قراءة فى الاستراتيجية الفاشلة لأمن القومى للرئيس ترامب

أميركا أولاً كان هو العنوان البارز لوثيقة استراتيجية الأمن القومي الأميركي الذي اقرته إدارة الرئيس دونالد ترمب في عامه الاول من الرئاسة ، وحددت فيه أركان وأسس سياستها الخارجية ونظرتها للعالم من حيث الفرص والمشكلات. الوثيقة عرضت فيها رؤية الإدارة الامريكية لأبرز القضايا والتحديات على الساحة الدولية؛ من المنافسة مع روسيا والصين إلى خطر المواجهة مع كوريا الشمالية، ومن حرب الإرهاب إلى تهديد هجمات الفضاء السيبراني، مروراً بالأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، وانتهاء بما تراه الإدارة كيفية تحقيق مصالح أميركا السياسية والعسكرية والاقتصادية وحمايتها

ما يستدل من “عقيدة ترامب” هو ميل الفريق المكلف اثناء تحريرها الى القوة العسكرية، أبرزهم مستشاره للأمن القومي هيربرت ماكماستر ونائبته (دينا سكادلو) المعروفة في أوساط شؤون الأمن القومي بترجيحها استخدام “القوة العسكرية لبسط السيطرة السياسية.. العنصر الأساسي للحرب وتحقيق الإنتصار،” كما جاء في كتابها الحرب وفن الحكم، مارس 2017. ما يعزز تلك النزعة العسكرية إدراج بند يتعلق بعسكرة الفضاء الخارجي، واستطراداً الحرب الإلكترونية، ويعيد إلى الأذهان مشروع الرئيس ريغان الخيالي “حرب النجوم بالمقارنة، فحين تمحورت “عقيدة” الرئيس جورج بوش الإبن، 2006، حول “نشر الديموقراطي حول العالم،” مما يستدعي سياسة إنفتاحية؛ بينما تضمنت “عقيدة أوباما” نصوصاً صريحة حول مخاطر التغير المناخي؛ أما ما يُستدل من “عقيدة ترامب” فهو الإقلاع التام عن تلك الأهداف والدفع باتجاه التحرك المنفرد للولايات المتحدة غير عابئة بالعزلة الدولية التي ترافقها

من خلال استخدام نهج جيوستراتيجي يدمج الخطابات القديمة مع الوضع الراهن، يبدو أن عقيدة ترامب  تثير تساؤلات كثيرة تضاهي بعددها الأجوبة التي تُوفرها حول كيفية قيادة إدارته للسياسة الخارجية. فـ “استراتيجية الأمن القومي” الجديدة تُضيف نظرةً عالميةً – تعود إلى القرن التاسع عشر أكثر منها إلى القرن العشرين – على سياساتٍ تُشبه كثيراً ما كانت الولايات المتحدة تقوم به منذ عام 1940، إنّما مع التشديد على الصحة الاقتصادية والمنافسة والقوة العسكرية الأمريكية أكثر من الإدارات السابقة. والخبر السّارّ هو أن هذه النظرة تتفادى الانعزالية، في حين يبدو أنها تصحح بعض الشوائب وتُضيء بعض نقاط الغموض في السياسة الخارجية الحديثة للولايات المتحدة، سواء من خلال التشديد على المخاطر المتأتية من الصين وروسيا، أو عدم التشديد على “فعل الخير” العالمي، أو رفض فكرة أن الانتصار العالمي للقيم الليبرالية هو أمرٌ لا مفر منهومع ذلك، لم تستطع “استراتيجية الأمن القومي” الإجابة على سؤاليْن أساسييْن هما: هل هناك نظام عالَمي مشترك يساهم في تقدّم أكثر من مجرّد المصالح الأمريكية، وهل يستحق هذا النظام الحفاظ عليه والدفاع عنه؟ فمن دون هذا المبدأ التنظيمي الأوّل، تغدو الاستراتيجية الكامنة وراء الوثيقة كخطة قد يؤيّدها بكلّ سرورٍ فلاديمير بوتين – الذي لطالما كان من المعجبين بنظام القرن التاسع عشر

ويمكن قراءة نظرة الرئيس القومية للغاية مباشرةً في المقدّمة: “إنّ «استراتيجية الأمن القومي» هذه تضع أمريكا أولاً”. إلّا أن العديد من وثائق السياسات العامة الماضية اتّسمت بنسخة أخف وطأةً من هذه النبرة القومية ذاتها. وتشير “استراتيجية ترامب للأمن القومي” بوضوح إلى الدور الأمريكي التقليدي، معتبرة أن “قوة أمريكا لا تكمن في المصالح الحيوية الخاصة بالشعب الأمريكي فحسب، بل أيضاً في مصالح أولئك في جميع أنحاء العالم الذين يريدون أن يكونوا شركاء الولايات المتحدة، سعياً لتحقيق مصالح وقيم وتطلّعات مشتركة”. فما هي المشكلة في هذه المقاربة؟فعلى سبيل المثال، توضح “استراتيجية الأمن القومي” أن الولايات المتحدة تواجه “ثلاث مجموعات رئيسية من المنافسين – وهي القوتان التعديليتان روسيا والصين، والدولتان المارقتان إيران وكوريا الشمالية، والمنظمات التي تشكّل خطراً عابراً للأوطان، لا سيّما الجماعات الإرهابية الجهادية”، وكلّها “تنافس بنشاط ضد الولايات المتحدة وحلفاءنا وشركاءنا”. بالإضافة إلى ذلك، هذه “صراعات سياسية بشكلٍ أساسي بين أولئك الذين يفضّلون الأنظمة القمعية ومَن يفضّلون المجتمعات الحرّة”، مما يجعل العالَم في وضعٍ معلَّق حيث لا يعيش الخصوم في حالة “سلامٍ” أو “حربٍ”، بل في “ميدان المنافسة المستمرة”. وعلى الرغم من إقرار ترامب بهذه التهديدات هو اختلافٌ مرحَّب به عن “استراتيجية الأمن القومي” لعام 2015 (والتي، لكي نكون منصفين، تم إصدارها قبل إطلاق كوريا الشمالية الصواريخ البالستية العابرة للقارات وتدخل روسيا في سوريا)، إلّا أنّه يسلّط الضوء على كيفية تصديها للولايات المتحدة، وليس للنظام العالمي الذي تُديره أمريكا.

و قد عقبت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية في نشر خمس حقائق سريعة عن استراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب للأمن القومي، في إشارة إلى أنّها المرة الأولى التي تستعرض فيها الإدارة الأميركية استراتيجية الأمن القومي في السنة الأولى من الولاية الرئاسية

1- إنها المرة الأولى التي تنشر فيها الإدارة الأميركية  استراتحية الامن القومي  في السنة الأولى من الولاية الرئاسية. بيل كلينتون وجورج بوش الإبن وباراك أوباما كلهم حاولوا وفشلوا في وضع سقف زمني. لم يتعرض ترامب للصدمات الخارجية التي تعرض لها كلينتون (مقديشو) أو بوش (هجمات 11 سبتمبر ) بالرغم من الجمود التشريعي الذي بطأ من تنفيذ أجندته كما هو حال أوباما. كثيرون توقعوا أن الاستراتيجية ستتعثر ولن تصدر قبل العام المقبل

إنها المرة الأولى أيضاً التي يلقي فيها الرئيس بنفسه خطاباً مطولاً بالتزامن مع إعلانها. ففي الماضي كان مستشارو الأمن القومي يقومون بهذه المهمة. في الواقع فريق ترامب يعود له الفضل في هذا الاعلان المهني وهو ما افتقر اليه خلال العام الماضي، على أمل أن يكون هذا مؤشراً على النضج والاستقرار. كما أن الاستراتيجية تعدّ الاطول حيث تزيد عن استراتيجية أوباما ب10 إلى 15 صفحة. الفريق الذي وضع الاستراتيجية هيربرت ماكماستر ودينا باول، وخصوصاً ناديا شادلو وسيث سنتر يستحقون الكثير من الفضل.

2 – أحد التحديات لدى واضعي الاستراتيجية أن هذه الإدارة كانت تفتقر للمصادر نسبياً. حملة ترامب لم تنتج يوماً الملفات السياسية والخطابات الكبرى التي عادة ما تكون المسوّدة الخام لاستراتيجية الامن القومي. العملية الانتقالية سادتها فوضى التقارير عن بداية فوضوية جداً للحكم. ثم جاء الرحيل المفاجئ لمستشار الأمن القومي مايكل فلين والهزة التي ضربت لاحقاً فريق الأمن القومي، تدل على أن الفريق الحالي لم يبدأ بعمله حتى منتصف مارس. بالرغم من ذلك يبدو أنه كان هناك صراع داخل الإدارة حول السياسة الخارجية بين هؤلاء الذين يفضلون توجهات ترامب المتطرفة مثل ستيف بانون وسيباستيان غوركا وستيفن ميلر، وهؤلاء الذين يفضلون توجهاته التقليدية مثل جيمس ماتيس وجون كيلي وريكس تيلرسون وماكماستر. حتى رحيل بانون في شهر اوت لم يكن من الواضح لأي الطرفين الغلبة وأي تصور هو الذي سيسود الاستراتيجية

3- منذ البداية كان شعار “أميركا أولاً” خياراً مؤسفاً لاستراتيجية الأمن القومي. في بعض الاحيان كانت الادارة تطرحه لتبرير قراراتها في القضايا العالمية مثل الخروج من اتفاقية “نافتا” واتفاقات باريس والاتفاق النووي الأمر الذي دفع الكثير من المراقبين الى القلق من أن الادارة ملتزمة بسياسة قصيرة النظر في فهم المصالح الأميركية من دون أن تدرك أن تحقيق المصالح الاميركية يكون بالمساعدة في وضع النظام العالمي والتسويات حيث يلزم الامر. لكن هذه الاستراتيجية سعت لتعيد تفسيرها بطريقة تجعلها أقل عرضة للرفض حيث قدمت تصوراً يقوم على الواقعية المبدئية

4- الإستراتيجية مليئة بلغة احتضان حلفائنا والمؤسسات الأساسية للنظام العالمي الذي بنته أميركا وحافظ على مكانتها في العالم حتى الآن. في حين تستخدم الاستراتيجية اللغة النمطية للحديث عن العلاقة بالحلفاء أظن أن حلفاءنا سيلاحظون أنه غالباً ما اشير اليهم على أنهم منافسون كما هم شركاء وأنهم لا يقومون بما فيه الكفاية

5- الشيطان يكمن في تفاصيل تنفيذ الاستراتيجية التي تتطلب سدّ الفجوات بين خطاب استراتيجية ترامب وحقيقة السياسات التي اتبعت حتى الآن. لن تتمكن استراتيجية الأمن القومي من دحض الانتقادات للإدارة لكنها ستشكل نقطة انطلاق للنقاشات والحوار في المستقبل

لكل ما سبق ذكره فإن العديد النظمات و المؤسسات الدولية، ستأخذ في حسبانها في بناء الاستراتيجية كثيرا ما تكون مناوئة للسياسية الخارجية للولايات المتحدة. الاستراتيجية تحذر من أن الولايات المتحدة لن تسمح للمؤسسات الدولية من الآن فصاعدا بأن تنتقص من سيادتها، وهى ستعطى الأولوية للمنظمات التى تخدم المصالح الأمريكية. بعبارة أخرى، الولايات المتحدة لن تقبل بتجميع أى جزء من سيادتها مع سيادات الآخرين ولكنها ستخضع هذه السيادات لسيادتها. الولايات المتحدة يجب أن تقود المؤسسات الدولية التى «تشكل الكثير من القواعد المؤثرة فى المصالح والقيم الأمريكية». وتدعو الاستراتيجية الجديدة الدبلوماسيين الأمريكيين إلى «أن ينشئوا وأن يقودوا مجموعات متآلفة تدعم المصالح المشتركة وتعبر عن رؤية أمريكا فى المحافل الدولية

لقد مضى عام على تولي الرئيس دونالد ترامب مهام منصبه. وبينما يتأمل الأمريكيون في فترة ترامب المضطربة، كان سجله في الأمن القومي والسياسة الخارجية مثيرا للقلق و هذا ماجاولنا اثارته في تفكيك استراتيجية ترامب الفاشلة.

وفي ظل ترامب، تراجعت الولايات المتحدة الامريكية عن أدوارها القيادية العالمية والأخلاقية، واخرجت حلفائها الديمقراطيين، وتخلت عن الدفاع عن المثل الليبرالية التي دامت إلى أكثر من 70 عاما من الأمن والازدهار. أمريكا أكثر عزلة الان ، أقل احتراما، أضعف في الداخل، وفي نهاية المطاف أقل أمانا تحت قيادة الرئيس ترامب ما إذا كان ترامب غير حكيم، وحظر السفر المفرط على الدول ذات الأغلبية المسلمة؛ وتهديده المتهور على تويتر على كوريا الشمالية؛ أو تحركاته الذاتية في اشعال مواجهة عسكرية أخرى في الشرق الأوسط، وكانت النتيجة هي نفسها: أمريكا أقل أمانا مما كانت عليه قبل عام. والحملة اليومية لإدارة ترامب ضد دبلوماسيين الادارة الامريكية و وكالة الاستخبارات وإنفاذ القانون والموظفين الحكوميين تخرق جهاز الأمن القومي الذي سيحتاج الرئيس لمواجهة التهديدات لأمريكا

وللأسف، فإن الأضرار التي الحقها الرئيس ترامب بسمعة الولايات المتحدة ومصالحها في جميع أنحاء العالم سيكون لها أيضا عواقب طويلة الأجل بالنسبة للأميركيين. عدد قليل من الدول سوف ترغب في العمل معه ،  وستبحث الدول في مكان آخر عن قيادة جديدة، بما في ذلك الصين، مما يعرض للخطر القواعد الدولية التي حددتها أمريكا وشركاؤها الديمقراطيون منذ الحرب العالمية الثانية لصالح الحرية والازدهار

بدأ ترامب سحب أمريكا من العالم. وقد  انسحبت من اتفاق باريس بشأن المناخ، وشراكة عبر المحيط الهادئ، واليونسكو، ومحادثات الهجرة العالمية، وغيرها. إن تراجع ترامب لم يفعل شيئا يذكر لصالح الأميركيين ولكنه اعطاع فرصة للعملاق الصيني الفرصة لملء الفراغ على حساب الولايات المتحدة. وبعد عام واحد من عصر ترامب، يجب أن تحصل الصين على  نتائج المحهودات التي بذلتها للسنوات طويلية

يبدو ان الرئيس ترامب و وزير خارجيته تيلرسون عازمين على الغاء وزارة الخارجية الأمريكية، وهو عمود لا يمكن الاستغناء عنه في النفوذ الأمريكي في جميع أنحاء العالم، وتوفير بضعة دولارات على المدى القصير على حساب عالم أكثر خطورة

وختاما فإن وثيقة استراتيجية الأمن القومي لإدارة ترامب الصادرة في 18-12-2017 سعت الى التوسع في توصيف مجموعة من التحديات في المجال العسكري، وقد سبقها وثائق أخرى تحدثت عن هذه التحديات، ناهيك عن التصريحات الصادرة من وزارة الدفاع الامريكية و في هذا السياق فالرئيس ترامب في وثيقته الاستراتيجية للأمن القومي، أعطانا في سياقها الحيثيات والدلائل التي تظهر تموضع القوى المتنافسة فيما بينها بالمجالات الثلاثة التي حددها هو نفسه للتنافس وهي المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وعند الاستخلاص سأستخدم معادلة وضعها الرئيس ترامب في استراتيجيته للأمن القومي في مستهل المحور المعنون “الاستراتيجية في السياق الإقليمي” حيث قال: “إن التغيير في موازين القوى الإقليمية يمكن أن يترتب عليه عواقب دولية تهدد المصالح الأميركية” ، لأقول بالمقابل ان التحول الذي أصاب موازين القوى الإقليمية في أكثر من رقعة استراتيجية على امتداد الساحة الدولية كما بينا أعلاه، معطوف على التغير في النظام الاقتصادي الدولي يشير إلى مرحلة جديدة عنوانها كسر التفوق الأميركي تنذر بعودة سياسة تأجيج النزاعات طمعا بترتيبات تخفف من حجم الخسائر وتحفظ بعضا من الأهداف الأميركية

و تبقى اكبر عائق في بناء استراتيجية امنية للامن القومي الامريكي ناجحة هي شخصية ترمب المتقلبة ستكون أكبر مشكلة بالنسبة لاستراتيجية الأمن القومي المعلنة . فحتى في خطابه الذي قدم فيه للوثيقة بدا كما لو كان متناقضاً مع بعض ما ورد فيها لا سيما فيما يتعلق بروسيا، إذ تحدث عن التعاون بين أجهزة المخابرات الذي أتاح إحباط مخطط إرهابي في روسيا بناء على معلومات قدمتها أميركا، وأشاد بالتعاون مع فلاديمير بوتين قائلاً: «هكذا يجب أن تكون الأمور»، هذا في الوقت الذي تبنت فيه الوثيقة لغة متشددة تجاه روسيا، واتهمها بأنها «تحاول إضعاف النفوذ الأميركي في العالم وخلق انشقاقات مع حلفائنا وشركائنا»إدارة ترمب التي جعلت «أميركا أولاً» عنواناً أساسياً في تقرير استراتيجية الأمن القومي، ترى أن هذه السياسة لا تعني الانكفاء، ولن تؤدي إلى عزل أميركا، لكن الواقع يبدو مخالفاً؛ أميركا تواجه اليوم مشكلات وتوترات صامتة مع بعض أوثق حلفائها الغربيين بسبب مواقفها إزاء الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. كذلك فإنها انسحبت من معاهدة التبادل التجاري مع دول الباسفيكي، وهي المعاهدة التي كانت إدارة أوباما السابقة تريدها لمواجهة الصين وتمدد نفوذها. الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ عرّض أميركا أيضاً لانتقادات واسعة من كثير من دول العالم، وعلى الرغم من ذلك فإن تقرير استراتيجية الأمن القومي فشل حتى في الإشارة إلى التهديد المناخي

الدكتور حكيم غريب

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button