قراءة في المشاريع الغربية للتعاون الإقليمي: الشراكة الأورو– متوسطية، اتحاد من أجل المتوسط والمشروع الشرق أوسطي

  تتناول هذه الدراسة المشاريع الغربية للتعاون الإقليمي، وهنا يتم التركيز على الشراكة الأورو– متوسطية والمشروع الشرق أوسطي ومشروع الشرق الأوسط الكبير والدور المفترض للحلف في إطار هذا المشروع، وعملية برشلونة : اتحاد من أجل المتوسط.

   كما تتم دراسة عملية الحوار الأطلسي – المتوسطي، ومبادرة إسطمبول للتعاون، بالاضافة إلى إجراء مقارنة بين مختلف مبادرات الحلف للتعاون مع محيطه الإستراتيجي مع نظيرتها التي يجريها مع الدول العربية.

المبحث الأول : المشاريع الغربية للتعاون الإقليمي

المطلب الأول : مشروع الشرق أوسطية :

   مع بداية تسعينيات القرن الماضي، تأثرت الدول العربية بالعديد من التحولات في البيئة الدولية والإقليمية، منها:

1- سقوط الاتحاد السوفياتي ونهاية القطبية الثنائية.

2- اعادة الولايات المتحدة ترتيب أوضاع بعض النظم الإقليمية التي من بينها النظام الإقليمي العربي.

3- زيادة الاهتمام بالجيوإيكونوميكا على حساب الجيوستراتيجيا.

4- حرب الخليج الثانية وعملية السلام العربية – الإسرائيلية منذ مؤتمر مدريد للسلام.

5- أهمية البعد الاقتصادي في عملية السلام العربية – الإسرائيلية.(1)

أولاً : التصور الأمريكي والإسرائيلي للتعاون الشرق أوسطي: ربط شمعون بيريزعملية إرساء نظام إقليمي جديد بتطور مسار التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي(2)، وبعد تثبيت الأوضاع تقام صناعات إقليمية عبرهيئات دولية لتصل إلى سياسة الجماعة الإقليمية مع تطور تدريجي للمؤسسات الرسمية المشتركة، كما يقترح تكوين قوة خاصة بالمنطقة قادرة على رد العدوان و بصورة مباشرة(3).

    أما الأمريكيون والأوروبيون فيركزون على أهمية إقامة منطقة للتجارة الحرة بين إسرائيل والدول العربية، باعتبارها الهدف الرئيسي من وراء الترتيبات الاقتصادية الشرق أوسطية الجديدة (4).

وقد سادت عدة سيناريوهات لمستقبل المنطقة في إطار الشرق أوسطية، منها:

1- ظهور نظام شرق أوسطي تقوم فيه الولايات المتحدة بدور رئيسي.

2- ظهور نظام شرق أوسطي تكون فيه إسرائيل محور التفاعلات بين أعضائه.

3- قيام نظام شرق أوسطي على نمط السوق الأوروبية المشتركة، يرتكز على تبادل  المصالح في إطار حرية التجارة، وعدم هيمنة طرف على باقي الأطراف (5).

4- تشكيل نظام شرق أوسطي تكون فيه للدول العربية إستراتيجية موحدة للتكامل الاقتصادي.

ثانياً : أبعاد الشرق أوسطية : وتتمثل أبعادها في الآتي:

أ- البعد السياسي : يرجع سبب الاختلاف على تحديد مصطلح الشرق الأوسط إلى غياب المعيار الموضوعي في تحديد نطاق الإقليم الشرق أوسطي، لأنه مرتبط باستراتيجيات القوى العظمى تجاه المنطقة، حيث جاء منسجمًا مع طرح وعد بلفور عام 1921م، ولم يستقر على منطقة فلسطين وشرق الأردن والعراق، وقد امتد ليشمل إسرائيل، باكستان، إيران ، تركيا، أفغانستان، وأغفل دول الخليج ومصر والسودان ودول المغرب العربي، فهو مصطلح سياسي في نشأته واستخداماته(6). وهذا ما ذهب إليه برنارد لويس Bernard Lewis إذ أكد أن الاتحاد السوفياتي هو الحد الشمالي للشرق الأوسط، و بانهياره توسع نطاق الشرق الأوسط إلى دول آسيا الوسطى(7)، وهذه التسمية لا تصدر عن طبيعة المنطقة بل من حيث علاقتها بالآخر، وهنا يتم إقحام دول غير عربية تارةً، واقصاء أخرى تارةً ثانية (8)، وهذا الإقليم مزيج من الإثنيات والأقليات، وهذا ما يسهل عملية تفتيت وتجزئة المنطقة والسيطرة عليها، فهذا المصطلح يضرب بعمق في مفهوم الهوية العربية – الإسلامية ومقومات استمرارها.

    كما يرى برنارد لويس أن إسلامية العرب تمنعهم من إقامة دولة علمانية تجمع بين هذه الإثنيات والأقليات مع العرب في دولة واحدة، ويقترح وجود سلطة تدير الشرق الأوسط من خارجه (احتلال) أو سلطة رادعة من داخله (إسرائيل)، ويقترح شمعون بيريز تكوين قوة خاصة بالمنطقة قادرة على رد العدوان، وبصورة مباشرة.(9)

كما سعت إسرائيل إلى تحقيق الأهداف الآتية:

1- تحقيق سلام وفق الشروط الإسرائيلية، وإقامة علاقات مع الدول العربية التي تقدم تنازلات جوهرية.

2- الاعتراف بشرعية إسرائيل وحقها في البقاء.

3- اشتراط الانسحاب الإسرائيلي التدرجي من الأراضي العربية الذي سيكون على سنوات كنوع من ضمان التزام العرب بشروط السلام وإقامة التطبيع الكامل مع إسرائيل.

4- انهاء النظام الإقليمي العربي وكل الجهود الرامية نحو المزيد من التعاون والتكامل العربي.

5- تقسيم المنطقة على أسس إثنية وطائفية.

6- التحكم في مصادر المياه ومشاريع إنتاجه، فالماء والسلام ينسابان معًا (10).

ب- البعد الاقتصادي: سعت إسرائيل من خلال مشروع الشرق أوسطية إلى تحقيق الأهداف الآتية:

1- التحكم والسيطرة في الثروات العربية وتوجيهها وفق آليات تقسيم العمل الإقليمي المحدد إسرائيليًا.

2- انهاء المقاطعة العربية، وإدماج إسرائيل كعضو سياسي فاعل في النظام الشرق أوسطي(11).

3- فتح الأسواق العربية للمنتوجات الغربية، واتباع سياسة الإغراق وتدمير الصناعات العربية الناشئة.

4- استثمارالأموال العربية في مجالات اقتصادية غير مؤثرة في الاقتصاد العالمي، وكذا توظيفها لتمويل الاستثمارات الإسرائيلية.

5- عدم السماح بتخصيص موارد مالية وبشرية للأعمال والصناعات العسكرية وربطها بالمؤسسات العسكرية الأمريكية والأوروبية (12).

6- ربط الاقتصادات العربية بالاقتصاد الإسرائيلي والحاقها به، حيث يتم الترابط من خلال شبكة واسعة من المشاريع الاقتصادية (طاقة، مياه، سياحة، عمالة…).

7- جعل إسرائيل مركز الثقل في جميع العمليات الاقتصادية، ونقطة تقاطع لكل مشروعات البنية التحتية.

ج- البعد الأمني: يعتبرالجانب الأمني من أهم هواجس ومحددات السياسة الإسرائيلية، وقد سعى شمعون بيريز إلى تحقيق الأهداف الآتية:

1- فرض الرقابة وضبط التسلح من خلال قرارات مجلس الأمن.

2- اضعاف القوة العربية من خلال التحول عن الصناعات العسكرية وخفض ميزانية الدفاع ، وفرض قيود صارمة على التسلح.

3- نزع أسلحة الدمار الشامل بالمنطقة مع استثناء إسرائيل من كل هذه الإجراءات.

4- جمع المعلومات عن النشاطات العسكرية العربية. (13)

5- اجهاض أي محاولة لإنشاء قوة عسكرية عربية للفصل في النزاعات خصوصًا بعد إعلان دمشق في مارس 1991م.

6- المحافظة على التفوق العسكري الإسرائيلي.

أما الولايات المتحدة الأمريكية، فسعت إلى تحقيق الأهداف الأمنية الآتية:

1- تكثيف الوجود الأمريكي في منطقة الخليج العربي.

2- تعزيز التعاون المدني والأمني والاقتصادي والسياسي والثقافي بين دول الشرق الأوسط والولايات المتحدة.

3- اضعاف الصناعات العسكرية الوطنية وضرب كل محاولات إقامة صناعة عسكرية عربية مشتركة.

4- ربط برامج التسلح العربية بمنظومة الإنتاج الحربي الأمريكي(14).

المطلب الثاني : الشراكة الأور- متوسطية :

   إن أزمة الطاقة سنة 1973م، قد وجهت أكثر الاهتمام الأوروبي بالبحر المتوسط والشرق الأوسط، والتي أسست للحوار العربي الأوروبي الذي أكد عليه البيان الختامي للقمة العربية بالجزائر في عام 1973م، حيث جاء فيه” أن أوروبا تتصل بالعالم العربي عبر البحر المتوسط بصلات حضارية متينة ومصالح حيوية متداخلة لا يمكن أن تنمو إلا في إطار تسوده الثقة  والمصالح المتبادلة” (15) ، كما أكد البيان الختامي للقمة العربية بالرباط في 29 أكتوبر1974م على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للدخول في مرحلة فعالة من الحوار للتًوصل إلى تعاون ملموس في مختلف الميادين وخاصة الاقتصادية منها. وفي منتصف السبعينيات أبرمت المجموعة الأوروبية عدة اتفاقيات مع الدول المتوسطية – باستثناء ليبيا – وتركزت في مجملها على المساعدات الاقتصادية أو ما عرف بالتعاون المالي، وكذا فتح الأسواق الأوروبية للصادرات الصناعية وبعض التفضيلات للمنتجات الزراعية، وهذا باستثناء تركيا وإسرائيل(16) ثم جاء طرح العديد من المبادرات منها : المبادرة الإيطالية – الإسبانية بمؤتمر بالما دي مايوركا Palma De Mojorca  في أكتوبر 1990م، وقد استندت هذه المبادرة إلى مبادئ منها:

أ- ارتباط أوروبا التاريخي والحضارة والاقتصادي بمنطقة حوض المتوسط.

ب- صعوبة الفصل بين الأمن الأوروبي والأمن المتوسطي، واستناده على علاقات الاعتماد المتبادل بين دول الضفة الجنوبية والشمالية للمتوسط.

ج- إنشاء مؤتمر للأمن والتعاون في المتوسط، كرد فعل لغزو العراق للكويت في 2 أغسطس 1990م.

   ثم جاء طرح المبادرة الفرنسية للتعاون بين دول غرب المتوسط التي أعلن عنها سنة 1983م، بمراكش ضمت كل من إيطاليا، فرنسا، إسبانيا، البرتغال، الجزائر، تونس والمغرب. وقد فشلت هذه المبادرة بعد اقتراح الجزائر- بالاضافة إلى الجانب الاقتصادي- أن تشمل الجانب الأمني، وهو ما رفضه المغرب بحجة أن ذلك يعني عرض قضية الصحراء الغربية على الدراسة والبحث (18)، ثم عقد اجتماع طنجة في مايو 1989م، الذي أكد على الطريقة المتكاملة في معالجة قضايا التعاون المعقدة، ثم جاء إجتماع روما في أكتوبر 1990م، الذي جمع وزراء خارجية دول المغرب العربي وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وشاركت مالطا بصفة مراقب، وهذا ما عرف بمجموعة (4 + 5)، ثم بعد انضمام مالطا أصبحت تعرف بمجموعة  (5 + 5)، وكان البيان الختامي للمؤتمر شاملاً لجميع مجالات التعاون وأكد أيضًا على هدفين أساسيين هما الحوار والتعاون. ثم كان اجتماع الجزائر في 26 و 27 أكتوبر 1991م، وأشار بيانه الختامي – الذي لم يخرج كثيرًا عن ما ورد في إعلان روما – إلى مؤتمر السلام في الشرق الأوسط، وأكد أيضًا على احترام اتفاق الطائف، وقد توقف هذا المؤتمر بعد تطورات أزمة لوكربي.

   وبعد تدعيم البناء الأوروبي منذ دخول معاهدة ماستريخت حيز النفاذ في 1993م، وإنشاء السوق الموحدة، دعى المجلس الوزاري الأوروبي في اجتماعه بمدينة كورفورو باليونان في يوليو 1994م، إلى إعداد ورقة عمل حول المبادئ الأساسية لسياسة أوربية- متوسطية، التي أقرتها قمة الاتحاد الأوروبي بمدينة أسن الألمانية في 10 ديسمبر 1994م، وتضمنت تصورًا أوربيًا لتطويرعلاقات الاتحاد الأوروبي بدول المنطقة، من خلال إقامة حوار سياسي يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة، وكذا إقامة منطقة اقتصادية أوربية – متوسطية من خلال إنشاء منظمة للتجارة الحرة (19).

  كما دعت القمة إلى عقد إجتماع وزاري مع الدول المتوسطية لمناقشة المجالات السياسية والاجتماعية، كما تضمنت الورقة أهداف شاملة وآليات ومجالات للتعاون المقترح .

وقد حددت ورقة العمل أهداف التعاون في الجوانب الآتية:

1- الأهداف السياسية والأمنية : وتمثلت في:

أ- تحديد المبادئ والمصالح المشتركة.

ب- التأكيد على أهمية إقامة دولة القانون.

ج- التزام الدول بإرساء علاقات حسن الجوار.

د- مساندة جهود التكامل الإقليمي لأهميتها في استقرار المنطقة(20).

2- الأهداف الاقتصادية: وشملت تحقيق الأهداف الآتية:

أ- الاسراع في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ب- تحسين الظروف المعيشية للسكان.

ج- زيادة فرص العمل.

د- تقليل فجوة الرخاء.

ذ- دعم التعاون الإقليمي(21).

مؤتمر برشلونة: عقد بمدينة برشلونة الإسبانية في 27 و 28 نوفمبر 1995م، بمشاركة 27 دولة، وقد سعى المشاركون في هذا المؤتمر تحقيق الأهداف الآتية:

1- الأهداف السياسية والأمنية: يعتبر السلام والاستقرار والأمن في منطقة البحر المتوسط هدفًا أساسيًا لأي عملية تعاون في المنطقة، ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال:

أ- تشجيع ضمان الأمن الإقليمي بين دول المنطقة.

ب- الالتزام بمعاهدات عدم الانتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.

ج- تشجيع إجراءات بناء الثقة والاكتقاء بالحد الأدنى من القدرات العسكرية.

د- مكافحة ظاهرة الإرهاب والتعاون الإقليمي في هذا المجال.

ذ- حل النزاعات بالطرق السلمية.

ر- احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. (22)

2- الأهداف الاقتصادية : شدد المشاركون في مؤتمر برشلونة على تحقيق النموالاقتصادي والتنمية الاجتماعية، وذلك من خلال:

أ- تسريع النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام.

ب- تحسين ظروف معيشة السكان وتخفيف فوارق النمو في المنطقة الأورو- متوسطية.

ج- تشجيع التعاون والتكامل الإقليمي.

   ولتحقيق هذه الأهداف تم الاتفاق على إقامة مشاركة اقتصادية ومالية ترتكز على الآليات الآتية (23) :

أ- التأسيس التدريجي لمنطقة التبادل الحر في آفاق 2010م.

ب- تنفيذ التعاون والتداول الاقتصادي.

ج- زيادة معونات الاتحاد الأوروبي إلى دول الشراكة حيث تم تخصيص ستة مليار دولار لتمويل المشاريع الإنمائية في الفترة ما بين 1995م و 1999م.

د- التأكيد على أهمية حل مشكلة المديونية .

ثم عقد مؤتمر بالعاصمة المالطية فاليتا في 15 و 16 إبريل 1997م، الذي أكد على قرارات مؤتمر برشلونة و بالذات على البعد الأمني. وقد ساد المؤتمر اختلاف جوهري بين الدول العربية التي شددت على ضرورة توسيع مجالات التعاون وعدم القبول باستمرار الاختلال الإستراتيجي القائم الذي هو لصالح إسرائيل. ومن جهة أخرى دعى الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة تكثيف إجراءات بناء الثقة، التي اعترضت عليها سوريا ولبنان واعتبرتها تؤدي إلى التطبيع مع إسرائيل، ولم يصدر الطرف الأوروبي البيان الختامي بسبب هذه الخلافات ، بالاضافة إلى الخلط بين مفهومي الإرهاب والمقاومة(24)، وهذا الوضع انعكس في مؤتمر باليرمو الثاني بإيطاليا الذي عقد في 3 و 4 يونيه 1998م، وتميز بانخفاض مستوى التمثيل الدبلوماسي، كما لم يصدر عن المؤتمر أي بيان ختامي، إلا أنه وضع أسس مناقشة مشروع ميثاق الاستقرار في المتوسط. وقد تم وضع الخطوط العامة لميثاق الاستقرار في المتوسط في مؤتمر شتوتغارت بألمانيا في 15 و 16 إبريل 1999م، الذي وقعت عليه سبع وعشرون دولة مشاركة، وقد نص الميثاق على:

2-1- الحل السلمي للنزاعات و تعميق الحوار السياسي بين أطرافها.

2-2- احترام حقوق الإنسان والديموقراطية.

2-3- مكافحة جذور الإرهاب(25).

   ثم سعت فرنسا إلى تقديم مسودة ميثاق الأمن والاستقرار في مؤتمر مرسيليا في يوليو 2000م، إلا أنها تراجعت بسبب فشل مفاوضات كامب ديفيد الثانية، وكذا مقاطعة سوريا ولبنان لهذا المؤتمر ثم تدهور الوضع أكثر بسبب تدنيس شارون للحرم القدسي في سبتمبر2000م، ثم عقد مؤتمر ببروسكل في 5 و 6 نوفمبر 2001م، وهو ما مثل فرصة للولايات المتحدة للحصول على إدانة المؤتمر لهذه الهجمات وتبنيه للقرار (1373 / 2001) كأساس لمكافحة الإرهاب(26)، ثم تصنيف الولايات المتحدة للعراق كدولة ضمن دول محور الشر، وفي هذه الأجواء عقد مؤتمر فالينسيا في 22 و 23 إبريل 2002م ، بمقاطعة سوريا ولبنان و ليبيا، وعند اعتلاء ممثل إسرائيل منصة المؤتمر، انسحبت الوفود العربية منه،  بسبب الإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. وفي قمة نابولي بإيطاليا في 2 و 3 ديسمبر 2003م، تم بحث إنشاء مؤسسة أورو- متوسطية للحوار بين الثقافات وتأسيس الجمعية البرلمانية الأورو- متوسطية بالاضافة إلى دراسة تحويل خطة الاستثمار الأورو– متوسطية إلى مؤسسة مالية مستقلة، وسعت القمة على تفعيل الدور الأوروبي في عملية  السلام بالشرق الأوسط وفي عملية إعادة إعمار العراق . وقد تأثر الحوار الأورو- متوسطي أيضًا بالحرب على العراق والمواقف المؤيدة للولايات المتحدة من قبل العديد من دول الاتحاد الأوروبي. وبعد مرور عشر سنوات على مسار برشلونة، عقد مؤتمر برشلونة في 27 و 28 نوفمبر، بمشاركة 35 دولة وخمسة دول بصفة مراقب، وقد تمحور البيان الختامي للمؤتمر حول تفعيل الديموقراطية وتشجيع التبادل التجاري، كما أكد على أن الإصلاحات السياسية    لابد أن تكون من الداخل(27).

معوقات عملية برشلونة: تعرض مسار برشلونة للتعاون بين الضفة الجنوبية والشمالية للمتوسط للعديد من الصعوبات، نذكر منها:

1- التداخل بين هيئات الاتحاد الأوروبي وآليات تنفيذ التعاون (التداخل بين السلة الأولى لإعلان برشلونة والمبدأ الأول لاتفاقية ماستريخت المتعلق بالجانب الاقتصادي، والسلة الثانية للإعلان المتعلقة بالأمن مع السياسة الأوروبية للأمن المشترك).

2- محدودية التعاون المالي المتمثل في برامج ميدا I MIDA و ميدا II MIDA  بسبب عراقيل تقنية، مقارنة بما كان قائم من اتفاقيات مالية بين دول المتوسط .

3- التركيزعلى توسيع الاتحاد الأوروبي إلى شرق ووسط أوروبا على حساب الاهتمام بالتعاون الأورو– متوسطي، بسبب التأثير المالي لألمانيا و بريطانيا في توجيه السياسة الخارجية الأوروبية، واهتمام فنلندا والسويد بمساعدة دول البلطيق…

4- تعثر مشاريع التعاون بسبب تباطئ الإصلاحات في دول جنوب المتوسط وثقل البيروقراطية والعجز عن صياغة مشاريع ذات فعالية ومصداقية تتناسب مع الحجم المالي المخصص، كما يرى الأوروبيون، في حين يؤكد الشركاء الجنوبيون أن ممارسة الاشتراطية والوصاية المالية الأوروبية وضعف المخصصات المالية هو الذي يقف وراء تعثر مشاريع التعاون (28).

5- ضعف ومحدودية برامج الإصلاح السياسي والاقتصادي في الدول العربية.

6- التباين بين دول جنوب المتوسط، حيث أن 60% من سكانه – البالغ عددهم سنة 2003م، أكثر من 244 مليون نسمة – هم من سكان تركيا ومصر والتباين في العديد من المؤشرات الاقتصادية، حيث يبلغ الناتج القومي الإجمالي السوري حوالي 71736 مليون دولار، في حين يبلغ بإسرائيل أكثر من 158350 مليون دولار، وبلغت نسبة النمو بسوريا سنة 2005 م، حوالي 3.5% أما في إسرائيل فبلغت 5.2% .أما نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي فبلغ في الأولى 3847 دولار، أما في الثانية فبلغ أكثر من 23416 دولار سنة 2007م(29).

 7- ضعف التجارة البينية بين الدول العربية التي لاتتجاوز 10% من جملة المبادلات الخارجية، وهو ما يوسع من حجم الفجوة بين شمال المتوسط وجنوبه.

8- إقامة تبادل تجاري بين دول المتوسط على أساس التنافس وليس التكامل، وهو ما يؤدي إلى تأجيل  قيام منطقة للتبادل التجاري الحر بين دول المتوسط.

9- اتباع الاتحاد الأوروبي لسياسة حمائية في مجال المنتجات الزراعية التي تمثل قطاع واسع من صادرات المغرب وتونس ومصر، حيث تشكل 22 و 14 و 13% على التوالي(30).

10- عدم تسوية العديد من القضايا السياسية في المنطقة مثل القضية الفلسطينية والعلاقات اليونانية – التركية والمشكلة القبرصية…

المطلب الثالث : مبادرات الإصلاح الأوروبية والاتحاد من أجل المتوسط :

أولاً : مبادرات الإصلاح الأوروبية :

   استند الأوروبيون في اطلاق دعوات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلى تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية في العالم العربي لسنة 2002م، الذي يبرز ثلاثة نقائص مطلقة للدول العربية، وهي الحرية والمعرفة وتمكين المرأة، حيث أكدت اللجنة الأوروبية التزام الاتحاد الأوروبي بميثاق الحقوق الأساسية المعلن عنها في نيس 2000م، في ما يتعلق بعلاقاتها مع الدول المتوسطية، حيث يتضمن:

1- دعم مبادئ الحرية واحترام الحريات الأساسية.

2- تشجيع الديموقراطية.

3- احترام حقوق الإنسان ودولة القانون.

وحددت اللجنة الأوروبية سبب تراجع حقوق الإنسان في المنطقة إلى :

1- محدودية تطبيق الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.

2- ضعف دور المنظمات غير الحكومية.

3- فشل المنظومات التربوية وعدم إستجابتها لمتطلبات سوق العمل.

4- انتعاش الحركات المتطرفة بسبب الاستبداد وفشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وهذه الحركات رافضة للمبادئ العالمية لحقوق الإنسان باسم الإسلام(31) .

5- فشل تجارب التحول الديمقراطي وتهميش دورالمرأة الذي أثرعلى مشاركتها وتمثيلها السياسيين.

6- اتساع الهوة بين التنمية السياسية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية .

وهنا دعت اللجنة الأوروبية دول جنوب المتوسط إلى اتخاذ بعض الإجراءات الضرورية لدعم حقوق الإنسان، منها:

1- تشجيع دور المجتمع المدني في ترقية الديمقراطية وحقوق الإنسان.

2- مكافحة العنصرية والتمييز وكراهية الأجانب.

3- الغاء عقوبة الاعدام.

4- احترام حقوق الأقليات.

5- الدفاع عن حقوق المرأة والطفل.

6- الغاء التعذيب أثناء التحقيق و إصلاح السجون (32).

 كما قدم الاتحاد الأوروبي مبادرتين رئيسيتين هما:

أ- سياسة الجوار الجديد : في مارس 2003م، طرحت المفوضية الأوروبية وثيقة بعنوان أوروبا الموسعة والجوار لتحدد السياسات الأوروبية المستقبلية تجاه المحيط الإقليمي الإستراتيجي للاتحاد الأوروبي من جهة الشرق والجنوب بعد عملية التوسع، الذي يعد المجال الحيوي لأوروبا، وهذا ما عرف بسياسة الجوار الجديد لتشكل الإطار الجيوبوليتيكي الأوروبي لما بعد عملية التوسع(33).

وانطلاقًا من فكرة أن الجوار الجغرافي يتيح فرصًَا أكبر للتعاون، ترى الوثيقة ضرورة تركيز السياسات الأوروبية تجاه الدول المتوسطية في المديين المتوسط والبعيد على المبادئ الآتية:

1- العمل مع الشركاء لتقليص الفقر وإقامة منطقة رخاء مشتركة قائمة على تكامل اقتصادي مكثف، وتعزيز مجالات التعاون السياسية والثقافية وأمن الحدود ومنع وإدارة الأزمات.

2- مبدأ الاشتراطية، حيث هناك نسبة وتناسب في منح المزايا والعلاقات التفضيلية لدول جنوب المتوسط، مع ما تحققه من إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية استنادًا للمعايير الأوروبية(34).

وقد تعرضت الوثيقة إلى ثلاث مجالات للتعاون هي:

1- الجانب السياسي والأمني: أكدت الوثيقة على أهمية الجانب السياسي والأمني باعتباره محور تطور المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي هو تجسيدًا للسياسة الدفاعية الأوروبية الجديدة، حيث أكدت على:

1-1- دراسة تهديدات الأمن المتبادل التي تشمل انتشار الأسلحة النووية، أوالهجرة غير الشرعية، التهريب، الإرهاب والجريمة المنظمة…

1-2- دعم عمليات التحول الديموقراطي واحترام حقوق الإنسان… خصوصًا أن دول الجوار الجديد ليس لها خبرة في الحكم الديموقراطي وسجل ضعيف في مجال حماية حقوق الإنسان، وليس فرضها من الخارج و بالقوة.

1-3- التأكيد على الأثر السلبي للصراعات في عملية التنمية السياسية والاقتصادية.

1-4- أهمية دور الاتحاد الأوروبي في منع الأزمات وإدارتها، مثل قضية الصحراء الغربية والقضية الفلسطينية.

2- الجانب الثقافي والاجتماعي: نصت الوثيقة على:

2-1- تنمية المجتمع المدني في دول الجوار وتعزيز الحريات العامة مثل حرية الرأي والتعبير، وتصحيح الأفكار المسبقة عن دول الجوار في المجتمعات الأوروبية .

2-2- زيادة الاهتمام بمجالات الصحة والتعليم والتدريب.

3– الجانب الاقتصادي : نصت الوثيقة على الإجراءات الآتية:

3-1- انشاء وسائل تمويل جديدة مثل البنك الأورو- متوسطي من أجل تنمية القطاع الخاص.

3-2- زيادة الاستثمارات في منطقة المتوسط.

3-3- تشجيع حرية التجارة لتحقيق تكامل الأسواق، وهو ما يسمح ببناء سوق متوسطي أكبر، والاستفادة من اتساع السوق الأوروبية.

3-4- توسيع مجالات اتفاقيات الشراكة مع دول جنوب المتوسط إلى قطاع الخدمات والسلع.

3-5- احداث إصلاحات تشريعية في النظم الاقتصادية لدول جنوب المتوسط حتى تقترب من تلك المطبُقة في السوق الداخلية الأوروبية(35) .

ب- مبادرة الاتحاد الأوروبي لتعزيز الشراكة مع العالم العربي : جاءت المبادرة الأوروبية لتعزيز الشراكة مع العالم العربي في إطار سلسلة المبادرات الغربية للإصلاح السياسي والاقتصادي بالعالم العربي، حيث تقرر في قمة تسالونيك الأوروبية باليونان التي عقدت في يونيو 2003م ، مايلي:

– التأكيد على أهمية التعاون الأورو- متوسطي في إطار عملية برشلونة، والمحافظة على المكاسب التي تم تحقيقها.

– دعوة الاتحاد الأوروبي إلى بلورة إستراتيجية للاستقرار الإقليمي دون استثناء أي دولة بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي واليمن وسوريا التي تتهمها الولايات المتحدة بدعم الإرهاب، وإيران بسبب برنامجها النووي(36).

أهداف المبادرة : سعت المبادرة إلى تحقيق :

1- الأهداف السياسية والأمنية : و تمثلت في:

1-1- تعميق الحوارالسياسي مع الدول العربية كل على حدى، ومع الجامعة العربية.

1-2- دعم إجراء عمليات تطبيق وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والحكم الرشيد.

1-3- وضع آليات للتعاون حول منع الصراعات وإدارة الأزمات ومكافحة الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل.

1-4- السعي لإدماج جميع الحركات والقوى السياسية التي تحترم القواعد الديموقراطية في عملية الحوار السياسي.

1- 5- وضع خطط عمل وطنية مطورة حول حقوق الإنسان والديموقراطية .

2- الأهداف الاقتصادية : تمثلت الأهداف الاقتصادية للمبادرة في:

2-1– تحرير التجارة في ما بين دول الشراكة الأورو- متوسطية، والتوصل إلى اتفاقية للتجارة مع دول مجلس التعاون الخليجي، ودعمها لإقامة سوق مشتركة والوصول إلى عملة مشتركة موحدة في ما بينها.

2-2-  منظمات التكامل الإقليمية مثل اتحاد المغرب العربي ومجلس التعاون الخليجي.

2-3-  أطر التعاون مع الاتحاد الأوروبي .

2-4- وضع سبل تعاون أخرى مع دول الشرق الأوسط والاستفادة من التجربة الأورو- متوسطية(37).

3- الأهداف الاجتماعية والثقافية : وتتلخص في:

3-1- دعم الحوار بين الثقافات والأديان والحضارات من خلال إنشاء المؤسسة الأورو- متوسطية للحوار بين الثقافات والحضارات.

3-2-  تبادل الخبرات في ما يتعلق بحقوق الأقليات وكراهية الأجانب.

3-3- دعم الإعلام المستقل وحرية التعبير وبث البرامج الاخبارية الأوروبية على القنوات الناطقة بالعربية، وضمان تغطية إعلامية أوربية متوازنة للقضايا العربية.

كما تميزالحوار العربي- الأوروبي بالتركيزعلى القضايا الاقتصادية والأمنية بالمقارنة مع القضايا السياسية، إلا أن حرب العراق وانعكاساتها على العلاقات الأوروبية – الأوروبية والأمريكية – الأوروبية جعلت الأخيرة تعطي أهمية بالغة للجوانب السياسية، حيث أصدرت المفوضية الأوروبية تقريراً حول شراكة إستراتيجية للاتحاد الأوروبي مع حوض المتوسط، ركزت فيه على النقاط الآتية:

1- رغم تباين حقائق الاجتماع والسياسة والاقتصاد، إلا أنه عند إقامة شراكة إستراتيجية مع دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط يجب مراعاة المصالح المتبادلة.

2- تطوير العلاقات القائمة على آليات التعاون بشكل ثنائي (إتفاقيات الشراكة الأورو– متوسطية) أوالمتعددة الأطراف (مجلس التعاون الخليجي).

3- النظرة الأمنية الشاملة لمفهوم المصلحة التي تشمل مجالات اللاقتصاد والسياسة والثقافة والأمن.

4- أهمية التحول الديموقراطي واحترام حقوق الإنسان.

 5- دور الجاليات العربية والإسلامية في تطوير العلاقات العربية – الأوروبية.

 6- تحسين الأوضاع في العراق و حل القضية في الفلسطينية كشرط أساسي لترقية العلاقات العربية – الأوروبية.

7- إعادة صياغة العلاقة بين الاقتصاد والسياسة(38) .

ثانيًا : الاتحاد من أجل المتوسط :

   اقترنت فكرة الاتحاد من أجل المتوسط بالرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي الذي طرح المشروع للأول مرة قبل أشهر من الإنتخابات الفرنسية، وكان في البداية يقتصر فقط على دول حوض المتوسط، وهو ما أثار حفيظة ومعارضة دول أوروبا وبخاصة منها غير المطلة على المتوسط، ومنها ألمانيا التي رأت فيه مشروعًا لتعزيز دور فرنسا في المتوسط، وهو مشروع منافس للاتحاد الأوروبي وبديل عن عملية برشلونة.

ويختلف مشروع الاتحاد من أجل المتوسط عن عملية برشلونة بإطاره المؤسسي المتين كما يقوم أيضًا على مبدأين هما:

– الندية والمساواة.

– الهندسة المخيٍرة، بمعنى أن تنفيذه مشروط  بتطوع أي دولة ترغب في تنفيذه(39).

وسعت فرنسا من هذا المشروع إلى تحقيق الأهداف الآتية:

1- الأهداف الداخلية : نذكر منها:

أ- تقليص الهجرة غير الشرعية.

ب- إعادة تأهيل الأجانب المقيمين بفرنسا ودمجهم في المجتمع الفرنسي.

2- الأهداف الخارجية : وتتمثل في:

أ- القيام بدور مهيمن في المتوسط.

ب- تعزيزالحضورالفرنسي في المغرب العربي الذي تراجع كثيرًا أمام النفوذ الأمريكي خصوصًا بعد مشروع إيزنتشات I وإيزنتشتات II، فضلاً عن الدور الصيني المتنامي.

ج- موازنة النفوذ الألماني المتزايد في وسط و شرق أوروبا.

د- الرغبة في بناء نظام دولي متعدد الأقطاب تكون أوروبا قطبًا أساسًيا في تفاعلاته.

ذ- قطع الطريق على انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي واكتفائها بعضوية الاتحاد من أجل المتوسط.

ر- ادماج إسرائيل في النظام الإقليمي العربي(40) .

  وأطلق مشروع الاتحاد المتوسطي خلال مؤتمر روما الثلاثي الذي جمع كل من إيطاليا، فرنسا وإسبانيا في 20 ديسمبر 2007م، الذي صدرعنه نداء روما، الذي دعى الدول المتوسطية  إلى طرح رؤية شاملة حول الاتحاد المتوسطي، وفي 13 يوليو 2008م، عقدت قمة باريس بمشاركة 43 دولة، أين أعلن عن البيان المشترك لعملية برشلونة: الاتحاد من أجل المتوسط، الذي حدد:

1– التحديات: أكد البيان الختامي على التحديات المشتركة التي تواجهها المنطقة الأورو- متوسطية في:

1-1- التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

1-2- تدهور الوضع البيئي والأمن الغذائي.

1-3- مكافحة الإرهاب والتطرف.

1-3- أمن الطاقة والهجرة غير المشروعة.

1-4- تعزيز العلاقات المتعددة الأطراف.

1-5- تقاسم مسؤولية إنجاح عملية برشلونة (41).

2 – الأهداف: وتتمثل في:

2-1- الأهداف السياسية : ويمكن إيجازها في النقاط الآتية:

أ- تعزيزالديموقراطية والمشاركة السياسية.

ب- الالتزام الكامل بحقوق الإنسان وبالحريات الأساسية.

ج- تعزيز دور المرأة في المجتمع.

د- احترام حقوق الأقليات.

ذ- مكافحة العنصرية وكراهية الأجانب.

ر-  الحوار الثقافي والتفاهم المتبادل.

ز- تحسين علاقات الاتحاد الأوروبي بشركائه المتوسطين.

ص- زيادة تقاسم المسؤولية في إطار العلاقات المتعددة الأطراف.

2-2- الأهداف الأمنية : تمثلت في:

أ- الأمن الإقليمي من خلال الانضمام إلى مجموعة من الأنظمة الدولية والإقليمية لعدم الانتشار واتفاقيات الحد من التسلح ونزع الأسلحة والتقيد بها.

ب- منطقة في الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الجرثومية والكيميائية والبيولوجية ومنظومات ووسائل إيصالها.

ج- امتناع الأطراف عن تطوير القدرات العسكرية بما يتجاوز متطلباتها الدفاعية المشروعة.

د- التطبيق الكامل لمدونة السلوك المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتعزيز أمن المواطنين(42).

2-3- الأهداف الاقتصادية : و تتلخص في النقاط الآتية:

أ- انشاء منطقة تبادل حر بعيدة المدى بالمنطقة في حدود 2010م.

ب- تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي.

ج- تعزيز الهجرة الشرعية ومحاربة الهجرة غير الشرعية.

د- تشجيع الصلة بين الهجرة والتنمية.

ذ- تعزيز مشاريع تدفق المبادلات (السلع، الخدمات ، الأفراد ، رؤوس الأموال…) بين شعوب المنطقة.

ر- زيادة الشفافية وفرص التجارة والاستثمار.

3- الأجهزة والمؤسسات: أعلن البيان الختامي لقمة باريس قيام الأجهزة الآتية:

3-1- إقامة الجمعية البرلمانية الأورو– متوسطية.

3-2- إنشاء رئاسة مشتركة بين الاتحاد الأوروبي والدول المتوسطية الشريكة، حيث تتوافق مع التمثيل الخارجي للاتحاد الأوروبي، من جهة، وبالتوافق بين دول المتوسط الشريكة من جهة أخرى.

3-3- إقامة أمانة مشتركة ذات شخصية قانونية منفصلة، تختص بتنفيذ المهام التقنية الآتية:

أ- تحديد المشاريع ومتابعة تنفيذها.

ب- البحث عن شركاء لتمويل هذه المشاريع.

ج- تأمين التشاورالميداني واعداد وثائق العمل لهيئات صنع القرار.

3-4- اللجنة المشتركة الدائمة ببروكسل تختص بتحضير اجتماعات كبار الموظفين القائمين على تحضيرالاجتماعات الوزارية الدورية(43).

3- 5- اعتبار مؤسسة أناليند الأورو- متوسطية للحوار بين الثقافات المؤسسة الأورو– متوسطية تعمل بالتعاون مع تحالف الأمم المتحدة للحضارات .

4- آلية العمل : اتفق في قمة باريس على تنظيم قمة كل سنتين، وتكون بصورة متناوبة، مرة في الاتحاد الأوروبي، وأخرى في إحدى الدول المتوسطية، وتختار الدولة المضيفة بالتوافق.

ويتم فيها اعتماد برنامج عمل لمدة عامين، واطلاق مشاريع إقليمية، كما يجتمع وزراء الخارجية كل سنة لتنفيذ قرارات القمة، والاعداد للقمة الآتية والموافقة على المشاريع الجديدة.

المطلب الرابع : مشروع الشرق الأوسط الكبير :

    مع انتهاء الحرب الباردة، ساد اتجاهان رئيسان داخل الحزب الجمهوري وهما: الاتجاه المثالي والاتجاه الواقعي، هذا الأخير انقسم إلى:

أ- تيار المعتدلين : ضم كل من جورج بوش الأب وجيمس بيكر ومستشار الأمن القومي برنت سكوكروفت.

ب- تيار المحافظين: ويضم كل ديك تشيني ومساعده بول وولفوفتز…

   ولئن كان المحافظون والمعتدلون متفقون على سيادة وريادة الولايات المتحدة للعالم، إلا أنهما اختلفا حول أسلوب وشكل هذه السيادوة، حيث يرى التيار المعتدل وجود سيادة نسبية تسمح بوجود شركاء آخرين خصوصًا منهم الحلفاء الأوروبيين.

  أما التيار المحافظ فيرى ضرورة السيادة المطلقة والمنفردة للولايات المتحدة، بحيث يغيب معها مفهوم المشاركة.

   وبتكليف من وزيرالدفاع ديك تشيني، قام بول وولفوفتز باعداد مشروع لمواجهة تحديات السياسة الخارجية الأمريكية في القرن الحادي والعشرين تحت عنوان دليل التخطيط الإستراتيجي، ويتضمن:

– سعي الولايات المتحدة منع أي قوة منافسة مرتقبة، تعادلها في القوة والتقدم.

– القيام بضربة عسكرية ضد العراق لإعادة ترتيب الأوضاع وميزان القوى القائم في الشرق الأوسط و لصالح إسرائيل(44).

  لكن الرئيس جورج بوش الأب رفض المشروع، الذي أعيد طرحه وأصبح المحور الأساسي للإستراتيجية الجديدة للأمن القومي الأمريكي، التي وضعت في 20 سبتمبر2002م، والتي عرفت في ما بعد بمبدأ بوش.

  ويرى وولفوفتز أن خريطة الشرق الأوسط خريطة أوربية تعكس التنافس الفرنسي الإنجليزي على المنطقة، ويرى ضرورة رسم خريطة أمريكية خاصة بها، من خلال تفكيك الدول العربية أو فرض صيغ الفيدرالية أو الكونفيدرالية عليها أو إنشاء كونفيدرالية موسعة في الشرق الأوسط تكون إسرائيل فيها جزءًا عضويًا ومحوريًا. وهو ما يتوافق مع طرح هنري كيسنجر الذي يقدم أورشليم كعاصمة للشرق الأوسط(42).

  كما يجد أيضًا تأصيله النظري في أفكار المستشرق الأمريكي برنارد لويس  Bernard                          Lewis الذي يعد مرجعاً لفكر المحافظين الجدد، ومن مروجي فكرة احتلال العراق وتقسيمه،   حيث دعى إلى التحول عن مبدأ الاحتواء- الذي جمع بين الأوروبيين والأمريكيين لأكثر    من أربعين سنة – إلى مبدأ المواجهة المباشرة، وتوجيه الضربة الاستباقية ضد عدو يحتمل  أن يشكل تهديدًا للولايات المتحدة، حتى و لو لم يظهر نية العداء، أو قام بعمل يمثل خطرًا على المصالح الأمريكية، حيث ساد تصور وجود عدو له عقلية انتحارية، وفي متناوله أسلحة دمار شامل، وفي حالة عدم توجيه الضربة الأولى ضده، فإنه يمثل قصوراً في التفكير السياسي، ويقدم فكر المحافظين الجدد بديلاً يتمثل في القيام بضربات استباقية في كل مكان، وفي أي وقت بمجرد استشعار تجمع عناصر التهديد، وهو ما طبق في الحرب على العراق بالاضافة إلى إرهاب الدول العربية والإسلامية، وتغيير ملامح الشرق الأوسط وفرض الديموقراطية بالقوة، وهو الأساس العملي للسياسة الأمريكية تجاه المنطقة منذ 11 سبتمبر 2001م (45)، حيث تم اختيار منطقة الشرق الأوسط لتنفيذ الإستراتيجية الأمريكية الجديدة للأمن القومي المعلنة منذ 20 سبتمبر2002م .

وهنا استخدمت الولايات المتحدة نمطيين للتدخل في المنطقة هما:

1- النمط الأول : استند إلى استخدام القوة العسكرية لإسقاط النظم السياسية، وهو ما طبق في أفغانستان والعراق بحجة مكافحة الإرهاب والتورط في هجمات الحادي عشر من سبتمبر2001م، والعلاقة بتنظيم القاعدة وأسامة بن لادن، أو حيازة أسلحة الدمار الشامل أو نشر الحرية والديموقراطية… غير أن هذا النمط أوضح العديد من جوانب القصور في إستراتيجية الولايات المتحدة في فهمها لطبيعة المنطقة والتعامل معها، كما أظهرت الحرب على العراق الانقاسم العميق بين الولايات المتحدة والمجتمع الدولي والرأي العام العالمي، حتى مع حلفائها الأوروبيين بخاصة فرنسا وألمانيا و بلجيكا… من حيث عدم شرعيتها، وهو ما يفسر وبشكل كبير تحيٌِيد الحلف في هذه الحرب، بالاضافة إلى المقاومة غير المتوقعة في أفغانستان والعراق وتراجع شعبية بوش…وكلها عوامل دفعت بالولايات المتحدة إلى اتباع نمط مغاير لأسلوب التدخل العسكري المباشر.

2- النمط الثاني: يركز على فرض الإصلاح السياسي وتغيير الأوضاع الداخلية لدول المنطقة التي أفرزت الإرهاب، وهذا لا يكون من خلال الإجراءات والترتيبات الأمنية فقط، بل من خلال عملية إصلاح شامل داخل دول المنطقة.

   ومن خلال النمطين نلاحظ تغييراً في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، حيث كانت تربط بين استقرار المنطقة ومصالحها الحيوية بالإقليم. وهذا الاستقرار كان يقوم على مبدأيين هما:

– دعم النظم السياسية الصديقة للولايات المتحدة خلال الحرب الباردة.

– إيجاد حل شامل للنزاع العربي الإسرائيلي من خلال الانسحاب من الأراضي المحتلة،     وإقامة دولة فلسطينية.

أما التغير فقد ظهر من خلال :

2-1- تخلي إدارة بوش عن مبدأ أولوية استقرار الأنظمة العربية وتفضيلها للأولوية الديموقراطية، حيث صرح جورج بوش في نوفمبر2003م بأن :” ستين عامًا من تبرير الدول العربية لانعدام الحرية في الشرق الأوسط لم يحقق شيئًا يجعلنا آمنين، لأنه أظهر أنه لا يمكن على المدى البعيد مقايضة الاستقرار على حساب الحرية، وطالما بقي الشرق الأوسط مكانًا لا تزدهر فيه الحرية فسيظل مكانًا للركود، والاستياء والعنف الجاهز للتصدير” . وفي خطاب آخر ألقاه في معهد أميركان أنتربرايز قال أنه : ” لا بد أن تقوم الولايات المتحدة بدور قيادي في عملية تحول اقتصادي وسياسي واجتماعي بالمنطقة” (47).

2-2- فك الارتباط بين حل النزاع العربي- الإسرائيلي ومصالح الولايات المتحدة وأمنها.

وهو ما ترتب عليه تغير في مواصفات العدو والصديق، حيث تم تحديد العدو في الإرهاب الذي هو عربي الجنس ومسلم الديانة وهو مدعوم من نظم الحكم العربية(48).

   وهنا تبرز معادلة جديدة للأمن المنطقة، وهي أن التهديدات لم تعد مصادرها من خارج المنطقة، وإنما هي من داخلها، وهذا يتطلب إعادة بناء الداخل سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وأمنياً…

  وقد سبق طرح مشروع الشرق الأوسط الجديد تقرير أهداف الألفية للتنمية في المنطقة العربية صدر عن الأمم المتحدة في 10 ديسمبر2003م، حيث يثير مخاطر عدم تبني الدول العربية لإصلاحات جذرية في جميع المجالات (تعليم، صحة، تشغيل…)، وتوقع استمرار الأوضاع الحالية حتى سنة 2015م، على الأقل . ثم صدر تقرير آخرعن الأمم المتحدة حول التنمية الإنسانية في العالم العربي، وهولا يختلف عن مضمون التقريرالأول.

   وهنا أعلنت الولايات المتحدة عن مبادرة الشرق الأوسط الكبير في فبراير2004م، ويمكن ارجاع الأسباب التي دفعت الولايات التحدة إلى التركيز على نمط الإصلاح السياسي وتغيير الأوضاع الداخلية إلى الأسباب الآتية:

3-1- زيادة عمليات المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال من حيث النوع والكيف، بالاضافة إلى فشل سياسة إعادة إعمار العراق، والتكلفة الباهظة لتمويل العمليات في العراق وأفغانستان، وهذا ما دفع بإدارة بوش إلى التراجع عن فكرة التغيير باستخدام القوة العسكرية.

3-2- اقتراب الانتخابات الأمريكية وتراجع شعبية الرئيس بوش، كما أنها كانت ذات أهمية بالغة من حيث تجاوز الانتهاكات الدستورية الخطيرة التي حدثت في إنتخابات سنة 2000م، وكذا استكمال تنفيذ برنامج لجنة الخطر الداهم التي وضعها المحافظون الجدد(49).

3-3- استباق القمة العربية التي عقدت بتونس، وفرض مشروع الشرق الأوسط الكبير، وكذا تسويقه وإقراره في قمة الثمانية بسي أي لاند الأمريكية وذلك في 8 يونيه2004م، ثم في مؤتمرأمريكا- أوروبا بأيسلنده في 23 يونيه2004م، وبعده قمة حلف الأطلسي بإسطمبول في 28 يونيه 2004م.

3-4- كسب تعاطف الرأي العام العربي من خلال إثارة قضايا ذات أهمية بالغة للمواطن العربي مثل الحريات العامة، الديموقراطية، المشاركة السياسية… والتركيز على دبلوماسية الرأي العام كما دعى إلى ذلك جوزيف ناي(50).

3- 5- التأثر بدعوات الإصلاح السياسي الصادرة عن أوروبا خصوصًا بعد إعادة إحياء الشراكة عبرالأطلسي والعمل بمبدأ التنسيق والتوفيق بين أولويات السياسة الأمريكية          وأولويات السياسة الأوروبية .

مضمون مبادرة الشرق الأوسط الكبير : حددت وثيقة مشروع الشرق الأوسط الكبير العديد من التحديات التي تواجهها الدول العربية، نذكر منها:

أ- ضعف الدخل المحلي لمعظم الدول العربية.

ب- ارتفاع نسبة الأمية التي تمثل 40% من إجمالي السكان.

ج- زيادة نسبة البطالة حيث سيبلغ عدد العاطلين عن العمل في الدول العربية 25 مليون فرد في حدود 2010م.

د- محدودية نسبة النمو الاقتصادي المقدرة بأقل من 3%.

ذ- ضعف المشاركة والتمثيل السياسي للمرأة، حيث تبلغ 5.3% من إجمالي مقاعد الهيئة التشريعية…

وتطرح وثيقة الإصلاح بديلاً أو حلاً لهذه المشاكل من خلال:

1- تشجيع الديموقراطية : و يكون ذلك من خلال النقاط الآتية:

1-1- الانتخابات الحرة.

1-2- الزيارات المتبادلة والتدريب على الصعيد البرلماني.

1-3- انشاء معاهد للتدريب على القيادة و الخاصة بالمرأة.

1-4- المساعدة القانونية للناس العاديين.

1-5- مبادرة وسائل الإعلام المستقلة .

1-6- الجهود المتعلقة بالشفافية ومكافحة الفساد.

1-7- تشجيع منظمات المجتمع المدني(51).

2- بناء مجتمع معرفي : وذلك من خلال التدابير الآتية:

2-2- مبادرة التعليم الأساسي.

2-3- مبادرة التعليم عبرالإنترنت.

2-4- مبادرة تدريس إدارة الأعمال.

3- توسيع الفرص الاقتصادية: وذلك عبر الإجراءات الآتية:

3-1- مبادرة تمويل النمو.

3-2- مبادرة التجارة.

3-3- الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة.

3-4- إقامة مناطق تجارية.

3- 5- إنشاء مناطق رعاية الأعمال.

3-6- إقامة منبر الفرص الاقتصادية للشرق الأوسط الكبير(52).

دورالحلف في مشروع الشرق الأوسط الكبير: يمكن لحلف الأطلسي في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير القيام بالمهمام الآتية:

1- تدعيم التعاون العسكري في مجال الأمن الناعم .

2- قيام الحلف بعمليات عسكرية في عرض البحر المتوسط لمواجهة التهديدات الإرهابية وخصوصًا في الممرات والمضايق، وذلك في إطار عملية المسعى النشط.

3- دفع دول المنطقة للقيام بإصلاحات في مجال الدفاع والأمن، واخضاعهما لسلطة مدنية منتخبة ديموقراطيًا.

4- تكوين قوة مساعدة أجنبية حيث تكون الدول العربية مشاركة فيها وتحت قيادة الحلف.

5- تكثيف الوجود العسكري بالعراق والمساهمة في تدريب قواته وإعادة بناء مؤسساته الأمنية

6- المشاركة في عمليات الإصلاح والتغيير الداخلي (53).

كما يقترح ريتشارد لوجار في مبادرته المكملة لمشروع الشرق الأوسط الكبير دوراً مهماً لحلف الأطلسي، حيث يقترح:

1-  وجود الحلف بأفغانستان أين يتولى قيادة قوة المساعدة الأمنية الدولية.

2- تحمل دور رسمي في العراق والمساهمة في إنجاح إعادة تأهيل العراق وإعماره.

3- تطوير العلاقات العسكرية مع دول الشرق الأوسط في إطار برنامج التعاون من أجل السلام مشابه لبرنامج الشراكة من أجل السلام الذي أطلقه الحلف مع دول وسط وشرق أوروبا(54).

4- قيام الحلف بعمليات حفظ السلام و نشاطات أخرى في إطار الأمن الناعم…

 

المبحث الثاني : مبادرات الحلف للحوار والتعاون

المطلب الأول : مبادرة الحوار الأطلسي – المتوسطي :

أولاً : نشأة وتطور الحوار الأطلسي – المتوسطي : بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وحتى سنة 1994م، لم تحض دول الضفة الجنوبية للمتوسط بأي اهتمام من جانب الحلف ، وكانت دول وسط وشرق أوروبا محور تركيز سياساته.

وقد ساد انقسام أطلسي حول النظرة إلى البحرالمتوسط، حيث نجد :

أ- الرؤية الأمريكية : تنظر إلى البحر المتوسط على أنه الحد الفاصل بين الدول الأوروبية شمالاً ودول جنوب الضفة المتوسطية، وتقدم سياسة الاحتواء والمجابهة كتفضيلات إستراتيجية للتعامل مع هذا الإقليم، وهذه هي النظرة البيزنطية التاريخية.

ب- الرؤية الأوروبية : تأكد على أن البحر المتوسط جبهة مفتوحة أو جسر يوصل بين الغرب وشعوب المتوسط الأخرى، وتقدم مفهوم موسع للأمن، يشمل بالإضافة إلى الجانب العسكري، مجالات سياسية واقتصادية وثقافية، وهذه هي النظرة الرومانية التاريخية(55).

وهنا قدمت دول الحلف المتوسطية العديد من المبادرات الأمنية والسياسية والاقتصادية لدول الضفة الجنوبية(*).

   وبعد انتهاء الجدل الأطلسي حول توسيع الحلف، و بضغط من دوله المتوسطية، قدم  الحلف مبادرة الحوار المتوسطي في أواخر1994م، وكان الهدف منها إنشاء منتدى لبناء الثقة       وتعزيز الشفافية التي يستطيع الحلفاء من خلالها معرفة المزيد حول المشاكل الأمنية في بلدان الحوار وتبديد سوء الفهم حول أهداف وسياسات الحلف(56).

 وقد اتسمت مواقف دول الحلف تجاه مبادرة الحوار بالانقسام حول محتوى الحوار والهدف منه، حيث نجد :

– خلافات بين الدول الأوروبية الأعضاء بالحلف، حيث طالبت دوله المتوسطية بتكثيف الحوار وتخصيص موارد كافية للوصول إلى وضع أكثر أمناُ.

– انقسام بين دول الحلف المتوسطية والولايات المتحدة التي آثرت التركيز على عملية تسوية الصراع العربي الإسرائيلي.

وأمام هذا الوضع بادرت الدول الأوروبية التوسطية إلى إنشاء وحدات عسكرية للتدخل في المناطق التي تمثل مصدر تهديد لأمنها، وتمثلت هذه القوات في:

1- قوة الإنتشار السريع الأوروبية Force Operation European Rapid.

2- القوة البحرية الأوروبيةEuropean Maritime Force  .

وقد تم تحديد مهامها في إعلان بيترسبورغ(*)و نطاق مهام هذه القوات قد يمتد ليشمل عمليات محددة على أراضي دول عربية(57).

 وبعدها أقام الحلف سلسلة من الحوارات الثنائية مع كل من موريتانيا والمغرب وتونس ومصر والأردن و إسرائيل. ثم جاء البيان الختامي لقمة الحلف بمدريد في 7 و 8 يوليو 1997م، الذي أكد على تعزيز الحوار مع دول الجنوب، وأكد أيضًا على البعد الإستراتيجي للحوار و تمثل في :

1- توسيع نطاق عمليات الحلف ليشمل جنوب المتوسط و جنوب شرقه وأقاليماً واسعة بأفريقيا(58).

2- التدخل في الأزمات في خلال قوة الرد السريع في إطار عمليات حفظ السلام بالمنطقة.

3- توسيع برنامج عمل سنوي ليتضمن عددًا متزايدًا من العناصر والأنشطة المنبثقة عن برنامج الشراكة من أجل السلام، ومنها التعاون العسكري وتخطيط الطوارئ المدنية والتعاون العلمي والبيئي (59).

  أما في قمة براغ 2002م، تم توسيع الأبعاد السياسية والعملية للحوار من خلال إجراء مشاورات شبه دورية وأكثر فعالية ونشاطات أكبر دقة، بالاضافة إلى نهج ملائم للتعاون.

  وفي قمة إسطمبول 2004م، وبعد التشاور مع بلدان الحوار ودول مجلس التعاون الخليجي، تم اتخاذ قرار بوضع إطار عمل تعاوني أكثر طموحًا وتوسعًا، والارتقاء بالحوار إلى مستوى الشراكة الفعلية. وعقب قمة إسطمبول تم تعزيز الحوار السياسي عبر تنظيم اجتماعات استثنائية على مستوى الوزراء، بالاضافة إلى المباحثات الجارية على مستوى مجموعات العمل وعلى مستوى السفراء، ولقد عقد أول لقاء على المستوى الوزاري في ديسمبر2004م، حيث التقى وزراء خارجية بلدان الحلف مع نظرائهم من دول الحوار ببروكسل.

وعلى الصعيد العسكري كان أول لقاء بين رؤساء أركان الحلف ونظرائهم أو ممثليهم من دول الحوارالسبعة في مقر الحلف ببروكسيل في نوفمبر 2004م، وتم التأكيد على الرغبة المشتركة في تحويل علاقات الحوار إلى شراكة حقيقية، وتعضيدًا لهذه الديناميكية الجديدة داخل الحوار أجرى ياب دي هوب سخيفر سلسلة من الزيارة الهامة إلى دول الحوار في نهاية سنة 2004م وبداية 2005م.

وتضم عملية الحوار دول الحلف والدول السبع المتوسطية غير الأعضاء بالحلف، التي دخلت في عملية الحوار كما هو مبين في الجدول الآتي :

 الشكل رقم (6) : دول الحوار الأطلسي – المتوسطي الجنوبية :

  السنةالـــــدولـــــة
1994 م بداية عملية الحوار الأطلسي – المتوسطي الذي ضم بالاضافة إلى دول الحلف كل من إسرائيل تونس، مصر ، المغرب و موريتانيا.
1995 مالتحاق الأردن بعملية الحوار.
2000 مالتحاق الجزائر بعملية الحوار.

 

ثانيًا: المعنى الإستراتيجي للتحديات الجديدة : أعدت مؤسسة راند Rand دراسة- بتكليف من وزارة الدفاع الإيطالية- حول إمكانية إقامة حوار أطلسي – متوسطي، وقدمت نطاقاً موسعاً للبحر المتوسط، يمتد من البحر الأحمر إلى جبل طارق، ورأت مصادر تهديد الأمن الأوروبي تتمثل في قوسين للأزمات هما:

1- القوس الشرقي : يمتد من شمال أوروبا منحدرًا جنوبًا ما بين ألمانيا وروسيا والبلقان.

2-القوس الجنوبي : يشمل شمال أفريقيا البحر المتوسط فالشرق الأوسط وصولاً إلى جنوب آسيا(60).

   لكن الملاحظ أن القوس الشرقي قد تم ادماجه أو “إسكان” معظم دوله في معمارية الأمن الأطلسي، أو في البناء الأوروبي، غير أن الحلف أصبح يدرك أن عليه التعامل مع تحديات جديدة في القوس الجنوبي.

 وحسب الدوائر الأطلسية فقد تم ضبط التحديات التي تفرضها الضفة الجنوبية في:

1- صعوبة الفصل بين أولويات التحديات الأمنية الإستراتيجية في المتوسط (أولوية البعد العسكري أو أولوية الأبعاد الأخرى : اقتصادية، سياسية، ثقافية).

2- اعتبار الإسلام تحدياً جديداً في المتوسط، ويمكن ايضاح ذلك في النقاط الآتية:

أ- رغم تراجع دور الإيديولوجيا في السياسة الدولية، إلا أن الغرب لم يسقطها من رأيته الإستراتيجية، ومن ناحية أخرى تعتبر القومية والإسلام سمة مميزة لدول الضفة الجنوبية للمتوسط.

ب- إن فكرة الصراع توجد مبررًا لبقاء وتماسك الحلف، وهو ما حدث أثناء الحرب الباردة، لكن مع سقوط الاتحاد السوفياتي (العدو الأحمر)، كان هناك تحدٌٍ آخر استمرار الحلف وبقائه، ولتحقيق هذا الهدف، لم يكن أفضل من الإسلام (العدو الأخضر) باعتباره عدوًا جديدًا للغرب. فقد صرح الأمين العام السابق لحلف الأطلسي ويلي كلاس بأن: ” الإسلام عدو للغرب” (61).

   بالاضافة إلى أن هذا التفكير يجد تأصيله النظري في أطروحة صراع الحضارات، كما أن مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق زبيغينيو بريجنسكي قد أعلن ” الجهاد ” ضد الهلال الإسلامي الذي يمكن أن يشكل كتلة اقتصادية بامتداد غير محدد المعالم من شمال أفريقيا والشرق الأوسط (باستثناء إسرائيل) وجنوب غرب آسيا وإيران وباكستان ودول آسيا الوسطى وتركيا (إذا ما رفضتها أوروبا)، ويصل إلى حدود الصين حيث القواسم المشتركة مثل الإحساس الموحد بالاقتصاص من الغرب(62).

ج- وقوع العالم الإسلامي على طول منطقة الحواف، (Rim Land) ، وهي مؤثرة جدًا على الأمن الجيوليتيكي للأطلسي.

د- العودة القوية للإسلام السياسي لدى غالبية الهلال الإسلامي، وهو ما يعتبره الحلف تهديدًا لأمنه ومصالحه بالمنطقة.

ذ- النظر إلى الإسلام كعامل تغيير في الدول العربية، حيث يكون بصورة جدل حول فلسفة الحكم تارةً، وبصورة صراعات مسلحة للوصول إلى السلطة في أحيان أخرى، فهذه الصراعات الداخلية قد تدفع إلى تدفق موجات بشرية من الضفة الجنوبية إلى الضفة الشمالية، وانتقال هذه الصراعات إلى داخل أوروبا و بخاصة دولها الجنوبية ، من خلال المهاجرين والمواطنين من أصول عربية(63).

3- الانفجار الديموغرافي في دول الضفة الجنوبية، حيث يتوقع في غضون الربع الأول من القرن الحادي والعشرين أن يتجاوز سكان تركيا ومصر والجزائر والمغرب عدد سكان غرب أوروبا، وهذا النمو السكاني لا يوازيه تنمية اقتصادية واجتماعية، كما أنها لم تحقق تحولات ليبرالية جوهرية في الديمقراطية والحكم والحياة الاقتصادية.

4- اعتماد أوروبا المتزايد على موارد الطاقة المستوردة من الضفة الجنوبية، وتخوفها من انقطاع إمدادات النفط والغاز بسبب حدوث اضطرابات بها، أو في حال اندلاع حرب عربية – إسرائيلية، كما أن 65% من إمدادات الغاز والنفط تمر عبر المتوسط(64).

5- هناك تهديدات من القوس الجنوبي للأمن الأطلسي من خلال امتلاك دوله لتقنية عسكرية متطورة وأسلحة دمار شامل وصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، قادرة على الوصول إلى جنوب أوروبا على الأقل. وينعكس هذا الوضع على الأمن الأطلسي من ناحيتين هما:

أ- علاقة الأمن والاستقرار بين الأطلسي وجنوب المتوسط : يرى حلف الأطلسي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية أن إمتلاك دول عربية أو إيران لأسلحة دمار شامل أو صواريخ متوسطة وبعيدة المدى تشكل تهديدًا عسكريًا للمصالح الأطلسية، ففي حالة حدوث توتر حاد، قد تلجأ تلك الدول إلى هذه الأسلحة كملاذ أخير، وعندها قد لا يجد حلف الأطلسي الرد المناسب والسريع عليه، خصوصًا في حال عدم تماسك الحلف، وهو ما يجعل الولايات المتحدة أمام عمليات عسكرية منفردة أو مدعومة بعدد قليل من الدول، في وقت تتزايد فيه معارضة العمليات العسكرية التي تفتقد إلى الشرعية الدولية .

ب- توازن القوى : هناك قناعة أطلسية بأن امتلاك أية دولةٍ عربيةٍ لأسلحة دمار شامل أو صواريخ متوسطة أو بعدية المدى ستؤثر مباشرة على توازن القوى بين العرب وإسرائيل، وهو ما ينعكس مباشرة على عملية التسوية التي انطلقت منذ مؤتمر مدريد للسلام، كما يتوافق مع الالتزام الأمريكي بحرمان أي قوة إقليمية من إمكانية تحقيق سبق عسكري على إسرائيل لأنه سيفضي إلى هيمنة إقليمية تتعارض مع المصالح الأمريكية، وهو ما حدث للعراق(65).

6- تنطوي العلاقات العربية – العربية أو العلاقة العربية – المتوسطية والشرق أوسطية على عوامل صراع لا يستبعد أن تنفجر، مثل العلاقة بين تركيا وسوريا، تركيا والعراق، سوريا وإسرائيل… بسبب خلافات متعددة منها الخلافات حول الحدود والمشاكل الديموغرافية والأقليات والطوائف والصراع على الموارد وبخاصة النفط والغاز والمياه.

7- حاجة الحلف إلى توفير متطلبات قوة التدخل السريع، في مناطق الأزمات التي ستكون  الدول العربية أحد ميادينها، لذا يرأى الحلف ضرورة إشراك الدول العربية في تحمل نفقات هذه القوة، والحصول على التسهيلات المطلوبة، وكذا مراقبة الدول العربية للحؤول دون امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل أو الصواريخ قصيرة أو متوسطة المدى قادرة على تهديد الأمن الأورو – أطلسي.

   وقد عقد مؤتمر الأمن المتوسطي بحضور حكومات وأكاديميين من دول الحلف ومنظمات دولية ودول متوسطية غير أعضاء بالحلف وهي إسرائيل، مصر، تونس والمغرب، موريتانيا وممثلين عن اتحاد غرب أوروبا والاتحاد الأوروبي، وذلك في15- 17 أكتوبر1995م، وقد حدد المؤتمر التحديات في:

1- المجالات السياسية والاقتصادية.

2- التحول الاقتصادي هو ضرورة أساسية لإثبات الإرادة السياسية والاقتصادية.

3- التمييز بين الإسلام السياسي والمتشددين الإسلاميين الذين يشكلون تهديدًا لاستقرار المتوسط.

4- استكمال جهود الحلف التي يبذلها في شرق أوروبا بنظيرتها في الجنوب.

5- ضرورة عمل الحلف مع دول المتوسط غير الأعضاء فيه، وتحديد مفهوم للعدو الجديد(66).

ثالثًا: مبادئ الحوار : يرتكز الحوار الأطلسي – المتوسطي على المبادئ الآتية:

1- الملكية المشتركة : بمعنى أن الحوار هو عملية جماعية وغير قائمة على فرض قوالب وأفكار مسبقة، بل هي عملية تأخذ في الاعتبار الخصائص الإقليمية والثقافية والسياسية لجميع الشركاء، من أجل بناء علاقة تعاون تخدم المصالح المشتركة.

2- عدم التمييز والمفاضلة :حيث يتساوى جميع الشركاء في نفس أسس النقاش وتنفيذ الأنشطة المشتركة، غيرأن المشاركة تختلف من دولة لأخرى، وهذا حسب مصالح كل منها.

3- التكامل: حيث تكون عملية الحوار تتماشى مع المبادرات الدولية الأخرى مثل مبادرة الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا و مجموعة الدول الثمانية الكبرى، وكذا تنسيق السياسات والتعاون الأمني بين دول الحلف وشركائه.

4- التقدم: عملية الحوار الأطلسي – المتوسطي هي عملية تراكمية تساهم في توسيع نطاق التعاون، وكذا زيادة البلدان المشاركة فيه(67).

رابعًا: أهداف الحوار الأطلسي– المتوسطي : تسعى عملية الحوار إلى تحقيق الأهداف الآتية:

1- المساهمة في الأمن والاستقرار الدوليين.

2- تحقيق متسويات أفضل من الفهم المتبادل.

3- تبديد أي تصورات خاطئة لدى دول الضفة الجنوبية للمتوسط.

4- تعزيز علاقات الحلف مع جميع الشركاء في الحوار المتوسطي من خلال تعزيز الحوار السياسي القائم (69).

5- تحقيق قابلية تبادل التشغيل.

6- التعاون في مجال أمن الحدود.

7- تطوير الإصلاح الدفاعي.

8- المساهمة في مكافحة الإرهاب .

خامسًا: أهمية الحوار الأطلسي – المتوسطي : تتجلى أهمية الحوارالأطلسي- المتوسطي في النقاط الآتية:

1- هذه العملية تأخذ بعين الاعتبار طبيعة المنفعة المتبادلة من خلال:

أ- الحاجة للمضي قدمًا في العملية بالتشاور الوثيق مع بلدان الحوار المتوسطي.

ب- الاستجابة لمصالح بلدان الحوار المتوسطي واحتياجاته.

ج- إمكانية التمايز الذاتي مع المحافظة على وحدة الحوار المتوسطي وخاصيته غير التمييزية.

د- ضرورة التركيزعلى التعاون العملي في المجالات التي يمكن أن يقدم فيها الحلف قيمة مضافة.

ذ- الحاجة إلى ضمان تكامل هذا المسعى مع مبادرة إسطمبول للتعاون، بالاضافة إلى الجهود الدولية الأخرى، خصوصًا جهود الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا       و مجموعة البلدان الثمانية.

ر- إمكانية توسيع الحوار المتوسطي إلى البلدان المعنية الأخرى في منطقة البحر المتوسط على أساس كل حالة على حدى(68).

2- إن مبادرة الحلف رفع الحوار- المتوسطي إلى شراكة حقيقية هدفها العام المساهمة في الأمن والاستقرار الإقليمين، وهي تستند على المبادئ سابقة الذكر.

سادسًا: مجالات التعاون: ارتكزت جهود الحلف على توسيع وتعميق التعاون عبر النشاطات التي تتم تطويرها ضمن برنامج العمل السنوي الذي يضم ورش العمل والندوات وتطبيقات عملية أخرى، في واحد وعشرين مجالاً، منه:

1- تخطيط الطوارئ المدنية.

2- إدارة الأزمات.

3- إستراتيجية وسياسة الدفاع.

4- أمن الحدود.

5- مراقبة الأسلحة.

6- الأسلحة الصغيرة والخفيفة.

7- النشاط في مجال التخلص من الألغام المضادة للأفراد(69).

8- الإصلاح الدفاعي والاقتصاد الدفاعي.

9- التعاون العلمي والبيئي.

10- النشاطات الإعلامية .

11- مكافحة الإرهاب.

12- منع انتشار أسلحة الدمار الشامل(70).

   ويشمل البعد العسكري للبرنامج العمل السنوي توجيه دعوات لبلدان الحوار لمراقبة المناورات العسكرية أوالمشاركة فيها، وحضور الندوات وورشات العمل التي تنظمها القيادة الإستراتيجية للحلف، بالاضافة إلى دورات في مدرسة أوبراميرجاو التابعة للحلف بألمانيا، وكلية الحلف للدفاع بروما، ويشمل ذلك أيضًا زيارات القوات البحرية التابعة للحلف إلى موانئ دول الحوار و إجراء تدريبات ميدانية للمدربين من قبل فريق تدريبي متجول، وزيارات للخبراء قصد تقدير الإمكانات المتوفرة لمزيد من التعاون العسكري.

سابعًا: آلية الحوار: حتى انعقاد مؤتمر قمة مدريد في يوليو 1997م، كانت اللجنة السياسية للحلف الأطلسي هي الجهة العليا المسؤولة عن السياسة العامة للحوارالأطلسي – المتوسطي، في حين تولت الإدارة الدولية للحلف عملية المناقشات والاتصالات وتبادل المعلومات بين الحلف وأعضاء الحوار المتوسطيين. وفي قمة الحلف بمدريد تم تأسيس مجموعة التعاون المتوسطي للقيام على عملية الحوار الأطلسي– المتوسطي، وهي تحت اشراف مجلس شمال الأطلسي، وتعقد اجتماعاتها على مستوى المستشارين السياسيين بشكل منتظم لمناقشة الأمور المتعلقة بالحوار.

    وتعقد الاجتماعات بصيغة (26+1) بصفة منتظمة، وتهدف إلى تبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا المتعلقة بالحالة الأمنية في منطقة البحر المتوسط، وبحث طرق تطورأبعاد التعاون السياسية والعملية للحوار .

    كما تعقد الاجتماعات بصيغة (NAC + 7) التي تجمع مجلس شمال الأطلسي بالدول المتوسطية السبع غير الأعضاء في الحلف، وتعقد بشكل دوري، وتكون في العادة بعد اجتماعات الحلف الوزارية و قمم رؤساء الدول والحكومات… والهدف منها هو نقل المعلومات وإطلاع المسؤولين من دول الحوار المتوسطي على سياسات ومواقف الحلف تجاه بعض القضايا(71).

 ثامنًا: أبعادالحوار : ينطوي الحوار الأطلسي- المتوسطي على العديد من الأبعاد منها:

1- البعد السياسي : ينطوي الحوار الأطلسي المتوسطي على أهمية بالغة حيث تحقق عملية الحوارالأهداف السياسية الآتية:

أ- تغيير الخريطة الإداركية لدى الشعوب والدول المتوسطية غير الأطلسية حول دور ومهام الحلف، باعتباره تجمعًا عسكريًا تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ أهدافها التوسعية، من خلال مشاركتها في إطار (26 +1) كدولة أطلسية تشارك اهتمامات الحلف، بعيدًا عن مصالحها الضيقة ، حيث تولت اللجنة السياسية للحلف ومن بعدها مجموعة التعاون الأطلسي مسؤولية الاشراف على عملية الحوار لمواجهة التهديدات العسكرية بإجراءات سياسية وإدارة الأزمات بشكل جيد، من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في المتوسط.

ب- إن الحوار في إطار مجموعة التعاون المتوسطي يمنح فرصة تغليب الجانب السياسي على الجانب العسكري، الذي يثير مخاوف دول الجنوب، كما أن دول الحلف الأوروبية تركز على الأبعاد غيرالعسكرية للأمن، وهذا ما يضفي على العملية طابعاً شمولياً، يضم جميع  أبعاد الأمن التعاوني (72).

ج- يتيح الحوار السياسي عقد لقاءات بين الحلف والجانب الرسمي (الحكومي) وغيرالرسمي(أكاديميين وصحفيين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني…) من دول جنوب المتوسط، يتم خلالها تبادل المعلومات والتشاور واطلاع الطرف الآخر على سياسات الحلف وإقامة قنوات اتصال على مستويات مختلفة والاستعانة بها للسيطرة على الأزمات.

د- السعي إلى إنشاء ثقافة ومدركات جديدة في ميدان الأمن والتعاون في الفضاء المتوسطي باعتباره أسيرًا للصراع العربي– الإسرائيلي إقليميًا، وساحة للصراعات الدولية بين المعسكرين زمن الحرب الباردة، كما أنه اقتصر مفهوم الأمن على البعد العسكري ، وكذا أولويته في السياسة الداخلية والخارجية، وازالة التخوف من انعكاسات الانحياز الأطلسي إلى جانب إسرائيل في الصراع العربي– الإسرائيلي.

ذ- صعوبة حشد الدول العربية وتجنيدها عسكريًا في ميدان الأمن المتوسطي والشرق أوسطي دون غطاء سياسي، رغم النجاح في حرب الخليج الثانية، وهو ما يسمح باحتواء عواقب تحمل أعباء العمليات العسكرية المحتملة.

ر- إدراك حلف الأطلسي أن حاجته للأمن والدفاع تقتضي عدم الفصل بين الأمن المتوسطي والأمن الأوروبي، رغم إختلافهما في أبعاد الأمن السياسية والاجتماعية والاقتصادية…

ز- تخوف الحلف وبالذات الولايات المتحدة أن يناقش الحوار الأوروبي – المتوسطي قضايا ذات طبيعة غيرعسكرية، وهنا سيظهرالحلف على أنه الآلة العسكرية لتحقيق الأمن بعد  سقوط الاتحاد السوفياتي(73).

ص- التحولات التي حدثت على مستوى مهام الحلف بعد صياغة المفهوم الإستراتيجي وانشاء قوات المهام المجمعة المشتركة والمفهوم الإستراتيجي الجديد، وخاصة ما يتعلق بالاستجابة المرنة وإدارة الأزمات بعمليات عسكرية لغرض حفظ السلام وتثبيته، وهذا ما أثار معارضة دول الجنوب، ونجاح مهام الحلف الجديدة مرتبطة بالأوضاع السياسية داخل مناطق العمليات .

ض- من أهم أهداف نشاطات الحلف السياسية هو تأهيل بيئة الأمن المتوسطي وجعلها أكثر استعدادًا للتعامل مع عمليات عسكرية داخل المنطقة مباشرة أو في محيطها الإقليمي               أو الأطلسي.

2-البعد العسكري: يتم عقد اجتماعين سنويًا يأخذان طابع (26+7) للتشاور بشأن البرنامج العسكري، حيث يجتمع ممثلون عسكريون من كل دول الحلف والدول السبع المشاركة في الحوارالمتوسطي، كما تم عقد اجتماع للمرة الأولى على مستوى مسؤولي دفاع دول الحوار، وذلك في نوفمبر2004م. ومنذ ذلك الحين، يتم عقد اجتماعات على هذا المستوى وبشكل منتظم، وهذا تنفيذًا لمقررات قمة الحلف بإسطمبول التي دعت دول الحوار الأطلسي- المتوسطي للتركيز أكثر على البعد العملي.

 ويتم وضع معايير التعاون العملي بين الحلف والدول المشاركة في الحوار الأطلسي – المتوسطي في إطار برنامج عمل سنوي، يتضمن عقد منتديات للبحث وحلقات دراسية ونشاطات عملية أخرى في مجالات الدبلوماسية العامة والتعاون العلمي والبيئي والتخطيط لحالات الطوارئ المدنية وإدارة الأزمات وأمن الحدود والأسلحة الصغيرة والخفيفة والإصلاحات في مجال الدفاع واقتصاديات الدفاع ودراسة التهديدات الإرهابية وانتشار أسلحة الدمار الشامل(75).

كما يتضمن برنامج العمل السنوي، الأبعاد العسكرية الآتية:

1- قيام عناصر بحرية تابعة للحلف بزيارات إلى موانئ دول الحوار.

2- ارسال الحلف فرق التدريب لتنظيم برامج تدريب موقعي لتطوير مهارات المدربين في دول الحوارالجنوبية.

3- قيام خبراء من الحلف بزيارات لدول الحوار الجنوبية لتقييم إمكاناتها في تحقيق المزيد من التعاون في المجال العسكري.

4- الحاق عناصر وضباط من دول الحوار الجنوبية ببرامج دراسية ونشاطات أكاديمية أخرى في كل من كلية الحلف التي تشرف عليها القيادة العليا لقوات الحلف بأوروبا (Shape) التي توجد بمدينة أوبراميجاو Oberammergau الألمانية، وكلية الناتو الدفاعية بروما(76).

5- قيام دول الحوار الجنوبية بزيارات لمنشأت الحلف العسكرية.

6- توجيه الحلف دعوات لدول الحوار لحضور التمرينات والمناورات العسكرية التي تتم في إطار برنامج الشراكة من أجل السلام، أو حتى المشاركة فيها.

 كما أن الحوار الأطلسي – المتوسطي، يضمن للحلف تحقيق الأهداف الآتية:

1- إن إدارة العمليات في الحرب على العراق سنة1991م، كشفت عن مخاطر جسيمة أثرت على تنفيذها، وكانت قضية التنسيق بين دول حلف الأطلسي والدول المشاركة غير الأطلسية من حوض المتوسط والشرق الأوسط من أعقد القضايا بسبب اختلاف العقائد العسكرية وفن القتال ومنظومة الأسلحة… ولهذا أصبح من الضروري إقامة الحلف لحوار أمني ذي أبعاد عسكرية مع دول المتوسط غير الأطلسية، من أجل التدريب على التعاون العسكري خصوصًا في حال وجود عمليات يقوم بها الحلف أو مجموعة من أعضائه أو الولايات المتحدة داخل الفضاء المتوسطي(77).

2- من وجهة النظر الأطلسية والأمريكية تحديدًا، فإن الحوار الأطلسي – المتوسطي سيكبح اندفاع أوروبا في تبني سياسة ذات بعد عسكري وأمني في الفضاء المتوسطي، خصوصًا أن الولايات المتحدة لا يرجح لديها خيار تعدد المؤسسات ومراكز القرار في قضايا الأمن الأطلسي – الأوروبي .

3- إن مبادرة إيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال سنة 1995م، لإنشاء قوات أوربية،قادرة على التدخل في مناطق الأزمات لتحقيق الأمن والاستقرار بالمتوسط، تتوافق مع المفهوم الإستراتيجي الجديد للحلف، الذي أصبح المرجعية الإستراتيجية للمبادرة الأوروبية .

    كما أن هذه المبادرة تتكامل مع جهود بناء معمارية للدفاع والأمن الأوروبي، وهي أكثر ارتباطًا مع الحلف، حيث إن إقراره تكوين قوات المهمات المجمعة المشتركة أدى إلى أن تكون الخطوات الأوروبية المستقلة غير منفصلة عن أهداف الحلف العامة، كما تطالب الولايات المتحدة الأمريكية بأن تكون كل مبادرة أمنية أوربية في إطار الحلف، الذي هو المرجعية والضمان الأول لأمن المنطقة الأورو – أطلسية(78).

   وهنا يكون الحواران الأورو – متوسطي والأطلسي- المتوسطي متكاملين وغير متباينان في الحوار والتعامل مع الأمن المتوسطي، الذي هو مكمل للأمن الأورو- أطلسي. وتجدر الإشارة إلى أن كلاَُ من الأردن ومصر والمملكة المغربية كانت قد تعاونت عسكريًا في عمليات يقودها الحلف بالبوسنة والهرسك في إطار القوة الدولية( (IFORو قوة تحقيق الاستقرارSFOR)) وفي إطار قوة كوسوفو KFOR)) ، كما قدمت إسرائيل مستشفى ميدانياً بكامل طاقمه وتجهيزاته لمساعدة لاجئي كوسوفو، أما من خارج دول الحوار المتوسطي، فقد قامت الإمارات العربية المتحدة بارسال فرقة عسكرية كبيرة إلى كوسوفو، كما ساهمت أيضًا في إصلاح مطار كوكس الألباني وإعادة تشغيله، الذي كان قد دمرته القوات اليوغوسلافية(79).

تاسعًا: تقييم الحوار الأطلسي – المتوسطي : واجهت عملية الحوار الأطلسي العديد من الصعوبات والتحديات، نذكر منها:

1- إن بقاء العديد من الدول العربية خارج عملية الحوار سيجعل منها هدفًا للدفاع الجماعي الذي يسعى الحلف لتعظيمه من خلال الحوار.

2- غياب آليات فعالة للحوار والتعاون التي لم تظهر إلا بعد قمة إسطمبول2004م.

3- ارتباط الحلف بالقوى الاستعمارية التي احتلت معظم الدول العربية، وهذا ما أثًر على إدراك الرأي العام وصناع القرار على حد السواء.

4- محدودية الاهتمام الأطلسي بعملية الحوار من حيث الوقت والموارد (العناصر البشرية والمالية) مقارنة مع مبادرة الشراكة من أجل السلام مثلاً.

5- يتيح نهج الحوار المنفرد مع حلف الأطلسي فرصة نادرة له للتفاوض والمساومة من موقف قوة وضغط، فصورة الأمن المتوسطي تأخذ أبعادها الشاملة عند الحلف، بينما تكون مدركات المتحاورين المتوسطين غير الأطلسيين في الأمن محدودة وجزئية، وبالتالي فإن مواقفهم التساومية ضعيفة أمام حلف الأطلسي صاحب النظرة الواسعة والمصالح الكلية.

7- التوجس من السياسة الخارجية الأمريكية وبخاصة بعد احتلال العراق.

8- التخوف العربي من نوايا الحلف الحقيقية وأهدافه، ومن سيواجه الحلف في القرن الحادي والعشرين .

9- إن الدول العربية هي في حد ذاتها موضوع توجس أمني لدول الحلف أكثر من كونها طرفاً مشاركاً في الحوار الأمني .

10- الفهم المختلف للمسائل الأمنية المطروحة في الحوار، وبالتالي الاختلاف في طريقة معالجتها، مثل قضية الإرهاب والمقاومة.

11- قلة المعلومات حول التطورات الإستراتيجية ونوايا الحلف وأهدافه في منطقة حوض المتوسط .

12- انعدام التشاور عند ضبط الخطط وتطوير البرامج في إطار الحوار الأطلسي – المتوسطي.

13- تجاهل حاجيات بلدان الحوار أوالاستجابة لها بصورة جزئية لدى صياغة المقترحات.

المطلب الثاني : مبادرة إسطمبول للتعاون :

   بعد هجمات11سبتمبر2001م، وتعاظم التهديدات التي مصدرها القوس الجنوبي للأزمات     و تواضع نتائج الحوار الأطلسي- المتوسطي، والعدد المتزايد من مبادرات الإصلاح الشامل في الدول العربية… سعى حلف شمال الأطلسي إلى تقوية الحوار الأطلسي المتوسطي القائم منذ 1994م، وتوسعيه ليشمل دول أخرى بالمنطقة من خلال مبادرة إسطمبول للتعاون، وذلك في قمة الحلف بإسطمبول في 28 و29 يونيه 2004م.

أولا : مبادئ المبادرة : حسب وثيقة مبادرة إسطمبول للتعاون، فإن المبادرة تقوم على المبادئ الآتية:

1- مراعاة أفكار دول المنطقة ومنظماتها الإقليمية.

2- هي مبادرة تعاونية ممثلة للمصالح المشتركة والمتبادلة بين الحلف ودول المنطقة، مع مراعاة التباين في ما بينها.

3- استقلالها وتكاملها مع بعض المبادرات مثل مبادرة الحوار الأطلسي- المتوسطي، ومبادرة مجموعة الثمانية والاتحاد الأوروبي، كما تأخذ المبادرة – بحسب ما هو ملائم- من أدوات وآليات المبادرات الأخرى التي وضعها الحلف مثل مبادرة الشراكة من أجل السلام.

4- التركيز على المجال العملي والعسكري خصوصًا في قضايا الدفاع والأمن(80).

5- إن هذه المبادرة لا تفتح المجال لعضوية حلف الأطلسي أو مجلس الشراكة الأوروبية – الأطلسية أو مبادرة الشراكة من أجل السلام، كما أنها لا تكفل الأمن لأحد.

    وفي مؤتمر” تحولات النيتو و الأمن في الخليج”، الذي نظمته وزارة الخارجية القطرية  في 19و 20 إبريل 2004م، حدد الأمين العام للحلف ياب دي هوب سخيفر المبادئ الأساسية التي تقوم عليها المبادرة في النقاط الآتية:

 -1مبدأ التعاون العملي : ويشمل مجال مكافحة الإرهاب وأمن الحدود وإدارة الأزمات والتخطيط لحالات الطوارئ المدنية…

 -2 مبدأ الملكية المشتركة:  هو إدراك دول مبادرة إسطمبول للتعاون لنفسها على أنها مساهمة في المجهود التعاوني.

3 مبدأ التكامل : ويكون من خلال تشجيع التعاون والانسجام في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية… وكذا إقرار التكامل مع المبادرات السابقة(81).

ثانياً : هدف المبادرة : حددت وثيقة مبادرة إسطمبول للتعاون أهدافها في النقاط الآتية:

1- المساهمة في الأمن العالمي والإقليمي على المدى البعيد بغرض التعاون الثنائي .

2- مساهمة الحلف في تعزيز الجهود التي تبذل لخدمة الإصلاحات في مجالات الديموقراطية والمجتمع المدني وإقامة روابط جديدة مع دول المنطقة.

-3 تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة عبر الإجراءات الآتية:

أ-  تشجيع التعاون العملي مع حلف الأطلسي من خلال المشاركة في العمليات التي يقودها الحلف.

ب- تعزيز قدرات دول المنطقة في مواجهة التحديات والتهديدات المشتركة في مجالات مكافحة الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل وتهريب الأسلحة من خلال الخبرة والدعم الذي يقدمه الحلف(82).

 – 4تطوير الحوار السياسي بين دول المنطقة والحلف في القضايا المشتركة.

 -5مشاركة قوات من دول جنوب المتوسط في عمليات يقودها الحلف.

-6 مشاركة دول جنوب المتوسط في عمليات حفظ سلام يقودها الحلف(83).

7- التركيز على المجالات التي يقدم فيها الحلف قيمة مضافة لاسيما في المجال الأمني .

ثالثاً : مجالات التعاون : يمكن تلخيص مجالات التعاون في النقاط الآتية:

1- تقديم الاستشارة خاصة في مجال التخطيط للدفاع والعلاقات المدنية-العسكرية وإصلاحات الدفاع، حيث أطلق الحلف مبادرة الإصلاح الدفاعي لبناء أنموذج توازن القدرات العسكرية بين دول المنطقة، إلا أنه سيعمل بشكل ثنائي مع كل دولة على حدى(84) وهنا ربطت  إسرائيل بين الإصلاح في قدراتها العسكرية التقليدية وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع جميع الدول العربية المشاركة في الحوار.

2- تشجيع التعاون العسكري – العسكري للوصول إلى تبادل التشغيل، من خلال المشاركة في مناورات وتمرينات معينة وما يرتبط بها من نشاطات تعليمية وتدريبية معززة لقدرات الدول المشاركة.

3- دعوة دول المنطقة للحضور أو المشاركة في مناورات عسكرية معينة تنفذ في إطار مبادرة الشراكة من أجل السلام.

4- مكافحة الإرهاب، فقد طرح إنشاء مجلس إقليمي أوسطي لمكافحة الإرهاب، والذي يضم دول مجلس التعاون الخليجي وباكستان وأفغانستان، وتمثل فيه الدول بوزير الداخلية والخارجية، والهدف منه من جهة هو التنسيق بين هذه الدول عبر الإعداد للخطط الأمنية الداخلية، وبينها وبين الحلف من جهة أخرى، والقيام بعمليات عسكرية مشتركة ضد الدول والجماعات الإرهابية أو ضد الدول والجماعات التي تؤوي أو تقوم بمساعدة الإرهابيين(85).

5- تبادل المعلومات والتعاون البحري، حيث تم دعوة الدول المهتمة للمشاركة في عملية المسعى النشط، وتعزيز إمكانياتها في مجال الدفاع والردع واحباط النشاطات الإرهابية عبر البحر.

6- المساهمة في مواجهة تهديدات أسلحة الدمار الشامل ووسائط إيصالها. (86)

7- تشجيع التعاون في مجال أمن الحدود ومكافحة الجريمة المنظمة والمتخطية للحدود وعمليات تهريب الأسلحة الخفيفة والتهريب غير المشروع عبرالاستفادة من خبرات الحلف ومن البرامج المناسبة التي تنفذ في إطار مبادرة الشراكة من أجل السلام وفي مراكز التدريب التابعة للحلف.

8- تشجيع التعاون في مجال التخطيط لحالات الطوارئ المدنية، عبر النقاط الآتية:

أ- دورات الحلف التدريبية في مجالات التخطيط لحالات الطوارئ المدنية والتنسيق المدني -العسكري، والتعامل مع الأزمات الناجمة عن التهديدات البرية والبحرية والجوية.

ب- دعوة الدول المهتمة للحضور أو المشاركة في مناورات أو تدريبات عسكرية ذات علاقة بالطوارئ المدنية تنفذ في إطار مبادرة الشراكة من أجل السلام.

رابعاً : آلية عمل مبادرة إسطمبول للتعاون : تم إنشاء مجموعة مبادرة إسطمبول للتعاون،   وتتكون من وفود الدول الأعضاء في الحلف، وتقوم المجموعة بتحديد إجراءات تطوير قائمة من الأنشطة العملية مع البلدان المهتمة وضمان تنفيذها بنجاح، كما ترفع تقارير إلى اللجنة السياسية العليا بالحلف، وتمهد للقرارات التي سيعتمدها مجلس شمال الأطلسي بشأن مبادرة إسطمبول للتعاون، وستكون صيغة المشاركة على أساس (26+1).

   وقد اتخذ الحلف صيغة(26+1) في الحوار الأطلسي – المتوسطي ، أيضاً في مبادرة إسطمبول، للتعاون لعدة أسباب منها:

 -1وضع خطط فردية و متابعة تنفيذها.

 -2تناسب خطط الإصلاح مع أوضاع كل دولة مشاركة.

3- تباين دول جنوب المتوسط في القدرات العسكرية، وتمايزها في أشكال التحديات والتهديدات التي تواجهها(87).

 4- صعوبة وضع خطة عمل تشمل دول الحلف ودولاً عربية وإسرائيل بسبب الصراع بين إسرائيل والدول العربية.

– 5 تفادي بعض المشاكل السياسية مثل اشتراط الحلف عدم الربط بين مبادرة التعاون أو الحوار المتوسطي والصراع العربي الإسرائيلي، وهذا ما تعترض عليه الدول العربية، ومن هنا كان تصميم الحلف للعلاقة على أساس فردي أي (1+26) وذلك لضمان المشاركة العربية.

 -6صعوبة تحقيق بعض أهداف التعاون و منها منع الانتشار النووي أو حيازة أسلحة الدمار الشامل بسبب حيازة إسرائيل الحصرية لهذا السلاح في المنطقة، وبالتالي صعوبة وضع قاعدة عامة تحكم العلاقة بين دول الحلف والدول العربية.

 -7تقاسم إسرائيل دول الحلف التراث المسيحي اليهودي المؤسس لحلف الأطلسي، وكذا علاقاتها الإستراتيجية المميزة مع القوى الأساسية في الحلف، وهو ما سمح لها بتوقيع اتفاق تعاون فردي مع الحلف في 16أكتوبر 2006م، وهو أول برنامج تعاوني فردي يوقعه الحلف مع دولة خارج النطاق الأورو- أطلسي (88).

 -8التخوف من توافق عربي حول صيغة جماعية مشتركة قد تتعارض جزئيًا أو كليًا مع أجندة الحلف التفاوضية، وهو ما يدعم الموقف التفاوضي للدول العربية مع الحلف، ويصٌعب من انفراد الحلف بأية دولة عربية، لأن العمل بصيغة(26+1) هي عملية محسومة النتائج مسبقًا لصالح الحلف، لفارق الامكانات والتكنولوجية والاحترافية والهندسة الأمنية في ما بين دول الحلف .

   فهذه المبادرة موجهة لتوسيع نطاق عمل الحلف مع أكبر عدد ممكن من دول المنطقة، حيث استهدفت أساسًا دول مجلس التعاون الخليجي فقبل إطلاق المبادرة، زار نائب الأمين العام للحلف السفير مينوتو ريتزو دول مجلس التعاون الخليجي، لإجراء مباحثات استطلاعية على مستوى رفيع لمعرفة مدى الاهتمام بهذه المبادرة. وبعد أشهر من إعلانها قام مينوتو ريتزو بزيارة ثانية أسفرت عن التحاق كل من البحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة بالمبادرة في يونيه 2005م .

خامساً: أسباب انضمام دول الخليج إلى المبادرة : ترجع أسباب التحاق دول الخليج إلى  مبادرة إسطبول للتعاون إلى الأسباب الآتية:

1- انهيار نظرية أمن الخليج من خلال توازن القوى الدولية والإقليمية، التي كان مؤداها أنه لا يمكن لأي قوة دولية أو إقليمية أن تهدد أمن دول مجلس التعاون الخليجي بسبب حجم المصالح العالمية بالمنطقة، إلا أنها بدأت في التصدع منذ قيام الثورة الإسلامية بإيران سنة 1979م ، وسقطت بعد الاجتياح العراقي للكويت. وهنا بدأت دول مجلس التعاون الخليجي بالبحث عن مظلة عسكرية دولية للحماية من التهديدات الإقليمية(89) .

2- فشل دول الخليج في بناء قوة عسكرية وطنية أو جماعية (قوة درع الجزيرة)، قادرة على حماية أمن المنطقة واستقرارها .

  ويرجع هذا الفشل إلى:

أ- التباين الشديد في إدراك مصادر التهديدات وفي كيفية مواجهتها.

ب- تواضع القدرات البشرية لدى معظم دول الخليج (باستثناء السعودية التي بلغ عدد سكانها سنة 2006م أكثر من 23.6مليون نسمة) التي تسمح ببناء قوة عسكرية رادعة للتهديدات الخارجية .

ج- غياب الإرادة السياسية الحقيقية لبناء مؤسسة عسكرية تتناسب مع الأعباء الدفاعية، وهذا تخوفًا من بروز طموحات سياسية لدى قادتها تتجاوز حدود صلاحياتهم العسكرية، وهذا ما يدفعهم إلى القيام بانقلابات عسكرية تنهي نظم الحكم القائمة(90) .

د- تباين الرؤى بين الدول المشاركة في قوة درع الجزيرة حول قيادة القوة والعنصر البشري المكون لها -الذي يغلب عليه العنصر السعودي- ومقر مركز القيادة والميزانية المقررة للقوة وكيفية تحمل الأعباء…

3- انهيار القوة العسكرية العراقية خاصةً بعد حل الجيش العراقي، وهو ما سمح بتفوق إستراتيجي كاسح لإيران على دول المنطقة.

 – 4 إن التعاون مع حلف الأطلسي يشمل مجالات الأمن الناعم، كما أنه لا يضمن الأمن لأحد، وهذا عكس، العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة ، وهو ما يسمح بالتنسيق والتكامل.

سادساً : أسس التعاون الأمني بين حلف الأطلسي ودول مجلس التعاون الخليجي : يقوم التعاون الأمني بين حلف الأطلسي ودول مجلس التعاون على أساس النقاط الآتية:

1– استمرار الدور الأساسي للولايات المتحدة في ميزان القوى والترتيبات الأمنية القائمة، حيث توفر مظلة أمنية وعسكرية تقليدية ونووية ضد بعض دول المنطقة.

2- تطوير التحالف الجماعي بين دول الخليج، حيث تم التوصل سنة 1999م، إلى اتفاقية الدفاع المشترك لدول الخليج العربية، ثم إنشاء مجلس الدفاع المشترك.

3- تكامل الترتيبات الأمنية المقترحة من طرف الحلف مع الترتيبات القائمة مع الولايات المتحدة الأمريكية . (92)

سابعاً :  مجالات التعاون بين حلف الأطلسي ودول مجلس التعاون الخليجي : يمكن لحلف الأطلسي المساهمة في تحقيق أمن الخليج من خلال تقديم خبراته في المجالات الآتية :

 -1قيادة عمليات موحدة.

 -2تدفق المعلومات وتبادلها.

 -3أمن الطاقة والامدادات (93).

-4 مكافحة الإرهاب خصوصًا بعد إقرار المفهوم العسكري الأطلسي لمكافحة الإرهاب منذ سنة 2002م (*) .

 -5إجراء التدريبات والمناورات المشتركة للوصول إلى قابلية التشغيل المتبادل.

6- ادخال المفهوم الأوروبي للتكامل ثم الوحدة على تجربة الاندماج الإقليمي الخليجية.

ثامناً : الدور المحتمل لحلف الأطلسي في أمن الخليج : يسعى الحلف إلى الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها من خلال إرساء آليات شراكة وتعاون مع دول مجلس التعاون تستند إلى:

1- إقامة موانئ بحرية قادرة على استيعاب قطع بحرية وبوارج حربية تابعة للحلف، حيث وقًعت الكويت اتفاقية العبور مع الحلف وتشمل العبور الآمن للمعدات والأفراد(94) .

2- إنشاء قواعد عسكرية ومخازن إستراتيجية لاستخدامها في الإمداد والدعم اللوجستي في مهامه المحتملة.

3- إنشاء قوة تدخل سريع قادرة على التدخل ضد تهديدات المصالح الحيوية مثل أبار البترول وخطوط نقله…

4- زيادة حجم المساهمة الخليجية في تحمل الأعباء والنفقات المالية الضرورية للأمن الخليجي.

5- توسيع التعاون الاستخباراتي ورصد الحركات السياسية والعسكرية المناوئة للمصالح الغربية.

 -6المساهمة في عملية التحول الديموقراطي في النظم الخليجية من خلال المشاركة في مشروع الشرق الأوسط الكبير.

7- حفظ السلم والأمن في منطقة القرن الإفريقي وتأمين العبور الآمن للسفن البحرية، التي تتهددها هجمات القراصنة في الصومال، وذلك من خلال تطبيق القرار رقم 1838 الصادر عن مجلس الأمن في 7 أكتوبر2008م، الداعي إلى مشاركة قوات الحلف في مكافحة  القرصنة قبالة سواحل الصومال(95) .

 8- قيام الحلف بعملية حفظ السلام، بين الفلسطينيين والإسرائيليين حيث أشار الأمين العام للحلف ياب دي هوب سخيفر في لقاء مع قناة الجزيرة في برنامج لقاء اليوم، أن الحلف  مستعد للقيام بهذا الدور، بشرط توفر ثلاثة شروط أساسية، هي :  

أ – توصل الأطراف المعنية إلى اتفاق بشأن النزاع القائم بينهما.

ب- إذا طلبت تلك الأطراف من الحلف أن يساعدها على تطبيق ذلك الاتفاق.

ج- إذا كان هناك قرار صادر عن مجلس الأمن خاص بهذا الشأن (96).

9-  مساهمة الحلف في تدريب الجيش العراقي الجديد وتقديم العون التقني له، بالإضافة إلى توفير بعض التجهيزات الضرورية لمساعدته على أداء واجباته وتحضيره لتسلم الملف الأمني، حيث ساهمت النرويج بتدريب عدد من الضباط العراقيين في مراكز الحلف المشتركة الموجودة بها وتشمل هذه التدريبات مجالات إجراءات الحلف للإعلام والمخابرات، عمليات دعم السلام، التعاون المدني العسكري، إجراءات التخطيط العملياتي لحلف الأطلسي، وحماية المدنيين، العمليات العسكرية الطبية ودور المنظمات الدولية وغير الحكومية والوصول إلى تبادلية التشغيل(97).

المطلب الثالث : مقارنة بين مختلف مبادرات الحلف للتعاون  :

    يمكن إرجاع إقامة العلاقات الأطلسية المتوسطية بصيغة الحوار – التعاون بدلاً من الشراكة – التوسع مثلما هو قائم مع دول شرق و وسط أوروبا، إلى بيئة الأمن في الفضاء المتوسطي تصلح لمعمارية الحوار- الشراكة، رغم التأكيد المتكرر الصادر من الأوساط الإستراتيجية الأطلسية والأوروبية، بأن الفصل بين الفضاء الأطلسي- الأوروبي والفضاء المتوسطي لا يصلح عمليًا، فثمة صلة ربط إستراتيجية متينة بين الفضائين، لكن البيئة الأمنية لكل منهما تختلف من حيث:

1- الناحية التاريخية لم يمثل البحر المتوسط مجالاً أمنيا وميدانًا حربيًا شديد الخطورة على ميزان القوى في العلاقات بين القوى الأوروبية منذ الحروب النابوليونية حتى نهاية الحرب الباردة بالمقارنة مع وسط أوروبا.

2- الأهمية المطلقة لجيوبوليتيكا وسط وشرق أوروبا بالنسبة للأمن الأوروبي ، مقابل الأهمية النسبية لجيوبوليتيكا المتوسط ، الذي تراجعت أهميته الجيوإستراتيجية في دالة الأمن العسكري للحلف بعد أن كانت مياهه الخط الخلفي في إستراتيجية احتواء الاتحاد السوفياتي، وتنوع مصادر التهديد غير العسكرية.. (98).

3- الاختلاف في حجم تهديدات بيئة وسط و شرق أوروبا والبيئة المتوسطية التي لا تشكل تهديدًا لبقاء الدول الأوروبية لاعتبارات الآتية :

أ- عدم حيازتها للأسلحة النووية مثل الاتحاد السوفياتي.

ب- افتقارها لعقيدة أمنية مشتركة أو لإستراتيجية عسكرية قائمة على إيديولوجيا عالمية .

ج- أنها لاتشكل حلفاً ولا تتمحور حول قوة جيوبوليتيكية مركزية كتلك التي كان عليها  الاتحاد السوفياتي.

4- التخوف من إعادة تشكيل تكتل شرقي محوره روسيا القوة النووية والجيوبوليتيكية،      وتشديد الحلف على أن التوسع هو الغاية النهائية أو الحد الأعلى للشراكة، مع استثناء روسيا من ذلك للحفاظ على جوهر الحلف القائم على الدفاع الجماعي، وهنا تكون الشراكة هي الغاية حيث إن بقاء روسيا والصين خارج عضوية الحلف سيكون حالة من حالات الحرب الباردة، التي منحت للحلف معناه الإستراتيجي، فالشراكة ستنقل تلك العلاقات من حالة الصراع الذي ساد في أغلب فترات الحرب الباردة إلى حالة التعاون (99).

 -5إن اعتماد الحلف صيغة الحوار – الشراكة ستكون مرضية لجميع الأطراف الأطلسية، حيث يتم احتواء دول جنوب أوروبا الأطلسية دون انفرادها بالفضاء المتوسطي.

6- استعداد دول شرق ووسط أوروبا لعضوية الحلف هو سبب اتباعه سياسة التوسع شرقًا، في حين نجد أن الدول العربية غير مستعدة لذلك ، فكانت صيغة الحوار والشراكة بديلاً عن الشراكة  – التوسع.

-7  ارتباط الحلف تاريخيًا بالقوى الاستعمارية، وهو ما يثير حفيظة الدول العربية، فالتركيز الأولى على الجانب العملي أو العسكري سيكون مثار حفيظة هذه الدول وبالتالي فإن الحوار السياسي هو الصيغة الأكثر قبولاً.

8- افتقار الحوار الأطلسي – المتوسطي إلى وثيقة أساسية مماثلة لما هو موجود في مبادرة الشراكة من أجل السلام .

المراجع :

(1) خليفة مراد، التكامل الاقتصادي العربي في ضوء الطروحات النظرية والمرجعية القانونية، رسالة ماجستير( الجزائر : جامعة باتنة ، 2006م ) ، ص210 .

(2) شمعون بيريز، الشرق الأوسط الجديد، ترجمة عبد الحافظ حيلمي (عمان، دار الأهلية، 1994م) ، ص 67 .

(3) شمعون بيريز، الشرق الأوسط الجديد ، المرجع نفسه، ص72 .

(4) محمود عبد الفضيل، مشاريع الترتيبات الاقتصادية الشرق أوسطية ، مجلة المستقبل العربي ، العدد179 (بيروت : 1994م ) ، ص93 .

(5) نيرمين السعدني، مؤتمرات التعاون الشرق أوسطي: الإيجابيات والسلبيات ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 127( القاهرة : 1997م) ، ص250 .

(6) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية: حقبة ما بعد الحرب الباردة ( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 2007م)، ص 158 .

 (7) Bernard Lewis , Rethininking The Middle East , Forgeign Affairs , Vol . 71 . No .4. 1992. PP, 99 – 119 .

(8) جميل مطر وعلي الدين هلال ، النظام الإقليمي العربي : دراسة في العلاقات السياسية العربية (بيروت : مركز  دراسات الوحدة العربية ، 1986م، ) ، ص 29 .

(9) شمعون بيريز، الشرق الأوسط الجديد، المرجع السابق ، ص 67 .

(10) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية : حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع السابق ، ص165 .

(11) جلال أحمد أمين، مشروع الشرق أوسطية ومشروع النهضة العربية، مجلة المستقبل العربي ، العدد178 ( بيروت : 1993م) ، ص42 .

(12) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية: حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع السابق ، ص161 .

(13) شمعون بيريز، الشرق الأوسط الجديد ، المرجع السابق ، ص ص193-196 .

(14) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية : حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع السابق ، ص166 .

(15) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية : حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع نفسه ، ص 168 .

 (16) أسامة فاروق مخيمر، التعاون المتوسطي ، رسالة ماجستير منشورة (القاهرة : مركز المحروسة للبحوث و التدريب و النشر ، 1998م ) ، ص94 .

(17) أسامة فاروق مخيمر، التعاون المتوسطي ، المرجع نفسه، ص164 .

(18) أسامة فاروق مخيمر، التعاون المتوسطي ، المرجع نفسه ، ص166 .

(19) خليفة مراد، التكامل الاقتصادي العربي في ضوء الطروحات النظرية و المرجعية القانونية، المرجع السابق ، ص231

(20) خليفة مراد، التكامل الاقتصادي العربي في ضوء الطروحات النظرية و المرجعية القانونية ، المرجع نفسه ، ص 232 .

(21) أسامة فاروق مخيمر، التعاون المتوسطي ، المرجع السابق ، ص140 .

(22) أسامة فاروق مخيمر، التعاون المتوسطي ، المرجع نفسه ، ص 143.

(23) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية : حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع السابق ، 177 .

(24) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية : حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع نفسه ، ص 181 .

(25) د- نوار محمد ربيع، اتجاهات الأمن الأوروبي بعد الحرب الباردة : دراسة في الأمن الأطلسي و المتوسطي، أطروحة دكتوراه ( بغداد : جامعة بغداد ، 2002م ) ، ص239 .

(26) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية : حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع السابق ،183 .

(27) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية: حقبة ما بعد الحرب الباردة، المرجع نفسه ، ص 183 .

(28) د- مصطفى صايج، الاتحاد من أجل المتوسط ومصير برشلونة، مجلة السياسة الدولية، العدد 174 (القاهرة ، 20008 م) ، ص139.

(29) Bertrand Badie Et Beatrice Didiot, L’Etat Du Monde ( Paris : La Decouverte , 2007 ) ,  PP . 386-387 .

 (30) د- مصطفى صايج، الاتحاد من أجل المتوسط ومصير برشلونة، المرجع السابق، ص 141 .

(31) د- مصطفى صايج، الاتحاد من أجل المتوسط ومصير برشلونة، المرجع نفسه ، ص 142 .

(32) د- مصطفى صايج، الاتحاد من أجل المتوسط ومصير برشلونة، المرجع نفسه، ص 143

(33) إيناس إبراهيم، دعم الديموقراطية في الشرق الأوسط : المبادرات الأوروبية ، العدد 2       ( القاهرة : مركز لأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، 2005م )، ص 9 .

(34) د- حسن أبوطالب وآخرون، التقرير الإستراتيجي العربي 2003 –  2004، (القاهرة : مركز الأهرام للدرايات السياسية والإستراتيجية، 2004م ) .

(35) د- حسن أبوطالب وآخرون، الاتحاد الأوروبي والمتوسط: مبادرات جديدة، المرجع نفسه، ص161 .

(36) د- حسن أبوطالب وآخرون، الاتحاد الأوروبي و المتوسط : مبادرات جديدة، المرجع نفسه، ص 158 .

(37) د- حسن أبوطالب وآخرون، الاتحاد الأوروبي و المتوسط : مبادرات جديدة، المرجع نفسه ، ص 159 .

(38) د- عمرو حمزاوي، توسيع الاتحاد الأوروبي: التحديات والفرص، مجلة السياسة الدولية، العدد 157 (القاهرة : 2004 ) ، ص 88 .

 

 (39) النص الرسمي لمبادرة الاتحاد من أجل المتوسط :                                 www.diplomacie.gouv.fr.php3?id_article

(40) سامية بيبرس، الاتحاد من أجل المتوسط ومستقبل الشراكة الأورو- متوسطية، مجلة السياسة الدولية، العدد 174 (القاهرة : 2008 ) ، ص 133.

(41) النص الرسمي لمبادرة الاتحاد من أجل المتوسط                :  www.diplomacie.gouv.fr.php3?id_article

(42) النص الرسمي لمبادرة الاتحاد من أجل المتوسط :                         www.diplomacie.gouv.fr.php3?id_article

(43) سامية بيبرس، الاتحاد من أجل المتوسط ومستقبل الشراكة الأورو- متوسطية، المرجع السابق ، ص ص135 – 136

(*) للمزيد أنظر: النص الرسمي لمبادرة الاتحاد من أجل المتوسط :

=2053                                        www.diplomacie.gouv.fr.php3?id_article

(44) عاطف الغمري، الشرق الأوسط الكبير(القاهرة : كتاب الحرية ، 2004م ) ، ص 8.

(45) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية: حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع السابق ، 403 .

(46) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية: حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع نفسه ، ص 408.

(47) عاطف الغمري، الشرق الأوسط الكبير، المرجع السابق ، ص 128 .

(48) عاطف الغمري، الشرق الأوسط الكبير، المرجع نفسه ، ص 100 .

(49) خليل العناني، الشرق الأوسط الكبير، مجلة السياسة الدولية، العدد 156(القاهرة، 2004م)، ص 100.

(50) د- أحمد سليم البرصان، مبادرة الشرق الأوسط الكبير: الأبعاد السياسية والإستراتيجية، مجلة السياسة الدولية، العدد 158 (القاهرة ،20004م ) ، ص45.

(51) النص الرسمي لمبادرة الشرق الأوسط الكبير :  www.usinfo.state.gov

(52) النص الرسمي لمبادرة الشرق الأوسط الكبير :                  www.usinfo.state.gov

(53) علي عبد الصادق، الناتو الشرق الأوسط الكبير، مجلة السياسة الدولية، العدد 163 (القاهرة ، 2006م )، ص ص 160 – 161 .

(54) عاطف الغمري، الشرق الأوسط الكبير، المرجع السابق ، ص223 .

(55) د- كاظم هاشم نعمة، حلف الأطلسي (طرابلس : منشورات أكاديمية الدراسات العليا، 2003م ) ، ص ص254- 257.

(*) للمزيد أنظر الصفحة 200 ومابعدها .

 (56) www.nato.int /douc /mediterranean / secopmed-fr-pdf

(57) د- عماد جاد، حلف الأطلسي : مهام جديدة في بيئة أمنية مغايرة ، رسالة دكتوراه منشورة ( القاهرة : مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية ، 1998م ) ، ص 166 .

(58) د- ناظم عبد الواحد الجاسور ، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية : حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع السابق ، 202 .

(59) www.nato.int /douc /pr /1997 /p 97 /-081f . htm

    (60) RD.Asmus.FS.Larrabee , I.O.Lesser ,Mediterranean Security : new Challenges New Tasks , nato review ,vol .44.No,3, 1996 .pp .25 -31 .

(61) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية : حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع السابق ، 195 .

(62) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية : حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع نفسه ، ص 196.

(63) د- ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية: حقبة ما بعد الحرب الباردة ، المرجع نفسه ، ص 261 .

(64)  د- كاظم هاشم نعمة، حلف الأطلسي، المرجع السابق ، ص263 .

(65) د- كاظم هاشم نعمة، حلف الأطلسي، المرجع نفسه ، ص ص 264 – 265 .

 

(66) F.Setephen Larrabee , Carla Thorson , Mediterranean Security : New Issues And Challenges in : www.rand.org /pubs / conf / proceedings/cf 122.

(67) www.nato.int / douc / mediterranean /secopmed-fr.pdf

(68) www.nato.int /med-dial –fr . pdf

(69) www.nato.int /med-dial /  home .htm

(70) www.nato.int /med-dial /  home -fr .htm

(71) www.nato.int /med-dial –fr . pdf

(72) د- كاظم هاشم نعمة، حلف الأطلسي، المرجع السابق ، ص 291 .

(73) د- كاظم هاشم نعمة، حلف الأطلسي، المرجع نفسه ، ص284 .

 (74)www.nato.int /med-dial –fr . pdf

(75) www.nato.int / douc / mediterranean /secopmed-fr.pdf

(76) www.nato.int /med-dial –fr . pdf

(77) د- كاظم هاشم نعمة، حلف الأطلسي، المرجع السابق ، ص 299 .

(78) د- كاظم هاشم نعمة، حلف الأطلسي، المرجع نفسه ، ص 297 .

(77) www.nato.int /med-dial –fr . pdf

(80) للمزيد: أنظر ملحق الوثيقة الرسمية لمبادرة إسطمبول .

(81) ياب دي هوب سخيفر، دور الناتو في أمن الخليج في           :

www.nato-qatar.com  /security /arabic speach 2 /html.

(82) www . nato . int /issues / ici .

(83) عطية عبد العزيز، قمة إسطمبول : التوسع الجنوبي للناتو ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 158 (القاهرة : 2004م) ، ص 155 .

(84) عطية عبد العزيز، قمة إسطمبول : التوسع الجنوبي للناتو، المرجع نفسه ، ص 156 .

)85) www.nato.int / douc /comm /2004 / 06_ istamboul / douc-meddial – fr.pdf.

(86) د- كاظم هاشم نعمة، حلف الأطلسي، المرجع السابق ، ص281 .

(87) أشرف محمد كشك، إسرائيل و الناتو : من التعاون إلى الشراكة ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 158 (القاهرة: 2007م ) ، ص 250 .

(88) د- أحمد إبراهيم خليل، الدفاع المشترك الخليجي : محدودية التعاون ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 172(القاهرة :2008م) ، ص 154 .

(89) د- أحمد إبراهيم خليل، الدفاع المشترك الخليجي : محدودية التعاون ، المرجع نفسه ، ص 153 .

)90) www . nato . int /issues / ici .

(91) www . nato . int /issues / ici  /index / -f-html

(92) www.nato-qatar .com /security /arabic speach 3 /html.

(*) أقر الحلف سنة 2002م المفهوم الإستراتيجي لمحاربة الإرهاب ، حيث حدد العمليات التي يحتمل أن يقوم بها ، التي صنفها إلى أربع فئات و هي :

أ – الإجراءات الدفاعية لمكافحة الإرهاب .

ب- إدارة نتائج العمليات الإرهابية .

ج- العمليات الهجومية لمكافحة الإرهاب .

د- التعاون العسكري ضد الهجمات غير العسكرية .

(93) www. Globalresearch .ca .

(94) www . kuna / net /new agencies puplic site / article details .aspx ? id = 1944578.

(95) برنامج لقاء اليوم ، قناة الجزيرة ، 15 آب 2008م .

(96) د- حسن أبوطالب وآخرون، التقرير العربي الإستراتيجي 2004- 2005 (القاهرة :  مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، 2005م ) ، ص 135 .

(97) د- كاظم هاشم نعمة، حلف الأطلسي، المرجع السابق ، ص 275 .

(98) د- كاظم هاشم نعمة، حلف الأطلسي، المرجع السابق ، ص 240 .

(99) د- كاظم هاشم نعمة ، حلف الأطلسي، المرجع السابق ، ص243 .

من اعداد الباحث لخميسي شيبي

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button