دراسات سياسية

تقييم نظرية صنع واتخاذ القرار

 إسهامات نظرية صنع واتخاذ القرار

لاقت النظرية اهتماما بالغا من طرف دارسي العلاقات الدولية، والمتخصصين في دراسة السياسة الخارجية نظرا لما وفرته من إطار نظري يفسر مختلف الجوانب والأساسيات والمستويات المؤثرة في عملية صنع واتخاذ القرار. وبالتالي فهذه النظرية لها قيمة علمية وعملية كبيرة في تحليل السياسة الخارجية.

ويمكن تلخيص أهميتها وإسهاماتها في حقل العلاقات الدولية في النقاط التالية:

  • تكتسب النظرية أهمية من حيث أنها تتعامل مع كل العناصر والمتغيرات الرئيسة التي تحدد حركة الدولة ومواقفها وتصرفاتها، أنها لا تركز على السلوك الدولي فيما يجب أن يكون عليه، كما تبين قواعد القانون الدولي، وإنما تقييم السلوك الدولي من زاوية القبول أو عدم القبول.
  • ما يميزها عن بقية النظريات أنها تجمع بين عدة مستويات للتحليل في مشروع واحد متكامل وذلك عن طريق تحليل مختلف العوامل والمتغيرات المحيطة بصانع القرار، وكيف تؤثر وتتفاعل هذه العوامل لينتج عنها قرار معين.
  • كما استطاعت الخروج من النظرة الضيقة التي تدرس العلاقات الدولية على مستوى الدول، بمعنى تفسير سير تلك العلاقات على أساس أن القرارات هي قرارات دولة، وإنما تؤكد النظرية على ضرورة تشخيص الدولة أي دراسة الأفراد الذين يتخذون تلك القرارات ومختلف العوامل المرتبطة بهم، وهذا ما يؤكد صحة النظريات التكوينية التي جاءت لتؤكد على بروز فواعل جديدة في العلاقات الدولية، وذلك باعتبار الأفراد هم طرف من أطراف النظام الدولي.
  • يمكن أن تتخذ النظرية بمختلف المتغيرات التي تبحث فيها كأساس لربط العديد من النظريات ببعضها كنظرية الاتصال لـكارل دويتش، ونظرية التفاوض، والمساومة وغيرها من نظريات الصراع الدولي ونزع السلاح، وما زاد في بلورة الاتجاه هو النموذج النسقي لـديفيد ايستون والذي اشرنا إليه سابقا.
  • انه بفضل سنايدر انتقلنا الآن من عالم يتم التأكيد فيه على العمل البشري في الموقع، بمعنى إدخال البعد الإنساني في دراسة العلاقات الدولية واعتبار الإنسان كفاعل مهم ومحرك لهذه العلاقات.

وبهذا فان النظرية حاولت تحديد بعض الأجزاء وتحليلها لنفهم عملية صنع القرار، وبالتالي السماح للباحث بان ينطلق من معطيات معينة ومحاولة تجديدها وإعادة تركيبها لتناسب الوضع الذي يعيشها، أو أي موقف معين من خلال الاجتهاد والبحث عن متغيرات أخرى.

 الانتقادات الموجهة للنظرية

بالرغم من الأهمية العلمية والإسهامات العملية التي أضافتها النظرية في مختلف المستويات، إلا أن هذا لا يمنع من تواجد عدة ثغرات ونقائص تشكو منها هذه النظرية، ويمكن تشخيص ذلك في عدة نقاط:

  • تواجه النظرية مشكلة في تعدد المتغيرات التي تؤثر في اتخاذ القرار ويصعب حصرها وتحليلها وتحديد قيمة كل متغير بشكل دقيق، هذا إلى جانب أن دور العامل الثقافي في تشكيل السياسة الخارجية يصعب تحديد أثره بدقة.
  • صعوبة الحصول على المعلومات لعدة أسباب أمنية، ومدى صحة هذه المعلومات غير ثابت، فقد تكون مزيفة وغير محددة بدقة أو غير كافية، الأمر الذي يقف دون اتخاذ قرار عقلاني مناسب للموقف الذي نحن بصدد الإجابة عليه.
  • أيضا هناك مشكلة تعترض النظرية تتمثل في الأزمات المفاجئة التي تؤثر على السياسة الخارجية وعلى طرق اتخاذ القرار، وأيضا تزامن القرارات، إذ أن الدولة تتخذ قرارات عديدة في السياسة الخارجية، وهنا يظهر تشابه القرارات وتبرز مشكلة تأثير القرارات التي تتخذ في فترة واحدة على بعضها البعض لان صانع القرار يتعامل مع بيئة غير مستقرة ويصعب في كثير من الأحيان تحديد معالمها.
  • كما أن الطريقة التي تعالج بها مسالة الدوافع Motivations في اتخاذ القرار الخارجي غير واضحة وذلك من خلال إبراز سنايدر لتأثير الدوافع السيكولوجية لكن تتبع تأثيراتها الفعلية أمر صعب، كما في بعض الحالات يصعب تحديد تأثير بعض المتغيرات كالرأي العام في القرار خاصة في فترة ما بعد الحرب الباردة حيث نشهد تراجع كبير لهذا المتغير، فبالرغم من ضغط الرأي العام البريطاني في مسالة التدخل في العراق إلا أن ذلك لم يجن ثماره.

بالرغم من الانتقادات التي تواجهها النظرية إلا أن أصحابها يوافقون على البعض منها، وهذا ما دعا سنايدر إلى اقتراح عدة حلول لتلاقي نقاط الضعف المذكورة:

  • عمل تقسيم أو تصنيف Typology للأهداف السياسية ثم إقامة سلسلة من الافتراضات Hypotheses التي تربط بين النماذج الإجرائية في اتخاذ القرارات وبين كل نوع من هذه الأهداف.
  • عمل تصنيف لوحدات اتخاذ القرارات الخارجيةDecisional Units مع ربط كل وحدة بنموذج معين.
  • إجراء تحديد للكيفية التي تحلل اثر الخصائص الشخصية لصانعي القرار.
  • تطبيق هذا النموذج بكل أبعاده المذكورة على عدد من حالات اتخاذ القرارات الخارجية في ظل ظروف معينة.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى