تغريدة ترامب: تعثر CIA أم استمرار ضباب كلاوزفيز

عامر مصباح (جامعة الجزائر 3)
07/06/2017
عّلق الرئيس الأمريكي على الأزمة القطرية في تغريدة له على حسابه في تويتر أنه “عندما طالبت بمكافحة الإرهاب والتطرف في قمة الرياض، أشارت الكثير من دول المنطقة بالاتهام إلى قطر”، في إشارة منه إلى دعم قطر للجماعات الإرهابية وتمويل التطرف في المنطقة الذي يضرب العالم. تحمل هذه التغريدة مشكلة كبيرة في مصادر المعلومات، وطريقة جمعها وتحليلها بالنسبة لأكبر امبراطورية استخبارية في العالم، ومجهزة بأحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا الاتصال التقني العسكري والمعلوماتي. تشير تغريدة ترامب إلى أن حكومات المنطقة أعطته معلومة بأن قطر مسئولة عن دعم الجماعات الإرهابية وتمويل التطرف في المنطقة، لكن ماذا قالت له أجهزته الاستخبارية المنتشرة في كل ركن من المنطقة، خاصة في دولة توجد فيها قاعدة عسكرية في العُديْد ومركز القيادة الوسطى في السيلية، يدير بواسطتهما الجيش الأمريكي كل العمليات العسكرية والاستخبارية في الشرق الأوسط وجنوب أسيا.
من الناحية الشكلية، يؤشر مصدر تلقي المعلومات للرئيس الأمريكي أنه انتظر حتى ذهب إلى المنطقة وقالت له دول من العالم الثالث -لم تستطع حتى تواجه مشاكلها الداخلية-، المعلومات الصحيحة حول الإرهاب. يمكن ان يكون ذلك تضليلا من الرئيس من أجل ممارسة مزيد من الابتزاز لدول المنطقة (قطر على وجه التحديد)، أو يكون صحيحا استدلالا من تجربة السي أي أي السابقة مع العراق، عندما اعتمدت على معلومات مظللة لغزو العراق تحت ذريعة وجود أسلحة الدمار الشامل. وبعد الاحتلال، استمرت هذه الوكالة العملاقة أكثر من سنة لتصدر تقريرا استخباريا نهائيا يقضي بخلو العراق من أسلحة الدمار الشامل. وهذا يعني بطريقة أخرى، استمرار فكرة كلاوزفيتز حول “ضباب الحرب” فوق حقل المعركة، كناية عن ندرة المعلومات وفي بعض الأحيان انعدامها حول العدو وقدراته وخططه وطرق قتاله وخطوط امداداته.
الحقيقة أن الأزمة الدبلوماسية في الخليج بقدر ما هي مأساوية بالنسبة للعرب، هي أكثر مأساوية بالنسبة لرئيس أكبر دولة في العالم، تدعي السيطرة المعلوماتية، التحكم في قدرات القتال الشبكي، وإمكانية الاشتباك العالمي. لكن لابد من الإشارة إلى ان ردود فعل المؤسسات الحكومية الأمريكية (البيت الأبيض، البنتاغون، الخارجية) أظهرت مستوى من الاحترافية المهنية في التعامل مع الأزمة القطرية.
من ناحية أخرى، أظهرت تغريدات ترامب على تويتر أنه يريد التكريس لطريقة جديدة في العلاقات الدبلوماسية الأمريكية، وهي التفريق بين مواقفه الشخصية، ومواقف مؤسسات الدولة، وهي التي لم نألفها حتى في الديكتاتوريات الشاملة، لأن هذه الأخيرة يمكن تختزل الدولة في شخص القائد الديكتاتور، مثل ما قال لويس الرابع عشر “أنا الدولة”. في كل الأحوال، تعكس تصريحات ترامب مشكلة كبيرة في المعلومات وصناعة القرار في السياسة الخارجية للدولة. فإذا كانت إدارته لا تعرف مصادر تمويل الإرهاب ودعم التطرف فهذه مصيبة، وإذا كانت تعرف أن قطر تدعم الجماعات الإرهابية التي تهاجم الأمريكيين في المعارك وفي الشوارع الأمريكية وسكتت عنها، فتلك مصيبة أكبر؛ وكلاهما يشكلان مضمون فكرة كلاوزفيتز حول “ضباب الحرب”، الذي يدفع المنظمات الاستخبارية إلى استقاء المعلومات من الأشخاص العاديين أو من قيادات موجهة بمواقف سياسية مؤدلجة وغير محترفة.

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button