دراسات اقتصاديةدراسات سوسيولوجيةدراسات مغاربيةمنهجية التحليل السياسي

تطور تحليل العلمي لظاهرة العولمة في البحث العلمي

يمكن تحليل ظاهرة العولمة وفقاً للمجالات العلمية المصنفة عبر مراحلها التاريخية ومدى علاقاتها بالتغير الاجتماعي في الآتي :-
أ‌- المجال الاجتماعي المصنف وفقاً لنظام العولمة وتأثيره على التغير الاجتماعي
يكتسب الإنسان من خلال بيئته الاجتماعية العديد من المعايير الاجتماعية والعادات والتقاليد والأفكار والعرف والقيم والقانون والأخلاق لأنها المعيار المصنف لقاعدة السلوك الاجتماعي التي تشير إلى ( أفعال الناس التي تعودوا عليها بفضل التكرار المستمر ، والتعلم ، والتدريب . وإلى هذا الطابع الشبة آلي يعزى الشعور بعدم الارتياح عندما نسلك سلوكاً خارجاً عن تلك العادات )  .
وعليه نرى أغلب المجتمعات الإنسانية تختلف من حيث معاييرها الاجتماعية والتركيبة الاجتماعية في سلك أسلوب حياة الدائمة للعقلية الاجتماعية . لأنها المجتمع يحتوي على مجموعة من الناس مع وجود فاعلية العلاقات الاجتماعية والمصالح الذاتية لتبادل المنفعة فيما بينهم .
وأن الذاتية الاجتماعية ( أساساً ودعا إلى أن الفرد خلال أخذ دور الآخرين ضمناً يكون تصوراً عن ذاته قائماً على أساس استجابات الآخرين له ) . فالذاتية الاجتماعية هنا تعني ( وعي الإنسان بإمكاناته في ضوء إمكانات الآخرين والتصرف في حدود ما يجب وما لا يجب ، فهي مجال شعوري يرتبط بقدرات واستعدادات الشخصية ودرجة التزامها بالقيم المفضلة في المجتمع ، بحيث تكون فيها الأنا متسقة مع نظم المجتمع ومعاييره وقيمة المعتمدة بإرادة )  .
وبالتالي تتصف العولمة في مستوياتها الاجتماعية المختلفة بين القوة والضعف وبين ما هو ظاهر و ما هو كامن لأنها تطورت في حركاتها الاجتماعية مع تطور شبكات الاجتماعية الالكترونية سواء كانت المناصرة للعولمة أو ضدها .
وأن التيارات الاجتماعية استطاعت أن توضح لنا سلوك الذاتية الاجتماعية الراهنة بالأنماط وقيم مخالفة عما كانت عليه .
ففي هذا السياق نرى أن القيمة الاجتماعية في حد ذاتها تعتبر ( مجال إتصالي ، ومكون علائقي يجعل الفرد في حالة انتماء للمجتمع ويجعل المجتمع في حالة استيعاب للفرد والجماعة ، فالقيم التي هي نتاج اجتماعي عام ، تستوعب كل الأفراد الذين يتواصلون بها من جيل إلى جيل ، وتجعل بينهم روابط معرفية تنتج سلوكاً يتجسد بينهم ) .
وهذا يعطينا نوع من التمايز بين المجتمعات من حيث سرعة في التقدم وبطء في التخلف و التأخر ، مما تعمل تلك الذاتية الاجتماعية وفقاً للأعراف الاجتماعية الموجودة في كل مجتمع فهي مختلفة قد تجد هناك عرف اجتماعي سلبي في مجتمع ما وعرف اجتماعي ايجابي في مجتمع ما ، وراجع ذلك إلى إختلاف في المعايير الاجتماعية بين المجتمعات الإنسانية في العالم .
وبناء عليه نرى أن اختلاف في الاجتماعية قد يولد عنها عمليات اجتماعية جديدة في التنافس وفي الصراع داخلياً وخارجياً ، بسبب تعدد في الاجتماعية في المجتمع الواحد وتعددها في المجتمعات الأخرى .
وكما هو معلوم في هذه الإشكالية نرى أن الناس يعيشون وفقاً للقيم الاجتماعية السائدة في المجتمع سواء كانت متشابهة وغير متشابهة فهم ينسجمون معها ، لأنها وجدت معهم تقليدياً وعرفياً .
وتشير الاجتماعية عند عملية التغير الاجتماعي ( إلى تغيير في سلم القيم ( النظام القيمي ) للمجتمع والتغيير الذي يحدث في نظام القيم قد يتم بتغيير أهمية القيم فيه ، بحيث يتغير موقفها بالنسبة للقيم الأخرى في النظام القيمي ، أو باستعباد بعضها ، أو تبني قيم لم تكن شائعة من قبل )  .
وبإعتبار القيم هي نوع من المعايير الاجتماعية في المجتمع فهي قابلة للتغير والتبدل عند أحداث التغير الاجتماعي التي فرضت نفسها ، بسبب المتغيرات الاجتماعية الدولية بمختلف مراحلها التاريخية وبسبب الضغوطات السياسية والاقتصادية التي تؤثر على الاجتماعية ليس في مجتمع الواحد بل في كافة المجتمعات الإنسانية خاصة في الهوية الاجتماعية والدين والعقائد والعبادات والحضارة والتراث الإنساني الخالد.
وتتحقق التصانيف الاجتماعية في عصر العولمة تكمن بفعل تلك المتغيرات المستمرة التي تتعلق في نفس الوقت بالتطور الاجتماعي وبفكر التاريخ الفلسفة الاجتماعية وفقاً للميكانزمات الحداثة والتنمية والعصرنة وفق منطلقات الايدبولوجية الجديدة وكيفية التعامل معها ، وأتضح أن ( مفهوم العولمة أضاف بعداً دينامياً ) لمفهوم الاجتماعية( زمانياً ومكانياً ) .
بالتالي تختلف عدة متغيرات اجتماعية في عصر العولمة باختلاف المجتمعات والدول والقارات ، ( بحيث يزداد عدد المتغيرات في المجتمعات ذات الثقافة المركبة ، ويقل عددها في المجتمعات ذات الثقافة البسيطة ، فقد يدرك أفراد المجتمعات البسيطة بوجود هذه المتغيرات من حولهم بدون أن تؤلف جزءاً من أنماطهم السلوكية ، أما لأنهم لا يحتاجون إليها في حياتهم اليومية لبساطتها وقلة عناصرها ، وأما لأن ممارستها تحتاج لنوع معين من الاستعداد التقني والتكنولوجي لا يتوافر لهم ، أو أنهم ينظرون إلى هذه المتغيرات بإعتبارها اعتداءً على العرف الاجتماعي السائد ، وبهذا فإن مثل هذه المتغيرات تشكل خطراً على نظامهم ) الاجتماعي ، ويمكن أن نوضح ذلك بفرضية علمية أي كلما زادت استفحال العولمة في الاتساع على المجتمع الإنساني وكلما ازدادت الاجتماعية في خروج العديد من المتغيرات في البناء الاجتماعي ، لأن الاتساع هنا مرتبط بتعدد أكثر من التوحد الاجتماعي في تنظيمه الشامل والسائد ، وهنا يمكن أن تتبنى الاجتماعية ( علم الاستراتيجيات ) أو السياسات في وضع علاج وحل للتخطيط الاجتماعي مع التخطيط الاقتصادي في تحقيق الثابت واستقرار نوعاً ما بالرغم وجود التوسع في تلك المتغيرات الاجتماعية العالمية في الوقت الراهن .
وإن هذه المسلمة العلمية تقودنا إلى مسلمات متعددة أخرى في مضمون ومحتوى الحياة الاجتماعية وخصائص التغير الاجتماعي وبناء شخصية المجتمع الاجتماعية الجديدة ، وتحديد معاييرها القديمة والجديدة ، حتى لا تؤثر على أرضية المحتوى الاجتماعي في أي مجتمع من مجتمعات الدول في العالم لأن الاجتماعية في ظل التغير الاجتماعي الدولي في عصر العولمة بين التعدد والتوحد . لذلك وجود صعوبة في الاحتفاظ عليها في بداية الأمر ،
وبتالي يقاس المعيار الاجتماعي بالمتغيرات الدولية الحاصلة في هذا المجال ولكن مع معرفة الوقائع الاجتماعية المطورة في وضع حدود بين طبيعة الاجتماعية السائدة في معظم المجتمعات وخصوصيتها وبين طبيعة العولمة الجديدة وعموميتها على العالم أجمع ، مما يساعد هذا على خلق التكتلات الاجتماعية في ظل التكتلات الاقتصادية على المستوى الدولي والقاري .
وعليه يمكن تعريف التصنيف الاجتماعي عبارة عن أداء يسهم بطريقة علمية في تحديد التغير الجديد الحاصل في التنظيم الاجتماعي ، التي تعمل على تعديل السلوك الاجتماعي وفقاً للمعايير الاجتماعية والمقاييس عناصرها المكونة من الاجتماعية بشكل موضوعي ومستحدثاً إحصائياً وتفسيرياً ومنهجياً وإجرائياً ومعيارياً كوسيلة علمية لإثباتها على حيز الوجود خاصة في أساليب الأنماط السلوكية والقيم وتجديد في الأفكار والمعلومات تتفق مع الإنسانية في إطار تصنيف الالكترونياً وليس تصنيفاً منهجياً فحسب .
ولكن الوسيلة الإحصائية في العلوم الاجتماعية والإنسانية في تحديد برمجية الحديثة والعلمية والمعروفة على نطاق العالمي في مجالات الاجتماعية بفروعها المختلفة الرئيسية والفرعية فهي تقوم أغلبها باستعمال برمجية (SPSS ) في البحوث والدراسات الإنسانية والاجتماعية لإثبات الحقائق العلمية وصحة الفرضيات العلمية ، وتقوم بتصحيح ومعالجة البيانات والمعلومات ، ويمكن إدخال برمجيات أخرى عند التطبيق والاختبار الإحصائي .
2-المجال الاقتصادي المصنف وفقاً للنظام العولمة وتأثيره على التغير الاجتماعي
أن تنظيرات العولمة الجديدة قد ساهمت في مجموعة من الاتصالات العلمية بين المفكرين والعلماء في إدراك المعرفة الحقيقة لظاهرة العولمة الاقتصادية وكيف سيطرت على العالم الإنساني . وخاصة عندما سعت العولمة ( نحو توحيد السوق العالمية بإلغاء الحواجز الجمركية بين البلدان ، وإزالة الحدود أمام حركة السلع والخدمات ، وعمقت الاعتماد المتبادل والمبادلات التجارية بين الدول وأصبح قانون السوق ، وحرية العرض والطلب هو الذي سيحدد لكل طرف مكانته الحقيقية داخل السوق . ويقوم هذا القانون على دعامتين الجودة والثمن . ففي ظل العولمة تفوق السوق على الدولة ، والاقتصاد على السياسة ، وآلت القوة إلى الدول الغربية نتيجة للتكنولوجيا المتقدمة بالنسبة لدول الجنوب )( ) ، وعليه نرى أن إنتاج الاقتصادي للعولمة هي أنتاج الرأسمالي الليبرالي كفكرة مكونة لها في تحقيق إنتاجية الأرباح أكبر قدر ممكن من آلية السوق المنافس لأن تحليل ظاهرة العولمة المصنف للمعيار الاقتصادي يعتمد على ما هو الجهد المبذول في تحقيق المنفعة والمصلحة الذاتية في تحقيق العائد من الأرباح، وهذا ما سعى إليه العولمة أولاً قبل خروجها على خير الوجود ، حيث كانت تجمع أكبر قدر من الأموال لتحقيق الربح على حساب الشعب الرأسمالي ، لأن تنمية رأس المال الاقتصادي ، فهو حقيقته نابع من تنمية رأس المال الاجتماعي ، من قبل طبقة البيروليتاريا ( العمال ) ويتقاضون من أنتاجهم رواتب ضئيلة لا تتماشى مع طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية معاً بسبب سيطرة رب العمل على أغلب حصصهم الإنتاجية ، مما خلقت لنا منافسة الحرة في السوق الرأسمالي بين الأفراد والمجتمعات والدول في السعي إلى جمع قدر ممكن من الأرباح من أجل الوصول إلى الحكم والسلطة ، وبفعل هذه الإنتاجية استطاعت العولمة أن تصل إلى الحكم العالمي ( القطب الأحادي ) وتأسيس من خلالها العديد من المؤسسات الاقتصادية والمنظمات وأجهزة الدولة الاقتصادية والاجتماعية لتسير أمور المجتمع على حساب الحركات الاجتماعية والاقتصادية ، وخاصة بعد إحلال الآلة الإنتاجية محل الإنسان المنتج ، وهذا يؤدي إلى انسحاب الفرد من التطلع إلى المزيد من الأهداف الاقتصادية لأن عندما تم إتساع العامل الاقتصادي في صناعة الرأسمالية العالمية ، أدى ذلك إلى توحيد العديد من الأسواق الإنتاجية والاستهلاكية الحرة ، لأن استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية السيطرة على اقتصاديات العالم ، من خلال إنشاء مجموعة من المؤسسات الاقتصادية والمالية دولية مثل صندوق النقد الدولي والمنظمة التجارة العالمية وصندوق البنك الدولي ، والشركات المتعددة الجنسية ، وهذا يؤدي إلى القضاء على سلطة الدولة في تحقيق مجالها الاقتصادي ( بحيث تصبح الدول تحت رحمة صندوق النقد الدولي تستجدي منه المعونة والمساعدة عبر بوابة القروض ذات الشروط المجحفة وخاضعة لسيطرة الاحتكارات والشركات الأمريكية الكبرى على اقتصاد الدول ، ولعل تركيا وماليزيا من النماذج الشاخصة للدول التي عصف بها تيار العولمة لصالح المستثمرين الأمريكيين ) ( )، عليه يكون العالم أقل عدلاً في تحقيق العدالة الاجتماعية وأقل واستثماراً بالنسبة لدولة الفقيرة ( النامية ) ويؤدي ذلك إلى إرتفاع نسبة الديون بسبب التعبئة الاقتصادية الدولية واستثمارات الأجنبية الخارجية ، مما ارتفعت وثيرة أهداف العولمة الاقتصادية في سعيها إلى إضعاف قوة الموارد المالية والاقتصادية والتجارية والإنتاجية والمصرفية معاً من أجل تدفق الأموال بصورة هائلة على النشاط الاقتصادي الرأسمالي .
وأهم الموارد التي تسعى إليها العولمة الأمريكية في تحقيق أهدافها تعتمد على الموارد النفطية والطاقة ومقابل هذا المورد النفطي ارتفاع في أسعار السلع الغذائية وتموينية في الدول النامية من خلال ( إلغاء هذه الدول للدعم المالي الذي كانت تقدمه للسلع الغذائية وبسبب قيود الجودة وشروط المواصفات العالمية التي تفرضها الاتفاقيات التجارية والصناعية الدولية ، وهي شروط لا تستطيع الدول النامية الوفاء بها ، عملت الحكومات على الابتعاد عن التدخل في النشاط الاقتصادي وقصر دورها على حراسة النظام وهو ما نشأ عنه تقويض الصناعات والمؤسسات الوطنية لصالح المنتجات والبضائع الأوروبية والأمريكية المستوردة ) ( ) ، وهذا تعتبر سياسة انحراف الدول النامية في بيع البضائع بأقل تكلفة الإنتاج والاستيراد ، مما يساعد هذا على تحقيق أكبر قدر من الربح ، وإرتفاع في نسبة الديون عليها في التجارة الداخلية والتجارة الخارجية وهذا سيؤثر على سعر السياسة الجمركية واقتصاد الجمركي ، مما ساعد هذا على فرض العولمة نظامها الاقتصادي على العالم الذي يقوم ( على المنافسة الحرة ورفع مستوى البضائع والخدمات ، والتنافس في مجال التسويق ، والتجارة العالمية ، ومحاولة منها إلغاء دور الدولة في التدخل لتخفيف الأعباء ) ( ) .
وأيضاً قد ساهمت العولمة في ( توفير التنمية للبلدان النامية من خلال فتح الأسواق أمام منتجات تلك البلدان ) ( ) وذلك من أجل إبقاء وإثبات النظام الاقتصادي الغربي المادي وفقاً للتكنولوجية والتقنية الجديدة لضغط على الدول النامية ( المتخلفة ) وأغلب دول العالم الثالث ، وبتالي تدعو العولمة إلى الاندماج العالمي مقابل الانقسام والتعدد ، خاصة بعد ظهور الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات وبرزت حينئذاك ظاهرة المشروعات المتوسطة والمشروعات الصغيرى ، لسعي وراء المقومات الاستراتيجية بين الدول المتقدمة في اقتصاد السوق وآلية جهاز الثمن وتكوين مكون اقتصادي عن طريق التكتلات الاقتصادية الكبرى تتجاوز الوطنية ( عبر الوطنيات ) ( وعبر القارات ) في ظل تعدد الأقطاب الفضائية في ظل عالم موحد ومتعدد في ظل العولمة ، مما تستوجب الحالة الاقتصادية إلى تصنيف جدوى اقتصادية لها ليس على مستوى المحلى والإنتاجي بل على مستوى الإقليمي والدولي والقاري والعالمي ، وذلك من أجل تحقيق توازن بين التكلفة الإنتاجية والتكلفة المباعة في تحقيق الربح ، بين البائع والمشتري وأيضاً من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين الدول المتقدمة ( الغنية ) والدول النامية ( المتخلفة ) ودول العالم الثالث ، في الإنتاج والاستهلاك وفي الحقوق والواجبات والمسؤليات كلاً فيما بينهم وتحقيق الموازنة في ميزان المدفوعات وفي الميزانية الفردية لشخص الواحد وميزانية الدولة الواحدة والدول المتعددة ، وذلك لمواجهة المشكلة تعدد الفجوات فيما بينهم بين تلك الدول فالاقتصاد المصنف هنا ليس للفرد والدولة فحسب بل يصنف وفقاً للخطط الاجتماعية والاقتصادية معاً لضمان حق الاقتصادي وحق في العمل والإنتاج والاستهلاك وحق الفرد في دخله المادي من العمل .
ويقصد بالاقتصاد المصنف هو ذلك الأداء التي يستطيع من خلاله الإنسان الفرد أثباته وفقاً للمعيار الاقتصادي ومقياس الجدوى الاقتصادية العلمية مع مراعاة الظروف البيئة المكانية والزمنية للفرد في داخل المجتمع الواحد ومراعاة ظروف المجتمع المتعدد في الدولة الواحدة وظروف الدولة الواحدة مع الدول الأخرى المتعددة وفقاً للتصانيف التحليلية الاقتصادية المعدة لقيد الدراسة ، وذلك من أجل تحقيق الضبط الاقتصادي في كافة المستويات والمجالات ، حتى أن تصل إلى اقتصاد عالمي مصنف بدقة علمية في ظل العولمة لتفادي الأخطاء والاستغلال والهيمنة والسيطرة القطب الأحادي على العالم واقتصادياته .
ونحن في هذا الصدد بحاجة ماسة إلى مكون اقتصادي جديد يصنف بالشمولية والانفتاح ولكن في ظل المشاركة السياسية ، والتعاون الاقتصادي واحد متكامل يمتاز بمتغيرات جديدة توافق متغيرات العولمة الجديدة ، تتسم بتصنيف عالمي جديد في مجال الاقتصاد الاجتماعي أو في مجال الاقتصاد السياسي أو في مجال الاقتصاد الاقتصادي ذات طابع معرفي يظهر على شكل متغيرات نمطية في كل التفاعلات المجتمعية والدولية والقارية لإبراز التحديث الاقتصادي والتغير الاجتماعي الجديد على هيئة مجموعة اللوائح والتشريعات مصنفة كبدائل معيارية وقياسية للوائح والتشريعات السابقة أو تكون اللاحقة وهذا يؤدي إلى تأسيس قانون اقتصاد عالمي جديد مصنفاً علمياً وعالمياً ويطبق على كافة الدول وليس دولة دون دولة أخرى في ظل سياسات العولمة الجديدة .
مما يتضح من ذلك التصنيف الاجتماعي يختلف عن التصنيف الاقتصادي ، ولكن مكمل له في تحقيق الحقوق والواجبات وفي اندماج العوامل التغير الاجتماعي الداخلية مع عوامل التغير الاجتماعي الخارجية . والتصنيف الاقتصادي قد يكون الجانب النظري علمي عن طريق عمل جدوى اقتصادية أو احصائيات اقتصادية ذو دلالة إحصائية تعمل على تحديد المشكلة أو عن طريق تقرير معد للدراسة أما الجانب العلمي والعملي عن طريق رسم خرائط اقتصادية على مستوى كافة الدول في العالم وتحديد تصانيف التحليلية المتغيرة في كل دولة ووضعها على شكل جداول وأشكال وفقاً للمعايير الاقتصادية السائدة لكافة المجتمعات والدول والقارات العالم الإنساني ، والهدف من ذلك تحسين الوضع الاقتصاد العالمي الجديد يوجد فيه نوعاً من التوازن و المساواة وأحداث ( النقلة للتحسين الجودة التي تمكنه من دخول ميادين المنافسة الحرة وتجاوز الصعاب ) ( ) ، بين الدول ، وخاصة الدول النامية أغلبها ليس لها القدرة على المنافسة ، لأن أصبح السوق العالم الآن سوق الالكتروني حيث يتم البيع والشراء والصفقات التجارية عن طريق شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) وعن طريق الإدارة الالكترونية والتجارة الالكترونية ، في ظل العولمة ، وذلك يجب أن يكون تصنيف المجال الاقتصادي تصنيفاً الالكترونياً وعالمياً في ظل اجتماعية الظروف في مجال البحث العلمي وعند تحديد المشكلة وقيد الدراسة العلمية .
3-المجال السياسي المصنف وفقاً للنظام العولمة و تأثيره على التغير الاجتماعي
عندما سيطرت القضايا العالمية على الأنظمة السياسية في العالم وأنظمة الحكم ونظام الدول سواء كانت في الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب تطورت العقلية في القرن الثامن عشر، بارتباط التنظيمات الإدارية بالعلاقات الدولية ووضع حدود سيادية الداخلية بحدود السياسة الخارجية.
ففي هذا الخصوص نرى أن مسألة الهيمنة السياسية ( وعلاقة الدولة بقضية التنوير سرعان ما تفسح المجال إبان القرن التاسع عشر لظهور القضايا الاجتماعية التي يطرحها عصر التصنيع من منظور التطور التاريخي والصراع الطبقي وبروز العلم الوصفي الذي يمثل مكانة الدين ووظيفته في المجتمعات الوسيطة والتقليدية ، مما حدث تحول من الدولة القومية صاحبة السيادة على إقليمها وسكانها إلى حالة الدولة عبر القومية ، فالشبكات المالية والتجارية ، والتكنولوجية والإعلامية والثقافية تحدد واقع العالم ) ( )، وهدفها من ذلك جعل العالم تحت وحدة سياسية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق التبعية السياسية العالمية وذلك من خلال إبراز الحرية الشخصية للأفراد بدون التدخل من الآخرين ، ولكن بخصوص حرية الدول وجود هنالك قيود وتدخل من الآخرين مثل النظام الحكم الانتقالي في العراق والتدخل في شؤون إيران النووية ، وممارسة الضغوطات على بعض الدول النامية وغير ذلك .
ويقوم هذا المجال في ظل العولمة مختلف وأنواع الحريات مثل حرية التفكير وحرية الرأي وحرية والتعبير وحرية العقيدة وحرية ( الانضمام إلى التنظيمات السياسية وتشكيل الأحزاب والانتخاب وحرية الاختيار ، ومن المظاهر السياسية للعولمة سقوط النظم الديكتاتورية والشمولية والاتجاه إلى الديمقراطية إلى التعددية السياسية وتأكيد احترام وصيانة حقوق الإنسان)( ) ، لأن العالم اليوم يشهد تطوراً ديمقراطياً مفتوحاً والاهتمام بالجانب حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ( وتبقى الديمقراطية أفضل نظام سياسي يمكن أن يوفر ضمانات احترام حقوق الإنسان )( ) ، مما تنتج فرص كثيرة للشعوب في اختبار انتخابات حرة وعادلة ونزيهة بدون تدخل من الحكومات والأنظمة السياسية.
وتمثل حرية الديمقراطية في المشاركة السياسية وحق تقرير الشعوب مصيرها ، و إتاحة فرص لأغلب الدول في إتحاد الأنظمة الحزبية وسواء كان نظام الحزب الواحد أو الثنائي الحزبي أو متعدد الأحزاب في تكوين الأحزاب السياسية المتنوعة والمختلفة عن كل حزب مشارك في الأسم و الانتخاب وذلك من خلال ترشيح من قبل المجالس النيابية وحرية الاختيار في فترة الانتخابات وبالرغم وجود الديمقراطية وحقوق الإنسان في عصر العولمة إلا وجود هناك ازدواجية المعايير في تعاملها مع بعض الدول راجع ذلك بسبب الهيمنة والسيطرة أمريكا على المجلس الأمن وعلى هيئة الأمم المتحدة ، لأن الديمقراطية هي ممارسات وحماية حقوق الإنسان يتم بشكل عملي ونظري، أي تطبيق الواقع الفعلي لقضايا الإنسان في أي مكان من العالم الإنساني . كما يدخل من ضمن المجال المصنف لإشكالية السياسية في ظل العولمة نمو وبروز النشاطات الملحوظة في تأسيس المنظمات الدولية غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية وذلك من أجل تحقيق السلام العالمي واحترام الإنسان طبقاً لما ورد وجاء في ميثاق الأمم المتحدة .
وبالرغم الاهتمام الزائد بالإنسان إلا أن وجود هناك اضطهاد وتعسف وسيطرة وسوء الأوضاع الداخلية والخارجية لبعض الدول مثل دول العالم الثالث ودول الأفريقية مثال ذلك انفصال إقليم إريتريا عن إثيوبيا ، أي بمعنى وجود هناك دول متحدة ودول متفرقة في سياستها الداخلية والخارجية معاً لذلك لا تستطيع أن تتأهل في مواجهة تحديات العولمة الكبرى السلبية والإيجابية لأنها غير متحدة في الدولة وفي القارة ولأنها منعزلة عن الانفتاح العالمي و إلى غير ذلك من التحديات .
لأن بعض الدول الأفريقية و ( الدول النامية مهد بحظر انتقاص السيادة بنقل هذه الدول إلى كيانات دولية وإقليمية أكبر منها ، بالإضافة إلى خطر صراع الهويات والحروب الأهلية التي تهدد بالنيل من السيادة وتفتيتها . وتمزيق الوحدة الوطنية في تلك الدول ، إن مواجهة هذين الخطرين الجسيمين يتطلب تنفيذ مشروع وطني يحظى بقبول سياسي عام تستعيد فيه الدولة شرعيتها كدولة مدنية قائمة على توفير حقوق متساوية أمام القانون ، وعلى العقد الاجتماعي بين الحكام والمحكومين . وهذا يتيح للدولة مناخاً أفضل وبيئة صالحة للنصوص بدورها السياسي في مواجهة العولمة سواء بتجنب تفتيت الدولة الوطنية الراهنة على أسس عرقية أو قبلية أو دينية أو التفريط في سياستها لصالح المنظمات فوق القومية ولكي تقوم الدولة بدور إيجابي تجاه الصراعات التي تهدد وحدتها الوطنية لا بد لها أن تفتح على الحداثة السياسية التي تمنحها القدرة على النهوض بدور وطني توحيدي ) ( ) .
وبناء عليه فإن التصنيف السياسي في هذه القضية بالحاجة إلى استيعاب الواقع السياسي أكثر لمواكبة الأحداث الجديدة والمتغيرات الجديدة ، وذلك بالمعالجة وإصلاح الأوضاع الداخلية واندماجها مع الأوضاع الخارجية ، المتمثلة في إصلاح الأجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة وتطويرها وفقاً للإصلاح السياسي في تحقيق الديمقراطية وبناء الإنسان
وأن البيئة السياسية في هذا الوقت بالحاجة إلى تعديل في توزيع في القوة بين الدول والحكومات والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني وفعلية الأسواق العالمية ، لأن تلك المؤسسات هي مؤسسات اجتماعية واقتصادية تساعد على( التحكم في عناصر القوة في ظل العولمة) ( ) ، وهنا نستطيع خلق بيئة سياسية متوازنة وسليمة تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ومزاولة أساليب الديمقراطية بكل دقة وصراحة وشفافية ، ومن يخرج عن هذه البيئة السياسية المصنفة في الوقت الراهن يعتبر كل من الإنسان الفرد أو الدولة أو القارة منحرفة ومخالفة ومعارضة على تلك الأوضاع السياسية الجديدة وتبحث وعن حقوقها السياسية في ممارسة الديمقراطية والحرية الإصلاح السياسي ، لذلك فهذه البيئة السياسية الجديدة لا تهتم إلا بالاتفاق وتعاون الأفراد والدول في العمل على تهيئة هذا المجال السياسي المصنف في ظل التغير الاجتماعي ويعترف به ويستوعب بما يدور من حوله من المستجدات وتحديات العولمة.
وتكون ذلك بإدارة وحرية وإصلاح والإعتراف بالحقوق والمسؤليات دول أخرى وما تحمله من تبعات الوجبات إتجاه الآخرين ، لذلك تستوجب في هذا المجال ضرورة الحوار العلمي والمنطقي بين الأنا والآخر لتحقيق سلطة الجميع وتحقيق سرعة التوازن الاجتماعي مع التوازن السياسي في أحداث التغير .
وتعريف المصنف السياسي للعولمة يكمن في أنه عبارة عن مجموعة عناصر مترابطة ومكملة مع بعضها البعض تتأثر بالنظريات والتنظيرات العلمية والفكرية القديمة والجديدة لها تأثير سيادي وتأثير استقلالي على الحرية والسلطة ، وذلك لتفعيل المبدأ الديمقراطي في السياسة الداخلية والسياسة الخارجية وفقا للمعطيات العصر وللمتغيرات العولمة جديدة لإثبات أحقية هذا المصنف النظري بحيث يسهل علينا وضع مرجعية جديدة تتماشى مع الإلية الالكترونية والعقلية في تحديد برمجية علمية خاصة بمجال السياسي المتخصص في وضع اختبارات رئيسية وفرعية تكون مخالفة عن برمجية spss المتخصصة في مستويات الاجتماعية وفي العلوم الإنسانية والأدبية أكثر من مستويات السياسية التطبيقية والنظرية وراجع ذلك في كيفية تعاملها مع النظرة التوسعية نحو القضايا العالمية في حل المشاكل الدولية والقارية .
لأن المجال الاجتماعي تصنفاته محدودة في ثلاث أصناف وهي الفرد والجماعة والمجتمع وبينما المجال السياسي تصنيفاته غير محدودة وغير محصورة على فرد معين أو مجتمع معين بل مفتوحاً على نطاق واسع من الدولة الواحدة إلى مجموعة دول والقارة الواحدة إلى مجموعة القارات حتى أن نصل إلى العالمية والعالم أجمع ، لذلك بحاجة إلى المجال السياسي المصنف في التغير الاجتماعي إلى برمجية خاصة به في توسيع نطاق الاختبارات والأوزان والمقاييس ، لمعرفة معيار التغير ومعرفة صدق المتغيرات الصريحة والضمنية والظاهرة والباطنة إتجاه المجتمع الإنساني لأن السياسية في التغير الاجتماعي تتعامل مع الأنا والذات والآخر وذلك لاستعاب فكرة الدولية والعالمية في التنظيم الدولي الراهن ، ولمعرفة حقيقة النظام القائم الجديد ما يعرف بالعولمة ، في صدق فرضيات الواقعة والمتوقعة على نماذج السياسة الشعبية والسياسة المركزية لذلك فهي بالحاجة إلى التصنيف الفكري والمنهجي والعلمي والنظري والتطبيقي لإثبات حقيقة الوقائع السياسية وحقيقة فرضتها العولمة على العالم بشكل منظم كنسق ونظام ، في ظل تلك المتغيرات في الأيديولوجية التابعة والمستقلة والمتداخلة بالرغم وجودها كواقع متغير في حقيقتها ، ولكن فرضتها العلمية للتأكد فقط .
وباختصار يمكننا القول أن المجال السياسي المصنف في ظل نظام العولمة يعتمد على إيجاد برمجية جديدة تتفق تماما مع آلية التغير الاجتماعي ، وتكون مخالفة عن برمجية spss المعتمد عليها في أغلب العلوم الاجتماعية والإنسانية ، وذلك من أجل الموضوعية العلمية لأن السياسية واسعة النطاق ولها معالم مختلف عن الاجتماعية ، ولأنها لا تنظر إلى الحيادية والتحيز عند ذلك التصنيف النظري وليس التصنيف التطبيقي ، لأن التصنيف النظري في علم السياسة أسهل من التصنيف التطبيقي في تحليل الأفكار وإيجاد المعلومات في الوصول إلى الدلالات إحصائية مثل قضية أمريكا مع العراق وقضية إسرائيل مع فلسطين وغيرها من قضايا دولية وعالمية مهمة بحاجة إلى مثل هذا التصنيف وذلك من أجل تفادي المشاكل وإيجاد حلول مناسبة لمعالجة كل مشكلة أو قضية على حدة انفرادية في الإحصاء ألإنفرادي . لأن التغير السياسي يواكب ويتلازم بالاستمرار مع ظاهرة التغير الاجتماعي في تلك القضايا والمشكلات، في الضوابط الاجتماعية وفي الاحتفاظ بالأنظمة السياسية الموجودة في كل دولة من دول العالم الإنساني .
4-المجال الثقافي المصنف وفقاً لنظام العولمة وتأثيره على التغير الاجتماعي
وبسبب المتغيرات الجديدة في المجال الثقافي ، أدى ذلك إلى التوسع في حركة المجتمعات والدول والقارات من التعددية إلى التوحيدية في ظل التقدم العلمي الهائل عند إيجاد معدلات التفاوت الأدنى والأعلى الموحدة والمتعددة السائدة القديمة المكتسبة الجديدة في المجال الثقافي ، أصبحت الثقافية اليوم هي ثقافة الانفتاح على العالم بدون حدود واحتكار المعلومة ونجاحها على الصعيدين التكنولوجي والعلمي ، منذ أواخر القرن التاسع عشر ، فهي تتغير وفق تطور الأنماط الثقافية المتنوعة سواء كانت بتأثير الأقلمة العولمة عليها أو بتأثير العوامل السياسية و الاقتصادية والاجتماعية ، ولأن تفسير الانفتاح يعني قوى العولمة في اتجاهات ثقافية متعددة وخاصة عند إظهار شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) عبر الوطنيات أو القارات في كافة التخصصات العلمية والإعلامية والفكرية وغير ذلك من التخصصات .
والثقافة بمعناها العام فهي نظرة عامة إلى الوجود والحياة والإنسان وتتجسد في موقف معين وفي ( عقيدة أو تعبير فني أو مذهب فكري أو مبادئ تشريعية أو مسلك أخلاقي عملي . وبذلك تكون الثقافة هي البناء العلوي للمجتمع الذي يتألف من الدين والفلسفة والفن والأدب والتشريع والقيم العامة السائدة ) ( ).
أما الثقافية عند العولمة فهي تدعو ( إلى إيجاد ثقافة كونية أو عالمية تحوى منظومة من القيم والمعايير لفرضها على العالم أجمع ، وحيث أن البعد الاقتصادي للعولمة يؤثر بقوة في الجانب الثقافي فان من يملك مقاليد القوة الاقتصادية يستطيع إن يفرض ثقافته على الطرف الأضعف اقتصاديا ، وبالتالي يتخوف البعض من العولمة الثقافية التي تسعى إلى فرض عالمي لثقافة الغرب ومحو الثقافات الأخرى التي تتعارض معها ، وبخاصة ثقافة الدول الصغرى تحت وطأة الغزو الثقافي العالمي . وغالب ما تعجز هذه الدول عن وقاية نفسها من تأثيرات الثقافة الوافدة ، فتضطر إلى التخلي التدريجي عن سماتها وقيمها الثقافية لصالح الثقافية العالمية . أو قد تدفع الجماعات الثقافية والدينية إلى الاحتماء بخصوصيتها هربا من طوفان العولمة والعولمة الثقافية تؤدي إلى الانقسام والتفكك وإحداث شروخ في الأبنية الثقافية للشعوب ، فضلا عن محاولة طمس معالم الثقافة الوطنية أو إظهار بمظهر العاجز ، حيث تفرض العولمة فكراً يعتمد على ما أنتجته ثورة المعلومات والتكنولوجيا .
وينتصر المفكر الفرنسي روجيه جار ودي لخصوصية الثقافة والإبداع ، حيث يجد العولمة خطرا يهدد مستقبل الإنسان في حريته وفي تمايزه الحضاري والثقافي ويحذو فيدريكورمايور مدير اليونسكو السابق حذو جارودي في انتصاره لخصوصية الثقافة حيث يقول أن الحياة دفق دائم بمعنى أن كل شي يتغير كل يوم في أجسامنا وعقولنا فيما نفكر ونتخيل ونحلم ونشعر ونتعلم ونحب أو نرفض ) ( ).
وهذا يعني أن الثقافية في عصر العولمة سوف تخترق الذاتية ليس عند الأفراد والجماعات بل عند المجتمعات والدول والقارات أيضا بسبب سيطرة التكنولوجيا العلمية على الثقافات الشعوب الوطنية والثقافة الاستهلاك مع الثقافة المادية في نفس الوقت .
ويقول جون هاريس ( أن المعرفة التي كانت مجانية ومفتوحة لجميع الراغبين فيها ولصالح المجتمع أصبحت الآن متملكة وخصوصية ولصالح والنشاط المادي . وبعد أن كان أهل العلم يحرصون على استقلالهم العلمي، هاهم أولاء الآن يخططون المناهج العلمية وفقا لما يتم الاتفاق عليه مع مؤسسات الأعمال الممولة . وقد دخل في روع الكثيرين أن الدول الكبرى تسعى جاهدة إلى فرض ثقافتها وأنماطها الفكرية على الدول النامية من خلال تعميم النموذج الغربي وفرضه على العالم ) ( ).
مما تتميز الثقافية بالتنوع والاختلاف وديمومة التطور والتغير خاصة في هذا العصر ما يعرف بعصر العولمة (القطب الأحادي ) بعد أن تطورت إلى الثقافية الالكترونية والعقلية الالكترونية الممثلة في الأقراص العلمية (سي د ي) والانترنت ووسائل الاتصال السريع التي تساعد على الإدراك والنمو العقلي والمعرفي عند الإنسان .
إذاً الثقافية في ظل العولمة بين التأييد والرفض والقبول لأن عند تقدم وتطور العلمي في وسائل الاتصالات العلمية السلكية واللاسلكية زادة التقدم في التنمية الثقافية سواء كانت معنا أو ضدنا أو لغيرنا ، لذلك لعبت الثقافية دورا مهماً كبيراً في أحداث ايديولوجية جديدة في فلسفة ثقافة المجتمع، وأنها ساهمت في تحول باتجاه (الكوزموسوتية والتي لا ترتبط فقط بالاقتصادي أو بالدولة ، وإنما يقف في مقدمة تداعياتها سعيها لتجاوز الهويات الدولة القومية و الوطنية خصوصاً في العالم الثالث بهدف التمكين لهذه الكوزموسويته ) ( ) ، وهذا يساعد بالطبع على إلغاء هويتنا وثقافتنا التي تغدينا عليها في مجتمعاتنا ومؤسساتنا الاجتماعية والاقتصادية ، والدخول في تطبيع الهويات الثقافية أخرى ليست من هويتنا وقيمنا التاريخية والاجتماعية والحضارية ، وخاصة فيما يتعلق بالجذور والتراث و الأصالة والذاتية و الانتماء والشعور والمصالح المشتركة والتاريخ والدين واللغة وكل هذه التحديات لها تأثير كبير على الثقافة بشكل عام والثقافة العربية والإسلامية بشكل خاص .
ومن ناحية أخرى تتأثر الثقافة أيضاً لمراحل الراهنة في طريق البطئ في إنهيار القيم والمثل العليا ، التي تتمتع بها أغلب المجتمعات في العالم والذي تشكل أحد التيارات الكبرى في مراحله الكوزموسوتية ، وتتصل في نفس الوقت بتغير ما بعد الحداثة ، وخاصة في عملية الدفع إلى التطور ، والوعي الضروري والموضوعي لظاهرة العولمة الثقافية .
لأن الحداثة ساهمت من الناحية الفكرية والاجتماعية والاقتصادية مشروعاً مميزاً في حلقة الإتصال والتغير .
وهذا بالطبع له تأثير على النظرة الثقافية في المجتمع والدولة وزيادة في انقسام الديني والطائفي والعرقي والقبلي والمذهبي والطبقي والعنصري وغيرها ، مما يؤدي ذلك إلى تعدد في الهويات وتعدد في الثقافات من المجتمع الواحد إلى مجموعة دول انقسام أكثر بين دول الشمال المتقدمة والجنوب المتخلفة من الناحية الثقافية والاقتصادية والسياسية .
ومن التحليل السابق يمكن لنا القول أن التحديات العولمة على الثقافة ما هي إلا زيادة في تعدد الثقافات وتعدد الحضارات ، يمكن أن نسميها ثقافة عبر الوطنيات أو عبر الحدود أو عبر القارات ، وذلك من أجل الاستعباد والسيطرة والهيمنة ونشر ثقافة غربية معولمة جديدة على حضارات الشعوب القديمة والحديثة والمعاصرة ، وفي نفس الوقت من أجل إبراز خصوصيات الموجودة في المجتمعات الموجودة والدول للمقومات الثقافية ، لأن الثقافة تشمل كما قلت في السابق الدين واللغة والتاريخ والحضارة وإلى غير ذلك .
وكل هذه المقومات تؤثر فيها ثقافة المركز لأن تريد العولمة أن تفرض ثقافتها الجديدة على العالم كله سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة في المجتمعات والدول في العالم وهذا بالطبع له تأثير على القيم الأخلاقية والاجتماعية والثقافية والقانونية والسياسية والاقتصادية في المجتمعات بالدرجة الأولى ومراكزها في داخل المجتمع الواحد والدولة الواحدة بالدرجة الثانية هنا ستبرز مفاهيم ( التفاعل الثقافي وهي مفاهيم تنتهي إلى أن ثقافة مركز هي الثقافة النمطية ممثلة في الثقافة العالمية ، وعبر عنها وليم جيمس في عالم متعدد لصالح العالم أحادي الطرف ، ثقافة تبدع مع ثقافة الإستهلاك ، وثقافة تصدر وثقافات تنتقل ) ( ).
وأكثر ما تأثرت به العولمة الثقافية في أثارها هي الهوية الثقافية والهوية الاجتماعية وما تتعرض لها من مخاطر وإنقسام الآن وخير دليل على ذلك ما يحصل الآن في العراق وفلسطين في عمليات التمييز والتهجير وثقافة الإستهلاك ، وتتحقق عندما ( تزداد نزعة الاستهلاكية بصورة واضحة ، وتحول الإستهلاك إلى سلوك مرضي وإلى ظاهرة سلبية تؤثر في حياة الشعوب ، وتحول الإستهلاك إلى حالة تشبه بالإدمان وتعبر عن الثقافة مفروضة على البشر ، وتحول السلوك الاستهلاكي إلى سلوك جماعي يبدأ بالترغيب وينتهي بالإجبار ، يتم تصنيعها وترويجها لها بذكاء ) ( ) .
وظهر بعد ذلك مصطلح صراع الحضارات حتى تقابلها حوار الحضارات وحتى لا تحدث تصام في الثقافات والحضارات القديمة والجديدة وهذا ما أشار إليها فوكوياما في كتابه نهاية التاريخ وخاتم البشر .
أما بالنسبة لوجهة نظر الباحثة ترى الثقافية في عصر العولمة عبارة عن حقائق علمية وحقائق إنسانية موجودة بين الواقعية والوظيفية لأنها تعبر عن منهج حقيقي للتاريخ وكيفية تطورها عبر التكنولوجيا الالكترونية المتقدمة بين الثقافة المادية والثقافة المعلوماتية المتنوعة في كل مجالات الحياة والأنظمة والوجود ، لأنها الثقافية تحتوي على مجموعة من الثقافات المختلفة الموجودة في المجتمع والدولة والعالم الإنساني ، وموجودة في عالم الطبيعة والفلسفة والوجود والأدب والفكر والعقل لمعرفة تلك الحقائق العلمية الجديدة على المجتمع الإنساني .
بالتالي تختلف الثقافية هنا من فرد إلى فرد ومن مجتمع إلى مجتمع ومن دولة إلى دولة ومن قارة إلى قارة أخرى .
وعليه توصلت بأن الثقافية تشمل الجانب الاجتماعي (الكيفي) الذي له علاقة بالفقر والبطالة والتأخر والجهل ، والجانب الاقتصادي (الكمي) الذي له علاقة بتدني مستوى المعيشة وأتساع عدد فجوات وليس فجوة واحدة بين الدول الموجودة في العالم .
وتوصلت أيضاً بأن العولمة تسعى على نشر الثقافة الغربية على سائر الثقافات الأخرى ، بالرغم أن الثقافة سائدة وموجودة في المجتمعات الإنسانية، وثقافة العولمة ما هي إلا ثقافة السيطرة والهيمنة وتوسع في حلقة العالم الواحد والانفتاح على حساب مصالحها وخدمة المادية والفردية والنظام الرأسمالي الليبرالي الحر ، تدعيم مفاهيمه ، من هنا ظهرت العديد من تنظيرات العولمة جديدة مثل كتاب صدام الحضارات لساموئيل هنتغتون ، وكتاب نهاية التاريخ وخاتم البشر لفوكوياما ، مما برزت ثقافة العولمة الدولية والعالمية من الأنا الفردي إلى الأنا العالمي ومن الذاتية الشخصية إلى ذاتية العولمة ومن الأنا العليا إلى الأنا العولمة .
مما يواجه العالم الراهن الحوار بالتصادم ، ويواجه التعاون وتبادل المنافع والمصالح بالحرب وصراع على الإرادات والحضارات والثقافات في نفس الوقت ، مما تلج لنا علاقة ارتباطيه وتناقضية في آن واحد ، حتى لا تقع في صدامات تباينية وعكسية ، إذاً العولمة الثقافية بين الخصوصية الذاتية والعمومية الذاتية ، مما أحدث هنا تأثير سلبي وموجب على الدول دون دول أخرى وهنا يكون المستفاد من هذا الصراع والتناقض والاتفاق في وقت واحد هي الدول الكبرى والولايات المتحدة الأمريكية ، وهنا يكون بين متغيرين المتغير الثابت المتغير المستقل في نفس الوقت وبين الفرضية البديلة والفرضية الاحتمالية في أثبات أحقية العولمة الثقافية في ظل العولمة الاجتماعية .
أما المجال الثقافي المصنف وفقاً للنظام العولمة وتأثيره على التغير الاجتماعي يكمن في تلك المتغيرات الجديدة وتحليلها من وجهة نظر العلمية والموضوعية بدون تحيز ، وقياسها على كافة المجتمعات الإنسانية من حيث الاختلاف والتباين في التغير ، لأن العولمة واسعة الامتداد والحدود فهي تخترق المجتمعات والدول القارات وتصل إلى كل الجزيئات والكليات الموجودة في الطبيعية الإنسانية والموجودة في المجتمع الإنساني وما تشملها من أنظمة سياسية واجتماعية واقتصادية لأنها تسعى إلى رصد سلوك (المجتمعات الإنسانية التي تؤكد على التجديد من الداخل وترفض التقوقع والتراجع إلى الذات ) (1) .
والثقافية مثل الاجتماعية في استخدام برمجية spss ليتبيان دقة التغير وحدته في الاتجاهات السلبية والايجابية لمتغيرات العولمة الجديدة وتنظيراتها المختلفة .
والتصنيف الثقافي المحلل من حيث المحتوى تحدد فيها شخصية محددات العولمة إتجاه العالم ، والتي تمثل في التنظيم الدولي في التغير الثقافي المكمل للتغير الاجتماعي ، وبما تتسم بطابع الانفتاح العلمي والمعرفي والعقلي ، وما يترتب عنه من ظهور مراكز ثقافية أخرى منسجمة مع مراكز النظم الاجتماعية المختلفة ، وتوسع في الأنساق الاجتماعية المصنفة وفقاً للمتغيرات الحاصلة في المجالين الاجتماعي والاقتصادي .
إذاً الثقافية المصنفة نظرياً بين المرونة والبساطة والصعوبة في التعقيد ، أي بين التركيب المعقد وبين المعيار المصنف المنفتح يتمتع بطريق السهل ، مع وجود حتمية تقدير دلالة دامغة لمعرفة مدى نوعية التغير الاجتماعي للثقافية والاستجابة لها بالقبول الايجابي العلمي والمنطقي والعقلي دون الرفض السلبي لذلك .
ويمكن تطبيق هذا التحليل المنصف النظري والعلمي حتى في مجالات الأخرى مثل :-
1- المجال النفسي المصنف وفقاً للنظام العولمة وتأثيره على التغير الاجتماعي .
2- المجال الفلسفي المصنف وفقاً للنظام العولمة وتأثيره على التغير الاجتماعي .
3- المجال القانوني المصنف وفقاً للنظام العولمة وتأثيره على التغير الاجتماعي .
4- المجال العسكري المصنف وفقاً للنظام العولمة وتأثيره على التغير الاجتماعي .
5- المجال الطبي المصنف وفقاً للنظام العولمة وتأثيره على التغير الاجتماعي .

وهنا ينبغي الإشارة إلى أهمية التغير في ترتيب العالم من الأعلى إلى الأسفل على شكل هرمي جديد ، أي في زيادة توسع القمة الرأسمالية إلى الأسفل السطح المثلث العلمي الجديدة على العالم في الشكل الآتي :- وهنا لا اعرف السبب لماذا شكل المثلث لا يريد أن يظهر في الفيس بوك ولكن يمكن الشرح والتوضح بتحليل تلك المعلومات بالاضلاع المثلث الثلاث المعروفة في الآتي :-

الشكل (4) العولمة الاجتماعية في التغير الاجتماعي ( سطح العولمة الشعوب والدول )

أولاً : (الضلع أ ب هو الضلع المكون)( ) للعولمة السياسية .
ثانياً : الضلع أ ج وهو الضلع المكون للعولمة الاقتصادية .
ثالثاً : الضلع ب ج وهو الضلع المكون للعولمة الاجتماعية.
أ ب مكون للسياسية من الأعلى إلى الأسفل ، أي من حكم (انفرادي) سلطوي إلى سطح الشعوب (المحكومين) بإرادة طبيعية مكتسبة في آن واحد فرضت نفسها بفعل التقدم العلمي والعواقب التاريخية والإيديولوجية بمختلف مراحلها في التغير الاجتماعي .
أ ج مكون للاقتصادية يصعد تدريجياً بين السرعة والبطيء في قمة العولمة الرأسمالية لتحريك سطح دينامية الشعوب بشكل دائري عبر آلية السوق (جهاز الثمن) لاستنهاض الحركة الاقتصادية وانتقالها من الدولية إلى العالمية .
ب ج مكون للاجتماعية ، وهي تعتبر سطح العولمة المتمثلة في حركة الشعوب للتاريخ الإنساني ، لأن الاجتماعية مجال الاتصالي علائقي يبدأ من الأسرة والمجتمع والدولة إلى الدول والقارات والعالم الإنساني .
أ ب العولمة السياسية وتوظيفها العلمي على العالم و ثأتيرها العميق على التغير الاجتماعي فهي ترسم في حقيقتها هيكل العالمي للقمة المتدرجة من الأعلى إلى الأسفل ، وذلك لمعرفة حقيقة العولمة بشكل تنازلي أكثر من تصاعدي ، لأن في المجال السياسي حصل فيها تغير فجائي السريع ، بثلاث ظواهر المعروفة ، وعملت العولمة من خلال على التوسيع والامتداد في الحركة التاريخية ، والتي كان أساس تطورها في النظام الاقتصادي .
والظواهر الذي أدت إلى تطورها هي (الاستعمار ، والامبريالية ، والعولمة . ولكن ظاهرة العولمة تختلف عن كل ظاهرة من هذه الظواهر عن بعضها في السمات والخصائص ، لكن الجامع بينها النزوع الحاد في النظام الرأسمالي إلى التوسع مع ما يرافقه من نزوع إلى الحروب للسيطرة على العالم أو لاقتسام مناطق النفوذ أو لوراثة قوى إمبراطورية متهالكة)(1) ، مما ساعد هذا على تنامي هذا المكون في الوقت الراهن في اللا متناهي لعدم وجود بديل .
( وفي النظام الدولي الجديد ، حيث تعولمت الرأسمالية إلى التوازنات الدولية ) (2) حديثة ، بعد تم انهيار التوازن الدولي القديم ، مما أدى إلى وجود حركة الانفتاح ممانعة في بداياتها من قبل بعض الدول بسبب انعدام الاستقرار السياسي ، وهذا أدى بطبع إلى تحريك سياسات أخرى مكملة للسياسية أخرى وذلك للمناهضة وتفعيل الحركات الاجتماعية ، ورسم استراتيجيات مؤثرة وفعالة على نسيج المجتمعات الإنسانية كافة .
لأن العولمة السياسية تتعامل مع كافة الشعوب والدول الموجودة على الخراطة السياسية (الجيوبوليتك) لتجسد روح السلطة المهيمنة والمسيطرة على العالم ، أو تسعى في تعاملها بطريق أخر في النهج السلك الدبلوماسي في تعاملها مع الدول ، أو قد تنهج أسلوب القوة الإستراتيجية وهو أسلوب الحرب و(الفجائية) ، يمكن أن نسميها (جيو سياسة) الامبريالية المعاصرة)( ) ، الجديدة في قلب العولمة الجديدة ، مما حصل تغير اجتماعي هنا في تمايز البنائي بين التوسع الرأسمالي ، والتوسع العالمي ، والتوسع العولمي على المجتمع الإنساني ، والتي تعد مرحلة انتقالية جديدة للعولمة من وإلى .
وأيضاً لأن التغير الاجتماعي في الجانب السياسي أي ليس على الصعيد الدولي فحسب وإنما على الصعيد القاري والعالمي في المستقبل المتوقع لأن العالم سوف لا يظل على حال معين وكما هو الموجود عليه الآن ، لأن سيتغير الأحادية القطبية إلى عالم متعدد الأقطاب ، بالتالي سيتحول النظام السياسي العالمي ، من التغير الاقتصادي إلى تغير البنيوي وإعادة البناء النظام العالمي من جديد في مرحلة ما بعد العولمة وهكذا العالم يتغير بفعل العولمة ومن خلال التحليل السابق اتضحت المتغيرات الجديدة في الجانب السياسي المكون من الضلع ( أ ب ) التي يمثل سيادة نموذج الغربي الليبرالي على العالم ، ومع وجود فترة انتقالية جديدة أخرى وهي من الأحادية القطبية إلى تعددية الأقطاب في فترة ما بين العولمة وما بعد العولمة في المستقبل المتوقع ، بسبب التقارب الفعلي بين السياسية كنظام ونسق واحد والواقع الفعلي للدول والشعوب والتي قد تعددت فيها الأنظمة والأجهزة والمؤسسات ، وفقاً للأنساق السياسية
من الأحادية القطبية إلى عالم متعدد الأقطاب بالتالي سيتحول النظام السياسي العالمي ، من التغير الاقتصادي إلي تغير البنيوي وإعادة بناء النظام العالمي من جديد في مرحلة ما بعد العولمة وهكذا العالم يتغير بفعل العولمة .
ومن خلال التحليل السابق اتضحت المتغيرات الجديدة في الجانب السياسي المكون من الضلع (أ ب) التي يمثل سيادة نموذج الغربي الليبرالي على العالم ، ومع وجود فترة انتقالية جديدة أخرى وهى من الأحادية القطبية إلى تعددية الأقطاب في فترة مابين العولمة وما بعد العولمة في المستقبل المتوقع بسبب التقارب الفعلي بين السياسية كنظام ونسق واحد والواقع الفعلي للدول والشعوب ، والتي قد تعددت فيها الأنظمة والأجهزة والمؤسسات وفقاً للأنساق السياسية الجديدة والأنساق الاجتماعية الجديدة والأنساق الاقتصادية الجديدة ، لان المرحلية الراهنة للسياسية بين الصراع الإيديولوجي والتوازن في الاجتماعية السياسية ، مما ترتب عنه تداخل في المكونات الثلاث في المثلث الهندسي العلمي لتحقيق التساوي بين تلك الإضلاع في أحداث التغيرات الجديدة واستمرارها مع العقلية الديمقراطية الجديدة ، لأن أغلب تنظيرات العولمة الجديدة تمس حركة العولمة بشكل مباشرا ، ولا تمس السياسة ما بعد العولمة ، بالتالي فالمسؤولية الدولية لا تقع على متغير العولمة في حد ذاته ، وإنما تقع على الوقائع والأحداث تسعى إلى انقلاب الذاتية العقلية العالمية إلي ما بعد العولمة في مرحلة التوازن و اللا توازن أيضا .
وليس كما قال فوكوياما في الديمقراطية السياسية في كتابه نهاية التاريخ وخاتم البشر، حيث يقول عندما تأتى مرحلة (نهاية التاريخ ليس ثمة منافسون إيديولوجيون للديمقراطية الليبرالية ، وقد رفض الناس في الماضي هذه الديمقراطية الليبرالية لاعتقادهم أن الملكية والأرستقراطية ، والثيوقراطية والحكومة الدينية ، والشمولية الشيوعية وسائر الأيديولوجيات التي أمنوا بها هي أفضل منها، أما الآن فيبدو أن ثمة اتفاقاً عاماً إلا في العالم الإسلامي على قبول مزاعم الديمقراطية الليبرالية بأنها أكثر صور الحكم عقلانية)(1) وهنا تدخل فيها عمليتين في التحليل العلمي القبول والرفض ، ولكن من وجهة نظر الباحثة ترى العكس ذلك تماما ، لأن العالم مازال حتى يومنا هذا يبحث عن نظام جديد يغير العالم إلى أكثر عدلاً ومساواةً بين الدول كافة في النظام السياسة الاقتصادية.
لان الليبرالية الرأسمالية العالمية لم تستطيع حتى يومنا هذا في ظل العولمة أن تحقق مبدأ الديمقراطي سليم قائم على المنافسة الشريفة ، وعلى الحرية الشخصية وعلى العدالة الاجتماعية .
مما تقدم يمكن لنا القول أن هذا الضلع المكون من (أ ب) حصل فيه ازدواجية في المعايير الدولية ، وفي التنظيم الدولي بالتالي خلق لنا علاقة تناقضيه بين سياسة العولمة واقتصاد سياسي ، وأيضا حصل هناك تداخل في مسرح السياسي والاجتماعي والاقتصادي في ظل تناقض(الحكم) الدولي الراهن ، مما سيحدث في المتوقع اختلاف بين الأنا العولمة السياسية وبين (الشعوب) ضد ومع وفقاً لمصالحها،لأن التغير الاجتماعي في عصر العولمة قابل للتحول السريع المستمر ، أكثر من التحول البطيء المتدرج ، لذلك فالازدواجية المزدوجة غير مقبولة عند التغير المطور ، لأن تطور التغير السياسي يحصل مابين التلقائية (الطبيعية) والمكتسبة (الصناعية) وهى من صنع البشر ، أما التغير الاجتماعي يحصل نتيجة أنتاج لتلك المتغيرات الجديدة في مراحل تاريخ السياسية ويحصل أيضا بفعل تلك التطورات التاريخية ،عبر الزمان معين والمكان معين وستستمر في التغير حتى مع العقل الإنساني والعقل الآلي الالكتروني والى غير ذلك من المتغيرات الجديدة في ظل هذا المكون السياسي المعولم .
أ ج العولمة الاقتصادية وتوظيفها العلمي في التغير الاجتماعي .
ففي هذا المكون يركز على العملية الاقتصادية الإنتاجية وتحدد فيها مرحلة (الإنتقال عمليات التبادل التجاري إلى عمليات الإنتاج العالمي، وهو يلخص ذلك بمصطلح اقتصادي إذ يقول هي بمعنى آخر) (1)، (رسملة العالم على مستوى العمق بعد أن كانت رسملته على مستوى السطح النمط ومظاهره)(2) ،وهذا يدل على أن العولمة يحركها في هذا العصر عامل الاقتصادي أكثر من العامل السياسي .
ويركز في هذا المكون الاقتصادي على (التدويل النسبي لأسواق المال الكبرى والتكنولوجيا وبعض القطاعات المهمة في الصناعة التحويلية )(3) ، وتوفير خدمات والسلع بالتبادل وانتقال رؤوس الأموال واستثمارها .
وأن العولمة الاقتصادية تعني نظاما كليا لا جزئياً لأنه (يتغير فيه السوق العالمي وكذلك طبيعة السيادة ، وهي كذلك تحول يؤثر في حياتنا المعيشية يوميا ومن الخطأ النظر إلى العولمة على إنها اقتصادية بحتة ) (4) . مما يساعد هذا المكون على إبراز آلية الاقتصاد الرأسمالي الجديد على العالم ، وذلك في زيادة عملية النمو في الإنتاج والتسوق ، وانتقال رؤوس الأموال عبر الحدود وزيادة في تأسيس التكتلات الاقتصادية لتفعيل دور العولمة ومع زيادة في تأسيس المؤسسات الاقتصادية العالمية والإقليمية، إذاً التغير الاجتماعي في دور الاقتصادية في المجتمع الوطني يكمن عند الدولة.
من الجانب القطاع العام ، والقطاع الخاص ، وتحويل القطاع العام إلى عامل الخصخصة وهو القطاع الخاص في توسيع الدقيق للإنتاجية الاقتصادية بمختلف تخصصاتها ومجالاتها .
عليه يرى فرانسيس فوكوياما (أنه ازدهار حضارة استهلاكية عالمية تقوم على أساس من المبادئ الاقتصادية الليبرالية في العالم الثالث والأول والثاني على حد سواء فالعالم لاقتصادي الإنتاجي الدينامي العظيم الذي خلقته التكنولوجيا المتقدمة يتمتع بقدرة عظيمة على تحقيق التجانس بين الشعوب والدول ، وعلى الربط بين المجتمعات المختلفة في عالمنا بفضل إقامة أسواق عالمية ويضيف قائلاً : يتطلب نجاح هذه المساهمة تبني مبادئ الليبرالية الاقتصادية)(1) مما يحتوي هذا المكون على مجموعة من المتغيرات الاقتصادية الجديدة على مستوى الدولي والعالمي ، وكل هذه المتغيرات مكملة لبعضها البعض ، سواء كانت متغيرات الدولية الخارجية (المستقلة) أو متغيرات الوطنية (المحلية )(التابعة). لأن أساس هذا التغير الاقتصادي يعتمد على المتغيرات الخارجية عندما تطورت إيديولوجية الفكرية والعقلية إلى العالمية ، وهذه العالمية استطاعت بأن تغير النظام القومي والوطني الداخلي الموجودة بالدول في تطوير آلية المنهج الاقتصادي الجديد .
وأن السياسات الاقتصادية الجديدة تتجه نحو التركيز على اقتصاد السوق ، وعلى التبادل التجاري ، والاعتماد المتبادل بين الدول والحصول على أكبر قدر ممكن من العائد الإنتاجي والاقتصادي على حسب دول الأخرى مثل الدول النامية الفقيرة (2) ، ووضع حداً علمياً للآثار العولمة الاقتصادية السلبية ، وجزمها بالحل القطعي وليس بالحل الظني لأن التغير الحاصل في هذا المكون أدى إلى وجود اتفاق وتعارض بين ثقافة الإنتاج وثقافة الاستهلاك ، وخاصة في وجود التفرقة الاقتصادية والاجتماعية بين الدول الصناعية والدول المتخلفة بسبب الفجوات المتعددة بينهما وبسبب وجود هناك تفاوت وتباعد في التغير الاجتماعي أي بين سرعة التغير وبطء التغير ، لذلك من الصعب التحكم في الآلية الاقتصادية في المجتمعات النامية ، وبينما وجود هناك السهولة والمرونة في التحكم الاقتصادي في المجتمعات المتقدمة مما يبرز لنا هذا المكون الاقتصادي في تدرجه بين السرعة والبطء في آن واحد عند تطور المرحلة الاقتصادية الجارية والمتوقعة في المستقبل في ظل العولمة.
وتحليلاً لما سبق نرى أن العولمة الاقتصادية ( تتمحور حول التغير في طرق الإنتاج وأنماطه ، مما يؤدي إلي التغير الجذري في نماذج وأسلوب وآليات عمل الاقتصاد العالمي ، وقولبتها ضمن المفهوم الرأسمالي كنظام اقتصادي عالمي ، وأيضا تعمل العولمة الاقتصادية على تدويل أسواق المال والتكنولوجيا ، وتسعى لزيادة العلاقات المتبادلة بين الدول لصالح الشركات متعددة النشاط وتعتبر العولمة الاقتصادية هي الاتجاه الأقوى بين العولمة في المجالات الأخرى ، وهي بذلك تقود عملية الإنتقال من الحقبة الباردة إلي العولمة الاقتصادية والسياسية والعولمة الاقتصادية تعتبر المحرك الأول للعولمة السياسية وتؤثر في الاتجاهات والمجالات الأخرى لها ، وكذلك العولمة الاقتصادية على التقدم التكنولوجي ، في وسائل الإنتاج ، الذي تعتبر أسرع في عملية الإنتاج الخاص بالعولمة ، وجعله أمراً ممكناً ، بين الأمم والشعوب ، من خلال فتح الأسواق وتشجيع أنماط الاستهلاك على مستوى العالم )(1) ، وبالتالي يحدد في هذا الضلع المكون من أ ج ، عدد عناصر رئيسية للعولمة الاقتصادية والذي قد ساعدت على تحريك النظام الرأسمالي مرة أخرى وجعلته يعيد النظر في أيديولوجية الليبرالية العالمية في التحكم العالمي بشروط القبض والهيمنة والسيطرة وأهم هذه العناصر .
1. ( الانتشار والشيوع : وهو إشاعة النمط الرأسمالي من خلال فرض وتسويق نموذج الاقتصاد المفتوح وقوى السوق .
2. تدويل الأسواق: والعمل على فتح الأسواق الوطنية أمام الشركات متعددة النشاط وإفساح المجال للاستثمارات الدولية
3. التغيير الاقتصادي : وهو التركيز على تغيير الأنظمة الاقتصادية الوطنية على مستوى العالم ، وإذا يقود هذا التغيير بالضرورة إلي تغيير أنماط الأنظمة السياسية والاجتماعية وغيرها .
4. التقدم التكنولوجي: وهو المعول عليه في تدويل وعولمة مجالات الاقتصاد ، وسائل الإنتاج والاستهلاك .
5. انتقال رؤوس الأموال : وهو بهذا يوضع رأس المال ذاته كسلعة تجارية ، بدلا من أن يكون ممولاً للعمليات الاقتصادية والصناعية )(2) مما ترى الباحثة في هذا المكون أن المنفعة الذاتية في الحالة الأولى تكمن في التنافسية الاقتصادية وما يقابلها في مستويات القياس العلمي في تحديد آلية الإنتاج مع آلية الاستهلاك خاصة عند التفاوت التقني والتكنولوجي بين دول المتقدمة والتي تعتمد أكثر على الإنتاج والدول النامية ومجتمعات العالم الثالث والتي تعتمد أكثر على الاستهلاك مما تبلورت لنا علاقة تباينية بين ثقافة الإنتاج وثقافة الاستهلاك في تلك الدول في ظل العولمة ، والاستمرار الاقتصادية يعني هنا يجب علينا أن تخلق فكرة التوازن بين الأنا والذات في التطلع إلي المنطق المادي مع المنطق المعرفي في رسم النتائج القياسية واضحة الملامح والتصور المتوقع عمله كنموذج لصناعة رؤى مناسبة في صنع مستقبل بعيدا عن الصراع الذاتية و اللاذاتية الاقتصادية والاجتماعية ، وبعيداً عن صراع الأنا و اللأنا وعن الصراع التوازن واللاتوازن .
وعليه يمكن تحليل هذا المستوى العلمي بالحاجة إلى التعرف على الشخصانة العالمية لتقيم ذلك التغير وتقيم اقتصاد العولمة الرأسمالية إتجاه العالم ودراستها دراسة عميقة ، تنتهي إلى الذاتية الطبيعية المتماشية مع البشر ، والغاية الهادفة إلي تحقيق نتائج منطقية وعقلية تعمل على تقديم مبررات اقتصادية واجتماعية ومدى تأثيرها السلبي والايجابي على الظروف والإمكانيات والاحتياجات والمتطلبات كل دولة على حدة وكل قارة على حدة ، بحيث لا تخلق معايير اقتصادية و اجتماعية مناقضة للواقع الطبيعي للاقتصادية ، ومناقضة للعملية الإنتاجية في تطوير أساليب الصناعة والتقنية هادفة في تحديد النقلة الكمية والنوعية والكيفية في نفس الوقت ، لأن العولمة الاقتصادية كما قلت في السابق لا تخلق توازن علمي بين الدول بل تنتج سلوك تناقض أكثر في تحقيق فجوة الصراع الاقتصادي وتكشف لنا مكامن الخلل والضعف والقصور وذلك من أجل إعادة (التأهيل أو تغير التخصص لمواكبة الأحداث المعاصرة ، لإمكانية تصحيح الانطباعات الخاطئة عنها ) (1)، وتحقيق الاكتشاف العلمي الموازي بين العولمة الاقتصادية والسياسات المتغيرة والمتبدلة في أحدات انتقال من محدود إلي اللامحدود في مواكبة سلوك العولمة وذلك بتصحيح الإنحراف غير الطبيعي وتعديله وفقاً للثقافة المجتمعات والدول في العالم الإنساني ، ووفقاً للتغير الاجتماعي الحاصل السريع والبطيء في آن واحد .
ب ج العولمة الاجتماعية وتوظيفها في التغير الاجتماعي .
فهي ترسم الحقيقة الاجتماعية من الوطنية إلي الدولية والقارية والعالمية ، لذلك يعتبر هذا المكون القاعدة العريضة للسطح المثلث العلمي للعولمة (وهي الشعوب) المناضلة من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق مبدأ السيادة الاجتماعية للوطن ، بدون تجاوزات للمحتوى الأيديولوجي والقيمي والمعياري الموجود طبيعياً ونمطياً في تلك المجتمعات والدول والقارات وذلك لتغلب على الفقر والجوع والبطالة وما إلى ذلك .
باعتبار الاجتماعية أخطر جانب على الثقافية بنسبة للعولمة الجديدة ، فهي بحاجة إلى سند علمي في تحديد اتجاهاتها وخصائصها لإستعاب المحيط الاجتماعي والثقافي المتمركز على ثقافة الغربية والقيم النموذج الغربي على المجتمعات الأخرى ، حتى لا يحصل لها تجاوز وتوسع في فلسفة الفكر الاجتماعي الجديد في ظل العولمة ،لأن الاجتماعية تعنى منظومة من القيم والعادات والتقاليد والنظم واللغة والدين والمعتقدات والمعايير ، لذلك يجب مراعاتها والاحتفاظ بها والمحافظة عليها ، حتى في محتوى ومضمون المتغيرات الجديدة الراهنة ، لأنها تكتسب في ثناياها ترابط أجزاء التنميط السلوك الاجتماعي بمختلف عملياتها ومؤسساتها وعناصرها ،لان في هذا السياق العولمة (تتطلب وجود عناصر مجتمعه أكثر شمولا لا تقتصر على البعد الاقتصادي وحده فالعولمة تعمل على انتقال الأفكار والمعلومات والأمراض والمشكلات الاجتماعية ، بما يفسر أنها تسبب في ردود أفعال شديدة الحساسية ، تتراوح بين المودة والحقد ، لكن أثرها الحاسم ، يتمثل في كونها تعمل على إنتاج الهويات والمؤسسات العابرة للحدود القومية) (1).
واعتمدت أصل مفهوم الاجتماعية من التطور الاجتماعي والذي يعتبر العامل المساعد للنمو (الثقافة وأشكال العلاقات والتفاعل الاجتماعي وتشبه عمليات التطور الاجتماعي بالعمليات التي يمر بها التطور البيولوجي ، وهى التنوع والكفاح من أجل البقاء والانتخاب الطبيعي والتكيف ولو أنها ليست مطابقة تماما لهذه العمليات ) (2)، إذاً الاجتماعية تعمل على تحقيق (التنظيم الاجتماعي يهدف إلى تغلب المصلحة العامة على الخاصة بواسطة تنظيم عقلاني متفق عليه بالتعامل مع الليبرالية وتظهر الاجتماعية في عدة أشكال ، اجتماعية ديمقراطية ، سلطوية ، جماعية ، اجتماعية دولة وملكية الدولة ، اجتماعية عمالية ، اجتماعية إصلاحية ، اجتماعية ثورية ، اجتماعية عملية ، ماركسية . والاجتماعية أساس فكري لعدد من الجماعات الهادفة إلى نوع من النظام الاجتماعي الجديد القائم على مفهوم اقتصادي اجتماعي لحقوق الإنسان وليس على مفهوم سياسي فقط .
والمصطلح الاجتماعي يشير بالضرورة إلى ملكية المجتمع لوسائل الإنتاج ، وقيام تخطيط على أساس اجتماعي خدمة للمصلحة العامة )(3) ، عليه فالاجتماعية تعتبر القاعدة الأساسية لجميع الشعوب والدول في العالم ،لان تستنبط منها المعايير والقيم الأخلاقية بالمقاييس موجودة بفاعلية في المجتمع ، وتؤسس على أساس مبادئ ثابتة غير متغيرة كمعيار صحيح لتلك الثقافة المحددة في الاتصال الدولي بإرادة الفعل الاجتماعي ،لان المعايير الاجتماعية لا تقبل للتغير أو التعديل لأنها مغروسة في نفسية الفرد في الأسرة ونفسية المجتمع ونفسية الدولة ،لذلك عند امتدادها في التوسع العقلي إلى العالمية ، فهي تعتبر هنا بمثابة فكر أيديولوجي جديد يمكن طرحه على تلك المجتمعات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أو بالاتجاهات سلبية أو غير سلبية لان الاجتماعية في أصل معدنها تحتوى على (مجموعة من الأسس والقواعد المنطقية أو المبادئ ،التي تؤسس عليها عملية التقييم المعياري )(4) في القيم الاجتماعية الدامغة ، وفى اقتحام ودخول الثقافات الغربية الأخرى على المجتمع ، وفى ثقافة تنظيم المجتمع وفلسفته .
وبناء عليه يمكن أن نحدد هنا الاجتماعية على عن كل (المجتمعات تمر بمراحل محدد خلال الإنتقال من الصورة البسيطة إلى الصورة المعقدة تشير إلى نمو الكائن العضوي ونمو المجتمع الإنساني ، كما إنها تشير بصفة خاصة إلى فكرة ازدياد تخصص الوظيفة تصاحب ازدياد تطور البناء )(1) ، وتشير الاجتماعية أيضا في هذا المكون إلى الاعتماد المتبادل بين الأجزاء المجتمع والدول والقارات ، وهى خاصية جوهرية لكل الكيانات الاجتماعية الدائمة .
ونظراً لأهمية دراسة قاعدة الاجتماعية في الفرد والمجتمع الإنساني أصبح من الضروري دراسة المجتمع العربي والمجتمع الدولي والمجتمع القاري والمجتمع العالمي ، في عالمنا اليوم ،لأنها بحاجة إليها ، ولأنها تعتمد على العلاقات الاقتصادية والثقافية والدولية في مجال علم العلاقات الدولية في مستقبل الجاري والمتوقع .
لذلك ينبغي أن لا نغفل الاهتمام بعلم الاجتماع لأنه يتضمن ( دراسات مهمة بالإنسان والمجتمع ولكن بمعنى الدقيق تشير إلى استخدم الطرق العلمية والمعقدة وصور التنظيم المحددة لمساعدة الناس على العيش معاً في المجتمعات)(2).
(وأن تنمية رأس المال الاجتماعي يستوجب عقداً اجتماعياً جديداً مؤسسا على الثقة والإرادة بين الأفراد والجماعات )(3) والمجتمعات والدول في العالم .
والتركيز على التنمية الاجتماعية لأنها تساعد على (الحفاظ الفرد من خلال تأكيد قيمته الإنسانية ، وترسيخ كرامته ، واعتباره مفردة من مفردات المجتمع المهمة وتقدير خصوصية قيمة والرقى به )(4) ، في المحافل الدولية المتضمنة معها في جوهرها الداخلي الاحترام المتبادل والثقة في التعامل مع الآخرين والاعتراف بكل ما هو جديد المتجزئ أو الكلى بين المجتمعات والدول والقارات ، واستيعاب حقيقة الواقعة الاجتماعية الجديدة والاعتراف بها في المجتمع الدولي (الخارجي ) في ظل العولمة .
وإن فاعلية العولمة الاجتماعية تكمن في مرتكزات ثقافة المجتمع الاجتماعية ومرتكزات ثقافة المجتمع الغربي و الأمريكي السائد الآن كتنميط جديد للتغير الاجتماعي في كافة المجتمعات الإنسانية في آن واحد .
وتتلخص في الأتي :-
1. ( انتقال الأفكار والمعلومات ،وتسهيل إيصالها إلى الشعوب في دول الجنوب من أجل لتغير أنماط الحياة المعاشة .
2. تفتيت الهويات الثقافية الكبرى وبعث الهويات الثقافية العرقية المندثرة ، للعمل على تحجيم الهويات الثقافية الكبرى ،لإعادة تشكيلها من جديد.
3. إحلال منظومة قيم اجتماعية ثقافية جديدة تعتمد على أساس الحرية الفردية والرغبة الفردية بعيدا عن المعتقدات والعادات والتقاليد .
4. إيجاد ثقافة الرغبة والاستهلاك ، للعمل على إيجاد أرضية لقبول منتجات الشركات دولية النشاط والقبول بنمط الحياة الغربية .
5. تخطى الحدود القومية ،وفرض وإيصال رسائل اجتماعية ثقافية جديدة تعتمد على المذهب الليبرالي الرأسمالي من خلال التركيز على حرية الفرد في شتى المجالات .
6. وقد تعنى العولمة الاجتماعية الثقافية أمركة الثقافة العربية وجعلها ثقافة واحدة لتلغي ما سواها من الثقافات) (1).
فالتعميم الثقافي وفقا للمنهج الغربي على الدول في العالم تكمن مع وسائل والأدوات العلمية لدائرة منظومة تغير القيم الاجتماعية ومعاييرها .
المختلفة بطرق بسيطة وغير مباشرة ، وذلك من خلال نشرها في وسائل الأعلام والاتصال الالكتروني وشبكة المعلومات الولية ( الانترنت ) وكذلك عند توسع في استخدام مصطلحات الغربية في تعاملنا مع الآخرين الأفراد والمجتمعات والدول والقارات العالم ، وبالتالي استطاعت العولمة الاجتماعية من خلال ذلك بأن تقوم بتغير الاجتماعي عن طريق طرق عملية مبرمجة مستخدمة من أجل الإنسان الفرد والعمل على تطويرها إيديولوجياً وعقلياً ، بحيث تصبح منطقية وطبيعية مع مرور فترات معينة من الزمن والتاريخ ، وتصبح ذو قابلية عند السطح المثلث العلمي (الشعوب والدول ) .
ومما ينتج عنها أثار سلبية وإيجابية تعمل على ثأتيرها مثل زيادة في خط الفقر بين الدول خاصة النامية ، وهذا يساعد أيضاً على إنتشار الفاقة والفقر والعوز والحاجة و إنتشار البطالة والأمراض هذا بالنسبة إلى الجانب السلبي ، أما الجانب الإيجابي يبدأ مع انتشار التعليم الالكتروني وانتشار الفضائيات المرئية والمسموعة وزيادة في العلم والمعرفة والاهتمام بالحقوق الإنسان ، مما يثلج لنا هنا علاقة تناقضيه بين هذين الأثرين السلبي والايجابي من حيث الاهتمام بالإنسان وإهماله في نفس الوقت ، ومن حيث التنمية والتخلف في نفس الوقت ، ومن حيث إرتفاع مستوى الخدمات والسلع وسطحيتها وتدنيها في نفس الوقت ، مما تفسر لنا هذه القاعدة وجود هناك التباعد والتناقض بين أحقية الاجتماعية وبين العولمة الاجتماعية ، وأيضا بين الأثرين السالب والموجب ، مما ساعد على وجود إتساع قوة الفجوات الاجتماعية بين المجتمعات والدول من الواحدة إلي المتعددة .
ويتضح مما سبق أن العولمة الاجتماعية مستندة على عناصر جعلتها تلعب وتتمحور بين القمة والقاعدة وبين السيطرة القطب الواحد وعبودية الشعوب وبين التقارب بين الدول وتباعدها ، ويمكن أن نحدد تلك العناصر العلمية لسطح المثلث العلمي المكون من ( ب ج ) في الأتي :
1. (استمرارية حركة التاريخ ، ولكن بأشكال مختلفة حسب الزمان والمكان والأدوات المستخدمة وتعتمد على تراكمية المعرفة .
2. غياب القطبية الثنائية تعدد الأقطاب ، مهد للعولمة السياسة الانتشار في جميع أرجاء العالم.
3. الثورة التكنولوجية ، ساعدت على تقدم العولمة وتسريع وثيرتها .
4. ثورة الاتصالات والمعلومات ، جعلت من العالم قرية صغيرة ، بحيث يتأثر جميع ساكنيها بما يحدث في أرجائها الأخرى .
5. تحرير التجارة وفتح الأسواق ، جعل من العالم سوقا مفتوح ، تتنافس فيه الشركات دولية النشاط ، مقابل الشركات الوطنية البسيطة .
6. تحرير الأسواق أمام رأس المال ، مما جعل تدفقات رؤوس الأموال من خلال إشارات إلكترونية ، سهلت عملية الاستثمار الدولي ) (1) .
ومن خلال التحليل السابق عرفنا مدى التداخل العلمي والمعرفي والتطوري في تكوين العقلي (اللوجوستي) للعولمة الاجتماعية وكيف أصبحت ضرورة اجتماعية في مواكبتها وفقاً لسرعة التقدم العلمي وانتشار الصفة الشمولية فيها على العالم ، بالقوة والتوحيد العامل الاقتصادي مع العامل الاجتماعي في نفس الوقت ومع الاتفاق والاختلاف في نفس الوقت ومع الارتباط والتفكك في نفس الوقت ، بالتالي قد خضعت الاجتماعية إلي الثيموسية كما أشار فوكوياما وهنتغتون في صراع الدين والقيم والتاريخ والمعايير واللغة في قومية المجتمعات و وطنيتها .
مما يظهر لنا بين ( أضلاع المثلث المتساوي الإيجاب والسالب ) (2) والرفض والقبول، والحوار والتصادم ، و التداخل والتكامل ، الضروري فيما بينهما.
إذاً يمكننا القول أن العولمة الاجتماعية تعني مجموعة العلاقات الاجتماعية تتفاعل بين الأفراد والمجتمعات قي نطاق المجتمع الواحد ونطاق المجتمعات الواحدة ونطاق المجتمعات المتعددة والدول المتعددة والقارات المتعددة الأخرى ، لأن الاجتماعية في عصر العولمة أخذت مفهوم الشامل ، فهي تشمل الفردية والجماعية والمجتمعية والدولية والقارية في كافة المجالات المتعلقة بالإنسانية سواء كانت السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية وإلى غير ذلك ، لأن تعتمد في مضمونها على المفاهيم الاجتماعية والفلسفية الجديدة وعلى الأنا والذات والآخر ، وعلى مع وضد وغير ، وأيضا تغيرت وتحولت من مجتمع صغير إلي مجتمع كبير ذات نطاق واسع في اللامحدود في ظل المجتمعات والدول القارات في العالم الانساني .

الأستاذة الكاتبة والباحثة والمؤلفة الكتب والمستشارة القانونية لطيفة مصباح حمير من ليبيا

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى