دراسات شرق أوسطية

تحليل ” أولي ” لقرار وقف الاتفاقات مع اسرائيل

وليد عبد الحي

قد اتقهم رضا حماس وغيرها من المنظمات الفلسطينية عن قرار سلطة التنسيق الامني وقف العمل بالاتفاقيات مع اسرائيل، لكني سأكون اقل تفهما إذا كانت حماس ” تصدق” ذلك فعلا.
يمكن تحديد اطار العمل بين السلطة واسرائيل من خلال عشر (اتفاقات او بروتوكولات او اعلانات مبادئ) تعد هي الاساس لكل ما يجري بين الطرفين ، وتشمل هذه الاتفاقات : مدريد 1991- اوسلو 1993- غزة اريحا 1994- باريس الجمركي 1994 – طابا 1995- واشنطن 1995- الخليل 1997-واي ريفير الأولى 1998- واي ريفير الثاني 1999- التنسيق الامني 2005.
ولتحليل قرار سلطة التنسيق الأمني الجديد لا بد من اثارة النقاط التالية:
1- الاعلان هو عن ” وقف” (وترجمها الاسرائيليون halt) وتعني تعليق الاتفاقات وليس الإلغاء، وهو ما يعني ان استراتيجية التفاوض ستبقى قائمة بمجرد ان تبدي اسرائيل أي اشارة ” ايجابية” ، وهي المسألة التي تتقنها اسرائيل كثيرا، وستوفر اسرائيل للسلطة في وقت مناسب هذه الاشارة لتعود حليمة لعادتها القديمة.
2- ان الخبرة التاريخية مع سلطة التنسيق تؤكد انها اتخذت قرارات عديدة بالوقف لبعض الاتفاقات ، وهددت باللجوء للمحاكم الجنائية الدولية وبوقف التنسيق الأمني لكنها لم تنفذ ايا من هذه التهديدات، وسبق وأن اشرت الى ان سلطة التنسيق الامني اعلنت 58 مرة (آخرها قرار من المجلس المركزي) بوقف التنسيق لكن ذلك لم يحدث بل ازداد نطاقه.
3- والسؤال الأكثر اهمية هو : ما هو بديل السلطة في ظل قرارها الأخير؟ فهي ترفض المقاومة المسلحة او الانتفاضة من ناحية ولا تريد الاستمرار-كما تقول- في الاتفاقيات مع اسرائيل من ناحية ثانية، وهو ما يعني ترك الواقع على حاله وهو ما يعني استمرار هدم البيوت والاستيطان وتهجير الريف الفلسطيني نحو مدن الديسكو وغض الطرف عن اتساع نطاق التطبيع العربي الاسرائيلي ..فهل هذا هو المخرج، فالسلطة تعلن انها ضد المقاومة(لأنها عبثية كما تدعي) وضد الاستسلام(لان اسرائيل لا تلتزم) ، وعليه ما هو البديل الثالث لسلطة التنسيق ..انه ترك اسرائيل تفعل ما تريد .
4- سلطة التنسيق الامني تحاول بهذه القرارات التي ليس لها أدنى اثر على الواقع القائم ان تستعيد بعضا من شعبيتها المتآكلة وتبرير استمرارها في موقعها ، وهو موقع فاقد للشرعية منذ عقد كامل، فقراراتها التي تظهر في لحظات أزماتها المتلاحقة هي محاولة لترميم بناء تشققت جدرانه من كل ناحية، فمن يحاصر غزة ويرفض المقاومة بكل اشكالها ويقطع رواتب الاسرى والشهداء لا قيمة ” لِحَرَدِه” من اسرائيل.
5- ان الاجراء الصحيح هو انتخاب قيادة جديدة ( رئيس ومجلس وطني فلسطيني) ، وهذه القيادة الجديدة هي التي تتخذ القرار سلما أو حربا
مرة أخرى ، اتفهم ان تؤيد التنظيمات الفلسطينية خطوة ” الحرد ” لسلطة التنسيق الامني، ولكني لا أتفهم هذه التنظيمات ” إذا صدقت” دبلوماسية الحرد ، فالمؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين ، فماذا لو فاق عدد مرات اللدغ 58 مرة؟…

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى