دراسات سوسيولوجيةدراسات سياسية

ذروة نضج عملية التحول الديمقراطي: شيوع ثقافة الاعتراف بالآخر

ذروة نضج عملية التحول الديمقراطي: شيوع ثقافة الاعتراف بالآخر
عامر مصباح
جامعة الجزائر 3
بناءً على مفهمة أنصار الجماعة الأمنية المقتبسة معرفيا من أطروحة كارل دويتش حول موضوع “الجماعة الأمنية”، فإن إحدى شروط التحول الديمقراطي المفضي إلى السلم الأهلي والاستقرار المجتمعي، شيوع فكرة “الاعتراف بالآخر”، والتي تعني الاعتراف المتبادل بأحقية وجود واستمرار الآخر وتمتعه بنفس الحقوق وتكافؤ الفرص في المجالات المختلفة (التعبير عن رأيه، الوصول إلى السلطة،…) مع الاحتفاظ بخصوصياته ضمن الإطار القانوني العام للهوية الوطنية.
الامتحان الأكثر حدة لهذا المفهوم هو السياسة والالتزام بالمعايير الديمقراطية في الوصول والخروج من السلطة، وحتى الحصول على المناصب السياسية أو كما تسمى في بلادنا بالمناصب السامية.
عند تقييم المحتوى الإعلامي المتداول في مواقع التواصل الاجتماعي، نجد أن معظم التعليقات مازالت بعيدة بمسافة كبيرة عن مستوى النضج السياسي المطلوب لتحقيق تحول ديمقراطي حقيقي وعميق وهادئ. ظهر ذلك بجلاء من خلال مظاهر التخوين، الشتم، التنابز بالألقاب (زواف، لحاس رونجاس، كاشيري، مبردع..)، الشيطنة، احتكار الهوية الوطنية، احتكار الهوية الثقافية، احتكار الدين، القابلية لاحتكار السلطة، التفكير بطريقة الأسود والأبيض، ضيق أفق التفكير، الشعور بالاضطهاد، ضعف الثقة. الغريب في الأمر، أن بعض المعلقين في مواقع التواصل الاجتماعي يبدعون في شيطنة الآخر والقذف بالألقاب النابية بدل طرح الأفكار الجديدة، وتسميم مناخ الحوار بدل تعزيز تماسك النقاش المفضي إلى نشر الوعي السياسي والمساهمة في نضج عملية التحول الديمقراطي
المفارقة الثقافية في هذا الصدد أن التراث الإسلامي متخم بالتعبيرات والمصطلحات التي تعبّر عن ذروة النضج المجتمعي والفكري والثقافي والسياسي، مثل قول الإمام مالك رحمه الله: “كل يُؤخذ منه ويُرد إلا صاحب هذا القبر”، وقول الشافعي رحمه الله: “رأي صحيح يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب”. هذا يعني أن كل فكرة، مقاربة، رأي، أو موقف سياسي يمكن أن يبدو خاطئا أو معيبا، لكنه يحمل الصواب الذي لا يراه إلا قلة من الناس؛ في مقابل ذلك، يمكن أن يكون الاتجاه العام المتحد بشكل صارم يحمل مقاربة مهلكة.
النتيجة: كل فكرة قابلة للنقاش وليس للشيطنة

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى