دراسات سياسية

رام الله وبكين : استراتيجية الدولة واستراتيجية القبيلة السياسية

وليد عبد الحي

التضييق الممنهج والمتصاعد من قبل سلطة التنسيق الامني على قطاع غزة يقوم على اساس ” ان قطاع غزة اقليم متمرد على سلطة ترى نفسها سلطة شرعية، وان سياسة الخنق الاقتصادي للقطاع هو عقاب على ذلك التمرد”.
لن أدخل في الجدل حول اسباب الصراع بين سلطة التنسيق الامني وبين حركة حماس، ولكني فقط اود ان اضع مقارنة بين سلوك سلطة التنسيق الامني تجاه غزة وبين سلوك حكومة بكين تجاه تايوان.
فالصين تعتبر تايوان إقليما صينيا ، وهو جزء من جمهورية الصين ، وان الحكومة التي في تايوان لا تمثل الشعب الصيني ولا شعب تايوان، وان هذا الاقليم لا حق له في اقامة علاقات دبلوماسية مع اية دولة ولا انتهاج سياسة تتضارب مع سياسة الصين الشعبية…ويجب ان يعود الاقليم للسيادة الصينية.
بالمقابل ترى حكومة تايوان أنها دولة مستقلة ذات سيادة( خلافا لغزة التي تصر على انها جزء لا يتجزأ اقليما وشعبا من فلسطين)، وترى تايوان ان من حقها انتهاج السياسة التي تراها مناسبة لها وتقيم العلاقات التي تراها مناسبة ايضا لها، وتشتري السلاح من ” أعداء بكين” لمقاومة احتمالات الغزو الصيني لها.
رغم ذلك الانفصال فإن حجم التبادل التجاري بين ” شطري الصين” يصل لحوالي 118 مليار دولار، وان الانتقال بين الطرفين عبر المضيق الفاصل بينهما يتجاوز الخمسة ملايين فرد سنويا، وتشير التقارير الصينية إلى ان الانفتاح الصيني على تايوان جعل نسبة حجم تجارة تايوان مع الصين (رغم التهديدات العسكرية والقطيعة الدبلوماسية والازمات الدورية بين الطرفين) ترتفع خطيا من 12% عام 1998 إلى 25% عام 2005 وصولا لنسبة 30% عام 2015 وهي الآن 32 %.
وتلخص دراسة صادرة عن المعهد الوطني الياباني للدراسات الدفاعية عام 2017 حول العلاقات الصينية التايوانية الموقف الصيني من العلاقة مع تايوان بانها تقوم على ” اهمية التمييز بين أدوات الضغط على الحكومة التايوانية مثل القوة العسكرية او الدبلوماسية او السياسية وبين الأدوات التي يمكن ان تضر المواطن الصيني التايواني مثل التجارة والاستثمار والانتقال والتعاون العلمي والصحة وهي الامور التي على الحكومة الصينية ان تراعيها ” بمعنى عدم الخلط بين الضغط على الحكومة وبين الضغط على ” شعبك”…
سلطة التنسيق الامني في الضفة الغربية ليس لديها ما يمنع من خنق المجتمع الغزي وحصاره وقطع الكهرباء عنه وقطع الرواتب حتى عمن قضى زهرة شبابه وراء القضبان ، واخشى ان يصل الامر إلى عدم الاعتراف حتى بالمؤهلات العلمية الصادرة عن المؤسسات التعليمية في القطاع….
أعلم ان هناك معطيات مختلفة بين الضفة وغزة وبين تايوان والصين الشعبية ، ولكني اود التأكيد على نقطة محددة هي ضرورة التمييز بين استراتيجية الدولة العقلانية وبين استراتيجية القبيلة السياسية الغرائزية.

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى