دراسات سياسيةدراسات قانونيةمنهجية التحليل السياسي

بحث حول الادارة العلمية لفريدريك تايلور

عرف تسيير المؤسسات تطورات كثيرة منذ مئات السنين, من خلال أراء و أفكار و نظريات العديد من الكتاب و المفكرين و الممارسين. فمنذ ظهور الإدارة كعلم مستقل تزايد الباحثون في مجالات الإدارة المختلفة وتزايدت معهم الآراء التي خلصوا إليها من أجل تطوير العمل الإداري. حيث أنه ليس بمقدور رجل الإدارة تحقيق أهداف مؤسسته بمجرد إصداره قراراً معيناً ، وإنما لا بد له من القيام بمجموعة من المهام والتي اصطلح على تسميتها بالوظائف الإدارية أو وظائف العملية الإدارية المتمثلة في التخطيط و التنظيم و إعداد تنمية القوى العاملة و التوجيه و القيادة و التقويم، إن أداء هذه المهام مجتمعة وقد يكون غيرها علاوة عليها وسيلة القائد أو أداته لتحقيق أهداف مؤسسته إلا أن الباحثين بمجال الإدارة لم يتفقوا على أسلوب واحد يحكم عمل المديرين للوصول إلى الأهداف المطلوبة بأقل وقت و جهد و مال و إنما اختلفت نظرتهم إلى هذا الأمر، و هذا ما أدى إلى ظهور عدة أنواع للإدارة و كذلك عدة مدارس و كان من أهمها المدرسة الكلاسيكية و من أهم النظريات التي قدمتها نظرية الإدارة العلمية لفريدريك تايلور، و عليه فالمشكل المطروح يكمن في كيف ساهمت الإدارة العلمية في تطور مجال الإدارة؟

المبحث الأول: مدخل عام حول الإدارة العلمية

المطلب الأول: لمحة تاريخية حول فريدريك تايلور

ولد فريدريك ونسلو تايلور في 20 مارس 1856 بولاية فيلادلفيا بأمريكا ، و هو من عائلة بورجوازية و عمل في ورشة صغيرة كتلميذ صناعي لمدة أربع سنوات التحق بعدها بشركة “مدفال” لصناعة الصلب، و خلال ثمانية سنوات تدرج “تايلور” في تلك الشركة من عامل بسيط إلى ميكانيكي “فني” إلى مهندس الشركة. و أتاح له تدرجه في جميع الوظائف فرصة فهم شؤون الإنتاج و نفسية العمال و سبب تذمرهم و انخفاض كفايتهم الإنتاجية.

و حين جاءته الفرصة و عين كبيرا لمهندسي الشركة بدأ بدراساته و تجاربه و نادى بأهمية مبادئه و دافع عنها و عن أهمية تطبيقها في الحياة العلمية. و قد اعترفت الهيئات العلمية و غير العلمية بعبقرية “تايلور” فمنحه معرض باريس الدولي الميدالية الذهبية عام 1900 لاختراع متعلق بصناعة الصلب، كما عينته “جمعية المهندسين الميكانيكية الأمريكية” مديرا لها عام 1906 و منحته جامعة “بنسلفانيا” درجة الدكتوراه الفخرية عام 1906 اعترافا له بفضله. و ذاع صيته حتى أصبح عالما من علماء الإدارة، و الهندسة عام 1912، و انتشرت مبادئه و أفكاره في الإدارة في معظم البلدان الصناعية كأمريكا و روسيا و انجلترا و فرنسا و ألمانيا خلال ثلث قرن، كما ترجم كتابه الذي نشر فيه فلسفته في الإدارة العلمية عام 1911 و هو كتاب “أصول الإدارة العلمية” شرح فيه بأسلوب مبسط معنى الإدارة العلمية و الغرض منها و كيفية تطبيقها.[1]

المطلب الثاني: تعريف الإدارة العلمية

الإدارة علم له أصوله وقواعده ونظرياته، ويمكن تطبيق المنهج العلمي في دراسته والتحقق منه؛ حيث يمتاز المنهج العلمي بمميزات ومن بينها: الموضوعية، وقابلية إثبات النتائج، والقابلية للتعميم، وإمكانية التنبؤ بالنتائج، والمرونة 5 . ويزيد في الناحية العلمية الموضوعية للإدارة أن هناك جوانب مادية تتعامل معها و بها الإدارة، وهذه يمكن دراستها وإخضاعها للتجارب تماما كما تخضع المواد في المختبرات العلمية للتجارب. كما قامت مدارس إدارية على تطبيق المنهج الرياضي والإحصائي في دراسة المشكلات الإدارية وهذا يعمق الجانب العلمي في الإدارة

حيث قام تايلور بعدد من الدراسات والأبحاث والتجارب وقد اثبت في تجربته الأولى جهل الإدارة بكمية العمل الواجب أن يقدمه الفرد ، وفي تجربته الثانية قام بدراسة الوقت اللازم لانجاز العمل المطلوب ، وهدفت تجربته الثالثة إلى تحسين الأدوات والآلات المستخدمة في العمل . ونشر “تايلور” نتائج أبحاثة ودراساته في كتاب “إدارة الورش” عام 1903.[2]

وقام “تايلور” بعدد آخر من الدراسات كان يهدف منها إلى فلسفة جديدة في الإدارة

وأطلق عليها لفظ الإدارة العلمية حتى يميزها عن الإدارة التقليدية التي كانت متبعة في ذلك الوقت والتي أسماها تايلور إدارة البصمة والتخمين في كتابه “أصول الإدارة العلمية”

ويقول “تايلور” أن الإدارة العلمية أكبر من أن تكون طريقة بحث وتخطيط ورقابة… إنها ثورة فكرية أو فلسفة إدارية جديدة تنادي بتغيير شامل في تفكير الإدارة نحو العاملين ، وفي تفكير العاملين نحو الإدارة ، وفي تفكير العاملين نحو بعضهم البعض

عرف فريدريك تايلور للإدارة العلمية:

هي التحديد الدقيق لما يجب على الأفراد أن يقوموا به و التأكد من أنهم يؤدونه على أحسن وجه و أكفأ الطرق.

المطلب الثالث: نشأة نظرية الإدارة العلمية و تطورها

بدأت الحركة العلمية مسارها العلمي الصحيح في أوائل القرن العشرين لم يكن هناك كتابات تذكر في تنسيق الجهود البشرية و حفزها على العمل. كما أنه لم تكن هناك طريقة تمكن رجال الأعمال للتبادل فيما بينهم المعلومات و الخبرات الناتجة عن القيام بأعمالهم اليومية.

و في هذا الفراغ الأدبي، بدأ فريدريك تايلور دراساته، و لاحظ خلال عمله في شركتي “بيت لحم” و “ميدفيل للحديد” أن هناك حاجة ماسة للتعرف إلى تخصص الإدارة و فصلها عن المسؤوليات الخاصة بالعمال. و كتب تايلور آراءه في كتابيه “إدارة الورشة” الذي نشر عام 1903 أسس الإدارة العلمية الذي نشر سنة 1914.[3]

و حاول تايلور إصلاح الإدارة بطريقة علمية تتميز بالتفكير المنظم و المنطق. و يمكن القول أن الإدارة تحاول الإصلاح في أربع نواح مختلفة:

1- استخدام الطريقة العفوية في اكتشاف أجزاء العمل الرئيسية بدلا من إتباع التخمين و الحدس.

2- التعرف إلى الوظائف الإدارية في تخطيط العمل بدلا من السماح للعمال لاختيار الأساليب و الطرق كل حسب أهوائه و ميوله.

3- اختيار و تدريب العاملين و تنمية روح التعاون بينهم بدلا للجهود الفردية من السيطرة على المشروع.

4- تقسيم العمل بين الإدارة و العمال بحيث يقوم كل منهم بالعمل الذي أهل له و يعود بالتالي بزيادة الكفاءة الإنتاجية للمشروع.

تقترن بدايات الإدارة العلمية باسم وجهود فريدريك تايلر وهي جهود جاءت بعد إضافات من كثير من الرواد الأوائل أمثال ماثيو باولتن ، جيمس وات ، روبرت أوين ، تشارلز بابيج ،هنري تاوني ، فريدريك هالسي ، فرانك جيل برت ،هنري غانت ، ايمرسون وآخرون غيرهم [4].

المطلب الرابع: مختلف التصورات المتعلقة بالإدارة العلمية (فرضياتها، تجاربها، أسسها)

– فرضياتها:

– لقد استند تايلور على مجموعة من المشاهدات يمكن إيجازها فيما يلي:[5]

– أن العاملين لم يحاولوا إطلاقا رفع كفايتهم الإنتاجية لعدم وجود دافع قوي يحفزهم على زيادة الجهد.

– إن أجر الفرد في المؤسسة يحدد حسب وظيفته و أقدميته و ليس حسب قدراته و ليس حسب قدراته و خبراته و مهاراته الإنتاجية فأدى لإلى هبوط مستوى أداء الفرد النشيط إلى مستوى أداء غير النشيط ما دام يحصل على نفس الأجر.

– جهل الإدارة بمقدار الوقت اللازم لإنجاز العمل المطلوب مما يؤدي إلى زيادة الفاقد في العمل و ارتفاع تكلفته.

– جهل رجال الإدارة بالنظم الواجب إتباعها لتنظيم العلاقة بين العمل و العاملين. و الطرق الواجب استخدامها للحد من التلاعب و ضياع الوقت فقد لاحظ “تايلور” تكرار تهرب العمال من العمل أو التظاهر بالعمل دون أن يكون هناك إنتاج حقيقي. و قد علل تايلور وجود هذه الظاهرة إلى سببين:

1- “الطبيعة البشرية” فالفرد يميل بطبيعته إلى الكسل و البطء في العمل إذا لم يكن هناك مصلحة شخصية تحقق له حاجة ضرورية. و كذلك أن سوء علاقة الفرد بزملائه أو رئيسه يؤدي إلى انخفاض أدائه و إنتاجيته.

2- اعتقاد بعض العاملين أن زيادة إنتاجيتهم سوف تتسبب في فصل عدد منهم من العمل.

– تجاربها:

لقد اهتم تايلور في أثناء عمله بإنتاج أقصى حد ممكن عن طريق مجموعات العمل التي يشرف عليها ، فلم يكن مرتاحا لنظام العمل في المصنع لاعتقاده بأن هذا النظام لا يقوم على تقدير سليم لطاقة العامل الإنتاجية ، بل مبني على سجلات الإنتاج السابقة التي تقدر عشوائيا معدل الإنتاج المطلوب وهو مبدأ عرفه العمال وحاولوا دوما الحفاظ عليه بدرجة مما جعل العمال أصحاب المبادرة بتحديد كمية الإنتاج.تعد سنة 1898 بداية تجارب تايلور حيث ذهب في ذلك العام ليعمل في شركة بيت لحم للفولاذ حيث قام هناك بدراساته المشهورة في عدة مجالات على النحو التالي:[6]

للتأكد من التجارب السابقة الذكر قام تايلور بالتجارب التالية:

1- تجربة رفع الكتل المعدنية:

أجرى تايلور تجربة لرفع الكتل المعدنية على مجموعة تتكون من75 عامل كانوا يقومون برفع المعادن على قاطرات ، كان العامل الواحد عند بدأ التجربة يرفع ما معدله 12.5 طن من الخامات يوميا ، ومن دراسته وملاحظته للوضع تبين له أن العامل الواحد يستطيع أن يرفع حوالي 47 طن باليوم و ب 43% من وقت العمل فقط ، حيث أن الوقت المتبقي يحتاجه العامل للراحة واستعادة النشاط . وبالفعل قام تايلور بتزويد العمال بالتعليمات اللازمة للقيام بالعمل مسبقا و بالأدوات اللازمة للقيام بالعمل و تحديد الوقت المناسب لإتمامه ، وبعد تطبيق التجربة تبين له صدق فرضيته بالرغم من ذلك استلزم استغنائه عن8/7 من أفراد المجموعة التي بدأها لأنهم لا يتناسبون مع العمل المطلوب منهم ، وإذ لم يكونوا قادرين على الأعمال المطلوبة إليهم.

قام تايلور و بناء على افتراض تدني معدل الإنتاجيةّ، بأخذ الضوء الأخضر من إدارة المصنع للاستغناء عن العمال غير المناسبين و تعيين عمال أكثر تناسبا مع الأعمال. و بعد ذلك قام بقياس الإنتاجية و اكتشف أن الإنتاجية تضاعفت عدة مرات، و باستخدام نصف وقت العمل. و بذلك دلل على ضرورة اهتمام الإدارة باختيار المناسبين، و عدم الاعتماد على معدلات الإنتاج المتعارف عليها بالتقادم التي لا تقوم على أسس علمية.

2- تجربة جرف الخامات:

تناولت هذه التجربة عملية جرف خامات الحديد والفحم و قد تبين له أن استعمال العمال نفس الأدوات لجرف المادتين كان سببا خفض الإنتاج ، حيث أن الأدوات المستعملة كان يجلبها العمال أنفسهم وكانت ثقيلة جدا عند استعمالها لجرف الخامات المعدنية وخفيفة جدا عند استعمالها لجرف الفحم ، ولتدارك ذلك فقد ألزم الإدارة بتصميم الأدوات المناسبة لكلا النوعين من العمل وبإعطاء العامل الأداة المناسبة للعمل المناسبة مما أدى إلى توفير سنوي في التكاليف بين 75ـ 80 $ سنويا.

3- تجربة ملائمة الأدوات المستخدمة بالإنتاج:

لاحظ تايلور أيضا أن الأدوات المستخدمة من قبل العمال في رفع الكتل المعدنية و الخامات المختلفة في رفع الكتل المعدنية و الخامات المختلفة في المصنع، أدوات يجلبها العمال أنفسهم، و أنهم يستعملون نفس الأدوات سواء كانت الخامات التي يدفعونها ثقيلة أم خفيفة. و بذلك قرر أن يستبدل تلك الأدوات بأدوات تتناسب مع طبيعة المواد التي يتعامل معها العمال. و أدى ذلك إلى حدوث تغير هائل في حجم الإنتاجية، مما جعله يحمل الإدارة مسؤولية تحديد الأدوات المستخدمة في الإنتاج و تدريب العمال على استعمالها.

– أسسها:

لقد توصل تايلور إلى عدد من المبادئ الرئيسية التي اعتبراها الأسس الضرورية للإدارة العلمية و من هذه المبادئ ما يلي[7] :

– إحلال الأسلوب العلمي في تحديد العناصر الوظيفية بدلا من أسلوب الحدس و التقدير، و ذلك من خلال تعريف طبيعة العمل تعريفا دقيقا، و اختبار أفضل طرق الأداء، و أهم الشروط للعمل من حيث المستوى، و المدة الزمنية المطلوبة لتحقيقه.

– إحلال الأسلوب العلمي في اختيار و تدريب الأفراد لتحسين الكفاءة الإنتاجية.

– تحقيق التعاون بين الإدارة و العاملين من أجل تحقيق الأهداف.

– تحديد المسؤولية بين المديرين و العمال، بحيث تتولى الإدارة التخطيط و التنظيم، و يتولى العمال التنفيذ.

– ربط تأدية أو نجاح الفرد في عمله بالأجر أو المكافآت لرفع الكفاءة الإنتاجية.

– إحكام الإشراف و الرقابة على العاملين في المستوى الأدنى لأنهم يفتقدون المقدرة و المسؤولية في القدرة على التوجيه الذاتي.

– تقسيم عادل للمسؤولية بين المديرين و العمال بحيث يقول المديرون بوظيفة التخطيط و التنظيم و يقوم العمال بوظيفة التنفيذ.

– الاعتماد على الأساليب الفنية في العمل “بدلا من الأوامر التعسفية”.

– الاختيار العلمي و التطوير الإيجابي للعمال بحيث لا يسند العمل إلا للشخص الذي هو كفؤ له.

– تتحمل الإدارة نصف مسؤولية العمل، إذ أنها تتحمل مسؤولية تنمية مواهب العامل و – – – تمكينه من جمع المعلومات و تبويبها ثم حفظها في كراس للعمل يتضمن جمع القوانين المتعلقة بأساليب العمل و كيفيات أدائه.

– تعليم وتدريب العامل حتى يتسنى له أن يرفع من مستواه و يتمكن من أداء عمله بطريقة علمية، تساعده في نهاية الأمر على تحقيق أمانيه و رفاهيته.[8]

كما تحدث تايلور عن فكرة المهمة وقال أنها أظهرت عنصر متفرد في الإدارة العلمية وتشمل فكرة المهمة ما يلي:

– تحديد عمل الفرد

– إصدار تعليمات مكتوبة.

– تفصيل المهمة.

– تحديد الوسائل اللازمة لإنجازها.[9]

المبحث الثاني: الإدارة العلمية لفريدريك تايلور

المطلب الأول: نظام الأجور عند تايلور

ركز تايلور على دراسة الحركة و الزمن بهدف تقليل الفترة اللازمة لإنجاز عمل معين من جراء حذف الوقت الضائع و بالتالي زيادة الوقت الإنتاجي و التوصل إلى معايير علمية يمكن للمشروع اتباعها. و لكن تايلور لم يغض النظر عن أهمية العنصر الإنساني، و اعتبر بذلك الإدارة العلمية “ثورة عقلية” للإداريين و العمال على حد سواء. فالعامل يزداد إنتاجه بسبب زيادة أرباح المشروع الذي يقوم بزيادة الأجور التي تعمل على حفز العامل و تشجيعه و بالتالي زيادة الإنتاج. و تدور الدورة مرة أخرى و هكذا.[10]

و بناء على هذه الفلسفة وجد تايلور ضرورة وضع نظام للأجور حيث اعتقد كغيره من المفكرين في ذلك العصر أن العامل يتجاوب للحافز المادي “الأجر” بصورة إيجابية، فإن كل فرد يتقاضى أجرا معينا لكل وحدة إنتاجية تم انجازها حتى يصل في الإنتاج إلى الوحدات القياسية التي قررت من جراء دراسة العمل نفسه و إذا ما تمكن العامل من إنتاج وحدات أكثر عن الحد القياسي فإنه يتقاضى أجرا أعلى من الأجر السابق لجميع الوحدات التي أنتجها.

أمثلة:

– لو كان المعيار الإنتاجي لهذه الوظيفة هو إنتاج خمس قطع كاملة يوميا.

– إذا كان الأجر الذي يتقاضاه العامل هو “50” قرشا لكل قطعة أنتجها.

– فإذا أتم العامل إنتاج خمسة قطع فإنه سيتقاضى “250” قرشا.

– اقترح تايلور أن العامل النشيط سيتقاضى “75” قرشا للقطعة إذا أنتج عددا أكبر من القطع عن المعيار المحدد.

– فإذا أنتج العامل النشط ستة وحدات لذلك اليوم فإنه سيتقاضى: 6 وحدات في 75 قرشا = 450 قرشا.

أي أن العامل سيتقاضى “200” قرشا زيادة عن أجره اليومي لإنتاجه قطعة واحدة فقط.[11]

المطلب الثاني: التنظيم الوظيفي عند تايلور

عمل فريدريك تايلور على وضع آلية التنظيم الوظيفي على مبدأ تقسيم العمل بين عدد من المدراء بلغ عددهم الثمانية و الأفراد العاملين، حيث أعطى تايلور لكل من المدراء وفقا لتخصصه الصلاحية و السلطة. أما الأفراد العاملين فأصبح العامل الواحد خاضع لثمانية رؤساء في الوقت الواحد.

و جعل على رأس هذا التنظيم الوظيفي مديرا واحدا “منسقا” مما كان هذا سببا في انتقاد هذا التنظيم الوظيفي الأمر الذي يؤدي إلى الحيرة و الازدواجية و التعارض في العمل.[12]

المطلب الثالث: خصائص الإدارة العلمية

– نظام تحليلي غايته معالجة المشاكل الصناعية.

– إحلال الطرق العلمية للعمل و العاملين.

– وسيلة للكشف عن أفضل الوسائل للإنجاز في أقل تكلفة.

– الاهتمام بعوامل الإنتاج (القوى البشرية، المواد و الآلات، و رأس المال).[13]

المبحث الثالث: خصوصية الإدارة العلمية

المطلب الأول: أهداف الإدارة العلمية

و من أهداف الإدارة العلمية في سبيل تحقيق مبدأ الكفاية الإنتاجية ما يلي:

– زيادة الإنتاج و تخفيض التكلفة و زيادة فعالية العاملين.

– رفع مستوى طرق العمل خلال المعدات و المواد المستخدمة و تدريب العاملين.

– تغيير و تطوير و تعديل الأنظمة و القوانين بما يتناسب مع العمل.

– التأكيد على تقسيم العمل و توزيع المسؤوليات بين الإدارة و الأفراد و العاملين.[14]

المطلب الثاني: تأثير الإدارة العلمية على الإدارة

تبنى عدد كبير من رجال التربية تطبيق مبادئ الإدارة العلمية في الميدان التربوي سعياً منهم إلى:

– إضفاء الصبغة العلمية على الإدارة التربوية واعتبار من يعمل بها صاحب مهنة.

– استخدام النظريات والنماذج في مجال الإدارة التعليمية

– اهتمام الباحثين بدرجة كبيرة بالدراسات العلمية للإدارة التربوية

– استخدام المنهج العلمي في الدراسات التربوية.[15]

– وعلى الرغم من الانتقاد الموجه لمدرسة الإدارة العلمية فيما يتعلق بحصر التخطيط في مستوى الإدارة العليا، إلا أن بعض القيادات التربوية والتعليمية لا زالت تمارس هذا المبدأ وذلك بتركيز التخطيط في مستوى الإدارة العليا وحصر الدور التنفيذي على المستويات الدنيا والمتمثلة في المدارس.

– كذلك فإن الاختيار العلمي للعاملين في المجال التربوي وتمكينهم من البرامج التدريبية يعد أحد المبادئ التي نادى بها فريدريك تايلور. وما نشاهده اليوم من ممارسات لذلك في الميدان التربوي ما هو إلا ممارسة حقيقية للمبدأ الذي نادى به تايلور.

– وتمارس الكثير من المؤسسات التربوية مبدأ تقسيم العمل حسب التخصص، سواءً من حيث المواد التدريسية أو العمليات الإدارية أو الفنية، ويعد هذا ممارسة حقيقية لمبدأ التخصص وتقسيم العمل الذي نادى به فريدريك تايلور

– كما أن كثيراً من المؤسسات التربوية قد أعطت اهتماماً كبيراً لعنصر الوقت وإدارة الوقت تقديراً منها لأهمية الوقت في العملية التربوية. ويعد هذا الاهتمام والممارسة أحد مظاهر المدرسة العلمية في الإدارة والتي ركزت على عنصر الوقت وأهميته في العملية الإنتاجية.

– ويعد تطبيق مبدأ الحوافز – سواء المادية أو المعنوية – في الإدارة التربوية من الممارسات والمبادئ التي نادت بها المدرسة العلمية في الإدارة، سواء كانت هذه الحوافز موجهة للعاملين في الميدان التربوي أو للطلاب.[16]

المطلب الثالث: تقييم الإدارة العلمية

لقد لاقت أفكار تايلور الكثير من الانتقادات و ذلك للأسباب التالية[17]:

– اعتبرها الكثيرون أنها تضر بصالح العاملين و تلغي شخصية العامل و تجعله يعمل مثل الآلة، و بالتالي تقل أهمية العامل داخل المؤسسة.

– اقتصرت دراسة تايلور على مستوى المصنع الصغير “الورشة”

– أدت أفكار تايلور إلى نوع من الحرب بين العاملين و أصحاب العمل.

– طريقة الحوافز التي اقترحها تايلور تؤدي إلى معاقبة العامل البطيئ و تغري العامل بإرهاق نفسه مقابل الحصول على أجر دون اعتبار للنواحي الصحية.

– عارضها أصحاب المصانع الذين خيل إليهم أنها تعطي حقوق جديدة للعمال لا يستحقونها.

– لاقت أفكار تايلور معارضة شديدة لأنها تطرح أفكار و طرق جديدة في الإدارة لم يعتد عليها أصحاب المصانع، بل إن الطرق التقليدية في الإدارة كانت بمثابة عادات و تقاليد ثابتة غير قابلة للتغيير.

– ركزت على السلطة و القوانين الرسمية، و لم تدع مجالا لمشاركة العاملين في اتحاد القرارات الإدارية و غيرها.

– نظر أصحاب هذه المدرسة إلى الفرد على أنه مخلوق رشيد، يلتزم بالقوانين و الأنظمة، و أنه إنسان مادي سلبي، و غير محب للعمل بطبعه، و لكن يمكن إسثارته و تحفيزه بواسطة المادة.

– تجاهلت أهمية التنظيم غير الرسمي بين الجهاز الإداري و العاملين، و بين العاملين و بعضهم البعض، و بين العاملين و السلطة.

– لم تهتم بالحاجات الإنسانية و الاجتماعية و النفسية للفرد و العامل، و نظرت إليه نظرة مادية بحتة كأداة من أدوات الإنتاج. و على الرغم من النقد الذي وجه للإدارة العلمية إلا أنها هيأت لميادين العمل كثيرا من النجاح، كما كان لها تأثير قوي على الفكر الإداري، و الممارسة الصناعية، ومن محاسنها أنها لم تتحيز لأي من العمال أو أصحاب العمل، و أيضا، إحلال الأسلوب العلمي في الإدارة بدلا من الاعتماد على الحدس و التخمين.

– ركز على زيادة الإنتاجية من خلال كفاءة الإنسان و الآلة و دراسة الحركة و الزمن و تجاهل العلاقات الإنسانية بين الناس في العمل.[18]
– افترض تايلور أن هيئة الإدارة العليا تعرف جيداً مصلحة العمل ومصالح العمال وتعمل على تحقيقها ولذا فمن رأيه لا مجال لإشراك العاملين في مناقشة القرارات التي تتخذ من جانب الإدارة العليا أو حتى الاعتراض عليها.[19]

– وضع التخطيط للعمل في أيدي الإدارة العليا وحدها دون اشتراك العاملين في الخطة وهذا يدل على المركزية الشديدة في الإدارة .

– بالرغم من اعتراف (تايلور) بشرعية النقابات العمالية إلا أنه تجاهل ممثليها واعترض على تدخلهم في تحديد شروط العمل كالأجر وعدد الساعات فهو يرى أن مهمة النقابة يجب أن تقتصر على رفع المستوى الثقافي والاجتماعي لأعضائها.

– اعترف (تايلور) وأتباعه بأهمية الحوافز لتشجيع الفرد على العمل أنهم افترضوا أن الأجر وحده هو الدافع الوحيد للعمل .

– اعتبرت الإدارة العلمية أن العلاقة بين المؤسسة والعاملين فيها علاقة تعاقدية يحق بموجبها للإدارة أن تضع شروطاً وقيوداً على العاملين بهدف تحقيق الربح مقابل دفع الأجر على كمية العمل ولذا فالإدارة العلمية تجاهلت العلاقة الإنسانية في الإدارة.[20]

ورغم هذه الانتقادات إلا انه يوجد لهذه النظرية ايجابيات و محاسن تمثلت فيما يلي :
ـ تصدي هذه النظرية للمشاكل بسلاح العلم و ذلك باتخاذها من العلم منهجا و بذلك بالقيام بالبحوث و الدراسات وهي أدوات التحليل الحديث وأساس التنظيم.
ـ لم تكتف هذه النظرية بما توصل إليه من النظريات السابقة وإنما أجرت عليها دراسات و تجارب و وضعت بناء على ذلك نظريات و مبادئ تحكم العمل.
ـ لقد ثبت فيما بعد أن المؤسسات و الإدارات التي تعمل بمنهج الإدارة العلمية تحقق نتائج جديدة و أفضل من المؤسسات و الإدارات التي تعمل على أسلوب التجربة و الخطأ.[21]

الخاتمة:

و في الأخير نرى أن الإدارة العلمية رغم الانتقادات الموجهة لها إلا أنها ساهمت كثيرا في تطور مجال الإدارة و بشكل كبير.

[1] مطاوع إبراهيم عصمت و حسن، أمينة أحمد. الأصول الإدارية للتربية، جدة، دار الشروق للنشر، ص 30.

[2] مطاوع إبراهيم عصمت،الإدارة التربوية في الوطن العربي ، مرجع سابق ، ص 51

[3] كامل محمد المغربي، الإدارة: أصالة المبادئ و وظائف المنشأة مع حداثة و تحديات القرن الحادي و العشرين،ط.1.( عمان:دائرة المكتبة الوطنية، 2007)،ص 109.

[4] عبد الرحمن, يسرى أحمد. تطور الفكر الاقتصادي الجزء الأول. الإسكندرية: شارع زكريا غنيم الإبراهيمية الدار الجامعية, 2003, ص 43.

[5] مطاوع، إبراهيم عصمت. الإدارة التربوية في الوطن العربي. القاهرة، دار الفكر للطباعة و النشر، ص 79.

[6] مهدي حسن زويلف. الإدارة: نظريات و مبادئ. الطبعة الأولى عمان: دار الفكر للطباعة والنشر و التوزيع, 2001-1421هـ .ص29.

[7] الموقع الالكتروني لصبرية موسى اليحيوي، أستاذة الادارة التربوية و العلوم الانسانية، جامعة طيبة بالمدينة المنورة، WWW.DRSMY.COM

[8]scientific in “management the principles of scientific” taylor.f

140p, 1947,and roow harper -new york.management

[9] إدارة المؤسسات العامة في الدول النامية “منظور استراتيجي”، أحمد عثمان طلحة، ط.1. (الأردن: دائرة المكتبة الوطنية، 2008)، ص37،38.

[10] كامل محمد المغربي، الإدارة: أصالة المبادئ و وظائف المنشأة مع حداثة و تحديات القرن الحادي و العشرين، مرجع سابق، ص 110.

[11] كامل محمد المغربي، الإدارة: أصالة المبادئ و وظائف المنشأة مع حداثة و تحديات القرن الحادي و العشرين، مرجع سابق، ص 111.

[12] محمد رسلان الجيوسي،و جميلة جاد الله، الإدارة: علم و تطبيق. (………………)، ص35.

[13] محمد رسلان الجيوسي،و جميلة جاد الله، الإدارة: علم و تطبيق، مرجع سابق، ص 35.

[14] محمد رسلان الجيوسي،و جميلة جاد الله، الإدارة: علم و تطبيق، المرجع نفسه، ص 36.

[15] مصطفى، صلاح عبد الحميد و فاروق، فدوى. مقدمة في الإدارة والتخطيط التربوي. الرياض، مكتبة الرشد، 1426 هـ ، ص 84

[16] مصطفى، صلاح عبد الحميد و فاروق، فدوى. مقدمة في الإدارة والتخطيط التربوي ، مرجع سابق ، ص 85

[17] هريراج، خطة نموذجية شاملة لتحسين الإدارة، الوثيقة رقم 3 من الاجتماع الخامس للمنطقة الأمريكية من أجل التدريب على الاتصلات “سانتياغو- تشيلي – تشرين الثاني 1984”

[18] إدارة المؤسسات العامة في الدول النامية “منظور استراتيجي”، أحمد عثمان طلحة، ص 38.

[19] مطاوع إبراهيم عصمت،الإدارة التربوية في الوطن العربي ، مرجع سابق ، ص 58

[20] مطاوع إبراهيم عصمت،الإدارة التربوية في الوطن العربي ، مرجع سابق ، ص 60

[21] عبد الرحمن, يسرى أحمد, مرجع سبق ذكره,ص 52.

4.4/5 - (16 صوت)

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى