دراسات سياسية

قراءة في الاستراتيجية المصرية الجديدة تجاه القارة الأفريقية: رسالة التنمية والأمن والتكامل الإقليمي

نظرا للرابطة القوية بين مصر ودول القارة الأفريقية، فمصر قبل أن تكون عربية، تعتبر أفريقية بواقع التاريخ والجغرافيا السياسية، وتسعى مصر في الوقت الراهن إلى استعادة الدور المصري منذ ثورة 30 يونيو، بعد فترات من التراجع والتقاعس في دورها القيادي، وبالنظر إلى الدور المصري في القارة الأفريقية منذ القدم، نجد أنه مشرف وتتطلع القيادة المصرية إلى مستقبل مشرق، وفقا لمتانة العلاقات المصرية الأفريقية، وهذا ناتج عن الدبلوماسية النشطة لمصر التي ساهمت في حل العديد من المشكلات والصراعات داخل القارة السمراء، وعرفت فترة الستينات بالتوهج القومي التي تزعمها الرئيس جمال عبد الناصر، حيث كانت تندلع حركات التحرير من القاهرة، ومصالح مصر لتحقيق الأمن القومي التي تتمحور حول تأمين مياه النيل، التي تعد بالنسبة لمصر مسألة مصيرية، فاستغلت العديد من الدول الأخرى هذا التراجع في الإضرار بأمنها القومي، وتنظر مصر لأفريقيا في الوقت الراهن من الداخل لما في ذلك من فرص واعدة، وعودة مصر للقارة الأفريقية هي إحياء للجذور التاريخية، وتركز هذه الدراسة على ثلاثة مفاهيم: دبلوماسية التنمية، دبلوماسية الأمن، دبلوماسية التكامل الإقليمي، في ظل التحديات الراهنة: التحديات الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، الثقافية، الإرهاب.

وفي هذه الدراسة سيتناول الباحث النقاط التالية:

• أهم مناطق التحرك المصري على الصعيد القاري .

• الآليات الجديدة للاستراتيجية المصرية تجاه القارة الأفريقية .

• تفعيل الدور المصري تجاه القارة الأفريقية .

أولاً- أهم مناطق التحرك المصري على الصعيد القاري:

منطقة حوض النيل

تضم منطقة حوض النيل: إحدى عشر دولة أفريقية، تجمع بينهما روابط وثيقة الصلة، نظرا لتواجد نهر النيل الذي تعتمد عليه هذه الدول في العديد من الاستخدامات والمشروعات الهامة، ويعتبر بالنسبة لمصر مسألة مصيرية وأحد مصادر تحقيق التنمية والأمن المائي في مصر ودول القارة الأفريقية، ومصر والسودان دول المصب أما باقي الدول الأخرى دول المنبع التي تنقسم إلى دول الحوض الشرقي والجنوبي بما في ذلك منطقة البحيرات العظمى والهضبة الإثيوبية، و84% من مياه النيل في مصر من النيل الأزرق من الهضبة الإثيوبية والنسبة الباقة 16% من النيل الأبيض من منطقة البحيرات العظمى(1) ، وفي الوقت الراهن تعمل مصر جاهدة على الحفاظ على حصتها من مياه النيل في ظل التحديات الراهنة وشيوع ظاهرة الفقر المائي، وغياب الاستقرار السياسي، والصراعات القبلية والتحالفات الدولية، وعلى الرغم من هذه التحديات تعمل مصر على تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون، وإثبات أن مصر دائما في مسار التنمية، برغم المنح والمساعدات التي تقدمها مصر للدول الأفريقية مقارنة بالدول الكبرى الغربية، ومن أهم مشروعات التعاون الثنائي: قناة جونجلى، التي تعود فوائدها على كلا من مصر، السودان، جنوب السودان، وهذه القناة تحد من تأثيرات سد النهضة، وهذا المشروع يدل على مجهودات مصر في حفظ حصتها في المياه في السودان(2).

منطقة القرن الأفريقي

تضم هذه المنطقة ثمانية دول أفريقية هي: إثيوبيا، إريتريا، أوغندا، جيبوتى، جنوب السودان، السودان، كينيا، الصومال، ومنذ القدم كانت منطقة القرن الأفريقي عبارة عن مجموعة من التخوم الجغرافية، التي كانت تشمل شعب الصومال، وعرف فيما بعد بالقرن الأفريقي العظيم أو الكبير (The Greater Horn of Africa (3وتحتل منطقة القرن الأفريقي أهمية استراتيجية وجيوبولتيكية، ويؤكد ذلك التنافس الدولي والإقليمي للسيطرة على موارد هذه المنطقة من قبل القوى الحديثة مثل القوى الأمريكية، الفرنسية، الإسرائيلية، الصينية، التركية، الإيرانية، البرازيل، الهند، الاتحاد الأوروبي، ويتوجب على دول القرن الأفريقي تبنى أجندة جديدة للحوار والتفاوض، فضلا عن تأمين ودعم المجهودات العسكرية والتدخلات الخارجية التي لا تجدى نفعا في حل الصراعات والتوترات داخل القرن الأفريقي، وتُولى مصر في الفترة الراهنة اهتماما بالغا بمنطقة القرن الأفريقي، من خلال المحادثات بين مصر وإريتريا لتعزيز التعاون الثنائي للتصدي للقضايا والمشكلات الإقليمية في القرن الأفريقي ومدى خطورتها على أمن البحر الاحمر وباب المندب، ونرى في ذلك عمق استراتيجي  لمصر، لطول سواحل إريتريا على البحر الاحمر وتعتبر مدخل رئيسي للسفن التي تعبر قناة السويس .

ثانياً- الآليات الجديدة:

وتعتمد مصر في إطار الاستراتيجية الجديدة إتباع أدوات جديدة في إطار تحركاتها تجاه القارة الأفريقية واستحداث وتطوير الأدوات التقليدية وذلك من خلال رصد التالي: دور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية EAPD  ، قمة التكتلات الثلاث (الكوميسا، السادك، وشرق أفريقيا الإيكاس)، منتدى أفريقيا 2017، استراتيجية العلاقات التجارية والاستثمارية، الانخراط المصري في العمل الأفريقي، استراتيجية الإعمار والبناء.

أ‌- دور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية EAPD

تأسست الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية أثناء القمة رقم 23 للاتحاد الأفريقي، ورسميا في الأول من يوليو عام 2014، من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة في أفريقيا، من خلال دمج الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا والصندوق المصري للتعاون الفني مع دول الكومنولث، بهدف إيجاد إطار للتعاون مع الدول ذات المصالح المشتركة مع مصر، خاصة الدول الأفريقية والإسلامية، من خلال مجموعة من الآليات للتعاون لإحداث التبادل الثقافي والمعرفة والخبرات العالمية بإقامة شراكات وطنية، إقليمية، دولية عاملة في مجال التنمية ويساهم في ذلك إقامة برامج تدريبية وتنظيمية لبناء القدرات والمشاركة في المبادرات الخاصة في إفريقيا، وإيفاد الخبراء والكوادر المصرية إلى الدول الأفريقية، ويمكن توضيح مجالات عمل الوكالة على النحو التالي(4):

النقل .

تكنولوجيا المعلومات والاتصالات .

الرعاية الصحية .

الزراعة .

الشرطة ومنع الجريمة ومكافحة الإرهاب .

إدارة المياه والري .

التصنيع والإدارة الصناعية .

مساعدات الإغاثة والطوارئ .

موارد الكهرباء والطاقة .

الأمن والدفاع .

الخصخصة وإصلاح القطاع العام .

البيئة .

تسويق الصادرات .

ويمكن توضيح أهم برامج الوكالة خلال السطور التالية: المتمثلة في أربعة برامج (5):

1- التعاون الفني .

2- بناء القدرات .

3- المنح الدراسية والمساهمات المالية .

4- المعونات الإنسانية .

وقامت بعقد ورشة عمل لإيجاد حلول تكنولوجية لمواجهة وباء الإيبولا وغيرها من الأوبئة المنتشرة في القارة الأفريقية بالتعاون مع شركة ميكروسوفت العالمية. وتجرى الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية عقد اتفاقيات على نهج مختلف يضم التعاون الثنائي، التعاون الثلاثي، تعاون جنوب الجنوب، ويكون التعاون الثنائي عبر الاتفاق المبرم بين الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا والصندوق المصري للتعاون الفني مع دول الكومنولث، وفى هذا الإطار تم توقيع 67 اتفاقية قيد التنفيذ، أما بالنسبة للتعاون الثلاثي بين البنك الإسلامي للتنمية، والبنك الإفريقي للتنمية، والصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الأفريقية التابع لجامعة الدول العربية، ووكالة التعاون الدولي اليابانية (جايكا)، ونهاية بالتعاون جنوب الجنوب، التي تكون عبر آليات لتعزيز التعاون مع دول الجنوب ومن وسائلها تقديم مذكرات تفاهم مع هذه الدول والمشاركة في المحافل الدولية الخاصة بدول الجنوب .

ومن خلال الطرح السابق لدور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، يتضح عودة الدولة المصرية إلى أفريقيا بقوة بعد الظروف التي أعقبت خروج مصر من الاتحاد الأفريقي، وعواقب سد النهضة الإثيوبي، فلقد جاءت الاستراتيجية الجديدة للوكالة المصرية بمثابة نقلة في مسار العلاقات المصرية الأفريقية، نتيجة لاتباع وسائل جديدة عوضا عن الوسائل التقليدية التي كانت قاصرة على مجالات الزراعة والطب .

ب‌- قمة التكتلات الثلاث:

عقدت في مدينة شرم الشيخ عام 2015 بين التكتلات الثلاث ( الكوميسا، السادك، شرق افريقيا ) وجاءت هذه القمة نتيجة للمشكلات الناتجة عن تضارب المصالح بين الدول نتيجة تعدد العضوية في التكتلات المختلفة داخل القارة الأفريقية، ودمج هذه التجمعات بهدف تعزيز العلاقات التجارية بين الدول الأعضاء تمهيداً لمشروعات البنية التحية والطاقة وتحسين مناخ الاستثمار(6)، وحرية حركة التجارة في القارة الأفريقية، وعقب هذه القمة تم إطلاق منظمة التجارة الحرة، وتعزيز الوضع للاستثمارات داخل القارة السمراء.

ت‌-  منتدى أفريقيا 2017:

انعقد في الفترة من السابع إلى التاسع من ديسمبر من العام الماضي 2017، وجاء هذا المنتدى بناء على نجاح منتدى أفريقيا 2016، وفي منتدى عام 2017، اختلف عن سابقه في تنظيم جلسات حورية رئاسية بين الرؤساء الأفارقة والرئيس التنفيذي للمؤتمر، وتنظيم برنامج لرواد الأعمال من الشباب، وضم المنتدى في تنظيمه كلا من: وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، وكالة الاستثمار الإقليمية التابعة للكوميسا، الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والجهات المنظمة للمنتدى لها العديد من الدلالات ومنها الحرص على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر وغيرها من الدول، وعلى وجه التحديد الدول الأفريقية، وتعزيز الاستثمارات في منطقة الكوميسا كمنطقة استثمار مشتركة، وتسهيل الاستثمارات في مصر من خلال الدور الترويجي الذى تقوم به الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، فضلا عن المهام الأخرى ومنها تسهيل على المستثمرين المحليين والدوليين في الفرص الواعدة للاقتصاد المصري المتنامي .

ث‌- استراتيجية العلاقات التجارية والاستثمارية :

من خلال الأسواق الأفريقية الواعدة أمام المنتجات المصرية وتنافس المنتجات المصرية مع منتجات الدول الأخرى، ونلاحظ أن القارة الأفريقية تتمتع بالعديد من الثروات والموارد الطبيعية، وهذا يؤهلها لقيام صناعة كثيفة لتوافر الإمكانيات ويتواكب ذلك مع ما تفرضه العولمة من ضرورة تحقيق الاندماج الإقليمي، وهذا يقتضى تعزيز العلاقات بين دول حوض النيل، والاستثمار في غرب أفريقيا، عبر النفاذ من خلال أربع بوابات رئيسية هي : داكار، أبيدجان، كوتونو، ودوالا، وتتميز هذه المناطق بالبنية التحية القوية من شبكة الطرق والمواصلات، الاستقرار الاقتصادي والسياسي، والموقع الجغرافي الساحلي، ويعتبر ميزة نسبية لهذه المواقع الأربعة، وإمكانية استغلالها من قبل  الدول المجاورة الحبيسة كمخازن للعديد من المنتجات والسلع، فضلا عن عضوية هذه الدول في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقي (UEMOA)، ما يساعد على توفير النقد الأجنبي  .

ج‌- الانخراط المصري في العمل الأفريقي :

تمثيل مصر للقارة الأفريقية في مؤتمر المناخ، وحصول مصر على عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي بالتزامن مع العضوية غير الدائمة لمصر في مجلس الأمن، وهذا يدل على إمكانية القيام بدور فعال في القارة الأفريقية بشكل أكثر توسعا في مواجهة التحديات المختلفة داخل القارة الأفريقية .(7)

ثالثاً- تفعيل الدور المصري في أفريقيا:

تسعى الدولة المصرية في الفترة الراهنة إلى تعزيز التواجد المصري في القارة الأفريقية في العديد من المجالات وذلك على النحو التالي :

1- المجال الثقافي والإعلامي :

من خلال تفعيل الدور الثقافي للمراكز الإعلامية في الدول الأفريقية، وإقامة المزيد من الندوات والمؤتمرات للتبادل الثقافي بين مصر والدول الأفريقية، وزيادة عدد المنح الدراسية، من خلال زيادة أعداد الطلاب الوافدين إلى مصر، وفى هذا الصدد يساهم الأزهر الشريف ومختلف الجامعات المصرية، وإنشاء قناة تليفزيونية تخاطب القارة الأفريقية باللغات مثل لغات (السواحيلى، الهاوسا، الفولانى، الزولو، الامهرى، …. )، زيادة عدد المكاتب التي تهتم بالتواصل والتفاعل مع الدول الأفريقية نظرا لتقلص عددها، وزيادة الوعى بأهمية القارة الأفريقية ومعرفة قضاياها ونقل صورة إيجابية عن القارة للعالم الخارجي من خلال منصات الإعلام ، المحادثات بين الإعلاميين والصحفيين الأفارقة ورئيس الدولة المصرية ويساهم في ذلك الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية والهيئة العامة للاستعلامات من خلال الدورات التدريبية للصحفيين والإعلاميين من الدول الأفريقية .

وأيضا من خلال شحذ أواصر وجسور التواصل المصري الأفريقي، وتعزيز العلاقات الشعبية المصرية الأفريقية، التي تعتبر أقوى من العلاقات الحكومية من خلال تبادل زيارات الوفود الشبابية والنسائية، وإنشاء وحدات خاصة بأفريقيا في الأحزاب المصرية ومنظمات المجتمع المدني، وإحياء الترابط بين الطرق الصوفية في مصر وأفريقيا، وتنظيم المعارض الفنية، ومهرجانات الفنون الشعبية والموسيقى الأفريقية.

2- المجال الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي :

أ‌- المجال الدبلوماسي و السياسي: من خلال تكثيف الزيارات إلى الدول الأفريقية وتفعيل دبلوماسية القمة وتعزيز العلاقات الاستراتيجية  .

ب‌- المجال الاقتصادي: من خلال المشاركة في إطار التكتلات الثلاث: الكوميسا والسادك وجماعة شرق أفريقيا (الإيكاس)، الشراكات التنموية، الاستثمارات المصرية في الأسواق الواعدة بالقارة الأفريقية، وتعتبر تجربة بنك القاهرة في كمبالا عاصمة أوغندا مؤشر لتحفيز رواد الاعمال المصريين على المزيد من الاستثمارات في الدول الأفريقية .

ت‌- استراتيجية الإعمار والبناء: وتختلف الأدبيات النظرية في مفاهيم الإعمار والبناء، وتمر عملية الإعمار والبناء بثلاث مراحل على النحو التالي :

• الاستجابة الفورية، وما يتوجب على النخب والقيادات سرعة اتخاذ القرارات الصائبة في أوقات الأزمات فيما يتعلق بقضايا الأمن، المساعدات الإنسانية الطارئة، عمليات حفظ السلام .

• بناء القدرات، من خلال المساهمة في تعزيز القدرات المؤسسية والخدمية .

• الاستدامة، وهى المرحلة التي تصل فيها الدولة إلى حالة الاستقرار النسبي وتكون قادرة على أداء وظائفها وتسعى إلى الشركاء الخارجيين .

وفقا للطرح النظري السابق، يمكن القول إن مصر اتخذت خطوات واسعة على نهج التكامل الإقليمي والمساهمة في إعادة البناء والإعمار من خلال انضمامها إلى التجمعات الثلاثة ( الكوميسا، السادك، شرق أفريقيا ).

ومما سبق يجب توضيح أهم اسهامات الدور المصري في إعادة البناء والإعمار في القارة الأفريقية، من خلال تأسيس المركز الأفريقي لإعادة الإعمار والبناء للدول الخارجة للنزاعات AUC PCRD في عام 2011، وتتنافس مع أوغندا في هذا الإطار على وجه التحديد، نتيجة لقيام أوغندا باقتراح أن يكون مقر المركز في أوغندا عام 2012، وتتنافس القوى الإقليمية والدولية مع مصر ففي استراتيجية إعادة الإعمار والبناء، ووجود مقر هذا المركز  في القاهرة له مجموعة من الدلالات الهامة على الدور القيادي لمصر في أفريقيا، نظرا لتمتع مصر بالعديد من المزايا النسبية على النحو التالي: الموقع الجيوسياسى ، قوة العامل الديني المتمثل في الأزهر والكنيسة، التماسك المجتمعي، ومن ضمن الإسهامات الأخرى في المجال الأمني والعسكري من خلال الدور التي تقوم به وزراتي الدفاع والداخلية في نقل الخبرات المصرية لمعظم شعوب القارة الأفريقية، والدورات التدريبية في رفع قدرات الأفارقة في المجال الأمني، والدور في عمليات حفظ السلام.. (8)

3- دور منظمات المجتمع المدني :

ظهرت إشكالية لدى بعض الدارسين في تحديد ماهية المجتمع المدني وبصفة خاصة في المجتمعات الأفريقية وفقا لجدلية العلاقة بين المجتمع والدولة في ظل العولمة، فالبعض يرى :

“دولة أقل مجتمع أقوى Less State, More Society  “، فى حين يرى البعض الاخر “دولة قوية ومجتمع قوى  (State, More Society    “More) (9)، ونحن بصدد توضيح مدى فعالية وتأثير دور منظمات المجتمع المصري على الدول الأفريقية على اختلاف نمط تنظيمها، على سيبل المثال: المنظمات التطوعية الخدمية، النوادي، النقابات، الحركات الاجتماعية، الأحزاب السياسية، التعاونيات سواء على المستوى الاستهلاكي أو الخدمي ، والصحافة المستقلة، ومدى فعالية منظمات المجتمع المدني في التكتلات الإقليمية بالقارة الأفريقية ولعب اتحاد المحامين العرب (10)دور بارزا في تحقيق الأهداف التالية: أهداف مهنية وقومية، وينظر البعض إلى أن المجتمع المدني مازال قاصرا على تحقيق الأهداف المرجوة من قيامه وتركيزه على مناطق محددة في القارة الأفريقية. ولذلك نسعى لتحقيق التكامل الإقليمي في إطار منظمات المجتمع المدني من خلال زيادة الوعى بأهمية ودور المجتمع المدني، ومدى الفعالية على المستوى القطري والإقليمي والقاري، وتنظيم حوارات على المستوى الإقليمي في القضايا الراهنة مثل ( الأمن المائي، الغذائي، التدهور البيئي)، وإمكانية إضافة مادة أكاديمية عن المجتمع المدني والتكامل الإقليمي في القارة الأفريقية.

وختاما، نلاحظ مدى استفادة القيادة الحالية من التاريخ المصري في أفريقيا في حقبة جمال عبد الناصر ودوره الرائد في دعم حركات التحرر ضد الاستعمار التقليدي في القارة الأفريقية، وبداية جديدة لإرادة قوية للتصدي للنهب الاستعماري واستغلال الشركات متعددة الجنسيات للموارد الطبيعية في أفريقيا، والمتتبع للاستراتيجية الجديدة، يلاحظ تكثيف الزيارات التي قامت بها القيادة الحالية لدول مثل تنزانيا وأوغندا وغيرها من الدول الأفريقية، لتعزيز العلاقات في القارة الأفريقية ، وهذه الزيارات لها مجموعة من الدلالات الهامة، فدولة تنزانيا تتمتع بثقل إقليمي في شرق القارة الأفريقية ، دولة رواندا وهى من دول حوض النيل ومدى أهميتها في تعزيز حصة مصر في مياه النيل وأهميتها في العلاقات التجارية بين البلدين لموقعها الجيواستراتيجى وتعتبر من أكثر الدول الناشئة نموا، فضلا عن أنها أول زيارة رسمية من قبل الرئيس المصري للرئيس الرواندي (بول كاجامى).       وتحرص مصر دائما على دورها في القارة الأفريقية، فانتهجت دبلوماسية التنمية الشاملة والمستدامة، في ظل المنافسين الإقليمين من داخل القارة الأفريقية أو من خارجها ويمكن توضيح القوى الإقليمية داخل القارة: إثيوبيا في منطقة حوض النيل، نيجيريا في غرب أفريقيا، وجنوب أفريقيا في جنوب القارة، أما خارجها: تركيا، إيران، إسرائيل، وهناك ثلاث مبادئ حاكمة في سياسة مصر الخارجية وهى:

1- الانتماء الأفريقي. 2- الدفاع عن القضايا الأفريقية. 3- القيادة .

المصدر

(1)  مهند النداوى ، إسرائيل فى حوض النيل : دراسة فى الاستراتيجية الاسرائيلية ، ( 2013) ، ص 174 .(2)  حسام مغازى ، ” التعاون مع دول حوض النيل .. أمن مصر المائى ” ، الأهرام اليومى ، ( 2014 ) .(3)  عاصم فتح الرحمن ، ” تغيير موازين القوى فى القرن الأفريقى ” ، أفاق أفريقية  ( المجلد رقم11 ، العدد 38 ، 2013 ) .(4)  الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية .(5)  المرجع السابق .(6)  مجدى فتحى لاشين ، ” قمة التكتلات الاقتصادية الأفريقية  6-10 يونيو 2015 ” ، الهيئة العامة للاستعلامات .(7) أحمد سيد أحمد ، ” مصر وأفريقيا .. لغة المصالح المتبادلة ” ، الأهرام .(8) خالد حنفى ، ” الدور المصرى فى إعادة الإعمار والبناء فى أفريقيا : طبيعة الاستجابة والتجارب المنافسة ومواطن القوة والضعف ” ، مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات لحفظ وبناء السلام ، ( 2017) .(9) حمدى عبد الرحمن ، عزة خليل ، المجتمع المدنى ودوره فى التكامل الإقليمى ( القاهرة : مركز البحوث العربية والأفريقية ، 2004 ) .(10) منظمة عربية غير حكومية مقرها الدائم فى مصر ، للمزيد أنظر: حمدى عبد الرحمن ، عزة خليل ، المجتمع المدنى ودوره فى التكامل الإقليمى ( القاهرة : مركز البحوث العربية والأفريقية ، 2004 ) .

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى