تفاقم الأزمة الإنسانية اليمنية و تأثيراتها علي الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية

في الأمس القريب كان العالم كله يتحدث عن اليمن السعيد أما اليوم أصبح الجميع متضامن مع اليمن التعيس. فعلي الرغم من المجهودات الدولية التي طال أمدها قصد جلب الطرفين إلي طاولة المفاوضات من أجل تحقيق حل سلمي و جذري دائم وذلك منذ وثيقة جون كيري للتهدئة, إلا أن صوت السلاح كان الطاغي علي صوت الحوار و السلام. إذ ضل موقف الحوثي الإيراني متشبث برفع سلاح المقاومة في وجه أي عدوان خارجي مستفيدا بذلك من الترسانة الحربية كالصواريخ الروسية الصنع و المدافع الحربية المتطورة التي تدك الحدود السعودية بنيرانها المكثفة يوميا. كما أن توازن القوي العسكرية في منطقة الشرق الأوسط تفرض الأمر الواقع علي جميع الأطراف السياسية خاصة علي المستوي الإستراتيجي البعيد الأمد. بالإضافة إلي ذلك ساهمت الثورة الإجتماعية اليمنية التي أسقطت نظام الرئيس السابق المرحوم علي عبد الله صالح سنة 2011 مباشرة في تأزم الوضع العام للبلاد بحيث إستغل زعيم الحوثيين عبد المالك الحوثي هذا التشرذم السياسي ليفرض سلطته و الأمر الواقع علي جزء كبير من الأراضي اليمنية و يفسح المجال لتدخل الحرس الثوري الإيراني في منطقة الشرق الأوسط. أصبح الشعب اليمني رهبن القوي العظمي التي تتصارع علي النفوذ الإقليمية و أيضا أصبح يعاني الأمرين نتيجة حرب ظالمة لا تراعي أبسط الحقوق الإنسانية و لعل أن التخل الإيراني بقبضته من حديد في أربعة دول عربية وهي جنوب لبنان و سورية و العراق و اليمن أبرز دليل علي هذا الإستعمار الهمجي و المغلف بمجموعات المقاومة.

كذلك تذكرنا خطابات الزعيم عبد الملك الحوثي عبر الوعد و الوعيد مع التهديد و التصعيد ضد كيان العدو الصهيوني الإسرائيلي و ضد حلفاء أمريكا في الجزيرة العربية بتلك الخطابات الرنانة التي يرددها دائما الشيخ حسن نصر الله. بالتالي لا يمكن اليوم بأي حال من الأحوال أن تركع المقاومة الإسلامية لأي طرف محاور و لا للسعودية و لا للإمارات العربية المتحدة بل تركع فقط لله عز وجل.

إن تفاقم الأزمة اليمنية خلال السنوات الأخيرة وخاصة منها حرب التحالف السعودي عليها تنم عن مأساة إنسانية عالمية حقيقية لا مثيل لها منذ قرون طويلة بحيث أصبح اليمن يعاني من فقر متقع و تهميش و مجاعة تصنف ضمن درجة كارثة إنسانية عالمية. بالنتيجة إرتفعت نسبة البطالة و تزايد إستقطاب عدد المعطلين كجنود للحوثي تحت قيادة إيرانية منظمة بالتالي تعطلت عجلة التنمية الإقتصادية و دمرت البنية التحتية بالكامل و كبح النمو الإقتصادي و إنقطعت المبادلات التجارية و أصبح اليمن يعاني من حصار غاشم و عزلة دولية. هذه النتائج الإقتصادية السلبية تسببت فيها الأوضاع السياسية السيئة و خاصة منها أعمال الحوثي العبثية و التخربية لمكاسب الشعب اليمني و علاقاته التجارية و المالية في فضائه الإقليمي. فالأزمة الإنسانية الحالية أدت إلي تحول الأطفال اليمنيين إلي هياكل و جماجم عظمية مع تسجيل العديد من الوفيات يوميا و تحولت حياة جميع السكان إلي كابوس حقيقي في مدن أشباح لا يطيب فيها العيش.

كما تعطلت جميع المرافق الحيوية و غلقت المدارس التعليمية و دمرت المستشفيات و تدهورت الحالة الصحية للجميع عبر إنتشار الأوبئة و الأمراض المزمنة مما أدي إلي تدخل وكالة الأونروا و منظمة الفاو التابعتان للأمم المتحدة لتخفيف تأثيرات تلك الأزمة الإجتماعية التي أصبحت مأساة إنسانية عالمية, بالتالي لم تكن الحلول المطروحة دوليا لحل الأزمة السياسية و الإقتصادية فعالة رغم العديد من المبادرات و المقترحات الدولية. إذ تعتبر عملية الإستفتاء علي الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد الإنتخابات اليمنية العامة علي السلطة التنفيذية و التشريعية تعزيزا لشرعيته الدولية داخليا و خارجيا و تؤكد سلطته علي كامل التراب اليمني. لكن في المقابل يمثل الإحتلال الإيراني عبر الحوثي العبثي من المنظور السعودي لمدنية الحديدة و حجة و صعدة إنتهاكا صارخا للسيادة الوطنية اليمنية و ضرب علي الحائط لجميع المواثيق الدولية و خاصة منها قرار الأمم المتحدة رقم 2216 و مفوضات السعودية لحل الأزمة السياسية بالطرق السلمية.

إن إيران تسعي اليوم بكافة فروعها و منظماتها و مجموعاتها في الشرق الأوسط لإجهاض أي إتفاق نظرا للأهداف الإستراتيجية البعيدة الأمد و وضع الرئيس عبد ربه منصور هادي و السعودية في مرمي نيرانها. أما بخصوص سياسة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تجاه اليمن فهي في مجملها تخدم المصالح الإسرائيلية و الأمريكية و ذلك الدعم الذي تلقاه من بنيامين نتنياهو في أشد أزمة عرفتها السعودية لم تأتي من فراغ بل تحمل في طياتها العديد من الخفايا المستقبلية. أما قمة السويد بستوكهولم فمقترحاتها لن تزيح الهم عن اليمنيين بل هي مجرد فسحة لإذابة الجليد كما صرح بعض المسؤولين و نتائجها مجرد جرعة مسكن و تهدئة قصد تبادل الأسري و المعتقلين بين الجانبين من أجل إرساء هدنة إنسانية لإنقاض أطفال اليمن من المجاعة و الكارثة الإنسانية. و نتائجها تمثل زوبعة في فنجان فارغ يقودها المبعوث الأممي مارتن غريفيث بحيث “تمخض الجمل ليلد فأر” و لا جديد يذكر علي الصعيد الدبلوماسي المستقبلي بين الدول المجاورة لليمن و التي هي متورطة مباشرة في دوامة صراع لا ينتهي. إن حمائم السلام هادي و اليماني اللذان تروج لهما السعودية يعتبران عملاء الشيطان الأرعن أمريكا و إسرائيل من المنظور الحوثي, فكيف لهذه القمة الميتة قبل بدايتها أن تنجح؟ بحيث تبقي جولة السويد مجرد فسحة سياحية أوروبية ترفهيه للمبعوث الأممي مارتن غريفيث.

فؤاد الصباغ باحث اقتصادي دولي

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button