دراسات اقتصادية

حشيش القنب الهندي ثروة الاقتصاد اللبناني

 تشهد الأوضاع الاقتصادية اللبنانية مؤخرا انتعاشه في ميزانيتها العمومية. إذ بعد اكتشاف مجموعة من حقول الغاز بالبحر الأبيض المتوسط والإقبال المتزايد على الحجوزات السياحية كلها تمثل بشائر خير وعوائد مالية بالعملة الأجنبية للاحتياطي بالبنك المركزي اللبناني. أيضا يمثل البدء في مشروع قانون يشرع زراعة حشيش القنب الهندي بالأراضي اللبنانية أهم مكسب مالي يحقق مداخيل مالية محترمة متأتية بالأساس من الزراعة.

و للتعريف بالقنب الهندي هو نوع من الحشيش المخدر المسمي بالكيف و التي تعتبر زراعته و ترويجه ممنوعة في بعض الدول العربية. إلا أنه يحظى في الدول المتقدمة بمكانة مرموقة استهلاكا وتجارة وتروجا وفقا للقانون. إذ شرعت أغلب الدول الأوروبية تجارة الحشيش المعروفة بالقنب الهندي من خلال الترخيص لفتح العديد من المتاجر لبيع هذا النوع من المخدر الحيوي نظرا لتزايد الإقبال الكبير للمواطنين علي شراء هذا النوع من الكيف.

 كما أن معظم ولايات أمريكا صادقت علي قانون يشرع تجارة و استهلاك القنب الهندي وفقا للبيع بكمية لا تتعدي 100غ للشخص الواحد. بالنتيجة تزايد استهلاك هذه النبتة في أغلب الدول المتقدمة وفي  المقابل يجب توفير المنتوج في الأسواق الأمريكية و الأوروبية بالطرق القانونية حتي تتم عملية الترويج في الظروف الملائمة طبقا لما صرح به المشرع القانوني. وأخيرا صادق البرلمان البريطاني علي تداول هذا الحشيش المخدر بأسواقها المحلية و هذا يأتي تعزيزا لانتشار ظاهرة المخدرات المنعشة و المعروفة بالكيف في جميع أرجاء العالم. بالتالي يمثل هذا الاستثمار ازدهار مالي يفتح الأفاق للتجار و المروجين بتحقيق ثروة طائلة تعود بالمنفعة بالأساس للدول المنتجة لهذه النبتة. إذ برزت علي الصعيد العالمي العديد من المصانع المنتجة لسجائر القنب الهندي و التي تصنف ضمن منتجات التبغ و الدخان، كذلك تستعمل هذه النبتة في إنتاج بعض الأدوية خاصة منها المضادات للأمراض العصبية أو غيرها نظرا لما تحتوي عليه من منافع صحية. علي الرغم من كل هذه الميزات المتوفرة في هذه النبتة و العوائد المالية التي يمكن استغلالها لتحقيق أرباح بالطرق الشرعية, إلا أن بعض الدول العربية تجرم إنتاجها و تروجيها و تزج بمزارعيها في السجون و تحرق المحاصيل كلها سنويا.

إذ في هذا الإطار و نظرا لتواجد العديد من الأراضي الزراعية الشاسعة اللبنانية لخامس منتج للقنب الهندي علي الصعيد العالمي صرح مؤخرا البرلمان اللبناني قانون يجيز بإنتاج هذا الحشيش المخدر و توجيهه بالأساس للأسواق العالمية خاصة منها الأوروبية و البريطانية و الأمريكية. إن زراعة هذه النبتة تعد المصدر المالي و الرزق الأساسي لعديد المزارعين اللبنانيين و هي تمثل لهم المنتوج الوحيد الذي يتأقلم مع نوعية التربة و المناخ خاصة “بالبقاع و عكار”. كما تشهد تلك المناطق إنتاج كميات مهولة من محاصيل القنب الهندي بحيث لا يمكن استغلال تلك الأراضي للزراعات الغذائية الأخرى نظرا للظروف المناخية والمائية.

أن نبتة القنب الهندي لا تستهلك كميات كبيرة من الماء و محاصيلها تسقي بالأمطار مثل منتوج القمح في بعض الدول. إذ يمثل القانون الجديد لإنتاج حشيش القنب الهندي المعد للتصدير ووضعه بالدرجة الأولي ضمن قائمة الصادرات كمواد تبغ و أدوية طبيعية يمثل حاليا الأولوية للحكومة اللبنانية لتجديد نمط الإنتاج الزراعي المحلي. كذلك تسعي الحكومة لتنمية هذه الزراعة من خلال التعاقد مع المزارعين لبيع جميع المحاصيل للدولة ضمن اتفاق قانوني يحد من ترويجها داخليا أو الإستثراء بها في الأسواق الغير شرعية والمعروفة بالسوداء. إذ تمثل الدولة اللبنانية هنا الوسيط بين المزارعين المحليين والمستهلكين  الأجانب و خاصة منها التعاقد مع مصانع التبغ و الدخان بالأسواق العالمية و المراكز الصحية التي تشرع بيع و استهلاك هذا المنتجات المخدرة. بالإضافة لذلك تسعي الحكومة اللبنانية إلي تحسين مكانتها العالمية في إنتاج القنب الهندي من المرتبة الخامسة عالميا إلي المرتبة الأولي و التي تحتلها حاليا دولة بوليفيا أكبر منتج و مصدر لنبتة القنب الهندي. كما أن هذا الحشيش اللبناني يعد من أجود الأنواع المخدرة عالميا مقارنة مع الماريخوانا أو الحشيش البوليفي نظرا لطبيعة المناخ الذي يتأقلم كثيرا مع هذه النبتة خاصة بمنطقة البقاع و عكار.

أما بخصوص العوائد المالية فإنتاج هذه النبتة يحقق للخزينة العامة اللبنانية 500 مليون دولار سنويا أرباح من بيع القنب الهندي و من المتوقع في حالة إحتكار الدولة بالطرق القانونية و التعاقد مع جميع الأطراف من مزارعين و مزودين بالدول الأوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا يمكن تحقيق أرباح مالية تفوق 2 مليار دولار سنويا. هذا الإنتاج الزراعي سيحول لبنان لأول منتج و مصدر لحشيش القنب الهندي عالميا و بالتالي يحقق انتعاشه في ميزانية الدولة. إن التخصص الزراعي و تنمية هذا المنتوج خاصة في الأراضي الغير صالحة للزراعات الغذائية مع التقييد بالقانون و احتكار الدولة للسوق كوسيط بين المزارعين و الدول الأجنبية قصد تسهيل عملية التصدير و تحقيق مكاسب مالية شرعية ضمن الإطار القانوني للاقتصاد الوطني اللبناني.

عموما تكون النتائج إيجابية على الاقتصاد اللبناني على جميع المستويات منها أولا استغلال الأراضي الشاسعة المهملة ووضع جميع المزارعين في الإطار القانوني قصد مكافحة التجارة في الأسواق السوداء مما ينعكس إيجابيا علي التنمية الزراعية و علي موارد الدولة المالية. ثانيا تقليص نسبة البطالة وتحقيق نمو اقتصادي مرتفع مع تقليص نسبة التضخم خاصة من خلال تقليص العجز في الميزان التجاري وتحفيز الصادرات نحو الدول الأجنبية وبالتالي الاستفادة من العملة الأجنبية خاصة باليورو و الدولار، هذا ما يحقق تغطية كبيرة بالبنك المركزي للاحتياطي بالعملة الأجنبية. ثالثا العوائد المالية من الصادرات لهذا الإنتاج الزراعي له انعكاسات إيجابية كبري على الأسواق المالية والمصرفية المحلية من خلال تعزيز السيولة وأيضا الرفع من الناتج المحلي الخام.

بقلم فؤاد الصباغ باحث اقتصادي دولي

 

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى