قضايا بيئية

قراءة في تطور السياسات العامة البيئية في الجزائر

تعرف السياسة العامة البيئية بأنها مجموعة الوسائل والطرق والإجراءات التي تستخدمها أو تسنها السلطات من اجل تنظيم علاقة الإنسان بالبيئة ، وهذه العلاقة تشمل كافة الأنشطة والعمليات سواء المتعلقة بالإنتاج أو الاستهلاك أو التوزيع أو المخلفات. تتناول هذه الدراسة تطور السياسات العامة البيئية في الجزائر من خلال تتبع الاطار التشريعي والتنظيمي المتعلق بالبيئة.

أولا  : التطور المؤسساتي لقطاع البيئة في الجزائر من 1974 ـ 2012.

عرف قطاع البيئة في الجزائر تشكيلات متعددة أخذت تارة هيكلا ملحقا بدوائر وزارية ، وتارة أخرى هيكلا تقنيا وعمليا ، لذلك يمكن القول أن هذا القطاع لم يعرف الاستقرار القطاعي ، وذلك منذ نشأة أول هيئة تتكفل بالبيئة في سنة 1974 ، إلى أن تم إحداث أول هيكل حكومي في عام 1996 ، وتمثل في كتابة الدولة للبيئة.[1]

وقد أدى عدم الاستقرار الهيكلي لقطاع البيئة إلى إضفاء حالة عدم تواصل النشاط البيئي طيلة مدة تتجاوز عشريتين متكاملتين ( من منتصف السبعينات إلى منتصف التسعينات من القرن الماضي ) . وهو الشيء الذي أثر سلبا في تطبيق سياسة بيئية واضحة المعالم ، بسبب انتقال البيئة عبر القطاعات المختلفة الري ، الغابات ، الفلاحة ، الداخلية ، البحث العلمي ، التربية ، ثم الداخلية مرة ثانية … أضفى نوعا من عدم وضوح الرؤيا في انطلاق سياسة حقيقية في مجال البيئة من جهة ، وعدم بلوغ الأهداف البيئية التي كانت مسطرة من جهة ثانية ، إلا أن هذه الرؤيا بدأت تتضح تماشيا مع انطلاق سياسة بيئية رشيدة ابتداء من النصف الثاني لعشرية التسعينات ، وذلك من خلال إسناد المهام البيئية إلى إدارات وهيئات وطنية ستقوم بإبرازها وتوضيح دورها في حماية البيئة من خلال[2] :

1 ـ اللجنة الوطنية للبيئة : تم إنشاء هذه اللجنة بموجب المرسوم رقم[3] 74ـ156 المؤرخ في 12/07/1974 ، تتكون من لجان مختصة تتكلف بمهام البيئة ، وتقدم اقتراحات حول المكونات الرئيسية للسياسة البيئية للهيئات العليا للدولة . وتشمل اقتراحاتها أيضا المجالات ذات الصلة بالتهيئة العمرانية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية .

وفي سنة 1977 ، تم حل المجلس الوطني للبيئة بموجب المرسوم رقم77ـ119 ، المؤرخ في 15/08/1977 ، وتحويل مصالحه إلى وزارة الري واستصلاح الأراضي وحماية البيئة [4]، ويلاحظ هنا أن البيئة احتلت لأول مرة مكانة في تسمية دائرة وزارية.*

2 ـ تحويل مصالح المديرية العامة للبيئة إلى كتابة الدولة للغابات واستصلاح الأراضي وذلك بحلول عام 1981 ، بموجب المرسوم رقم 81/49 بتاريخ 23/03/1981 : وفي هذا الإطار أنشئ لدى هذه الكتابة مديرية مركزية تحت اسم ” مديرية المحافظة على الطبيعة وترقيتها ” .

وكان دورها يكمن في المحافظة على التراث الطبيعي كالحدائق والمجمعات الطبيعية والحيوانات والموارد البيولوجية الطبيعية وقد أنجزت عدة مشاريع منها تهيئة أماكن غابية للتسلية وإنشاء حدائق للحيوانات في جل عواصم المدن الساحلية : الجزائر العاصمة ، عنابه ، قسنطينة ، وهران .

3 ـ ضم المصالح المتعلقة بحماية البيئة إلى وزارة الري والبيئة والغابات : حيث أعيد تحويل المصالح المتعلقة بحماية البيئة من كتابة الدولة للغابات واستصلاح الأراضي ، إلى وزارة الري والبيئة والغابات ، وذلك بموجب المرسوم رقم 84ـ12 والمؤرخ في عام 1984 ، وفي هذا الخصوص أسندت المهام المتعلقة بحماية البيئة إلى نائب وزير مكلف بالبيئة والغابات.[5]

وقد عملت هذه الهيئة الجديدة على التكفل بالمشاكل البيئية ، وقد توصلت إلى إعداد برنامج عمل تناول العديد من التدابير للحد من انتشار التلوث سواء تعلق الأمر بالبحار أو بالمناطق الحضرية وكذا الموارد الطبيعية .

4 ـ تحويل مصالح البيئة من وزارة الري إلى وزارة الداخلية والبيئة : وذلك في عام 1988 ، وفي هذا الإطار بجدر التذكير إلى أن بعض الاختصاصات التي كانت تابعة للمصالح البيئية قبل هذا التحول وهي المتعلقة بحماية البيئة ألحقت بوزارة الفلاحة . كما بجدر التذكير إلى أن المصالح المتعلقة بالبيئة ألحقت بوزارة ذات سيادة حيث أصبحت كلمة ” بيئة ” مدرجة ضمن تسميتها الرسمية .

5 ـ تحويل اختصاصات البيئة من وزارة الداخلية إلى كتابة الدولة المكلفة بالبحث العلمي : وذلك في عام 1992 ، وقد أحدثت لدى كتابة الدولة للبحث العلمي مديرية ضمت كل المصالح السابقة .

والجدير بالذكر انه في عام 1993 تم إلغاء كتابة الدولة للبحث العلمي وإلحاق الاختصاصات البيئية بوزارة الجامعات بموجب المرسوم رقم 93ـ235 المؤرخ في 10/02/1993 .

6 ـ إلحاق قطاع البيئة بوزارة الداخلية والجماعات المحلية والبيئة : مرة أخرى حيث تم إنشاء المديرية العامة للبيئة بمقتضى المرسوم التنفيذي[6] رقم 94ـ248 ، المؤرخ في 10/08/1994 .

وما يمكن ملاحظته في هذا الخصوص أن البيئة منذ أكثر من عشريتين لم تستقر على هيكلة واضحة المعالم من شأنها أن تنمو وتتوسع وتتقوى بمرور الزمن بل عرفت طيلة هذه المدة عدم الاستقرار والانقطاع وتركيب ثم إعادة تركيب المصالح المكلفة بها وذلك واضح من خلال المراحل التي تتبعناها منذ إنشاء أول هيئة في سنة1974 ، إلى غاية سنة 1994 .

إلا انه ابتداء من سنة 1994 ، أي بعد إعادة إلحاقها بوزارة الداخلية منح قطاع البيئة عناية اكبر من خلال المهام التي اسند إليها ومنها [7]:

  • تحديد القواعد الرامية إلى المحافظة على الأوساط التي تعتبر عرضة للتلوث.
  • إعداد المدونات الخاصة بالمنشآت الصناعية والمواد الخطرة على البيئة والصحة .
  • تقنين شروط وكيفيات تخزين ونقل ومعالجة النفايات .
  • إجراء جرد للمواقع الطبيعية وإنشاء وتطوير حدائق للتسلية والمساحات الخضراء .
  • مشاركة كل الوزارات المعنية بالقواعد الرامية إلى المحافظة على الأوساط الطبيعية سواء نباتية أو حيوانية .

وقد شكلت هذه المحاور برنامجا واضحا يشجع المختصين على التمكن من تطويق ظاهرة التلوث وتوفير وسائل فعالة لحماية البيئة .

7 ـ كتابة الدولة المكلفة بالبيئة : والتي تم إنشاؤها بموجب المرسوم الرئاسي رقم 01ـ96 بتاريخ 05/01/1996 ، والمتعلق بتعين أعضاء الحكومة[8] ، وقد تم وضع تحت وصاية هذه الكتابة المديرية

العامة للبيئة ، وحددت صلاحيتها فيما يلي :

  • الوقاية من كل أشكال التلوث والأضرار .
  • الوقاية من كل أشكال تدهور الوسط الطبيعي .
  • السهر على احترام القوانين .
  • المصادقة على دراسات مدى التأثير على البيئة .
  • ترقية نشاطات الإعلام والتربية والتحسيس البيئي .

8 ـ إنشاء وزارة مكلفة بتهيئة الإقليم والبيئة : والتي تم تنظيمها بموجب المرسوم التنفيذي رقم 01ـ09 المؤرخ في 07/01/2001 .[9]

وتتكون وزارة تهيئة الإقليم والبيئة من عدة هياكل منها : المديرية العامة للبيئة وهي المديرية العامة الوحيدة على مستوى الوزارة ، تضم هذه المديرية خمس (5) مديريات فرعية وهي :

  • مديرية السياسة البيئية الحضرية .
  • مديرية السياسة البيئية الصناعية .
  • مديرية المحافظة على التنوع البيولوجي والوسط الطبيعي والمواقع والمناظر الطبيعية .
  • مديرية الاتصال والتوعية والتربية البيئية .
  • مديرية التخطيط والدراسات والتقويم البيئي .

طبقا للمادة 02 من المرسوم المذكور ، فإن صلاحيات المديرية العامة للبيئة تكمن فيما يلي :

  • تقوم بالوقاية من جميع أشكال التلوث والأضرار في الوسط الصناعي والحضري .
  • تقوم بالوقاية من جميع أشكال التدهور في الوسط الطبيعي .
  • تحافظ على التنوع البيولوجي .
  • تسهر على احترام القوانين والتنظيمات المعمول بها .
  • تضمن رصد حالة البيئة ومراقبتها .
  • تسلم التأشيرات والرخص في ميدان البيئة .
  • توافق على دراسات التأثير في البيئة .
  • تقوم بترقية أعمال التوعية والتكوين والتربية والاتصال في ميدان البيئة .

يبرز من خلال هذه المهام أن هذه المديرية العامة هي التي تتكفل بالوقاية من التلوث الذي تسبب فيه المواد الخطرة . كما لها صلاحية تسليم التأشيرات والرخص في ميدان البيئة بصفة عامة وفي مجال المواد الخطرة بصفة خاصة .

9 ـ وزارة التهيئة العمرانية والبيئة : تم إعادة تسمية الوزارة لتصبح ” وزارة التهيئة العمرانية والبيئة “وهذا بموجب المرسوم الرئاسي[10] رقم 02 ـ 208 المؤرخ في 17 جوان 2002 بعد التعديل الحكومي.

10 ـ وزارة التهيئة العمرانية والبيئة والسياحة : تم إدماج قطاع السياحة مع البيئة في وزارة واحدة وفق المرسوم الرئاسي رقم 07 ـ 173 المؤرخ في 04 جوان 2007.[11]

11 ـ وزارة التهيئة العمرانية والبيئة :  أعيدت الصياغة إلى وزارة التهيئة العمرانية والبيئة مجدد وتم فصل قطاع السياحة عن البيئة وهذا بموجب المرسوم الرئاسي رقم 10 ـ 149 المؤرخ في 28 ماي 2010.[12] التي امتدت إلى غاية 2012.

12 ـ وزارة التهيئة العمرانية والبيئة والمدينة : تم إعادة تسمية الوزارة مع إضافة المدينة لتصبح وزارة التهيئة العمرانية والبيئة والمدينة ، وهذا بموجب المرسوم الرئاسي[13] رقم 12 ـ326.الذي تم فيه التعديل الحكومي الذي طرأ في سبتمبر 2012.

التطور المؤسساتي لقطاع البيئة في الجزائر من 1974 ـ 2012.

Table of Contents

1974

اللجنة الوطنية للبيئة

1977

وزارة الري واستصلاح الأراضي وحماية البيئة

1979

كتابة الدولة للغابات والتشجير

1980

كتابة الدولة للغابات واستصلاح الأراضي

1983

وزارة الري والبيئة والغابات

1988

وزارة الفلاحة

1990

 وزارة البحث والتكنولوجيا

1994

 وزارة التربية الوطنية

1994

وزارة الجامعات

1994

وزارة الداخلية والجماعات المحلية والبيئة والإصلاح

1996

كتابة الدولة المكلفة بالبيئة

 1999

وزارة الأشغال العمومية وتهيئة الإقليم والبيئة والعمران

2001

وزارة تهيئة الإقليم والبيئة

2002

وزارة التهيئة العمرانية والبيئة

2007

وزارة تهيئة الإقليم والبيئة والسياحة

2010

وزارة التهيئة العمرانية والبيئة

2012

وزارة التهيئة العمرانية والبيئة والمدينة

المصدر /     من إعداد الطالب بالاعتماد على الجريدة الرسمية

ثانيا : تطور التشريعات البيئية في الجزائر من 1962 ـ 2012 .

لا يخفى على احد أن الجزائر قد خضعت لفترة طويلة من الاستعمار ، طبقت خلالها القوانين والأنظمة الفرنسية ، وكلما تعلق الأمر بقواعد حماية البيئة فإن المستعمر الفرنسي يأبى احترامها في الأراضي الجزائرية . فالجزائر بالنظر لما تتمتع به من ثروات وموارد طبيعية دفعت بالسلطات آنذاك إلى استغلالها واستنزافها . أما بعد الاستقلال مباشرة فقد انصب اهتمام الجزائر على إعادة البناء والتعمير مهملة إلى حد ما الجانب البيئي [14]، كما أنه لم تكن لديها قاعدة صناعية من شأنها أن تؤدي إلى تلويث البيئة .

يمن تقسيم مراحل تطور التشريع البيئي في الجزائر من الاستقلال إلى اليوم إلى ثلاث مراحل هي :

إحصاء النصوص القانونية والتنظيمية في الجزائر المتعلقة بالبيئة من 1962 ـ2012

السنــــــــوات

1962

01

01

1972

02

02

1973

02

02

1974

01

01

1976

02

03

05

1980

03

03

1981

04

04

1982

01

08

09

1983

02

16

18

1984

01

08

09

1985

08

08

1986

01

01

1987

01

09

10

1988

01

07

08

1989

01

01

1990

03

01

03

07

1991

02

01

05

08

1992

03

01

04

1993

02

14

16

1994

01

03

04

1995

02

01

09

12

1996

01

01

02

04

1997

02

02

1998

01

04

05

10

1999

02

01

03

06

2000

03

03

2001

05

01

05

11

2002

05

10

01

19

2003

04

02

02

16

01

25

2004

07

04

31

42

2005

02

03

10

04

03

22

2006

02

01

11

15

21

02

52

2007

01

07

14

04

01

27

2008

01

15

10

01

27

2009

05

13

18

2010

24

10

06

05

45

2011

01

39

06

02

05

53

2012

18

04

08

2

32

المجموع العام

43

11

126

189

70

40

20

499

النسبة %

8,61 %

2,20 %

25,25 %

37,87 %

14,02 %

8,01 %

4,00 %

100 %

المصدر : من إعداد الطالب بالاعتماد على الجريدة الرسمية ، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.

المرحلة الأولى : من الاستقلال 1962 إلى سنة 1983 .

في مرحلة الستينات ورغم حداثة الاستقلال فإن الاهتمام بحماية البيئة لم يغب تمام حيث صدرت عدة تشريعات تتعلق ببعض جوانب حماية البيئة* .  ففي سنة 1967 صدر قانون البلدية [15] الذي لم يتبن صراحة الحماية القانونية للبيئة، ولكنه اكتفى فقط بالإشارة إلى صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره يسعى إلى حماية النظام العام . أما قانون الولاية [16]فقد تضمن الإشارة إلى حماية البيئة بشكل غير مباشر وهذا من خلال النص على التزام السلطات العمومية بالتدخل وأخذ القرارات اللازمة لمكافحة الأمراض المعدية والوبائية .

أما في مرحلة السبعينات فقد بدأت تظهر بعض البوادر التشريعية التي تجسد اهتمام الدولة بحماية البيئة ، حيث تم أنشاء اللجنة الوطنية للبيئة كهيئة استشارية ، تساهم باقتراحاتها في مجال حماية البيئة .[17]

إن غياب سياسة واضحة لحماية البيئة وعدم صدور قانون خاص بحماية البيئة خلال هذه المرحلة لا يعود فقط لحداثة استقلال الجزائر ، وإنما يعود كذلك إلى حداثة تبلور مسألة حماية البيئة كمفهوم جديد حتى على المستوى الدولي والذي بدأ يتكرس تدريجيا بعد انعقاد أول تجمع دولي بستوكهولم في جوان 1972 والموقف السلبي للدول النائمة ومنها الجزائر من الإعلان المنبثق عنه بخصوص مسألة حماية البيئة ،[18] حيث جاء هذا الموقف مناوئا للطرح الغربي لموضوع حماية البيئة ، واعتبر أن الانشغال البيئي هو مسألة ثانوية أمام ضرورة تحقيق التنمية الملحة وعلى الدول المصنعة تحمل تبعات التدهور البيئي .

المرحلة الثانية : من 1983 إلى 2001 .

تعتبر هذه الفترة حاسمة في مجال الحماية التشريعية للبيئة ، وتأتي سنة 1983 م كنقطة تحول هامة وذلك بصدور قانون حماية البيئة ، والذي تعامل بصورة شمولية مع البيئة ، حيث يعد هذا القانون نهضة قانونية في سبيل حماية البيئة والطبيعة من جميع أشكال الاستنزاف . إلى أن جاء الدستور 1989   الذي تبنى توجهات جديدة في مختلف المجالات ، وفي نفس الوقت كرس الحماية القانونية للبيئة معتبرا إياها مصلحة عامة تجب حمايتها وكذا ضرورة الاعتناء بصحة المواطن ووقايته من الأمراض المعدية وذلك من خلال إلزام الدولة بالتكفل بهذا المجال .[19] وكان دستور 1989 مقدمة لصدور كثير من القوانين ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بحماية البيئية منها :

ـ قانونا البلدية والولاية [20]،حيث نص قانون الولاية على اختصاص المجلس الشعبي الولائي في تهيئة الإقليم الولائي ، وحماية البيئة وترقيتها[21] .أما قانون البلدية فكان أكثر انسجاما مع مقتضيات حماية البيئة ، حيث تبنى في نصوصه الكثير من القواعد المتعلقة بحماية البيئة : كالصحة والنظافة العمومية ، وكذا ضرورة اتخاذ التدابير لمكافحة المياه القذرة والنفايات وإنشاء المساحات الخضراء وكل ما له علاقة بتحسين إطار الحياة[22].

ـ قانون التهيئة والتعمير[23] الذي يهدف إلى أحداث التوازن في تسيير الأراضي بين وظيفة السكن ، الفلاحة  الصناعة والمحافظة على البيئة والأوساط الطبيعية .

ـ المرسوم التنفيذي المتعلق بدراسة مدى التأثير على البيئة[24]، باعتباره أداة جديدة جاء بها قانون حماية البيئة لسنة 1983 .

ويمكن القول أن فترة التسعينات جاءت بكثير من التشريعات في مجال حماية البيئة والمجالات ذات العلاقة ، كما استحدثت العديد من الهياكل المكلفة بحماية البيئة .

المرحلة الثالثة : من سنة 2001 ـ2012 .

مع استمرار الاهتمام الدولي بحماية البيئة وبداية ترسخ مفهوم التنمية المستدامة ، والذي تأكد في قمة جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا عام 2002 للتنمية المستدامة ، صدر في الجزائر القانون رقم 03 ـ10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ، الذي جاء كثمرة لمشاركة الدولة الجزائرية في عدة محافل دولية وكذا مصادقتها على العديد من الاتفاقيات في هذا الموضوع . كما يعتبر هذا القانون نقطة تحول ايجابية في إطار التكفل بحماية البيئة من خلال ما تضمنه من مبادئ وأهداف تجسد حماية افصل للبيئة بما يناسب ومتطلبات التنمية المستدامة ومبادئها . إلا أن المراسيم التنفيذية لهذا القانون ما تزال تسير ببط .

وقد حدد التشريع البيئي الجزائري الأهداف الرئيسية التي ترمي إليها حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة وهي على الخصوص ما يلي[25] :

ـ تحديد المبادئ الأساسية وقواعد تسيير البيئة .

ـ الوقاية من كل أشكال التلوث والأضرار الملحقة بالبيئة .

ـ ترقية الاستعمال الايكولوجي العقلاني للموارد الطبيعية المتوفرة ، وكذا استعمال التكنولوجيات الأكثر نقاء .

إضافة إلى ما سبق قانوني البلدية رقم 11 ـ 10  والولاية رقم 12 ـ07  ، واللذان أمدا مهام أوسع  في تسيير الجماعات المحلية، مما يسمح بالاستجابة للتحديات التي تواجهها الجماعة الإقليمية، والتأقلم مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها البلاد والانخراط في مسار الإصلاحات الشاملة التي شرع فيها منذ عشرية من الزمن والذي سيتم التطرق اليه في المبحث الموالي. هذا بالإضافة إلى انه في كل سنة مالية يصدر قانون المالية يتضمن بنودا تتعلق بحماية البيئة عن طريق الرسوم البيئية المختلفة.

خاتمة :

من خلال تتبعنا لمسار السياسات التشريعية البيئية في الجزائر من 1962 ـ 2012 ، تبين لنا أن هناك تطور غير مسبوق للإطار التشريعي والتنظيمي الذي من شانه أن يسمح بتأطير سياسة عمومية فعالة بحماية البيئة وخاصة في العشرية الأخيرة ، فكان مجموع النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة  بالبيئة قد وصل إلى 499 نصا حتى سنة 2012.

ولتجسيد هذه السياسات تم تحديث و تطوير الإطار المؤسساتي ووضع برامج للتكوين ، فقد عرف التنظيم الإداري المكلف بحماية البيئة عدم الاستقرار والتذبذب في العشرية السابقة وتناوب بين مختلف الدوائر الوزارية ، وهذا راجع لعدم اهتمام الحكومة الجزائرية بسياسة البيئة ، وسيبقى هذا التدهور عائدا إلى فشل خطط التنمية التي أغفلت إدخال الاعتبارات البيئية في مشاريعها التنموية والاقتصادية ، حيث لم يستقر التكفل بحماية البيئة إلا مؤخرا في سنة 2001 ، بإنشاء وزارة مكلفة بحماية البيئة وذلك بتحديد صلاحياتها بصفة دقيقة وواضحة تسهر على التكفل بحماية البيئة ، وحاليا ( 2012) أسندت إلى وزارة التهيئة العمرانية البيئة والمدينة ، التي سطرت برامج طموحة تم من خلالها توفير الإطار القانوني

والمؤسساتي اللازم لذلك: مديريات ولائية للبيئة، الوكالة الوطنية للنفايات، مراصد البيئة والتنمية المستدامة،المركز الوطني لتكنولوجيات الإنتاج أكثر نقاوة،ديار الدنيا للبيئة..الخ إضافة إلى الآليات وصناديق خاصة تسمح بتمويل البرامج والمشاريع التي تسمح بتحسين المنظومة البيئية ودفع وتيرة التنمية المستدامة.

الهوامش :

[1] ـ انظر في هذا الخصوص : ملف حول البيئة في الجزائر ، تحت “عنوان السياسة البيئية في الجزائر” ، مجلة الجزائر البيئية ، عن كتابة الدولة المكلفة بالبيئة ، العدد الأول ، سنة 1999 ، ص 07 .

[2] ـ علي سعيدان ، حماية البيئة من التلوث بالمواد الإشعاعية والكيماوية في القانون الجزائري .  الجزائر : دار الخلدونية ،ط 2008 ،

ص ص218 ـ219 .

[3]   ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ، المرسوم رقم 74 ـ 156 المؤرخ في 12 جويلية 1974 ، المتضمن إنشاء لجنة وطنية للبيئة ، وزارة الدولة ، الجريدة الرسمية ، العدد 59 ، الصادر بتاريخ 23 جويلية 1974 ، ص 808.

[4]    ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ، المرسوم رقم 77ـ 119 ، المؤرخ في 19 اوت 1977 ، المتضمن انهاء نشاطات اللجنة الوطنية للبيئة ، وزارة الأراضي واستصلاح الأراضي وحماية البيئة ، الجريدة الرسمية ، العدد 64 ، الصادر بتاريخ 21 اوت 1977 ، ص 924.

* ـ وقد تضمن التنظيم الهيكلي للوزارة مديرية عامة للبيئة إلى جانب مديريتين مركزيتين كلفت الأولى بملف التلوث وكلفت الثانية بحماية الطبيعة .

[5] ـ راجع : المجلة الجزائرية للبيئة ، ملف حول البيئة في الجزائر ، مرجع سابق ، ص 07

[6] ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ، المرسوم التنفيذي رقم 47 ـ248 المؤرخ في 10 اوت 1994 ، يتضمن تنظيم الادارة المركزية في وزارة الداخلية والجماعات المحلية والبيئة والإصلاح الإداري ، الجريدة الرسمية ، العدد 53 ، الصادر بتاريخ 10 اوت 1994 ، المادة 1 من المرسوم ، ص 20.

[7] ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ، المرسوم التنفيذي رقم 47 ـ247 المؤرخ في 10 اوت 1994 ، يحدد صلاحات وزير الداخلية والجماعات المحلية والبيئة والإصلاح الإداري ، الجريدة الرسمية ، العدد 53 ، الصادر بتاريخ 10 اوت 1994 ، المادة 18 من المرسوم ، ص ص 18ـ 19.

[8] ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ، المرسوم الرئاسي رقم 96ـ01 المؤرخ في 5 جانفي 1996، المتضمن تعيين اعضاء الحكومة ، الجريدة الرسمية ، العدد 1 ، الصادر بتاريخ 07 جانفي 1996 ، ص 06.

[9] ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ، المرسوم التنفيذي رقم 01 ـ 09 المؤرخ في  07 جانفي 2001 ، المتضمن تنظيم الإدارة المركزية في وزارة تهيئة الإقليم والبيئة ، الجريدة الرسمية ، العدد 04 ، الصادرة في 14/01/2001 .

[10] ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية المرسوم الرئاسي رقم 02 ـ 208 المؤرخ في 17 جوان 2002 ، يتضمن تعيين أعضاء الحكومة ، الجريدة الرسمية ، العدد 42 ، الصادر بتاريخ 18 جوان 2002 .

[11] ـ انظر : الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية المرسوم الرئاسي رقم 07 ـ 173 ، المؤرخ في 04 جوان 2007 ، المتضمن تعيين اعضاء الحكومة ، الجريدة الرسمية ، العدد 37 الصادر بتاريخ  07 جوان 2007 .

[12] ـ انظر : الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية المرسوم الرئاسي رقم 10 ـ 149  المؤرخ في 28 ماي 2010 ، المتضمن تعيين اعضاء الحكومة ، الجريدة الرسمية ،

العدد 36 ، الصادر بتاريخ 30 ماي 2010.

[13] ـ  الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية المرسوم الرئاسي رقم 12 ـ 326 ، المؤرخ في 04 سبتمبر 2012 ، يتضمن تعين اعضاء الحكومة ، الجريدة الرسمية ، العدد 49 ، الصادر بتاريخ 09 سبتمبر 2012.

[14] ـ Mhamed Rebah , L’écologie oubliée Problème d’environnement en Algerie à la veille de

l’An 2000 , Marinoor ,1999 , P169

*   ـ منها : المرسوم رقم 63 ـ 73 المؤرخ في 04 مارس 1963 المتعلق بحماية الساحل ، الجريدة الرسمية ، العدد 13 /1963 والمرسوم رقم 63 ـ 478 المؤرخ في 20 ديسمبر 1963 المتعلق بالحماية الساحلية ، الجريدة الرسمية ، العدد 98/1963 ، والمرسوم

رقم 63 ـ206 المؤرخ في 24 يوليو 1963 المتعلق بإنشاء لجنة المياه ، الجريدة الرسمية ، العدد 52 /1963 ، والمرسوم

رقم 65 ـ148 المؤرخ في 29 مايو 1963 المتعلق بحضر بعض أساليب استغلال الأراضي ، الجريدة الرسمية ، العدد 64 / 1963 .

[15] ـ الأمر رقم 67 ـ 38 المؤرخ في 18 يناير 1967 المتعلق بالقانون البلدي ، الجريدة الرسمية ، العدد 06 / 1967 .

[16] ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .الأمر رقم 69 ـ38 المؤرخ في 31 مايو 1969 المتعلق بقانون الولاية ، الجريدة الرسمية ، العدد 44 / 1969 .

[17] ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية . المرسوم رقم 74 ـ 156 المؤرخ في 12 يوليو 1974 يتضمن إحداث لجنة للبيئة ، الجريدة الرسمية ، العدد 59 / 1974 .

[18] ـ وناس يحيى ، الآليات القانونية لحماية البيئة في الجزائر ، رسالة دكتوراه ، جامعة ابوبكر بلقايد تلمسان ، جويلية 2007 ، ص 21 .

[19] ـ انظر المادة 51 من دستور 1989 الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .

[20] ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .القانون رقم 90 ـ08 المؤرخ في 11 ابريل 1990 المتضمن قانون البلدية ، والقانون 90 ـ09 المؤرخ في 11 ابريل 1990 المتضمن قانون الولاية ، الجريدة الرسمية ، العدد 15 /1990 .

[21] ـ انظر المادة 58 من القانون 90 ـ09 المتضمن قانون الولاية .

[22] ـ انظر المواد : 66 ـ 70 ـ 78 ـ 107 ـ 108 من القانون 90 ـ08 المتضمن قانون البلدية .

[23] ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية . القانون رقم 90 ـ29 المؤرخ في 01 ديسمبر 1990 المتعلق بالتهيئة والتعمير ، الجريدة الرسمية ، العدد 52 المعدل بالأمر 04/05 المؤرخ في 14 أوت 2004 ، الجريدة الرسمية ، العدد 51 / 2004 ، ص 04.

[24] ـ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .المرسوم رقم 90 ـ 78 المؤرخ في 27 فبراير 1990 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة ، الجريدة الرسمية ، العدد 10 /1990، ص 362 .

[25] ـ راجع المادة 02 من القانون 03 ـ10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ، سابق الذكر .

بقلم الباحث حسين زاوش جامعة قاصدي مرباح ورقلة الجزائر

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى