دراسات سياسية

فرص استعادة ثقة الناخب الجزائري والآثار الأمنية

د.عامر مصباح – جامعة الجزائر 3
إحدى أكثر الأساليب العالمية في كسب الأحزاب السياسية لثقة الناخبين وحث سلوكهم الانتخابي نحو صناديق الاقتراع، لجوء القادة السياسيين إلى عرض أنفسهم على المواطنين قبل موعد الانتخابات من أجل قياس مستوى التأييد الشعبي بواسطة استطلاعات الرأي العام، لينالوا تأييد ترشيح الحزب لهم. سواء كان هذا الأسلوب على الطريقة الأمريكية (التنافس بين المرشحين على مستوى الحزب) أو على الطريقة الفرنسية (المنافسة على مستوى تحالف الأحزاب)؛ فإن الهدف الأساسي هو معرفة الأحزاب السياسية الأشخاص الأكثر شعبية بين الناخبين ومن المحتمل أن يفوزوا في الانتخابات من غيرهم. التقليد الأكثر أهمية من ذلك، أن المرشح الذي يفشل في كسب نتائج استطلاع الرأي، فإن لياقته السياسية تجعله يحترم نتائج الانتقاء وينسحب من حلبة السباق فاسحا المجال أمام شخصيات أخرى. في كل الأحوال، دائما يوضع تقييم الرأي العام كمعيار أساسي في انتقاء المرشحين للانتخابات؛ وهي الطريقة التي يشعر فيها الناخب أن صوته يحمل قيمة سياسية، لذلك يذهب إلى صندوق الانتخابات للتعبير عنها.
ما يجري في الجزائر هو العكس تماما، إذ أن رأي الناخب مهمل تماما، واستبدل بواسطة أداة المال القذر (أو الشكارة) في انتقاء المرشحين في القوائم الانتخابية، خاصة بالنسبة لتلك الأحزاب التي تملك ضمانات ثابتة بأخذ أغلبية مقاعد المجالس الانتخابية. حتى القواعد الحزبية لا يتم استشتارتها، أو على الأقل الاسئناس برأيها في اختيار رؤساء القوائم، بواسطة إجراء انتخابات داخلية شفافة لقوائم الانتخابات. الكثير من القوائم توضع ساعة قبل انتهاء المدة القانونية للترشيح.
سمعنا مؤخرا في وسائل الإعلام أن الأحزاب الإسلامية تسعى لجمع شظاياها من أجل الدخول في الانتخابات بقوائم موحدة تحت شعارات كبيرة وبراقة “توحيد التيار الإسلامي”. شعار جميل، وأيضا بعيد عن الماضي، إذا كان المتزعمين لهذه المبادرة صادقين فيما يقولون، ويريدون استعادة ثقة الناخبين لابد أن يتعهدوا بألا يترشحوا في أي قائمة بأي حال من الأحوال، وأن تتم عملية انتقاء قائمة الترشيح بواسطة انتخابات داخلية شفافة، وأن يجمع رؤساء القوائم ما بين 15 إلى 20 ألف توقيع ممن يحق لهم التصويت في الولاية التي يترشحون فيها، حتى يتأكد المناظلون بنسبة معينة احتمال فوز رئيس القائمة في الانتخابات. الخطوة الأخرى، كل رئيس قائمة يقدم مشروعه الاقتصادي للولاية التي يريد الترشح فيها، ويخاطب مواطنيها عبر ادوات التواصل الاجتماعي والفضائيات الخاصة. كما يجب الاهتمام باستطلاعات الرأي الدورية حتى ولو كانت بطرق بسيطة، سواء على مستوى المناظلين أو الرأي العام الشعبي. وهذا يخص كل الأحزاب التي تبحث عن تأييد الناخبين وليس الشكارة.
بهذه الطريقة نستطيع القول أن بإمكان الأحزاب السياسة استعادة ثقة الناخبين تدريجيا، وتبني علاقة قوية مع المجتمع.
الهدف الأساسي المعتبر في ضرورة استعادة ثقة الناخبين هو أن استمرار إهمال المواطنين للانتخابات، واستمرار الإدراكات المشوهة والثقافة السياسية غير الوظيفية في التأثير على سلوك المواطنين؛ سوف يؤدي إلى تنامي التهديدات المجتمعية مثل تصاعد حدة التطرف، الإرهاب، المذاهب الفكرية الدخيلة، الإلحاد، الجريمة، المخدرات..

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى