دراسات سياسية

عَبَسَ وَتَوَلَّى – وليد عبد الحي

ثلاث نظريات تسود الثقافة السياسية في الشأن الفلسطيني، الاولى ترى ان موازين القوى المحلية والاقليمية والدولية لا تسمح للطرف الفلسطيني بان يواصل نضاله بالطريقة المعهودة- أي الكفاح المسلح- ، وان محاولة الاتكاء على الشرعية الدولية ستثمر نتائج اكثر من ما يعتبره اصحاب هذه النظرية قدرا من المغامرة- أي المقاومة-، وهذه هي النظرية التي يتبناها تيار التفاوض غير المحدود الذي تتبناه سلطة التنسيق الامني.

التيار الثاني والذي تقوده حماس والجهاد الاسلامي ، وهو الاستمرار في الموقف الفلسطيني التقليدي القائم على الكفاح المسلح، وان الطرف الصهيوني غير معني بالسلام وانه يريد اقامة دولة يهودية على كل فلسطين،وهو يستخدم التفاوض كحيلة لكسب الوقت وزرع المستوطنات وصولا لنقطة لا يبقى ما نتفاوض عليه.

بين النظريتين تسود نظرية المؤامرة التي ترى ان رئيس السلطة هو موضع شك في توجهاته ، ويستند أصحاب هذه النظرية لعدد من المؤشرات التي تحتاج مزيدا من الدراسة والتدقيق، وهي:
أولا: اتهام رئيس السلطة :

ويستند هذا التيار إلى تقارير جرى تداولها في وسائل الإعلام الغربية المختلفة، فقد تم نشر تقارير تشير الى أن رئيس السلطة كان يحمل اسم ” Krotov ” وعمل لصالح الكي جي بي خلال فترة 1983، وقام احد العاملين في قسم الارشيف في المخابرات السوفييتية واسمه Vasily Mitrokhin بتهريب الوثيقة الخاصة بذلك والتي توجد بعض محتوياتها في “ارشيف تشرتشل” في جامعة كامبريدج البريطانية، و تشيرالتقارير ألى انه حصل على درجة الدكتوراة عام 1982، وهي الفترة التي قضى فيها بوغدانوف( المقرب من بوتين حاليا والاكثر اعتناء بملف الشرق الاوسط في الإدارة الروسية حاليا) في دمشق في السفارة السوفييتية لأداء مهام خاصة على مرحلتين مما يوحي بصلة بين بوغدانوف ورئيس السلطة والكي جي بي(السوفييتية).

المؤشر الثاني لاصحاب نظرية المؤامرة تعززت في عام 2016 حين وصف حسين شيخ الاسلام وهو احد ابرز مستشاري وزير الخارجية الايراني رئيس سلطة التنسيق الامني بالقول : ” هذا الرجل معروف لدينا، وكشفت وثائق عش الجاسوسية ( السفارة الامريكية في طهران) بانه كان ” متعاونا” مع وكالة السي آي إيه الامريكية لوقت طويل ، وكافة نشاطاته في الماضي تثبت صحة ذلك”، لكن ذلك جاء كرد فعل على لقاء رئيس السلطة مع زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي.

ثانيا: ملابسات اغتيال عرفات:
معروف ان الولايات المتحدة وقدرا من القوى الاوروبية كانت تضغط بشكل كبير على ياسر عرفات لتعيين عباس رئيسا للوزراء، ورغم خبرات عرفات في التملص من مثل هذه المواقف لكنه وجد نفسه تحت ضغوط كثيرة لا سيما المالية(وهو ما اعلن الكونجرس الامريكي وجهات اوروبية بشكل صريح عنه في مناسبات مختلفة)، وبعد ان عينه عرفات في هذا المنصب، بدأ الضغط وبنفس الشدة لتخويله صلاحيات واسعة وليس صلاحيات شكلية، وما أن بدأ يتولى هذه الصلاحيات واستقر على توليها، غاب عرفات عن المشهد كله باغتيال لا زالت ملابساته قائمة رغم الوعود المتلاحقة بالكشف عن هذه الملابسات..
بعد ذلك بدأت السياسات الفلسطينية تتجه بشكل رئيسي نحو هدفين أولهما التخلص التام من المقاومة المسلحة سواء سلاحها او فكرة المقاومة المسلحة، واكتملت الحلقة بشرعنة التنسيق الامني الذي يتضمن بشكل رئيسي أيكال اجتثاث كافة خلايا المقاومة من الضفة الغربية ثم الانتقال الى غزة لسلطة التنسيق الامني لجعلها نسخة مكررة عن الحالة في الضفة الغربية، ولم يتوقف الاستيطان ولا الاستيلاء على القدس ولم يعد أي لاجئ، واصبحت الضفة الغربية اراض متنازع عليها وليست اراض محتلة.

هل يتسق هذا التحليل مع واقع الوضع الفلسطيني؟ هل هذه المعلومات تتضمن تشويها متعمدا يقوم به خصوم السلطة الفلسطينية؟ هل نظرية المؤامرة تنطوي على بعض الحقيقة او كلها ؟ يبقى الحكم للناس وللتاريخ..ولربما.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى