دراسات تاريخيةدراسات مغاربية

عبر الرابطة العربية الإفريقية.. الدعم العربي والإفريقي لثورة التحرير الجزائرية

محمد عبدالرحمن عريف

   تحضر هذه الندوة عبر الرابطة العربية الإفريقية.. نحو بعض من (الدعم العربي والإفريقي لثورة التحرير الجزائرية)، وتحت شعار (شعب عقد العزم أن تحيا الجزائر)، ذلك بمناسبة العيد الوطني لثور الفاتح من نوفمبر، ويدير الندوة عديد الأساتذة من الجزائر ومصر والمغرب والسنغال، مع مداخلات تحت عنوان: (الدعم الليبي للثورة الجزائرية 1954 : 1962) للبروفيسور محمد ودوع. كذلك محاضرة عن: (الدعم الدبلوماسي واللوجيستيكي الإفريقي للثورة الجزائرية 1958 : 1962) يقدمها بروفيسور منصف بكاي. وحضرت المحاضرة الثالثة عن: (الوطن العربي والثورة الجزائرية، دعم أو تضامن نضال مشترك، دراسة في المصطلحات). يقدمها بروفيسور عبدالحميد دليوح. ومحاضرة بعنوان: (الجنرال ديغول ومحاولة تجفيف منابع الثورة الجزائرية عربيًا وأفريقيًا) يقدمها بروفيسور سيد علي مسعود. يتبعها محاضرة عن: (الدعم العربي للثورة الجزائرية التمويل والتموين نموذجًا) يقدمها بروفيسور عبدالمالك الصادق. وفي نهاية الندوة يأتي الحديث عن: (الدَوُر التَارِيخِيِّ للطَلَبَةِ الجَزَائريِّيِّنَ بِمِصرَ فِي الحَركَةِ الوَطَنِيِّةِ وثَوُرَةِ التَحرِيِّرِ) يقدمها محمد عبدالرحمن عريف.

   نعم مما لا شك فيه أن للثورة الجزائرية هزة عنيفة وصيحة مدوية للحرية والاستقلال، هزت أعماق شعوب القارات الثلاث، وخاصة شعوب القارة الإفريقية ومعها العالم العربي أجمع. فقد أيقظت ضمائرها الحية وأعادت لها الثقة في نفسها وقدراتها الكامنة لتأخذ مصيرها بيديها وتمسك بزمام مقدراتها لتبني هي بنفسها حاضرها وترسم معالم مستقبلها. وأصبح الإفريقيون سادة في بلادهم، يوجهون مصيرهم وفق مصلحتهم وإرادتهم. فلقد اهتمت جبهة التحرير الوطني الجزائرية منذ تأسيسها عام ١٩٥٤ بإفريقيا، وكذا الحكومة الجزائرية المؤقتة، إذ شاركت في بعض القمم الإفريقية (قمة أكرا عام ١٩٥٨، ومؤتمرات منروفيا وأديس أبابا عامي ١٩٥٩ و١٩٦٠) دعمًا من قبل الدول الإفريقية المستقلة آنذاك للنضال الجزائري من أجل الاستقلال.

    كذلك قدمت دول شمال إفريقيا وبعض دول غرب إفريقيا جميع أنواع الدعم الدبلوماسي والعسكري واللوجستي للثورة الجزائرية منذ اندلاعها، فكانت كل من مصر والمغرب وتونس وليبيا ومالي وغانا أكبر الداعمين لها من خلال التدريب العسكري للثوار الجزائريين، والسماح لهم ببناء قواعد عسكرية على أراضيهم، وإرسال الأسلحة، والدفاع السياسي عن الثورة الجزائرية في المحافل الدولية، وفتح مكاتب تمثيلية لها في عواصمها، فكان من الطبيعي أن تبرز مكانة القارة لدى القادة الجزائريين بعد التحرير، ليس فقط بسبب الدعم الذي حظيت به قضيتهم إفريقيا وردًا للجميل، بل أيضًا لاعتبارات جغرافية وأيديولوجية وجيوسياسية.

    في القلب من ذلك لعبت الصحافة المصرية دورًا هامًا في مساعدة الثورة الجزائرية وابراز صورتها الحقيقية للعالم وتلمس ذلك من خلال مواكبة احداثها ونقل اخبارها يوميًا, حيث اهتمت بالثورة الجزائرية منذ اندلاعها 1954 إلى الاستقلال 1962، لقد كان لاندلاع الثورة عام 1954 صدى كبير في الصحف المصري.

    تعد هذه النصوص مجرد عينة قُدمت كمثال على مساندة العرب والأفارقة  لبعضهم، حين كانت البلاد ترزح تحت نير الاستعمار، ولا يزال منها الكثير مدفونًا في ثنايا دور الوثائق، والتأريخ الشفوي، وغير ذلك من الجرائد والمجلات العربية. وما من شك أنه آن الأوان لنفض الغبار عن تراثنا الفكري، والتفكير في إدراج نماذج منه في البرامج التعليمية، ليدرك الأقارب والأباعد أن العقل الجزائري لم يكن عاقرًا حتى في أحلك ظروف الاستدمار الفرنسي، كما أنه لم يقصّر في دعم الإخوة العرب وقت الشدة. ومن شأن نشر هذا التراث أيضًا أن يصبح بمثابة صمام الأمان.

    بناء على كل ما سبق حاولت الجزائر جاهدة منذ استقلالها في مطلع الستينيات من القرن العشرين توثيق التضامن بينها وبين الشعوب الإفريقية، وإيجاد نوع من التقارب والتفاهم بين المنظمات في القارة. وقد أعرب مسئولوها غير مرة عن أن الجزائر عربية كما أنها أفريقية وأن عليهم واجبات ودور هام في إفريقيا. فلقد كان الاستعمار والإمبريالية والعنصرية من أكبر التهديدات الخارجية للجزائر والدول الإفريقية في مرحلة الستينيات من القرن الماضي، فأصبح العمل على مواجهتها من أهم أولويات السياسة الخارجية الجزائرية ومحل إجماع إفريقى، لذا تبنى نظام أحمد بن بيلا مبدأ التضامن الإفريقي ودعم الحركات التحررية الإفريقية ومحاربة الاستعمار والامبريالية في إفريقيا من خلال إدراجها في أولويات سياسته الخارجية في دستور عام ١٩٦٣، معتبرًا العمل من أجل تحرير إفريقيا التزامًا جزائريًا، وأن استقلال الجزائر غير مكتمل ما دامت بعض أجزاء القارة خاضعة للاستعمار.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى