دراسات أوروبية-أورومتوسطيةنظرية العلاقات الدولية

انعكاسات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الهجرة والعمالة في بريطانيا

اعداد : د. بوخاري لحلو – أستاذ الاقتصاد والتمويل الدولي
عجنق كلتوم عابد فطيمة (طلبة دراسات عليا) جامعة محمد البشير الابراهيمي الجزائر

بعد التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، من المتوقع أن يترك ذلك جملة من الآثار على الهجرة والعمالة، وهذا ما دفع الحكومة البريطانية لعمل الترتيبات اللازمة لانتقال مواطني الاتحاد الأوروبي الموجودين حالياً في بريطانيا، إلا أن إجراءات هذه الترتيبات ليست أكيدة وليست واضحة في الوقت الراهن. فغالبية المهاجرين من المنطقة الاقتصادية الأوروبية هم من الشباب، والمهرة والعمال ذووا الكفاءة، أفضل من نظرائهم الأصليين في سوق العمل البريطاني. وسيناقش وضع إقامة هؤلاء الأجانب عن طريق التفاوض بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

أولا: الأثر على الهجرة:

تعتبر الهجرة الدولية نعمة وتحديا للبلدان المضيفة، وهذا ما تعانيه بريطانيا منذ سنين، حيث يعيش اليوم، مئات الآلاف من المهاجرين في المملكة المتحدة. في المجموع، تشمل المهاجرين المولودين في الخارج 12.7%من السكان البريطانيين، مع 7.9مليون من المهاجرين الأجانب الذين يقيمون في المملكة المتحدة اليوم.

يبين الشكل رقم (01) أدناه، أن تكوين الهجرة في المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي تغيرت مع مرور الوقت، غير أنه يمكن أن يعزى أكبر ارتفاع من الهجرة إلى بريطانيا من الدول الثمانية التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في سنة 2004، منذ عام 2012، أين تغير نمط الهجرة وتزايدت من الدول الخمسة عشر الأصلية المكونة للاتحاد الأوروبي مع البلدين اللذين انضما في 2007للاتحاد الأوروبي (بلغاريا ورومانيا)، بينما استقرت الهجرة من الدول الثمانية. وفي جوان 2016، كانت نصف الهجرة تقريبا (49%) تتألف من مواطني الدول الأعضاء الأصلية الخمسة عشرة، بينما بلغت حوالي الربع (26%) و(25%) من رعايا الدول الثمانية ورعايا الدولتين (بلغاريا ورومانيا) على التوالي، (أنظر الشكل رقم (01)).

الشكل رقم (01):الهجرة من الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا من 2006 إلى 2016، السنة المنتهية جوان 2016

غالبية المهاجرين من المنطقة الاقتصادية الأوروبية هم من الشباب، والمهرة والعمال ذووا الكفاءة، أفضل من نظرائهم الأصليين في سوق العمل البريطاني. وسيناقش وضع إقامة هؤلاء الأجانب عن طريق التفاوض بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.[ii]

وخلافا لتقارير وسائل الإعلام والمثيرة للخوف من المهاجرين على العكس، فهم في الواقع يسهمون بشكل إيجابي في المجتمع البريطاني حيث وجد الخبيران الاقتصاديين Dustman) و(Frattini، من جامعة وسط لندن، أن المهاجرين يقدمون خبراتهم عندما يكون هناك نقص في المهارات ويساعدون على استدامة النمو الاقتصادي من خلال استبدال السكان الأصليين من فئة الشيخوخ. وبالمثل، لما كانت الهجرة إلى المملكة المتحدة تخفض الأجور أقل من 20% من الدخل، في حين أن أجور العمال المحليين أعلى من متوسط الدخل .بالإضافة إلى ذلك، فإن نسبة %79 من المهاجرين من المنطقة الاقتصادية الأوروبية الذين تتراوح أعمارهم بين 18-35 سنة حصلوا على عقود عمل مع بريطانيا، فيما تم توظيف 70% فقط من السكان البريطانيين في الفئة العمرية نفسها. ولذلك، فإن المهاجرين يسهمون بشكل فعال في اقتصاد المملكة المتحدة.[iii]

وإذا اختارت بريطانيا بعد انسحابها من الاتحاد النموذج النرويجي أو النمط السويسري، سيكون ذلك لفتح حدودها للمهاجرين كجزء من البند المتضمن حرية حركة العمل. وخلافا لذلك، يمكن للمحكمين البريطانيين اختيار تطبيق نظام الهجرة القائم على النقاط الحالية في المملكة المتحدة عن الهجرة من غير المنطقة الاقتصادية الأوروبية (EEA ) للمهاجرين من الاتحاد الأوروبي. هذا النظام دائم ويفصل المرشحين إلى خمس فئات اعتمادا على مهاراتهم وتاريخهم ومساهمتهم في المجتمع البريطاني. فالمتقدمون يحصلون على نقاط لنوعية السيرة الذاتية والمقابلة، ولعتبة معينة من النقاط لتطبيقها لتحقيق النجاح، وتقسم هذه الفئات كالتالي:

فئة المستوى الأول” المهاجرين ذووا القيمة العالية: التي تلائم عادة الشخصيات من رجال الأعمال والمستثمرين والناس ذووا “الموهبة الاستثنائية.”

فئة المستوى الثاني: وهم “العمال المهرة” يشمل المهاجرين الذين لديهم عرضا للعمل في المملكة المتحدة.

فئة الطبقة الثالثة: هم”العمال ذوي المهارات المتدنية”الذين يمكنهم ملء النقص في اليد العاملة المؤقتة.لم تمنح المملكة المتحدة أي تأشيرات لهذه الفئة.

فئة الطبقة الرابعة: للطلاب من غير المنطقة الاقتصادية الأوروبية ( EEA) الذين لديهم منحة للدراسة في إحدى الجامعات البريطانية.

فئة الطبقة الخامسة هي للعمال المؤقتين الذين يتطلعون للعمل في المملكة المتحدة خلال العطلات البريطانية وللشباب المسافرين إلى المملكة المتحدة في برامج التبادل الثقافي المعتمدة.

وعليه، فإن المشرعين البريطانيين حذرين أكثر بكثير حول سياسة الهجرة في ظل نظام من خمس طبقات يمكن أن يرفضوا دخول اللاجئين من الاتحاد الأوروبي بحرية. ومع ذلك، فإن واضعي السياسات في المملكة المتحدة ساهموا في الزيادة بشكل ملحوظ من حصص للمستويين للفئة 1 والفئة 2 إذ هدفهم هو الحفاظ على قدرة بلادهم على المنافسة، لأن العديد من المهاجرين من المنطقة الاقتصادية الأوروبية الذين اختيروا سابقا للعمل في المملكة المتحدة قد لا يجدون البلاد جذابة بعد الانسحاب من الاتحاد. بالإضافة إلى ذلك، سوف يضطر المشرع البريطاني إلى رفع الحصص لتحل محل العمال المحليين المهرة الذين من المتوقع أن يهاجروا للبحث عن فرص عمل أفضل في الخارج بعد تفاقم الأوضاع الاقتصادية بعد الانسحاب من الاتحاد[iv].

لقد بلغ صافي الهجرة من أوروبا الضعف منذ عام 2012، حيث وصل إلى 183,000 في مارس عام 2015. والهجرة من منطقة الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا حاليا هو تعزيز القوى العاملة بحوالي 0.5 %سنوياً. هذا ساعد في دعم قدرة الاقتصاد على النمو دون الزيادة في الأجور والتضخم، وإبقاء أسعار الفائدة بالنسبة أقل لفترة أطول.

عما إذا كانت المملكة المتحدة تهدف إلى تقييد الهجرة من أوروبا سوف تعتمد على ما ستكسبه مستقبلا من العلاقة مع منطقة الاتحاد الأوروبي فإذا أرادت بريطانيا أن تحتفظ بحق الوصول الكامل إلى السوق الموحدة قد تضطر إلى الحفاظ على حرية تنقل اليد العاملة بين المملكة المتحدة والاتحاد. وعليه فمن المرجح أن تتغير السياسة العامة لتقييد عدد العمال ذوي المهارات المنخفضة للدخول إلى البلاد والتحول نحو اجتذاب عدد أكبر من العمال المهاجرين ذوي المهارات العالية. وهذا سيكون خسارة محتملة للقطاعات ذات الأجور المنخفضة التي تعتمد اعتماداً كبيرا على الأيدي العاملة المهاجرة، مثلا الزراعة، ولكن يمكن أن تستفيد قطاعات أخرى تعاني من نقص في اليد العاملة العالية المهارة. عموما، ستكون السياسة مصممة تحديداً لمتطلبات الهجرة في بريطانيا مستقبلا.[v]

إن لكل من الهجرة وحرية الحركة، تأثيرات مباشرة تمس حياة المواطنين، من حيث المشاركة في فرص العمل، والرعاية الصحية، والتعليم، والخدمات العامة في المجمل. وعليه سيرتبط مصير المواطنين البريطانيين المقيمين خارج بريطانيا بمصير 3.5 مليون من رعايا أوروبا من المقيمين في بريطانيا، مما يعنى أن تسوية المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا هي فقط التي سوف تحدد طبيعة الضرر الذي قد يلحق بالجانبين. وحتى تنتهي المفاوضات خلال العامين القادمين ثمة محددات رئيسية سوف تؤثر على صانعي القرار في بريطانيا وكذلك الاتحاد الأوروبي منها:

حرية الحركة والنقل والإقامة: قد يفرض الخروج من الاتحاد حصول المواطن البريطاني على تأشيرة شينجن، ناهيك عن تصاعد التكلفة الاقتصادية للسفر بفعل انخفاض العملة وضعف القدرة الشرائية من ناحية، والقيود على شركات الطيران الأوروبية موحدة التكلفة بين دول الاتحاد.من ناحية أخرى، يتخطى عدد البريطانيين المقيمين في دول الاتحاد 2 مليون شخص متفرقين بين دول عدة مثل ( فرنسا، وإسبانيا، وألمانيا وأيرلندا، وغيرها من الدول الأوروبية)، ينالون نفس الحقوق التي ينالها المقيم في بريطانيا من الرعاية الصحية، والتأمين، فضلا عن المتقاعدين وما يتقاضونه من معاشات، تتكفل بها الحكومة البريطانية في إطار اتفاقيات رسمية مع حكومات هذه الدول. فتكلفة المعيشة في دولة مثل إسبانيا تعد أرخص عن مثيلتها في بريطانيا سيجعل عودة المهاجرين البريطانيين المقيمين في إسبانيا عبئاً عليهم، خاصة بعد انخفاض قيمة العملة، وارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم.

التعليم: يعد التعليم العالي في بريطانيا اقتصاد خدمي وصناعة رئيسية، حققت منها بريطانيا نجاحاً اقتصادياً كبيرا. فنصيب الطلاب الدوليين، أو المهاجرين من إجمالي الهجرة الأوروبية والدولية نحو 27% .وكغيره من القطاعات التي سوف تتأثر بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بدأ التأثير يظهر مبكرا، حيث أعلن رئيس لجنة التعليم بالبرلمان البريطاني النائب المحافظ “نيل كار مايكل” أن جامعة كامبريدج أرسلت تقريرا محذرة فيه من تأثير قرار الانسحاب من الاتحاد على أعداد الطلاب الأوروبيين الملتحقين بالجامعات البريطانية، متوقعة انخفاض الأعداد من 1100 طالب إلى 400 طالب سنويا بنسبة 43%، وقدرت تكلفة الانخفاض نحو690 مليون جنيه إسترليني، قد تستفيد منها جامعات ألمانية، واسترالية، وكندية، وأمريكية. وغيرها من الجامعات العالمية. إضافة لما سبق، ثمة تداعيات أخرى، على التعليم في بريطانيا من شأنها أن تسبب خسارة لهذا القطاع منها:

قد تفقد بريطانيا عند خروجها من الاتحاد الأوروبي تمويل برنامج”منح اتحاد”إيراسموسموندوس“، والذي ينفق على البرامج البحثية في الجامعات البريطانية، ويبلغ حوالي 730 مليون يورو سنويا.

خسارة إطارات تعليمية أوروبية متواجدة في الجامعات البريطانية يصل عددها نحو 6000 كادر من أساتذة الجامعات والباحثين، حيث لن يستطيعوا الحصول على التأشيرة البريطانية، والتي تحمل الحكومة البريطانية حوالي 635 ألف إسترليني، من مصاريف التغطية الصحية والتأشيرات بالنسبة لأكاديمي سلك الدكتوراه. في المقابل فإن مصير الطلاب البريطانيين في دول الاتحاد الأوربي الـ 27، والذين يبلغ عددهم نحو 11000 طالب، تمول منحهم الدراسية اتفاقيات أوروبية ثنائية فضلا عن مجانيتها في بعض الدول (السويد واليونان، وفنلندا، والدانمرك، والنمسا).[vi]

تدرك المملكة المتحدة فوائد التعاون العملي وتبادل المعلومات مع الدول الأعضاء الأخرى، ولذلك فهي تسعى لتعزيز الاستجابات لتنظيم الهجرة والتقليل من ضغوطها الحالية والمستقبلية. والسؤال الأساسي الذي يطرح عن نوعية العلاقة المستقبلية بين المملكة المتحدة مع دول الاتحاد الأوروبي، والمنطقة الاقتصادية الأوروبية، وسويسرا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، بشأن سياسة الهجرة وحقوق المهاجرين البريطانيين ومواطني الاتحاد الأوروبي (المنطقة الاقتصادية الأوروبية)، وإلى أي مدى قد تظل المملكة المتحدة ملزمة بقوانين بالاتحاد الأوروبي فيما يخص حرية الحركة للأشخاص. والتي ستكون واحدة من المسائل التي ستناقش خلال مفاوضات انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في العامين المقبلين.[vii]

ثانيا: الأثر على سوق العمل

إن العنصر الجوهري في قانون العمل في المملكة المتحدة أنه يستند إلى قانون الاتحاد الأوروبي. فغالباً ما يقدم قانون العمالة في الاتحاد الأوروبي الحد أدنى من المعايير الدنيا والتي يجب أن لا تؤثر على قانون العمالة المنزلية. وفي بعض الحالات نجد أن قانون الاتحاد الأوروبي الذي رسخ في الأحكام على المستوى الدولي موجود بالفعل في القانون المحلي: فعلى سبيل المثال، في التمييز بين الجنس والعرق وبعض حقوق الأمومة. وفي حالات أخرى، نجد أن فئات جديدة من حقوق العمالة تم تحويلها إلى القانون المحلي للامتثال لالتزامات الاتحاد الأوروبي الناشئة. وبعض هذه الحقوق عارضتها حكومة المملكة المتحدة خلال المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي (مثل حقوق العمال في الوكالة والقيود المفروضة على ساعات العمل). ولكن بعد الانسحاب اختلفت الآراء بشأن ما سوف تفعله الحكومة البريطانية مع قانون العمل في الاتحاد الأوروبي.[viii]

تتعدى تداعيات قرار الانسحاب من الاتحاد على حجم العمالة والقدرة على خلق فرص عمل ووظائف سواء داخل بريطانيا أو المقيمين في دول أوروبا داخليا، حجم العمالة مرتبط بالأوضاع الاقتصادية من ناحية ومدى منافسة العمالة الأوروبية لها من ناحية أخرى. وحسبما أعلنه المكتب الوطني للإحصاء في بريطانيا عن زيادة في حجم العمالة الأوروبية في بريطانيا بقدر 221000 عامل، وذلك خلال الفترة من جويلية 2015 وحتى سبتمبر2016 ليصل إجمالي حجم العمالة من أصول أوروبية 2.26 مليون حتى سبتمبر 2016. أما عن حجم العمالة غير الأوروبية، والتي تعمل أيضا في بريطانيا، فقد ارتفعت خلال نفس الفترة، بحجم 20000 عامل لتصل حجم العمالة 1.23مليون عامل. من هنا وفي حالة ترحيل هذه الأعداد من بريطانيا، وعودتها إلى دول أوروبا يستبدل سوق العمل المحلى نفس الحجم. غير أن نجاح هذه الفرضية يتوقف على حجم العمالة المدربة والماهرة ومدى احتياج الاقتصاد البريطاني لها من ناحية، وحجم العمالة غير الماهرة من ناحية أخرى، والتي قد تكون محل نزاع في مفاوضات الخروج. في المقابل، أيضا مصير أكثر من 1000 موظف بريطاني يعمل في مؤسسات الاتحاد الأوروبي غير معروف. بالإضافة إلى ذلك فإن 1.2 مليون بريطاني من المقيمين في دول أوروبا، سوف تحدد مصير عملهم وطبيعة حقوقهم، طبقا لما ستتفق عليه بريطانيا مع الاتحاد الأوروبية.[ix]

تباطأ سوق العمل في بريطانيا بدلا من يتوقف في أعقاب نتيجة الاستفتاء. ففي الأشهر الستة الماضية من سنة 2016 انخفض معدل النمو للعمالة إلى 0.2 % أدنى من السنوات الأربع الماضية، وتباطؤ ملحوظ في سوق العمل بــ1.5%. وتم استيعاب ذلك بصعوبة حيث توقف التوظيف وزادت إجمالي ساعات العمل، وبالمثل كانت هناك دلائل تشير إلى أن الشركات نجحت أخيرا في رفع الإنتاجية من القوة العاملة التي لديها. وقفز الإنتاج لكل ساعة عمل إلى 1.2%. ومع ذلك إذا استمر النمو في التصاعد فقد يحتاج سوق العمل إلى بدأ التوظيف مرة أخرى.

إن المملكة المتحدة تدعم سوق العمل، وهي تسعى للحصول على أرقام صافي الهجرة لتصل إلى عشرات الآلاف، مع ضرورة النظر في كيفية القيام بذلك بطريقة تحمي بها اقتصادها ومختلف مصالحها الحيوية، فهي لا تريد أن تجد شركاتها تعاني من نقص في العرض في سوق العمل. وقد أكد رئيس الوزراء أن بريطانيا ستكون دائما في حاجة للمهاجرين من أوروبا خاصة ذووا المهارات العالية، وأن الهجرة يمكن أن تساعد في “ملء النقص في المهارات” و”تقديم الخدمات العامة”. واتساقا مع هذا، يظهر تصور استمرار الهجرة العالية والمنخفضة المهارة من الاتحاد الأوروبي إلى حد ما.[x]

الخاتمة:

من خلال ما سبق يتضح أن قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي قد ترك بصماته على الهجرة وسوق العمل في بريطانيا، فقد وجدنا أن المهاجرين من دول الاتحاد إلى بريطانيا يقدمون خبراتهم عندما يكون هناك نقص في المهارات ويساعدون على استدامة النمو الاقتصادي، من خلال استبدال السكان الأصليين من فئة المتقاعدين، لذلك إذا أرادت بريطانيا أن تحتفظ بحق الوصول الكامل إلى السوق الموحدة فقد تضطر إلى الحفاظ على حرية تنقل اليد العاملة بين المملكة المتحدة والاتحاد. كما أنه قد يفرض الخروج من الاتحاد حصول المواطن البريطاني على تأشيرة شينجن، ناهيك عن تصاعد التكلفة الاقتصادية للسفر بفعل انخفاض العملة وضعف القدرة الشرائية من ناحية، والقيود على شركات الطيران الأوروبية موحدة التكلفة بين دول الاتحاد، وسيؤدي أيضا تأثير قرار الانسحاب من الاتحاد على أعداد الطلاب الأوروبيين الملتحقين بالجامعات البريطانية، حيث قدرت تكلفة الانخفاض بنحو690 مليون جنيه إسترليني سنويا، قد تستفيد منها جامعات ألمانية، واسترالية، وكندية، وأمريكية. بالإضافة إلى فقدان بريطانيا الحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبي ضمن البرامج البحثية في الجامعات البريطانية، والذي يبلغ حوالي 730 مليون يورو سنويا.

سيتأثر سوق العمل البريطاني نتيجة الخروج من الاتحاد، إذ أن ترحيل أعداد كبيرة من العمال، وعودتها إلى دول أوروبا سوف يدفع سوق العمل المحلي إلى تعويض هذه العمالة بنفس الحجم. غير أن نجاح هذه الفرضية يتوقف على حجم العمالة المدربة والماهرة ومدى احتياج الاقتصاد البريطاني لها من ناحية، وحجم العمالة غير الماهرة من ناحية أخرى، والتي قد تكون محل نزاع في مفاوضات الخروج. كما وجدنا أن سوق العمل قد تباطأ في بريطانيا نتيجة الاستفتاء. ففي الأشهر الستة الماضية من سنة 2016 انخفض معدل النمو للعمالة إلى 0.2 % أدنى من السنوات الأربع الماضية. وتم استيعاب ذلك بصعوبة حيث توقف التوظيف وزادت إجمالي ساعات العمل، وبالمثل كانت هناك دلائل تشير إلى أن الشركات نجحت أخيرا في رفع الإنتاجية من القوة العاملة التي لديها. وقفز الإنتاج لكل ساعة عمل إلى 1.2%. ومع ذلك إذا استمر النمو في التصاعد فقد يحتاج سوق العمل إلى بدأ التوظيف مرة أخرى.

الهوامش”

Philippe Heitzmann,Brexit: Consequences for a Broken Britain, available on the site: https://intpolicydigest.org, 22 Fuburary,2017.

[ii]Philippe Heitzmann,Brexit: Consequences for a Broken Britain, available on the site: https://intpolicydigest.org, Op-cit.

[iii]Philippe Heitzmann, Op-cit.

[iv]Philippe Heitzmann,ibid.

[v] Woodford Investment Management, The economic impact of ‘Brexit’, Capital Economics Limited, 2015, p 2.

[vi]بهاء محمود، التداعيات الداخلية للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي،متاح على الموقع: www.democracy.ahram.org.eg

26 ديسمبر 2016، تاريخ الاطلاع: 07 ماي 2017.

[vii] The House of Commons Library research, Brexit: impact across policy areas, Briefing Paper, Number 07213, 26 August 2016, p 14.

[viii]Ibid , p 11.

[ix] بهاء محمود، التداعيات الداخلية للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، متاح على الموقع: www.democracy.ahram.org.eg ، مرجع سبق ذكره.

[x] European Union Committee, Brexit: UK-EU movement of people, op-cit, P 23.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى