دراسات استراتيجية

عناصر قوة وقدرة تركيا

 لا يمكننا أن نتحدث عن إمكانية أي دولة بعزل عناصر قوتها عن بعض، وذلك لحيوية ترابطها وتفاعلها. و قد عبرنا عن هذه الـعـنـاصـر   – متفاعلة مع بعضها – بمفهوم “ذات الدولة”. ولكي نتمكن من معرفة حجم تركيا بين الوحدات الدولية الموجودة في الشرق الأوسط ونفهم هذه الذات، علينا أن نتفحص إمكانية (قوة وقدرة) تركيا، ومعرفة مدى إعتماديتها عليها في توجهها الإستراتيجي، ومدى دعم هذه الإمكانية في فاعلية توجهها. لذا سندرس في هذا الفصل العناصر الأساسية لإمكانية تركيا والتي تتمثل بــ :

  • الموقع و التكوينة الجغرافية . – الهوية الوطنية والتركيبة السكانية .
  • المؤسسة العسكرية . – الإقتصاد الوطني . – الإرادة السياسية (حزب  العدالة والتنمية) .

2- 1- الموقع والتكوينة الجغرافية :

تقع تركيا جنوب غرب آسيا ويتحدد موقعها الفلكي بين دائرتي عرض 49, 35 – 6, 42 شمالاً , وهي بهذا تقع في النصف الشمالي من الكرة الأرضية المعتدلة وبين خطي طول 3 , 26 –  49 , 42 شرقاً وذات مساحة بلغت 780576 كم2 , يقع 7567855 كم2 في قارة آسيا, و 23721 كم2 في قارة أوربا ويفصل بينهما ممر مائي يطلق عليه مضيق البسفور. … و يحد تركيا من الشرق روسيا وإيران ومن الغرب بحر إيجة وجزر اليونان ومن الشمال البحر الأسود وجزء من أراضي روسيا ومن الجنوب كل من العراق وسوريا , ومن الجنوب الغربي البحر الأبيض المتوسط، وكما تحد تركيا من جهة الشمال الغربي جمهورية بلغاريا. … وهي تشرف على طول السواحل الشرقية للبحر المتوسط وتتحكم بمضيقي البسفور والدردنيل الذي يربط أوربا بجنوب غرب آسيا. أن موقع تركيا هذا أدى أن يكون لديها منافذ عالمية عن طريق موانئها التجارية وهي ميناء إسطنبول وميناء مرسين, ميناء الاسكندرونة, أزمير, صامسون, أزميت([1]).  ففي الخارطة (1) تُبين لنا موقع تركيا الجغرافي من العالم .

وتعد تركيا كتلة رابطة بين بيئات إقليمية خمسة هي على التوالي، العربية والقفقاسية والإسلافية (روسيا وأوكرانيا عبر البحر الأسود) والبلقانية والإيرانية وآسيا الوسطى، والذي يزيد من أهمية موقعها هو إمتلاكها لمضيقي البسفور والدردنيل وبحر مرمرة. … وتشغل تركيا المرتبة الرابعة والثلاثين من إتساع مساحتها من بين دول العالم الذي ينيف على (180) دولة([2]). يؤدي الموقع الجغرافي دوراً كبيراً في السياسات التركية، وكذلك الإقليمية والدولية، الأمر الذي يعطي « المكان » قدرة أو قوامة نسبية على قاطنيه، بحيث يفرض نفسه عليهم، ويدفعهم للإنطلاق الى مجال أكبر، إذا كانت لديهم القوة، وقد يغوي آخرين للتدخل في شؤونهم، إذا كانوا ضعافاً، أو هو يضطر أهله الى مكابدة متطلّباته الحيوية، قوةً وتجبّراً، و وهناً وتكيفاً([3]). إن تَشكُل العلاقات بين الدول محكوم بوقائع أساسية ظاهرة للعيان في العادة أهمها ما يخلفه الموقع الجغرافي والصراع على المكاسب ومحاولة السيطرة أو التأثير([4]). و ثمة دول تحتل موقعاً جغرافياً مهماً يمكن إستخدامه من قبل الدول الكبرى لتنفيذ سياسات معينة. وهي تشكل بذلك دعامات إستراتيجية لا يستهان بها. إن هذه الدول لا تستمد في كثير من الأحيان أهميتها من قوتها الذاتية وإنما من موقعها الجغرافي في أغلب الأحيان. لذا يحصل التنافس على إستمالتها من جانب الدول الكبرى. وهذا ينطبق على تركيا، خاصةً في فترة الحرب الباردة, حيث أن حمايتها شكلت أحد أهداف الإستراتيجية الشمولية للولايات المتحدة الأمريكية, فتركيا مثلت بالنسبة لها عامل إستقرار في منطقة البحر الأسود. ومنعت الروس من الوصول إلى البحر المتوسط, بل وواجهت روسيا في القوقاز, ثم إنها تشكل نقطة إرتكاز للحلف الأطلسي في جناحه الجنوبي ([5]).  وعلى الرغم من أن الموقع الجغرافي هو العامل الأول الذي يعطي لتركيا مكانتها الإستراتيجية فإن الأهمية السياسية التي تترتب على ذلك تمنح الموقع الجغرافي ثقلاً نوعياً مضافاً([6]). فإنَّ قدراً كبيراً من أهمية تركيا يعود إلى أهمية موقعها المجاور للشرق الأوسط والعازل بينه وبين روسيا([7]). وهذا ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية الى التمسك بتركيا كحليف لها أثناء الحرب الباردة وما بعدها.

وفضاءات حركة الأتراك التي تنطلق أساساً من جيوستراتيجية الموقع التركي, الذي جعل رأسها في أوربا وجسدها في آسيا, على شكل إمتداد طبيعي دائري, تتوزع ما بين الماء واليابسة, وتمتد أهميته عبر دائرة محورية, فإلى الشرق هنالك إقليم القوقاز الذي يتوسط مياه بحر قزوين, والبحر الأسود, ويطل على يابسة دول بحر البلطيق, ومن ثم إتصالها المائي عبر المضائق باليابسة الأوربية ومياه بحر إيجه وصولاً وإمتداداً طبيعياً نحو البحر الأبيض المتوسط لتعود وتتصل بالبر الآسيوي من خلال مجاورتها لسوريا والعراق من جهتها الجنوبية اللذان يشكلان بوابتها الجنوبية البرية نحو الخليج العربي, لتعد وترتبط أفقياً مع الفضاء الجغرافي الإيراني, ثم تشكل حلقة وصل محورية أفقياً وعمودياً نحو آسيا الوسطى عندما تلاقي الأقليم الجغرافي للقوقاز([8]). إنَّ الموقع الجغرافي الذي أعطى تركيا مكانة خاصة عبر التاريخ القديم، وأعطاها أيضاً في العصر الراهن و في عالم اليوم أهمية ستراتيجية بالغة. … فالموقع الستراتيجي المميز لتركيا أكسبها ميزة وأهمية عسكرية فعّالة خاصة أن هضبة الأناضول تسيطر على كل الجبهات في البلقان، و وسط أوربا ومنطقة البحر الأسود وبحر إيجة والبحر المتوسط وبلاد الرافدين وشبه الجزيرة العربية وسوريا، ويمكنها أن تلعب دوراً تعرضياً، أو دفاعياً مهماً في آن معاً([9]).وفضلاً عن ذلك أن تركيا تتميز بسواحلها الطويلة والستراتيجية والتي كانت ولا زالت تعد من المناطق الساخنة في العالم فتركيا تشرف على البحر المتوسط والبحر الأسود وبحر مرمرة ومضايق البسفور الستراتيجية وتبلغ أطوال هذه السواحل حوالي 8233 كلم وموزعة كما يأتي: سواحل الأناضول (الجزء الآسيوي) وتبلغ 6480 كلم. و سواحل تراقيا (الجزء الأوربي) وتبلغ 686 كلم. و الجزر الساحلية وتبلغ 1067 كلم. كما هو واضح في الخارطة (2) والتي يظهر فيها موقع تركيا بين دول منطقة الشرق الأوسط .

   لموقع تركيا الجغرافي والذي يعد واحداً من العوامل التي تتحد بها شخصيتها السياسية ونشاطها الإقتصادي أهمية كبيرة. لأن الموقع الفلكي هو الذي يحدد التأثيرات المناخية. وهذا يؤثر على مجمل العوامل الأخرى فتركيا أو ما يطلق عليها أحياناً إسم (آسيا الصغرى) تمتد بين دائرتي عرض 36 و 42 درجة وخطي طول 45 و 26 شمالاً وفي قارتي آسيا وأوربا (يسمى الجزء الآسيوي – الأناضول والجزء الأوربي – تراقيا). لذا تُعد المعبر الذي تمر به طرق الإتصال بين الشرق والغرب. وكان لهذا الموقع دور كبير في تاريخ المنطقة من خلال تقدم وسائل النقل والإتصال مما أحدث تغيرات كبيرة في مسارات خارطة العالم السياسية والاقتصادية. … وهذا يعني أن موقع تركيا قد أعطاها أهمية بحرية وبرية كبيرة للإتصال الإستراتيجي والرخيص([10]).

تحد الجمهورية التركية 8 دول بمساحة مشتركة مختلفة على الحدود: في الجنوب الشرقي جورجيا (252 كم) وأرمينيا (268 كم) وأذربيجان (9 كم)، في الشرق إيران (499 كم)، وفي الغرب اليونان (206 كم)، وفي الشمال الغربي بلغاريا (240 كم) وفي الجنوب سوريا (822 كم) والعراق (352 كم)، ويُتيح إنتشار هذا العدد من الدول على حدودها حرية أكبر في إختيار سياسات تحالفات أو إقامة تجمعات في ظل كون تركيا دولة محورية في مجالها الجغرافي. مجموع مساحة تركيا 783562 كلم2. الحدود البرية 2648 كم. الشريط الساحلي 7200 كم([11]).         إن التكوين الجيولوجي له علاقة بالموارد التي تعد عنصراً من عناصر القوة في الدولة أولاً وأهميتها في طبيعة العلاقات القائمة بين الدول ثانياً من منطلق مفهوم الجغرافية السياسية([12]).   وبسبب التكوين الجيولوجي لتضاريس تركيا جعلها تمتلك ثروات طبيعية كثيرة ومتنوعة وأهمها المياه (الأنهار) حيث إستغلت تركيا المياه في الضغط على دول مصب أنهارها (العراق وسوريا) لتحقيق مكاسب إقتصادية وسياسية وأمنية وكذلك حتى في حل بعض المشاكل العالقة بينها وبينهم (منها قضية منطقة الأسكندرونة التي تنازعها سوريا عليها). وبل تعدى أمر الإستفادة من ثروتها المائية أبعد من جغرافية الدولتين (العراق و سوريا) اللتين تشاركانها المصب، حيث طرحت تركيا مشروع (أنابيب السلام) الذي يصل الى عدة دول عربية وكذلك إسرائيل. كما في الخارطة (3) التي تُبين تضاريس جغرافية تركيا وحدودها السياسية مع دول جوارها.

2- 2- الهوية الوطنية و التركيبة السكانية :

الهوية الوطنية : نجح القائد العسكري مصطفى كمال أتاتورك بعد أن قاد الكثير من وحدات الجيوش العثمانية مع مجموعة من الضباط الأتراك من تحرير أجزاء واسعة من بلاده من الإحتلال اليوناني وأوقف بشراسة زحف القوات البريطانية والفرنسية والروسية. ودفعت هذه الأحداث الى عقد معاهدة لوزان التي وّقّعت في 24 تموز 1923، وأفضت إلى إعتراف دولي بجمهورية تركيا التي ورثت محل الإمبراطورية العثمانية، ثم تم إختيار مصطفى أتاتورك رئيساً للجمهورية. وبعدها ألغى مصطفى كمال منصب السلطنة، وأعلن الجمهورية في 29 تشرين الأول عام 1923 وألغى الخلافة في 3 آذار عام 1924 وأقام العلمانية الغربية والتي كان مبهوراً بحضارتها وتقدمها.

وبدأت تتخذ العلمانية معنى تحرير السياسة من تأثير الدين, وسيادة الشعب على نفسه التي قال بها مصطفى كمال, وبالتالي هي النقيض للخلافة التي هي رمز السيادة الإلهية. وعلى هذا كان قرار البرلمان التركي المشهور في 3 آذار 1924 في إلغاء الخلافة, وإلغاء وزارات الأوقاف والشؤون الدينية وتحويلها إلى مديريات عامة, وإلغاء كل أنواع المدارس وإقرار قانون توحيد التدريس. وفي 17 شباط 1926 أقر البرلمان القانون المدني الذي هو خطوة مفصلية في إستبدال القوانين الإلهية بالقوانين الوضعية([13]).

 وإتخذ إجراءات علمانية إستهدفت طمس معالم ”الهوية الإسلامية“ للبلاد، وتقليد المظاهر الغربية من دون تطبيق ديمقراطية الغرب؛ إذ بينما فهمت ”العلمانية“ في الغرب بمعاني فصل الدين عن الدولة، وضمان الأخيرة الحرية الدينية للأفراد، وعدم تدخلها في شؤون العبادة، وتوفيرها المساواة لكل المواطنين أمام القانون، وعدم إرغام الناس على السير في نهج تراه الدولة هو الأفضل، فإن ”العلمانية الكمالية“ فهمت، بالإضافة الى فصل الدين عن الدولة، بمعانٍ معادية للدين، وشل دور رجال الدين في المجتمع، وقمعهم ومحاولة إزالة الموروث الديني الثقافي والحضاري للبلاد، وإجبار الناس على السير في نهج علماني جديد رأت الدولة إنه الأفضل([14]).  لقد رفض مصطفى كمال التوجه الإسلامي للعثمانيين، والذي يمثل واحدة من القيم المشتركة في الشرق الأوسط، وإستخدام العلمانية لأجل تقوية فكرة الهوية القومية الجديدة وهي التوجه التركي والتغريب Westernization – تقليد الغرب – لتسهيل ظهور دولة تركية جديدة([15]).

 ونجح (أتاتورك) إبان إعلان إستقلال الجمهورية في العام 1923 أن يلغي مفهوم الأقليات من الناحية العِرقيّة، وأن يحصره فقط بالناحية الدينية ليحقق إنتصاراً في إطار إعادة تركيب الأمة وبناء الدولة عبر رسم وحدة عِرقيّة للأمة التركية بإعتبار الموجودين على أراضي الجمهورية أتراكاً لغةً وثقافةً وتراثاً([16]). ومن أجل خلق هذا المجتمع الجديد، علم قادة تحرير تركيا إن عليهم أن يخلقوا “نمطاً جديداً من الفرد التركي مختلفاً تماماً عن الفرد العثماني” كما كان على الثوريين في فرنسا أن يخلقوا المواطن الفرنسي، وكما كان البولشفيون في سيرورة خلق السوفيتي الجديد أو الرجل الإشتراكي. … وأخذت هذه المشاعر تُذكي اليقظة القومية والإنبعاث القومي في أوساط الجماعات المختلفة. حيث كان الأتراك آخر من تبنى القومية([17]).  نبذ (مصطفى كمال أتاتورك) فكرة الوحدة الإسلامية، لأن لكل شعب مسلم ميزاته وخصائصه التي تختلف عن الآخر. ولم يأخذ بالفكرة الطورانية التي تدعو الى جمع كافة الأتراك من شمال الصين وحتى البحر الأبيض المتوسط تحت زعامة تركيا الحديثة([18]) . وبينما فُهمت ”العلمانية“ في الغرب بمعاني فصل الدين عن الدولة، وضمان الأخيرة الحرية الدينية للأفراد، وعدم تدخلها في شؤون العبادة، وتوفيرها المساواة لكل المواطنين أمام القانون، وعدم إرغام الناس على السير في نهج تراه الدولة هو الأفضل، فإن ”العلمانية الكمالية“ فهمت، بالإضافة الى فصل الدين عن الدولة، بمعانٍ معادية للدين([19]). و عقب تأسيس الجمهورية التركية واجهت النخبة الكمالية أربعة إشكالات هي: إيجاد هوية وطنية مناسبة للتربة التركية ذات الجذور الإسلامية. وتحديد بناء سياسي يتفق وينسجم مع الهوية المقترحة. و حل مسألة التحديث, ثم المضي بتركيا نحو اللحاق بركب الاتحاد الأوربي. و حسم مفهوم الديمقراطية([20]).  من الناحية الثقافية والدينية يمكن القول إن تركيا الحالية تُشكل من ناحية التعدد العرقي والديني والثقافي صورة مصغرة عن السلطنة العثمانية و لو بنسبٍ وأحجام مختلفة([21]).

 والثقافة كما يُعرفها علماء الأنثروبولوجيا هي تلك الأنماط من المعتقدات والقواعد والمبادئ والأفكار التي تشترك فيها مجموعة معينة من البشر نتيجة ممارستهم اليومية وتفاعلهم مع محيطهم ومع بعضهم بعضاً، ولكل بناء ثقافي محتوى يتضمن نظاماً للعقيدة، ومؤسسات وأجهزة إجتماعية وإقتصادية وسياسية وإدارات تقنية وممتلكات مادية (المواد الأولية)، تختلف عن مثيلاتها في مجتمع آخر. والحقيقة إن تركيا حرصت على أن تُكيف ثقافتها مع قيم الثقافة الغربية أكثر من حرصها على أخذ ما يتلائم مع إرثها وبنائها الثقافي التقليدي الشرقي وإهمال ما لا يتلائم معه لجعل تركيا – الدولة الشرقية – دولة قائمة وفق النمط الغربي حيث كانت الخطوات التي إتخذتها تركيا لهذا الغرض « مُذهلة … وأشبه بالإستسلام الثقافي »([22]). إن شرعية الحكم والمؤسسات السياسية تُقاس بمدى تجسيدها القيم العليا التي تتضمنها هوية البلاد. وإذا ما أريد تجنب تعميق الصراع بين العلمانية والإسلام في تركيا، فينبغي ألا تلزم السلطة السياسية العلمانية الأفراد بقيم لا تتلائم مع هوية المجتمع المؤلف من أغلبية إسلامية ساحقة، وإلا فإن أعضاء المجتمع سيشعرون بإن تحطيم قيمهم العليا أو إنتهاكها يمثلان تهديداً لهويتهم. من السهل تبديل سلطة بسلطة، أو أفكار بأفكار، ولكن من الصعب محو ماضي البلاد وتاريخها، سواء كان ذلك في البناء الإجتماعي أو في الذاكرة([23]).  إن تركيا اليوم تبحث عن هويتها الضائعة، بعد أن تركت الروح العثمانية من خلال إلغاء الخلافة ونبذ فكرة الوحدة الإسلامية، ولم تحقق لها الأتاتوركية ما تصبو إليه من اللحاق بأوربا المتطورة … ومن هنا أصبح الصراع القائم الآن في تركيا يتمحور حول قضايا رئيسة هي :    1– الصراع الديني – العلماني. 2– الصراع الإقتصادي: بين التنمية والمديونية. 3– الصراع الإجتماعي: مشكلة الأقليات في تركيا([24]).

ولم يقف النظام الكمالي العلماني على مسافة واحدة من كل الأديان والمذاهب. ففي حين أعطت معاهدة لوزان (1923) للطوائف غير الإسلامية حق إنشاء مدارسها بما فيها الدينية، كانت الكمالية تبحث من جهة عن سبل تطويع النشاط الديني لمصالحها ومن جهة أخرى تخرج من كون علمانيتها خارج الحساسيات المذهبية. فإذا ما مضت في إطلاق تعليم ديني، جاء مضمونه وفقاً لمذهب دون آخر. فبقي العلويون، وهم من ربع الى ثلث السكان، خارج المنهاج التدريسي الديني، وبات عليهم أن يحصلوا تعليماً دينياً وفقاً للمذهب السني الحنفي دون غيره. وهي مشكلة لا تزال قائمة حتى اليوم. أي إن العلمانية في عهد «المؤسس» كانت في جوهرها، معادية للدين عموماً، وإذا تعلق الأمر بالتعددية السنية – العلوية، تحولت العلمانية الى مدافع عن السنة ضد العلوية([25]). فأصبح الإسلاميون يقبلون بالعلمانية والديمقراطية الغربية التي لا تُعادي الدين، وفي هذا الصدد يقول رجائي قطان رئيس حزب الفضيلة : إن تركيا لا تطبق علمانية حقيقية. ونحن ندعم العلمانية المطبقة في دول الإنغلوساكسونية في جميع جوانبها([26]).

        ترى التجربة السياسية الإسلامية القديمة والجديدة أن مفهوم العلمانية الذي صاغه كمال أتاتورك , وما تزال فئة متعصبة من العلمانيين تتبناه، تعني فصل الدين عن الدولة وإخضاع الدين ومؤسساته لسلطة الدولة , بينما تحاول النخبة الإسلامية المؤطرة في التجربة السياسية الإسلامية أن تبتعد بالدين وتنأى به عن أن يكون تحت سيطرة الدولة، وتكفل له استقلالاً معيناً , وهذا ما يحقق تحولاً في مفهوم العلمانية داخل تركيا من علمانية دكتاتورية وقسرية يخضع فيها الدين لسلطان الدولة إلى علمانية حقيقية تكفل مزاولة الدين والحريات الدينية للجميع([27]). فأخذت تركيا تعيش أزمة الهوية الحضارية منذ إنتهاء الحرب الباردة، وبرزت بعد أن أخذت قطاعات واسعة من الشعب التركي ترفض إرتباطها المطلق بأوربا والغرب وتطالب النخب السياسية الحاكمة بفك إرتباطاتها بالمؤسسات الغربية([28]).

        وتركيا دولة متعددة القوميات يقطنها الأتراك في غرب الأناضول، والأكراد في شرق الأناضول، والعرب في لواء الأسكندرونة، واللاز على شواطئ البحر الأسود، والأرنؤوط في تراقيا، ولكن القوميتين الرئيسيتين هما التركية والقومية الكردية. ومن المؤسف إن السلطات الرسمية لا تعترف بهذه الحقيقة ولا تعترف بوجود أي قومية عدا التركية ([29]). وتتحدث بنود الدساتير (1924 و1961 و1982) عن المواطنين الترك فقط، وكل من يلقي نظرة عليها لا يعتقد بوجود عناصر أخرى من غير الترك في البلاد([30]).

        والحقيقة أنه كان هنالك، بين الفينة والأخرى، تمزق في المجتمع التركي ناتج عن أعمال العنف بين الأغلبية السنية والأقلية من العلويين الذين يُشكلون 20 % من سكان تركيا. وعلى أية حال، إن الإنشقاق الديني والعرقي يوفر أيضاً فرصاً مهمة للتدخل في الأمن الداخلي لتركيا، وعلى الأخص من قِبل العراق وسوريا وإيران. أن التهديد الأكثر خطورة للمجتمع التركي المتعدد الأعراق نشأ عن المطاليب الإنفصالية للمتطرفين من أكراد تركيا، الذين يمثلهم حزب العمال الكردستاني (P. K. K.). فقد حصل هذا الحزب على الدعم من هذه الدول المجاورة لتركيا([31]).

        وكان من شأن تفاقم النزعة القومية التركية, أن يضفي على الموقف التركي من المسألة الكردية طابعاً قومياً متشدداً , الأمر الذي يجعل تسوية هذه المسألة أكثر تعقيداً([32]). وتركيا كانت على الدوام إنموذجاً لقمع الأقليات العرقية (الأكراد) والمذهبية (العلويين) وإنتهاك حقوق الإنسان([33]). فالعلاقة بين الأكراد وتركيا يطغى عليها شعور عام بالغبن وفقدان الثقة وذلك جراء سجل تأريخي يذخر بأعمال قمع و فضائع إرتكبتها السلطات الحاكمة في أنقرة ضد الأكراد بهدف صهرهم في بوتقة القومية التركية ووصفهم بـ “أتراك الجبال” حيث أن إستمرار تمسك أنقرة بهذه السياسة المنهجية بكنهها العنصري والمتخلف يبقى يشكل بُعداً حقيقياً لأزمة العلاقة بين الكرد وتركيا ويقوض أسس إطلاق حوار تركي ـــــ كردي  يُرسِ قواعد للتفاهم والبحث عن حلول ترضي الكرد والترك في إطار تركيا المعاصرة([34]).

لم تكن تركيا تعترف بأكرادها كأقلية, ولا تسمح بتدريس لغتهم الثقافية في المدارس, ولا الجامعات ولا بتداولها في الإذاعات ومحطات التلفزة, ولا بإصدار صحف كردية ولا حتى بكتابة دعوات حفل زواج أو قصائد حب باللغة الكردية([35]). فسعى حزب العمال الكردستاني من خلال العمل المسلح الى إقامة دولة قومية بإسم “كردستان”. وكردستان إسم المنطقة التي يؤلف عليها الكرد غالبية ساحقة من السكان، حيث يزيد عددهم عن تلك الأقليات الساكنة بين ظهرانيهم. وكردستان بالمفهوم الواسع يُقصد بها بلاد الكُرد بوصفهم مجتمعاً ذا وحدة قومية متكاملة ومتجانسة، و ذات مزايا طبيعية و إجتماعية و تاريخية([36]). لذا فإن لأزمة حزب العمال الكردستاني أهمية دولية كبيرة لأنها تُعد بمثابة مسألة حقوق إنسان في الغرب تلحق الضرر بطلب تركيا الإنتماء الى الإتحاد الأوربي([37]).

وتجدر الإشارة أن حزب العمال الكردستاني يستمد قوته ودعمه من دعم الشعب الكردي له، وكذلك من مساندة بعض الدول المعادية للسياسة التركية، …. ناهيك عن دور المهجر الكردي في القارة الأوربية وبخاصةً في ألمانيا([38]). و البعد الدولي للمسألة الكردية في تركيا كان له أثر كبير في إستمرارها وشدتها. وكما هو معروف في الدراسات الكلاسيكية عن حركات التمرد، فإن قمع مثل تلك الحركات يتطلب إنهاء مصادر دعمها الخارجي([39]). لذا أُعتبر حزب العمال الكردستاني, واحداً من القضايا الأمنية الحساسة التي تثير قلق الأتراك, وتربك إستقرارهم وتطلعهم في الإهتمام للقضايا التنموية([40]). فسعت أغلب الحكومات التركية السابقة الى حل القضية الكردية والتمرد المسلح المتمثل بحزب العمال الكردستاني من خلال القوة العسكرية المفرطة، حتى طُرحت فكرة إنشاء مشروع (الكاب – GAP) وهو مشروع إقتصادي تنموي تقع أغلب المساحة التي يشغلها في المناطق ذات الأغلبية السكانية الكردية –الذين يبلغ تعدادهم في تركيا بين 12 و 15 مليون نسمة- وهذا المشروع حيوي بالنسبة لتركيا ليس على المستوى الإقتصادي فحسب بل على الأمني والسياسي([41]). وهذه إحدى مساعي تركيا الحثيثة لإلغاء العنصر الكردي، وإزالة وجوده بشتى السبل، وتعتقد القيادة التركية إن مشروعها هذا سيؤمن تتريك المنطقة من خلال الجذب السكاني لها، وتأمين متطلبات إضافية للسيطرة في تحقيق القضاء على القومية الكردية([42]).

 ولا زالت تركيا تعاني من معوقات لسعيها الى الإنضمام الى الإتحاد الأوربي. من هذه المعوقات وجود إنقسام حتى الآن –وبعد مرور أكثر من سبعين عاماً– على هوية تركية بين العلمانيين والإسلاميين وبين أهل السنة والعلويين؛ وعرقياً بين الأتراك والأكراد. وتُشكل هذه المعوقات صراعات إجتماعية ممتدة؛ تخبو أحياناً ولكنها تبقى بؤراً متفجرة([43]). فوضع الإتحاد الأوربي معايير كوبنهاكن(*) شرطاً أساسياً لإنضمام تركيا الى الإتحاد الأوربي.

قبل الإنتخابات البرلمانية العامة لعام 2002 كانت تهديدات الديمقراطيين وحزب الحركة القومية وعدائية حزب الشعب الجمهوري وقيام الجيش بعمليات عسكرية ما وراء الحدود والإشارات المناهضة للأكراد في مسيرات الجمهورية أدى إلى إن ينظر الشعب الكردي إلى حزب العدالة والتنمية كأهون الشرّين، وإنه ليس حزباً “محباً للأكراد” لكنه لم يعلن عن سياسة عدائية تجاههم علناً وكان هذا سبب إعطاء الأكراد أصواتهم لحزب العدالة والتنمية ([45])   ولأن المسألة الكردية تُعد جزءاً أساسياً من الديمقراطية في تركيا، و ليست مسألة إرهاب([46]). حرص حزب العدالة والتنمية منذ قدومه إلى الحكم في تركيا في تشرين الثاني 2002 على أن يستشرف طرقاً جديدة للتعامل مع المسألة الكردية, عوضاً عن الطريقة الأمنية التقليدية للتعاطي مع الموضوع. وتركز خطاب الحزب على كون العوامل المسببة لهذه المشكلة لا تنحصر في البعد السياسي المحض فحسب, بل تتعداه لتشمل مطالب مشروعة لسكان المناطق الكردية في جنوب شرق تركيا, كضرورة وجود ممارسات ديمقراطية حقيقية, وتحسين أوضاعهم الأمنية والإقتصادية والإجتماعية وحتى الثقافية ([47]).

التركيبة السكانية: كان آخر تعداد رسمي في عام 2007، حيث بلغ عدد سكان البلد 70,586,256 نسمة. ويقدر عدد السكان في البلاد 74,7 مليون نسمة في نهاية عام 2011 (بناءً على نظام تسجيل عنوان السكن في تركيا)، ما يقارب ثلاثة أرباع السكان يعيشون في البلدات والمدن. وفقاً لتقديرات عام 2009، يتزايد عدد السكان بنسبة 1,5% سنويا. تركيا لديها متوسط الكثافة السكانية 92 شخصًا لكل كيلومتر مربع. يشكلون الناس داخل الفئة العمرية 15-64 ما نسبته 67% من مجموع السكان، والفئة العمرية 0-14 ما نسبته 26%؛ بينما كبار السن من المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 65 عاما فما فوق يشكلون 7% وفي عام 1927، بلغ عدد سكان الجمهورية التركية 13,6 مليون نسمة حسب الإحصائية الأولى مُنذ اقامة الدولة التركية([48]).

غالبية ديانة الشعب التركي هي الإسلام، حيث تصل الى 99 %، والأقليات الدينية التي فيها المسيحية واليهودية 1 % من مجموع الشعب، العِرق السائد هو التركي بنسبة 70 – 80 % من مجموع السكان. ونسبة الأقليات هي الأكراد (20 – 30 %)، الزازيون (3 – 2 %) (فرع من الأكراد يتكلمون لهجة خاصة بهم وهي فرع من اللغة الكردية)، العرب (2 %)، الشركس (0.5 %)، الجورجيون (0.5 %)، أقليات أخرى : أرمن، يونان، آشوريون، آراميون، كلدان (مع العلم أن الآشوريين السريان الكلدان (الآراميون) هم شعب واحد وقومية واحدة ينتمون لكنائس متعددة). بوسنيون، ألبان، شيشانيون، بلغار، لازيون وغيرهم. تُعد الأقليات القرمية، التتارية، الأذرية، الغاغازية، الأوزبكية، القرغيزية، التركمان الكازاخية أقليات تركية([49]).

 تحتل تركيا المرتبة الــ 17 عالمياً من حيث تعداد السكاني، ويؤهلها هذا الكم البشري من لعب دور هام على الصعيد الإقليمي والدولي في مختلف المجالات السياسية والإجتماعية والثقافية والعسكرية والدينية. …. من الناحية الديموغرافية يغلب الطابع العمري الشاب على التركيبة السكانية ويعيش معظم الأتراك في المدن وهذا يعني أن تركيا دولة فتية في المعيار الهرمي تتمتع بديناميكية شابة مقارنة بشعوب أوروبا، التي أصبحت تعاني من إنخفاض كبير في هذه الفئة العمرية حتى وصفت قارة أوربا “بالقارة العجوز”، كما ويشكل تعداد الشعب التركي عنصر توازن مع المحيط الإقليمي القريب الفارسي والعربي والأوروبي بما يسمح بممارسة تأثير في أربعة جهات لاسيما في “العالم التركي” الذي يضم 200 مليون نسمة غرب الصين الى حدود أوروبا([50]).

 إن الهوية القومية لتركيا متجسدة في الطبقة الحاكمة أو النخبة، مع وجود إلتزام قومي في المبادئ الكمالية لا تزال تؤثر كثيراً على السياسات الداخلية والخارجية لتركيا. غير أن ذلك لم يبعد حالة الدمج الثقافي والديني بالعالم العربي والإسلامي من قبل عامة الناس([51]).

 ويرى الأستاذ محمد نور الدين، إن تركيا بلد لم يغادر بعد أزمة هويته المتأرجحة بين الشرق والغرب ليكون في تقلّب دائم لا يركن الى ثباته تبعاً للمصالح والأهواء والأحلام([52]). وإذا ما أريد للمجتمع التركي أن يستقر فيتوجب على قادته ضمان قدر أدنى من التلاحم بين أفراده، وجعل هؤلاء الأفراد يؤمنون بصحة أساس ذلك المجتمع وتوجهاته السياسية الداخلية والخارجية، وهذا يتطلب إحترام ”هوية المجتمع الإسلامية“ ونمط حياة أفراده وثقافتهم وموروثهم الديني والحضاري([53]).

2- 3- المؤسسة العسكرية :

        إن المؤسسة العسكرية في كل بلدان العالم، تُنشأ لغرض حماية أمن الدولة والدفاع عنها من الأخطار الخارجية، كالعدوان أو الإحتلال الأجنبي أو حماية الحدود من تسلل المخربين والمهربين والإرهابيين وغيرهم و منع الإنفصاليين من تحقيق أهدافهم. إذن وظيفة هذه المؤسسة مرتبطة مباشرة بالأمن القومي للدولة وإستقرارها. كثيراً ما يُعرَّف الأمن القومي في العلاقات الدولية بإنه قدرة الدولة على الدفاع عن نفسها من الأعداء الذين يهددون، من خلال الهجوم الخارجي أو التخريب الداخلي، سلامة حدودها او وجودها الفعلي . إن التصور التقليدي للأمن القومي يؤكد على الأمن العسكري ويركز على القدرات العسكرية للدولة للردع أو الدفاع ضد تهديدات العنف.

إن ذلك التصور محدود جداً، فهو على سبيل المثال، لا يُفسر التفكيك السريع للإتحاد السوفيتي، الذي كان دولة تحظى بمركز قوة عظمى وذات قدرات عسكرية متفوقة([54]).إذن إن القوات العسكرية في كل بلدان العالم تتشكل بأحجامها وأنواعها وأفرعها وصنوفها حسب عقيدة “سبب تَشكيلهِ” صانع القرار والقادة العسكريين “توسعي” أو “دفاعي”، وحسب طبيعة جغرافية وبيئة ومساحة وحدود تلك الدولة، وحسب حجم وشدة المخاطر – الماثلة والمُحتملة – التي تواجهها الدولة. فالقدرة العسكرية يُقصد بها إمكانية الدولة في خوض الحرب أو ردع الدول الأخرى عن طريق القيام بالهجوم عليها، ومن عواملها الرئيسة: عدد الأفراد الممكن تعبئتهم لحمل السلاح وكميات وأنواع السلاح المتوفرة، والموارد المالية للإنفاق العسكري والبيئية الجغرافية، هذه فضلاً عن العناصر غير المادية المتمثلة في القيادة والتدريب والمعنويات([55]).                                     فتركيا تواجه مخاطر خارجية (مشاكل مع اليونان وسوريا و دول أخرى) و مخاطر داخلية (صراع ديني – علماني . وصراع إجتماعي : مشكلة الأقليات) لا تقل شأناً عن الأولى. وعلى نحوٍ مماثل فإن الأمن القومي لتركيا هو أوسع من قدرتها الدفاعية، وأكثر تعقيداً من مقدرتها على الإحتفاظ بمؤسسة عسكرية أو أجهزة أمن داخلي. …. فالمشكلة الحقيقية بالنسبة لقدرات تركيا العسكرية هي أن تركيا تعيش في جوار قاسٍ أو عسير، ولذا يمكن أن تكون هناك إستدعاءات عديدة لقواتها المسلحة لحماية مصالحها. …. فهي لا تستطيع حل مشكلات أمنها القومي من خلال الوسائل العسكرية أساساً([56]).  لذا؛ فقد ترجم العقل السياسي التركي صياغة جديدة لمبادئ الأمن القومي والمصالح العليا التركية وفقاً للمتواليات الفكرية الآتية([57]):  1– إعتماد الأمن القومي التركي على علاقات حسن الجوار وبناء جسور الثقة مع دول المنطقة.

2– إعتبار تركيا أساساً، دولة شرق أوسطية و بلقانية – بحر متوسطية قبل أن تكون دولة أوربية.

3– تعديل السياسة الدفاعية التركية بما يتوافق ومتطلبات التوازن العالمي الجديد، ومتطلبات الإقتصاد الوطني التركي، وأولويات ومصالح الدولة التركية ذاتها.

4– توافق السياسات الدفاعية التركية وإلتزامات تركيا في حلف الأطلسي بحيث يكون حجم ونوع مساهمتها في التحالف عاكساً لحجم ونوع مساهمة التحالف الأطلسي وتحقيق أمنها ومصالحها.

و نلاحظ أن تركيا كثيراً ما تلجأ الى أسلوب التحالفات والإتفاقات الأمنية الثنائية والمتعددة الأطراف، كعضويتها في حلف الناتو و الإتفاقية الأمنية المعقودة بينها وبين إسرائيل وإتفاقاتها الأمنية المعقودة بينها وبين إيران وكذلك بينها وبين العراق وبينها وبين سوريا.

 وفضلاً عن القدرات العسكرية هناك أربعة متغيرات مهمة أخرى، تؤثر في الأمن القومي  هي: الشرعية السياسية، والتسامح الديني والعرقي، وتوفر الموارد الطبيعية الأساسية، والقدرات الإقتصادية. إن هذه المتغيرات متداخلة أو متكاملة بحيث إن أية تغييرات في أحدها ستفضي الى تغييرات في الأخرى([58]). وهذا ما كانت تتجاهله الحكومات التركية السابقة معتمدة على القوة العسكرية فقط كأداة في تثبيت أمن وإستقرار البلاد في مناطق جنوب شرق البلاد.

يتكون الجيش التركي من أربعة أفرع أساسية هي: القوات الجوية، والقوات البحرية التي تتبعها قوات حرس السواحل، وقوات الجندرمة، والقوات البرية. ويبدأ التسلسل القيادي في الجيش من رئيس الدولة، ثم رئيس الوزراء، فرئيس الأركان العامة، والذي يليه قيادات الأفرع الأربعة، قائد القوات الجوية، قائد القوات البحرية وقائد حرس السواحل، قائد قوات الجندرمة، قائد القوات البرية([59]). مع بداية الحرب الباردة بين القطبين الدوليين الرأسمالي (الولايات المتحدة الأمريكية) و الشيوعية (الإتحاد السوفيتي) كان على تركيا أن تكون مع أحد الأطراف لتحمي نفسها من الطرف الثاني، فإختارت الطرف الرأسمالي الغربي، لأنها كانت تطمح بأن تكون متقدمة كواحدة مثل هذه الدول، ولأسباب كثيرة قبلت الولايات المتحدة تركيا عضواً في حلف الناتو (هذا الحلف الذي تأسس لمواجهة الإتحاد السوفيتي والدول التي تسانده). فأصبح للقوات المسلحة التركية إستراتيجيتان، دفاعيتان هما([60]): إستراتيجية حلف شمال الأطلسي  N. A. T. O. . و الإستراتيجية القومية .

ومن الناحية العسكرية إن لموقع تركيا وطبيعتها الطبوغرافية الجبلية والسهلية والساحلية ومناخها المتنوع إنعكاساً على شخصية الشعب التركي، يولّد توليفة من السلوك المعتدل لدى التركي مع القدرة على التأقلم وقوة الشخصية والكرم والنخوة مع القدرة على الصبر. وتشكّل هذه الصفات عناصر مثالية لشعب مقاتل يُشكّل الجيش دوماً ركيزته الأساسية في بناء الدولة والإرتقاء الإقليمي والدولي بما يعطي الأتراك سمة مميزة وقيمة مضافة على غيره من الشعوب في هذا المجال([61]). وتُعد تركيا من أبرز الدول التي ظهرت فيها المؤسسة العسكرية كقوة سياسية على المسرح السياسي ولمدد طويلة وإن ظهور المؤسسة العسكرية بهذا الشكل يعود الى كون إن الدولة العثمانية كانت ذات طابع حربي، حيث كانت في حروب دائمة، وأن أغلب إمكاناتها كانت مخصصة بالدرجة الأولى لتعزيز هذه المؤسسة([62]).

 إن من مظاهر وسمات الجيش هي التمسك بمبادئ أتاتورك الست: الجمهورية، والشعبية، والقومية، والعلمانية، والدولتية، والثورية (الإصلاحية)، لضمان إزدهار الجمهورية وقد عدَّ مصطفى كمال الجيش والشبيبة مسؤولان للحفاظ على مكاسب الجمهورية وإستقلالها وسيادتها، وعلى هذا الأساس فإن الجيش يحاول إقتحام الحياة السياسية في حالة وجود إنحراف نحو المبادئ الكمالية([63]).

        والضباط في الكليات والأكاديميات العسكرية يُلقنون مبدأً رئيساً، هو أنهم ليسوا فقط حماة للوطن، وإنما أيضاً حماة للنظام الديمقراطي / العلماني. وهذا الشعار ركن في قانون الخدمة الداخلية للقوات المسلحة، وهو الأساس الشرعي لتدخل الجيش في السياسة([64]).وقد تدخلت المؤسسة العسكرية التركية بالشؤون السياسية كثيراً وبشكل واضح، والى حد القيام بإنقلابات عسكرية وإسقاط الحكومات، كما في27 آيار عام1960 و في12 آذار1971 و في12 نيسان1980، وقاموا بإسقاط حكومة نجم الدين أربكان بشكل غير مباشر (عن طريق التهديد الشديد) عام1997. ويعتبر الجيش التركي الإسلاميين والأكراد الإنفصاليين هم أخطر أعداء تركيا ولا يقلون شراً عن التهديدات الخارجية.

        ويحرص الجيش بعد كل إنقلاب عسكري على أن لا يترك السلطة للمدنيين إلاّ بعد سن دستور جديد أو تعديل بعض مواد الدستور القائم على نحو يرزح لنفوذ المؤسسة العسكرية داخل الحياة السياسية والمدنية([65]). فالدستور التركي – بشكل غير مباشر – يمنح المؤسسة العسكرية حق التدخل لحماية الأمن القومي التركي، وينص على أن القوات المسلحة التركية هي المسؤولة عن الحفاظ على الأمن القومي التركي، خارجياً وداخلياً، ولهذا السبب فهم لا يعتبرون أي تدخل عسكري إنقلاباً، بل تدخلاً دستورياً لحماية الأمن القومي التركي([66]). والمشكلة تصبح أدهى و أخطر حين نعلم إن أي إنقلاب عسكري, وفقاً للقوانين, لا يعتبر غير شرعي, بل منصوص عليه في المادة 35 من “قانون المهمات الداخلية للجيش” الذي يسمح له بوضع يده على إدارة البلاد في حال شعر أن الجمهورية العلمانية في خطر([67]).                    إنَّ الموقع المتميز للمؤسسة العسكرية في تركيا والذي أتاح لها مراقبة المؤسسة السياسية والحياة الحزبية والتدخل فيها ومحاسبتها، بإعتبارها القيّمة على المبادئ الأتاتوركية والمسؤولة عن الإلتزام بها، حتم على جميع الأحزاب السياسية الإلتزام بسياسة خارجية واحدة وتكاد تكون ثابتة وخاصة ما يتعلق منها بالعلاقة مع الغرب. ولم يحل تبادل الأدوار والمواقع بين الأحزاب التركية دون تنفيذ هذه السياسة والإلتزام بها وإن إختلف أسلوب بعضها عن البعض الآخر([68]).

        و في ظل أوقات الحكم الدستوري – الديمقراطي، وفي كل الأحيان كان المدنيون واجهة النظام، وكان العسكريون قاعدته الرئيسة، ليضع بذلك سقفاً على حركة النظام والمجتمع . … إن مركزية دور المؤسسة العسكرية التركية يعود الى ما حدده لها الدستور والقوانين، وأيضاً الى التراث من التعاليم والمبادئ التي تشربت به النخبة العسكرية على مدى العقود الثمانية الماضية. هي التي جعلت هذه المؤسسة تتدخل في الشؤون السياسية والثقافية والمدنية أو تعمل على تحديد ملامح هذه الشؤون. … والجيش التركي هو ثاني أكبر الجيوش من حيث العدد، في حلف الناتو، بعد الولايات المتحدة([69]). فهو أكبر من الجيشين الفرنسي والإنكليزي مجتمعين (دون إحتساب الإحتياطي التركي 380 ألف)([70]). أما من حيث كم ونوع القوات المسلحة فإن تركيا هي الدولة الثامنة في العالم([71]).       ولدى تركيا أكبر جيش في المنطقة من حيث الحجم والتسليح طبقاً لكتاب التوازن العسكري الذي أصدره المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بلندن عام 1995([72]). مع توسع وتنوع نطاق العقود التسليحية مع دول كثيرة, وميل المسؤولين الأتراك لإمتلاك قدرات نووية([73]).

و لتركيا قوة مسلحة أكثر فعالية نسبياً من تلك التي لدى العراق أو إيران. وقد أعلن الجيش التركي برنامج للتزود بالأسلحة التقليدية بقيمة 150 بليون دولار على مدى 25 عاماً. وإن جزءاً من هذا يمثل تحسين القدرات بأسلحة غربية أكثر حداثة([74]).                                 يقول سيفي طاشهان: “لم يكن هدف القوة العسكرية التركية توسعياً، ولم يكن هدفنا جعل العالم تابعاً لنا، بل هدفنا أن نكون دولة فاعلة ومفيدة في المنطقة. …. إن تركيا مضطرة لإمتلاك قوة عسكرية قوية كونها تريد السلام، ويجب أن تُصرح تركيا عن إمتلاكها للقوة العسكرية، كي تقطع الطريق أمام آمال بعض الدول التي تنتج أسلحة الدمار الشامل وإلحاق الضرر بالمصالح التركية، … يجب أن تكون القوات المسلحة التركية قوية سواء إستخدمناها أم لم نستخدمها، كي تكون قوة رادعة وليس من أجل الإحتلال. إن كل ذلك يهدف الى الردع”([75]).

 معظم أنظمة التسلّح التي تستخدمها القوات التركية أميركية المصدر، لكن تركيا عملت خلال السنوات الأخيرة على الإعتماد على أنظمة تسلح من دول أخرى أيضاً منها: ألمانيا، أنكلترا، فرنسا، روسيا، وإسرائيل. وفي موازاة ذلك، تقوم تركيا بإنشاء صناعتها الدفاعية الخاصة لتحقق الإكتفاء الذاتي من ناحية صناعة الأسلحة، وهي تسعى أيضاً الى الدخول في مشاريع إنتاج وأنظمة تسلّح مشتركة وذلك بالحصول على تراخيص إنتاج من بلد المنشأ، الأمر الذي يسمح بإنتقال التكنولوجيا إليها، وهي باشرت بعض المشاريع الخاصة بها([76]).

فقد تسلم الجيش التركي في تشرين الثاني 2007 أول منظومة دفاعية مضادة للطائرات صممت وصنعت محلياً بالكامل من قبل شركة تركية في إحتفال حضره رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بعد تعيين مراد بيار رئيس مستشارية التصنيع الحربي والذي قرر تجنب مشاريع التصنيع المشترك (مع إسرائيل) والعمل على تطوير القدرات المحلية([77]).

لقد علمتنا الخبرة التأريخية بأن: تركيا تختار اللجوء الى إستخدام القوة العسكرية عندما تشعر بأن مصالحها قد تعرضت للتهديد، وأن لها خبرة عسكرية ناتجة عن حالات الإستخدام الفعلي لقوتها العسكرية، و تلعب المؤسسة العسكرية التركية دور حيوي وخطير في الحياة السياسية لتركيا، و تظهر تركيا تفوقها العسكري بين الفينة والأخرى للحفاظ على مكتسباتها([78]).

و تقوم عقيدة القوات المسلحة التركية على أربع نقاط أساسية([79]) :                                    1– الردع: عبر الحفاظ على قدرات تركيا العسكرية وتأمين تقدمها في هذا المجال بشكل يؤمن قوة ردع قلب المنطقة التي تعتبر بيئة خصبة لعدم الإستقرار والمخاطر المحيطة بتركيا. بمعنى تأمين الناحية الدفاعية بشكل يمنع الآخرين من إعتماد الهجوم.                                       2– المساعدة في إدارة الأزمات أو حلها عبر المساهمة العسكرية: المهمات الأساسية في الجيش التركي وهي تعطي نموذجاً عن الجيش الذي يعمل على نشر الأمن والإستقرار وتأمين السلام، وهو دور تفتقده معظم جيوش العالم، لذلك نرى تركيا من أكثر الدول مساهمة في عمليات حفظ السلام أو حل النزاعات عبر الأمم المتحدة أو الناتو.                                                  3– الدفاع المتقدم: ويعني القدرة على تشخيص المخاطر مبكراً والعمل على تحديد التحرك العدواني المرتقب ضد الدولة التركية وضد قدرتها على المشاركة في حفظ الأمن والسلم الدوليين وإيقافه.

4– الأمن الجماعي: وهو عنصر مهم في عقيدة الجيش خاصةً فيما يتعلق بالمشاركة في أحلاف إقليمية أو منظمات دولية . … ويتمثل المحور الأساسي الذي تستند إليه عقيدة الجيش التركي في مبدأ أتاتورك “سلام في الداخل، سلام في العالم”.

لكن تركيا تستمر في الحفاظ على إنحيازها للغرب ولإسرائيل  لأن هذا يسهل لها تطويرها لقدراتها العسكرية لمواجهة أو ردع تهديدات عسكرية من أطراف متعددة([80]).

تُعد المشكلة الكردية – التركية التي بدأت بثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925 و للآن. أحد أبرز مشكلات تركيا المستديمة والتي ترفض بكل توجهاتها الفكرية والسياسية المختلفة الإعتراف بالأكراد كقومية داخل تركيا. وهي ساعية الى صهر وتذويب العنصر الكردي في المجتمع التركي, بدءاً بتسمية الأكراد بـ (أتراك الجبل) ورفع كل ما يمت إلى الكرد في القواميس والمعاجم التركية([81]). فعندما نتحدث عن الجيش التركي لا يمكننا عدم التطرق الى قضية القومية الكردية في تركيا.

        حرص حزب العدالة والتنمية قبل وبعد قدومه إلى الحكم في تركيا في تشرين الثاني 2002 على أن يستشرف طرقاً جديدة للتعامل مع المسألة الكردية, بدلاً عن الطريقة الأمنية التقليدية. وتركز خطاب الحزب على كون العوامل المسببة لهذه المشكلة لا تنحصر في البعد السياسي المحض فحسب, بل تتعداه لتشمل مطالب مشروعة لسكان المناطق الكردية في جنوب شرق تركيا, تتعلق بضرورة وجود ممارسات ديمقراطية حقيقية, وبتحسين أوضاعهم الأمنية والإقتصادية والإجتماعية وحتى الثقافية, ورأى الحزب بأن أنسب وسيلة للتعاطي مع هذه القضية هي بفسح المجال للمزيد من المشاركة السياسية وأدخل الحزب في برنامجه الترويج للتعددية الثقافية, و رحب بتنظيم نشاطات ثقافية بلغات أخرى غير اللغة التركية, وعدها مكسباً مهماً لتعزيز الوحدة الوطنية في تركيا([82]). وهذا ما زاد من شعبية حزب العدالة والتنمية في المناطق ذات الأغلبية الكردية. ويتبنى الحزب موقفاً حذراً من الجيش([83]). وعمل الحزب على إبعاد الجيش عن التدخل في شؤون السياسية والإدارية.

إن أردوغان ينظر إلى نسبة الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية من الأكراد ويقول: “إن حزب العدالة والتنمية هو الممثل الحقيقي  للشعب الكردي” وبذلك يريد التستر على المشكلة الكردية وإنقاذ المشهد من خلال القيام بتعديلات شكلية بما يخص الديمقراطية ويريد إستخدام القوة الديناميكية الكردية ضد الجيش من خلال كسب البلديات التي حصل عليها حزب المجتمع الديمقراطي (الكردي) في تركيا والقاعدة الجماهيرية لصفوف حزب العدالة والتنمية([84]).

صرَّح رئيس أركان الجيش التركي يشار بويوكاينت في الثالث من آذار 2008: “إن السلاح وحده لن يحل المشكلة الكردية في تركيا”. كما أشار قائد القوات البرية التركية الجنرال ألكر باشبوغ إلى وجود (حلقة مفرغة) تقود الشباب الأكراد للإلتحاق بصفوف حزب العمال الكردستاني, والسبب في ذلك هو الدعاية الفاعلة والمزيد من الفقر”([85]).                                        وبعد أن فرض الإتحاد الأوربي على تركيا تنفيذ معايير كوبنهاكن، تبدي بعض القطاعات والنخب العلمانية قلقاً بل وترددا, على إعتبار أن عضوية تركيا في الإتحاد الأوروبي, قد يضعف الأمن القومي التركي, إلى جانب إضعاف دورهم هم كنخبة لها نفوذها وتأثيرها في البلاد([86]).      قدم حزب العدالة والتنمية مجموعة تعديلات (سبع حزم قانونية) الى البرلمان فصادق عليها في 30 تموز 2003، وكانت هذه الخطوة نقطة التحول الأقوى في العلاقة بين العسكر والمدنيين داخل مجلس الأمن القومي التركي وأمانته العامة، حيث تناول التعديل الخاص بمجلس الأمن القومي محورين يقضي كلاهما الى تقليص وضعية المؤسسة العسكرية داخل الحياة السياسية التركية، وهما إلغاء هيمنة المؤسسة العسكرية على بنية مجلس الأمن القومي وتقليص سلطات المجلس التنفيذية. وصار عدد أعضاء مجلس الأمن القومي (9) مدنيين مقابل (5) من العسكر، بعد أن كان عدد المدنيين (4)([87]).

        والواقع إن العلمانية العسكرية في تركيا، مستعدة لأعلى المغامرات لحماية نفسها وإمتيازاتها([88]). حيث قام مجموعة من القيادات الكبيرة في الجيش التركي  بالتخطيط لمحاولة إنقلاب كبيرة على حكومة العدالة والتنمية.

وتمثل حادثة تقديم رئيس هيئة الأركان التركية الجنرال (إيشيق قوشانر) وقادة أفرع القوات المسلحة (البرية والجوية والبحرية) إستقالتهم في أواخر تموز 2011 وقبل إنعقاد المجلس العسكري الأعلى، وقرار رئيس الوزراء أردوغان بسرعة قبوله لهذه الإستقالات، ومصادقة رئيس الجمهورية التركية عبد الله غول – السريعة – على قبول أردوغان لهذه الإستقالات وكذلك على قرار أردوغان تعيين الجنرال (نجدت أوزال) قائد قوات الأمن الداخلي رئيساً لقيادة القوات البرية ونائباً لرئيس الأركان، مؤشراً على مدى إدراك القيادة السياسية التركية لحالات الوضع المتأزم مع الجيش وإمتلاكها لرؤية واضحة ومحسوسة إزاء مختلف التطورات المُحتملة. لقد أراد القادة العسكريون الأتراك بتقديم إستقالاتهم القيام بخطوة إستباقية قُبيل إنعقاد المجلس العسكري الأعلى من أجل ممارسة الضغط على أردوغان بصفته رئيساً للمجلس في إتجاه ترقية أو إقالة جنرالات مُعتقلين على ذمة قضايا التخطيط للإنقلاب على الحكومة المدنية، وقد عُرفت تلك القضايا بأسماء (أرغنكون)، و(المطرقة)، وقضية (وثيقة) للقضاء على حزب العدالة والتنمية وحركة (فتح الله غولين) الإسلامية([89]).   وتراجع دور العسكر الذي وجد في الوقت نفسه رئيساً لأركانه أكثر إنفتاحاً وإعتدالاً وإلتزاماً بـ “الإرادة السياسية” (أي الحكومة) من أي رئيس أركان آخر، ألا وهو الجنرال حلمي أوزكوك([90]). يعد حزب العدالة والتنمية الجيش التركي هو جيش الجميع وهو حامي الوطن والوحدة والتماسك في البلاد خصوصاً في هذه الظروف الداخلية والخارجية الصعبة التي تمر بها تركيا والمخططات التي تحيق بالمنطقة. …. وسيحاول حزب العدالة والتنمية لعب ورقة الجيش كقوة تدفع تركيا إلى الأمام في العلاقات مع الإتحاد الأوروبي ومع الولايات المتحدة الأميركية وضمن منطق تعزيز دور وموقع تركيا إقليمياً ودولياً”([91]).

ويقول فائق بولوط “لا توجد أرضية وظروف الآن لتدخل الجيش في السياسة. وتشير الإستطلاعات إلى إن الجيش لا يزال هو المؤسسة المرموقة في تركيا , وتؤكد إن الإنسان التركي لا يؤيد تدخل الجيش بالسياسة”([92]).

2- 4- الإقتصاد الوطني:  يُعد عامل الإقتصاد من العوامل المهمة في زيادة قوة الدولة، لذا أصبح صُناع القرار في كل بلدان العالم يُلونها إهتماماً كبيراً، لأن هذا العامل إذا ما تعرض الى خلل أو ضعف كبير فإن له تداعيات عنيفة على الأمن القومي للدولة قد يؤدي الى إسقاط الحكومات. وتركيا كثيراً ما تعرضت الى عدة هزات إقتصادية عنيفة بسبب سوء السياسة المالية والسياسة الإقتصادية للحكومات المتعاقبة على الحكم قبل عام حكومة حزب العدالة والتنمية .

فهناك أشكال وجّدت فيها المسائل الإقتصادية طريقها للدخول والنقاش السياسي في بيئة كان فيها تكوين الدولة القومية معتمداً على تحديد معالم الإقتصاد بشكل خاص. وحسب التعريف الأساسي كان الإقتصاد يعني التنمية، أو التحديث: أي عملية التقدم المستمر الهادف الى “اللحاق بالغرب”، والتي فيها يتم كافة موارد البلد، ومن ضمنها المواطنين. وبما أن التحديث كان أساساً لبناء الدولة الجديدة، فإن تحديه يعني تحدي الجمهورية نفسها. ومنذ ذلك الوقت، كان هذا التعريف للإقتصاد سمة مميزة للسياسة التركية وكان يعني إن الإقتصاد، داخل الدولة التركية، كان يُبنى دائماً كمجال مستقل عن الجدل السياسي. وبغض النظر عن كون الإقتصاد مجال للصراع بين الذين يملكون والذين لا يملكون، فإنه كان يُعتبر نشاطاً وطنياً، وهدفاً عاماً يُعد الإعتراض عليه سلوكاً غير وطني([93]).

ورغم النمو المهم منذ تحويل الإقتصاد التركي الى الإقتصاد الحر في عام 1980، فإن الإقتصاد التركي قد أبتلي بالديون الحكومية والعجز في الميزانية وبنسبة التضخم العالية نسبياً. وقد ناضلت تركيا من أجل تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي أرادها صندوق النقد الدولي (IMF)، وأزالت عقبات مهمة أمام الإستثمارات الدولية من خلال السماح بالتحكيم الدولي في المنازعات التجارية. وبالرغم من إن تركيا قد قُبلت في الإتحاد الكمركي الأوربي فإنها تحرز تقدماً بطيئاً في تحقيق هدفها وهو زيادة أمكانياتها الإقتصادية من خلال العضوية الكاملة في الإتحاد الأوربي([94]). وقعت تركيا إتفاقية تجارة حرة مع إسرائيل في 14 آذار 1996، وتم تأسيس مجلس عمل تركي – إسرائيلي بهدف تعزيز التجارة بين الدولتين بحيث تصل الى 2 بليون دولار سنوياً، وإمكانية إستثمار إسرائيلي في مشروع جنوب شرق الأناضول. وبالرغم من إن إسرائيل لا تمتلك نفطاً، إلا إنها قادرة على المساهمة في التقنية الصناعية والزراعية وأسلحة الدفاع. كما إن الشركات الإسرائيلية إقترحت مشاريع مشتركة مع الشركات التركية في جمهوريات آسيا الوسطى. وفضلاً عن ذلك فإن السياح الإسرائيليين يتدفقون على تركيا مما يُحقق زيادة في عوائد هذا القطاع المهم في الإقتصاد التركي. إن أكثر من مليون إسرائيلي، يمثلون حوالي 20 % من سكان [إسرائيل]، قد زاروا تركيا. كما أن إسرائيل تُجهز تركيا ببعض التكنولوجيا اللازمة لصناعة الأسلحة في تركيا، وهذا يساعد ليس على تلبية الإحتياجات المحلية التركية فقط بل يوفر أسلحة لغرض التصدير([95]). وتُعد التجارة الخارجية جزءاً مهماً من متضمنات الإقتصاد الوطني وتراوح التجارة الخارجية مع الدول المختلفة بين المواد الأولية والمواد المصنعة والخدمات وغير ذلك، إلا أن تركيز الدول النامية يكون على صادرات المواد الأولية بدرجة كبيرة أو تُعد مواد أولية هذه ذات أهمية نسبية مختلفة على الصعيدين الداخلي والخارجي، إستناداً الى جملة عوامل تتمثل بأسعار وجوانب الطلب والعرض وغيرها. كما أن معظم البلدان، بدأت بالتنمية الإقتصادية بواسطة التخصص بالصادرات الأولية القائمة على مواردها الطبيعية ولم تُطور صادراتها الصناعية لاحقاً([96]).

تؤثر التجارة الخارجية على هيكل الإقتصاد التركي الذي يتميز بالتنوع النسبي في نمط إنتاجه السلعي، كما يتميز الطلب المحلي فيه بالتنوع الشديد على عدد كبير من السلع الإستهلاكية والإنتاجية، لذلك يلعب قطاع التجارة دوراً مهماً في تحقيق التوازن والتناسق بين النشاط الإنتاجي والنشاط التجاري، وعلى الأخص جانب الإستيرادات كونها توفر السلع الرأسمالية والمواد الأولية من الأسواق الخارجية وله دور كبير أيضاً في تحقيق التوازن والتناسق بين النشاط الإنتاجي والتصديري عن طريق تصريف الإنتاج السلعي الفائض عن حاجة الإستهلاك المحلي([97]).                   لقد تم تشخيص العديد من الدول الأكثر إعتماداً على الصادرات الأولية في زيادة التنمية الإقتصادية (ومنها تركيا) التي جاء تمسكها بهذا الإتجاه إنعكاساً لإمكاناتها ومواردها الطبيعية الوفيرة، كما يتضمن هذا النمط تطوراً في القطاع الصناعي في مرحلة لاحقة لتطوير الإستثمار والدخل المرتفعين أساساً نتيجة نمو الصادرات الأولية. وتُعد تركيا من البلدان التي تُساهم في عمليات التجارة الدولية مع دول العالم الأخرى كونها تمتلك موارد أولية مُعدّة للتصدير إضافة الى أن منتجاتها الصناعية التي تُشارك بها تصب أيضاً في هذا الإتجاه، كما أنها تحتاج الى سلع ومنتجات أخرى مختلفة ذات أهمية نسبية عالية محلياً تلجأ الى إستيرادها، فالسلع ذات المنافع الحدية المنخفضة بالنسبة الى المواطنين المحليين تُصَدر الى الخارج بينما يتم شراء السلع ذات المنافع الحدية العالية من دول أخرى([98]).

وتركيا تعد دولة تفتقر إلى مصادر الطاقة , حيث يعتمد 90 % من إستهلاكها الرئيس للطاقة على الإستيراد([99]). ويشكل النفط عبئاً كبيراً عليها لا سيما في ظل الإرتفاع الهائل لأسعاره في الفترة الماضية، حيث بلغ حجم وارداتها النفطية حوالي 20 مليار دولار وهو ما يوازي حجم عائداتها السياحية لعام 2006([100]). بدأت تداعيات الأوضاع الإقتصادية الحادة التي واجهتها حكومة بولند أجاويد و وزير إقتصاده كمال درويش تضرب أطنابها في البلاد منذ شباط 2001، بعد إنهيار قيمة الليرة وفقدانها لأكثر من 45% من قيمتها مقابل الدولار. فقد تفجرت الأزمة على خلفية شروط صندوق النقد الدولي بتصفية البنوك الخاسرة، وهو ما كشف عن فساد كبير في هذه المصارف تورط فيه مسؤولون كبار في الدولة مدعومون من المؤسسة العسكرية([101]). فالليرة التركية لم تخرج عن وظيفتها كوسيلة للإدخار فحسب بل خرجت في كثير من الأحيان عن كونها وسيلة للمبادلة، وعلى سبيل المثال عند تحديد أصحاب البيوت إيجار بيوتهم بالعملة الأجنبية، إن الضعف الذي تتعرض له الأوراق النقدية لا بد أن يؤثر مع الزمن على الإقتصاد الحقيقي ليؤدي الى إنهياره فيما بعد([102]).   إن ظاهرة انتشار الأحزاب وعدم قوتها برلمانياً هي ليست بسبب برامجها وأهدافها بقدر ما هي بسبب الصراعات الحزبية بين الأحزاب الرئيسية في البلاد وعدم قدرتها على التفاهم للإستمرار في تشكيل حكومات إئتلافية قوية، خاصة وإن معظم الأحزاب قد أخفقت في إيجاد حلول ناجحة لمشاكل تركيا الاقتصادية أو منع تفاقمها في أقل تقدير. هذا ناهيك عن حل مشاكلها الإجتماعية([103]). وهذا ما دعا الى أن يتقدم الكثير من النواب وأعضاء في حكومة أجاويد الإئتلافية بإستقالاتهم و طلباتهم لإجراء إنتخابات عامة مبكرة بدلاً من موعدها في عام 2004، للإسراع في الخروج من الأزمة الإقتصادية الخانقة.

لذا نجد في تركيا الحالية إن المسائل الإقتصادية قد إمتزجت، ليس بقضية الديمقراطية فحسب، بل بمسألة هوية تركيا ودور الإسلام في تكوين هذه الهوية. وإن هيمنة الإقتصاد على الخطاب السياسي كانت تعني إن الأحزاب المتنافسة على الأصوات كان عليها إبتكار سياسة إقتصادية جديرة بالثقة تواجه بها الجمهور والناخبين([104]). إن الذين صوتوا لحزب العدالة والتنمية وفضلوا رجب طيب أردوغان ليسوا لكونهم مناهضين للجيش، بل لكونهم يريدون الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. أظهر إستطلاع رأي عام تم إجراؤه بعد الإنتخابات مباشرةً إن نسبة 78 في المئة من الذين صوتوا لصالح حزب العدالة والتنمية فضلوا هذا الحزب من أجل ”برنامج إقتصادي وإجتماعي مستقر“([105]).

فالعامل الذي تسبب في رفع نسبة الأصوات التي نالها حزب العدالة والتنمية هو العامل الإقتصادي, ويدرك أردوغان جيداً أن بقاءه في السلطة رهن بمواجهة التحدي الإقتصادي, وقدرته على تحقيق وعوده بإنهاض الإقتصاد وتأمين (العيش والعمل والحقوق) كما أعلن حرفياً فور إنتصاره([106]). فقد شرعت حكومة حزب العدالة والتنمية في تنفيذ سياسات إنفتاح وإصلاح إقتصادي وإداري ومالي، بل تغيير عديد من “الأُطر الإرشادية” و”المبادئ التوجيهية” للعملية الإقتصادية ودور الدولة في الإقتصاد، وقد إنعكس ذلك على الحياة الإقتصادية زيادة في الإنتاج والصادرات، وتحسناً كبيراً نسبياً في مؤشرات الإقتصاد التركي، كما حصلت تركيا على دعم إحتياطي خارجي بلغ 25 مليار دولار لدعم برنامج الإصلاح، وقد حققت بذلك نمواً إقتصادياً مستمراً([107]).تركيا بلد ذو إقتصاد مركب ومعقّد يدمج بين الحداثة الصناعية والتجارة والخدمات المتطورة مع القطاع التقليدي الزراعي. فتركيا من البلدان القليلة التي تتمتع بإكتفاء ذاتي من الناحية الغذائية والزراعية. …. من الناحية الصناعية فهي تحتل المرتبة الثانية عالمياً في إنتاج الزجاج المسطح والثالثة في تصدير أجهزة التلفاز، وتقع ضمن لائحة الخمسة الأوائل في إنتاج الذهب والثامنة عالمياً في البناء وصناعة السفن([108]).                                                              فهي تتطلع أن يكون لها دور إقليمي إعتماداً على ما يطلق عليه المسؤولون الأتراك, حيويتها الإقتصادية, وقدرتها على تنفيذ المشروعات وبتجارتها الخارجية, ونموها الإقتصادي والسياسي بإعتبارها دولة غنية بالموارد والخبرة الطويلة في طرق إستغلال هذه الموارد([109]).            يمثّل “نجاح” الحكومة التركية في مواجهة الأزمات الاقتصادية، بالتعاون الوثيق مع المؤسسات المالية الدولية والدعم من قبل شركائها الغربيين، عاملاً مهماً في التطور الإقتصادي والنمو المتزايد في الداخل. على الرغم من أن وزير الإقتصاد، علي باباجان، قال: “إنه لا فضل لصندوق النقد الدولي على الوضع الإقتصادي المتقدّم الذي تعيشه تركيا”، لأنَّ ذلك نتيجة جهود حكومة حزب العدالة والتنمية. وأشار باباجان إلى أن تركيا قد شهدت أسوأ حالاتها الإقتصادية عام 2001، في الفترة التي كانت فيها على أكبر درجة من التعاون مع صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى أن تركيا قد إجتازت أزمات إقتصادية أُخرى في عام 2008، والأزمة المالية العالمية الأخيرة، من دون الحاجة إلى دعم صندوق النقد الدولي، مكتفية بسياساتها الإقتصادية المستقلة([110]).

ويمكن لتركيا أن تحقق أهدافها هذه عن طريق العلاقات الإقتصادية التي تستند إلى مفهوم النظام الأمني المشترك, بدلاً من الأحلاف العسكرية التي تولد القلق لدى الدول المحيطة([111]). ويقول أرشاد هورموزلو (كبير مستشاري الرئيس التركي): تركيا عضو في منظمة التعاون الإقتصادي الأوروبي. كما عقدت إتفاقية للتفاهم الجمركي مع دول الإتحاد الأوربي منذ 12 عاماً، وهي ماضية بثبات للإنضمام الى الإتحاد الأوروبي … من جانب آخر، تركيا عضو من الأعضاء العشرة الأوائل في رأسمال البنك السعودي للتنمية. ولديها إتفاقية للتعاون الإستراتيجي مع دول مجلس التعاون الخليجي. كما عقدت إتفاقيات للتكامل الإقتصادي مع جيرانها العرب، كسورية والعراق، وإتفاقيات كبيرة جداً مع إيران، ولديها خطط لتنمية حجم التبادل التجاري معها، ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن تركيا إنضمت الى منظمة التعاون الإقتصادي التي تضم باكستان وإيران وأذربيجان وأرمينيا وغيرها من الدول، كما إنها عضو في دول حلف البحر الأسود([112]).

تهتم الدولة بصنع سياسة خارجية “توافقية” أو “تحالفية”، مع الدول الأُخرى، بحيث إن التسويات أو التحالفات السياسية ” تتم ” ويكون من تداعياتها زيادة التفاعلات الإقتصادية، فتركيا تتحالف سياسياً وإستراتيجياً مع الولايات المتحدة، وتنال نتيجة ذلك ” ريعاً إقتصادياً ” على شكل إستثمارات إقتصادية ودعم المؤسسات المالية الدولية . وهي في الوقت نفسه تحقق “توافقات” سياسية مع إيران مثلاً، وتنال نتيجة ذلك “ريعاً إقتصادياً يتمثل بالحصول على الطاقة بأسعار مخفّضة، و”توافقات” مع السعودية، فتنال ريعاً سياسياً وإقتصادياً مطلوباً ([113]).

ولا شك إن الثروات والموارد الطبيعية تمنح الدولة القدرة على توظيفها مجالات تُزيد من قوتها، ونتيجة للتوظيف السليم للثروات ومنهج الإصلاح الإقتصادي الذي أدخله حزب العدالة والتنمية، فإن الإقتصاد التركي إنتقل من مرحلة الإنهيار مع بداية العام 2002 الى مرحلة أصبح فيها يحتل المرتبة الــ 16 عالمياً وهو مرشح لأن يدخل قائمة العشرة الأوائل خلال السنوات القليلة المقبلة. تركيا بالنسبة الى أوروبا في مجال الصناعة تُعد الأولى في صناعة الإسمنت و في الصناعات النسيجية و في تصنيع أجهزة التلفزيون وفي إنتاج الأسمدة والثالثة في تصنيع الفولاذ([114]).

إن تركيا غنية نسبياً في الموارد المائية بين دول الشرق الأوسط، ولكن تركيا في حاجة ماسة جداً الى مصادر الطاقة. ولأجل إستغلال قدرتها لتحويل مصادر المياه الى مصادر طاقة من خلال القوة الكهرومائية فإن تركيا طورت مشروع جنوب شرق الأناضولSoutheast Anatolian Project الذي يُعرف أختصاراً بإسم GAP. إن هذا المشروع سيتألف، عند إكتماله، من 22 سداً، و19 محطة إنتاج الطاقة الكهرومائية، وشبكة من قنوات الري لتسخير مياه دجلة والفرات لزيادة النمو الزراعي وقدرات تركيا الكهرومائية. … ومن جهة أخرى فقد نُظر الى موارد المياه في تركيا بوصفها فرصة يمكن من خلالها إحلال السلام في المنطقة. من خلال فكرة “أنابيب السلام” (مد أنابيب المياه الى دول الخليج العربي بالإضافة الى إسرائيل ومصر عبر سوريا، والتي طرحها رئيس الوزراء توركوت أوزال في شهر آب 1987). … وإن إحدى الدوافع الرئيسية لمشروع جنوب شرق الأناضول هي مواجهة دعوات حزب العمال الكردستاني من خلال تحسين الوضع الإقتصادي في جنوب شرقي البلاد ذي الأغلبية الكردية، وبالتالي زيادة شرعية نظام الحكم في المنطقة. إن هذا المشروع قد أجهد المصادر الإقتصادية التركية لأجل تحقيق هدف مركب وهو التنمية الزراعية – من المتوقع جعلها سلّة الغذاء لدول الشرق الأوسط – لزيادة القدرات الإقتصادية وإمدادات الطاقة الكهرومائية لتقليص الإعتماد على إستيرادات الطاقة من الخارج([115]).وبعدما وصل حزب العدالة والتنمية الى الحكم، وتعلم الإقتصاديون الأتراك الدرس، فغيروا جملة معتبرة من الإفتراضات والمبادئ الأساسية التي إعتمد عليها صندوق النقد الدولي في وصفته لعلاج الإقتصاد التركي، ومنها – على سبيل المثال – ترك العمل بنظام الصرف الثابت والإنتقال للأخذ بنظام الصرف المرن، وبدأت عجلة التغير نحو الأفضل في الدوران، وكان من بعض نتائجها خلال الفترة من 2002 – 2008 : إرتفاع حجم الصادرات من 33 مليار الى 130 مليار في نهاية سنة 2008. وقد سجل معدل النمو في هذه الفترة الأعلى على المستوى الأوربي والثالث على المستوى العالمي.     وكان من أبرز نتائج هذه السياسة خلال الفترة من 2002 – 2008([116]):

  • إرتفاع حجم الإستثمار بحوالي أربعة أضعاف ونصف.
  • إرتفاع حجم الإنتاج ضعفين.
  • إرتفاع معدل إستخدام رؤوس الأموال من 75 % الى 80 %.
  • إرتفاع معدلات إستثمار القطاع الخاص بنسبة 300 %، أما إستثمارات القطاع الحكومي فقد إرتفعت بنسبة 100 %.
  • إرتفاع نسبة الإستهلاك لتصل 39 % في القطاع الخاص و 22 % في القطاع الحكومي. زادت في هذه الفترة (2002 – 2008) إنتاجية العامل التركي نتيجة تحسين بيئة العمل محققاً إنتاجية تجاوز فيها نظيره في دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وتبلغ نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج القومي الإجمالي 25 % فيما تبلغ نسبة مساهمة قطاع الخدمات 70 %.
  • أما عن الزراعة – كمصدر آخر من مصادر الإقتصاد التركي – فإنه وعلى الرغم من التحسن النسبي الذي عاشه هذا القطاع منذ عام 2003، إلا أنه تعرض لتراجع شديد أول مرة بعد الجفاف الذي تأثرت به البلاد سنة 2007، أما عام 2008 فقد شهد نمواً ملحوظاً سار بشكل متوازٍ مع قطاع البنوك.
  • إن تطور تركيا في المستقبل سيمثل أهمية كبرى بالنسبة للأطراف الفاعلة الرئيسية الأخرى في الساحة الإقتصادية العالمية لسببين([117]) : أولاً، تُعد تركيا بمثابة لوحة تحكم لغزو السلع والخدمات والطاقة بين القارات.ثانياً، إن تركيا بحكم إنتاجها المتزايد بإستمرار وما يُصاحب ذلك من زيادة في قدراتها على التصدير والإستيراد، ستصبح مورداً رئيسياً للسلع والخدمات كما إنها ستكون سوقاً هاماً بالنسبة للعالم أجمع.

2- 5- الإرادة السياسية – حزب العدالة والتنمية ( الحزب الحاكم ) –

بدايةً علينا أن نعرف الهيكل – التنظيمي – الحكومي وكذلك طبيعة منظومة صنع القرار في تركيا، ولو بشكل بسيط، حتى لا نقع في أخطاء ونحن نحاول فهم صيرورة وضع الإستراتيجية و السياسة العامة و صنع القرار السياسي ورسم السياسة الخارجية في هذا البلد وما هي العوامل والمؤسسات والتنظيمات التي تعملُ على إنجاحها أو تعثرها أو إفشالها.

ولأن الدراسة قد تناولت الفترة (منذ عام 2002 و لحد الآن) ففي هذه الفترة  تولى حزب العدالة والتنمية زمام الحكم في تركيا بدون إنقطاع، لذا من الضروري أن تشتمل الدراسة – في جزء منها – تسليط الضوء على حزب العدالة والتنمية (نشأةً وصعوداً كحزب، و برنامجاً وأداءً كحكومة). خاصةً أن هذا الحزب له رؤية و رسالة – مُحدّثة – تتميز عن الأحزاب (العلمانية والإسلامية) الأخرى التي سبقته في خوض حكم البلاد، بالنتيجة فإن له توجه إستراتيجي خاص به ويعتمد على أساليب تنفيذ – جديدة ومطورة – مختلفة في سياسته الداخلية وسياسته الخارجية؛ أقل ما يمكن أن نقول عليها إنها أعطت لتركيا صورة جديدة ومنحتها مكتسبات كثيرة خلال هذه الفترة.

ترتبط عملية صنع القرار بمجموعة من المتغيرات الداخلية والخارجية المرتبطة بالموقع الجغرافي والظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية أو من تفاعل كل هذه العوامل مع بعضها. وتؤمن عملية صنع القرار، الأهداف القومية للدولة وطبيعة نظامها السياسي وتوجهاتها العقائدية. …. وتتفاعل عملية صنع القرار داخل الأنظمة التي تأخذ بالنموذج الليبرالي ( الديمقراطي ) الغربي من خلال تعاون عدة هياكل ومؤسسات تُشكل الإطار التنظيمي لما يُطلق عليه في الأدبيات السياسية ( وحدة صنع القرار ). …. ويمكن تقسيم الهياكل والمؤسسات المسؤولة عن عملية صنع القرار في تركيا الى ما يلي([118]):

1 – المجلس الوطني الكبير ( البرلمان ).

2 – رئيس الجمهورية ( رئيس الدولة ).

3 – مجلس الوزراء.

4 – مجلس الأمن القومي.

5 – الرأي العام ( أو ما يُسمى بجماعات الضغط ).

فيمكن إجمال وحصر أهم عناصر صنع القرار السياسي في تركيا بهذه النقاط الآنفة الذكر في حين هناك بعض الدارسين يختلفون مع هذه التقسيمات بشكل بسيط قد تتجاوز المسميات فقط أو تُزيد عليها بعض العوامل أو توسعها أو تقلل منها، وهناك من يُصنفها بالشكل التالي([119]):

1 – السلطة التشريعية ( المجلس الوطني الكبير – البرلمان – ).

2 – السلطة التنفيذية ( رئيس الجمهورية، مجلس الوزراء، مجلس الأمن القومي ).

3 – النُخب السياسية ( الأحزاب السياسية المشاركة في الحكم والمعارضة للحكومة ).

4 – جماعات المصالح التركية ( جماعات رجال الأعمال، النقابات والإتحادات العمالية، النقابات المهنية، المؤسسة العسكرية ).

5 – الطرق والجماعات الدينية.

6 – الرأي العام و وسائل الإعلام في تركيا.

وتنبع سياسة تركيا الخارجية من أربعة مصادر داخلية واضحة: الحكومة المنتخبة، والأجهزة البيروقراطية غير المنتخبة في الوزارات ( وخاصة وزارة الخارجية ) والأجهزة الأمنية، والفرع التشريعي في الجمعية الوطنية التركية الكبرى، والرأي العام الذي تعبر عنه التنظيمات المدنية ووسائل الإعلام([120]).                                                                 و تعد البيئة الداخلية التركية من المحددات الرئيسة في تشكيل سياستها الخارجية, لاسيما إن تلك البيئة شهدت تحولات مؤثرة تحتم على صناع القرار صياغة سياسة خارجية تهدف إلى التعاطي بفاعلية مع تلك التحولات([121]).

نتيجة الأوضاع الداخلية المريرة التي عاشتها تركيا، حدثت أزمة سياسية في حكومة وحزب “أجفيد” ( اليسار الديمقراطي )، في 10 / 7 / 2002 إستقال نائب رئيس الوزراء وثلاثة وزراء آخرين من حزب اليسار الديمقراطي من الحكومة مطالبين بإجراء إنتخابات نيابية عامة مبكرة (خلال عام 2002 بدلاً من عام 2004) و إستقال معهم 29 نائباً في المجلس الوطني الكبير. وفي اليوم التالي إستقال وزير الخارجية وهو عضو في حزبه، وقد إستقال بعد ذلك وزير الإقتصاد وزاد عدد نواب المستقيلين من حزب اليسار الديمقراطي ليصل الى 37 نائباً وفي 14/7 وصل عدد النواب المستقيلين من حزب “أجفيد” 59 نائباً وعدد الوزراء المستقيلين 7، ولم يُنقذ الحكومة من الإنهيار التام سوى تراجع ستة نواب عن إستقالاتهم. في 16/7 قرر الإئتلاف الحكومي إجراء إنتخابات نيابية عامة في البلاد في 3 تشرين الثاني 2002 بدلاً من 4 نيسان 2004 وقد أقر البرلمان في 31/7 هذا الإجراء بغية الخروج من هذه الأزمة السياسية المستفحلة رغم معارضة “أجفيد” الشديدة لإستماتته في التمسك بكرسيه([122]).

شهدت تركيا في الثالث من شهر تشرين الثاني 2002، الانتخابات النيابية الرابعة عشرة منذ تأسيس جمهورية تركيا الحديثة عام 1923. والحكومة التي ستشكل بعد تلك الإنتخابات هي (57) السابعة والخمسون منذ أول إنتخابات نيابية شهدتها البلاد في 14 من أيار 1950([123]).

كان تأسيس حزب العدالة والتنمية في آب 2001 بزعامة رجب طيب أردوغان، بعيداً عن الشعارات الفئوية أو الدينية، طارحاً نفسه حزب لكل تركيا([124])، وهو الحزب التاسع والثلاثون في تركيا([125]).

وعبر رجب طيب أردوغان عن الأهداف العليا للحزب “بأنها تتبلور في إصلاح مشكلات الداخل وتصحيح العلاقات غير المتكافئة مع العالم الخارجي” . إذ أنه ربما كان الشخص الوحيد الذي تكاد القوى السياسية تجمع على مكانته السياسية, وإن تشديد أردوغان على إستعادة هيبة تركيا تلقى صدى طيباً لدى الاتجاهات القومية التركية, وهي مناورة تتسم بالذكاء البالغ حيث تمكن من إجتياز الفجوة التي تفصل بين القوميين والإسلاميين([126]).

حزب العدالة والتنمية هو الحزب الأول والوحيد في تركيا الذي يقول إن مرجعيته الفكرية هي “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” و “الإتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية”. ويقول برنامج الحزب إن العلمانية هي ضمانة الديمقراطية لا أساسها, وإن العلمانية هي المبدأ الأساسي للسلم الإجتماعي, وإن العلمانية مفهوم يقيد ( أو يضع حدوداً ) للدولة لا للأفراد. وهي حياد الدولة تجاه المعتقدات الدينية. ويرى الحزب أن الحريات الفردية هي أساس التحرر الإجتماعي. ويرى كذلك, أن الدين ليس عامل تقسيم للمجتمع بل عامل توحيد([127]). وإن مشكلات تركيا ليست بالمشكلات التي يستحيل حلها؛ وذلك لأن تركيا تمتلك طاقات كامنة للمبادرة ذات المقدرة العالية على المنافسة الدولية وقدرات ضخمة على الاستثمار تؤهلها للمنافسة الدولية([128]) . فهكذا كانت رؤية حزب العدالة والتنمية لما تعيشه وتعانيه تركيا قبل وأثناء تسلمه الحكم.

إن جُل ملاكات حزب العدالة والتنمية من حزب الرفاه الإسلامي (المحلول)([129]). وإن قادة حزب العدالة والتنمية، من خلال تجربة غنية في مسيرة الإسلام السياسي في تركيا، و من خلال ما وصل إليه العالم الإسلامي من تجارب مأساوية في نفي الآخر وتكفيره ومنازعته بالسلاح و التصفية، وفي إدامة الإستبداد سنوات وعقود. وجدوا من الحتمية التأريخية أن يقاربوا الإسلام بمفهوم جديد ومقاربة عقلانية، تحترم خصوصيات كل الفئات وتركز على مركزية الإنسان، ككائن حر في تفكيره وإعتقاده وترى في تداول السلطة وتعميم الحريات، إطلاقاً لديناميات المجتمع وتقدمه، ولعل هذا من أهم الإسباب التي أدت الى إلتفاف معظم الشعب التركي خلف هذا الحزب([130]). وقد نُقل عن أردوجان قوله إن حزبه « سيلتزم بالمبادئ العلمانية التي ينص عليها الدستور التركي »، وبشر بـ « عصر ذي مغزى أكبر ومختلف فيما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات ». ويبدو أن أردوجان وأركان حزبه يسعون نحو إيجاد توافق بين الديمقراطية والإسلام على غرار الأحزاب الديمقراطية المسيحية في الغرب، ونحو علمانية تحترم مشاعر الإنسان، ولا تحاسب الأفراد على آرائهم، بما في ذلك آرائهم الدينية، مثلما هو حاصل في مجتمعات الدول الديمقراطية الغربية التي يحتفظ فيها رجال الدين والمؤسسات الدينية بمواقع قوية([131]). حزب العدالة والتنمية لا ينتمي الى رؤية الحركة الأربكانية، بل يمثل رؤية عُرفت بــ “العثمانية الجديدة”، وتُعد إمتداداً لرؤية الرئيس التركي الراحل تورجوت أوزال، وتقوم على الإنفتاح تجاه مختلف التيارات والقوى الوطنية مع التمسك بالقيم والتقاليد الوطنية من أجل تحقيق نهضة الدولة داخلياً وتعزيز مكانة تركيا الدولية([132]).

ويمكن هنا تلخيص رؤية أحمد داوود أوغلو(*) في ثلاث رؤى أساسية, وهي: نظرية التحول الحضاري, ونظرية العمق الإستراتيجي, ونظرية العثمانية الجديدة. …. وتتضمن نظرية “العمق الإستراتيجي” كما يتصورها أحمد داود أوغلو أبعاداً حضارية, وثقافية, وتاريخية, وجغرافية, ودينية, تشكل في مجملها عناصر وأبعاداً حيوية تمكن تركيا من أرصدة فعالة في القيام بدور أكثر حيوية في النظام الإقليمي والنظام العالمي([133]).وأعلن أردوغان أن المبادئ التي سيدافع عنها الحزب هي ما يلي([134]) :

*      مبدأ الجمهورية المركزية الموحدة والمتضامنة المستندة إلى المبادئ الديمقراطية العلمانية    ودولة الحقوق الإجتماعية .

*      مبدأ تحقيق تكافؤ الفرص للجميع وإقامة علاقات حسنة مع دول العالم كافة, والقيام        بأعمال الخصخصة لصالح البلاد.

*      مبدأ ضمان عدالة الضرائب وتخفيضها وتوزيعها بشكل ينسجم مع البنية الإجتماعية للبلاد.

*      مبدأ التأكيد على رفض الحزب لجميع أشكال التعذيب والإرهاب والإذلال.

        أما العلمانية ففسرها رئيس الحزب بأنها تكمن في حياد الدولة تجاه المعتقدات, و هي بهذه الصورة ضمان للديمقراطية. وأكد أردوغان على ضرورة إعداد دستور جديد وتغيير قانوني الأحزاب السياسية والإنتخابات بشكل ينسجم مع متطلبات العصر.

        إن هيمنة الإقتصاد على الخطاب السياسي كانت تعني إن الأحزاب المتنافسة على الأصوات كان عليها إبتكار سياسة إقتصادية جديرة بالثقة تواجه بها الجمهور والناخبين([135]). ومما يعقد الأمور أكثر فأكثر هو حجم المشاكل والتحديات الداخلية والخارجية التي سيواجهها الحزب الفائز في الإنتخابات من سياسية وإقتصادية وإجتماعية([136]). فهناك مشكلة الخلل البنيوي بين قطاعات الإقتصاد التركي، وإستمرار المشكلة الكردية، وإنتشار البطالة (4.5 مليون عاطلون عن العمل)، وتعثر الخصصة، وتراجع معدل النمو الإقتصادي، وإرتفاع معدل التضخم، مع إزدياد أعباء الدين الخارجي على قدرات تركيا الإقتصادية([137]). وقد شارك في الإنتخابات قرابة (18) حزباً, وإستطاع حزب العدالة والتنمية الحصول على (363) مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان والبالغة (550) مقعداً ,  بعد حصوله على نسبة (29 ,34 %) من مجموع أصوات الناخبين , في حين حصل حزب الشعب الجمهوري ذي التوجه العلماني على (178) مقعداً وما نسبته (19 , 29) من أصوات الناخبين , بينما فشلت بقية الأحزاب في الحصول على مقاعد برلمانية([138]) .وهكذا إحتل حزب السيد أردوغان المرتبة الأولى بحصوله على حوالي ثلث الأصوات وثلثي المقاعد بموجب القانون الإنتخابي السائد، وجاء حزب الشعب الجمهوري –الإشتراكي الديمقراطي– بزعامة السيد ” دنيز بايكال ” بالمرتبة الثانية بحصوله على حوالي خُمس الأصوات([139]) .إن فوز حزب العدالة والتنمية AKP جاء محصلة لتفاعل مجموعة عوامل سياسية وإقتصادية وإجتماعية بقيت تعتمل في إطار المجتمع التركي بإنتظار من يكون قادراً على تفعيل العلاقة بين القوميين العلمانيين والإسلاميين وتجاوز العلاقات المتوترة بين الفريقين، ويتمتع بقدر من الواقعية والمصداقية لدى كل منهما([140]).

إن أمام حزب العدالة والتنمية مهام عسيرة ؛ هي محاولة التوفيق بين ما يُريده منه ناخبوه من إصلاحات سياسية وإقتصادية وإجتماعية، وبين ما يُريده العلمانيون من العسكريين والسياسيين الأتراك على الأصعدة السياسية الداخلية والخارجية([141]).

يمكن أن نحدد أهم العوامل التي ساعدت على تقدم حزب العدالة والتنمية بالإنتخابات على بقية الأحزاب وهو في بداية خطواته الأولى بعد تشكيل الحكومة بالنقاط الآتية :

– أن فوز حزب العدالة والتنمية قد جاء كنتيجة منطقية للأزمات السياسية والإقتصادية التي عصفت بتركيا منذ نحو العامين والتي أفضت إلى خيبة أمل الناخبين الأتراك في السياسات التي إتبعتها أحزاب الائتلاف الثلاثة (حزب اليسار الديمقراطي وحزب الوطن الأم وحزب الديمقراطي)، وشعورهم بالإحباط بسبب الصراعات المتكررة بين قادتها، وإتهامهم بالفساد وسوء الإدارة الذي أفقدهم الكثير من التأييد([142]).                               – بما أن الرأي العام التركي قد عانى الشيء الكثير وخسارته على ما يزيد 40 مليار دولار بسبب حرب الخليج الثانية عام 1991 (عندما وقفت تركيا الى جانب الولايات المتحدة في حربها ضد العراق).

إن حزب العدالة والتنمية لا بد في مثل هذه الحالة من إستمالة وترضية الرأي العام الداخلي([143]). فإن أحد العوامل التي كانت وراء فوز الحزب، إعلانه لرفضه الكامل للحملة العسكرية المزمع تنفيذها ضد العراق وقد أكد ذلك زعيم الحزب (رجب طيب أردوغان) لدى ترأسه الحكومة وتقديم برنامجها للمجلس الوطني في آذار 2003([144]).

– إن حزب العدالة والتنمية يستمد قوته من الرأي العام المحلي، إذ إن فوزه في إنتخابات تشرين الثاني 2002 قد غير الخارطة السياسية في السياسة الداخلية التركية، بدليل إن ما يقارب 100 نائب من حزب العدالة والتنمية لم يقفوا الى جانب حكومتهم بالتصويت ضد قرار نشر القوات الأمريكية في أراضيهم ترضيةً للرأي العام التركي. وهذه ظاهرة نادراً ما يتم حدوثها في النظم البرلمانية، لأن أعضاء الحزب في البرلمان في الغالب ما يقومون بالتصويت لصالح حكومتهم([145]).

        ويُعدُ الرأي العام والإعلام الآن من أكثر العوامل أهمية عما مضى في سياسة تركيا الخارجية. وفي الوقت ذاته أسهم نمو القطاع الخاص النشيط في إضعاف دور الدولة القوي وعزز قوة المجتمع المدني، وبرزت تجمعات العمال بصورة خاصة كقوة سياسية مهمة في تركيا. وظهر إتحاد الصناعيين ورجال الأعمال التركي TUSIAD (The Turkish Industrialists and Businessmen Association) ومؤسسات أخرى يدعون بصراحة الى الإصلاح وإقترحوا مبادرات سياسية جديدة بشأن نطاق واسع من القضايا الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، بضمنها القضية الكردية([146]).إن الشعبية الجارفة التي وقفت خلف الحزب، من أهم عوامل حمايته من إستهدافات العسكر وحماية تجربته في السلطة([147]).

–  إن محاربة الإسلام الأصولي، من جانب الولايات المتحدة الأمريكية (بعد أحداث 11 أيلول عام 2001) ودعوتها الى تغيير المجتمعات الإسلامية، كان يتطلب تقديم نموذج بديل، وفي بلد لم تختفِ فيه المشاعر الدينية لكنها مضبوطة بآليات حكم علمانية، كانت تركيا هي الصورة التي تتطلع الولايات المتحدة المريكية لتقديمها للعالم الإسلامي ومجتمعاته. ربما لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية وراء الإنتصار الساحق لحزب العدالة والتنمية في الإنتخابات 2 تشرين الثاني 2002، لكنها كانت الأكثر إرتياحاً لوصول حزب إسلامي في بلد علماني ديمقراطي، لحاجتها الماسة لتقديم بديل قائم. لذلك كانت واشنطن تستقبل بعد شهر واحد من الإنتخابات زعيم الحزب أردوغان إستقبال الرؤساء وبحفاوة رغم إن أردوغان ولأسباب قضائية لم يكن قد أصبح نائباً أو رئيساً للحكومة. وهي أول مرة يحظى حزب إسلامي في تركيا بهذا الدعم، وهذا يعني في المقابل، كبح الإتجاهات العلمانية والعسكرية المتطرفة تجاه سلطة إسلامية([148]).

– تمسك الحزب بخط سياسي لا يوفر لمعارضيه من العلمانيين أي فرصة للهجوم عليه بتهمة تهديد العلمانية. وحتى أن مشروع قانون تحريم الزنا, تم سحبه في 2004, تجنباً لأي جدل مع العلمانيين والإتحاد الأوروبي([149]).

– الإصلاحات السياسية التي طلبها الإتحاد الأوربي والمعروفة بإسم «معايير كوبنهاغن» ودعم الولايات المتحدة الأمريكية من جهة والإنفتاح الأوربي من جهة أخرى ورفع الغطاء عن المؤسسة العسكرية التركية. وبرلمان تحت سيطرة أردوغان ورفاقه، كل ذلك سرّع من وتيرة الإصلاح السياسي الداخلي وأتاح تعديلات جذرية على البنية الحقوقية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية للبلاد. فإتسع نطاق الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية([150]).

وفي ضوء تلك النجاحات الداخلية يمكننا فهم النجاحات الخارجية للسياسية التركية، كما هو معلوم فإن السياسة الخارجية الناجحة هي امتداد لسياسة داخلية ناجحة, وقد نجحت الحكومة التركية في إعادة تشكيل البنية الأساسية الداخلية, مبتدئة بمحاربة الفساد وضربه بيد من حديد, لتنتقل بعد ذلك إلى مرحلة البناء والانطلاق, وتحسين الأداء الاقتصادي والإداري للدولة في شكل عام, ورفع القدرات التنافسية للإقتصاد التركي على المستوى العالمي, ومن ثم إنتشاله من حال التدهور والإنهيار التي كان قد وصل إليها مع نهاية حكومة بولند أجاويد عام 2002 وإدخاله في  حالة الإنتعاش والإزدهار, وبات الحديث يدور حول صعود نمر تركي كبير وإنضمامه إلى التجارب الناجحة للنمور الأسيوية([151]).إن وضع الحلول العقلانية لمشاكل البلاد السياسية والإقتصادية – الإجتماعية أصبح أمراً ملحاً ، من هذه المشاكل بطبيعة الحال المشكلة الكردية التي برزت كجزء لا يتجزء من مشكلة الديمقراطية وحقوق الإنسان ، كما أصبحت الآن مشكلة دولية بإصرار الإتحاد الأوربي على حلها كشرط لقبول تركيا في عضويته([152]).

بعد تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في تشرين الثاني 2002 إعترف بوجود مشكلة كردية في تركيا كما إعترف بوجود أخطاء في السياسة القديمة, وتعهد بفتح صفحة جديدة أكثر ديمقراطية مع الأكراد. غير أن الجهود الرسمية للحكومة جاءت تحت ضغوط خارجية ونعني بها ضغوط سعي تركيا للإنضمام إلى الإتحاد الأوربي. وفي خطوة غير مسبوقة زار أردوغان ديار بكر في 29 آب 2005 حيث أعلن بأن حكومته ستسعى “بتسوية القضية الكردية بمزيد من الديمقراطية” وأضاف أمام حشد كبير من سكان ديار بكر “أريد أن تعلموا أن تركيا لن تعود إلى الوراء ولن تسمح بأي تراجع في العملية الديمقراطية, وسوف تحل جميع المشكلات بمزيد من الديمقراطية والحقوق المدنية والازدهار”([153]).

        ومع ذلك لم تتخلَ حكومة حزب العدالة والتنمية التركي عن إستخدام الوسائل العسكرية بشكل كامل في تعاملها مع المسألة الكردية, وإنما الإعتماد على تلك الآليات قد تضاءل مقارنة بالعهود السابقة. إذ أن التباين القائم بين حزب العدالة والتنمية والمؤسسة العسكرية التركية لا يتعلق بالحاجة إلى مواجهة الأعمال المسلحة لحزب العمال الكردستاني, فهم متفقون على ذلك, ولكنهم مختلفون حول الطريقة المُثلى للتعاطي مع المسائل السياسية المتعلقة بالأكراد([154]). من البديهي إن الشؤون الخارجية لأي بلد هي إمتداد لسياسته المحلية وهذه البديهية تنطبق على تركيا الحديثة. فالعلاقات الخارجية للجمهورية في بداية عهدها كانت تعكس رغبة مؤسسيها في عزل أنفسهم عن المغامرات الأجنبية وعن التدخل الأجنبي من أجل خلق تركيا جديدة([155]). فالجمهورية التركية لم تكن قادرة على لعب دور أكبر إبان تلك الفترة (بعد عام 1991) وما سبقها، يليق بمكانتها التاريخية والجغرافية والسياسية وذلك لعدة أسباب من بينها([156]):

1 – ضعف في ميزان القوى مقارنة بدول مثل الإتحاد السوفياتي أو الولايات المتحدة الأمريكية أو    الدول الأوربية الكبرى.

 2 – عدم وجود دوافع ذاتية لقيادة المنطقة وإنحسار التفكير في كيفية حماية الدولة والعلمانية الأتاتوركية. وكبح جماح الأقليات ولا سيما الكردية.

3 – عدم القدرة على إيجاد تفاعلات داخلية تدفع بإتجاه إستغلال المعطيات الجيو- سياسية والجيو- إستراتيجية لتحويل تركيا الى قوة كبرى إقليمية ودولية.

إن بعض المؤسسات داخل النظام عملت على عرقلة جهود حزب العدالة والتنمية في إتجاه تحقيق أهدافه الاقتصادية والسياسية. …. فلقد إستخدم الرئيس العاشر للجمهورية أحمد نجدت سيزير قصر تشانكايا على إمتداد ولايته (2002 – 2007) كمركز للمعارضة وقطعَ سرعة حزب العدالة والتنمية لإداء أعماله وإجراء الإصلاحات([157]) .                                           حرص العدالة والتنمية في إنتخابات عام 2007 على إستبدال ما يقارب 200 من مرشحيه للإنتخابات بسبب شكوك حول خلفياتهم الإسلامية, مقدماً بدلاً منهم شخصيات ليبرالية غير مثيرة للجدل([158]). عندما ذهبت البلاد إلى إنتخابات نيابية مبكرة، بعد أن حَالَّ الجيش التركي والمحكمة الدستورية في 27 نيسان 2007 دون إنتخاب عبدالله غول, الرجل الثاني في حزب العدالة والتنمية و وزير الخارجية, رئيساً للجمهورية. فأسفرت النتائج عن إنتصار كبير لحزب العدالة والتنمية بـ 5,47 في المئة من الأصوات. وبعدما كان زعيم الحزب ورئيس الحكومة رجب طيب أردوغان أوحى قُبيل الإنتخابات بإمكانية البحث حول رئيس ”توافقي“, عاد الحزب وقرر ترشيح غول للرئاسة حيث فاز بها في 28 آب 2007 ليكون أول رئيس ”إسلامي“ للجمهورية العلمانية([159]).

البرنامج السياسي لحزب العدالة والتنمية كان طموحاً على الصعيد الخارجي، بدءاً من مراجعة مفردات و أولويات السياسة الخارجية، وإقتراح مبادرات حول عدد من الأزمات والقضايا الإقليمية والدولية « من منظور إسلامي »([160]).إنَّ عوامل القوة التركية ( الفكرية والمادية ) بدأت تخضع لإعادة صياغة على أُسس علمية حديثة وإن كانت لم تنتظم في إطار من الحركة، إلاّ أنها أصبحت مستمرة في الفاعلية والحركة، وأخطر ما فيها أن تتغلف بشحنات نفسية مدفوعة بدوافع متأثرة بالتاريخ([161]).فمنذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة أصدرت حكومة أردوغان قوانين جديدة متوافقة مع معايير كوبنهاكن ( معايير سياسية وقانونية إشتطرت على تركيا القيام بتشريعات ديمقراطية جديدة أهمها إبعاد المؤسسة العسكرية عن السياسة وحجبها عن التدخلات المدنية والقضائية لقبولها في عضوية الإتحاد الأوربي ) , بهدف إعادة هيكلة المؤسسات , وتمثلت بسبع حزم قانونية صادق عليها البرلمان في 30 تموز 2003 , وكانت هذه الخطوة نقطة التحول الأقوى في العلاقة بين العسكر والمدنيين داخل مجلس الأمن القومي التركي وأمانته العامة وهما المؤسستان اللتان تتدخلا بقوة في الحياة السياسية في تركيا([162]).ودعا الحزب إلى حرية دينية وحرية تعبير أوسع جاءت بهدف الإتفاق مع المعايير الديمقراطية الأوربية، على حد تعبيره، تبدو ملائمة مع دفاعه عن إنضمام تركيا للإتحاد الأوربي أكثر منها في إطار قيم الدين الإسلامي. وهو في إطار إعادة صياغة صورته كمحافظ ومؤيد للغرب لم يصر على ترك حلف شمال الأطلسي ويعتبر عضوية تركيا مهمة في الإتحاد الأوربي ولا يعارض دخول النساء المدارس والمكاتب الحكومية دون حجاب، وهي القضية التي أثارت ولما تزل جدلاً واسعاً في المجتمع التركي([163]). وفي السياق ذاته، نصت الإصلاحات الجديدة على قيام لجان من البرلمان أو من وزارة المالية بتدقيق نفقات الجيش وهو ما لم يكن مسموحاً به في السابق, كما وضعت التعديلات الدستورية الأخيرة تصرفات الجيش المختلفة تحت رقابة ومحاسبة البرلمان, بعد أن تخلت القوى التقليدية عن موقفها الداعم للجيش وفي مقدمتهم كبار رجال الأعمال ووسائل إعلامهم الرئيسة التي أصبحت تتربص بأي محاولة لمعرفة المسار الديمقراطي من قبل الجنرالات([164]).

نقلت سياسات حكومة أردوغان الجديدة تركيا من وضع إلى آخر، وإستثمرت حاجة الدول المجاورة والنظام الدولي إلى تعزيز عوامل الإستقرار والإنفتاح على الآخر بطريقة فاعلة، وتقدّمت بمبادرات متعددة لـ “تسوية” أو “ضبط” النزاعات بينها وبين الجوار، وبين الأطراف المجاورة نفسها، وطبّقت نسبياً أفكار “العمق الإستراتيجي” على نفسها أولاً، وهو ما أعطى سياساتها حضوراً أكبر مما كان لدى الحكومات السابقة([165]). وبموجب سياسة “تعدد الأبعاد” إنتقلت تركيا من موقع المتفرج إلى موقع المبادر في أكثر من قضية، … إن سياسة التوازن هذه وضعت تركيا في موقع مؤات لمبادرات وطرح أفكار وتقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة([166]). شرعت حكومة حزب العدالة والتنمية في تنفيذ سياسات إنفتاح وإصلاح إقتصادي وإداري ومالي، بل تغيير عديد من ” الأُطر الإرشادية ” و” المبادئ التوجيهية ” للعملية الإقتصادية ودور الدولة في الإقتصاد، وقد إنعكس ذلك على الحياة الإقتصادية زيادة في الإنتاج والصادرات، وتحسناً كبيراً نسبياً في مؤشرات الإقتصاد التركي، كما حصلت تركيا على دعم إحتياطي خارجي بلغ 25 مليار دولار لدعم برنامج الإصلاح، وقد حققت بذلك نمواً إقتصادياً مستمراً([167]).

 و في 12 حزيران 2011 فاز الحزب بالانتخابات التشريعية (للمرة الثالثة على التوالي) وذلك بعد حصوله على 59.4% من الأصوات, متقدماً على حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، وحصل الحزب على327 مقعداً من أصل 550 مقعد في البرلمان، إلا أن ذلك لم يخوّله بتنفيذ مراده في تعديل الدستور دون الرجوع للمعارضة, أهمها جعل نظام الحكم في تركيا رئاسي، الأمر الذي يتطلب ثلثي مقاعد البرلمان أي 367 مقعد، لكن المعارضة نددوا بالتوجهات الدكتاتورية لرئيس الحزب رجب طيب أردوغان([168]). وهكذا ، لازال حزب العدالة والتنمية يمارس الحكم لحد الآن ويتحكم بدفة توجه تركيا ، رغم وجود عقبات داخلية و خارجية تُعيق حركته أحياناً.

الهوامش

([1])       يُنظر: د. رواء زكي الطويل و د. وصال نجيب العزاوي، السياسة العامة في تركيا: الركيزة      الإقتصادية، سلسلة دراسات إستراتيجية، جامعة بغداد – مركز الدراسات الدولية، العدد 30، 2002،     بغداد، ص25.

([2])       عبد الوهاب عبد الستار القصاب، أوراق عربية، العدد 28، آذار 2000، مركز دراسات وبحوث الوطن   العربي – الجامعة المستنصرية، بغداد، ص5.

([3])       عقيل سعيد محفوض، السياسة الخارجية التركية: الإستمرارية – التغيير، المركز العربي للأبحاث          ودراسة   السياسات، ط 1، بيروت – لبنان، حزيران 2010، ص ص33 – 34.

([4])       د. مصطفى عبد الكريم العدوان، أثر الشراكة الإستراتيجية بين تركيا وإسرائيل على الدول العربية          المجاورة، مجلة الدراسات الدولية، جامعة بغداد – مركز الدراسات الدولية، العدد 15، بغداد، كانون الثاني       / 2002، ص98.

([5])       أ. د. إبراهيم خليل العلاف وآخرون، التقرير الإستراتيجي: 2009 – 2010، مركز الدراسات الإقليمية    / جامعة الموصل، ط 1، دار إبن الأثير للطباعة والنشر، 2011، ص497.

([6])       عبد الزهرة شلش زامل العتّابي، توجهات تركيا نحو أقطار الخليج العربي (دراسة في الجغرافية السياسية)، رسالة ماجستير في الجغرافية (غير منشورة)، جامعة البصرة، تشرين الأول 1997، ص20.

([7])       ثامر كامل محمد و نبيل محمد سليم، العلاقات التركية – الأمريكية و الشرق الأوسط في عالم ما بعد    الحرب الباردة، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ط 1، أبو ظبي – الإمارات العربية         المتحدة، 2004، ص61.

([8])       د. طلال يونس الجليلي، تركيا والحلم الأوربي: إبتعاد أم إتحاد؟!، متابعات تركية، مركز الدراسات        التركية (مركز الدراسات الإقليمية حالياً) / جامعة الموصل، السنة الأولى، المجلد الأول، الأعداد 1 –         12، آذار 2002 –  شباط 2003، ص18.

([9])       عبد الزهرة شلش زامل العتّابي، مصدر سبق ذكره، ص17.

([10])      د. إبراهيم خليل أحمد وآخرون، تركيا المعاصرة، مركز الدراسات الإقليمية (حالياً) – جامعة الموصل،     مديرية دار الكتب للطباعة والنشر – جامعة الموصل، 1987، ص 7 – 8 .

([11])      علي حسين باكير، ((تركيا: المجتمع والدولة المقومات الجيو- سياسية والجيو- إستراتيجية: النموذج      الإقليمي والارتقاء العالمي)) وآخرون، ص20–21، تركيا بين تحديات الداخل ورهانات الخارج، تحرير: محمد عبد العاطي، مركز الجزيرة للدراسات، ط 1، الدوحة- قطر، 2010.

([12])      عبد الزهرة شلش زامل العتّابي، مصدر سبق ذكره، ص21.

([13])      جاءت مفردة ” علمانية ” من LAIKOS  اليونانية والتي تعني الناس الذين ليسوا رجال دين. ولها         أيضاً     معنى: الناس الذين ليسوا أعضاء في طبقة الرهبان. وقد حاول بعض المفكرين العثمانيين إيجاد معنى     رديف لها في العثمانية فأعطاها ضيا غوك ألب معنى “اللا ديني” وأحمد باشا “اللا روحاني”. يُنظر:        محمد نور الدين، تركيا: الصيغة والدور، رياض الريّس للكتب والنشر، ط 1، بيروت – لبنان، كانون    الثاني 2008، ص217.

([14])      يُنظر: خليل إبراهيم الطيار، الصراع بين العلمانية والإسلام في تركيا، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ط 1، أبو ظبي الإمارات، 2004، ص ص70 – 71.

([15])      لينور مارتن، الأمن القومي التركي في الشرق الأوسط، ترجمة وتعليق : أ. د. خليل علي مراد، جامعة    الموصل : مركز الدراسات الإقليمية / سلسلة شؤون إقليمية رقم (3) ، ط1، مطبعة دار إبن الأثير،     الموصل، 2005، ص6.

([16])      علي حسين باكير، مصدر سبق ذكره، ص22.

([17])      فيروز أحمد، صنع تركيا الحديثة، ترجمة : د. سلمان داود الواسطي، ود. حمدي حميد الدوري، بيت      الحكمة : قسم الدراسات الاجتماعية، بغداد، ص 176 و ص177 .

([18])      أ. د. سعد ناجي جواد –إعداد– و أ. د. علي محافظة –تحكيم– ، مستقبل القضية الكردية في الشرق     الأوسط، التقرير (كراسة)، مركز دراسات الشرق الأوسط، العدد 13، عمان – الأردن، تشرين الأول     2000، ص ص 373 – 374.

([19])      خليل إبراهيم الطيار، مصدر سبق ذكره، ص70 – 71.

([20])      إدريس بووانو (باحث مغربي)، معادلات خفية في الصراع بين التيار الإسلامي والتيار العلماني في       تركيا، المستقبل العربي: مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 299، 1 / 2004، ص73.

([21])      علي حسين باكير، مصدر سبق ذكره، ص22.

([22])      نظام مارديني (كاتب سوري)، تركيا: موقع و أدوار، مجلة شؤون الأوسط: العدد 123 صيف 2006،    أدار الندوة : محمد نور الدين، حزب العدالة والتنمية والتجربة الإسلامية في تركيا، ص167.

([23])      خليل إبراهيم الطيار، مصدر سبق ذكره، ص74.

([24])      د. إبراهيم الداقوقي، أكراد تركيا، دار المدى، دمشق – سوريا، 2003، ص371.

         للمزيد حول موضوع الصراعات في تركيا يُنظر في نفس المصدر : الهوية الوطنية : الصراع الديني      العلماني ص ص371 – 386، و الصراع الإجتماعي : مشكلة الأقليات في تركيا ص ص393 –    432 و الحركة الأرمنية ص ص395 – 400 و الحركة الكردية ص ص401 – 403 .

([25])      محمد نور الدين (أستاذ التأريخ واللغة التركية في الجامعة اللبنانية – ومتخصص في الشؤون التركية)،    الدين والسياسة في تركيا، مجلة شؤون الأوسط، العدد 118، ربيع 2005، بيروت – لبنان، ص99.

([26])      د. وليد رضوان، تركيا بين العلمانية والإسلام في القرن العشرين : 1950 – 2000، شركة المطبوعات، بيروت – لبنان، ط 1، 2006، ص337.

([27])      إدريس بووانو، مصدر سبق ذكره، ص77 – 78.

([28])      د. نزار عبد اللطيف إسماعيل، معضلات العلاقات التركية – الأوروبية، مجلة العلوم السياسية، السنة    11، العدد 30، كلية العلوم السياسية جامعة بغداد، كانون الثاني 2005، ص ص87 – 88.

([29])      صلاح سعد الله، المسألة الكردية في تركيا – مرحلة جديدة –، ط 2، بغداد، 2003، ص20.

([30])      جبار قادر، رؤى كردية حول تركيا، أعد الندوة : فاروق حجي مصطفى (كاتب كردي)، مجلة شؤون      الاوسط: العدد 116، مركز الدراسات الإستراتيجية، بيروت – لبنان، ص10.

([31])      لينور مارتن، مصدر سبق ذكره، ص ص 12 – 13.

([32])      ميشال نوفل، عودة تركيا الى الشرق: الإتجاهات الجديدة للسياسة التركية، الدار العربية للعلوم   ناشرون، ط 1، 2010، بيروت – لبنان، ص28.

([33])      محمد نور الدين، تركيا والإتحاد الأوربي: مسألة الهوية والرهانات، مجلة شؤون الأوسط، العدد 116،     ص70.

([34])      محي الدين شيخ آلي، ندوة: رؤى كردية حول تركيا، مصدر سبق ذكره، ص ص 9 – 10.

([35])      نظام مارديني، تركيا والأكراد بعد إنتخابات 2007، مجلة شؤون الاوسط: العدد 127 خريف 2007،    ص211.

([36])      د. وصال نجيب العزاوي، القضية الكردية في تركيا حتى عام 1993، سلسلة دراسات إستراتيجية، جامعة بغداد – مركز الدراسات الدولية، العدد 80، بغداد، 2005، ص5.

([37])      لينور مارتن، مصدر سبق ذكره، ص 37 .

([38])      د. حنا عزو بهنان، قضية حزب العمال الكردستاني وإنعكاساتها على العلاقات العراقية – التركية         (1984 – 2008)، ص598.

([39])      لينور مارتن، مصدر سبق ذكره، ص18.

([40])      جلال ورغي، الحركة الإسلامية التركية : معالم التجربة وحدود المنوال في العالم العربي، الدار العربية    للعلوم ناشرون ومركز الجزيرة للدراسات، ط 1، الدوحة – قطر، 2010، ص77.

([41])      د. إبراهيم الداقوقي، مصدر سبق ذكره، ص488.

([42])      د. وصال نجيب العزاوي، مصدر سبق ذكره، ص82.

([43])      حسن بكر أحمد، العلاقات العربية – التركية بين الحاضر والمستقبل، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، العدد 41، ط 1، أبو ظبي – الإمارات، 2000 , ص76.

(*)      و هي شروط سياسية وقانونية وضعها الإتحاد الأوربي على تركيا للقيام بتشريعات جديدة أهمها إقتصادية          وإبعاد المؤسسة العسكرية عن السياسة ومنعها عن تضييق الحريات المدنية والتدخل في الشؤون القضائية       وغيرها من الشروط لقبولها في عضوية الإتحاد الأوربي. للمزيد يُنظر: محمد نور الدين، تركيا والإتحاد   الأوربي: مسألة الهوية والرهانات، مجلة شؤون الأوسط، العدد 166، مصدر سبق ذكره، ص70.

([45])      فائق بولوط، ندوة: الإسلاميون في تركيا ومشروع التغيير، مصدر سبق ذكره، ص15 .

([46])      أ. د. أحمد نوري النعيمي، القضية الكردية في تركيا : الواقع والمستقبل، مجلة دراسات دولية – سلسلة    دراسات إستراتيجية، جامعة بغداد / مركز الدراسات الدولية، العدد 48، بغداد، 2003، ص54.

([47])      أ. د. إبراهيم خليل العلاف و آخرون، التقرير الإستراتيجي : 2011 – 2012، مركز الدراسات          الإقليمية / جامعة الموصل، دار إبن الأثير للطباعة والنشر، 2012، ص ص 39 – 40.

([48])      شبكة المعلومات العالمية (الأنترنت)، موسوعة ويكيبيديا الحرة : http://ar.wikipedia.org/wiki/

([49])      علي حسين باكير، مصدر سبق ذكره، ص23.

([50])      شبكة المعلومات العالمية (الأنترنت)، موسوعة ويكيبيديا الحرة : http://ar.wikipedia.org/wiki .

([51])      نوال عبد الجبار سلطان، أزمات سياسية أم أزمة هوية، متابعات إقليمية / مركز الدراسات الإقليمية       – جامعة الموصل، العدد 7، حزيران 2004، ص1.

([52])      محمد نور الدين، عشر سنوات على حزب العدالة والتنمية : نجاحات وإخفاقات، شؤون الأوسط، العدد    143، مركز الدراسات الإستراتيجية، بيروت – لبنان، خريف 2012، ص109.

([53])      خليل إبراهيم الطيار، الصراع بين العلمانية والإسلام في تركيا، مصدر سبق ذكره، ص73.

([54])      لينور مارتن، مصدر سبق ذكره، ص 5 .

([55])      د. وصال نجيب العزاوي، المؤسسة العسكرية التركية: دراسة في الدور السياسي للمؤسسات العسكرية     التركية (1960 – 1980)، سلسلة دراسات إستراتيجية–جامعة بغداد، العدد 81، بغداد، 2005، ص5.

([56])      لينور مارتن، مصدر سبق ذكره، ص 5 و 27 و 39 .

([57])      حسن بكر أحمد، مصدر سبق ذكره، ص ص 57 – 58 .

([58])      لينور مارتن، نفس المصدر، ص 5 .

([59])      معتز محمد سلامة، الجيش والسياسة في تركيا، السياسة الدولية – الملف، العدد 131، السنة 34،       القاهرة – مصر، كانون الثاني 1998، ص ص 123 – 124 .

([60])      أ. د. أحمد نوري النعيمي، موقف المؤسسة العسكرية من الحركة الإسلامية في تركيا، دراسات دولية،     سلسلة دراسات إستراتيجية، العدد60، كلية العلوم السياسية – جامعة بغداد، بغداد، 2004، ص 11 .

([61])      علي حسين باكير، مصدر سبق ذكره، ص ص 22 – 23 .

([62])      أ. د. أحمد نوري النعيمي، نفس المصدر، ص 3 .

([63])      أ. د. أحمد نوري النعيمي، نفس المصدر، ص 9 .

([64])      معتز محمد سلامة مصدر سبق ذكره، ص 124 .

([65])      أ. د. إبراهيم خليل العلاف وآخرون، التقرير الإستراتيجي:2011–2012، مصدر سبق ذكره، ص216.

([66])      محمد وفاء حجازي، مجلة المستقبل العربي، العدد 227، 1 / 1998، مصدر سبق ذكره، ص 51 .

([67])      د . محمد نور الدين، حجاب وحراب: الكمالية وأزمات الهوية في تركيا، دار رياض الريّس، ط 1،        بيروت – لبنان، تموز 2001، ص 378 .

([68])      د . نبيل محمد سليم، في ضوء الإنتخابات التركية: الواقع والأبعاد، مجلة الراصد الدولي / مركز          الدراسات الدولية – جامعة بغداد، العدد 68، السنة الثانية، بغداد, أيلول 2003، ص 4 .

([69])      معتز محمد سلامة، مصدر سبق ذكره، ص 123 .

([70])      علي حسين باكير، مصدر سبق ذكره، ص 36 .

([71])      نقلاً عن : عبد الوهاب عبد الستار القصاب، مصدر سبق ذكره، ص ص 5- 6 .

([72])      حسن بكر أحمد، مصدر سبق ذكره، ص73 .

([73])      د. رواء زكي يونس الطويل، مُستقبل العلاقات العراقية – التركية في ظل المصالح المُشتركة،   تـحـرـيـــــــر د. نوفل قاسم علي الشهوان، من أعمال المؤتمر العلمي السنوي السادس لمركز الدراسات        الإقليمية/جامعة الموصل، 2009، دار إبن الأثير للطباعة والنشر، الموصل، 2010، ص 515 .

([74])      لينور مارتن، مصدر سبق ذكره، ص ص 26 – 27 .

([75])      سيفي طاشهان (مؤسس الجمعية التركية – الأوربية ومؤسس دراسات الشرق أوسطية والبلقانية)،          جيوبوليتيكا تركيا، شؤوون الأوسط، العدد 108، خريف 2002, ص 125 .

([76])      علي حسين باكير، مصدر سبق ذكره، ص 37 – 38 .

([77])      د. بان غانم أحمد الصائغ، إنعكاسات العلاقات التركية – الإسرائيلية على العلاقات العربية – التركية،    تحرير د. نوفل قاسم علي الشهوان، مركز الدراسات الإقليمية / جامعة 2009، دار إبن الأثير للطباعة          والنشر، 2010، الموصل – العراق، ص 624 – 625 .

([78])      العميد البحري الركن .عبد الوهاب عبد الستار القصاب، مصدر سبق ذكره، ص 7 .

([79])      علي حسين باكير، مصدر سبق ذكره، ص 39 .

([80])      لينور مارتن، مصدر سبق ذكره، ص 27 .

([81])      د. نوال عبد الجبار سلطان، المتغيرات السياسية التركية تجاه المشكلة الكردية 1999 – 2006،         مجلة     دراسات إقليمية / جامعة الموصل، العدد 7، 2007، دار إبن الأثير للطباعة والنشر، ص 208 .

([82])      أ. د. إبراهيم خليل العلاف وآخرون، التقرير الإستراتيجي: 2011 – 2012، مصدر سبق ذكره، ص     ص 39 – 40 .

([83])      صلاح سعد الله، مصدر سبق ذكره، ص 154 .

([84])      فائق بولوط، مصدر سبق ذكره، ص 13 .

([85])      أ. د. إبراهيم خليل العلاف وآخرون، التقرير الإستراتيجي:2011 – 2012، مصدر سبق ذكره، ص42.

([86])      جلال ورغي، مصدر سبق ذكره، ص 75 .

([87])      للتوسع في هذا الموضوع يُنظر: أ. د. إبراهيم خليل العلاف وآخرون ، التقرير الإستراتيجي:2011 –     2012، مصدر سبق ذكره ، ص 218 .

([88])      محمد نور الدين، الدين والسياسة في تركيا، مصدر سبق ذكره، ص 106 .

([89])      أ. د. إبراهيم خليل العلاف وآخرون، التقرير الإستراتيجي: 2011 – 2012، مصدر سبق ذكره، ص     ص 214 – 215 .

([90])      محمد نور الدين، الدين والسياسة في تركيا، مصدر سبق ذكره، ص 108 .

([91])      سمير صالحة، مصدر سبق ذكره، ص 18 .

([92])      فائق بولوط، مصدر سبق ذكره، ص 14 .

([93])      أندرو فنكل و نوكهت سيرمان، تركيا : المجتمع والدولة، ترجمة : د. حمدي حميد الدوري و د. عدنان    ياسين مصطفى، بيت الحكمة، ط 1، بغداد، 2002، ص288.

([94])      لينور مارتن، الأمن القومي التركي في الشرق الأوسط، مصدر سبق ذكره، ص23 – 24.

([95])      لينور مارتن، المصدر نفسه، ص25.

([96])      رواء الطويل، التبادل التجاري بين إيران وتركيا (1970 – 1998)، شؤون الأوسط، مركز      الدراسات الإستراتيجية، العدد 108، خريف 2002، بيروت – لبنان، ص143.

([97])      د. رواء زكي يونس الطويل و د. وصال نجيب العزاوي، مصدر سبق ذكره، ص55 .

([98])      رواء الطويل، التبادل التجاري بين إيران وتركيا (1970 – 1998)، مصدر سبق ذكره، ص143.

([99])      أ. د. إبراهيم خليل العلاف وآخرون، التقرير الإستراتيجي: 2009–2010، مصدر سبق ذكره، ص340.

([100])     علي حسين باكير، تركيا: الدولة والمجتمع، وآخرون، مصدر سبق ذكره، ص24.

([101])     د. نوال عبد الجبار سلطان، أزمات سياسية أو أزمة هوية، مصدر سبق ذكره، ص3 – 4.

([102])     إبراهيم أوزتوك وآخرون، التحولات الإقتصادية التركية بين عامي 2002 – 2008، تركيا بين تحديات    الداخل ورهانات الخارج، مصدر سبق ذكره، ص54.

([103])     د. نبيل محمد سليم، في ضوء الإنتخابات التركية: الواقع والأبعاد، مصدر سبق ذكره، ص3.

([104])     أندرو فنكل و نوكهت سيرمان، تركيا : المجتمع والدولة، مصدر سبق ذكره، ص288 – 289.

([105])     فائق بولوط، مجلة شؤون الأوسط، العدد 127، خريف 2007، مصدر سبق ذكره، ص15.

([106])     محمد نور الدين، تركيا : الصيغة والدور، مصدر سبق ذكره، ص37.

([107])     عقيل سعيد محفوض، السياسة الخارجية التركية : الإستمرارية – التغيير، مصدر سبق ذكره، ص95.

([108])     علي حسين باكير، تركيا: الدولة والمجتمع، مصدر سبق ذكره، ص24.

([109])     رواء زكي يونس الطويل، مستقبل العلاقات العراقية – التركية ، مصدر سبق ذكره، ص517.

([110])     عقيل سعيد محفوض، مصدر سبق ذكره، ص ص96-97.

([111])     أ. د. إبراهيم خليل العلاف وآخرون، التقرير الإستراتيجي: 2011 – 2012، مصدر سبق ذكره، ص41.

([112])     نقلاً عن منير الحمش، العرب و تركيا: تحديات الحاضر ورهانات المستقبل، وجهة نظر عربية في واقع العلاقات الإقتصادية العربية – التركية، مجموعة مؤلفين، محاضرة ألقاها أرشاد هورموزلو بعنوان:         (التوجهات الجديدة لسياسة تركيا الخارجية)، في المركز الإستشاري للدراسات والتوثيق، بيروت، بتاريخ    24 / 12 / 2009، وصدرت أعمالها بكراس عن المركز ص19 – 20.

([113])     عقيل سعيد محفوض، مصدر سبق ذكره، ص ص97 و99.

([114])     علي حسين باكير، تركيا : المجتمع والدولة، مصدر سبق ذكره، ص 24 و ص 25.

([115])     لينور مارتن، مصدر سبق ذكره، ص18 و ص20 و ص37.

([116])     إبراهيم أوزتورك، مصدر سبق ذكره، ص49 و 50 و 52 و 53.

([117])     أعضاء من وزارة الخارجية التركية و من هيئة التخطيط التركية، تركيا والعالم 2010 – 2020:          ظهور    طرف فاعل جديد على الساحة العالمية، شركة أي.أم جرافيك للطباعة، القاهرة – مصر، 1999، ص20

([118])     إبراهيم خليل أحمد،  وآخرون، صنع القرار السياسي في تركيا، مركز الدراسات التركية  ( سابقاً )         مركز    الدراسات الإقليمية ( حالياً ) – جامعة الموصل، آيار 1996، ص2 و ص4.

([119])     للتوسع حول هذه النقاط الستة يُنظر: جلال معوض، الورقة الخلفية، مجلة المستقبل العربي، السنة 20، العدد 227، 1 / 1998، ص ص16 – 33.

([120])     مالك مفتي، الجرأة والحذر في سياسة تركيا الخارجية، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية،    العدد27، أبو ظبي الإمارات، ص22.

([121])     د. بان غانم أحمد الصائغ، إنعكاسات العلاقات التركية – الإسرائيلية، مصدر سبق ذكره، ص625.

([122])     صلاح سعد الله، مصدر سبق ذكره، ص ص149 – 150.

([123])     د. نبيل محمد سليم، في ضوء الإنتخابات التركية: الواقع والأبعاد، مصدر سبق ذكره, ص1.

([124])     محمد نور الدين، الدين والسياسة في تركيا، مصدر سبق ذكره، ص106.

([125])     محمد نور الدين، تركيا الصيغة والدور، مصدر سبق ذكره، ص24.

([126])     د. طلال يونس الجليلي، تركيا والحلم الأوربي: إبتعاد أم إتحاد ؟!، مصدر سبق ذكره، ص18.

([127])     محمد نور الدين، تركيا: الصيغة والدور، مصدر سبق ذكره، ص23.

([128])     شبكة المعلومات العالمية (الأنترنت)، الموقع الألكتروني الرسمي لحزب العدالة والتنمية، تحت الرابط:         http://www.akparti.org.tr/arabic/akparti/parti-programi

([129])     أ. د. أحمد نوري النعيمي، العلاقات العراقية – التركية الواقع والمستقبل، مجلة العلوم السياسية، جامعة   بغداد / كلية العلوم السياسية، العدد 29، تشرين الأول 2004، ص40.

         إنهارت  حكومة نجم الدين أربكان في 18 حزيران 1997 بإضطراره لتقديم إستقالة حكومته، ويمكن أن   تُفسر عملية “الإطاحة بأربكان” فيما يوصف “بالإنقلاب الرابع” في تاريخ تركيا بعد إنقلابات 1960 و        1971 و 1980 بسبب “إنزعاج” القوى العلمانية التركية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية من سياسات    وتحركات “للرفاه” في الداخل والخارج. للمزيد حول هذا الموضوع، يُنظر: د. جلال عبد الله معوض،          الأزمة السياسية التركية وإحتمالات تطورها، السياسة الدولية، العدد 131، السنة 34، كانون الثاني       1998، ص ص114 – 120 .

([130])     محمد نور الدين، الدين والسياسة في تركيا، مصدر سبق ذكره، ص108 .

([131])     خليل إبراهيم الطيار، مصدر سبق ذكره، ص67 – 68.

([132])     طارق عبد الجليل، ((الجيش والحياة السياسية تفكيك القبضة)) ، وآخرون، مصدر سبق ذكره، ص76.

(*)       أحمد داود أوغلو هو أستاذ دكتور في العلوم السياسية شغل منصب رئيس قسم العلاقات الدولية في       جامعة بايكنت قبل أن يُعيّن مُستشاراً لرئاسة مجلس الوزراء في حكومة حزب العدالة والتنمية سنة 2002،         ثم أصبح وزير خارجية تركيا ومهندس سياستها الخارجية، وهو مؤلف كتاب “العمق الإستراتيجي:          موقع     تركيا ودورها في الساحة الدولية” .

([133])     جلال ورغي، الحركة الإسلامية التركية، مصدر سبق ذكره، ص69 و ص71.

([134])     أ. د. إبراهيم خليل العلاف وآخرين، التقرير الإستراتيجي:2009 – 2010، مصدر سبق ذكره، ص307.

([135])     أندرو فنكل و نوكهت سيرمان، تركيا: المجتمع والدولة، مصدر سبق ذكره، ص289 .

([136])     د. نبيل محمد سليم، في ضوء الإنتخابات التركية : الواقع والأبعاد، مصدر سبق ذكره، ص1 .

([137])     حسن بكر أحمد، العلاقات العربية – التركية بين الحاضر والمستقبل، مصدر سبق ذكره، ص77.

([138])     د. سعد عبد العزيز مسلط، مُتغيرات السياسة التركية تجاه الدائرة العربية بين العلمانية والإسلام، تحرير: د. نوفل قاسم علي الشهوان، مستقبل علاقات العراق و دول الجوار، أعمال المؤتمر العلمي السنوي       السادس لمركز الدراسات الإقليمية / جامعة الموصل، مصدر سبق ذكره، ص212.

([139])     صلاح سعد الله، مصدر سبق ذكره، ص154.

([140])     د. نبيل محمد سليم، في ضوء الإنتخابات التركية : الواقع والأبعاد، مصدر سبق ذكره, ص11.

([141])     خليل إبراهيم الطيار، مصدر سبق ذكره، ص67.

([142])     د. نبيل محمد سليم، في ضوء الإنتخابات التركية : الواقع والأبعاد، مصدر سبق ذكره، ص4.

([143])     أ. د. أحمد نوري النعيمي ، العلاقات العراقية – التركية الواقع والمستقبل، مصدر سبق ذكره، ص26 .

([144])     جمال كمال إسماعيل كركوكلي، الموقف التركي من الإحتلال الأمريكي للعراق، تحرير : د. نوفل قاسم   علي الشهوان، مصدر سبق ذكره، ص254.

([145])     أ. د. أحمد نوري النعيمي ، العلاقات العراقية – التركية الواقع والمستقبل، مصدر سبق ذكره، ص39 .

([146])     أف. ستيفن لارابي و لان أو. ليسر، سياسة تركيا الخارجية في عصر الشك والغموض، ترجمة: محمود   أحمد عزت البياتي، بيت الحكمة، العدد 21، بغداد، 2010، ص ص44 – 45 .

([147])     محمد نور الدين، الدين والسياسة في تركيا، مصدر سبق ذكره، ص106.

([148])     محمد نور الدين، الدين والسياسة في تركيا، المصدر نفسه، ص106.

([149])     جلال ورغي، الحركة الإسلامية التركية، مصدر سبق ذكره، ص ص55 – 56.

([150])     محمد نور الدين، الدين والسياسة في تركيا، مصدر سبق ذكره، ص107.

([151])     إبراهيم البيومي غانم: باحث مصري، الإقتصاد السياسي التركي والإصلاح، مجلة شؤون الأوسط: العدد   123 صيف 2006، حزب العدالة والتنمية والتجربة الإسلامية في تركيا، ص183.

([152])     صلاح سعد الله ، مصدر سبق ذكره ، ص149-150.

([153])     د. نوال عبد الجبار سلطان الطائي، المتغيرات السياسية التركية تجاه المشكلة الكردية 1999 – 2006، مصدر سبق ذكره، ص ص228 – 229.

([154])     أ. د. إبراهيم خليل العلاف و آخرون، التقرير الإستراتيجي:2011 – 2012، مصدر سبق ذكره، ص41.

([155])     فيروز أحمد، صنع تركيا الحديثة، مصدر سبق ذكره، ص500 – 501.

([156])     علي حسين باكير، مصدر سبق ذكره، ص16 – 17.

([157])    يُنظر مجلة شؤون الاوسط: العدد 127 خريف 2007، مصدر سبق ذكره، ص10 .

([158])    جلال ورغي، مصدر سبق ذكره، ص56.

([159])    يُنظر مجلة شؤون الاوسط : العدد 127 خريف 2007، أعد للندوة : د. محمد نور الدين، الإسلاميون   في تركيا ومشروع التغيير، مصدر سبق ذكره، ص9.

([160])     عقيل سعيد محفوض، مصدر سبق ذكره، ص163.

([161])    ثامر كامل محمد و نبيل محمد سليم، العلاقات التركية – الأمريكية ، مصدر سبق ذكره، ص64.

([162])     أ. د. إبراهيم خليل العلاف وآخرون، التقرير الإستراتيجي:2011–2012، مصدر سبق ذكره، ص217.

([163])    د. نبيل محمد سليم، في ضوء الإنتخابات التركية : الواقع والأبعاد، مصدر سبق ذكره, ص12.

([164])     أ. د. إبراهيم خليل العلاف وآخرون، المصدر نفسه، ص ص217 – 218.

([165])     عقيل سعيد محفوض، مصدر سبق ذكره، ص60.

([166])    د. لقمان عمر محمود النعيمي، مستقبل الدور الإقليمي لتركيا، تحرير: د. نوفل قاسم علي الشهوان،     مستقبل علاقات العراق و دول الجوار، أعمال المؤتمر العلمي السنوي السادس لمركز الدراسات الإقليمية         / جامعة الموصل، للمدة من 3 – 4 جمادى الآخر1430 هـ الموافق ليومي 27 – 28 آيار 2009 م،    دار إبن الأثير للطباعة والنشر، 2010، موصل – العراق، ص199.

([167])     عقيل سعيد محفوض، مصدر سبق ذكره، ص95.

([168])     شبكة المعلومات العالمية (الأنترنت)، من موقع الجزيرة. نت ، خبر تحت عنوان الرابط :  http://www.aljazeera.net/news/pages/9ce49fbe-5466-4e08-b88f-82af5b95c96d

 

المصدر:رسالة ماجستير بعنوان الفاعلية في التوجه الإستراتيجي التركي حيال منطقة الشرق الأوسط بعد عام 2002 ” العراق إنموذجاً ” ، من اعداد الطالب عدنان رحمان إبراهيم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى