تقرير عن مؤتمر الاستراتيجيات الوطنية في مواجهة التطرف والإرهاب العالمي: الإنجازات والطموح

تقرير عن: مؤتمر الاستراتيجيات الوطنية في مواجهة التطرف والإرهاب العالمي: الإنجازات والطموح

Report about: Conference on “National Strategies in the Face of Global Extremism and Terrorism: Achievements and Ambition” Jordan, 23-25 April 2018 Preparatory Committee for the Conference

الأردن، 23- 25 نيسان / أبريل 2018 اللجنة التحضيرية للمؤتمر

خلال الفترة الممتدة ما بين 23 – 25 ابريل 2018، نظمت كلية الدراسات العليا بجامعة مؤتة (الأردن) مؤتمر الاستراتيجيات الوطنية في مواجهة التطرف والإرهاب العالمي: الإنجازات والطموح”، وتم هذا التنظيم بالاشتراك مع جامعة عمان الأهلية، والمنتدي العالمي للوسطية في الأردن.

وقد نظم هذا المؤتمر لمعالجة قضية الإرهاب التي تعد من المشكلات التي طالما لحقت بالمجتمعات الإنسانية لأسباب مختلفة ومتداخلة، وتتجدد هذه القضية في أوقات معينة بحدة وعنفوان، مما قد يتسبب في تدمير أبنية المجتمعات وأسس استقرارها. ولعل عصرنا هذا أصبح من أكثر العصور التي ابتليت بها المجتمعات بأنواع جديدة من الإرهاب، لم تشهدها أكثر الفترات التاريخية تطرفة، فتركت آثارا خطيرة جدا، لم تقتصر في تدمير الأبنية الاجتماعية والاقتصادية فحسب، بل اسهمت في احداث هزة حضارية عنيفة امتدت إلى الذات والهوية والأصول. وفي ظل الظروف الإقليمية والدولية التي أصابت النظام الدولي، فقد برزت قضية الإرهاب والتطرف ضمن القضايا الدولية المؤثرة في المحيط المحلي والإقليمي، الأمر الذي دفع الكثير من المهتمين لوضع رؤى لكيفية مواجهة هذا الخطر، وكيفية إدارة الأزمات الإرهابية على مختلف المستويات السياسية والتشريعية والاجتماعية ومن هنا برزت أهمية عقد هذا المؤتمر لتوسيع دائرة التحليل المفهومي للتطرف والإرهاب، لتشمل الجوانب الثقافية والاجتماعية والدينية إضافة إلى أبعادها السياسية، وإعطائها خصوصية محلية وعربية. ولهذا كانت هذه الدعوة مفتوحة أمام الأكاديميين والباحثين والسياسيين في مختلف المؤسسات محلية وإقليميا وعالمية، حيث استهدف هذا المؤتمر المنظمات الدولية المعنية بقضايا الإرهاب والتطرف والأمن الإنساني، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والعالمية المعنية بقضايا اللجوء وحقوق الإنسان والهجرة والأمن الإنساني، وكذلك الأكاديميين في الجامعات داخل الأردن وخارجة أصحاب الخبرة والإنتاج العلمي في حقل التطرف والإرهاب، إضافة إلى الباحثين المستقلين، والصحفيين والإعلاميين، والمراكز البحثية والجمعيات المتخصصة في مجال مكافحة التطرف والإرهاب.

لقد وضعت الجهات المنظمة للمؤتمر جملة من الأهداف، يمكن إبرازها في صنفين: أهداف علمية تتمثل في السعي إلى تأصيل قضية الطرف الإرهاب تأصيلا علميا من حيث المفهوم والمنطلقات، وتعزيز ضمان الفصل بين العلم والإيديولوجيا في مقارية قضايا التطرف والإرهاب، والكشف عن الأبعاد الفكرية والسياسية والاجتماعية وغيرها، الكامنة وراء قضية التطرف والإرهاب، إضافة إلى المعالجة الفكرية للإرهاب، حتى تواكب وتضافر المعالجة الفكرية مع المكافحة الأمنية في اقتلاع جذوره واستئصال شأفته، وتجفيف منابعه.

أما الأهداف العملية من المؤتمر، يمكن إيجازها في وضع خطة عمل إستراتيجية استشرافية لتجفيف منابع الإرهاب، حتى يتم عزلها عن كونها معول هدم للأمة والحضارة، وبيان أن الإرهاب من جرائم العصر، لا دين ولا وطن له، وإثبات براءة الإسلام منه فكرة وسلوكا، وإيضاح أسباب التطرف والإرهاب، مع كشف منابعهما مخاطرهما وطرق التصدي الهما. ومن بين أهداف المؤتمر كذلك الدعوة إلى العمل على صياغة إستراتيجيات وطنية فاعلة لمواجهة الفكر التطرفي ومدلولاته، والخروج بتوصيات علمية وعملية لتعزيز البناء الاجتماعي والديني والتربوي لمكافحة التطرف والإرهاب وفي حفل افتتاح المؤتمر القي عميد كلية الدراسات العليا (مقرر المؤتمر كلمة اللجنة التحضيرية) كلمة افتتاحية أكد خلالها سعي المؤتمر من خلال المحاور ذات الصلة بالخطاب الديني والتدابير الشرعية والاستراتيجيات الوطنية، وإدارة المعرفة والتشريعات والقوانين الناظمة إلى رسم طريق وإستراتيجية حقيقية في مواجهة التطرف الفكري والعقائدي المؤدي للإرهاب العالمي، الذي أصبح الوباء الذي لابد من محاربته واستئصاله. كما أضاف أن الأمة العربية تراهن على نتاج علمائها وباحثيها الفكري لحمايتها من تداعيات الإرهاب ضد نهضة الشعوب وأمنها المجتمعي .

كما ألقى رئيس جامعة عمان الأهلية كلمة أكد فيها على الدور التشاركي بين المؤسسات الأكاديمية في تعزيز مفاهيم الولاء الوطني والانتماء ومحاربة الإرهاب والتطرف، مضيفا أن الأردن بمسيرته الحضارية يعبر عن وسطية الأمة. وأكد الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية في كلمته أن النهج الهاشمي الوسطي المعتدل نأي بالأردن عن الصراعات الإقليمية إلى بوصلة الأمن والاستقرار رغم ما يشهده الإقليم من اضطرابات عصفت به بين الحين والآخر. وأشار رئيس هيئة علماء المسلمين بالعراق في كلمته التي ألقاها في حفل الافتتاح إلى أهمية البحث العلمي الرصين في معالجة أسباب الطرف الفكري والإيديولوجي، والوقاية من كافة أشكاله وانواعها أما في اليوم الأول من المؤتمر، فقد عالج المتدخلون خلال الجلسة الأولى مسالة الخطاب الديني والتدابير الشرعية في مواجهة / صناعة التطرف والإرهاب”. ترأس هذه الجلسة الدكتور اخليف الطراونة، وتضمنت خمسة مداخلات، حيث افتتح الجلسة الدكتور عطا الله فايز من باكستان بمداخلة عنوانها دور الجامعات والمؤسسات التربوية في مكافحة الإرهاب والتطرف وتعزيز قيم الاعتدال”. تبعتها مداخلة ثنائية لكل من الدكتور محمد الرواشدة والدكتور علي الفواز من الأردن، حيث قدما مداخلة بعنوان مكافحة التطرف والإرهاب في الخطاب الديني”. وقدم الدكتور أحمد كافي من الجزائر المداخلة الثالثة التي تناول فيها الإيديولوجيات والمذاهب الفكرية المتطرفة: أدوات وغايات”. أما المداخلة الرابعة فقد قدمت عن مركز السلم المجتمعي الكائن بالأردن، وتناولت إستراتيجية مديرية الأمن العام في مكافحة التطرف والعمل الإرهابي”. واختتمت الجلسة الأولى من طرف الدكتور إياد خازر المجالي من الأردن، بمداخلة كان عنوانها إيديولوجية الفكر السياسي الإيراني بين النظرية والتطبيق الحوثيون أنموذجا).

وفي اليوم الأول كذلك، أنعقدت جلسة ثانية حول مسالة الخطاب الديني والتدابير الشرعية في مواجهة صناعة التطرف والإرهاب”. وترأس هذه الجلسة الدكتور يوسف الجعافرة، وقدمت خلالها خمسة أوراق بحثية، حيث ركزت الورقة الأولى على موضوع “كيف تنقذ جيل الشباب من التطرف والإرهاب، قنمها الدكتور أحمد طعمة من سوريا. وقدم الباحث قاسم تيجاني من نيجيريا الورقة الثانية تحت عنوان دور العلماء والمفكرين والنخب في تعزيز خطاب الاعتدال ونبذ العنف”. وكانت الورقة الثالثة حول “الايدولوجيا والتطرف” من تقديم الأستاذ إبراهيم العجلوني من الأردن. أما المداخلة الرابعة حملت عنوان “الفكر المتطرف: واقع وتحديات”، قدمها ممثل عن مركز السلم المجتمعي الكائن بالأردن. وقد اختتم الدكتور يوسف خطايبة الجلسة الثانية بمداخلة عنوانها “عوامل التطرف وارتباطاته في المجتمعات العربية”.

وقد أستأنفت أشغال المؤتمر في اليوم الثاني بعقد جلستين، فعالجت الجلسة الأولى التشريعات القانونية الرادعة لأسباب وأنواع التطرف والإرهاب”. وتولى العميد الركن ناصر المهيرات من الأردن، رئاسة هذه الجلسة، حيث تم خلالها تقديم خمس مداخلات، قدم المداخلة الأولى الدكتور محمد زاهد جول من تركيا، تناول فيها دور الإعلام في نشر ثقافة الوسطية والاعتدال والتعايش”، وكانت المداخلة الثانية من تقديم الدكتور أنس الشقفة من المساء حيث كشف فيها عن المبررات والذرائع القانونية لمواجهة التطرف والإرهاب في ظل القانون الدولي”، لتأتي بعدها الورقة الثالثة التي

قمها الدكتور وليد فارس من ماليزيا، وكانت تحت عنوان المعايير الدولية بين العدالة والانحياز لمواجهة التطرف والإرهاب”، أما الورقة الرابعة قدمتها الدكتورة نهلة المومني من الأردن، ومن خلالها كشفت عن المبررات والذرائع القانونية لمواجهة التطرف والإرهاب في ظل القانون الدولي لحقوق الإنسان”. ثم اختتمت هذه الجلسة بمداخلة قدمها الدكتور محمد الذنيبات من الأردن، وقد تناول فيها مسالة مدى كفاية المنطلقات القانونية في تشريعات مكافحة الإرهاب.

كما انعقدت جلسة أخرى في اليوم | الثاني من المؤتمر، حيث عالج فيه المتدخلون دور المؤسسات في التخطيط الاستراتيجي لمواجهة الإرهاب والتطرف”، وترأس هذه الجلسة الدكتور حسن مبيضين، وهي الأخرى تضمنت خمسة أوراق بحثية، ففي الورقة | الأولى التي قدمها الدكتور قيس المعايطة من الأردن، تم تبیان دور المناهج الجامعية في تكوين شخصية الطالب المعتدلة ومكافحة التطرف”، وفي الورقة الثانية ركز الدكتور أنس العبده من سوريا، على إيضاح أهمية التخطيط الاستراتيجي لمواجهة الأزمات الإرهابية، ثم جاء بعده الباحث حسن نصر بطاظو من الأردن، وقدم الورقة الثالثة تحت عنوان “أثر العقيدة الصحيحة في حفظ الدماء”. أما الباحثة ميسون المبيضين من الأردن، فقد قدمت الورقة الرابعة التي تناولت فيها موضوع المرأة وعلاقتها بالتطرف والإرهاب”. واختتمت الجلسة بتقديم ورقة بحثية من طرف الدكتور حمزة المعايطة من الأردن، ومن خلالها تناول بالتحليل موضوع “الخطاب الديني والتدابير الشرعية في مواجهة الإرهاب”.

أما في اليوم الثالث من المؤتمر، فانعقدت جلسة أخيرة حول التقييم الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف”، ترأسها المهندس مروان الفاعوري (الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية). قدمت خلال هذه الجلسة خمسة أوراق بحثية، إذ قدم الدكتور عبد الرحمان أبداح من الأردن، الورقة الأولى مبينا فيها “دور المؤسسات الدينية في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لنشر قيم الاعتدال ومكافحة التطرف”، وتناولت المداخلة الثانية موضوع “الغلو والتطرف، ماهيته وأسبابه ودوافعه وأثره على الفرد والمجتمع، قدمها كل من الدكتور صالح المساعيد والدكتور تركي الفواز والدكتورة فاطمة النشاش (كلهم من الأردن)، في حين ركزت الورقة الثالثة على دور مركز السلم المجتمعي في مكافحة التطرف”، حيث قمها ممثل عن المركز الموجود في المملكة الأردنية، أما المداخلة الرابعة، فقد قدمها الدكتور وليد العويمر من الأردن، وقام من خلالها بتحليل الدور الجامعات الأردنية في مكافحة الفكر المتطرف”. وكانت هناك مداخلة أخيرة حملت عنوان استخدام الأساليب والأدوات الالكترونية للتجنيد والإرهاب الالكتروني العالمي ودور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر قيم الاعتدال”، حيث قدم هذه المداخلة الدكتور علي الحجاحجة من الأردن.

وفي ختام المؤتمر أكد المشاركون على جملة من الأسس الحضارية والفكرية والثقافية والعلمية والعملية، وخلصوا بها إلى عدد من التوصيات أبرزها:

على المستوى المفاهيمي والعلمي، أوصى المؤتمرون على ضرورة التمييز بين الإرهاب والمقاومة المشروعة للتحرر من الاستعمار. كما أوصوا على ضرورة العمل لإعادة تأهيل بعض المفاهيم والمصطلحات المستخدمة في تحديد مفهوم الترويع، كما ورد في المصادر الشرعية، وتجنب الصراع الديني والسياسي، وتفعيل الخطاب الإنساني الذي يحقق الدور الحضاري للدين الإسلامي، وبيان خطورة الإيديولوجيات الفكرية والعقائد المتطرفة ذات الامتداد العالمي، والتي تغذي فكرة الطرف الأموي والمغالاة والإرهاب من خلال أفكارها الملتوية التي تدفع بها إلى مراكز صنع القرار الدولي، مما يستوجب الرد عليها ممن يحملون فكرة قويما، كما دعوا إلى الحكمة والموعظة الحسنة في الطرح الثقافي الحضاري الإنساني، إضافة إلى دفع دعاوى المتطرفين ومواجهة خطاباتهم المتطرفة بخطاب علمي وموضوعي مستند إلى الحجج والبراهين العلمية الدامغة والأدلة الشرعية الوسطية الثابتة. والتأكيد على أهمية القيم الدينية والأخلاقية والتدابير الشرعية التي تعزز مفهوم الاعتدال وقبول الآخر، ودورها في توازن المجتمع ودفع الغلو والتطرف عن أبنائه، وأكد المؤتمرون

على ضرورة التواصل المستمر بين العلماء والباحثين والفقهاء والقانونيين في التأطير النظري المناسب لمسألة علاقة الذين بالسلطة انطلاقا من القيم السياسية في القرآن الكريم والدولة المدنية الحديثة.

أما على المستوى الاستراتيجي فقد دعا المؤتمرون إلى ضرورة وجود إستراتيجية إعلامية شاملة للأمة في سائر أقطارها، إضافة إلى تكاثف الجهود الرسمية والمدنية للعمل الشمولي في مواجهة التطرف والإرهاب في جميع المستويات والمجالات، والتأكيد على تكامل الجهود الوطنية والعربية والإسلامية من خلال توحيد الخطاب الإعلامي الرسمي المواجهة التطرف والإرهاب. وكذلك ضرورة التنسيق والمتابعة لإيجاد إستراتيجيات وطنية داخل كل الدول العربية والإسلامية تستنهض الهمم في الميادين التنموية كافة، كالتربية والتعليم والإعلام والتنمية المستدامة والمؤسسات الأمنية وصولا إلى جهد وطني تكاملي، يهدف إلى الحفاظ على منجزات الأمة، وتوحيد الجهد في مكافحة التطرف والإرهاب محلية وعالميا. والتأكيد على أهمية التفاعل الإيجابي وتبكي إستراتيجية الأمم المتحدة لعام 2015 الشاملة، المطالبة بضرورة مواجهة الإرهاب والتطرف ضمن مفاهیم واضحة ومحددة بمعايير دولية عالمية. وضرورة مراعاة البعد الإستراتيجي في التخطيط لأهداف طويلة على المدى القريب والبعيد، تكون قابلة للتحقيق على أرض الواقع.

أما على المستوى العملي والميداني، فقد جرى التأكيد على اتخاذ كافة السبل والوسائل لمحاربة كافة أشكال الإرهاب والفكر المتطرف كضرورة وطنية وحاجة إنسانية عالمية ومصلحة دينية تستهدف تنقية الذين الإسلامي مما علق به من الأفكار الأخيلة، التي تسعى للتشويش على حضوره الإنساني ورسالته الإنسانية، والتأكيد على دور المؤسسات الأكاديمية والإعلامية والثقافية في نشر ثقافة التسامح وتعزيز معنى المواطنة في المجتمعات العربية والإسلامية، ضمن مفاهیم عملية قابلة للتطبيق، ودعم برامج الأسرة وأخيرة، خلص المؤتمرون إلى مفادها ضرورة التأكيد على دور المس الأكاديمية والجامعات والمراكز البد وضع خطة إستراتيجية شمولية، . مناهج دراسية، وعقد مؤتمرات نوت الشباب وطلبة العلم في المراحل كلها، لضبط سلوك الأفراد نحو الوسطية والاعتدال ضمن أسس موضوعية.

 

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button