قراءة في الاستراتيجية الصينية في افريقيا: القوة الناعمة الصينية
ليس للصين تاريخ استعماري في القارة الأفريقية، وهذا ما يدعم وجودها في أفريقيا وبشكل خاص تواجدها فى منظمة دول الجنوب، وهذا يعزز رغبة الأفارقة الذين يسعون إلى إنهاء وضع القطبية الواحدة في العالم، والجانب الأكثر أهمية فى العلاقات الصينية الأفريقية يتمحور في عدم الإجحاف في المشروطية السياسية أو الاقتصادية على العكس من التوجهات النيولييرالية الأخرى التي تتبناها واشنطن، ولكن التحفظ الوحيد الذى تتباها الصين في علاقاتها مع الدول الأفريقية هو الحفاظ على مبدأ “الصين واحدة”، أى عدم الاعتراف بتايوان.
وفى هذه الدراسة تناول الباحث المحاور التالية:
المحور الأول- أدوات القوة الناعمة الصينية في أفريقيا.
المحور الثانى- الاستراتيجية الجديدة للصين في أفريقيا .
المحور الثالث- أسباب التوجه الصيني الاستراتيجى لأفريقيا.
المحور الرابع- تحديات التغلغل الصيني في أفريقيا.
أولاً- أدوات القوة الناعمة الصينية في أفريقيا:
ظهر مفهوم القوة الناعمة، فى أواخر الثمانينات، من قبل جوزيف ناى، التي يمكن تعريفها على النحو التالي: القدرة على إقناع الأخرين دون استخدام القوة أو الإكراه، ومن ضمن أدواتها: الثقافة، القيم السياسية، والسياسة الخارجية، ويتسأل العديد من الباحثين حول لماذا الصين واحدة من الدول التي تقدم أكبر عدد من المنح الدراسية للأفارقة، وتنشر الثقافة الصينية وتعليم الماندرين من خلال الفروع العديدة لمعهد كونفوشيوس في أفريقيا من الكيب إلى القاهرة؟ وكيف يمكن لمهد كونفوشيوس أن يؤثر على الثقافة الأفريقية ؟
وتندرج الإجابة على هذا التساؤل من خلال سعى الصين للحفاظ على قوتها الناعمة داخل القارة السمراء، وفى المقابل تبحث الدول الأفريقية عن شريك يساعدها في بناء اقتصادها، وتجد ذلك في الصين التي تتمتع بالقوة الاقتصادية الضخمة، ونلاحظ استفادة كلا الطرفين، فتحصل الصين على الموارد الطبيعية الضخمة وهى مصدر قوة الصين الناعمة في القارة المتمثلة في اقتصادها وتوسيع التجارة والاستثمارات في القارة، وهذا من قبيل التفاؤل بشأن مستقبل الدول الأفريقية ونرى ذلك في التوسع في مشروعات البنية التحية في العديد من دول القارة الأفريقية.
ويرى العديد من الأفارقة أن الصين لها تأثير سياسي واجتماعي إيجابي والطريقة التى تنتهجها في التعامل أفضل بكثير من الطريقة الأمريكية والدول الغربية بشكل عام. (1)
وتتمثل أدوات القوة الناعمة الصينية في أفريقيا كالتالي:
1- معهد كونفوشيوس:
يعتبر معهد كونفوشيوس بمثابة العامل الرئيسي في تعزيز اللغة والثقافة الصينية، وواجه معهد كونفوشيوس العديد من الانتقادات، وكان المبرر في ذلك أن المعهد ليس إلا طريقة لتنفيذ أجندة الحكومة الصينية، وانحرف عن هدفه الأساسي، الذي يتمحور فى فلسفة الكونفشيوسية، لكن على النقيض من ذلك، يرى البعض الآخر، أن معهد كونفوشيوس يقدم فرص وتحديات وهو قائم على مشروع دبلوماسي، ويعتبر بعض المحللين أن فعالية وأداء معهد كونفوشيوس في أفريقيا أكثر من أي مكان أخر، وتعمل الصين على تعزيز ثقافتها ولغتها لزيادة قوتها الناعمة فى العالم. (2)
لكن التساؤل الذي يمكن طرحه: كيف تجاوزت الصين اليابان وغيرها من الدول الأخرى، على الرغم من صعوبة تعلم اللغة الصينية؟ وتندرج الإجابة على هذا التساؤل في جاذبية النموذج الصيني في العديد من المجالات المختلفة.
2- صندوق التنمية الصيني الأفريقي ومنتدى التعاون الصيني الأفريقي ( FOCAC ):
أنشأ صندوق التنمية الصيني الأفريقي، كجزء من القياسات الثمانية التي أعلن عنها الرئيس الصينى (هو جين تاو)، فى منتدى 2006، منتدى التعاون الصيني الأفريقي، وأيضا جزء من خطط الصين وأهدافها تجاه القارة الأفريقية.(3)
ومنتدى التعاون الصيني الأفريقي أنشأ عام 2000، ويضم 50 دولة أفريقية بهدف التنسيق والتعاون المشترك بين الدول الأفريقية والصين، ووفقا لتوصيات قمة جوهانسبرج في جنوب أفريقيا لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي، تم الاتفاق على عشر مشروعات للتعاون علمى 2016، 2017 . (4)
وهذا المنتدى بمثابة الشراكة بين الصين وأفريقيا فى القرن الحادي والعشرين، وتتضمن هذه الشراكة التعاون في جميع المجالات، الذي يجعل الصين في حاجة إلى الدول الأفريقية هو النمو الصناعي السريع والحاجة إلى الموارد الجديدة للطاقة، وهذا يعيد الاهتمام بالقارة الأفريقية، وتتمثل الشراكة فى تقديم المزيد من المساعدات، والتنازلات، وتخفيف عبء الديون، والمنح الدراسية، ومشاريع الاستثمار في البنية التحتية، وهذه الشراكة الجدية مع القارة الأفريقية تعتبر خروجا عن مبادىء ماوتسى تونج، فكانت العلاقة مع الدول الأفريقية تحت قيادة ماوتسى تونج، ترتبط بالصراع الأيديولوجي بعد الحرب الباردة، ومحاولات بكين إزاحة نفوذ موسكو في العالم الثالث.
وعلى هامش انعقاد منتدى التعاون الصيني الأفريقي، قام الرئيس الصيني (هو جينتاو) بعدد من الزيارات رفيعة المستوى لثمانية دول أفريقية: الكاميرون، ناميبيا، موزمبيق، سيشيل، السودان، جنوب أفريقيا، زامبيا، وليبيريا، وهذه الزيارات ليست مجرد مبادرات من القيادة الجديدة لكنها محاولة لتوطيد الأواصر بين الصين والبلدان الأفريقية، ويسعى المنتدى لإقامة نظام سياسي واقتصادي دولي جديد عادل ومنصف يعزز مصالح الدول النامية، والتعاون الصيني الأفريقى في جميع المجالات، وتؤطر هذه العلاقة لمسار جديد في العلاقات الدولية وتغير في الأجندات العالمية، وترتكز العلاقة على أساس ثلاث أهداف وفقا لإعلان بكين على النحو التالى(5) :
• تعزيز التنمية الاقتصادية المتبادلة من خلال القضاء على الفقر.
• تسعى الصين وأفريقيا لتعزيز قدراتها التنافسية في النظام الدولي والعولمة الاقتصادية.
• تطوير التعاون بين الصين وأفريقيا من أجل المساومة مع الشمال لإقامة نظام اقتصادي وسياسي دولي عادل.
3- الدبلوماسية الصحية:
يتبادر إلى ذهن القارىء، ما هي الدبلوماسية الصحية؟ هل الدبلوماسية لها شروط أن تكون صحية أم غير صحية؟ وكيف تتلاءم الصحة مع دبلوماسية البلاد؟، وتندرج الإجابة على التساؤل من خلال السطور التالية: والدبلوماسية الصحية ليست بمفهوم جديد ولكن تطور عبر مراحل التاريخ المختلفة، وهي تعني حماية المصالح البشرية التجارية ومنع انتشار الأمراض المعدية، مثل الإيدز، الملاريا، والسل، وضمن حصول الفقراء فى البلدان النامية على الأدوية، وعززت الصين الدبلوماسية الصحية مع الشركاء الأفارقة من خلال توطيد العلاقة بين الأطباء الصينيين وبين العديد من الأفارقة العاديين، وهذا يعتبر إسهام هام في صحة القارة وبنيتها التحية للرعاية الصحية، وذلك بمثابة خطوة تمهيدية لوصول الصين إلى الموارد الخام والأسواق في القارة الأفريقية، فضلا عن التمهيد لشركات البترول الصينية للحصول على حقوقها في التعدين للمواد الخام والنفط وغيرها.(6)
والمساعدات والاستثمارات الحالية للصين في أفريقيا، قائمة على وثيقة عام 2006 بعنوان سياسة الصين الأفريقية، التي تتضمن إرسال الصين المساعدات الطبية والأدوية للبلدان الأفريقية والمساعدة في تحسين جودة البنية التحتية وتدريب العاملين في المجال الطبي، والتعاون للوقاية والعلاج من الأمراض المعدية مثل نقص المناعة والإيدز، الملاريا، وغيرها من الأمراض، وتوفير الصين لمواد الرعاية الصحية في أفريقيا يساعدها على الحصول على الشروط المواتية للموارد الطبيعة والخام اللازمة للصناعات التى تقوم بها (7)، والسؤال الذي يمكن طرحه: هل تستطيع الصين الوفاء بكافة الالتزامات الصحية تجاه القارة الأفريقية وفى نفس الوقت توفير الرعاية الصحية الكاملة لشعوبها ؟
ثانياً- الاستراتيجية الجديدة للصين في أفريقيا:
تبنت الصين منهج جديد يرتكز على الدبلوماسية فى مصلحة الاقتصاد عوضاً عن المنهج السابق الذي كان يتمحور حول الاقتصاد فى خدمة الدبلوماسية، ونلاحظ مما سبق، أن الصين تريد تحقيق المصلحة المشتركة مع الأفارقة، تحت شعار نحقق التنمية معاً (8)، وظهر مفهوم جديد الصينوفونية على غرار الفرنكفونية وغيرها من المفاهيم المتزامنة معها. خطة عمل بكين (2013– 2015)، للتعاون الصيني الأفريقي، وتتبع الصين نهج الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي (سادك) ، بعدم التدخل في الشوؤن الداخلية للدول ذات السيادة ما برر موقف الصين تجاه احجامها عن فرض عقوبات على موجابى فى زيمبابوى. (9)
ومصالح الصين في القارة الأفريقية لا تقتصر على الموارد الطبيعة، ولكن تشمل قضايا الأمن، التجارة، والدبلوماسية، فتعزز الصين وجودها في افريقيا من خلال سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية، احترام المتبادل والمنفعة المتبادلة، ونلاحظ التناقض الواضح بين سياسة الصين في القارة الأفريقية وسياستها تجاه التبت، وشينجيانغ، ويمثل ذلك رغبة الحكومة الصينية في إقامة أعمال تجارية مع الدول الأفريقية، بغض النظر عن القيمة الاقتصادية لصفقة ما أو شرعية نظام معين، ويعتبر اهتمام الصين الشديد بالقارة الأفريقية ضمن إطار الاستراتيجية الجديدة (الخروج) الأوسع نطاقا التي انتجتها الصين في أواخر التسعينات، وحيث لا تقدم الصين آية مساعدات اقتصادية للدول التي تعترف بتايوان. (10)
وأقامت الصين علاقاتها مع الدول الأفريقية على أساس العلاقات القديمة، ما يعطي البلدان الأفريقية أولوية جديدة، وجرى التعاون مع بلدان الجنوب، من خلال الزيارات الرسمية الصينية التي تهدف إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه البلدان الأفريقية، وأسهمت الصين بشكل كبير في تنمية الموارد البشرية في القارة الأفريقية. (11)
ولفهم الاستراتيجية الجديدة للصين في أفريقيا، لابد من معرفة مسار تطور العلاقات الصينية الأفريقية، حيث مرت بثلاث مراحل هي مراحل تاريخية نوعية، ويمكن متابعتها على النحو التالى (12) :
المرحلة الأولى: 1960 – 1970
وكانت العلاقات الصينية الأفريقية في تلك الفترة، في مرحلة استقلال معظم الدول الأفريقية، وكانت الصين كموقف تضامني مع هذه البلدان الأفريقية، والصين لم تكن اللاعب الرئيسي في هذه الفترة، وعلى الرغم من ذلك أقامت العديد من المشروعات الكبيرة ومنها على سيل المثال، مشروع خط سكة حديد يربط بين زامبيا وتنزانيا.
المرحلة الثانية: 1980- 1990
وتتمثل فى تواجد الصين في القارة الأفريقية في شكل الاستثمارات المختلفة، ودبلوماسية التوعية.
المرحلة الثالثة: منذ عام 1990، وأوائل عام 2000- حتى الآن
شهدت بداية ظهور الصين كثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
شكل رقم (1)
مناطق التعاون التجاري والاقتصادي في أفريقيا وافقت عليها وزارة التجارة الصينية
الدولة والمنطقة | الصناعة الرئيسية |
زامبيا (تشامبيشى) | النحاس، التعدين |
زامبيا (لوساكا) | المعادن غير الحديدية، الملابس، الغذاء، الإلكترونيات، والأجهزة المنزلية. |
نيجيريا (ليكى) | معدات النقل، المنسوجات، الصناعات الخفيفة، الأجهزة المنزلية، والاتصالات السلكية واللاسلكية. |
نيجيريا (أوجون) | مواد البناء، السيراميك، الصناعات المعدنية، الأثاث، الخشب. |
Source: Deborah Brautigam, Thomas Farole, and Tang Xiaoyang ,” China’s
Investment in African Special Economic Zones: Prospects, Challenges, and Opportunities”, the world bank (No.5,2010 ) P.2.
ثالثاً- أسباب التوجه الاستراتيجي الصيني في أفريقيا:
• رغبة الصين في دعم مركزها كقوة عالمية صاعدة من خلال تبني خيار التعاون مع الجنوب.
وهذا التعاون الاقتصادي بين الصين والدول الأفريقية، يمكن أن نطلق عليه التعاون المربح لكلا الطرفين، ذلك لأنه بمثابة صعود الصين على المسرح العالمي، يساعد فى تحويل الدول الأفريقية على طريق النمو الاقتصادي المستدام والتنمية، ومن الناحية التنظيمية لآلية التعاون بين الدول الأفريقية على المستوى الفردي تختلف من دولة لأخرى. (13)
• زيادة الطلب الصينى على الموارد الطبيعية وسعيها لتأمين تلك الموارد.
ويمكن تحديد الجهات الصينية الفاعلة في القارة الأفريقية وهي، الشركات الصينية متعددة الجنسية، والحكومة المركزية، والمقاطعات الإقليمية، ونلاحظ فى الآونة الأخيرة أن هناك تحولا كبيرا في النشاط المتزايد للشركات الصينية، وبذلك تحولت الاستثمارات الصينية الأفريقية من قبل الحكومة لصالح الشركات الخاصة، وترتكز الجهات الثلاث الفاعلة على 5 قطاعات كالتالى: الصناعات الاستخراجية، مشاريع البناء، الخدمات المالية، الزراعة، الاتصالات، وهذه القطاعات ليست عشوائية ولكن هناك استراتيجية من وراء ذلك، ويمكن تبرير ذلك، فالدافع للصناعات الاستخراجية: تأمين المواد الخام للصناعات الخاصة بها، والدافع من التوجه المالى: بهدف إقامة البنوك الخادمة للصين في مشروعاتها في القارة الأفريقية، وفى قطاع الاتصالات: تهدف الشركات الصينية تحسين جودة الاتصالات الصينية، وفي دول أفريقية مثل نيجيريا، رواندا، وكينيا، فازت الصين بعقود مهمة لدعم التجارة والصناعة الصينية في الاتصالات السلكية واللاسلكية. (14)
• سعى الصين إلى تقويض جهود تايوان الرامية لإعلان الاستقلال.
تنتهج الصين مبدأ ” الصين واحدة “، ويقتضي ذلك عدم الاعتراف بتايوان، وفى أفريقيا توجد ثلاث دول لها علاقات دبلوماسية مع تايوان هي : بوركينا فاسو، ساوتومى وبرنسيب، وسوازيلاند، وجامبيا فى مارس 2016، قررت إقامة علاقات مع الصين على حساب تايوان، ومن خلال منتدى التعاون الصيني الأفريقي يتم التنسيق بين الصين والبلدن الأفريقية. (15)
رابعاً- المخاطر والإشكاليات للتغلغل الصيني في أفريقيا (التحديات):
بعد الانتشار الواسع للصين في جميع أنحاء العالم، وأفريقيا بشكل خاص، نلاحظ وجود مجموعة من التحديات تواجه الاستثمار الصيني في القارة الأفريقية، ويمكن ربط ذلك بظاهرة لعنة الموارد، ونلاحظ التحدى الأول: التحدى التنظيمي، من خلال التنظيم الذاتي للشركات الصينية العاملة في مجال التعدين، والشركات الصينية العاملة في القارة الأفريقية هي شركات مملوكة للدولة ما يحد من الأهداف الشخصية، بينما الشركات الغربية تعكس بشكل أساسي القرار الخاص والهدف الربحي، والتحدي الثاني: لعنة الموارد، ومشاركة الصين مع السودان، زامبيا، زيمبابوى، ونيجيريا تتلاءم مع لعنة الموارد.
وتواجه الصين منافسة شرسة مع الدول الغربية في القارة الأفريقية، وصندوق النقد الدولي، فهناك تحدي للصين بين المؤسسات الصينية المالية وصندوق النقد الدولي، فى العلاقة بين التنمية والديون بشكل مختلف من الوجهتين، فالقاعدة العامة لصندوق النقد الدولي تفترض أن البلدان ذات الدخول الضعيفة، ينبغي فى المقام الأول الحصول على قروض وشروط ميسرة ومنخفضة التكاليف، لأن السداد يتم عن طريق ميزانية الدولة، والبلدان الأفريقية عائداتها ضعيفة، في حين أن الصين وفقا لمعايير الديون العامة الصينية تفترض أن، يمكن للدول ذات الدخل المنخفض، الحصول على قروض باهظة الثمن، إذا كان سداد هذه القروض بضمان مشاريع تجارية مربحة مثل المناجم، محطات الطاقة الكهرومائية أو عن طريق الإيرادات تصدير السلع مثل النفط والكاكاو. (16)
وختاما، يمكن القول إن هناك وجهتين للنظر في التغلغل الصينى داخل القارة الأفريقية، الأولى تعتبر الصين شريرة، لأنها تسعى إلى الحصول على الموارد الطبيعية وإلحاق الضرر بالجهود الهشة التي تبذلها الدول الأفريقية في سيبل تحقيق النمو المستدام، التنمية، وتحسين الحكم، والثانية تعتبر الصين فاضلة، من خلال الإسهامات التى تقوم بها في تأسيس التنمية الاقتصادية على المدى البعيد من خلال مشاريع البنية التحتية، والمتأمل للوضع الراهن، يلاحظ أن هناك ضرورة للتعاون بين الصين وأفريقيا من ناحية الصعود الصيني وأفريقيا في النظام العالمي الجديد في ظل تقلب الاقتصادات السياسية في الدول الأفريقية مع تغير أجندات الدول الغربية، ووجود الصين في أفريقيا يمثل مرحلة جديدة للمشاركة بين الصين وأفريقيا، ونلاحظ تغير استراتيجية الصين التي كانت ترتكز على الفرص الاقتصادية فحسب، ولكن انخراطها مع الدول الأفريقية اتسع على مدى السنوات الماضية ليشمل مجالات عديدة منها التعاون الدبلوماسى، الثقافي، والأمني، حيث تغطي السياسة الخارجية للصين القارة السمراء بأكملها ولا تقتصر على مناطق معينة.