لتوفير الاحتياجات الدفاعية في بيئة عالمية معاكسة. لكن قاعدة الصناعات العسكرية العربية مازالت دون المستوى المطلوب([44]). والسبب في ذلك يعود إلى([45]).

1ـ ضعف أعمال البحث والتطوير.

2ـ ضعف القاعدة الصناعية المدنية في الوطن العربي بحيث لا تستطيع أن تغذي الصناعة العسكرية من احتياجاتها التي لها استخدام مزدوج.

3ـ اختلال التوازن في الموارد حيث تتوافر موارد التمويل لدى دول وتفتقر إلى الوارد البشرية، بينما تعاني الدول ذات الموارد البشرية فقراً في موارد التمويل.

وبما أن الوطن العربي لا يمتلك صناعة عسكرية لذلك فهو يعتمد كليا على الاستيراد. وعند النظر في الملحق رقم (4) نجد أن المصادر الرئيسة لاستيراد الوطن العربي من السلاح هي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وروسيا. وتشير واردات السلاح إلى أن الجزء الأكبر منها كان من نصيب الولايات المتحدة الأمريكية. وهناك دول عربية عديدة تعتمد كلياً على الأسلحة الأمريكية مثل الأردن والبحرين والسعودية والكويت ومصر. وبملاحظة الجدول رقم (7) نستنتج ما يأتي:ـ

1ـ سجلت أعلى نسبة أنفاق من الناتج المحلي الإجمالي في الوطن العربي في الدول النفطية إذ بلغت 6,8% والسبب في ذلك يعود لارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول (أنظر خارجة رقم 4).

2ـ أما أعلى نسبة أنفاق على مستوى الدول فقد سجلت في العراق وذلك لأنه يمثل البوابة الشرقية للوطن العربي. وموقعه هذا جعله معرضاً إلى الكثير من التهديدات الخارجية فقد خاض حربين خلال العشرين سنة الأخيرة. مما دفعه إلى بناء قاعدة للصناعات العسكرية.

3ـ أن ارتفاع نسبة الأنفاق العسكرية في السعودية والكويت تعود الى الهيمنة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على القرار السياسي لهذه الدول التي فرضت العديد من صفقات الأسلحة على هذه الدول التي لا تتناسب فيها نسبة الأنفاق العسكري وعدد العاملين في القوات المسلحة.

4ـ ارتفاع نسبة الأنفاق العسكري في الدول التي تواجه تحديدات خارجية مثل مصر وسوريا ولبنان وليبيا.

5ـ انخفضت نسبة الأنفاق العسكري في الدول البعيدة عن المواجهة مثل تونس والجزائر.

6ـ انخفضت نسبة الأنفاق في الوطن العربي خلال المدة 1985ـ1995 وهذا الانخفاض لم يكن نتيجة لرغبة الدول العربية وإنما نتيجة للسياسة الغريبة التي تحاول المحافظة على التفوق العسكري الصهيوني في الوطن العربي خصوصاً والوطن العربي ودول الجوار عموماً (أنظر خارطة رقم5).

جدول رقم (7)

مؤشرات الأنفاق العسكرية في الوطن العربي لعام 1995

الأنفاق العسكري 1995 (مليون دولار)نسبة الأنفاق العسكري من الناتج المحلي الإجمالي 1985نسبة الأنفاق العسكري من الناتج المحلي الإجمالي 1995نسبة الأنفاق العسكري من الأنفاق على التعليم والصحة من 1960نسبة الأنفاق العسكري من الأنفاق على التعليم والصحة 90ـ1991
الإمارات18806ر78ر400044
البحرين2615ر32ر500041
الجزائر12347ر15ر23111
السعودية132156ر196ر10150151
العراق27009ر258ر14128271
عمان1848ر201ر15000293
قطر3260ر64ر4000192
الكويت31471ر98ر1100088
ليبيا14012ر65ر52971
اليمن3459ر99ر3000197
مجموع الدول النفطية263490008ر6000000
تونس3690ر50ر24531
سوريا20264ر166,8329373
لبنان4070ر93ر5000000
المغرب13474ر53ر44972
مصر24172ر73ر411752
الدول ذات الدخل المتوسط65660007ر4000000
الأردن4409ر157ر6464138
جيبوتي229ر73ر5000000
السودان3892ر33ر45244
الصومال000000000000000
مورتيانيا285ر69ر100040
الدول ذات الدخل الوطأ8790000ر5000000
مجموع الوطن العربي337940005ر6000000

المصدر: الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، مجلة بحوث اقتصادية عربية، الملحق الإحصائي، العدد 13، 1998، ص22

التبادل التقاني العربي

أن نقل التقانة والحصول عليه ونشرها هي من بين المهام الأساسية للنظم الوطنية للعلم والتكنولوجيا. فالحصول على معلومات موثوقة ومستكملة حول كيفية القيام بالتبادل التقاني مهمة شاقة في أي مكان في العالم. والسبب في ذلك لأن معظم هذه البلدان لم تنشر معلومات مفصلة عن عقود نقل التقانة التي توقعها.

ومع ذلك فان المعلومات التي حصل عليها الباحث عن العقود العربية الموقعة مع الموردين الأجانب غنية بالبيانات المتعلقة بحجم نقل التقانة وسرعة اتجاهها. لكنها في الوقت نفسه ضعيفة لأنها تغطي الدول العربية المنظمة إلى منطقة الاسكوا.

أن عملية التبادل التقاني تضطلع بها أساسا الدوائر الحكومية ومؤسسات القطاع العام من خلال عقود مباشرة مع موردي التقانة الأجنبية، وبوجه عام لا تشترك المؤسسات العلمية والثقافية الوطنية في تلك الأنشطة إلا بقدر محدود أو لا تشترك على الإطلاق.

ومن خلال العقود التي أبرمتها الدول العربية الأعضاء في الاسكوا مع موردي التقانة خلال الفترة 1992ـ1999 والواردة في الجدول رقم (8) نستنتج ما يأتي:ـ

1ـ سجلت بلدان مجلس التعاون الخليجي لاسيما السعودية والإمارات أعلى نسبة أنفاق على العقود المبرمة لنقل التقانة التي بلغت 56% من القيمة الإجمالية للعقود التي وقعتها جميع بلدان الاسكوا والبالغة 147 مليار دولار (أنظر خارطة رقم (6).

2ـ سجلت اوطأ نسبة أنفاق على العقود المبرمة لنقل التقانة في العراق بسبب الحصار الجائر المفروض عليه منذ آب 1990.

3ـ سجلت نسبة أنفاق واطئة أيضاً في كل من فلسطين واليمن والأردن (2ر0% و1ر1% و2ر2%) على التوالي. ويعود السبب في ذلك إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول.

4ـ تراوحت نسبة الأنفاق على العقود المبرمة في بقية الدول العربية بين 9ر2% في لبنان و2ر13% في مصر.

جدول رقم (8)

عدد وقيمة العقود التي أبرمتها الدول العربية المنظمة للاسكوا 1992ـ1999

 

الأقطارعدد العقودقيمة العقد (مليون دولار)النسبة المئوية من القيمة المضافة
الأردن26133022ر3
الإمارات649372272ر25
البحرين19247182ر3
السعودية899440542ر29
سوريا11344981ر3
العراق11801ر0
عمان28553877ر3
فلسطين532272ر0
قطر241122413ر8
الكويت317104091ر7
لبنان11742569ر2
مصر456195262ر13
اليمن10615541ر1
المجموع3700147483100

المصدر: اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، مسح للتطورات الاقتصادية والاجتماعية في الاسكوا 1999ـ2000، نيويورك، 2001، ص129
أما بالنسبة للتوزيع القطاعي للعقود التي أبرمتها الدول العربية الأعضاء في الاسكوا للمدة 1992ـ1999 فيمكن دراستها من خلال الجدول رقم (9) الذي نستنتج منه ما يأتي:ـ

1ـ استأثرت العقود المتعلقة ببناء هياكل البنية الأساسية التي تركز على الاتصالات السلكية واللاسلكية والتنمية الصناعية بمعظم النفقات على امتداد المدة 1992ـ1999 التي أخذت 1ر39% من القيمة الإجمالية لجميع العقود المبرمة (أنظر الشكل رقم 5).

2ـ نالت الزراعة أقل نسبة من هذه العقود فلم تتجاوز 4ر0% من القيمة الإجمالية لها تلتها السياحة التي نالت 2% ن القيمة الإجمالية.

3ـ أما الدفاع والخدمات فقد نال كل منهما 9ر11% و10% على التوالي.

4ـ ضعف التركيز على أهم الجوانب التي يمكن أن تدعم الاقتصاد العربي الذي يعاني الضعف بالقياس إلى الاقتصادات المتقدمة وأهم هذه الجوانب الزراعة التي توفر أهم احتياجات العصر وهو المواد الغذائية الأساسية.

جدول رقم (9)

التوزيع القطاعي للعقود التي أبرمتها الدول العربية المنظمة للأسكوا 1992ـ1999

القطاععدد العقودقيمة العقد

(مليون دولار)

النسبة المئوية

من القيمة المضافة

الهياكل الأساسية1579583797ر39
الصناعة1123532941ر36
الدفاع141176149ر11
الخدمات638147550ر10
السياحة17429060ر2
الزراعة والصيد455324ر0
المجموع3700147483100

المصدر/ اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، مصدر سابق، ص129.

دور التعليم ونتاجه في التقدم العلمي والتقاني

لقد حددت عوامل الإنتاج التقليدية بثلاثة هي راس المال واليد العاملة والأرض، غير أن ظاهرة العولمة إضافة عاملين إضافيين هما العلم والتقانة، وأصبحت هذه العوامل الخمسة أهم العوامل الرئيسة في عملية التنمية([46]). بل أن هذين العاملين الإضافيين تميزا على العوامل الأخرى من حيث الأهمية في كفاءة العملية الإنتاجية فالتقدم العلمي والتقاني لم يأتي من فراغ وإنما نتيجة لدور التعليم في إيجاد مدخلات معرفية نتيجة التراكم التربوي والتكويني والمعرفي والعلمي والتكنولوجي([47]).

أن الدول العربية حققت إنجازات مهمة في ميدان التعليم منذ أواسط القرن العشرين إلا أنه ما زال متخلفاً قياساً بالدول الصناعية وحتى بعض الدول النامية وهذا ما سنلاحظه من خلال دراسة جدول رقم (10) الخاص بمؤشرات التعلم الذي نستنتج منه ما يأتي:ـ

1ـ ارتفاع نسبة الأمية بين البالغين في الوطن العربي حيث بلغت 44% بينما هي في الاتحاد الأوربي 8ر1% واليابان 1%. كما ان نسبة الأمية هذه أعلى من متوسط الدول النامية التي بلغت نسبة الأمية فيها 3ر28% لعام 1998. وارتفاع نسبة الأمية في الوطن العربي لا يتناسب مع ما يشهده العالم من تطور علمي وتقاني.

2ـ تتفاوت الدول العربية فيما بينها في نسبة الأمية التي وصلت أعلى نسبة لها في موريتانيا 8ر58% وأقل نسبة في الأردن 4ر11%. وهذا التفاوت الكبير يعود إلى نسبة الأنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي.

3ـ ارتفاع نسبة الأنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي للوطن العربي قياسا بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي الذين تساويا مع الوطن العربي في نسبة الأنفاق أما اليابان فقد سجلت أدنى نسبة 6ر3%. لكن ارتفاع نسبة الأنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي العربي لا يشكل أهمية أكيدة قياسا بهذه الدول لأن الناتج المحلي الإجمالي العربي منخفض أصلا، كذلك ارتفاع عدد السكان في الوطن العربي والذي يحدد نسبة ما يحصل عليه الفرد من هذا الإنفاق، وثالثا اتجاه هذا الأنفاق على أي مرحلة من مراحل التعليم، فالدول المتقدمة لا تنفق

جدول رقم (10)

مؤشرات التعليم في الوطن العربي وأهم الدول الصناعية في العالم

                                                                               (نسبة مئوية)

معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين (15سنة ـ فأكثر) 1998الأنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي

1995ـ1997(نسبة مئوية)

معدل القيد في المرحلة الابتدائية

1997

معدل القيد في المرحلة الثانوية

1997

معدل القيد في المرحلة العليا

1997

الاردن6ر889ر76ر703ر570ر18
الامارات6ر748ر10ر828ر778ر12
البحرين5ر864ر42ر892ر873ر19
تونس7ر687ر79ر993ر747ر13
الجزائر5ر651ر50ر960ر684ر13
جيبوتي3ر620009ر306ر192ر0
السعودية2ر755ر81ر607ر853ر16
سوريا7ر721ر37ر943ر421ر15
الصومال000000000000000
العراق7ر530006ر749ر429ر10
عمان8ر685ر47ر676ر669ر7
فلسطين000000000000000
قطر4ر804ر33ر833ر732ر27
الكويت9ر800ر52ر652ر631ر19
لبنان1ر855ر21ر760ر811ر27
ليبيا1ر780009ر999ر990ر20
مصر7ر538ر42ر951ر754ر22
المغرب1ر473ر56ر767ر371ر11
موريتانيا2ر411ر59ر623ر169ر3
اليمن1ر440ر79ر697ر330ر4
مجموع الوطن العربي0ر664ر54ر867ر613ر13
الولايات المتحدة الامريكية0ر994ر59ر993ر96000
الاتحاد الاوربي2ر984ر59ر997ر95000
اليابان0ر996ر39ر999ر99000
العالم9ر668ر46ر874ر65000

المصدر:1ـ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2000، مصدر سابق ص257ـ258.

      2ـ دليل التنمية البشرية لعام 2000، ص197.

 

على الأمية لانخفاض نسبتها فيها بينما الأمية في الوطن العربي تستحوذ على نسبة عالية من الأنفاق وهذا كله يقلل من قيمة ارتفاع نسبة الأنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي للوطن العربي.

4ـ تتفاوت الدول العربية فيما بينها من حيث نسبة الأنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي فقد سجلت أعلى نسبة في السعودية 5ر8% أما أدنى نسبة فقد سجلت في السودان 9ر0% (انظر خارطة رقم 7).

5ـ سجلت معدلات القيد  في المرحلة الابتدائية في الوطن العربي أدنى نسبة 4ر86% قياسا بأهم الدول الصناعية المتقدمة التي سجلت في معظمها 9ر99% (الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي واليابان) وهذا ينطبق على معدلات القيد في المرحلة الثانوية حيث سجلت في الوطن العربي 7ر61% بينما سجلت في الولايات المتحدة الأمريكية 3ر96% والاتحاد الأوربي 7ر95% واليابان 9ر99%. ونفسه ينطبق أيضا على معدل القيد في المرحلة العليا.

6ـ تتباين الدول العربية فيما بينها في معدلات القيد في مختلف المراحل فسجلت أعلى النسب في المرحلة الابتدائية في تونس وليبيا 9ر99% لكليهما. وأدنى نسبة في جيبوتي 9ر30%. أما أعلى نسبة في المرحلة الثانوية فقد سجلت في ليبيا أيضا 9ر99% وأدنى نسبة في موريتانيا 3ر16. وفي المرحلة العليا سجلت أعلى نسبة في قطر 3ر27% وأدنى نسبة سجلت في جيبوتي 2ر0%.

        إن التوسع في العلم والمعلومات يقلل من الآثار التي جاءت بها ظاهرة العولمة والتي برزت مع الثورة المعلوماتية. لذلك استهدفت العلم أولا من خلال أدواتها التي لها تأثيرات سلبية كثيرة والتي سيتم تناولها في الفصل الثالث.

[1]ـ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2001،2001، ص 128ـ129.

[2]ـ السيد يس، في مفهوم العولمة، مصدر سابق، ص 30.

[3]ـ حليم بركات، المجتمع العربي في القرن العشرين، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000، ص 125

[4]ـ فواز جرجس، النظام الإقليمي العربي والقوى الكبرى، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1997، ص49.

[5]ـ عبد القادر محمد فهمي، روسيا الاتحادية والوطن العربي، سلسلة المائدة الحرة، بيت الحكمة، بغداد، العدد 20، 1998، ص20.

[6]ـ علي محمد المياح، السياسة الروسية والموقع الجغرافي العربي، سلسلة المائدة الحرة، بيت الحكمة، بغداد، العدد 20، 1998.

[7]ـ آفي شليم، الحائط الحديد، ترجمة ناصر عفيفي، مؤسسة روز اليوسف، القاهرة، 2001، ص287.

[8]ـ عبد المنعم سعيد، العلاقات الأمريكية العربية: الماضي والحاضر والمستقبل، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 118، 1988، ص 88.

[9]ـ خلدون ناجي معروف، السلوك السياسي الأمريكي والصراع العربي الصهيوني، سلسلة المائدة الحرة، بيت الحكمة، بغداد، العدد 19، 1998، ص 70.

[10]ـ عصمت سيف الدولة، هذه المعاهدة، دار المسيرة، بيروت، 1980، ص 150

[11]ـ آفي شليم، مصدر سابق، ص 354

[12]ـ هنري كيسنجر، هل تحتاج أمريكا إلى سياسة خارجية نحو دبلوماسية للقرن الحادي والعشرين، ترجمة عمر الأيوبي، دار الكتاب العربي، بيروت، 2002، ص 168.

[13]ـ زبغنيو بريجنسكي، رقعة الشطرنج الكبرى، مصدر سابق، ص 115.

[14]ـ غسان العزي، سياسة القوة: مستقبل النظام العالمي والقوى العظمى، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث التوثيق، لبنان، 2000، ص 68.

[15]ـ نفس المصدر، ص 68.

[16]ـ زبغنيو بريجنسكي، الفوضى، مصدر سابق، ص 116.

[17]ـ جلال أحمد أمين، مصدر سابق، ص 35.

[18]ـ نفس المصدر، ص 50.

[19]ـ عبد المنعم سعيد، مصدر سابق، ص 77.

[20]ـ مازن الرمضاني، العلاقات العربية الأوربية والمستقبل، مجلة أم المعارك، بغداد، العدد 21، 2000، ص 31.

[21]ـ جاسم محمد عبد الغني، المتغيرات العالمية وانعكاساتها على الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العد 139، 1999، ص7.

[22]ـ مازن الرمضاني، المصدر نفسه، ص 33.

[23]ـ صبري فارس الهيتي، المستقبل الجيوبولتيكي للوطن العربي في ضوء المتغيرات الدولية، مجلة دراسات الشرق الأوسط، مركز دراسات أم المعارك، بغداد، العدد 4، 1997، ص 269.

[24]ـ محمد حسنين هيكل، أزمة العرب ومستقبلهم، دار الشروق، القاهرة، ط3، 1997، ص 25.

[25] ـ هانس بيتر مارتن وهارالد شومان، فخ العولمة، ترجمة عدنان عباس علي، سلسلة عالم المعرفة، رقم 238، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1998، ص34.

[26]ـ غسان العزي، مصدر سابق، ص 43ـ44.

l الأقلمة. هي نشاط بين الدول يتراوح بين تنسيق قوى للسياسة. وأن يكن أولياً كالنموذج القائم في آسيا ـ المحيط الهادي، الذي سبق الانهيار الاقتصادي في المنطقة، وبين التكامل التام للدول في إطار سوق مشتركة على نمط الاتحاد الأوربي.المصدر: ريتشارد هيجوت، العولمة والأقلمة، سلسلة محاضرات الإمارات، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الإمارات، 1998، ص5.

[27]ـ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2000، مصدر سابق، ص248 .

[28]ـ نفس المصدر، ص 248.

[29]ـ بول هيرست وجراهام طومبسون، ما العولمة: اقتصاد العالم وإمكانات التحكم، ترجمة فالح عبد الجبار، سلسلة عالم المعرفة 273، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2001، ص 198.

l (1) هكتار = (10000) م2

[30]ـ عاطف عبد الله قبرصي، التنمية البشرية المستديمة في ظل العولمة: التحدي العربي، الأمم المتحدة، نيويورك، 2000، ص 15

[31]ـ موقع الجزيرة على الإنترنت WWW. Aljazeera.net/ indepth/internation com

[32]ـ نفس المصدر.

[33]ـ المصدر السابق نفسه.

[34]ـ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2000، مصدر سابق، ص 261.

[35]ـ صبري فارس الهيتي، مشكلات المياه في الوطن العربي، مجلة دراسات اجتماعية، بيت الحكمة، بغداد، السنة 2، العدد 6، 2000، ص24ـ35

[36]ـ الأمانة العامة لجامعة الدولة العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2000/ مصدر سابق، ص 37.

[37] UN, World investment Report 2000, trends and determent-, New York, 2000, P-72

[38] UN, Human development Report 2000, New York, 2000, P208.

[39]ـ صباح نعوش، موقع الجزيرة على الإنترنت، مصدر سابق.

[40]ـ يوسف حلباوي، الثقافة في الوطن العربي مفهومها وتحدياتها، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1992، ص63.

[41]ـ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2000، مصدر سابق، ص 286.

[42]ـ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2000، مصدر سابق، ص112

[43]ـ طاهر حمدي كنعان وآخرون، هموم اقتصادية عربية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2001، ص 238ـ240.

[44]ـ أحمد صدقي الدجاني وآخرون، التحديات الشرق أوسطية الجديدة في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط2، 2000، ص306

[45]ـ طلعت مسلم، الإمكانات العسكرية العربية، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة  العربية، بيروت، العدد 252، 2000، ص119

[46]ـ يوسف حلباوي، مصدر سابق، ص 212.

[47]ـ طاهر حمدي كنعان، مصدر سابق، ص 210

بقلم مثنى مشعان خلف المزروعي

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى