نظرية العلاقات الدولية

حوار المنظورات في العلاقات الدولية

تمثل كل من الحروب و المؤتمرات الدولية، الدبلوماسية الألعاب الأولمبية، الجوسسة، التجارة، الهجرة، السياحة،الثورات العنيفة…الخ، ظواهر تنتمي إلى العلاقات الدولية هذا التخصص الذي تطور في الولايات المتحدة الأمريكية.

لقد كانت العلاقات الدولية تدرس قبل الحرب العالمية الأولى بمفاهيم مختلفة كالحقوق و الفلسفة و التاريخ، بحيث سجل المؤرخون مضمون الدبلوماسية و الإستراتيجية، و أول الحقوقيون الاتفاقيات و السلوكات القانونية، و خاصة الفلاسفة في مواضيع الطبيعة الإنسانية و الحرب و السلم و العدالة.

– لقد أثبتت الحرب العالمية الأولى هشاشة الدبلوماسية التقليدية الأوروبية كوسيلة للمحافظة على النظام العالمي، و بعد أربع سنوات من العنف و عشرين مليون ضحية طالب الرأي العام العالمي ترك الحرب كوسيلة في يد الدول و تحقيق بدلها نظام أمن جماعي Global System of Collective Security من شأنه الحد من أطماع المعتدين، و لقد تم التعبير عن هذا الموقف من طرف الرئيس الأمريكي وودرو ولسن (woodrow Wilson) الذي قال عن الحرب العالمية الأولى ” الحرب التي تنهي الحرب” (war to end war ).

– إن ظهور الو.م.أ كقوة عالمية في العشرينيات و لها مسؤوليات دولية تشجع تدوين مادة العلاقات الدولية في الجامعات الأمريكية كموضوع مستقل بذاته. و نتيجة لتوابع الحرب العالمية الأولى فقد اتبع الأساتذة منهجا قانونيا أخلاقيا ( legalistic- moralist ) أي مثاليا (Idealist ) و اعتبروا الحرب:

1- كحادث و هذا بسبب غياب مؤسسات دولية فعالة في تقديم بدائل أخرى.

2- كذنب لأنها تدل على الجانب الظلامي من طبيعة الإنسان و الذي يجب الحد منه قدر الإمكان.

هكذا بدا أن بديل الحرب هو الحكومة العالمية (World government ) التي تمتلك القدر الكافية من الشرعية و القوة لحل النزاعات بين الدول، و أصبحت فكرة الفدرالية (Federalism ) المطبقة في الولايات المتحدة الأمريكية كرمز لإمكانية تحقيق العقلانية ( rationality) و النظام العالمي ( world order) محل الفوضى و الحرب و ميزان القوة.

للأسف لم يستمر هذا العالم بحيث جاءت السياسات التوسعية النازية و العسكرية اليابانية في الثلاثينيات كضربة قوية للإتجاه المثالي في بحثه عن السلم بواسطة مؤسسات فوق وطنية ( Supranational institution ) و اندلعت الحرب العالمية الثانية و التي قضت على هذا العالم.

بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت مجموعة جديدة من الباحثين الذين قرروا ألا يسقطوا في شباك مثالية لها من القوة و السحر ما منع آباءهم من التنبؤ بنوايا الدكتاتوريات و بالتالي مواجهتها، و سمى هذا الاتجاه نفسه بالاتجاه الواقعي ( Realism ) الذي أصبح أقوى مدرسة في العلاقات الدولية في مرحلة الخمسينيات، تعتمد على مبدأ سياسات القوة كطريقة للحفاظ على الأمن العالمي.

بعد ذلك ظهرت مجموعة من دارسي السياسة الأمنية الوطنية التي أشارت إلى ضعف مصطلح “سياسة القوة” (Power politics ) و عدم دقته و كذلك عدم صلاحيته كموجه فعال لكل من التحليل الأكاديمي و العمل السياسي، و راحت تبحث عن مبادرة جديدة ذات طابع علمي بإمكانها أن تتلاءم و حاجيات ” القوة ما بعد الصناعية” ( post-industrial power ) ( أي الولايات المتحدة الأمريكية) التي تمتلك من الإمكانيات و المسؤوليات الشيء الكثير.

في منتصف الخمسينيات رفضت هذه المقاربة كلا من ” المثالية” و “الواقعية ” و سمت نفسها بـ” السلوكية” (Behaviorism) و هذا اعترافا منها بطرق البحث (methods ) و النتائج ( Findings ) التي توصلت إليها العلوم السلوكية كعلم النفس الاجتماعي، و علم الاجتماع السياسي، و لقد اعتبر السلوكيون أن النظرة التقليدية Traditionalist للسياسة الدولية ( سواء اعتمدت على القانون أو على القوة) لا تعدو أن تكون سوى قاعدة لبناء علم حقيقي للعلاقات الدولية. و كانت هذه هي بداية النقاش بين المدافعين عن المقاربة العلمية (Scientific approach ) (السلوكية) و المدافعين عن المقاربة التقليدية ( دراسات تاريخية أو قانونية).

المقاربة التقليدية/ السلوكية في العلاقات الدولية:

Traditionalists:

R.Aron / E.Carr / Inis Claude / Richard Falk / John Herz / Stanley Hoffmann / George Kennan Henry Kissinger / Hans Morgenthau / Reinhold Niebuhr / Frederick Schuman /

Nicholas Spykman / Kenneth Waltz / Arnold Wolfers.

Behavioralists:

John Burton / Karl Deutsch / David Easton / Johan Galtung / Harold Guetzkow/ Ernst Hass /

Morton Kaplan/ Herbert Kelman / James Rosenau / Bruce Russett/ David Singer / Richard Snyder

يرى التقليديون أن العلاقات الدولية هي دراسة أنماط الفعل و رد الفعل فيما بين دول ذات سيادة متمثلة في نخبها الحاكمة،”International Relations is the study of patterns of action and reaction among sovereign states as represented by their governing elites” و عليه فإنه على طالب العلاقات الدولية أن يركز على نشاطات الدبلوماسيين و الجنود الذين ينفذون سياسات حكوماتهم. إن العلاقات الدولية بالنسبة إليهم مرادف لـ” الدبلوماسية و الإستراتيجية” ( strategy/diplomacy) و كذلك لـ” التعاون و الصراع” (cooperation/ conflict) و ببساطة يصبح هدف العلاقات الدولية هو دراسة السلم و الحرب. يرى هؤلاء أن دراسة العلاقات بين الدول مهما كانت صراعية أو تعاونية فإنها في النهاية ذات طبيعة متقلبة، فالعلاقات التي يطغى عليها الصراع تتضمن بعض عناصر المساومة (Bargaining) كما أن التعاون الدولي قد يعكس السيطرة العسكرية أو الاقتصادية لدولة على دولة أخرى.

يسلم التقليديون بوجود مجموعة من المتغيرات التي تؤثر على سلوكات الدبلوماسيين و العسكريين و منها الظروف المناخية، المكان الجغرافي، و الكثافة السكانية، و نسبة التعليم، و التقاليد التاريخية و الثقافية، صور إدراك الآخر، الظروف الاقتصادية، المصالح التجارية، القيم الدينية و الإيديولوجية ، الخرافات…إلخ، و كل محاولة لإدراك أسباب أي فعل حكومي و وضع هذه المتغيرات حسب ترتيب معين تعتبر عملية غير مجدية و كل ما يمكن أن تقدمه هو مجرد فرضيات هزيلة.

كل ما يهم التقليديين هو ملاحظة سلوكات الحكومات التي يدرسونها باستعمال مصطلحات مثل “ميزان القوة” (Balance of Power ) أو تحقيق المصلحة الوطنية ( The pursuit of national interest) ، أو دبلوماسية الحذر(Prudence).

هناك كتابات عديدة في مجال النظرية التقليدية مثل ( R.Aron ، S.Hoffmann ،Morgenthau …الخ. و تمثل هذه المدرسة” الواقعية السياسية” (Political Realism ) لمورغنثاو Morgenthau الذي يرى أنه من واجب الباحث الذي يتبنى هذه النظرية التنبؤ بأن سلوك أي دولة سوف يعكس الأفعال العقلانية للدبلوماسيين و العسكريين الذين يريدون تحقيق أكبر ربح لدولهم في حدود الحذر التي تمليها الحاجة للبقاء، و هكذا جعل من مصطلح” القوة” (Power ) التي عرفها على أنها “قدرة أي نخبة في سياستها الخارجية للسيطرة على أفكار و أفعال نخبة أخرى” Power is ” the capability of one foreign policy elite to dominate the thoughts and actions of another”. محور التحليل.

وتكمن صعوبة مصطلح القوة Power) ) في كونه يتضمن “التأثير” (Influence ) و هو علاقة سيكولوجية تحتوي على السيطرة ( psychological relationship of dominance ) و ترتكز على عوامل متعددة تبدأ من القدرة على الإقناع وصولا إلى القدرات النووية.

إن نفس إشكالية تعريف القوة تنجر على مصطلحات أخرى تستعملها النظرية التقليديةمثل ” المصلحة الوطنية” National Interest) ) ” ميزان القوى”، و التوازن ( Equilibrium ). فميزان القوى قد يعني المحافظة على الوضع الدولي الراهن ( status quo) لبعض الدول، كما قد يعني محاولة النظر فيه من طرف دول لا يخدمها الوضع الحالي. فما هو أحسن ميزان، هل هو الحالي أو المستقبلي؟ إن الإجابة مرهونة بالمكانة التي تحتلها كل دولة.

عندما نطلع على كتابات التقليديين و خاصةR.Aron و S.Hoffmann فإننا سوف نتأكد من شيء واحد و هو أن لا شيء مؤكد (uncertainty) . لقد ساهم الإثنان في إثراء العلاقات الدولية بتأكيدهما على عدم إمكانية عزل محددات خيارات السياسة الخارجية و لهذا فإن خطر الحرب في عالم مملوء بالمشاكل و الفوضى يدفع برجال السياسة إلى التأكد من الوسائل التي يملكونها في مقابل الحاجات الفيزيائية و السياسة و الثقافية التي تطلبها مجتمعاتهم.

باختصار لقد ساهم الباحثون التقليديون في رسم معالم بعض المقترحات العامة حول السياسة الدولية التي تساعد على شرح و إلى مستوى محدود على التنبؤ بردود أفعال النخب السياسية في السياسة الخارجية في حالة الأزمات.

لقد ساهم هؤلاء أيضا في اعتبار العلاقات الدولية على أنها “دراسة العلاقات التي تكاد أن تكون فوضوية بين الوحدات السياسية ذات السيادة”( I.R is the study of the nearly anarchic relations existent among sovereign political entities

و الملاحظ أن هذه الوحدات لا تعترف بأية سلطة فوقها و لهذا تلجأ إلى التهديد باستعمال العنف أو إلى شن الحرب من أجل حماية أو تدعيم ما تسميه مصالحها الحيوية.

يرى هؤلاء أن هدف علم السياسة هو دراسة” النظام” ( Order ) في توزيع الثروات السياسية داخل أنظمة سياسية تتسم بالاستقرار النسبي، أما علم العلاقات الدولية فهو دراسة “اللانظام” (Disorder ) داخل نظام سياسي دولي بدائي تنعدم فيه المساواة.

* لقد بدأ هجوم السلوكيين على التقليديين من هذه النقطة و هي تعريف مجال علم العلاقات الدولية و ميدان تدخله، فهم يعتبرون أنه لا يمكن حصر العلاقات الدولية داخل حيز علم السياسة أو اختصاص مستقل آخر، و يرون بدل ذلك أن علم العلاقات الدولية هو حقل من البحث تشترك فيه الكثير من العلوم (interdisciplinary filed ) و يؤكدون على المصطلحات و المشاكل “الدولية” في علم السياسة و التاريخ و كذلك في العلوم الاجتماعية و التجريبية و العلوم الطبيعية.

يجب القول أن كل من المدرستين السلوكية و التقليدية تعتمدان على التخصصات الأخرى ( interdisciplinary) بدرجات مختلفة لكن الاختلاف بينهما يكمن في أن الأولى تتخطى عدم دقة الثانية باستعمال التقنيات الكمية و بناء النماذج (Model building ).

لقد رأت السلوكية أن” النظريات” التقليدية غير واضحة (vague ) و شاملة ( inclusive ) و لهذا لا تستطيع تقديم تحليل واضح للسلوك السياسي الدولي، ثم إنها مطاطية و لا تحتمل الثبات أمام التحقق العلمي. يؤمن أصحاب المدرسة السلوكية بالطريقة التجريبية ( empirical method ) و المنهج الاستقرائي( inductive ) و اختبار الفرضيات، و التأكد من القواعد أو المبادىء بواسطة الملاحظة المتكررة ( repeated observation ) و الاختبار( Testing ) و كذلك بعملية تطبيق (operationalization) المصطلحات على الواقع أي بتلك العملية التي يمكن بواسطتها تحويل الأحداث إلى بيانات و معطيات (data) مما يسمح لباحثين آخرين من القيام بالملاحظة من جديد و التأكد من نتائجها و هذا ما يتطلب حسب وجهة نظر السلوكيين التمرن الجيد على تقنيات الإحصاء و علوم الكمبيوتر.

يعتبر السلوكيون أن المدرسة التقليدية لا تقدم الشيء الكثير منهجيا بل و لا تعدو أن تكون مجرد مقاربة تعتمد على الحكمة ( wisdom approach ) و يعتبرون أنه من الصعب التوصل إلى نظرية علمية شاملة في العلاقات الدولية لأن المتغيرات التي تتحكم في السلوك السياسي الدولي كثيرة جدا و لا يمكن ربطها علميا، و لهذا ركز معظمهم على بحوث من المستوى المتوسط ( intermediate-level ) و التي تعتمد على جمع مجموعة صغيرة من المتغيرات و ذلك من أجل بناء نظريات جزئية (partial) أو ( middle-range ) تستطيع أن تصمد أمام الاختبار.

في محاولتهم لدراسة العلاقات الدولية بطريقة تجريدية غير محدودة في الزمن (timeless ) فقد بنى السلوكيون نماذج للنظام الدولي و جمعوا بمساعدة الطلبة و الأساتذة المعطيات المرتبطة بتلك النماذج و ذلك من أجل التأكد من صحة أو عدم صحة الفرضيات الأولية التي وضعوها و منها دراسات Kaplan ، Deutsch، Rosenau … لكن معظمهم ركزوا على مواضيع دقيقة و محصورة جدا مما فتح المجال أمام الانتقادات التي تقول أنهم اهتموا بمسائل ميكروسكوبية تافهة.

كمثال على الدراسات ذات البعد المتوسط ( middle-range investigations) تلك التي قام بها David Singer و Melvin Small محاولة للربط إحصائيا بين سياسة الأحلاف في أوربا بين 1945-1815 و وقوع الحرب، و توصلا إلى تقديم مقترحات حذرة فيما يخص مساهمة الأحلاف أو عدم مساهمتها أو تجنب الحرب.

المشكل الأساسي في مثل هذه الدراسات هو وجود الكثير من المتغيرات الأخرى إلى جانب الأحلاف التي تساهم في خلق السلوك الحربي لدولة معينة.

مثال آخر عن الدراسات المجهرية قام بها Ole Holsti في “تحليل المضمون” ( content-analysis) لأقوال و كتاباتJohn Foster Dulles وزير الخارجية الأمريكي بين 1959-1953 و ذلك من أجل بناء “نظام الاعــتقاد” (belief-system ) الذي يؤمن به ( Dulles ) في مواجهة الإتحاد السوفياتي كدولة إيديولوجية و عدوانية. المشكل في مثل هذا العمل هو أن الباحث لم يطلع على الوثائق الشخصية و السرية للوزير، ثم أنه لا يستطيع أن يتغلغل داخل تلافيف عقله لتحديد ما إذا كان الوزير قد رسم سياسته طبقا للصورة التي يملكها عن الإتحاد السوفياتي و العالم أو طبقا للوهم السياسي السائد آنذاك.

إن مساهمة المدرسة السلوكية الأساسية لا تتمثل في النتائج التي توصلت إليها بل في الثورة المنهجية التي أحدثتها في حقل العلاقات الدولية في الخمسينيات، بحيث أن تطبيق المنهج العلمي في العلاقات الدولية قد ساهم في تطوير المصطلحات و
أدوات البحث التي تم استقدامها من العلوم الاجتماعية و كذلك في خلق بحوث “ما قبل النظرية” ( pre-theory) التي تمنح نفسها للاختبار و التأكد من النتائج. و بالرغم من أن محاولات السلوكيين هي أقرب إلى ” الوعود” (promise) منها إلى ” الإنجاز” (performance) كما قال D. Singer فإن تحقيق تلك الوعود في المستقبل يعني أن المنظرين في حقل العلاقات الدولية سوف يتمكنون من التنبؤ و بالتالي بالتحكم في سلوكات الفاعلين على الساحة الدولية.

ترى هذه المدرسة أن السياسة تعتبر سياسة، و القرارات يتخذها بشر مهما كان مستوى التحليل وطنيا أو دوليا.

*أهدافـــها:

1- استعمال المقاربات المتعددة الاختصاصات (interdisciplinary approach) .

2- دراسة وحدات جديدة في التحليل مثل النظام (System)، القرار ( decision )، و الإدراك (perception).

3- خلق حقول صغيرة للبحث في العلاقات الدولية مثل تحليل السياسة الخارجية (F.P analysis).

4- جمع المعطيات التي يمكن استعمالها أو مقارنتها.

إنتقادات السلوكية للمدرسة الواقعية:

1- لا يمكن اعتبار الدول كالفاعلين الوحيدين في النظام الدولي.

2- لا يمكن اعتبار الدول كوحدات موحدة )unitary actors )

3- لا يمكن اعتبار القوة كالمحرك الوحيد لسلوكات الدول.

4- صعوبة تعريف مصطلح القوة و عدم امكانية إخضاعه للقياس.

5- أن جزء من ميزان القوة خرافي، ثم إن هذا النظام يؤدي إلى عدم الاستقرار بقدر ما يؤدي إلى النظام (order).

المشكل في بداية الستينيات هو أن الانتقادات التي وجهت للواقعية كانت لاذعة و لكن من دون تقديم البديل و هذا ما عبر عنه ( Warren Philips ) في مقالة بعنوان” أين ذهبت كل النظريات” Where have all the theories gone?)

World politics, 26,2, January, p155-188.

النتيجة هي أن الكثير من السلوكيين لجأوا إلى دراسة مجالات محدودة أو قطاعات (area studies) التي تعج بالمعلومات و لا تحتاج إلى نظرية، أما التقليديون وخاصة ذوي التوجه الفلسفي فقد عادوا إلى المرحلة الكلاسيكية لإيجاد بعض الضوء عند Puffendorf ، Vattel ، Burlee ، Hume و منهم ( Linklater, Beitz, Donelan …)، أما البعض الآخر فقد واصل الوقوف إلى جانب الفكر الواقعي خاصة في مجال الدراسات الإستراتيجية مدعمين بحثهم بالكثير من المادة التقنية حول القدرات العسكرية. في الجهة المقابلة يقف الباحثون عن السلم و الذين يركزون على القيم الليبرالية مبشرين ب”ما بعد السلوكية” ( Post- behaviorism ).

ما بعد السلوكية: ( Post- behaviorism )

في السبعينيات أصبحت العلاقات الدولية مقسمة إلى تخصصات فرعية، و بالرغم من أن العلاقات الدولية تمكنت من جلب عدد كبير من الباحثين إلا أنها بدت بعيدة جدا عن إيجاد نظرية عامة (general theory)، بعض التخصصات قديمة مثل “القانون الدولي” أو “المؤسسات” و بعضها جديد مثل “الدراسات الكمية” ( quantitative studies ) أو “التقنيات التنبؤية
(forecasting techniques )، بعضها مألوف “كاتخاذ القرار”( decision making )، و بعضها راديكالي مثل “البيولوجيا الاجتماعية” ( Sociobiology ) أو “نظرية الصراع” ( Conflict theory )، بعضها يبدو ظرفيا مثل “علم السياسة الأيكولوجي” ( ecopolitics)، و بعضها باقي مثل “التحليل الإستراتيجي” ( Strategic analysis )، و لحقت بالركب اختصاصات أخرى و على رأسها “العلاقات الإقتصادية الدولية”.

بهذا زال الصراع أو النقاش بين المدرسة التقليدية و السلوكية بحيث تم التوصل إلى أن للتجريبية حدودها وأن إمكانية التوصل إلى علم اجتماعي تجريبي للسياسة الدولية عملية غير واردة، و هكذا تحول الاتجاه السائد ( mainstream ) إلى اتجاه انتقائي (eclectic).

في كتاب 1983Kalevi Holsti, International politics: Framework for analysis, (الطبعة الرابعة) تجتمع جنبا إلى جنب نصوص تقليدية مثل الأخلاق ( ethics ) و تحليل سلوكي للتفاوض (negotiation ) نظرة تقليدية للنظام المكون من الدول (State system) مع دراسة حذرة للنظرية الإستراتيجية، هناك من الاختصاصات الفرعية التي تم إدخالها مثل حل النزاعات (Conflict resolution)، وما تم التعامل معه باحتشام مثل الإعتماد المتبادل ( Interdependence ).

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى