دراسات اقتصادية

قراءة في خصائص المدرسة التجارية

1- نشأة المدرسة التجارية :
قد يترائ للباحث أن تطور الفكر الاقتصادي في إطاره العام قد مر بمرحلتين متميزتين :
مرحلة الفكر الاقتصادي القديم إبان العصور القديمة و العصور الوسطى في المجتمع الأوربي و مرحلة الفكر الاقتصادي الحديث بدءا بفكر التجاريين ثم الطبيعيين و انتهاءا بالفكر الكينزي وما بعد هذا الفكر مرورا بالفكر الكلاسيكي و المدارس الفكرية التي جاءت في أعقابه ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار مدرستين التجاريين و الطبيعيين بمثابة الفكر الاقتصادي الحديث .
ولقد أطلق مؤرخو الفكر الاقتصادي اسم مدرسة التجاريين على تيار فكر ي جديد في المجال الاقتصادي شارك في تكوينه عددا كبير من المفكرين ولم يرجع ظهور هذا التيار الفكري الجديد كمذهب اقتصادي إلى إسهام المتخصصين في البحوث الاقتصادية فحسب بل شاركهم في ذلك بعض السياسيين و رجال الأعمال .(1)
إن هذه الشمولية في تكوين مذهب التجاريين على أيدي الاقتصاديين و السياسيين و رجال الأعمال قد يفسر لماذا استمر هذا المذهب سائدا و مؤثرا في توجيهه السياسة الاقتصادية في أوربا قرابة ثلاثة قرون كاملة أي من منتصف القرن الخامس عشر حتى منتصف القرن الثامن عشر و هي من أهم الفترات في التاريخ العالم و يجب أن نؤكد هنا على :
إن هناك عدد من الاقتصاديين عاشوا في عصر التجاريين و لكنهم لم ينتموا إلى هذه المدرسة مثل آدم سميت و دافيد هيوم .
إن آراء الكتاب التجاريين لم تتطور تطورا علميا لتكوين نظرية علمية معينة كما لم تستند على منهج علمي موحد بحيث نستطيع أن نقول أن أصحابها ينتمون إلى مدرسة فكرية متماسكة أو فلسفة معينة .
و يجمع مؤرخو الفكر الاقتصادي على أن مدرسة التجاريين قد تضمنت من الأفكار مالا يمكن اعتباره تحليلا اقتصاديا في المعنى المتعارف عليه في الفكر الحديث . و إنما كان مجرد محاولة لتحديد طبيعة الظواهر الاقتصادية التي تعرض لها مفكرو هذه المدرسة أما عن السياسة الاقتصادية للتجاريين عموما فقد كانت قائمة في الأساس على تعريف هؤلاء للثروة على أنها متمثلة في الذهب و الفضة و المعادن النفيسة الأخرى وان ثروة الأمة رهن بكمية النقود المعدنية و أن الارتباط وثيق بين كمية النقود ومستوى الأسعار .

2- الأسباب و الظروف التي مهدت لظهور المدرسة التجارية :
لقد كان ظهور هذه المدرسة استجابة طبيعية للحاجات العملية التي تكتشف في أعقاب تطور المجتمع الأوروبي بما كان عليه في العصور الوسطى و ذلك في ظل ملابسات تاريخية كان لها صداها الكبير و المتمثلة في :
* ازدياد أهمية التجارة الخارجية :
شهد القرن الخامس عشر تحرر للعبيد و الفلاحين من سطوة النظام الإقطاعي في أوربا فاتجه معظمهم إلى ممارسة النشاط التجاري . إلا أن التجارة الداخلية لم يكن لها من الاتساع و الأهمية بحيث توفر لهم مكانة اقتصادية كبرى و سطوة سياسية في بلادهم فكانت التجارة الخارجية التي أحدثت تغيرا جذريا في الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية حيث رفعت من أهمية النشاط الاقتصادي و ظهر التجار كطبقة اجتماعية قوية داخل بلادهم ومن الأسباب نمو التجارة الخارجية الأوروبية في ذلك الحين :
– اتصال أوربا بالشرق الإسلامي المتقدم اقتصاديا على اثر الحروب الصليبية .
– اكتشاف طرق مواصلات بحرية دولية (طريق راس الرجاء الصالح)إلى الهند والشرق الأقصى 1493 .
– اكتشاف العالم الجديد عندما أرسى كريستوف كولومبس سفنه الثلاث عند جزيرة صغيرة في البحر الكاريبي 1492 وهذين الاكتشافين أديا إلى توسيع الأفاق التجارية و تنامي روح الكسب وحب المغامرة في عالم تجاري و صناعي .
*ظهور القوميات الحديثة :
نتيجة لاتحاد التجار مع الملك و اشتراكهم في القضاء على سلطة الأمراء و النبلاء تغلبت سلطة الملك و هي سلطة مركزية على سلطات الأمراء التي كانت تقوم في مراكز متعددة داخل الدولة و كانت هذه أولى خطوة لظهور الدولة الأوروبية الحديثة كجماعة تقوم على أساس قومي و تخضع لقوة مركزية واحدة .
وكانت القوة الثانية التي أدت إلى ظهور الدولة أيضا هي ظهور القوميات الأوروبية التي أدت إلى انهيار الإمبراطوريات الكبرى المختلفة من العصور الوسطى والتي كانت تظم في حدودها أكثر من دولة و إقليم ومما لاشك فيه أن ظهور الدولة الأوربية بهذا الشكل الحديث كان له اكبر الأثر في سياسة التجاريين فلقد قام هؤلاء برسم سياسة التجارة الخارجية لأول مرة على مستوى الاقتصاد القومي بما يحقق لهم اكبر قدر من الربح والثراء .
*عصر النهضة الأوروبية :
كانت حركة النهضة الفكرية في أوربا من أهم الأحداث التي أثرت في التطور السياسي و الاقتصادي الأوربي و التي صاحبت عصر التجاريين ولقد قامت الحركة بإحياء الفلسفات الإغريقية و اللاتينية القديمة و دراستها بعقل متحرر من الدين ومن فلسفات و قيود الكنيسة و أدى ذلك إلى زعزعة مركز الكنيسة و من ثم إلى انهيار بقية أعمدة النظام الإقطاعي و تقوية السلطة المركزية (الملك و الحكومة ) .

3- المبادىء الاقتصادية التجارية :
قامت فلسفة التجاريين عموما على أربع مباديء أساسية
* إن زيادة القوة الاقتصادية للدولة تعتمد على زيادة السكان و هذا نظرا لظروف معينة سكانية واقتصادية في ذلك الحين حيث كانت الدولة الأوربية تعاني من نقص في الأعداد السكانية نتيجة للحروب الدموية في العصور الوسطى ونتيجة لانتشار أمراض خطيرة مثل الطاعون الأسود كما أدت الاكتشافات الجغرافية أيضا إلى نقص عدد السكان بسبب الهجرة على نطاق واسع من أوربا إلى البلاد الجديدة و في ظل هذه الظروف لاحظ التجاريون انه من الصعب أن يزيد حجم النشاط التجاري والصناعي دون زيادة حجم السكان ومن الأسباب الأخرى القوية التي دفعت التجاريين إلى الدعوة لزيادة عدد السكان في الدولة كما الزيادة في عدد جيش و ذلك حتى يمكن الزيادة في قوة الدولة المركزية و فائدة هذا بالنسبة لهم هو القضاء و مقاومة بقايا الإقطاع من جهة و الاستحواذ على المستعمرات الغنية بالثروات في الخارج من جهة أخرى .
* ثراء الدولة وتقدمها الاقتصادي يعتمد على مقدارنا تملكه من المعادن النفيسة (الذهب و الفضة ) وهذا لاعتقادهم بان الزيادة في هذه المعادن النفيسة أي الذهب و الفضة وهي أشكال النقود في ذلك الحين يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وهذا الارتفاع يؤدي إلى زيادة النشاط الإنتاجي والاقتصادي .
* ضرورة الاهتمام بالتجارة الخارجية لان الفائض الذي يتكون منها يزيد من ثراء الدولة ويعوضها عن افتقارها إلى مناجم المعادن النفيسة ويمكن أن نرى الارتباط بين الأفكار التجارية في ناحيتين التجارة الخارجية والنقود فالفائض المتحقق في الميزان التجاري يزيد من ثروة الدولة من النقود وهذه الأخيرة هامة جدا لتقوية الدولة ولإنعاش الاقتصاد والإنتاج.
* إن التجارة والصناعة يعتبران أكثر أهمية للاقتصاد القومي من الزراعة وتقع أهمية التجارة في المكان الأول ثم تأتي الصناعة بعدها .

4- تطور الفكر التجاري وأساليب التطبيق في مجال السياسة التجارية :
إن وراء سياسة التقييد الشديد للتجارة الخارجية التي شاعت واستقرت في عصر الرأسمالية التجارية كان تحقيق المصلحة الاقتصادية القومية وهو تكوين الفائض من المعادن النفيسة وحيث لا يمكن تحقيق هذا الهدف بشكل تلقائي فإنه أصبح من الضروري تدخل الدولة وبعبارة أخرى أن السياسة التجارية استلزمت تدخل الدولة لمحاربة الواردات أو تقييدها من جهة والعمل على إنعاش تجارة الصادرات وتحقيق أكبر مكسب ممكن منها من جهة أخرى ويمكن تلخيص سياسة الاستيراد التجارية عموما في مبدأ هام ألا وهو محاربة السلع والخدمات الأجنبية لأنها تتسبب في تسرب المعدن النفيس خارج الدولة وقد سنت الدولة بالفعل قوانين صارمة وفرضت الرقابة المباشرة عن طريق صراف الملك وجنوده . وقد فرضت أسبانيا عقوبة الإعدام على كل من يصدر الذهب إلى الخارج كما سنت القوانين لمنح مكافآت سخية لكل من يخبر عن عمليات التهريب غير المشروعة وحرمت على الأجانب المقيمين شراء الذهب .
أما الأسلوب الذي اتبع لتنفيذ سياسة الاستيراد فقد تمثل في الضرائب الجمركية المغالية في الارتفاع أو عن طريق قوانين الملاحة البحرية ومراقبة الموانئ .
أما بالنسبة لسياسة التصدير فنجد أنها تبلورت في تشجيع الصادرات من السلع المصنوعة بكافة الوسائل الممكنة لدى الدول والعمل دائما على اكتساب أسواق خارجية جديدة وعلى الأخص في البلدان المكتشفة حديثا والغنية بالمعادن النفيسة .

5- تقييم المدرسة التجارية :
لقد اتجه التجاريون إلى الأخذ بنظام تكون فيه الدولة على جانب كبير من القوة و ترجع أهمية القوة أن الدولة كانت لا تزال في نشأتها الأولى في أعقاب العصور الوسطى ومن ثم كانت في حاجة إلى القوة التي تستخدمها في القضاء على الإقطاع و سيطرة الكنيسة أما عن طبيعة هذه القوة فقد كانت تتمثل عند التجاريين في تركيم الثروة المعدنية من الذهب والفضة سواء باستخراجهما من المناجم في مستعمرات العالم الجديد ( السياسة المعدنية في أسبانيا ) أو من خلال التعامل التجاري مع الدول الأخرى ورغم هذا الموقف من جانب التجاريين في صدد التأكيد على شخصية الدولة فانه لم يصل بهم إلى حد إفناء شخصية الفرد في الدولة إذ كانوا يعترفون بالملكية الفردية و يجعلونه أساسا للنشاط الاقتصادي وكل ما هنالك أن التجاريون جعلوا للدولة حق التدخل بالتنظيم تحقيقا لهدف معين و هو أن الاقتصاد للقوة و لقد جعل ذلك بعض المؤرخين يقولون بان مذهب التجاريين هو مذهب ذو طابع فردي و دولي في آن واحد ، فردي لأنه يركز على شخصية الفرد و مصلحته الذاتية التي تتمثل في الاعتراف بالملكية الخاصة ودولي لأنه يحقق في ذات الوقت المصلحة العليا للدولة في إحراز القوة من خلال تحقيق الفائض في ميزانها التجاري و بالتالي تركيم ثروة قومية من المعدن النفيس ولو كان ذلك على حساب المصالح الاقتصادية للدول الأخرى و فضلا عن تقرير التجاريين لمبدأ الاقتصاد للقوة كهدف أساسي للنشاط الاقتصادي يجيز للدولة حق التدخل بالتنظيم تحقيقا لهذا الهدف بما لا يتعارض مع حق الملكية الفردية فان التجاريين قد جعلوا من (الاقتصاد في خدمة السياسة ) شعار آخر لهم مع تخليص الأبحاث الاقتصادية نهائيا من الطابع الديني و الأخلاقي الذي كان سمتها في فترة العصور الوسطى و يشير بعض المؤرخين للفكر الاقتصادي إلى أن التجاريين لم يصلوا بأبحاثهم الاقتصادية إلى إرساء علم الاقتصاد كعلم له استقلاليته عن العلوم الاجتماعية الأخرى و ذلك لسببين احدهما أن التجاريين ربطوا الاقتصاد بالسياسة و الآخر أنهم جعلوا من القوة هدفا للاقتصاد بخلاف ما ينطوي عليه الفكر الاقتصادي الحديث من أن هدف الاقتصاد هو تحقيق الرفاهية.

6- إحياء فكر التجاريين في العصر الحديث :
إن فكر التجاريين لم يدخل حيز النسيان بعد أداء هذه المدرسة لدورها التاريخي إذ أن هذا الفكر قد عاد إلى الظهور ثانية في أكثر من موقع في العصر الحديث ففي احد المواقع نجد تمجيد الفكر التجاريين على أيدي جون مانيار عندما أوضح في كتابه (النظرية العامة ) كيف أن سياسة النقود السخية لم تكن ساذجة كما تصورها البعض ذلك أن الزيادة في كمية النقود داخل الدولة مدعاة إلى انخفاض سعر الفائدة فيؤدي ذلك إلى زيادة حجم الاستثمار الأمر الذي يؤدي إلى الارتفاع بمستوى الدخل والتوظف وتخفيض حجم البطالة تبعا لذلك وفي موقع آخر في فترة ما بين الحربين نجد آن سياسة التجاريين بدأت تطفو على السطح من جديد في العالم المعاصر عندما لاح شح الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم منذ مطلع عام 1929 ليمر بفترة صعبة هي الفترة المعروفة < بالكساد العظيم> . لقد أخذت دول العالم تتعامل مع معطيات تلك الفترة بالأخذ بأسلوب خفض القيم الخارجية ( أسعار الصرف) لعملاتها وذلك بغية تحقيق الفوائض في موازينها التجارية عن طريق زيادة الصادرات وتقييد الواردات وكان النهج الذي اتبعته دول العالم لمعالجة أزمتها الاقتصادية في أعقاب فترة الكساد العظيم عن طريق تكوين فائض في الموازين التجارية هو بعينه النهج الذي كان قد نادى به التجاريون من قبل من اجل تركيم الثروة المعدنية فضلا عن ذلك فان أساليب الرقابة على الصرف التي تطبقها الدول في العصر الحديث هي بعينها تلك الأساليب التي كانت أسبانيا وغيرها من الدول تطبقها من قبل في عصر التجاريين وفقا لسياستهم الاقتصادية .
7- أهم الأفكار التي نادى بها التجاريون :
1 ) حرية التجارة الداخلية
2 ) تنظيم التجارة الخارجية
3 ) تدخل الدولة لتنظيم الحياة الاقتصادية .

 

النقد الموجه للمركانتيلية وبداية زوالها

هاجم دفيد هيوم السياسة التجارية المركانتيلية على أساس التناقض المنطقي في أركانها وخلاصة مناقشته هي أن تكوين الفائض في الميزان التجاري والمحافظة عليه بصفة مستمرة لا يمكن أن يؤدي إلى زيادة القدرة على تنميته بل على العكس . لابد أن يؤدي إلى تدهوره ، فزيادة كمية المعادن النفيسة داخل الإقتصاد زيادة كبيرة نتيجة الإصرار على تكوين فائض مستمر في الميزان التجاري يعمل على رفع مستويات الأسعار في النهاية وفي رأي هيوم . أن هذا في حد ذاته يضعف من القدرة على التصدير ومن ثم يؤدي إلى تدهور الفائض بدلا من زيادته

كما إعتبر آدم سميث أن السياسة التجارية المركانتيلية سياسة ساذجة لا تقوم بتحليل الأوضاع الإقتصادية تحليلا عميقا وتكتفي بإعطاء القواعد التي كان بعضها مناف للمنطق ويمكن تصوره كتحليل فلسفي نظري أكثر منه تحليل إقتصادي مبني على حقائق ومشاهدات واقعية . وقد بين المذهب ذلك في كتابه ثروة الأمم ” .

ومن هنا بدأ المركانتيلي في التراجع والإضمحلال فكريا من جهة أخرى أدت التطورات التكنولوجية كاكتشاف المحرك البخاري إلى تحول كبار التجار إلى مستثمرين صناعيين ينبذون تدخل الدولة في شؤون الإقتصاد والتقييد الصارم للصادرات و الواردات وتحولوا شيئا فشيئا إلى سلطة تضاهي سلطة الملك ومن ثم فقد أخذ الفكر التجاري في الغضمحلال وكانت أنجليترا بالذات التي تعتبر مهده هي أيضا لحده ، ذلك أن ظهور فلسفات جديدة على يد هيوم- وجون جاك روسو و مونتسكيو تنظر نظرة إرتياب إلى تدخل الدولة وترفض فكرة الحق الإلهي للملوك وتكافح من أجل الحرية الفردية والمساواة قد دق آخر مسمار في نعش المركانتيلية و بعض الأفكار وطورت إلى مذهب جديد بينما أخذ منها بعض الأفكار وطورت إلى مذهب جديد سماه أصحابه الطبيعية أو الفيزيوقراطية .

سيطر المذهب التجاري على الممارسات الإقتصادية الأوروبية خلال القرن 16 وكانت مظاهره تتجلى في كل أوجه الحياة و إنعكساته على الشعوب كانت واضحة حيث أن مبدأ تحصيل المعادن النفيسة وزيادتها قد أدى إلى أرتفاع الأسعار بطريقة غير مسبوقة ولم يتوافق ذلك مع مصالح الأفراد الذين أهملهم المذهب وخص عنايته الكاملة للدولة أو المملكة كما أن مبدأ تخفيض الأجور يعد مبدأ ضالما حيث يستعبد العمال ولا يأبه لوضعهم الإجتماعي ومن جهة أخرى فإن السياسات المنتهجة للتجاريين كانت تؤدي إلى عكس النتائج الإقتصادية المنطقية بقولهم أن زيادة المعدن تزيد الثروة وتزيد الإنتاج ومن ثم فهناك زيادة أكبر في معدلات التصدير وتحقيق ميزان تجاري موافق إلا أن هذه الزيادة في المعادن في الحقيقة قد أتت بزيادة في الأسعار وهذا ما يقوض من عملية التصنيع والتصدير ، أما ما يترتب على زيادة عدد السكان من إحتمال الضغط على المواد الغذائية و إنخفاض مستوى معيشة الفرد فقد كانت بعيدة كل البعد عن أدهان التجاريين ويمكن تلخيص عيوب المذهب المركانتيلي في …نقاط:

أ‌- إهمال الفرد و إهمال رفاهيته

ب‌- تعطيل سير التجارة الدولية بالتخلات الدائمة للدولة

ت‌- عدم الإمكان المحافظة على ميزان تجاري موافق دائم

ث‌- إستعمال بشع لموارد الشعوب المستعمرة وتقوية النزعة الإستعمارية

ج‌- إرتفاع في الأسعار

ح‌- إهمال الزراعة والتجارة الداخلية

خ‌- التشجيع على زيادة السكان دون مراعاة ما يترتب عن ذلك .

خــــاتمـةـ

النظام المركانتيلي التجاري ” Marcuntilism ” هو نظام اقتصادي نشأ في أوروبا لتعزيز ثروة الدولة وزيادة ملكيتها من المعدنين النفيسين عن طريق التنظيم الحكومي الصارم لكامل الإقتصاد والتوجه التام للتجارة الخارجية والدولية .

لقد ساهمت المركانتيلية في تطور الفكر الإقتصادي في العالم وقدمت مبادئ طورت فيما بعد وقامت عليها قواعد ونظريات اقتصادية بل أن المركانتيلية هي اللبنة الأولى في بناء التفكير الإقتصادي الرأسمالي الحديث .
لكن هذا المذهب كان مذهبا استغلاليا وأعطى للحكومة الصلاحيات لأن تفرض قيودا على الشعب وأن تستغله شر إستغلال لتحقيق منفعتها ومنفعة كبار التجار وأدت السياسات التي أتبعتها إلى إستعمار بلدان كاملة وتجريدها من مواردها بالقوة وإستعباد شعوبها .
إن المذهب التجاري تولد نتيجة ظروف معينة وتطور بحسبها ولكنه لم يستطع مواكبة تطور الشعوب ووعيها بمدى أهمية رفاهية الفرد ومدى أهمية حرية التجارة فتلاشى ليترك مكانا لتصورات إقتصادية جائت لتوافق تطور الشعوب .

 

3.8/5 - (5 أصوات)

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى