عاصفة الحزم في عامها السادس.. ويبقى اليمن ينزف

محمد عبدالرحمن عريف

هي عاصة كان من المقرر أنها “حزم”، ولكن كلما أوغلنا في نتائجها لخمسة أعوام خلت ودخول عامها السادس، تأتي النتائج التي حققتها لمساحات الحرب التي حددتها خريطة التضحيات وطاولة التفاوض القائم على مساحات السيطرة بمدخل قانوني يخرج منه قادة العاصفة بممهدات ميدانية تقلص من مساحة الداخل لصالح الأطراف المحاربة ضده، تحت غاية أن الحل الآن هو الذي يقرره أبناء الشعب اليمني شمالاً وجنوباً باعتبار أن هذا وضعاً يمنياً خاصاً بهم وليس للعاصفة ما تقرره غير مساعدتهم في إنهائه أو لنقول بإجازة العبارة تحديد من تمدده ومحاصرته في مكان لا يقدر أن يضر الإقليم بأمنه القومي والسيادي.

البدايات مع نسب كارثية تأتي من اليمن السعيد، فقد تصدر قائمة المراقبة السنوية للدول التي من المرجح أن تواجه كارثة إنسانية في عام 2020، للسنة الثانية على التوالي. ذلك وفق لجنة الإنقاذ الدولية، حيث جاء التصريح بـ”إن القتال المستمر والانهيار الاقتصادي وضعف الحكومة يعني أن أكثر من 24 مليون يمني -حوالي (80 ٪) من السكان- سوف يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية هذا العام”. ولفتت اللجنة في تحليلها الحديث إلى أن “اليمن تصدرت قائمة المراقبة الدولية للمركز الدولي للهجرة للعام الثاني على التوالي بسبب الحرب الطويلة التي أنتجت 3.65 مليون نازح داخلي منذ عام 2015”.

يحدث هذا ونحن أمام ستة أعوام وعاصفة الحزم متعثرة ومشتت نبض حركات عقاربها اقتراباً من مسافة الأهداف المثالية التي جاءت وأعلنت لأجلها ومن أجلها، لا انفكاك لتصوّر التحالف عن الخروج من حرب اليمن عن العقلية التي بدأ بها الحملة مثل هذه الأيام قبل خمس سنوات بما سمّي عملية «عاصفة الحزم».

الواقع على الأرض أننا أمام عقلية قائمة على الاستعلاء والهيمنة، بعيداً من أهداف الحروب ورسم الاستراتيجيات، لا تزال سارية، رغم مضيّ خمسة أعوام على العبث. حيث ربط أصحاب القرار في قصر اليمامة بالرياض مصيرهم بنتيجة الحرب، إذا هم على أعتاب عام سادس، لا مروحة واسعة من الخيارات أمام مشعلي الحرب. أما المتاح في هذه المرحلة، فخياران الأوّل، الاستمرار في الحرب. وهذا يعني مزيداً من الاستنزاف للتحالف، بلا أفق للفوز. وهذا يعني أيضاً تهديداً مباشراً لداخل التحالف، وستكون له تبعيات سياسية واقتصادية وخارجية على النظام برمّته. أما الثاني، إنهاء الحرب من خلال تسوية سياسية. وهذا أيضاً ستكون له تبعات كبيرة، لأن أي تسوية ستكون نتاج الفشل والإخفاق والأفق المسدود سياسياً وعسكرياً.

التسوية هذه، إن تمّت، فهي بفعل انتصار صنعاء، وعليه فإن الأخيرة ستفرض شروطها على طاولة المفاوضات. وأهم هذه الشروط رفض المس بالسيادة الوطنية اليمنية. من هنا، الصيغ السابقة التي قدّمت لحركة «أنصار الله» بأنهم مكوّن بين خمسة أو أربعة مكوّنات على أقل تقدير، رفضتها صنعاء أثناء مراحل الصمود والدفاع، وبديهي أنّ ما لم يكن مقبولاً في سنوات المقاومة والتصدّي لن يكون مقبولاً في «أعوام الحسم والهجوم».

وسط هذا وذاك تبقى الأمم المتحدة تبحث عبر مبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث، عن حلول مؤقتة كتلك التي فرضتها الوقائع الميدانية في محافظة الحديدة، في اتفاق السويد. وقد حاول غريفيث تكرار تلك التجربة في مدينة مأرب، إلا أن جهوده باءت بالفشل بسبب الرفض التحالف لرفع الحصار عن اليمن، وممانعته استفادة المحافظات التي تحت سلطة «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء من تقاسم الثروة النفطية وإعادة التغذية بالطاقة الكهربائية المقطوعة من مأرب بقرار من الرياض.

مع مرور خمسة أعوام كاملة ودخول عامها السادس لم نر من تلك الأهداف المثالية أي منها شيء أو يتحلى منها.. يا ترى ما هي الأسباب التي اعاقت هذه العاصفة؟. وليس هناك من سبب واحد يعلل هذا التعثر والشتات، فالغالب أن هناك أسباب عديدة ومتفرقة ترجع إلى بينوية وسياقية، داخلية وخارجية، إنسانية وسياسية، قتالية واستثمارية، ذاتية وموضوعية، أيديولوجية دينية وقومية.

يبقى أنه إذا كانت العاصفة قد قامت كما جاء في أهدافها بفعل “أسباب مثالية مقدسة لشرعية الدخول” وبفعل استمرارها هذا الزمن الطويل الداخل في عامه السادس من دون أن تحقق هدفها المثالي في إنهاء ما أرادت..  فإنها وبالتأكيد تكون النتائج المحتومة غير داخلة في مشروعية الهدف المثالي، لأسباب تعود إلى النتائج التي تحققها الحرب واطالتها التي ربما تغيير من خارطة هذا الهدف المثالي أو الأهداف إلى أهداف تتناسب وحجم التضحيات ومساحات السيطرة والإخلاص في المشاركة ونيل من ثقة الداعم والممول، أو لنقل أهداف تصنعها الضرورة ليصبح التعامل بها كضرورة ولضرورة التعاطي بها ومعها.. لتبقى هي “عاصفة الحزم” في عامها السادس.. ويبقى “اليمن” الذي كان قبلها “سعيد” ينزف.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button