دراسات سوسيولوجية

تمّثل الهوية الدينية في المدرسة الجزائرية: كتاب مادة التربية الإسلامية في الثانوي نموذجا

 أ:المستاري الجيلالي باحث في مركز البحث في  الأنثربولوجية الاجتماعية والثقافية -وهران- الجزائر

ملخص المداخلة:

 لا يستهدف التعليم الديني العام في المؤسسة التعليمية الجزائرية تكوين متخصصين في المجال المعرفي الديني، بل تكوين الشعور الديني عند المتمدرس وهو تعليم يتوجه للتلاميذ الجزائريين عامة بغاية تكوينهم على الشعور بالهوية الدينية.

مساهمتنا  تتعلق بمضمون الخطاب الذي يستهدف تكوين هذه الهوية الدينية في إحدى أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية وأعني بذلك المدرسة العمومية، ذلك الخطاب الموجه للتلاميذ من خلال الكتاب المدرسي في المستوى الثانوي والمقرر غداة الإصلاحات الجديدة التي تعرفها المنظومة التربوية الجزائرية مقارنة بما كان سائداً من قبل، في محاولة منا لرصد ومتابعة ما حدث من تغير على مستوى مضمون الخطاب الهوياتي  من خلال  مادة التربية الإسلامية.

ما نستهدفه من خلال هذه المداخلة هو بحث خطاب التنشئة الدينية في المؤسسة التعليمية اليوم من خلال الخطاب المرسل عبر كتاب التربية الإسلامية في التعليم الثانوي ،  هل هو خطاب تنشئة يقوم على ما يسمى عند علماء اجتماع التربية بمبدأ “الإندماج القيمي أو الأخلاقي” L’intégration moraleّ “، أم يتعدى ذلك إلى خطاب تنشئة تعبوي دفاعي أيديولوجي ؟

كما تثير المداخلة  أسئلة من مثل مضمون التنشئة الدينية وإمكانيات تجاوزها لقيم الجماعة الدينية ورؤاها المذهبية إلى مستوى نقل المعارف باعتبار الدين جزءا من الثقافة الإنسانية، وكذا إشكالية الوقوف عند المعارف التي ينتجها كل دين عن ذاته وإمكانيات تجاوز ذلك إلى مقاربة تلك المعارف على ضوء أسئلة ومناهج العلوم الإنسانية المعاصرة ” .

الكلمات المفتاحية:الهوية الدينية، المدرسة، التربية الإسلامية، الخطاب الديني، المعرفي، الأيديولوجي، الجزائر.

مقدمة:

يعد الكتاب المدرسي أحد أهم العناصر المكونة للنظام التربوي في بلد ما، ومن ثم فهو مدخل أساسي لأية دراسة علمية لهذا النظام.  بناء على هذه الأهمية، أردنا أن يكون الكتاب المدرسي لمادة العلوم الإسلامية في الثانوي موضوعا لمحاولة دراستنا لمضمون الخطاب الذي يستهدف تكوين الهوية الدينية في إحدى أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية وأعني بذلك المدرسة العمومية بعد تجربة الإصلاح التي تعرفها منذ سنة 2003.

لابد من التذكير في البداية أنه تحت تسمية “التربية الإسلامية” في التعليم الابتدائي والمتوسط، وتحت تسمية “العلوم الإسلامية” في الثانوي، تلازم هذه المادة التلميذ الجزائري في كل مساره الدراسي بحجم ساعي قدره ساعة ونصف أسبوعيا في الابتدائي، ساعة واحدة في التعليم المتوسط وبين الساعة والساعتين في الثانوي حسب التخصصات. تدرّس هذه المادة في كل مستويات التعليم الثانوي بنفس المحتوى والكتب المدرسية دونما تمييز بين الشُعب الأدبية والعلمية والتقنية، وإذا كان مدرس هذه في التعليم الابتدائي والمتوسط هو أستاذ اللغة العربية، فإن مدرسها في الثانوي هو خريج المعاهد المختصة في العلوم الإسلامية كجامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة أو معهد أصول الدين بالعاصمة أو معهد الحضارة الإسلامية بوهران.

عرفت مناهج ومحتويات كتب التربية الإسلامية عملية إصلاح وإعادة نظر منذ سنة 2003، وعملية الإصلاح هذه جد مؤطرة، فالدولة هي التي تحدد التوجّهات العامة للمناهج من خلال البنود الدستورية والقانون التوجيهي الخاص بالتربية الوطنية، لتأتي اللجنة الوطنية للمناهج CNP، والمكونة من جامعيين، مفتشين وأساتذة،لتضع المحاور الكبرى أي المنطلقات المنهجية والمعرفية وملامح التخرج للمواد حسب مستويات التعليم، ثم تأتي اللجان المتخصصة لكل مادة GSD لتضع دليل برنامج كل مادة والذي توضع الكتب المدرسية على أساسه، وقد قررت وزارة التربية أن تكون الكتب المدرسة الجديدة في جيلها الأول بعد الإصلاح مباشرة موحدة عبر كامل الوطن[1]،  تسهر على طبعها مؤسسة واحدة هي الديوان الوطني للكتب المدرسية  وتقيّم من قبل خبراء المعهد الوطني للبحث في التربية INRE.

ولعل أول ما يلاحظ على الكتب المدرسية الخاصة بالعلوم الإسلامية أن أسماء المشرف عليها وبعض مؤلفيها لا تتغير بالنسبة لكل مستويات التعليم من الابتدائي إلى الثانوي، وأن أغلبهم أعضاء في اللجنة المتخصصة لإعداد البرامج ذات العلاقة بالمادة وهو ما لا نجده في أغلب المواد الأخرى.

الإطار الأيديولوجي لمناهج التربية الإسلامية ومسألة الهوية :

 يستدعي فهم الخطاب السائد حول الهوية الدينية الذي تتضمنه مناهج وكتب التربية الإسلامية في مستوى التعليم الثانوي، الانطلاق من الإطار الأيديولوجي الذي يؤطر هذا الخطاب في الفترة الحالية. إن الإصلاحات الجديدة في مناهج التربية الإسلامية مؤطرة بعدد من المبادئ الدستورية ومدعوة إلى الاستجابة إلى عدد من التحديات والتجاوب مع عدد من الأحداث أشارت إليها بنود القانون التوجيهي الخاص بالتربية الوطنية المؤرخ في 27 جانفي 2008. تشكل هذه العناصر كلها الإطار الإيديولوجي المرجعي الذي يحدد معالم وأسس الخطاب الديني التربوي الذي ينبغي على المدرسة الجزائرية أن تنشره في مستويات التعليم وفق أجرأة تحددها اللجان المتخصصة في هذا المجال.

أما ما يتعلق بالمبادئ الدستورية فهي ثلاثة أولها أهمية احترام البعد الوطني وما يرتبط به من ضرورة تقوية الوحدة، الهوية والثقافة الوطنية في أبعادها الثلاثة: الإسلامية، العربية والأمازيغية. ثانيها البعد الديمقراطي وما يتعلق منه بضمان تكافؤ الفرص لكل تلميذ في التأطير البيداغوجي والتكوين التطبيقي بغض النظر عن المنطقة الجغرافية أو المكانة الاجتماعية أو المستوى المادي، إضافة إلى ضرورة إدماج الممارسة الديمقراطية وتطبيقاتها العملية داخل القسم بإشراك التلاميذ في حياة المدرسة. أما البعد الثالث فهو البعد العالمي وما يتعلق منه بضمان ثقافة علمية تكنولوجية، فنية وأدبية مع التركيز على مبدأ الانفتاح على العالم وتكوين تلميذ ذي حس نقدي يمكنه من الاستعمال الإيجابي للمعارف المختلفة.

بناءا على هذه المبادئ فإن المنظومة التربوية مطالبة بأن تتكيف مع الواقع السياسي والاقتصادي للجزائر أي النظام التعددي واقتصاد السوق بما يفرض تكوين المتعلم على قيم جديدة مختلفة عما كانت عليه المنظومة التربوية في سياق أمرية أفريل 1976 ونعني بهذه القيم الجديدة، القيم الجمهورية والديمقراطية ومعاني الحرية الفردية والتضامن الاجتماعي. كما أن المنظومة التربوية ومنها برامج التربية الإسلامية مدعوة أيضا إلى الأخذ بعين الاعتبار التحديات الخارجية التي حددها القانون التوجيهي في ثلاثة وهي: تحدي العولمة، تحدي وسائل الإعلام والاتصال وتحدي الثورة العلمية والتكنولوجية.

بناءا على هذا الإطار المرجعي للمنظومة التربوية فإن مضمون الكتب الجديدة للعلوم الإسلامية سيوضع في سياق رؤية جديدة تعتمد أساسا على أهمية التكيف مع التحليل العلمي، مع تنمية الروح النقدية والتكوين على معاني الإبداع والمجازفة والمسؤولية والقدرة على التنبؤ. إنها وسائل وكفاءات لابد أن يستهدفها النظام التربوي من أجل تحضير الطفل الجزائري لمواجهة التحديات المذكورة آنفا. يتجلى هذا المنحى من خلال رؤية وزير التربية الوطنية للمضمون الجديد للخطاب الديني المدرسي عندما يشير ما ينبغي على مناهج وكتب التربية الإسلامية أن تتناوله من موضوعات في مرحلة الإصلاح حيث يقول  : ” حان الوقت لأن تدمج  المناهج الجديدة والكتب الجديدة البعد الاجتماعي والأخلاقي في كل المسار التعليمي حيث تؤخذ بعين الاعتبار حاجات التلميذ  ومستوى تطوره البسيكولوجي وكفاءاته الإدماجية في مختلف مستويات التعلّم. لابد على هذه المادة أن تسمح للتلميذ بأن يتعلم الأركان الخمسة للإسلام في السنوات الأولى من التعليم الابتدائي، لتدمج بشكل تدريجي الممارسة الدينية والمحاور الأساسية للإسلام مع السنوات الأخيرة من الابتدائي وخلال كل سنوات التعليم المتوسط. ومع السنة الأولى من التعليم الثانوي يبدأ المتعلم باكتساب ثقافة أكثر سعة لتمكنه من الانفتاح والتسامح اتجاه الأديان والثقافات المختلفة”.(بن بوزيد،بوبكر،ص53-54  (La réforme de l’éducation en Algérie

ما يلاحظ على مضمون الخطاب الأيديولوجي الرسمي المؤطر للمنظومة التربوية هو تلك الازدواجية وذلك الغموضambivalence et ambiguïté  في تحديد مهمة المدرسة بما يؤدي ازدواجية في تمثله لدلالة الهوية، إنه خطاب يحيل دوما إلى ثنائية غير محددة بشكل جلي، ” أهمية عولمة المدرسة” من جهة و” ضرورة تعميق الهوية الوطنية والدينية ” من جهة أخرى، الأمر الذي يبدو أنه سيتواصل مع مضمون الخطاب الذي ستتضمنه مادة العلوم الإسلامية في الثانوي من خلال تلمّس وجود تلك الثنائية المرتبكة في أهداف الخطاب الديني المدرسي بين تكوين مواطنين مسؤولين ” لمجتمع ديمقراطي”  وتكوين ذوات دينية “لمجتمع ديني”.

المواضيع والملفات المُكَوِنَة لكتب العلوم الإسلامية في الثانوي:

بناء على الإطار العام السالف الذكر، عمد بعض أساتذة العلوم الإسلامية وتحت إشراف المفتش العام للمادة السيد “موسى صاري” إلى تأليف ثلاثة كتب مدرسية هي: “المنير في العلوم الإسلامية” خاص بالسنة الأولى ثانوي لكل الشعب، “الواضح في العلوم الإسلامية” خاص بالسنة الثانية ثانوي لكل الشعب و “المفيد في العلوم الإسلامية” الخاص بالسنة ثالثة ثانوي لكل الشعب.

بعد أن كان التركيز في مناهج التربية الإسلامية في المتوسط على الطابع الخلقي والتهذيبي، سيتم التركيز في المستوى الثانوي على الجانب التكليفي ولذلك تمّ تغيير التسمية من مادة “التربية الإسلامية” إلى مادة “العلوم الإسلامية”،  ويبدو من خلال مقارنة عامة بين برامج المتوسط والثانوي غياب التكرار في الموضوعات المتناولة ويرجع السبب إلى أن نواة مؤلفي الكتب المدرسية لم تتغير مما حال دون أي تكرار أو تناقض. ستهتمّ كتب العلوم الإسلامية الثلاثة الخاصة بالثانوي، وبناء على ما جاء في مقدماتها، على ملفات يتكرر بعضها من سنة لأخرى لكن مع اختلاف في موضوعات كل منها ويبدو من خلال استقراء عام لعناوين الملفات أن هناك هاجسا أساسيا يحكم صياغة هذه المحتويات هو “كيفية إدماج القيم العالمية والإنسانية في منظومة القيم الدينية وخاصة في بعدها الجماعي من جهة وكيفية الاستفادة من القيم الدينية التراثية في بناء قيم جديدة من جهة أخرى ” حيث يبدو التركيز في الملفات الأولى من كل كتاب مدرسي على القيم الدينية المتعلقة بالعقائد والعبادات والمعاملات الأسرية والاجتماعية لينتقل الاهتمام بعد ذلك إلى موضوعات حديثة متعلقة بالمجالات الاقتصادية والإعلامية والتواصلية والبيئية والصحية والفنية والجمالية.

كتاب المنير في العلوم الإسلامية: وهو خاص بالسنة الأولى ثانوي،  كتاب من الحجم المتوسط عدد صفحاته 191 صفحة،  يحتوي على 10 ملفات تغطى سنويا من خلال ساعة واحدة أسبوعيا بالنسبة للأقسام العلمية وساعتين بالنسبة للأقسام الأدبية. تطلق تسمية “الهدي” على الموضوعات المتعلقة بالقرآن والسنة النبوية وتطلق تسمية “الدراسات” على الموضوعات المتعلقة بالسيرة النبوية وتسمية “القيم” على الموضوعات الأخرى الاجتماعية والحديثة. نجد أن هناك 05 ملفات ارتبطت بالموضوعات “التقليدية” للعلوم الدينية هي: من هدي القرآن، من هدي السنة، القيم الإيمانية والتعبدية، القيم الاجتماعية والأسرية والدراسات في السيرة النبوية و05 ملفات مرتبطة بما أطلقت عليها قيما عالمية حديثة وهي القيم الفكرية والعقلية، القيم الاقتصادية والمالية، القيم الإعلامية والتواصلية، القيم الصحية والبيئية والقيم والفنية والجمالية.

كتاب الواضح في العلوم الإسلامية: خاص بالسنة الثانية ثانوي، كتاب من الحجم المتوسط يصل عدد صفحاته إلى 127 صفحة،  يحتوي على 05 ملفات اعتمدها كتاب السنة الأولى ثانوي لكن مع تغييرات في الموضوعات المتناولة داخل كل ملف، إذ نجد أن هذا الكتاب يبقي على الملفات التالية: من هدي القرآن، من هدي السنة، القيم الإيمانية والتعددية، القيم الأسرية والاجتماعية والقيم الإعلامية والتواصلية. ومن الإضافات التي نجدها في كتاب الواضح في العلوم الإسلامية والتي عدت مهمة لدى المشرف على تأليف الكتاب من خلال ما جاء في المقدمة الموقعة باسمه حيث يقول : “فقد أدرج التفسير الموضوعي دراسة النصوص الشرعية بدلا عن التفسير التحليلي، وأضيفت أحكام تلاوة القرآن حتى يتمكن المعلم من النطق الصحيح للقرآن الكريم ويتضمن المنهاج مجموعة من الأحاديث النبوية. كما يقوم المتعلم بتحليل بعض الوثائق التنظيمية التي صدرت في زمن الرسول (ص) من خلال التفاعل مع المواقف والخبرات الحياتية المختلفة بحيث تمكنه من اختيار أهداف وتوجهات لحياتيه تتفق مع إمكانيته”. إضافة إلى ذلك أن من أهم ما أشير إليه في هذا الكتاب تاريخ المذاهب الفقهية في الملف الثالث أي القيم التعبدية، وإلى خطر التطرف على الدين وعلى المجتمع على حد سواء بالنسبة للملف الخامس أي القيم الإعلامية والتواصلية.

كتاب المفيد في العلوم الإسلامية: خاص بكل شعب السنة الثالثة ثانوي هو كتاب من الحجم المتوسط عدد صفحاته 207 صفحة ويحتوي على 07 ملفات، 06 منها قد تمّ التطرق إليها في السنوات الأولى والثانية مع اختلاف في الموضوعات المتناولة ونعني بذلك: ملف من هدي القرآن، من هدي السنة، القيم الإيمانية والتعبدية، القيم الإعلامية والتواصلية، القيم المالية والاقتصادية والقيم الاجتماعية والأسرية. إضافة إلى ذلك تمّ إدراج ملف جديد لم يتناول من قبل وهو ملف القيم الحقوقية حيث تمّ التطرق فيه إلى موضوعين هما “حقوق الإنسان في مجال العلاقات العامة والتعامل الدولي” و”حقوق العمال وواجباتهم في الإسلام”. كما أضيف في نهاية الكتاب عدد من النصوص تصل إلى 11 نصا وظيفتها حسب المشرفين عليه “الدعم والاستثمار يستعين بها الأستاذ والتلميذ”وهذه النصوص هي:

1-وثيقة العهدة العمرية أي نص المعاهدة التي تمّت بين أهل فلسطين والمسلمين في عهد عمر سنة 651م.

2-ضرورة الاجتهاد والتجديد في الإسلام، من خطاب رئيس الجمهورية في أحد الملتقيات حول الفكر الإسلامي نظم في مارس 2002.

3-شخصية المسلم الصحيحة لمحمد الصالح صديق من كتابه “الدروب الحمر”.

4-أيها المسلم الجزائري، مقال للشيخ عبد الحميد ابن باديس في جريدة الشهاب.

5-الحرب في الإسلام، للدكتور مصطفى أبو الخير، الخبير في القانون الدولي.

6-الصحة النفسية في منظور القرآن للأستاذة منى محروس، أخصائية في علم النفس.

7-حقيقة المسيح كما ذكره القرآن، نقلا من الأنترنت عن موقع منتدى البوابة.

8-الحقوق المالية للمرأة في الإسلام، كتبه خلف بن سليمان النمري (بدون تعريف المؤلف).

9-الإسلام يجمع بين متطلبات الروح والدين، للشيخ الطاهر بدوي الجزائري.

10-إنيّة وأصالة بقلم مولود قاسم نايت بلقاسم وزير الشؤون الدينية سابقا.

11-الأوقاف العقارية بفحص الجزائر في أواخر العهد العثماني، لناصر الدين سعيدوني، مدير سابق لمعهد التاريخ بجامعة الجزائر.

مميزات الخطاب الديني في كتب العلوم الإسلامية، بعض العناصر للنقاش:

إن محاولة أولية لتحليل محتوى كتب العلوم الإسلامية في مختلف مستويات التعليم الثانوي تحيل إلى التساؤل حول طبيعة وخصائص الخطاب الديني الذي تتضمنه محتويات تلك الكتب في علاقتها بإشكالية المعرفي والإيديولوجي، بتعبير آخر، هل نحن أمام خطاب تنشئة دينية تربوية قائم على الإدماج القيمي والأخلاقي أم نحن أمام خطاب تنشئة أيديولوجية يقوم على محتوى تعبوي تجييشي يحمل بين طياته حمولة عاطفية؟ هل نحن أمام خطاب تربوي هدفه المضمون المعرفي والكفاءة السلوكية أم خطاب سجالي لا يهم فيه المضمون المعرفي بقدر ما يهم فيه المنطلق الذي على المضمون أن يخدمه كي يطوَع عقل المتعلم وفق منطقه؟

إن أول ما يلاحظ على الموضوعات التي تتضمنها محتويات كتب العلوم الإسلامية الثلاثة هو أننا لسنا أمام محتوى ديني كما نجده في المؤسسات الدينية التقليدية مثل الجامعات الإسلامية العتيقة أو مدارس تكوين الأئمة أو الزوايا بحيث يكون تصنيف العلوم الدينية تصنيفا كلاسيكيا يشمل أنواع المعرفة الدينية التقليدية من قرآن وحديث وتفسير وقراءات وسير وغيرها، فمحتوى كتب العلوم الإسلامية في الثانوي “خطاب جديد حول الدين” لا يمكن تصنيفه ضمن محتويات العلوم الدينية التقليدية الأمر الذي يجعلنا نصوغ السؤال التالي: ماهي معالم ومميزات هذا الخطاب الجديد حول الدين؟

يبدو من خلال تشخيصنا الأولي أن محتوى الخطاب الديني الذي تتضمنه هذه الكتب تحكمه ميزتان أساسيتان تحيلان إلى طغيان المحتوى النفعي التعبوي المنفعل وإلى خطاب هوياتي فيه كثير من الأداتية في تناول التراث الديني ، والميزتان هما: الأولى أنه خطاب تبجيلي والثانية أنه خطاب مرتبك ملتبس وانتقائي.

1-خاصية التبجيل:

حاولت ملفات كتب العلوم الإسلامية في التعليم الثانوي أن تقدم صورة شمولية للدين الإسلامي ليس باعتباره دينا للعبادات والحياة الخاصة بل باعتباره نظام حياة وبأنه يرتبط بالواقع الاجتماعي الراهن ويتفاعل مع المشكلات العالمية المطروحة اليوم في مختلف مستوياتها سواء تعلق الأمر بالحياة الفردية أو الأسرية أو الاقتصادية أو السياسية المحلية أو الدولية، وأنه دين يساهم في التنمية ويتعايش مع الأديان والثقافات الأخرى وأنه دين يتضمن كل القيم والمعان التي توصلت إليها الخبرة الإنسانية في العصر الحديث (أنظر موضوع القيم في القرآن الكريم، ص 25-34، موضوع العمل والإنتاج في الإسلام ومشكلة البطالة ص 40، موضوع الإسلام والرسالات السماوية، ص 58-69).

يحاول خطاب الشمولية هذا أن يقدم صورة مميزة مثالية للقيم الفردية والأسرية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية والحقوقية والسياسية باعتبارها كفاءات مستهدفة من قبل منهاج العلوم الإسلامية على أساس أنها موجودة كلها في الدين الإسلامي من قبل، حيث جاء في مقدمة موضوع حقوق الإنسان في مجال العلاقات العامة والقانون الدولي كتاب السنة ثالثة ثانوي مايلي :إن مقياس تقدم الدول ورقيها هو مقدار ما تراعي حقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهذه الوثيقة الدولية التي لم يمض على إعلانها سوى نصف قرن، في حين أقرَّ الدين الإسلامي ماهو أوسع وأشمل من هذه الحقوق قبل أكثر من 1400 سنة.( المفيد في العلوم الإسلامية ص 162)، وأن هذه القيم الإسلامية التي من المفترض أن تسود في المجتمع الجزائري مختلفة تماما عن القيم غير الإسلامية (أنظر مقدمة موضوع جدلية الحقوق والحريات المدنية في القرآن الكريم، كتاب السنة ثانية ثانوي ص 33-35، موضوع الحديث الثالث: الغزو الثقافي وخطره على المجتمعات ص 44-45)، فقيم الأسرة المسلمة متميزة والنظرية السياسية ونظرية العلاقات الدولية الإسلامية مختلفة عن النظريات الأخرى، والنظرية الاقتصادية الإسلامية لها خصوصياتها.

يبدو أننا في مختلف الموضوعات المتعلقة خاصة بعلاقة الإسلام بالقيم الحديثة أمام خطاب ديني يجعل من الشمولية خاصية لا حدود لها لكن من خلال خطاب محدود مشحون بعاطفة المدح والتبجيل والتضخيم لمحتويات التراث الديني ومحاولة وضع كل مناحي الحياة الاجتماعية الحديثة في حقل تحكم الخطاب الديني باعتباره خطابا يحمل كل الإجابات على كل الأسئلة بدون أن يترك أي مجال للمتعلم لأن يضع النصوص الدينية في سياقاتها التاريخية والاجتماعية وهي تتناول الموضوعات المختلفة.

إن خطاب التبجيل والمدح القائم على آلية التقديس والذي يحكم جلّ موضوعات الكتب المدرسية للعلوم الإسلامية المتعلقة بالحياة الاجتماعية والقضايا الاقتصادية والسياسية خطاب يتضمن سطحية جلية ويتأسس على منطق ثنائي يقابل بشكل تبسيطي بين الثنائيات المختلفة كالصحيح والخاطئ، الأنا والآخر وهو ما يحول دون تفتّح عقل المتعلم في تناول واقعه الاجتماعي المعقّد، ذلك أن المنطق الثنائي وخصوصا إذا ما كان مشحونا عاطفيا سيحدّ من إمكانات التحليل أمام العقل هذا ناهيك عن عدم تمكينه من التمييز بين الدين والأيديولوجية الدينية.

2-خاصية الالتباس والارتباك والانتقائية:

يبدو الخطاب الديني المدرسي في المستوى الثانوي خطابا مرتبكا ملتبسا من جهة وانتقائيا من جهة أخرى وهذه ميزة كل خطاب مشحون بحمولة عاطفية تعبوية، وكمثال جلي على ميزة الارتباك ما نجده في كتب المستويات الثلاثة حول علاقة المسلمين بغيرهم من أهل الأديان والثقافات الأخرى، حيث نجد موضوعات تصيغ خطابا حول الأخوة والصداقة والحرية والتسامح والتعايش مع الآخر من جهة وموضوعات تحيل إلى خطاب يحذر من “خطر الغزو الثقافي وتقليد الأديان الأخرى” من جهة أخرى.

فنجد في كتاب السنة أولى ثانوي موضوعا في ملف القيم الإعلامية والتواصلية عنوانه: “الإسلام يدعو إلى التعايش السلمي” (ص 147-151)، وفي كتاب السنة الثانية ثانوي موضوعا آخر في ملف هدي القرآن عنوانه “جدلية الحقوق والحريات المدنية في الإسلام” (ص 32-35) تمت الإشارة فيه إلى وقائع عملية للرسول (ص) في تعامله مع أهل الأديان ومن أمثلة ذلك زواجه من ريحانة “الجارية اليهودية”. ونجد هذه المعاني أيضا في كتاب السنة ثالثة ثانوي وبشكل أوضح من خلال موضوع “الإسلام والرسالات السماوية” حيث تم التطرق فيه إلى فكرة وحدة الرسالات السماوية أي الإسلام، المسيحية واليهودية  إذ نجد على سبيل المثال ما نصه “إن الرسالات السماوية تشكل وحدة متلاحمة وجوهرا مشتركا وثابتا يتمثل في توحيد الله” (ص 350)، كما يحيل الكتاب إلى فكرة أخوة الأنبياء والرسل والتي تقتضي أخوة أتباع هؤلاء الرسل والابتعاد عن أي نزاع بينهم”الأنبياء تشدهم أواصر المحبة والأخوة والاجتماع على الحق والسعي من أجل إرساء مجتمع فاضل” (ص 58) ، كما “أن أخوة الأنبياء والرسل تقتضي أخوة الأتباع والابتعاد عن أي نزاع لأن الإخلال بذلك يعد إخلالا بالميثاق الذي أخذه الله تعالى على النبيين بأن يصدِق بعضهم بعضا” (ص 58).

وتأكيدا لهذا المنحنى التسامحي، تمّ التطرّق أيضا إلى موضوع آخر في الكتاب نفسه بعنوان “العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغيرهم” (ص 146) حيث تم التركيز فيه على أهمية احترام الاختلاف بين الأديان، حقوق غير المسلمين في بلد الإسلام وكان التركيز هنا على حق الحماية، التأمين عند العجز والفقر، حق التدين، حق العمل وحق تولي وظائف الدولة إلاّ “ما غلب عليه الصبغة الدينية كالإمامة ورئاسة الدولة والقيادة في الجيش والقضاء بين المسلمين والولاية على الصدقات ونحو ذلك”  (ص 149).

إضافة إلى ذلك كان التطرّق إلى الموضوع نفسه في آخر ملف من ملفات كتاب السنة الثالثة أي ملف القيم الحقوقية حيث تمّت الإشارة فيه إلى موضوعات من مثل “المساواة في الأخوة الإنسانية” (ص 169) و”الاعتراف بالتعددية الحضارية والثقافية والسياسية والعقائدية” (ص 170) وصولا إلى نتيجة بأن “السلام العالمي هو الهدف النهائي من النظرية الإسلامية في العلاقات الدولية” (ص 171).

لكن، أمام هذا الخطاب المؤيد للصداقة والاختلاف والتعايش بين الأديان نجد منحى مغايرا تماما في موضوع “الغزو الثقافي وخطره على المجتمعات” (ص 44) من كتاب السنة الثانية ثانوي من خلال تناول موضوع  يشير إلى  “عدم تقليد الأديان السماوية الأخرى” باعتبارها تشكل خطرا على الدين والمؤمنين بهذا الدين، على الرغم من أن الموضوع جاء في سياق تثبيت الهوية الدينية الذاتية.

وأما عن منطق الانتقائية فيبدو جليا من خلال محاولة تبرير الشمولية في سياق الخطاب التبجيلي الذي سبقت الإشارة إليه حيث نجد في معظم الدروس والملفات المتعلقة بعلاقة الإسلام بالقضايا المجتمعية الحديثة محاولة للاستخدام الأداتي الانتقائي للنصوص التراثية والمعاصرة حيث تعرض في شكل مجزّأ ومبتورة عن سياقها الذي ذكرت فيه من أجل هدف تبريري عاجل. ولعل أدلّ على ذلك استخدام عدد من الآيات والأحاديث النبوية “لتأصيل” قيم الحفاظ على البيئة أو القيم السياسية أو الاقتصادية أو الإعلامية مثل ربط نهي الرسول (ص) عن البصاق على الأرض بموضوع “مكافحة التلوث” ( كتاب السنة الأولى ص 161) أو ما جاء في موضوع ما عنوانه “الظاهرة السكانية في القرآن الكريم” (كتاب السنة الثانية ص 28) حيث يبدأ موضوع الدرس بذكر عدد من الآيات حول دعاء زكرياء بأن يرزقه الله بالذرية أو آية (كل نفس ذائقة الموت) أو الآية 15 من سورة الملك (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)، ثم تأتي عناصر الموضوع كالتالي: “التنمية البشرية بين الكم والكيف” ، “إذا كان القرآن يدعو إلى التنمية البشرية في إطار الكم فليس معنى هذا أن الكم هدف في ذاته”، “القرآن والعمليات السكانية الأساسية، المواليد، الوفيات، توجيه القرآن إلى عمارة الأرض بطريقة مستدامة”.

ومن أهم مظاهر منطق الانتقائية هذا هو تعامل الكتب المدرسية مع المذهب الإباضي  (وهو مذهب ديني إسلامي عقائدي وفقهي تعتنقه طائفة بالجزائر هي بني ميزاب بمدينة غرداية وما جاورها من مناطق وادي بني ميزاب بالجنوب الشرقي الجزائري) حيث تمت الإشارة إليه في موضوع “المدارس الفقهية وتطورها” من كتاب السنة ثانية ثانوي ص 84  كمذهب فقهي وليس كمذهب عقائدي أو مع التعريف بأبرز شيوخه ويبقى هذا المذهب وفق منطق الكتاب المدرسي مصدر “ثروة تشريعية” وليس ثراء عقائديا. يبدو أن مؤلفي الكتاب المدرسي يتسامحون مع الاختلاف الفقهي ولا يتسامحون مع الاختلاف العقائدي وتلك في تصوري إحدى أهم أسباب هذه الانتقائية الجلية.

ولعل أدل على ذلك أيضا الغياب الكلي للخطاب الصوفي  في كل الكتب المدرسية موضوع الدراسة على الرغم من أن التصوف الشعبي ظاهرة واقعية في المجتمع الجزائري (لابد من الإشارة إلى أن الخطاب الصوفي سيجد بعض الحيز في كتاب الفلسفة للسنوات الثانية والثالثة ثانوي من خلال الإشارة إلى كتب الغزالي والشيخ يوسف السنوسي التلمساني)، كما نسجل غيابا كليا لأدنى إشارة إلى المذهب الشيعي. إن هذا يحيلنا إلى مجال من مجالات المسكوت عنه في الخطاب الديني المدرسي وهو ما يتعلق بموضوع “التعدد على مستوى الآراء العقائدية والسياسية في التراث الديني “.

خاتمة:

من خلال هذه القراءة الأولية أتصور أن مضمون الخطاب الديني الذي تتضمنه الكتب المدرسية للعلوم الإسلامية في مختلف مستويات التعليم الثانوي اليوم لا يخلو من عناصر تعبوية تجييشية تقوم على منطق تبجيلي، انتقائي ومرتبك أحيانا، بما يؤدي إلى كثير من الضبابية في دلالات ومضامين الهوية الدينية التي تستهدف المدرسة العمومية تنشئة الأجيال عليها،  ذلك أن أساس هذا الخطاب مثلما يبدو من عناوين ومضامين جل الموضوعات المتناولة هو “الدفاع عن القيم الدينية ضد عدو مفترض”. هذا النوع من الخطاب التعبوي إضافة إلى ما يطرحه من مشكلات بيداغوجية وتربوية انطلاقا مما يتضمنه من عنصر “التقديس” في تناوله للمعارف الدينية وتعامله مع المعارف الحديثة، فإنه يطرح مشكلات معرفية لعل أهمها غياب الوضوح من الناحية الإبستمولوجيةفي تناول قضايا لها أهميتها في التعليم الديني والتناول العلمي لموضوعات ذات علاقة بالهوية الدينية منها قضية الإيمان والمعرفة، مسألة الحدود بين ما هو عالمي وما هو خصوصي في الدين، الفرق بين الأسطورة والتاريخ، الفرق بين الأخلاق والمعرفة وغيرها من القضايا.  كما أن الطريقة التبريرية التبجيلية المميزة لطبيعة الخطاب الديني الذي تنشره المدرسة الجزائرية ستؤدي إلى مشكلة أخرى هي توسيع الهوة بين مادة العلوم الإسلامية وباقي المواد الأخرى، باعتبار أن هذه الطريقة تؤدي إلى ترسيخ منطق “عدم وجود تشاركية وتكامل بين العلوم الدينية والعلوم المدنية” وأنه خطاب يضع تمييزا بين “معرفة الحاضر ومعرفة الماضي أي ما يتعلق منه بالعلوم الدينية” بل سيجعل من معرفة الماضي مصدرا كافيا ونهائيا لمعرفة الحاضر وهو ما سيزيد من تعميق خطاب الأيديولوجية الدينية أو على الأقل عدم تمكين المتعلم وفق هذا الخطاب الانتقائي، المرتبك المركب، والمشحون في آن واحد من أدوات التمييز بين الدين والأيديولوجية الدينية.

المراجع:

الكتب المدرسية المستخدمة:

1-      صاري ، محمد ( إشراف)، “المنير في العلوم الإسلامية” خاص بالسنة الأولى ثانوي لكل الشعب، الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية ، الطبعة الأولى ، الجزائر ، سنة 2006.

2-     صاري، محمد ( إشراف)،  “الواضح في العلوم الإسلامية” خاص بالسنة الثانية ثانوي لكل الشعب، الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية ، الطبعة الأولى ، الجزائر ، سنة 2007.

3-     صاري، محمد ( إشراف)،  “المفيد في العلوم الإسلامية” الخاص بالسنة ثالثة ثانوي لكل الشعب، الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، الطبعة الأولى، الجزائر ، سنة 2008.

مراجع أخرى:

1-Loi d’orientation de l’éducation nationale du 27 janvier 2008.

2- Benbouzid  B. ( 2009), La réforme de l’éducation en Algérie, enjeux et réalisations, Alger (Algérie), Casbah éditions.

3-Fondation du Roi Abdu-Aziz & la Fondation Konrad Adenauer.(2004), Enseigner  la religion aujourd’hui ? Actes de colloque, Casablanca (Maroc).

4-Toualbi-Thaâlibi, N. & Tawil, S. (Dir.). (2005), L’école à l’épreuve du nouveau monde, Alger (Algérie), Casbah éditions.

[1]في البداية كان النقاش حول إمكانية فتح سوق كتابة ونشر الكتب المدرسية أمام دور النشر الخاصة بما   يفتح المجال أمام تعدد المؤلفين ومحتويات الكتب وشكل الطبعات.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى