قضايا فلسفية

رحيل مفكر (المصري سمير أمين) – وليد عبد الحي

رحيل مفكر
وليد عبد الحي

غادر المفكر المصري سمير أمين يوم امس هذا العالم الذي اضناه ليفهم ” اقتصاده السياسي”، ورغم مساهمته الهامة للغاية في وضع اسس نظرية التبعية مع فراتكل وبربيش وغيرهم متكئين جميعا على أعمدة الماركسية ، فإن الكتابات الغربية كانت تحاول التقليل من مساهمته في بناء هذه النظرية لاسيما دوره في طرح ” التطور اللامتكافئ” وتحليل العلاقة بعمق كبير بين المركز والأطراف.
وساهم سمير امين في سبعينات القرن الماضي في طرح مفهوم ” المركزية الأوروبية” التي لا ترى في التاريخ التطوري الا الوجه الاوروبي والذي يأبى الرؤية الكونية الا من خلال اللحاق بالمنظور الثقافي الأوروبي.
لا أجد غضاضة في الزعم بأن سمير أمين هو احد اهم مفكري الاقتصاد السياسي عربيا وعالميا في نصف قرن يمتد من سبعينات القرن الماضي الى الآن .
كان لسمير أمين موقف حاد من الاسلام السياسي، وكان ” يعتقد” ان قوى الاسلام السياسي ” تخدم دون وعي” مصالح المركز(أي القوى الرأسمالية )، وهو ما عبر عنه في مؤلفاته العديدة جدا باللغة العربية او الفرنسية التي هي لغة والدته الطبيبة الفرنسية، لكني اعتقد ان هذه النظرة كانت هي الاضعف في مساهمات سمير امين الفكرية، لاسيما أن البعد السياسي في تحليلاته لهذا الجانب طغت على الجانب الاقتصادي .
لقد تنقل سمير امين بين دول المركز ودول الأطراف ، واصبح مديرا لمركز دراسات في السنغال،ودرس في عدد من المراكز العلمية.
تراجعت قوة الجذب لنظرية سمير امين بسبب عمق التحولات التي اصابت العالم وتنامي موجات العولمة رغم تكريس وتوسيع الفجوة بين الطبقات وبين الدول في النصيب من الناتج العالمي ، وتراجع ألق النظرية الماركسية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية ودخول اقتصاد السوق الاشتراكي في موسوعة الاقتصاد السياسي الجديد بل وتحول الرئيس الصيني ليكون الداعية الاول للعولمةز
وقد سعى واليرستاين في نظريته (النظام العالمي المعاصر) تكييف نظرية سمير امين بإضافة الدائرة الثالثة( دول شبه المحيط) كنموذج وسيط بين دول المركز والمحيط لكنها تبقى في نطاق خدمة دول المركز من خلال امتصاص ازمات ذلك المركز.
لقد رحل هذا المفكر تاركا للآخرين النظر في مدى صواب أفكاره…لكني اشعر بالحزن لفقدانه ، فقد كان انسانا ” يحاول ” ان يشعل شمعه في مجتمعات أطفأت شموعها منذ قرون وأن يخط مساهمة عربية في الفكر الانساني المعاصر….نجاحه وفشله امر ستكشفه الايام….لكنه غادر…

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى