دراسات سياسية

قراءة في نظرية المنظمات الدول

مقدمة :

القسم الأول : المنظمات الدولية ، الأسس والمفاهيم النظرية

الفصل الأول : تعريف المنظمات الدولية

الفصل الثاني : معايير تقسيم المنظمات الدولية

الفصل الثاني : المقاربات النظرية المرتبطة بالمنظمات الدولية

المبحث الأول : المقاربة القانونية

المبحث الثاني : المقاربة التاريخية

المبحث الثالث :المقاربة الإندماجية أو التكاملية

المبحث الرابع : المقاربة النسقية أو النظمية

الفصل الأول :المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية

الفصل الثاني : الأطر النظرية والمفاهيمية للمنظمات الدولية

المبحث الأول : نشأة المعاهدة

المبحث الثاني : تعديل المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية

المبحث الثالث : تفسير المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية

المبحث الرابع: المسؤولية القانونية للمنظمات الدولية :

الفصل الثامن : سلطات المنظمات الدولية

الفصل الثاني : الشخصية القانونية للمنظمات الدولية الدولية.

المبحث الثاني :المقومات اللازمة للشخصية القانونية للمنظمة الدولية

المبحث الثاني :الآثار المترتبة على تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية

الفصل الخامس : الموظفون الدوليون

الفصل الثالث : نظام العضوية في المنظمات الدولية

-المبحث الأول :من له حق اكتساب العضوية في المنظمة الدولية

-المبحث الثاني :الأحكام الخاصة بالقبول في عضوية المنظمة الدولية

-المبحث الثالث : الأحكام الخاصة بإنتهاء العضوية في المنظمة الدولية

الفصل الرابع :أجهزة المنظمات الدولية

الفصل التاسع :العلاقات الخارجية للمنظمة الدولية

الفصل الخامس: حصانات وامتيازات المنظمات الدولية

الفصل السابع : تمويل المنظمات الدولية

اللائحة المرجعية المقترحة

باللغة العربية

مراجع متخصصة

الوثائق القانونية:

المواقع اللكترونية

مقدمة :

الإنسان هو حيوان إجتماعي وهو ميال للإتصال بغيره لإشباع حاجاته كما أن الدول تحكم مقتضيات الحياة الدولية وجدت نفسها في حاجة إلى الإتصال والتعاون وتبادل المعلومات بفرض حماية المصالح السياسية والإقتصادية والإجتماعية .

وقد استقر المجتمع الدولي في تطوره إلى أن وصل إلى مراحل التنظيم الدولي والمتمثل في عقد اللقاءات والمؤتمرات والإتحادات الدولية .

وتظل ظاهر المنظمات الدولية بكونها ليست وليدة اليوم وإنما مرت بمراحل تاريخية عديدة حتى تبلورت بالشكل المعروفة به الآن .

ويمكن تقسيم المراحل التي مر بها التنظيم الدولي إلى ثلاثة مراحل رئيسة:

  1. مرحلة ماقبل عصبة الأمم: لقد شهدت هذه المرحلة ومنذ بداية القرن 19 العديد من المؤتمرات الدولية التي شاركت فيها دول أوروبية بعد هزيمة بونابارت عام 1815 امام القوى العظمى في ذلك الوقت( بروسيا ، النمسا ، روسيا ) والتي اجتمعت في مؤتمر فيينا 1815 واعتبر بونابارت خلاله عدوا للعالم بسبب إثارة الحروب ، وأعقب مؤتمر فيينا 1815 إنشاء كل من روسيا وبروسيا والنمسا حلف للتحالف المقدس بفرض إقامة سلم دائم يكفل استقرار العالم ،وبناء مجتمع أوروبي متفاهم ومتحد ، فهكذا يعتبر فقهاء القانون الدولي بان أول تجربة للتنظيم الدولي الحديث تتمثل في إنشاء نظام الوفاق الأوروبي في نونبر 1815 بين روسيا وبروسيا والنمسا بالإضافة إلى بريطانيا وفرنسا التي انضمت بعد ذلك .

لقد سعى نظام الوفاق الأوروبي على استقرار العالم الدول الأوروبية حتى نشوب واندلاع الحرب العالمية الأولى ،وشكل هذا الوفاق إطارا مهما للتفاوض بين القوى الكبرى الأوروبية لحل المشكلات الأوروبية ، ويمكن اعتبار مؤتمر السلام بلاهاي الذي دعى إليه قيصر روسيا  بتاريخ 1899 وحضرته 26 دولة أوروبية  وفي مؤتمر لاهاي الثاني 1907  حضرت 44 دولة بين أوروبية ، وأسفر المؤتمر عن صياغة عدد من الإتفاقيات الدولية تقضي بتقنين قوانين الحرب بالإضافة إلى وضع قواعد خاصة بالتسوية السلمية للمنازعات الدولية عن طريق التحكيم .

وشهد القرن 19 ظهور العديد من المنظمات ذات الصبغة الفنية مثل اللجان النهرية الدولية بموجب معاهدات باريس 1814 ، وإنشاء إتحدات دولية مثل الإتحاد التيليغرافي العالمي 1865 والإتحاد البرلماني 1898 واللجنة الدولية للصليب الأحمر 1864 .

وهكذا نجد أن المجتمع الدولي شهد نوعا من التنظيم الدولي متمثلا في عقد المؤتمرات وإنشاء الإتحادات ،  وهذه الإتحادات غلبت عليها  الصبغة الفنية والتقنية وليس سياسية ، كما أنشئت لتلبية حاجيات الجماعة الدولية آنذاك مما ولد ضرورة إنشاء تنظيم دولي ينظم تبادل الخدمات بين الدول .

 

  1. إنشاء عصبة الأمم: كان لنتائج الحرب العالمية الأولى 1914-1918 أثر مهم في ضرورة تغيير النظام التقليدي وإنشاء منظمة دولية تهدف إلى الحد من التسلح وتحقيق السلم والأمن للجميع ، وفي أعقاب مؤتمر الصلح في فرساي 1919 تم تأسيس عصبة الأمم بموجب ميثاق مؤسس يتكون من 26 مادة .

 

وتعد عصبة الأمم أول منظمة سياسية ذات طابع عالمي تتمتع بالشخصية القانونية المستقلة ، والنواة الأولى للمنظمات الدولية المعروفة الآن .

وبالرغم من أن عصبة الأمم تعتبر أول تنظيم دولي ، إلا أنها لم تتمكن من حل المنازعات الدولية ( إحتلال إيطاليا وغزوها للحبشة 1938  وكذا إعتداءات هتلر على الدول الأوروبية التي أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية) .

  1. إنشاء منظمة الأمم المتحدة: باندلاع الحرب العالمية الثانية انهارت عصبة الأمم وانهارت معها أول تجربة للتنظيم الدولي ،وهكذا اتجه تفكير المجتمع الدولي وفي مقدمتها دول الحلفاء إلى إقامة نظام أفضل وأجدى للتنظيم الدولي كبديل عن النظام الدولي المنهار ، يقوم على مبدأ الأمن الجماعي والتعايش السلمي بدل الحرب وعقدت العديد من المؤتمرات التمهيدية لإنشاء المنظمة :

–         مؤتمر الأطلسي 1941.

–         إجتماع موسكو 1943.

–         طهران ويالطا وبوتسدام 1945.

وكان العنوان الرئيس لهذه الإجتماعات هو محاولة إيجاد صيغة لتنظيم المجتمع الدولي ، وهكذا دعت الدول إلى عقد مؤتمر سان فرانسيسكو في عام 1945 للمصادقة على ميثاق منظمة الأمم المتحدة ، وقد حاول واضعوا الميثاق تجنب الأسباب التي أدت إلى فشل عصبة الأمم وذلك بإقرار التصويت بالأغلبية بدلا من الإجماع عند اتخاذ القرارات وحل المنازعات بالطرق السلمية، بالإضافة إلى الأمم المتحدة ، تم إنشاء العديد من المنظمات الدولية والوكالات المتخصصة في مجالات متعددة، كإنشاء منظمات إقليمية وجهوية فيما بين الدول المتجانسة ثقافيا واقتصاديا وسياسيا وجغرافيا (جامعة الدول العربية ، منظمة الدول الأمريكية …)

 

         الحاجة لوجود نظرية  للمنظمات الدولية:

عادة ما يطرح الدارسون سؤالا ،هل يمكن الإقرار بتوفر عناصر لنظرية متكاملة في التنظيم الدولي ؟

 

للإجابة عن هذا التساءل ،هناك إتجاه يذهب إلى صعوبة الحديث عن نظرية للمنظمات الدولية ، بفعل ما يتطلبه ذلك من صرامة منهجية من حيث الشروط التي تبنى عليها النظرية أي إخضاعها للإختبار العملي ، وهو عمل يصعب تحقيقه في العلوم الإجتماعية وبالتالي استحالة الوصول إلى قانون محكم للظاهرة المدروسة .

أما التوجه الثاني فهو يسعى إلى إقرار وجود نظريات للمنظمات الدولية إنطلاقا من التراكم المعرفي الحاصل عبر تطورها ونمو فاعليتها ودورها في الممارسة على نطاق واسع في الحياة الدولية.

القسم الأول : المنظمات الدولية ، الأسس والمفاهيم النظرية  

الفصل الأول : تعريف المنظمات الدولية

 

لقد تعددت تعريفات المنظمات الدولية  إلا أنها تتفق فيما بينها على العناصر المكونة لها وهي الصفة الدولية والإرادة الذاتية والإستمرارية.

وهكذا يمكن تعريف المنظمات الدولية بأنها “هيئة دائمة لها إرادة ذاتية مستقلة تم التعبير عنها في المجتمع الدولي وفي مواجهة الدول الأعضاء، وتقوم على أساس التعامل الإختياري بين الدول في مجال أو مجالات يحددها إتفاق منشئ لها ،وتباشر الإختصاصات التي يتضمنها ميثاق إنشاؤها بواسطة أجهزة دائمة.

 

عناصر المنظمات الدولية

هذا التعريف يحيل على ثلاثة عناصر أساسية :

  • الصفة الدولية: يشترط في أعضاء منظمة دولية أن يكونوا دولا مستقلة وليس هيئات بين الأفراد أو هيئات غير حكومية خاصة أو عامة كالشركات والهيئات الخيرية والمنظمات  غير الحكومية  وجود المنظمة يستنج إلى إتفاقية مكتوبة سماها دستورا أو نظاما أساسيا أو ميثاقا أو معاهدة أو عهدا يتم إبرامها بين دول ذات سيادة ،والإتفاقية الدولية المنشئة للمنظمة هي تعبير عن الموافقة الإختيارية للدول المكونة لها .

و داخل عمل المنظمات الدولية يحدث تمييز بين المنظمات الدولية الحكومية والمنظمات الدولية غير الحكومية ، لأن هذه الأخيرة لا تنشأ عن إتفاقات بين الحكومات وإنما بين هيئات غير حكومية ،ولا تمثل فيها حكومات الدول ( قرار 288 الصادر بتاريخ فبراير 1965 من قبل المجلس الإقتصادي والإجتماعي التابع للأم المتحدة).

ومع ذلك فإن المنظمات الدولية تسمح بالعضوية الإستثنائية للمنظمات غير الحكومية وللأقاليم التي لا تتمتع بالإستقلال والسيادة الكاملين.

المادة 71 من ميثاق الأمم المتحدة كما تسمح بإقامة تعاون بينها وبين المنظمات غير الحكومية على غرار تعاون المجلس الإقتصادي والإجتماعي مع الهيئات غير الحكومية ( منظمة الصليب الأحمر الدولية) .

كما تمنح بعض المنظمات الدولية العضوية لأفراد محكمة العدل الدولية التي يتكون قضاتها من الأشخاص المشهود لهم بالكفاءة ، كما تشترط بعض المنظمات إشتراك العمال وأرباب العمل في عضوية المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية ومنظمة الأغذية والزراعة، و تقضي بإمكانية إنضمام ممثلين عن هيئات المختصين الزراعيين وهيئات المستهلكين .

والمنظمة تكتسب الصفة الدولية بغض النظر عن عدد الدول الأعضاء ، فجامعة الدول العربية لا يتعدى أعضاءها 22 دولة  ومع ذلك فهي منظمة دولية .

وتمتع المنظمة بالصفة الدولية لايعطيها مركزا متميزا وسلطات فوق سلطات الدول الأعضاء فهي أداة تنسيق لأنشطة الدول ،لتحسين التعاون ومن تم فهي منظمات ما بين الدول وليست وصية أو فوق الدول.

الإرادة الذاتية :

المنظمة تتمتع بإرادة ذاتية ناتجة عن الصفة القانونية التي منحتها لها الدول المنشئة لها لتمكنها من التعبير عنها وفق القواعد التي يقررها الميثاق المنشئ لها.

المنظمة الدولية تتميز بإرادة ذاتية مستقلة ومتميزة عن إرادات الدول الأعضاء لأن إرادات الدول الأعضاء في المنظمة إشتركت في تكوين إرادة جديدة مستقلة ومتميزة عن إرادتهم وهي إرادة المنظمة التي تنسب إلى كل الدول الأعضاء مما سيؤدي إلى إلتزام الدول الأعضاء بالقرارات الصادرة عن المنظمة متى توفرت شروط صحته ، وصدور القرار بالإجماع أو بالأغلبية عن المنظمة ماهي إلا وسيلة لتحقيق الإرادة الذاتية للمنظمة وتعبير عن إرادتها المنفصلة عن إرادة الدول الأعضاء لأنها تصدر بإسم المنظمة وتنصرف آثارها إلى الدول الأعضاء سواء وافقوا عليها أم لم يوافقوا .

الإستمرارية :

وهي العنصر الثالث الواجب توفره لقيام المنظمة، ويمثل عنصر الدوام والإستقرار مما يميزها عن المؤتمرات التي تعقد بصفة عارضة أو تكون دورية لكنها تنعقد لبحث موضوع معين ثم تنقضي ، و المنظمة الدولية تنشأ بصفة دائمة دون تحديد مدة معينة لأجل تحقيق الأهداف المنصوص عليها في ميثاق إنشائها عن طريق الأجهزة الملحقة بها .

وإشتراط إستمرارية المنظمة يقصد به رعاية المصالح المشتركة والمستمرة لأعضائها ، كما أن هذا الإستمرار هو وحده الكفيل بتحقيق إستقلال المنظمة في مواجهة أعضائها بعكس الحالة التي  لا يكون فيها مستمرة فإنها تظل مرتبطة بإرادة الدول التي تصدر عنها تصرفات وهو  ما يتنافى مع عنصر أساسي في المنظمة وهو عنصر الإرادة الذاتية .

ولذلك فإن هيئات التوفيق ومحاكم التحكيم التي تنشئها الدول للفصل في نزاعات قائمة بينها لا تعد منظمات دولية لأنها بمجرد صدور قراراتها التحكيمية تنفض بحكم الواقع.

 

الفصل الثاني : معايير تقسيم المنظمات الدولية

الذي نعيشه بتعدد المنظمات الدولية وتنوعها تبعا لإختلاف الميادين والمجالات التي تعمل بها ولذلك فهي تتعدد بتعدد الزوايا التي ينظر منها إلى المنظمة وبالتالي لم يتفق الفقهاء على تقسيم موحد للمنظمات الدولية ، فكيفما كان الأمر فإنها تستهدف جميعا تنظيم المجتمع الدولي وتحقيق الأمن الجماعي ورفاهية الشعوب على النطاق العالمي والجهوي .

وتستند المعايير التي إعتمدها الفقه الدولي في تقسيم المنظمات الدولية إلى سلطات المنظمة وإلى نطاق العضوية فيها وإلى أهداف المنظمة وأخيرا إلى الوظيفية التي تؤديها.

  1. معيار السلطات: يمكن تقسيم المنظمات الدولية تبعا لما تتمتع به المنظمة الدولية من سلطات إلى منظمات تتمتع بسلطات واسعة ومنظمات تتمتع بسلطات محدودة .

ومن أمثلة الأولى المنظمات التي بإمكانها إصدار قرارات ملزمة للدول الأعضاء وتمارس جزءا من إختصاصات السيادة لهذه الدول( قرارات مجلس الأمن في أحوال تهديد الأمن والسلم الدوليين طبقا لمقتضيات الفصل السابع من الميثاق ،أحكام محكمة العدل الدولية حسب الإختصاص القضائي لهذه الهيئة) كما أن هنالك منظمات تتمتع بسلطات ذاتية تباشرها دون أن تحل محل الأجهزة الدول الأعضاء ، أو تحل تلك الأجهزة المختصة محل الدول الأعضاء وذلك في مجال التشريع والتنفيد والقضاء (سلطات  مجلس الأمن في إتخاذ إجراءات عسكرية في حالة وقوع عدوان ) والمنظمات فوق الوطنية كالإتحاد الأوروبي والتي يشبهها بعض الفقهاء بالإتحادات الفيدرالية .

أما الثانية فهي لا تتمتع بأي سلطة حقيقية في مواجهة الدول الأعضاء وإنما يقتصر دورها في تبادل المعلومات ونشرها وإجراء البحوث والتعبير عن رغبات أو آراء إستشارية كالإختصاص الإستشاري لمحكمة العدل الدولية ،أو إصدار توصيات ليس لها صفة الإلزام (التوصيات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة) ويترك للدولة سلطة الفصل النهائي فدورها يقتصر على تحقيق التعاون بين الدول ، لذلك يطلق عليها إسم منظمات تعاون.

  1. معيار العضوية: يمكن تقسيم المنظمات الدولية استنادا إلى هذا المعيار إلى منظمات دولية عالمية ومنظمات إقليمية .

فالمنظمات العالمية العضوية تظل مفتوحة لكل الدول دون تمييز إعمالا لمبدأ المساواة في السيادة طالما توفرت في الدولة شروط الإنضمام التي يتطلبها ميثاق إنشائها.

أما المنظمات الإقليمية فهي التي تقتصر العضوية فيها على دول تنتمي إلى مناطق معينة وتستند إلى طبيعة خصائص النظام السياسي والإقتصادي (جامعة الدول العربية ، الإتحاد الأوروبي ، الإتحاد الإفريقي ، منظمة الدول الأمريكية).

وقد تكون هذه المنظمات ذات موارد ومصالح معينة ،وهنا تكون العضوية مقتصرة على تلك الدول التي لها هذه الموارد والمصالح المشتركة كمنظمة الدول المنتجة و المصدرة للنفط (أوبيك).

وينتقد البعض المنظمات الإقليمية باعتبارها مشاريع تؤدي إلى تمزيق الجهود الرامية إلى تحقيق مجتمع دولي بعيدا عن المصالح الفئوية الضيقة ،بينما يرد البعض بأن فكرة الإقليمية فرضت نفسها على ظاهرة التنظيم الدولي إلى جانب فكرة العالمية .

  1. معيار الأهداف: وفق هذا المعيار يمكن تقسيم المنظمات الدولية إلى منظمات دولية ذات أهداف عامة ومنظمات دولية متخصصة .

فالأولى تمارس اختصاصات تغطي كافة الأنشطة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية في المجتمع الدولي فأهدافها تظل متعددة كما هو الحال لهيئة الأمم المتحدة.

أما الثانية فيقتصر نشاطها على نوع معين من أنواع الأنشطة كما هو الحال لأغلب الوكالات  الدولية المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة في مجال الإقتصاد والمال (البنك العالمي ، صندوق النقد الدولي، منظمة التجارية العالمية) في مجال العمل والصحة (منظمة العمل ، منظمة الصحة العالمية ،منظمة يونيسيف) وفي المجال العلمي ( الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، منظمة اليونيسكو).

  1. معيار الوظيفة:ويندرج ذلك ضمن عملية تطور مسار الإتحاد الأوروبي من الناحية النظرية تحت مايعرف باسم ” نظريات الإندماج الإقليمي” وهي النظريات التي أنشئت لتفسير عملية الإندماج ما بين الدول المختلفة من حيث الدوافع ،ولم تتطور نظريات الإندماج الإقليمي بشكلها الحديث إلا مع تطور حركية الوحدة الأوروبية.

ويمكن تقسيم نظريات الإندماج الإقليمي إلى نوعين :

الأولى ظهرت في إطار علم السياسة ، يطلق عليه النظريات السياسية للإندماج، والثانية ظهرت في إطار علم الإقتصاد ويطلق عليها بالنظريات الإقتصادية للإندماج .

أ-النظرية الفيديرالية : تسعى إلى تطبيق نموذج الدولة الفيدرالية على المستوى الدولي بمعنى إنخراط الدول الأعضاء في عملية الإندماج وذلك بالتخلي عن سيادتها لصالح حكومة فيديرالية ، على أن يتم توزيع جديد للسلطات بين الحكومات الفيديرالية والحكومات الإقليمية في المجالات المختلفة ومضرب أمثال هذا الإتجاه هو النموذج الفيديرالي للولايات المتحدة الأمريكية.

ب- النظرية الوظيفية : ترتبط هذه النظريات بإسهامات ديفيد ميتيراني والذي قعد لأطروحة الإندماج و الخيار الوظيفي وتقوم هذه الفكرة على ضرورة الفصل بين الجوانب السياسية والجوانب الوظيفية في عملية الإندماج والتركيز على الإندماج الوظيفي في القطاعات الفنية المختلفة والتخلي عن فكرة الإتحاد السياسي ، ويضرب ميتراني مثلا بعصبة الأمم التي انهارت بعد الحرب العالمية الثانية في حين استمرت منظمة العمل الدولية، وهي منظمة وظيفية في أداء عملها ،ويظل التصور النهائي لعملية الإندماج لدى ميتراين قائما على إنشاء تنظيمات وظيفية دولية تقوم فيها الدول بنقل جزء من سيادتها في هذه القطاعات الفنية إلى المؤسسات الدولية في حين تحتفظ بسيادتها السياسية ولا يتم نقلها  إلى مؤسسة فيديرالية.

ج-النظرية الوظيفية الجديدة : من أهم منظريها هم إرنست هاس ، لقد بدأ هاس بنقد الأفكار الوظيفية لميتيراني ، ولاسيما في إمكانية الفصل بين الأمور السياسية والأمور الفنية ، حيث أكد في عبارة شهيرة : ” إن التفرقة بين الأمور السياسية والأمور الفنية أو بين رجل السياسة والخبير الفني تظل قائمة،  لأن الأمور الفنية عادة ماتصبح كذلك فعل قرار سياسي”.

وفي هذا الخصوص قدم هاس مفهوما جديدا هو مفهوم الإنتشار –Spillover –  لتفسير التداخل بين عملية الإندماج الفني والإندماج السياسي ، حيث يرى أن الإندماج في القطاعات الفنية و الوظيفية سيؤدي حتما إلى نتشار عملية الإندماج لشكل تدريجي  إلى أن يمتد إلى مجالات أكبر بما فيها المجال السياسي .

د- نظريات الإندماج الإقتصادي للإندماج : هذه النظريات إزدهرت في مرحلة تالية لإزدهار النظريات السياسية،  فبعد أن استقرت الجماعة الأوروبية في مسارها وتحقق الهدف الرئيسي من إنشائها وهو منع قيام حروب أوروبية جديدة بين الدول الأعضاء ( مثلا إنشاء تجمع الصلب والحديد ) وتطورت هذه النظريات الإقتصادية من خلال تصنيفها لمستويات الإندماج الإقتصادي :

أ-منطقة التجارة الحرة :وتتميز بإزالة الحواجز أمام حركة التجارة بين الدول الأعضاء وإزالة التعريفات الجمركية والحصص، ولكن مع احتفاظ كل دولة بحقها في فرض رسوم جمركية خاصة بها في مواجهة الدول غير الأعضاء.

ج- الإتحاد الجمركي : ويتميز بتحرير التجارة بين الدول الأعضاء في الإتحاد عبر فرض تعريفة جمركية مشتركة بين هذه الدول وذلك في مواجهة الدول غير الأعضاء .

د-السوق المشتركة : تروم  تحقيق حرية التجارة والتعريفة الجمركية الموحدة وضمان حرية تحرر السلع  والرساميل بين الدول الأعضاء .

د-الوحدة الإقتصادية : وهي أعلى وأرقى مراحل الإندماج الإقتصادي وتتميز بالإضافة إلى المستويات المشار إليها أعلاه بتوحيد السياسة المالية والإقتصادية ،وخلق مؤسسات فوق قومية Supra-national في هذه المجالات ، و تكون القرارات الصادرة عن هياكلها  ملزمة لكل الدول الأعضاء.

 

الفصل الثاني : المقاربات النظرية المرتبطة بالمنظمات الدولية

المبحث الأول : المقاربة القانونية

 

لقد هيمن الطرح القانوني في البداية على دراسة المنظمات الدولية من كون المعاهدة الجماعية هي أساس وجود المنظمات. وذلك على شاكلة إعتراف القانون بالفرد والكائن الإنساني ،وتطور ذلك من الحقل الداخلي إلى الحقل الدولي مما أدى إلى تثبيت مقولة إحترام حقوق الإنسان.

أما بالنسبة للدول فإن أساسها هو السيادة التي تجد دعامتها في الأمة ، وهذا ما لا يتوفر بالنسبة للمنظمات الدولية ،وبالتالي فإن المنظمة لا تجد أساسها لا في الفرد ولا في السيادة وإنما في مفهوم جديد في العلاقات الدولية وهو مفهوم المرفق العام الدولي.

 

المبحث الثاني : المقاربة التاريخية

تهدف على وصف الوقائع التاريخية ،وهذا المفهوم الحدثي يركز على الحدث للتاريخ، ويستبعد التعميمات التي تدخل في نطاق الأنثروبولوجيا ،وعلم السوسيولوجيا ، والجيوبوليتيك والعلوم الإقتصادية ) فلا تعميمات إذا في تاريخ العلاقات الدولية حتى ولو جرت دراسة تطور البنى السياسية والإجتماعية ، حيث يصار إلى النظر في كل بنية على حدة وتبعا لخصوصيتها ،  ونذكر على سبيل المثال مسألة تطور البرلمانية بينما في العلاقات الدولية فالمسائل تظل معكوسة إذ أن التعميمات ضرورية للتمكن من إبداء التوقعات .

فالطرح التاريخي الذي حل محل التاريخ الدبلوماسي لم يعد يكتفي بدراسة تصرف الحكومات أو ممثليها في الخارج، بل إنه أضاف مجالا جديدا لتعمق المتخصصين من أجل فهم الأحداث والوقائع المتعلقة بحقبة زمنية معينة، فنجد أولا مدرسة “تاريخ الأحداث السنوية ” Ecole des annale (مدرسة الحوليات) والتي اشتهرت مع فيرناند بروديل ، وكل من بييررينوفان  و جون باتيست  ديروزيل بعد الإنتهاء من وضع مؤلفيهما عن ” تاريخ العلاقات الدولية ” ثم “مدخل للعلاقات الدولية” والذي يوضحان فيه القوى العميقة التي تؤثر على هذه العلاقات .

كما تروم المقاربة التاريخية دراسة الوقائع التاريخية عبر الأزمان والحقب،فهذه المقاربة تتخللها عدد من التيارات ، هناك تيار يذهب إلى القول بأن التاريخ هو رصد لأحداث الماضي ، وهناك من يرى أن التاريخ نوع من المسار الحركي البنيوي القائم على الصراع من منطلق المادية التاريخية بين البنيات المتناقضة المصالح حسب المنظور الماركسي.

 

المبحث الثالث :المقاربة الإندماجية أو التكاملية

يزداد اللجوء إلى نظريات التكامل والإندماجية لتفسير الظاهرة الإقليمية التي تتعزز في كافة مناطق العالم ، فالتجربة الأوروبية تمثل نموذجا متميزا في نجاحها بين دول شهدت  ثلاثة حروب مدمرة في أقل من قرن من الزمن ، كما أن زيادة الإعتماد المتبادل بين الدول أصبحت تدفع مناطق مختلفة في العالم إلى تنظيم تعاونها الإقتصادي والإجتماعي في ظل تعاظم العولمة الإقتصادية ، ويتضح من تجارب التكامل أنها كانت تعبر إما عن إرادة سياسية من أجل ضمان الأمن والتعاون ما بين الدول الأعضاء ، وإما أنها تخضع لمنطق وظيفي يرتبط بتحقيق حاجات أساسية يمكن تأمينها من خلال تعزيز التبادل والإتصالات ما بين الشعوب .

وقد تميزت النظريات الإندماجية بكونها مثلت في حالات كثيرة مرجعا يعتمد عليه من أجل تطوير ميادين دولية وإقليمية مثل الفلسفة التي كانت وراء إنشاء المنظمات الدولية المتخصصة بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك بالنسبة لقرار إنشاء الجماعة الأوروبية في بداية الخمسينات .

وفي هذا المضمار دراسات كارل دويتش Carl Deutsch في تأكيدها على أن التكامل يفرض وجود علاقات بين الدول إلى درجة أن هذه الدول لم تعد تورد في حسابها إمكانية نشوب حرب فيما بينها .

وبذلك يحدد دويتش الإندماج بواسطة مفهوم ” مجموعة الأمن” “Communauté de sécurité ” والتي يمكن أن تكون مندمجة كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية بالرغم من تعدديتها  .

ويركز دويتش على دور الإتصال (السبرناتيك Cybernitics ) في اتجاه علاقات الود أو العداء بين الجماعات السياسية ، ويجدد دويتش بأن تدفق الإتصالات عادة ما يؤدي إلى وحدة الشعوب، وأن الحدود تنشأ حيث تقف او تضعف الإتصلات.

المبحث الرابع : المقاربة النسقية أو النظمية

لقد تطابق إعداد نظرية النظم في الأبحاث حول العلاقات الدولية مع الحاجة الملحة التي استشعرتها الولايات المتحدة الأمريكية لتأهيل قادتها السياسيين ومع بذل الجهود ليكون هذا التأهيل قائما على قاعدة علمية خاصة وأن سياسة الخصم خلال الحرب الباردة كانت تركز على الماركسية المعروفة بأنها علمية وقادرة على إيجاد قوانين موضوعية للتطور البشري.

إن تطور النسقية في حق علم الإجتماع لدى  تالكوت بارسونز T.Parsons  أستخدم كعلم مرجعي لإعداد نظرية النظم في علم السياسة لذى يعتبر بارسونز أن المهام الأساسية لأي نظام يرغب بالبقاء والحفاظ على الإستقرار يجب أن يتميز بالخصائص الآتية :

1-حفظ و إعادة إنتاج السمات الأساسية للنظام .

2-التكيف مع المحيط الذي يعيش فيه .

3-تحقيق أهدافه وغاياته .

4-الإندماج وهذا يعني أن جميع أقسام النظام ووظائفه تتحرك بشكل متناسق وألا تعارض مع بعضها البعض.

ويرى Parsons  أنه انطلاقا من فهم هذه المهام يمكننا فهم سلوك النظام ككل أو النظام المساعد المتواجد داخل النظام نفسه ، وبالتالي إمكانية التوصل إلى وضع مقارنة بين هذه الأنظمة .

وقد إعتمد على منطلقات بارسونز وطورها عدد من الباحثين  ديفيد آستون وجبريال ألمون في الولايات المتحدة المريكية وجون برتون J.Burthom  في بريطانيا ومارسل ميرل في فرنسا الذين طبقوا نظرية النظام الإجتماعي على تحليل ودراسة العلاقات الدولية من خلال ترسيخ مقولات التالية:

أن “النظام هو مجموعة عناصر متفاعلة وتألف كلا واحدا ، وتظهر تنظيما معينا من خلال (التفاعل ، الكلية ، التنظيم ).

-أن كل نظام مؤلف من عناصر قد تكون وحدات.

-التفاعل هو نتيجة التفاعل القائم بين هذه العناصر إذ أنه  لا يمكن الحديث عن  نظام بدون علاقات تفاعلية.

-إن مجموع الأشخاص والعلاقات القائمة بينهم تشكل كلا متكاملا .

-ويظهر كل ذلك من خلال تنظيم معين يتحدد وفق العلاقات القائمة بين العناصر والإلتزامات التي يتم التعبير عنها ويتأثر هذا النظام بمحيطهه من خلال المؤثرات الداخلة والمدخلات Inputs  والنواتج والمخرجات : Outputs  ، وبما ان النواتج تتأثر بالمحيط الذي يمكن اعتباره نظام أشمل أو نظاما آخر مختلف فإن هناك عملية تفاعل تؤدي إلى مدخلات جديدة Feed back.

M.Virally فقد نجح الفقيه ميشيل فيراني في توظيف هذه المقاربة النسقيةفي  ظاهرة التنظيم  الدولي إذ شبه هذا الأخير واقع علاقة الإرتباط والإنتظام داخل المنظمات الدولية بمنظومة المجموعة الشمسية .

 

أما عن الكيفية التي تتأمن فيها زيادة الإتصالات فيمكن تلخيصها : في التعامل مع شروط محلية و إقليمية وعالمية من أجل تجاوز العقبات ، وقدرة النخب الحاكمة والسياسية على التعامل مع هذه الشروط وإيمانها بوجود حافز مشترك.وكذا دور القوى  غير الحكومية (شركات عبر وطنية ،قوى سياسية و نقابية) في خلق عدد من القنوات التي تؤدي إلى هذا التكامل .

مع وجود درجة عالية من الإعتماد في المجالات الإجتماعية والثقافية والإقتصادية مما يجعل من موضوع الأمن في بعده العسكري في درجة متدنية ، وقد يختفي أحيانا  من قاعدة الموضوعات .

 

نظرية التعاون عند أكسيلورد :

ولتفسير هذه المسألة عمد العالم   Robert Axeleord  إلى إمكانية إقامة تعاون دائم بين أطراف يسعون لتحقيق مصالح خاصة عندما يكتشفون أن من مصلحتهم الخروج عن عزلتهم وإثامة علاقات تعاون على قاعدة الفائدة المتبادلة.

وتستند هذه النظرية علة مقولة “هذه بتلك Donnant Donnant” ، التي طبقت على ما يعرف بمعضلة السجين ،من خلال تطبيق استراتيجيات مختلفة و بعد عدة مباريات تم اكتشاف ان أفضل النتائج التي يمكن التوصل إليها يتم إحرازها من خلال ما أسماه “سوف أعاملك بنفس معاملتك ” فإذا غدرت سوف أغدر وإذا تكرر غدرك سوف أرد بالمثل ، أما إذا تعاونت فسوف أتعاون معك وإذا عدت إلى التعاون سأعود إليه ، وفي النهاية يتبين للاعبين أن مجموع المنافع يزيد  بتعلم التعاون.

وإستنادا إلى ما سبق فإن التطور التقني والحاجة لإبى تنظيم الإتصالات الدولية من أجل تأمين إزدهار حركة المبادلات كانت من الأسباب الأولى التي أدت إلى إنشاء الإتحادات العالمية ، ومع تطور العلاقات لإقتصادية الدولية  ظهرت ضرورة ضمان إستمرارها وإزدهارها بالتوجه نحو  إنشاء منظمات دولية تضمن إحترام معادلات مشتركة في ميادين العمل والنقد والتجارة.

وهذا ما يفسر إنشاء منظمة العمل الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، و كذلك الأمر بالنسبة لإنشاء مؤسسة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي قبل إنتهاء الحرب العالمية الثانية.

وقد تزامن مع تطور هذه المنظمات تطور فكرة التضامن الدولي تجاه المسائل الإجتماعية .

وما إنشاء منظمة اليونيسكو إلا ردة فعل على ظاهرة الحرب وتطوير فكرة السلم في عقول ونفوس الناس ونفس المنطق استحضر في غنشاء منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “FAO” .

 

القسم الثاني:النظام القانوني للمنظمات الدولية

الفصل الأول :المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية

المنظمات الدولية بمقتضى معاهدة دولية متعددة الأطراف وفقا للشروط والأوضاع التي يتفق عليها أطرافها. وتعتبر الوثيقة المنشئة للمنظمة بمثابة نظامها الأساسي الذي يحدد إختصاصاتها وأهدافها وأسلوب عملها وهي الحجة والعمدة والمرجع في كل ما يتعلق بها .

وهذه الطريقة تبدو ضرورية لأن تاريخ المنظمات الدولية مازال حديثا وبالتالي فإن النظريات التي عالجت  الموضوع لازال يشوبها الغموض ، كما أن الخلاف مازال بارزا بين معظم المتخصصين في دراسة العلاقات الدولية والقانون العام ،فهل الإطار القانوني هو الأساس كما ظهر من خلال معظم الدراسات في*** ام ان العامل السياسي هو الحاسم كما يدعي أصحاب الإتجاهات الإنجلوساكسونية ؟ وبالتالي هل يكمن دور المنظمات الدولية في الحفاظ على الأمر الواقع Statut quo أم إنها تهدف إلى تغيير ميزان القوى المهيمن وتسمح ببناء عالم أفضل.

 

L’intégration designe le developpement des rapport

+الإندماج يعني تطور الروابط والعلاقات الإقتصادية والإجتماعية عبر خلق نوع من الإعتماد المتبادل بين الدول وعادة ماتتم عملية الإندماج في نطاق جغرافي معين ويستلزم وجود درجة مرتفعة من المؤسسات .

+الإختصاص فوق القومي :  Supra nationaux تجربة الإندماج الأوروبي .

+مستويات النظرية الوظيفية .

الفصل الثاني : الأطر النظرية والمفاهيمية للمنظمات الدولية

إن دراسة المنظمات الدولية كما هو الحال بالنسبة للدول نمكن لها مبدئيا أن تعتمد على المنطلقات النظرية كما من الضروري اللجوء إلى الطرح التاريخي والطرح القانوني من أجل إجراء المقارنات الضرورية بين تجارب المنظمات الدولية واستخلاص المفاهيم العامة التي تحكم نشاة وتطور هذه المنظمات . وهذه الطريقة تبدو ضرورية لأن تاريخ المنظمات الدولية مازال حديثا وبالتالي فإن النظريات والمقاربات التي عالجت هذا الموضوع مازال يشوبها الغموض كما أن الإختلاف مازال بارزا بين معظم المتخصصين في دراسة العلاقات الدولية والقانون الدولي .

 

المبحث الأول : نشأة المعاهدة

تنشأ المعاهدة الدولية بموجب معاهدة دولية متعددة الأطراف ويخضع لنظام خاص بإبرامها لنفس الشروط الموضوعية والشكلية لصحة إبرام المعاهدات التي يتم وضعها بواسطة مؤتمر دولي يضم ممثلي الحكومات في أغلب الأحوال كما الحال لمؤتمر سان فرانسيسكو لعام 1945 الخاص بالأمم المتحدة، ومؤتمر الإسكندرية 1944  الخاص لجامعة الدول العربية، ومؤتمر أديس أبابا 1963  الخاص بمنظمة الوحدة الإفريقية والتي تحولت إلى منظمة الإتحاد الإفريقي الحالية  .

وقد تتولى المنظمة الدولية إعداد مشروع الميثاق المنشئ للمنظمة الجديدة مثال ذلك ما خولته المادة 59 من ميثاق الأمم المتحدة للمجلس الإقتصادي والإجتماعي ،من إعداد مشاريع للمواثيق المنشئة للوكالات والمنظمات الدولية  المتخصصة .

ويتم توجيه الدعوة إلى المؤتمر الدولي من قبل دولة أو أكثر من الدول المعينة بإنشاء المنظمة ، وتتدخل الإعتبارات السياسية والإقتصادية والجغرافية في تحديد الدول التي توجه إليها الدعوات، فإذا كانت المنظمة ذات طبيعة عالمية ، تستدعى جميع الدول بدون تمييز أما إذا كانت منظمة إقليمية فيستدعى لها من يعنيهم تحقيق أهدافها .

وتسبق المؤتمرات الدولية إتصالات ولقاءات تمهيدية بين عدد من الدول تتولى إعداد ومناقشة مشروع الإتفاق المنشئ للمنظمة وإقراره ، وينتهي المؤتمر بإنشاء لجنة مؤقتة تتولى مهام المنظمة التي يجري الإعداد لإنشائها كإجراء الإتصالات مع الدول الأعضاء وغيرها لحثها على التوقيع والمصادقة عل الإتفاق المنشئ للمنظمة وتنتهي مهمة هذه اللجنو بمجرد الحصول على الموافقة النهائية لإنشاء المنظمة ، أي تصويت أغلبية الدول على ميثاقها والحصول على العدد اللازم من التصديقات المطلوبة لدخول الميثاق حيز التنفيذ.

والقاعدة العامة أنه خلافا للمعاهدات الدولية الأخرى لا يجوز التحفظ على بعض أحكام المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية مالم تنص نصوص المعاهدات المنشئة للمنظمات على غير ذلك ، لأنه إعمالا لمبدأ المساواة في السيادة بين الدول فإن أعضاء المنظمة يقفون على قدم المساواة في قبول الآثار المترتبة عنها .

فأحكام المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية واجبة الإحترام من كافة الدول الموقعة عليها ودون إبداء أي تحفظ عليها ،كما أنه تسمو على أحكام المعاهدات الأخرى التي يرتبط بها أعضاء المنظمات الدولية .

وتتكون المواثيق المنشئة للمنظمة الدولية من ديباجة تحدد الأسباب التي دعت إلى إنشاء المنظمة وأحكام عامة تتضمن أهداف المنظمة ومبادئها وشروط العضوية والشخصية القانونية للمنظمة وأجهزتها وفروعها وغير ذلك من الأحكام ، كما قد تشمل  المعاهدة ملاحق بحسب الأحوال .

ولكي تصبح الإتفاقية سارية المفعول يجب أن يتم تبادل التصديقات بين الدول الموقعة عليها وفقا للأحكام الدستورية الداخلية الخاصة بكل منها مالم تعف المعاهدة المنشئة للمنظمة من قاعدة التصديق على الوثيقة من كافة الدول الموقعة وتكتف بتصديق نسبة معينة من الدول ( المادة 110 الفقرة الثالثة من ميثاق الأمم المتحدة).

وتنص المعاهدة المنشئة للمنظمات الدولية على إيداع تصديقات الدول الأعضاء لدى دولة معينة أو لدى سكرتارية منظمة دولية وذلك بقصد تسهيل إحاطة الأعضاء بتمام التصديقات .

وتنص الكثير من المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية صراحة على ضرورة تسجيلها لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة مثال على ذلك : ميثاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية ،وميثاق منظمة الصحة العالمية، وميثاق منظمة الدول الأمريكية .

والهدف من تسجيل المواثيق الدولية لدى الأمم المتحدة هو عدم تشجيع المعاهدات السرية والديبلوماسية السرية ،ويتولى المودع لديه الميثاق القيام بعملية التسجيل والنشر l’enregistrement et publication  .

 

المبحث الثاني : تعديل المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية

من المعروف أن القواعد المقررة في القانون الدولي هي جواز إعادة النظر في المعاهدات في أي وقت وبناء على طلب أي عضو فيها ،بحيث تقتضي العلاقات الدولية وما يطرأ عليها من تطور إلى مسايرة الظروف وتغيير النصوص المنشئة للمنظمة الدولية بحيث تشمل الحاجات الجديدة  للجماعة الدولية وتتلاءم مع ظروف الدول الأعضاء بالمنظمة ومصلحتهم الجماعية .

لذلك فإن نصوص بعض المعاهدات المنشئة للمنظمات الدولية تقرر إمكانية تعديل مواثيقها إذا توافرت شروط معينة تتعلق بالنصاب المطلوب لحصول التعديل.

فمنظمة الأمم المتحدة لللأغذية والزراعة أجازت تعديل ميثاقها دون الحاجة إلى التصديقات (المادة 19) وجامعة الدول العربية أجازت تعديل ميثاق بموافقة 3/2 الأعضاء على أن يبث فيه في دورة الإنعقاد التالية التي قدم فيه الطلب (المادة 16) ، كما أن ميثاق الأمم المتحدة إشترط موافقة 3/2 أعضاء الجمعية العامة وتصديق 3/2 أعضاء الأمم المتحدة بمن فيهم جميع أعضاء مجلس الأمن الدائمين وفقا للأوضاع الدستورية في كل دولة (المادة 108 من الميثاق).

وقد تشترط بعض المعاهدات إجماع الأعضاء لإمكان إجراء التعديل ( نموذج منظمة الحلف الأطلسي) كما تشترط  بعض المعاهدات عدم إمكانية تعديل المعاهدة المنشئة للمنظمة خلال فترة معينة وهذه هي حالة المنع المؤقت من التعديل والهدف من هذا المنع هو إصباغ نوع من الإستقرار على المنظمة ، مثال ذلك إشتراط معاهدة الجماعة الأوروبية للفحم والصلب ، عدم جواز التعديل خلال فترة الإنتقال من 9/2/1957 وحتى 9/2/1958 ،وتمر إجراءات تعديل مواثيق المنظمات الدولية عادة بمرحلتين :

1-مرحلة إقرار التعديل من جانب الجهاز التشريعي للمنظمة أوالمؤتمر.

2-مرحلة التصديق عليه من قبل أعضاء المنظمة.

 

المبحث الثالث : تفسير المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية

لما كانت المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية هي القانون الأساسي الذي يحكمها ويحدد أهدافها  ومبادئها ونطاق تطبيقها ، فإن تفسير المعاهدة يقصد به إعطاء نص من نصوص المعاهدة المعنى القانوني الحقيقي له في حالة غموض أو قصور بعض نصوص المعاهدة بسبب تحرير المعاهدة بعدة لغات لها قوة رسمية واحدة.

والتفسير لا يقصد به الكشف عن مقاصد ونوايا أطراف المعاهدة بصعوبة الوصول إلى تفسير واحد للنص الغامض ولتعذر إلتقاء مجموعة الدول الأعضاء حول تفسير موحد، وإنما بقصد به كما عبر  عنه كلسن ( ليس الكشف عن المعنى الحقيقي للنص القانوني الذي يتم تفسيره وإنما إضفاء صفة الإلتزام لأحد المعاني التي يمكن أن يفهم بها هذا النص من الناحية المنطقية ، وإختيار التفسيرات  تحكمه إعتبارات سياسية، لذلك فليس المعنى المنطقي أو الحقيقي هو الذي يفصل وإنما الذي يتفق مع الإعتبارات السياسية (.

وتفسير ميثاق المنظمة الدولية يخضع للقواعد العامة في القانون الدولي التي تنادي بإعطاء تفسير موسع لمواثيق المنظمات الدولية وهو الإتجاه الذي ظهر في الآراء الإستشارية التي أصدرتها محكمة العدل الدولة بعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة.

وتنص دساتير المنظمات الدولية على حل المنازعات التي تنشأ أثناء تطبيق المعاهدة بسبب صحة التفسير الذي تعتمده المنظمة وذلك بإتباع إجراءات معينة .

وأهم هذه الحلول هو اللجوء إلى التحكيم لحل المنازعات الخاصة بتفسير نصوص المعاهدة المنشئة (المادة 23) من دستور اتحاد البريد العالمي ، كما يمكن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لحل النزاع المتعلق بالتفسير ( المادة 75) من منظمة الصحة العالمية و(م96) من ميثاق الأمم المتحدة ، التي تنص على أنه لأي من الجمعية العامة أو مجلس الأمن  أن يطلب من محكمة العدل الدولية إفتاءه في أية مسألة قانونية ولسائر فروع الهيئة بالوكالات المتخصصة المرتبطة بها ممن يجوز أن تأذن لها الجمعية العامة بذلك و في أي وقت . كما يمكن اللجوء إلى التحكيم وإلى محكمة العدل الدولية (المادة 14) من ميثاق اليونيسكو الذي ينص على إحالة كل نزاع بشأن تفسيره إلى محكمة العدل الدولية أو هيئة تحكيمية للبت فيه حسبما يقرره المؤتمر العام للمنظمة الدولية .

وقد تعطي بعض المعاهدات لفروع المنظمة أو  أجهزتها سلطة حل النزاع دون اللجوء إلى جهة أخرى مثال ذلك ما نصت علي إتفاقية البنك الدولي وصندوق النقد العالمي ، من أن كل نزاع يتعلق بتفسير ما يتم حله بقرار من المديرين ويجوز لكل دولة عضو أن تطلب عرض قرار المديرين أمام مجلس المحافظين الذي  يكون قراره نهائيا ودون استئناف .

وقد جرت أحكام القضاء الدولي على تطبيق القواعد الخاصة بتفسير المعاهدات ،على تفسير مواثيق المنظمات الدولية ومن بين هذه القواعد التي لجأ إليها القضاء الدولي.

1)    تفسير الألفاظ لمعناها المادي الواضح باعتبارها كلا متكاملا على ضوء النص كله وليس بأخذ معنى كل لفظ على حدة ،وهو ما قررت محكمة العدل الدولية في فتواها المتعلقة باختصاص الجمعية العامة للأمم المتحدة في قبول أعضاء جدد بالمنظمة الدولية من أن الواجب الأول للمحكمة أنه إلى جانب دعوتها لتفسير وتطبيق معاهدة، أن تطبق المعنى الطبيعي والعادي للألفاظ المأخوذة في جملتها .

2)    إستبعاد التفسير اللفظي الذي تتمخض عنه نتائج غير منطقية لأنه يفترض أن اختيار الدول لألفاظ معينة إنما يأتي بقصد ترتيب نتائج منطقية ، فإذا أدى تفسيير بعض الألفاظ إلى غير ذلك وجب تجاهله.

3)    الرجوع إلى الأعمال التحضيرية لمعرفة النية الحقيقية لأطراف المعاهدة وهو ماجرت عليه محكمة العدل الدولية لإزالة الغموض حيال نص معين .

4)    التفسير على ضوء ما يجري عليه العمل في تطبيق المعاهدة ، لأن تواتر العمل بطريقة معينة يعبر عن الإرادة الحقيقية للدول الأعضاء ويعد بمثابة تفسير رسمي للميثاق (استحضار الظروف والملابسات الخاصة بتطبيق المعاهدة).

5)    مبدأ إعمال النص : أي أنه في حالة تعدد التفسيرات التي يحتملها النص الغامض فإنه يفضل التفسير الذي يؤدي إلى إعماله وتطبيقه أي لايجوز قبول تفسير يجعل النص بدون معنى أو يجعله بدون فعالية .

6)    الرجوع إلى لغة الأعمال التحضيرية عند تفسير المواثيق المكتوبة بعدة لغات رسمية ، ولا صعوبة في العمل إذا حددت المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية نصا رسميا محددا يرجع إليه عند اختلاف المعنى في لغة عنه في لغة أخرى ،إلا أن الأمر يكون مختلفا عندما تقرر المعاهدة قوة رسمية متساوية للغات المختلفة حيث يرى الفقهاء أنه يجب الأخذ بالمعنى الضيق لا الواسع باعتبار أنه المعنى الذي ثبت أن النصين متفقان على نطاقه  .

7)    تفسير مواثيق المنظمات الدولية وفقا لنظرية الإختصاصات الضمنية Théories des pouvoirs implicites ، ويقصد بها إعطاء المنظمات الدولية Yختصاصات لم تنص عليها المواثيق المنشئة للمنظمة الدولية صراحة ،وتفسير نصوصها تفسيرا واسعا  على أساس افتراض أن الدول عندما قررت إنشاء المنظمة الدولية إنما قررت لها في نفس الوقت كل ما يلزمها من إختصاصات تمكنها من تحقيق أهدافها وممارسة وظائفها بصورة فعالة .

ومن أهم تطبيقات هذه النظرية ما ورد في الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية الخاص بتعويض الأضرار التي أصابت الأمم المتحدة نتيجة اغتيال إسرائيل للموفد الخاص للأم المتحدة آنذاك ،الكونت برنادوت وسيط الأمم المتحدة في فلسطين سنة 1949 بعدما لاحظت أن قواعد الحماية الدبلوماسية من الدولة لمواطنيها قاصرة على حماية الدولة للمواطنين ، الأمر الذي لا يمكن تطبيقه على الحالة المعروضة كما أن الأمر يتعلق بوضع جديد لم يتعرض له مؤسسوا الميثاق مما يستوجب اللجوء إلى روح الميثاق لإستخلاص ما إذا كانت وظائف الهيئة تحتم الإعتراف بمثل هذا الإختصاص أم لا ، وأعلنت المحكمة أنه طبقا لقواعد القانون الدولي يجب الإعتراف بالمنظمة باختصاصات غير منصوص عليها صراحة في الميثاق إذا كانت الإختصاصات لازمة من أجل ممارسة وظائفها ، واعترفت بناء على ذلك الأمم المتحدة بالحماية الوظيفية لموظفيها والحصول على التعويض عن الأضرار التي تلحق موظفيها على أساس أن ميثاق الأمم المتحدة الهيئة يحميها بالضرورة.

المبحث الرابع: المسؤولية القانونية للمنظمات الدولية :

يقصد بمسؤولية الدولة عن الأضرار التي تصيب الغير من جراء عملها غير المشروع والتعويض عنه طبقا للقانون الدولي العام وأحكام المسؤولية الدولية تشمل كذلك المنظمات الدولية باعتبارها من أشخاص القانون الدولي لذلك فإن قيام المنظمات الدوليية بتصرفات من شأنها أن تلحق أضرارا بمصالح أشخاص القانون الداخلي والقانون الدولي يترتب عليه المسؤولية الدولية عن تلك التصرفات لأنه من المبادئ المسلم بها أن من يمتلك التصرف يتحمل عبئ المسؤولية .

وقد أكد الفقه والقضاء الدوليين هذه المسؤولية حيث أعلنت محكمة العدل الدولية في رأيها الإستشاري الصادر في 13 يوليوز 1954 مسؤولية الأمم المتحدة في مطالبة دولة غير عضو بالتعويض عن الأضرار التي لحقتها والتي لحقت بأحد موظفيها بسبب اغتيال هذا الموظف أثناء تأدية  واجبه .

فالمنظمة الدولية مسؤولة عن أي إخلال بالتزام تعاقدي وعن أي ضرر يصيب الغير سواء كان فردا أو دولة، مع ملاحظة ان الأفراد إستنادا إلى قواعد الحماية الدبلوماسية لا يمكنهم مساءلة المنظمة الدولية إلا عن طريق الدول التي يتبعونها ،ولا يمكن رفع الدعاوي القضائية في مواجهة منظمة دولية أمام محكمة العدل الدولية التي لا تملك إلا إصدار آراء استشارية غير ملزمة للمنظمات الدولية لأنه إعمالا لنص المادة 34 من النظام الأساسي للمحكمة يكون اللجوء إليها مقصورا على الدول وحدها .

وتلجأ بعض الدول والمنظمات الدولية إلى التحايل على هذا النص بأن تتفق المنظمة الدولية مع الدولة على طلب الرأي الإستشاري للمحكمة والتزامها بقبول الرأي بحكم ملزم وهو ما أخذت به إتفاقية حصانات وامتيازات الأمم المتحدة عام 1946 عندما قرر الطراف اعتبار آراء المحكمة الإستشارية فيما يتعلق بتغيير هذه الإتفاقية ملزم لهم.

الفصل الثالث : سلطات المنظمات الدولية 

تمنح المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية فروع المنظمات السلطات التي تخولها مباشرة إختصاصات سعيا وراء تحقيق أهداف المنظمة والمصالح المشتركة للدول الأعضاء

وتختلف هذه السلطات من منظمة إلى أخرى بحسب طبيعة الوظائف التي تقوم بها المنظمة والغرض الذي من أجله تم إنشاءها ووفقا لما تقرره المواثيق المؤسسة لكل منها

وتتمثل سلطات المنظمات الدولية في سلطة البحث والدراسة وسلطة إتخاذ القرارات الملزمة وغير الملزمة إلا أن هذه السلطات ترد عليها بعض القيود التي تضعها الدول الأعضاء .

أولا – سلطة البحث والدراسة :

وهي السلطة الأساسية التي تخولها المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية في إعداد الدراسات والأبحاث حول الموضوعات التي تدخل في اختصاص المنظمة الدولية ، وتمارس المنظمة هذه السلطة إما بواسطة أجهزتها المباشرة وإما بواسطة الدول الأعضاء عن طريق عقد مؤتمر دولي تدعو إليه المنظمة تحضره كافة الدول الأعضاء أو عن طريق مطالبتها الدول الأعضاء بإعداد تقارير وأبحاث في مسائل معينة إذا كان هناك نص صريح في ميثاق المنظمة يلزمها بذلك .

ومثال سلطة البحث والدراسة التي تقوم بها أجهزة المنظمة ذاتها ما نصت عليه مواثيق بعض المنظمات من قيام المنظمة بإجراء الدراسات والأبحاث حوص بعض المسائل وعرض نتائج هذه الأبحاث على الأعضاء لمناقشتها واتخاذ ما يلزم بشأنها من قرارات وتوصيات من ذلك ما نصت عليه المادة 13  من ميثاق منظمة الأمم المتحدة من أن للجمعية أن تقوم بدراسات بقصد إنماء التعاون الدولي في الميادين السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية وغيره … ، كما نصت المادة 62 الفصل الأول من أن للمجلس الإقتصادي والإجتماعي أن يقوم بدراسات ويضع تقارير عن المسائل الدولية في أمور الإقتصاد والإجتماع والثقافة والتعليم والصحة وما يتصل بها ، كما أن له أن يوجه النظر إلى مثل تلك الدراسات وإلى وضع مثل تلك التقارير.

وبالنسبة لسلطة المنظمة في إجراء البحوث والدراسات عن طريق عقد مؤتمرات تدعو إليها الدول الأعضاء ، فإن المادة 62 الفصل الثالث  من ميثاق الأمم المتحدة قد نصت على أنه للمجلس الإقتصادي والإجتماعي أن يدعو إلى عقد مؤتمرات دولية لدراسة المسائل التي تدخل في دائرة إختصاصه وفق القواعد التي تضعها الأمم المتحدة .

كما أن المنظمة تملك – إذا أجاز ميثاقها صراحة – سلطة إشراط الدول الأعضاء وتكليفها بإعداد تقارير ودراسات وبحوث حول مسائل معينة تحددها المنظمة ، مثال المادة 25 من ميثاق منظمة العمل الدولية بإلتزام الدول الأعضاء بتقديم تقارير حول تنفيذها لإتفاقيات العمل الدولية التي صادقوا عليها وإزالة التعارض بينها وبين التشريعات المحلية .

ثانيا : سلطة إصدار القرارات

إن ما يميز استقلال المنظمة الدولية عن الدول الأعضاء هو مدى قدرة المنظمة على اتخاذ القرارات المتعلقة بمباشرة مهامها الوظيفية لتحقيق الأهداف الني أنشئت من أجلها المنظمة .

والقرار بمعناه الواسع هو كل تعبير إرادي صادر من منظمة دولية والقرارات التي تتخذها المنظمة قد تكون ملزمة وقد تكون غير ملزمة .

ومن صور القرارات غير الملزمة ما تصدره المنظمة من توصية أو رغبة أو نصيحة أو رأي أو تصريح أو دعوة إلى منظمة دولية أخرى أو دولة عضو أو أحد الأجهزة التابعة لها في موضوع معين ، والتوصية ليس لها أي قوة قانونية ملزمة ولا يترتب عليها أي أثر قانوني إلا إذا قبلها من وجهت له ، ولا يترتب على مخالفتها أي أثر قانوني إلا إذا قبلها من وجهت له ولا يترتب على مخالفتها أية مسؤولية دولية إلا أن لها قيمة أدبية وسياسية في مواجهة أعضاء المنظمة ، والتوصية لا يكون لها التأثير الأدبي والسياسي إلا إذا صدرت وفق الأغلبية التي تشترطها المواثيق المنشئة للمنظمة الدولية.

والتوصية تعتبر وسيلة تمهيدية لإتخاذ قرارات ملزمة بحق من وجهت إليه التوصية ولم يمتثل لها .

مثال ذلك أن ميثاق الأمم المتحدة على منح مجلس الأمن سلطة اتخاذ توصيات لحل المنازعات حلا سلميا ، كما منحته سلطة اتخاذ قرارات ملزمة إذا لم تجد تلك التوصيات قبولا من الدول وصار النزاع مهددا للسلم والأمن الدوليين ( الفصل السادس والسابع من الميثاق).

أما عن سلطة المنظمة في إقدار القرارات الملزمة للدول الأعضاء فإنها تتمثل في سلطة إبرام الإتفاقيات الدولية مع الأشخاص الدولية الأخرى ،كالدول الأعضاء وغير الأعضاء والمنظمات الدولية الأخرى في المجالات المتعلقة باهداف ووظاءف المنظمة وفي حدود اختصاصاتها .

مثال ذلك مانصت عليه المادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة التي اجازت للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تقترح على الدول العضاء إبرام الإتفاقيات المتعلقة بمباشرة الأمم المتحدة لأهليتها القانونية ولوظائفها في أقاليم هذه الدول مثل إبرام الأمم المتحدة لإتفاقية المقر مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 1947.

ويمكن للمنظمة الدولية أن تعقد اتفاقيات دولية مع دولة غير عضو بالمنظمة مثال ذلك اتفاقيات المقر المبرمة بين الأمم المتحدة وحكومة سويسرا بشأن المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف ( قبل إنضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة رسميا في 2002).

كما يمكن للمنظمة الدولية أن تبرم إتفاقيات دولية مع منظمة دولية أخرى مثال ذلك أن المادة 63 من ميثاق الأمم المتحدة نصت على أن يقوم المجلس الإقتصادي والإجتماعي بعقد اتفاقيات مع أي وكالة من الوكالات الدولية المتخصصة للوصل بينها وبين الأمم المتحدة وتعرض هذه الإتفاقيات على الجمعية العامة للموافقة عليها .

ويتولى عادة ميثاق المنظمة تحديد الجهاز المختص بإبرام الإتفاقيات الدولية كما تمتلك المنظمة بالإضافة إلى سلطة إبرام الإتفاقيات سلطة إصدار القرارات التنفيذية الملزمة في مجالات العمل الداخلي كالقرارات المتعلقة باعتماد ميزانية المنظمة والقرارات المتعلقة بانتخاب أعضاء الأجهزة الرئيسية للمنظمة .

وتصدر المنظمة قراراتها الملزمة في مواجهة الدول الأعضاء ، ومع ذلك يجوز إصدار قرارات تنفيذية ملزمة في مجالات العمل الداخلي كالقرارات المتعلقة باعتماد ميزانية المنظمة والقرارات المتعلقة بانتخاب أعضاء الجهزة الرئيسية للمنظمة .

وتصدر المنظمة قراراتها الملزمة في مواجهة الدول الأعضاء ومع ذلك يجوز إصدار قرارات تنفيذية ملزمة في مواجهة الأفراد.

إلا أنه فيما يتعلق بالمنظمات الدولية ذات الإختصاص السياسي فإنها لا تتمتع بسلطة إصدار القرارات الملزمة بسبب حرص الدول على الإحتفاظ بسيادتها الكاملة في مجال المنازعات الدولية .

كما تملك المنظمة الدولية سلطة إصدار اللوائح التنظيمية الداخلية التي تحدد أسلوب العمل في المنظمة ، مثال ذلك أن المواد 21،30،72،90 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على منح الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الإقتصادي والإجتماعي سلطة إصدار اللوائح الإدارية والمالية والإجرائية للمنظمة لسير العمل بالمنظمة ، كما أن المنظمات الدولية العاملة في مجال التعاون الفني تصدر لوائح تنظيمية ملزمة للدول الأعضاء ، مثال ذلك قيام منظمة الصحة العالمية ومنظمة الطيران المدني الدولية بإصدار لوائح تنفيذية ملزمة .

وأخيرا تتمتع المنظمة الدولية بسلطة الرقابة على تنفيذ الدول الأعضاء للإلتزامات المفروضة في الميثاق ، مثال ذلك إلتزام الدول الأعضاء في منظمة التعاون الدولي بتقديم تقارير سنوية عن مدى تنفيذها للتوصيات ولإتفاقيات الدولية الصادرة في مجال العمل .

أما عن حق المنظمة في تعديل الميثاق المنشئ لها فإننا نحيل إلى ما سبق بيانه بصدد المواثيق المنشئة للمنظمة الدولية .

طريقة اتخاذ القرارات الدولية :

لاتكون القرارات الصادرة عن المنظمة الدولية ملزمة لأعضائها إلا بعد مرورها بعدة مراحل : (المرحلة التمهيدية – المناقشة – الصياغة – التصويت ) .

1-المرحلة التمهيدية : وهي المرحلة التي يتم فيها قيام إحدى الدول الأعضاء أو أحد أجهزة المنظمة بإثارة موضوع معين له علاقة باختصاص المنظمة وطرحه للمناقشة من قبل بقية الدول الأعضاء ، مثال ذلك مانصت عليه المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة بشأن حق كل عضو في هيئته أن ينبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة إلى أي نزاع أو موقف من النوع المشار إليه في المادة 34 أي كل نزاع أو موقف قد يؤدي إلى لإحتكاك دولي أو قد يثير نزاعا ومثال ذلك أيضا ما تملك الأمم المتحدة من إقتراح مواد في جدول أعمال الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة ، كما تملك الأفراد حق طرح مسألة من المسائل أمام إحدى المنظمات الدولية ، حق الأفراد في تقديم الشكاوي المتعلقة بخرق دول من الدول الأوروبية للإعلان العالمي والأوروبي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق الإقتصادية والسياسية والإجتماعية أمام اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان (تذهب بعض الإتفاقيات إلى وضع مسطرة قضائية تتيح للأفراد في إطار من الندية وكأشخاص دوليين جدد في القانون الدولي ، إمكانية تقديم تظلمات إلى بعض الهيئات المختصة كما هول الحال في إطار ما يسمى بمسطرة 1503 على مستوى الأمم المتحدة أو الوقوف كطرف مدني مدع ضد الدولة الأم أمام هيئة قضائية دولية، كما تنص على ذلك الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والتي تضع شروط مقاضاة للمواطن الأوروبي للدولة الموقعة على الإتفاقية امام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بستراسبورغ).

2-مرحلة المناقشة : ويتم في هذه المرحلة مناقشة المقترحات المقدمة من الدول الأعضاء او أحد أجهزة المنظمة ، وتتطلب بعض المواثيق نشر الإقتراحات قبل إفتتاح الدورة لمدة معينة حتى تتم الإحاطة بها من قبل الدول الأعضاء ويتولى العضو الذي تقدم بالإقتراح الرد على المناقشات التي تدور حوله وما يطرأ عليه من تعديل أثناء المناقشة .

وتلعب الآراء السياسية والضغوط التي تمارس من دولة ضد أخرى دورا أساسيا في قبول القرارات أو رفضها عند عرضها للتصويت .

3-مرحلة الصياغة : بعد عرض الموضوع للمناقشة تبدأ عملية صياغة القرار الذي تسبقه مشاورات جانبية مع الدول الأعضاء قبل البدء في عملية الصياغة و حتى يمكن أن يخرج القرار بالصيغة التي لا تتعارض والتشريعات المحلية للدول الأعضاء .

ويتولى أعضاء المنظمة أو أحد أجهزتها تقديم الإقتراحات بشأن المسألة المعروضة دون غيرهم إلا أنه يسمح للمراقبين على سبيل الإستثناء بتقديم هذه المقترحات إذا سمحت المواثيق الدولية لهم بذلك .

وعادة مايبذل العضو جهودا كبيرة من خلال المشاورات التي يجريها مع الدول الحليفة حتى تمكن الحصول على الموافقة المطلوبة من قبل الوفود والحكومات قبل التصويت على القرار.

4-مرحلة التصويت : تختلف المنظمات الدولية حول الأغلبية المطلوبة لصدور القرار حول المقترحات المقدمة فبعض المنظمات الدولية والإقليمية تأخذ بقاعدة الإجماع (جامعة الدول العربية ) والبعض الآخر يأخذ بقاعدة الأغلبية (الجمعية العامة للأمم المتحدة ) ولا يتأثر القرار الصادر بإمتناع بعض الأعضاء عن التصويت إذ إن الإجماع يتحقق بغض النظر عن عدد أصوات الممتنعين .

كما أن غياب العضو لا يحول دون توافر الإجماع او أغلبية موصوفة إذا كان الميثاق يتطلبها ، إذ اعتبر مجلس الأمن عام 1950 غياب العضو مساويا للإمتناع عن التصويت عندما رفض الإتحاد السوفييتي سابقا المساهمة في أعمال المجلس إحتجاجا على عدم تمثيل الصين الشعبية بالمجلس .

-القيود الواردة على سلطات المنظمة الدولية :

المنظمة الدولية تملك سلطات محددة ينص عليها عادة في المواثيق المنشئة لها وبالتالي لا يحق للمنظمة الخروج عن تلك الإختصاصات والسلطات التي حددها ميثاق نشأتها .

والدول لا تقبل بالسلطة المطلقة للمنظمة الدولية بل تتمسك بحرية التصرف الكاملة ولذلك فإنه إعمالا بمبدأ السيادة الكاملة للدول تتقيد المنظمة الدولية بمجموعة من القيود التالية :

1-عدم تدخل المنظمة في الشؤون الداخلية للدول ، وهو ما أكدته العديد من المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية باعتبار أن المنظمة لا يمكن أن يكون لها إشراف مباشر أو غير مباشر على ممارسة الحكومة لوظائفها ، مثال ذلك أن المادة 2 الفصل 7 من ميثاق الأمم المتحدة تمنع منظمة الأمم المتحدة من التدخل في المسائل التي تعد من صميم السلطان الداخلي .

إلا أن هناك استثناء أوردته المادة الثانية من الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة بشأن حق الأمم المتحدة في تطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع ، من الميثاق والذي يستهدف منح مجلس الأمن اتخاذ ما يراه مناسبا و ضروريا من الإجراءات في حالات تهديد السلم والأمن الدوليين أو عبر تفعيل مقتضيات المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة والخاصة بوقوع العدوان  .

2-عدم تطبيق قرارات المنظمات الدولية إلا إذا صدرت في صورة تشريعات وطنية ،لأنه وفقا لمبدأ سيادة الدول لاتقبل غالبية الدول تطبيق القرارات الصادرة عن منظمة دولية إلا بعد تحويلها في صورة تشريعات وطنية حتى تمكن للجهات الإدارية والمحاكم الوطنية الإلتزام بها ويعتبر ذلك خروجا على المبدأ العام في تطبيق قواعد القانون الدولي باعتبار أنها تتمتع بأولوية التطبيق على التشريعات الوطنية .

3-لا تتمتع المنظمة الدولية إلا باصدار توصيات غير ملزمة قانونا ، وتحتفظ الدول بحرية عدم اللإلتزام بالتوصية التي تتعارض ومصالحها ـ إلا أن هناك بعض المنظمات الإقليمية والدولية والإقتصادية تمتلك سلطة إصدار القرارات الملزمة لأعضائها مثال ذلك سلطة منظمة الدول المصدرة للنفط OPEC في تحديد سعر النفط وكمية الإنتاج لكل دولة عضو في المنظمة .

4-تشترط بعض المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية عدم صدور قرارات المنظمة الدولية إلا بعد حصولها على إجماع الدول الأعضاء مثال ذلك ميثاق جامعة الدول العربية .

5-تشترط المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية عدم اللجوء إلى استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية إلا أنه يسمح إستثناءا للدول باللجوء إلى استخدام القوة للدفاع عن النفس إذا وقع عليها عدوان مسلح وهو ما أكدته المادة 51 من الفصل السابع .

 

الفصل الرابع : الشخصية القانونية للمنظمات الدولية الدولية.

المبحث الأول :المقومات اللازمة للشخصية القانونية للمنظمة الدولية 

لقد أثار موضوع الإعتراف بالشخصية القانونية للمنظمات الدولية جدلا بين الفقهاء فالبعض يرى ان أشخاص القانون الدولي هي الدول وحدها التي تتمتع بالسيادة والسلطة وبالتالي فإن المنظمة الدولية لاتتمتع بالشخصية القانونية وسندهم في ذلك أن المنظمة الدولية تستمد  وجودها من الإتفاق الدولي المنشئ لها وبالتالي ترتبط حياتها بحياته ويكون لأطراف هذا الإتفاق حق تعديله أو إلغائه وبالتالي القضاء على المنظمة في أي وقت تشاء بينما يطهب غالبية الفقهاء إلى الإعتراف بالشخصية القانونية للمنظمات الدولية بعد تزايد عددها ودورها في ميدان العلاقات الدولية وتواتر دساتير هذه المنظمات في النص عليها .

وقد اعترف القضاء الدولي بتمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية وهو ما انتهت إليه محكمة العدل الدولية  في رأيها الإستشاري 1949 ان نازلة الكونت بيرنادوت إذا أكدت تمتع الأمم المتحدة بالشخصية القانونية الدولية والقدرة الذاتية في العمل لإنجاز مقاصدها وتحقيق اهدافها المنصوص عليها في الميثاق ، وإنه لايمكن تفسير الوظائف والحقوق المقررة لها إلا على أساس إنها تتمتع بقدر كبير من الشخصية القانونية الدولية .

وقد جرى العمل الدولي على الإعتراف للمنظمات الدولية بالشخصية القانونية مثال ذلك ماجاء في اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة التي أقرتها الجمعية العامة في 13 فبراير 1946 والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية :

“واعتراف محكمة العدل الدولية بالشخصية القانونية للمنظمات الدولية لا يعني المساواة بينها وبين الدول من حيث مدى حقوقها والتزاماتها التي تعتمد بلا شك على وظائف وأغراض المنظمة طبقا لمعاهدة إنشائها ، فهي شخصية محدودة المجال من نوع خاص وذات طبيعة وظيفية تتحقق على مقدار وطبيعة الوظائف المنوطة بالمنظمة ممارستها “.

وتعترف الدول صراحة بالشخصية القانونية الدولية للمنظمة الدولية عن طريق إصدار صريح او ضمني كإبرام اتفاقية المقر مثلا ، وهو ما يعطيها اهلية التمتع بالحقوق والإلتزام بالواجبات في نطاق القانون الدولي.

 

المبحث الثاني :الآثار المترتبة على تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية

الشخصية القانونية تعبير قانوني يقصد به أهلية الشخص الطبيعي  أو الإعتباري في اكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات والقيام بالتصرفات القانونية .

تمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية يترتب عنه الآثار التالية :

أولا : حق المنظمة في إبرام الإتفاقيات الدولية الثنائية أو الجماعية مع الدول العضاء أو مع المنظمات الدولية الأخرى ، وهذا الحق تخوله المعاهدات المنشئة للمنظمات الدولية صراحة أو ضمنا .

المادة 36 من ميثاق الأمم المتحدى تخول المجلس الإقتصادي والإجتماعي ان يضع اتفاقيات مع أي وكالة من الوكالات .

وتؤكد الممارسة الدولية على قيام كافة المنظمات الدولية بإبرام اتفاقيات دولية مع الدول الأعضاء في المنظمة ومع المنظمات الدولية الخرى وهي بذلك تساهم في خلق قواعد القانون الدولي عن طريق إسهامها في تكوين القواعد العرفية الدولية وعقد المعاهدات الدولية .

ثانيا :حق المنظمة في التقدم بمطالبات دولية حماية لمصالحها ومصالح موظفيها والمطالبة بالتعويضات عن الأضرار التي تصيب المنظمة أو موظفيها أثناء تأدية وظائفهم وتقديم الدعاوي أمام المحاكم الدولية كما لها الحق في التعاقد وتملك الأموال الثابتة والمنقولة والتصرف فيها وحق تبادل التمثيل مع أشخاص القانون الدولي .

فالمنظمة الدولية لها أهلية الرجوع إلى الطرق العادية المعروفة في القانون الدولي كالإحتجاج وطلب التحقيق والمفاوضات وطلب عرض القضية للتحكيم لتسوية الخلافات القائمة بينها وبين الغير ، إلا إنها لا تستطيع رفع الدعاوي أمام محكمة العدل الدولية باعتباره حقا مقتصرا على الدول وحدها إلا أنه لها حق طلب الرأي الإستشاري من المحكمة ،وفي المقابل تتحمل المنظمة الدولية تبعات المسؤولية الدولية عن الأضرار الناتجة عن نشاطها.

ثالثا: تتمتع المنظمة الدولية وموظفوها وممثلوا الدول الأعضاء فيها بالمزايا والحصانات الدبلوماسية اللازمة لتحقيق الهداف التي أنشئت من أجلها المنظمة وذلك في مواجهة الدول الأعضاء ودولة المقر بقصد تسهيل ممارسة المنظمة لأعمالها .

المادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على : ” تمتع الهيئة في أرض كل عضو من أعضائها بالمزايا وافعفاءات التي يتطلبها تحقيق مصادرها”.

كما يرد النص على مزايا وحصانات المنظمة في الإتفاقيات الجماعية وافتفاقيات الخاصة التي تعقدها المنظمة .

ومثال ذلك الإتفاقيات الجماعية بشان اختصاصات وامتيازات الأمم المتحدة الذي وقعته كل الدول العضاء بالأمم المتحدة في فبراير 1946.

وكذلك الإتفاقية الخاصة بشان مزايا وحصانات الوكالات المتخصصة في فبراير 1947 ، ومثال الإتفاقيات الخاصة بالمعاهدات التي تبرمها المنظمة مع دولة المقر (اتفاقية المقر ) بشان تنظيم العلاقات بينهما مثل اتفاق المقر بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة المريكية عام 1947 واتفاق المقر بين منظمة اليونيسكو وفرنسا 1945.

وتلتزم دولة المقر باحترام المزايا والحصانات التي وردت في اتفاقية المقر الموقعة بينها وبين المنظمة الدولية والتي تتمثل في حرمة مقارها وعدم جواز التعرض لها واحترام وثائقها ومحفوظاتها وإعفائها من الخضوع للقضاء وكفالة حرية الإتصال وتقرير افعفاءات المالية اللازمة لقيامها بوظائفها .

كما تتمتع المنظمة بالحقوق اللازمة بمباشرة الوظائف مثل حرية الإجتماع وعدم جواز دخول مباني المنظمة إلا بإذن خاص ، وحريةافتصال بكل الوسائل الممكنة وحق استخدام الحقائب الدبلوماسية والرموز والشيفرات، وعدم جواز فرض أية رقابة على الرسائل ، وتتمتع المنظمة وممتلكاتها ومقارها بحصانة ضد أي إجراء قانوني ، وتمتعها كذلك بالإعفاء من التشريعات الضريبية والمالية والحمركية في حدود ما تتطلبه وظائف المنظمة .

الفصل الخامس : الموظفون الدوليون

تستعين المنظمة الدولية في أداء مهامها وأعمالها وإنجاز مهامها بموظفين إداريين وفنيين يعملون معها بصفة مؤقتة أو دائمة لإنجاز مهام محددة تتمثل في تسيرر العمال الإدارية والمالية والفنية للمنظمة يطلق عليهم الموظفون الدوليون .

وسوف نعرض لتعريف الموظف الدولي وعلاقته بالمنمة وما يتمتع به من مزايا وحصانات واخيرا واجبات وحقوق الموظف الدولي.

تعريف الموظف الدولي :

جاء في الرأي الإستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في 11 أبريل 1949 بان الموظف الدولي ( هو كل شخص يعمل باجر أو بدون اجر بصفة دائمة او مؤقتة يعين بواسطة أحد فروع المنظمة لممارسة إحدى وظائف المنظمة أو المساعدة في مباشرتها وباختصار هو كل شخص تعمل المنظمة بواسطته ).

كما يعرفه بعض الفقهاء بأنه ( كل شخص يشغل وظيفة دائمة في خدمة دولية ).

فالموظف الدولي إذن هو الشخص الذي يتولى تنفيذ إتفاق دولي بصفة مستمرة لمصلحة الجماعة تحت إشراف المنظمة وطبقا للقواعد المنصوص عليها في ميثاق نشأتها ولوائحها الداخلية وبنود العقد المبرم فيما بين الموظف والمنظمة ، وهو يختلف عن ممثلي الدول الأعضاء في المنظمة من حيث التبعية والمسؤولية والتصرفات والحصانات والإمتيازات ، فالموظف الدولي يتبع المنظمة الدولية ويعمل في خدمتها لتحقيق أهدافها وهو مسؤول أمامها وتنصرف الآثار التي يقوم بها إلى المنظمة الدولية التي يعمل بها ، وتخضع لإشراف الجهاز الإداري بها ويكرس وقته كاملا لممارسة وظيفته كما أنه يتمتع بالحصانات والإمتيازات في مواجهة كل الدول بما فيها الدولة التي ينتمي إليها ، اما مندوب الدولة في المنظمة فهو يتبع الدولة التي يمثلها ومسؤول أمامها كما أن آثار التصرفات التي يقوم بها تنصرف إلى الدول التي يمثلها وهو لا يتمتع بالحصانات والإمتيازات في مواجهة دولته وإنما في مواجهة غيرها من الدول .

ويتميز الموظف الدولي بذلك عن المستخدمين والمتعاونين لمدة مؤقتة أو لمهمة معينة مثل الخبراء وصغار المستخدمين كالخدم ***الذين يعسشون وفق التشريعات المحلية للدولة التي بها مقر المنظمة الدولية ، لذلك يشترط توافر العناصر التالية في الموظف الدولي .

1-أن يعمل الموظف الدولي في خدمة المنظمة الدولية او فرع من فروعها ، لذلك لا يعتبر موظفا دوليا من يعمل في خدمة مؤسسة خاصة او دولية لا ينطبق عليها وصف منظمة دولية أو في خدمة دولة معينة .

2-أن يكون هدف المنظمة تحقيق مصلحة المنظمة التي يعمل بها وليس تحقيق مصالح خاصة لدولة معينة .

3– أن يتفرغ الموظف الدولي للمهمة الملقاة على عاتقه بان يكرس كل نشاطه ووقته بصفة ميتمرة في خدمة المنظمة ، لذلك فإن من يعمل في منظمة بصفة مؤقتة أو لمهمة محددة لا يعتبر موظفا دوليا .

النظام القانوني للموظفين الدوليين :

يستمد النظام القانوني لعلاقة الموظف الدولي بالمنظمة الدولية ولوائحها الداخلية بالإضافة إلى بنود العقد المبرم بين الموظف والمنظمة الدولية ولوائحها الداخلية بالإضافة إلى بنود العقد المبرم بين الموظف والمنظمة .

ويختلف النظام القانوني للموظفين الدوليين من منظمة إلى اخرى إلا أن هناك أسسا عامة مشتركة للموظيفة العامة تتفق فيها معظم المواثيق المنشئة للمنظمة الدولية .

وقد اختلف الفقه في تكييف الطبيعة القانونية لعلاقة الموظفين الدوليين بالمنظمة .

وقد راى البعض ان الموظف الدولي يرتبط بالمنظمة (بعلاقة تعاقدية) أساسا عقد العمل المبرم بين المنظمة والموظف تجعله في مركز متساو من الناحية القانونية في العقد مع مركز المنظمة ،بينما يرى البعض الآخر أن الموظف الدولي يرتبط بالمنظمة (بعلاقة تنظيمية ) تجعله في مركز متشابه لوضع المظف العام في القانون الداخلي بحيث يكون خاضعا بالإضافة إلى عقد العمل لكل ما يقرره أحكام ميثاق المنظمة ولوائحها وقراراتها وفقا لما تتطلبه ظروف العمل ومصلحة المنظمة في تملك تعديل هذه العلاقة دون الرجوع إلى الموظف .

ويضع غالبية فقهاء القانون الدولي إلى الأخذ (بالنظرية المختلطة)التي تضع الموظف في مركز وسط بين الرأيين السابقين بمعنى ان علاقة الموظف بالمنظمة تعتبر علاقة تنظيمية وتعاقدية في نفس الوقت ، بحيث يعتبر الموظف الدولي خاضعا بموجب إتفاق تعاقدي لنظام قانوني قابل للتغير طبقا لإحتياجات المنظمة مع ضرورة إحترام الحقوق المكتسبة للموظف .

تعيين الموظفين الدوليين :

تتمتع المنظمة بحرية واستقلال كاملين في اختيار موظفيها بعيدا  عن أي ضغط سياسي أو شخصي ، فتعيين الموظفين الدوليين من إختصاص المنمة الدولية وليس الدول ، ويتولى امين عام المنظمة سلطة تعيين الموظفين الدوليين العاملين بالمنظمة الدولية .

على سبيل المثال نجد أن ميثاق منظمة الأمم المتحدة ينص صراحة في المادة 101 بشأن الأمين العام يعين موظفي المانة العامة طبقا للوائح التي تضعها الجمعية العامة ومع ذلك فغن الدول خاصة الكبرى  تتدخل في بعض الحيان بشكل مباشر في تعيين الموظفين الدوليين بشغل وظائف المستويات العليا او بشكل غير مباشر في تعيين الوظائف الخرى عن طريق الضغط على أجهزة المنظمة الدولية لتعيين بعض رعاياها أو لمنع شخص غير مرغوب فيه من التعيين أو اشتراط الدول على المنظمة او رعاياها للحصول على موافقتها المسبقة للعمل بالمنظمة ، وتضع المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية ولوائحها الداخلية الشروط الواجب توافرها في الموظف الدولي مثال ذلك ان المادة الفصل 3 المادة 101 من ميثاق  المم المتحدة تنص على انه (ينبغي في اسخدام الموظفين وفي تحديد شروط خدمتهم ان يراعى في المكان الول ضرورة الحصول على اعلى مستوى من المقدرة  والكفاءة والنزاهة ، كما أنه المهم ان يراعى في اختيارهم أكبر ما يستطاع من *** التوزيع الجغرافي ).

ومعيار الكفاءة وتحقيق العدالة في توزيع الوظائف على رعايا كافة الدول العضاء بالمنظمة نجده يتكرر في العديد من المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية ، وتاخذ المنظمة الدولية من نسبة الموفين من كل دولة إلى الحصة التي تساهم بها في ميزانية المنظمة الدولية أساسا لتحقيق مبدأ التوزيع الجغرافي العادل .

ويكون تعيين الموظفين الدوليين بناءا على مسابقات مفتوحة لإختيار أفضل المرشحين دون مراعاة للجنس أو الدينت او المعتقدات السياسية او الجنسية .

ويتم تحديد نظام تعيين الأمين العام للمنظمة والموظفين الدولين بها في المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية مثل نظام تعيين الأمين العام للأم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية .

واجبات الموظفين الدوليين :

يلتزم الموظفون الدوليون بأن يقوموا بوظائفهم طبقا للشروط المحددة في العقد المبرم بينهم وبين المنظمة والقواعد العامة المنصوص عليها في المواثيق المؤسسة للمنظمات الدولية ولوائحها الداخلية واتفاقية المقر بكل حياد وامنة ونزاهة ووفقا لتعليمات رؤسائهم في المنظمة الدولية ، ويؤدي المين العام للمنظمة عند بداية تعيينه اليمين أمام الجهاز العام للمنظمة كما يؤدي بقية الموظفين الدوليين اليمين أمام المين العام للمنظمة او من يفوضه بان يؤدي كل منهم عمله بإخلاص وأمنة وضمير .

والإلتزامات التي تقع على الموظفين الدوليين تتمثل عن القيام بأي نشاط يتعارض مع الوظيفة الدولية وان يسعى إلى تحقيق أهداف المنظمة وعدم ممارسة أي نشاط سياسي يتعارض مع حياد واستقلال الموظف الدولي وقد اوضحت ذلك المادة 17 من نظام موظفي الأمم المتحدة التي قررت أنه يمكن للموظفين ممارسة حق التصويت ولكنهم يمتنعون عن ممارسة أي نشاط سياسي بكون غير متفق مع الحياد والإستقلال المتطلبين في صفتهم كموظفين دوليين .

كما يلتزم الموظف بعدم تلقيه توجيهات أو أوامر من دولته او دولة المقر أو أية دولة اخرى أو سلطة خارجية عن المنظمة التي يعمل بها وفي ذلك تنص المادة 100 من ميثاق الأمم المتحدة على انه ليس للأمين العام ولا للموظفين ان يطلبوا أو يتلقوا في تادية واجبهم تعليمات من أية حكومة او من أية سلطة خارجية عن الهيئة ، وعليهم ان يمتنعوا عن القيام بأي عمل قد يسيئ إلى مراكزهم بوصفهم موظفين دوليين مسؤولين أمام الهيئة وحدها ، وعلى كل عضو من أعضاء الأمم المتحدة واجب احترام الصفة الدولية البحتة لمسؤوليات المين العام والموظفين الدوليين وبألا يسعى إلى التأثير فيهم عند اضطلاعهم لمسؤولياتهم المادة 100/2 من الميثاق .

وقد أخذت جامعة الدول العربية ومنظمة **** بنفس المبادئ الواردة في هذه النصوص.

إلا ان استقلال الموظف الدولي أثناء تأديته لعمله لا يعني القضاء على المشاعر الوظنية للموظف وإنما عليه التوفيق بين هذه المشاعر ومصالح المنظمة التي يعمل بها وفي حالة تعارضعها عليه أن يكون وفيا للمنظمة الدولية .

ويلتزم الموظف الدولي بصيانة أسرار المنظمة والتفرغ بالكامل للعمل بها وعدم الجمع بين الوظيفة الدولية وأي عمل آخر كمزاولة الأعمال التجارية والإشتراك في تأسيس الشركات وقبول عضوية مجالس إدارتها ، المادة 5 من لائحة شؤون الموظفين بجامعة الدول العربية .

وعليه الإلتزام بآداب السلوك الشخصي للموظف الدولي وعدم قبول المنح المالية والهدايا والوسمة من جهات أجنبية إلا بإذن المنظمة وغدم جواز تولي المناصب السياسية والقيادية في دولته وعليه احترام القوانين واللوائح السارية في الدولة التي بها مقر المنظمة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء ودولة المقر او الإدلاء بتصريحات من شانها إحراج حكومته سياسيا .

حقوق الموظفين الدوليين :       

يتمتع الأمين العام والموظفون الدوليون العاملون بالمنظمة بمجموعة من الحقوق نصت عليها المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية ولوائحها الداخلية .

وهذه الحقوق إما حقوق شخصية نابعة من رابطة الوظيفة الدولية ويقصد بها تعويض الموظف مقابل الخدمة التي يقدمها لجهة الإدارة الدولية التي يعمل بها وهذه الحقوق تنصرف آثارها إلى الموظف ذاته بقدر اهتمامها بالوظيفة العامة الدولية التي يشغلها الموظف وهي مايعبر عنها بالحصانات .

ويحصل الموظف الدولي مقابل أدائه لعمله على مرتب وبدل التمثيل وغلاء معيشة وعلاوات إجتماعية وبدلات سفر ونفقات الإستقرار والتنقل التي تمنح له عند تعيينه لأول مرة وحصوله على الإجازات السنوية والمرضية والعارضة وحقه في الترقية في سلم درجات المنظمة بالإضافة إلى الحقوق الإجتماعية المتمثلة في العلاج الطبي للموظف وأفراد أسرته ومكافأة نهاية الخدمة وحمايته ضد كل اعتداء أو ضرر بسبب تأديته لوظيفته ومباشرة كل الوسائل للمطالبة بالتعويض نيابة عنه وقد أكدت محكمة العدل الدولية في 1949 أن الحماية الوظيفية أمر ضروري لضمان استقلال الموظف والمنظمة الدولي وأن على الموظف أن يعتمد على حماية المنظمة دون الحاجة لأي حماية اخرى .

كذلك حق الموظف في التعويض عن الإصابة التي تحدث له عند ذهابه أو عودته من العمل او أثناءه ودفع نفقات نقل الجنازة إلى بلده الأصلي .

ولاتخضع هذه التعويضات والمرتبات للضرائب التي تفرضها دولة المقر ، وللموظف الدولي الحق في الحماية الإدارية والقضائية فله حق النظام الإداري أمام المين العام للمنظمة او اللجان المتخصصة لذلك كما له الحف في رفع دعاوي قضائية ضد المنظمة امام المحكمة المتخصصة لذلك كما له الحق في رفع دعاوي قضائية ضد المنظمة امام المحكمة الإدارية الدولية الملحقة بالمنظمة الدولية التي يشتغل بها لإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بحقه والمطالبة بالتعويض عنها عند مخالفة المنظمة لشروط الخدمة الوظيفية ، وقد تم تأسيس مثل هذه المحاكم في نطاق منظمة الأمم المتحدة ومنظمة العدل الدولية والإتحاد الأوروربي .

واخيرا للموظفين الدوليين الحق في الإنضمام إلى جمعيات الموظفين الدوليين والنقابية واتحاد هذه الجمعيات التي تتولى الدفاع عن حقوق الموظفين الدوليين أمام الأجهزة التشريعية والقضائية للمنظمات الدولية .

 

الفصل السادس : نظام العضوية في المنظمات الدولية

المنظمة الدولية كما أسلفنا هيئة او تنظيم تخضع لمجموعة من القواعد تتعلق بنشأة واهداف وأجهوة المنظمة ونظام العضوية فيها .

المبحث الأول :من له حق اكتساب العضوية في المنظمة الدولية

حق العضوية في المنظمة الدولية  قاصر أساسا على الدول كاملة السيادة لنها وحدها التي تستطيع أن تتحمل الإلتزامات الناشئة عن العضوية وهي وحدها التي تملك التعبير عن إرادتها ، لذلك فإن الأقاليم المتمتعة بالحكم الذاتي والتي لاتزال تحت الوصاية لا تكتسب العضوية في المنظمة الدولية .

وتمتع الدول بالسيادة الكاملة لا يعني تمتعها بالعضوية في أي منظمة دولية لأنه لا يجب ان تتوافر شروط معينة في الدولة طالبة العضوية التي تتفاوت ضيقا واتساعا من منظمة إلى أخرى.

فالمنظمات الدولية عالمية العضوية كالأمم المتحدة عضويتها مفتوحة  لكل الدول بغض النظر  عن موقعها الجغرافي ومعتقجها  المذعبي طالما أبدت الدول التزامها بالميثاق وترى منظمة الأمم المتحدة إنها قادرة على تنفيذ الإلتزامات .

*أما المنظمة الإقليمية فهي محدودة العضوية ويشترط فيها انطباق شروط العضوية على الدولة طالبة العضوية من حيث المعيار الجغرافي والمذهبي فجامعة الدول العربية لات قبل في عضويتها إلا الدول العربية والإتحاد الإقريقي لايقبل في عضويته إلا الدول الواقعة في القارة الإفريقية والجزر المجاورة للقارة (24 جزيرة).

والعضوية في المنظمة الدولية قد تكون عضوية أصلية ***للدول التي تؤسس المنظمة الدولية أي التي اشتركت في وضع الميثاق المؤسس للمنظمة ومثال الدول التي اشتركت في مؤتمر سان فرانسيسكو والتي وقعت على الميثاق وصادقت عليه 51 دولة ومنظمة الوحدة الإفريقية التي اشتركت في مؤتمر أديس أبابا 1963 وعددها 32 دولة ، وفي جامعة الدول العربية الدول التي اشتركت في مؤتمر الإسكندرية 1945 وعددها سبع دول عربية .

وقد تكون العضوية بالإنضمام وتثبت للدول التي يثيبل طلب غنشمامها للمنظمة بعد نشوئها وإعلان قيامها ، وافنتماء إلى المنظمة الدولية يتخذ صورتين : إما عضوية عادية وهي التي يتمتع فيها العضو بكافة الحقوق ويتحمل كافة الإلتزامات التي ترتبها المعاهدة المنشئة للمنظمة وأما عضوية منتسبة لا تمنح الدولة المنتسبة كافة حفوف العضوية العادية ولا تتحمل كافة إلتزاماتها .

والعضوية المنتسبة قد تمنح للدول في إحدى المنظمات الدولية التي يسمح ميثاقها بمثل هذا النوع من العضوية كما قد تمنح لغير الدول حيث تمنح بعض الوكالات المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة للوحدات الإقليمية افنتساب إليها ( اليونيسكو ، منظمة الصحة العالمية ،الفاو )  وتتميز العضوية في المنظمة الدولية بانها اختيارية وليست إجبارية فليس هناك سلطة تجبر الدولة على الدخول في المنظمة الدولية  رغما عن إرادتها .

المبحث الثاني :الأحكام الخاصة بالقبول في عضوية المنظمة الدولية

تنص المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية على الشروط الموضوعية والإجرائية لإكتساب العضوية ، وهذه الشروط تختلف من منظمة إلى اخرى فإجراءات اكتساب العضوية في منظمة الأمم المتحدة تتطلب ان تقدم الدولة طلب العضوية للأمين العام الذي يرفع الطلب إلى مجلس الأمن فيحيله رئيس المجلس إلى لجنة قبول العضاء لفحصه وإعداد تقرير بشانه وغحالته إلى مجلس الأمن الذي يصدر على ضوئه توصية بالقبول متضمنة موافقة الدول الخمس الكبرى ومن لم يعرض الأمر على الجمعية العامة  التي تقوم بالتصويت على هذا الطلب فإذا تحصل الطلب على موافقة ثلثي العضاء الحاضرين المشتركين في التصويت أصبحت الدولة عضوا في الأمم المتحدة من تاريخ صدور قرار الجمعية العربية .

وجامعة الدول العربية تعطي الحق لكل دولة عربية مستقلة الإنضمام إلى الجامعة غذا رغبت في ذلك وقدمت طلبا إلى مجلس الجامعة الذي يصدر قراره بالإجماع .

 

المبحث الثالث : الأحكام الخاصة بإنتهاء العضوية في المنظمة الدولية

قد يعترض العضوية في المنظمة الدولية لبعض المؤثرات التي تؤدي إلى عدم استمرار عضوية الدولة في المنظمة لأسباب ترجع إما إلى إرادة الدولة ذاتها كان تنسحب من المنظمة وغما بسبب فقد العضو صفة الدولة وإما بموجب قرار يصدر عن المنظمة كعقاب يوقع على الدولة المعنية .

أولا: الإنسحاب من عضوية المنظمة

تطبيقا لمبدأ حرية الدولة في الإشتراك في تأسيس منظمة دولية فإن للدولة الحرية في الإنضمام إلى عضويتها او عدم الإنضمام إليها ، كما لها كذلك الحق في الإنسحاب منها متى شاءت ما لم يكن هناك نص في معاهدة إنشاء المنظمة يمنع ذلك أو يضع قيودا لذلك .

وتنص المعاهدة المنشئة للمنظمات الدولية على حق الدولة العضو في الإنسحاب من الجامعة بشرط إبلاغ مجلس الجامعة بعزمه على افنسحاب قبل تنفيذه بسنة (قضية ليبيا).

كذلك نصت المادة الولى من ميثاق منظمة المم المتحدة على حق الدولة في الإنسحاب من المنظمة مع استمرار تحملها لبعض الإلتزامات لمدة سنتين تاليتين على الإنسحاب .

ويثور التسءاؤل في حالة عدم النص على حق الدولة في الإنسحاب من المنظمة الدولية ، وفي هذا الصدد إختلفت الآراء في تفسير هذا السكوت ،فيرى البعض بان سكوت النص يعني عدم السماح للعضو بالإنسحاب من المنظمة باعتبار أن المنظمة خلقت لمدة غير محددة ، الأمر الذي يعني أنه لا يمكن لأحد أن يتحلل من الإلتزامات الناشئة عن عضويته في المنظمة بإرادته المنفردة .

وهناك رأي آخر يذهب إلى إعطاء الدولة حق افنسحاب من المنظمة الدولية باعتبار أنه نتيجة طبيعية لمبدا السيادة ولايمكن إجبار عضو على الإستمرار في التعاون داخل المنظمة القائمة على التعاون افختياري فيما بين الدول وبالتالي فإنه لايمكن إجبار دولة فقدت الرغبة على الإستمرار في عضوية المنظمة الدولية والإنسحاب الإرادي من المنظمة يتم كذلك في حالة تعديل الميثاق وعدم موافقة الدولة على التعديل .

ثانيا : فقد العضو صفة الدولة

وفقا لقواعد القانون الدولي لا تمنح العضوية في المنظمة الدولية إلا للدول التي تحتفظ بعنصري السيادة والإستقلال بحيث إذا فقدت الدولة سيادتها واستقلالها بسبب اندماجها في دولة اخرى أو استعمارها من قبل دولة أخرى فإنها تفقد شرطا من شروط الإنضمام وهو ان تكون دولة مستقلة ذات سيادة .

على أنه في حالة استعادة الدولة لكسانها مرة أخرى فإنها تستعيد مقعدها في المنظمة دون حاجة إلى اتباع الإجراءات المتعلقة باكتساب العضوية وهو ما استقر عليه العمل في المنظمة الدولية ، مثال انفصال سوريا ومصر عام 1961 اعاد لهما مقعديهما في المم المتحدة دون غجراءات قبول الأعضاء الجدد .

ثالثا : الإيقاف والفصل من المنظمة

أ-وقف العضوية : هو غنهاء مؤثت للعضوية في المنظمة بقصد حرمان الدولة الموقوف عضويتها من التمتع بمزايا العضوية وومارسة حقوقها لفترة معينة تحددها المنظمة ، ويوقع جزاء وقف العضوية على الدولة التي تخل بالتزاماتها طبقا للوثيقة المؤسسة للمنظمة .

وقد أجازت المادة 5 من ميثاق الأمم المتحدة  للجمعية العامة إيقاف عضوية أية دولة إتخذ مجلس الأمن قبلها عملا من اعمال المنع او القمع من مباشرة حقوق العضوية ومزاياها ويكون ذلك بناءا على توصية مجلس الأمن .

ويترتب على إيقاف العضوية حرمان الدولة من مباشرة حقوق العضوية ومزاياها مثل حق التصويت والإشتراك في لجان المنظمة وتنص بعض مواثيق المنظمة الدولية على اختصاص المانة العامة في المنظمة باتخاذ قرار وقف العضوية بصفة كاملة أو جزئية .

ووقف العضوية في الأمم المتحدة قد يمتد إلى بعض المنظمات الدولية المرتبطة بها كمنظمة اليونيسكو أما المنظمات التي تربط بين الإيقاف في عضوية الأمم المتحدة والإيقاف في المنظمات المرتبطة بها ، فإن عقوبة الوقف تظل قاصرة عليها مع ملاحظة ان وقف العضوية لا يؤدي إلى تحلل العضو الموقوف من إلتزاماته تجاه المنظمة مدفع حصة من مصاريف المنظمة او لتغطية التدابير التي يقرها مجلس الأمن .

ولم تتخذ المم المتحدة حتى الان قرارا بوقف العضوية تجاه أحد اعضائها بينما استعملت جامعة الدول العربية تجاه مصر بعد توقيعها لإتفاقيات  كامب ديفد مع الكيان الإسرائيلي بموجب قرار مؤتمر وزراء الخارجية المنعقد في بغداد مارس 1979.

ب-فصل العضو من المنظمة :

وهو من أشد الجزاءات التي تتخذها المنظمة الدولية تجاه أعضائها إذ يعتبر السلاح الخير الذي يطبق على الدولة التي تمعن في الخروج على احكام الوثيقة المؤسسة للمنظمة ويترتب عليه فقدان الدولة لعضويتها في المنظمة .

وتنص المعاهدات المنشئة للمنظمات الدولية بوجه عام على هذه العقوبة في حالة انتهاك الدولة لأحكامها .

المادة 6 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على طرد العضو في حالة إمعانه في انتهاك مبادئ الميثاق بقرار من الجمعية العامة بناء على توصية من مجلس الأمن .

المادة 19 من ميثاق جامعة الدول العربية

ويثور التساؤل في حالة عدم النص على هذه العقوبة في المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية حول حق المنظمة في إصدار قرار بفصل العضو .

لإن ما جرى عليه العمل يفيد بان المنظمات التي خلت مواثيقها من عقوبة الفصل قد استعلمت هذه العقوبة في مواجهة العضاء الذين إنتهكوا مواثيقها .

مثال ذلك : أن منظمة العدل الدولية قامت بطرد جنوب إفريقيا من عضويتها بسبب السياسية العنصرية التي تمارسها تجاه المواطنين الأفارقة ، كما طردت منظمة الدول المريكية كوبا من عضويتها في 31 يناير عام 1962 بالرغم من خلو المعاهدات المنشئة للمنظمتين من عقوبة الفصل .

الفصل السابع :أجهزة المنظمات الدولية

المنظمة الدولية باعتبارها شخصا من أشخاص القانون الدولي تتمتع بالشخصية القانونية التي تملك إرادة ذاتية مستقلة عن إرادات الدول العضاء ، لذلك فإنه من الطبيعي ان يكون لها أجهزة تعبر عن إرادتها المميزة وتباشر باسمها افختصاصات والوظائف اللازمة لتحقيق أهدافها وهي تمثل الهيكل الداخلي للمنظمة ويطلق عليها فروع او أجهزة المنظمة .وهذه الجهزة تختلف من حيث التعدد وافختصاص ويرجع أسباب تعدد أجهزة المنظمة إلى اعتابرات فنية وسياسية وعملية .

1-الإعتبارات الفنية ترجع إلى الرغبة في تقسيم العمل نتيجة لتعدد وزيادة اختصاصات المنظمة الدولية واتساع دائرة نشاطها فأصبح من العسير على جهاز واحد ان يقوم بهذه الإختصاصات ، بل يتطلب الأمر توزيع هذه الإختصاصات على أكثر من جهاز دائم على أساس من التخصص ضمانا لكفاءة التنفيذ بحيث يكون للجهاز العام ( الجهاز التشريعي) الذي تمثل فيه كافة الدول الأعضاء مهمة التداول والمناقشة واتخاذ القرارات ، ويكون لجهاز ىخر أقد عددا ( الجهاز التنفيذي ) مهمة تنفيذ قرارات المنظمة وإيجاد الحلو السريعة للمواقف الطارئة التي تواجه المنظمة ، كما يكون لجهاز ثالث ( الجهاز الإداري ) مباشرة الأعمال الإدارية اليومية للمنظمة الدولية وتتضمن مواثيق بعض المنظمات جهازا يختص بالشؤون القضائية والآراء الإستشارية ( المحكمة الإدارية للأمم المتحدة + المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ).

كما تقتضي وظائف بعض المنظمات إلى وجود أجهزة رئيسية أخرى ، فالأمم المتحدة بها جهاز متخصص للشؤون افقتصادية والإجتماعية ( المجلس الإقتصادي والإجتماعي …)

2-أما الإعتبارات السياسية فهي ترجع إلى محاولة التوفيق بين مبدأ المساواة القانونية بين الدول الأعضاء وبين الهمية الواقعية لبعض الدول ، حيث تريد الدول الكبرى ان يكون لها وضع متميز داخل المنظمة الدولية باعتبار ان مصالحها الخاصة وإمكانياتها وما تتحمله من مسؤوليات أكبر في تحقيق وحماية أهداف المنمة يستوجب تمتعها بقدر أكبر من الحقوق وهو ما ترفضه الدول الضغيرى التي تنادي بالمساواة بين الدول كبيرها وصغيرها .

وتأخذ المنظمة الدولية بالنظام القائم على وجود (جهاز عام ) يتم فيه تمثيل كافة الدول العضاء في المنظمة وتتحقق فيه مبدأ المساواة القانونية بين الدول ( الجمعية العامة للأمم المتحدة ) ويكون لكل دولة عضو صوت واحد ( وجهاز خاص) محدود العضوية يمثل فيه عدد محدد من الدول الكثر أهمية وضعا متميزا عن بقية العضاء مثلا في طريقة التصويت على القرارات ( مجلس المن ) الذي يتكون من 15 عضوا من بينهم الدول الخمس الكبرى التي يشترط موافقتها على القرارات التي تصدر عن مجلس الأمن في القرارات الهامة ومنحها حق افعتراض على صدور قراراته.

3- الإعتبارات العملية فإنها تتمثل في زيادة عدد الدول الأعضاء في المنظمات الدولية زيادة كبيرة مما يترتب عليه وجود جهاز محدود العضوية للقيام بتنفيذ قرارات المنظمة ، فمن الناحية العملية لا يمكن أن يجتمع معظم ممثلي الدول 190 دولة بصفة مستمرة وتصدر عنهم قرارات سريعة للمشاكل العاجلة ، لذا تاخذ مواثيق المنظمات الدولية بوجود جهاز تنفيذي للمنظمة محدودة العضوية يختص باتخاذ افجراءات اللازمة لتنفيذ القرارات الصادرة عن المنظمة والنظر في المشاكل التي تثور فيها بين دورات الجهاز العام للمنظمة .

لذلك نجد ان مواثيق المنظمات الإقليمية التي تضم عددا محدودا من الدول لا تنص على وجود اجهزة محدودة العضوية باعتبار أن اعضاءها يمارسون عمل الجهازنين العام والخاص ، مثل ذلك مجلس جامعة الدول العربية والمفوضية الوروبية .

  • القواعد التي تحكم تشكيل أجهزة المنظمة الدولية :

القاعدة العامة هي ان تشكيل أجهزة المنظمة الدولية تخضع للقواعد الخاصة التي تقررها الوثيقة المنشئة لكل منظمة ومع ذلك فإن تشكيلها يخضع للمبادئ العامة التالية :

1-العضوية في أجهزة المنظمة الدولية كقاعدة عامة تتكون من ممثلين لحكومات الدول العضاء التي يتم اختيارهم من قبل حكوماتهم ، إلا أن  هذه القاعدة ليست مطلقة إذ يرد عليها استثناءات .

فقد يتكون جهاز المنظمة من أشخاص يتم اختيارهم لصفتهم الشخصية وكفايتهم الخاصة كما هو الحال في انتخاب قضاى محكمة العدل الدولية وتشكيل بعض الأجهزة في منظمة العمل الدولية (ممثلين عن النقابات وممثلين عن الحكومات).

2-يراعى في اختيار أعضاء أجهزة المنظمة الدولية المحدودة العضوية امران :

أ)التوزيع الجغرافي العادل لكن يتاح تمثيل كل مناطق العالم وحضاراته في فروع المنظمات كما هو الحال في انتخاب قضاة محكمة العدل الدولية ، المادة 9 من النظام الأساسي للمحكمة (تأليف الهيأة كفيل بتمثيل المدنيات الكبرى والنظم القانونية في العالم . (2+2+1+5=10)

-داخل مجلس الأمن بالنسبة للأعضاء غير الدائمين ، خمس عشرة  أعضاء لإفريقيا وواحد لأوروبا ،ومقعدان لأمريكا اللاتينية واثنان لدول غير أوروبا.

ب-قدرة الدولة العضو على المساهمة في تحقيق مقاصد المنظمة كما هو الحال في اختيار العضاء الدائمين والعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن .

3-يتمتع الجهاز العام للمنظمة باختصاصات أوسع من الإختصاصات الممنوحة للأجهزة محدودة العضوية فالجمعية العامة للأمم المتحدة تتمتع بصلاحيات أوسع من صلاحيات مجلس الأمن (المادة 10 .34).

4-العضوية في الأجهزة المحدودة العضوية مدتها قصيرة ، فهي لا تزيد عن ثلاث سنوات في المجلس الإقتصادي وافجتماعي ولا تزيد عن اثنين في مجلس المن بقصد إتاحة الفرص لأكبر عدد من الدول الأعضاء للإشتراك في تلك الأجهزة .

5-تتضمن المعاهدة المنشئة للمنظمات الدولية قواعد خاصة لإنتخاب اعضاء الأجهزة المحدودة العضوية عن طريق التصويت سواء بأغلية الثلثين كما هو الحال في إنتخاب أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين وأعضاء المجلس الإقتصادي والإجتماعي او بالأغلبية البسيطة كما هو الحال في إنتخاب اعضاء مجالس إدارة المنظمة الدولية.

 –الأجهزة الرئيسية للمنظمات الدولية :

القاعدة العامة هي ان المنظمات الدولية تتكون من الجهزة الرئيسية التالية :

الجهاز العام (الجهاز التشريعي ) الجهاز الخاص (الجهاز التنفيذي،الجهاز القضائي).

أولا :الجهاز العام للمنظمة

يطلق على هذا الجهاز أسماء عديدة مثل الجمعية العامة او المؤتمر او المجلس ، وهو يضم كل الدول العضاء في المنظمة على قدم المساواة وهو صاحب افختصاص الأصلي الذي يملك مناقشة كل المور المتعلقة المنصوص عليها في معاهدة غنشائها واتخاذ القرارات والتصويات بشأنها لذلك يطلق عليها الجهاز التشريعي للمنظمة واجهزة المنظمة الدولية ملزمة بإحالة تقارير سنوية وخاصة إلى الجهاز العام وتطبيقا لذلك نصت المادة 10 من ميثاق الأمم المتحدة على ان للجمعية العامة أن تناقش أية مسالة أو أمر يدخل في نطاق هذا  الميثاق او يتصل بسلطات فروع من الفروع المنصوص عليها  فيه أو وظائفه .

والجهاز العام باعتباره الجهاز الرئيسي للمنظمة يملك تفويض الأجهزة الفرعية الأخرى  بعض إختصاصاته ، المادة 491 من اتفاقية شيكاغو الخاصة بمنظمة الطيران المدني التي قررت جواز تفويض المجلس او اللجان الفرعية بعض اختصاصات الجمعية .

وإجتماعات الجهاز العام ليست مستمرة وإنما دورية كل عام (الجمعية العامة للأمم المتحدة )

وقد تكون كل سنتين مثل مؤتمر اليونيسكو كما قد تكون ثلاث سنوات (منظمة الطيران المدني الدولية) أو كل ست سنوات ( المؤتمر الدولي للمواصلات السلكية واللاسلكية).

كما يجتمع الجهاز العام للمنظمة في دورات غير عادية وفق الشروط المنصوص عليها في المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية ‘ اجتماعات الجمعية العامة في دورات سنوية خاصة بناء على طلب مجلس الأمن او أغلبية اعضاء الأمم المتحدة المادة 201).

وتصدر القرارات بأغلبية الأصوات –كقاعدة عامة-إلا ان بعض المنظمات تأخذ بقاعدة الإجماع كما تأخذ منظمات أخرى بالغلبية البسيطة والبعض الاخر بالأغلبية المطلقة أو بأغلبية ثلثي العضاء الحاضرين المشتركين في التصويت او بأغلبية االعضاء الحاضرين المشتركين في التصويت.

وتعقد جلسات الجهاز العام علانية مالم توجد ظروف إستثنائية تحتم ذلك .

واجتماعات الجهاز العام تعقد في الأصل بمقر المنظمة الدولية إلا انه يجوز انعقاده في مكان آخر.

ثانيا : الجهاز الخاص بالمنظمة الدولية .

وهو الجهاز التنفيذي للمنظمة الذي يقوم ببحث المشاكل العاجلة وتنفيذ التوصيات زالقرارات الصادرة عن الجهاز العام للمنظمة وهو يتمتع بسلطات واسعة لتحقيق اهداف المنظمة المنصوص عليها في وثيقة إنشائها ،ويتألف هذا الجهاز من عدد محدود من الدول الأعضاء يتم اختيارهم  وفقا للنظام المنصوص عليه في وثيقة غنشاء المنظمة ، فبعض الوثائق تنص على اختيار أعضائه بصفة دورية يستبدلون بغيرهم بعد مرور فترة زمنية على اختيار اعضائه بصفة دورية يستبدلون بغيرهم بعد مرور فترة زمنية محددة منصوص عليها في وثيقة غنشاء المنظمة فتاحة الفرصة لأكبر عدد من الدول للإشتراك في نشاط الجهاز الخاص بالمنظمة ، (تشكيل المجلس الإقتصادي والإجتماعي) كما قد يتألف الجهاز من أعضاء دائمين وغير دائمين (مجلس الأمن).

والجهاز الخاص بالمنظمة لاعتباره نائبا عن الدول الأعضاء يعمل بصفة مستمرة في فترة ما بين أدوار انعقاد الجهاز العام ويستطيع الإجتماع في أي وقت لمواجهة المشاكل العادلة وهو بذلك يعتبر اهم اجهزة المنظمة الدولية كما هو الحال بمجلس الأمن .

ونظام العمل في الجهاز الخاص يتم النص عليه في اللائحة الداخلية ويتولى الجهاز الخاص وضعها ، تحدد فيها أسلوب العمل ونظام التصويت ومواعيد انعقاد جلساته العادية والطارئة وإنشاء اللجان الفرعية ( الدائمة والمؤقتة ) التي تحتاج إليها المادة 29 من الميثاق .

وللجهاز الخاص رئيس لإدارة اعماله يتم اختياره إما بطريقة التناوب (رئيس مجلس الأمن ) او بطريقة الإنتخاب (رئيس منظمة الطيران المدني الدولية)كما قد تختار إلى جانب الرئيس نواب أو وكلاء له.

ويتولى رئيس الجهاز الخاص دعوته للإنعقاد وإدارة جلساته وتمثيله أمام الأجهزة الخرى للمنظمة والقيام بدور الوساطة والتوفيق في حل المشاكل الناشئة بين أعضاء المنظمة وغيرها .

ويجتمع الجهاز بمقر المنظمة ، وله أن يعقد في ام مكان آخر إذا رأى ضرورة لذلك ، والأصل في نظام التصويت هو الأخذ بقاعدة الغلبية المنصوص عليها في وثيقة إنشاء المنظمة لإصدار قرارات الأجهزة التنفيذية سواء كانت الأغلبية العادية أو الأغلبية الثلاثة أرباع ، إلا أن بعض المنظمات الدولية الإقليمية تأخذ بقاعدة الإجماع (مجلس جامعة الدول العربية).

ثالثا : الجهاز الإداري

وهو الجهاز المستقل عن أجهزة المنظمة والدول ويطلق عليه إسم المانة العامة او السكرتارية ، مهمته تسيير الأعمال الإدارية اليومية للمنظمة وإجراء الإتصالات الإدارية الداخلية والخارجية فيما بين أجهزة المنظمة وأعضائها ومع المنظمات الدولية التي تتعاون مع المنظمة ،والإعداد لدورات وجلسات أجهزة المنظمة الأخرى مثل تحضير جدول الأعمال وإعداد التقارير ومحاضر الجلسات وإعداد مشروعات القرارات التي تصدرها وإعداد مشروع الميزانية كما يتولى كذلك متابعة تنفيذ ما أصدرته المنظمة من قرارات .

ويتولى رئاسة هذا الجهاز امين عام او مدير عام أو سكرتير عام حسب التسمية المنصوص عليها في الموثيقة المنشئة للمنظمة ،يتم تعيينه من قبل الجهاز العام أو الجهاز الخاص اوكلاهما (اختسار امين عام للأمم المتحدة من قبل الجمعية العامة ومجلس الأمن ).

وإدارة إجتماعات الجهاز العام تكون لرئيس الجهاز العام ونوابه ،ويكون للرئيس مكتب برئاسته وعضوية نواب الرئيس ورؤساء اللجان الفرعية بالجهاز العام مثال ذلك أن مكتب الجمعية العامة للأمم المتحدة يتكون من الجمعية ونواب ورؤساء اللجان السبع الرئيسية التابعة للجمعية العامة ويتم اختيار هيئة المكتب سنويا عند انعقاد الدورة العادية للجمعية العامة ويتولى المكتب الإشراف على اعمال الجهاز العام وينظم جلساته ويحدد مواعيد انعقاده ويعد جدول اعماله ويرتب اولويات المسائل المقترحة وتوزيعها على اللجان المختلفة وتنسيق اعمالها ، كما يشكل الجهاز العام للمنظمة الدولية لجانا تمثل فيه كافة الدول العضاء لدراسة مسائل معينة ووضع تقرير عنها لعرضها على الجهاز العام لإصدار القرارات النهائية بشانها ،كما تقوم هذه اللجان بإنشاء لجان فرعية او مجموعات عمل محدودة العضوية لدراسة نقاط محددة ويراعى في تشكيلها الإعتبارات الفنية وليس السياسية .

وللجهاز العام لائحة داخلية تبين أسلوب العمل وسير المناقشات وإعداد جدول اعمال الجهاز القادم وتأجيل وإقفال الجلسة ونظام التصويت وكافة المسائل المتعلقة بانعقاد الجهاز العام .

والقاعدة العامة التي تحكم نظام التصويتفي هذا الجهاز هي ان لكل دولة صوت واحد (الجمعية العامة للأم المتحدة ومؤتمر رؤساء الدول والحكومات في الإتحاد الإفريقي).

إلا ان لهذه القاعدة استثناءات حيث تأخذ بعض المنظمات بنظام وزن الأصوات أي ان لكل دولة عضو عددا من الأصوات يتفق مع ما تساهم به الدولة في المنظمة ( صندوق النقد الدولي ، البنك العالمي) حيث تعطي لكل دولة 250 صوتا يضاف إليها صوت واحد عن كل حصة إضافية تملكها الدولة في رأس مال الصندوق أو البنك عند التصويت في مجلس المحافظين  ( الأمناء العامون للأمم المتحدة )

لمدة معينة قابلة للتجديد يعاونه أمناء مساعدون  وعدد من الموظفين الإداريين والفنيين الذين يعملون كموظفين لدى المنظمة وليس كممثلين عن الدول الأعضاء ، ويتولى الأمين العام مهمة اختيارهم وتعيينهم وفقا للشروط المنصوص عليها في الوثيقة المنشئة للمنظمة ولوائحها الداخلية المادة 101/1 من ميثاق الأمم المتحدة بشان تعيين الأمين العام للأم المتحدة لموظفي الأمانة العامة .

ويتولى الأمين العام مباشرة الإختصاصات المالية والإدارية والسياسية المنصوص عليها في اللوائح الداخلية للمنظمة التي تحدد مسؤوليات المين العام وموظفي المنظمة ، ويملك المين العام سلطة المبادرة والتقرير فيما يعرض عليه من قضايا استقلال عن الدول العضاء كما سملك سلطة الإشراف على الأجهزة التابعة للمنظمة والتنسيق فيما بين الإدارات والأقيام التي تتسع المنظمة كما قد يعهد إليه المشاركة في اجتماعات أجهزة المنظمة وإبداء وجهة نظره حيالها واقتراح الوسائل الكفيلة بتحقيق أهداف المنظمة وإدخال بنود معينة في جدول اعماله كما يقوم الأمين العام بتسوية المشاكل التي تثور فيما بين الدول الأعضاء.

ويلتزم الأمين العام بتقديم تقارير سنوية وخاصة عن نشاط المنظمة وأوضاعها المالية وافدارية إلى الجهاز العام –الجهاز التشريعي- أي الجمعية العامة .

الأجهزة الثانوية للمنظمة الدولية :

تنشأ المنظمات الدولية لتعمل بصفة مستمرة في المجالات التي حددها الميثاق المنشئ لها ، ونظرا لعدم إمكانية التنبؤ اتساع نطاق عملها ، وما قد يطرأ على المجتمع الدولي من ظروف تحتم فتح مجالات عمل جديدة أمام المنظمة فقد منحت غالبية الوثائق المنشئة للمنظمات الدولية سلطة غنشاء أجهزة وفروع جديدة مؤثتة ودائمة لمساعدتها في القيام بمهامها.

فميثاق الأمم المتحدة مثلا منح كلا من الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن المادة 29 والمجلس الإقتصادي والإجتماعي المادة 68 سلطة غنشاء لجان والفروع التي تحتاج إليها هذه الجهزة لمساعدتها في القيام بمهامها.

الفصل الثامن :العلاقات الخارجية للمنظمة الدولية

تتمتع المنظات الدولية باعتبارها من أشخاص القانون الدولي لشخصية القانونية التي تؤهلها الدخول في علاقات خارجية مع غيرها من المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية للأفراد العاديين بهدف تحيق التعاون المتبادل والتنسيق بينها للوصول بظاهرة التنظيم الدولي إلى الغرض المنشود خاصة بعد انتشار المنظمات الدولية   واتساع   نشاطها  في مجالات التعا ون  السياسي والإقتصادي والإجتماعي ، إلا أن هذه العلاقات تختلف عن العلاقات الخارجية التي تمارسها الدول من حيث اقتصارها على ما تكفله معاهدة إنشاء المنظمة من اختصاصات محددة لا تتضمن بطبيعة الحال الإختصاصات المتعلقة بالحرب وغيرها من المسائل التي تختص بها الدول لا المنظمات الدولية .

وتنص المعاهدات المنشئة للمنظمات الدولية على اختصاص الأمين للمنظمة في تمثيلها في هذه العلاقات ، كما يوجد في أغلب الأحوال بكل منظمة إدارة متخصصة تتولى متابعة العلاقات الدولية للمنظمة مع غيرها من المنظمات والدول الأعضاء وغير الأعضاء.

أولا: العلاقات الدولية مع المنظمات الدولية الأخرى

لقد بات ضروريا إقامة علاقات فيما بين المنظمات الدولية لتحقيق المصالح المشتركة للدول وتنسيق جهودها تجنبا للإزدواج خاصى بعد تزايد عددها وتشعب إختصاصاتها وإختلاف ميادين عملها .

والعلاقات التنظيمية التي تقوم بين هذه المنظمات تأخذ طرقا ماعددة أهمها إبرام المعاهدات الدولية وتبادل الإتصالات وإيفاد مراقبين وإنشاء أجهزة مشتركة وغيرها من صور التعاون المشترك.

وإبرام المعاهدات في المنظمات الدولية يعتبر الصورة الأساسية لإقامة علاقات تعاون وتنسيق فيما بين المنظمات ويحدد الميثاق المنشئ للمنظمة  الجهاز المختص بإبرام الإتفاقيات وتنقسم المعاهدات التي تبرمها المنظمات الدولية إلى نوعين :

-معاهدة تقليدية :وهي التي يراعى في إبرامها الإجراءات الشكلية المتبعة في إبرام المعاهدات المنصوص عليها في اتفاقية فيينا للمعاهدات وهي:

المفاوضات ، وإقرار النص،واعتماده ، ثم التصديق عليه.

-الإتفاقيات ذات الشكل المبسط وهي التي لا يراعى فيها الإجراءات الشكلية السابقة وتصبح نافذة بمجرد التوقيع عليها *** والمذكرات المتبادلة.

وتتضمن المعاهدات التي تبرمها المنظمة الدولية مع غيرها من المنظمات على تنظيم تبادل الرأي والمعلومات والتمثيل عن طريق إيفاد المراقبين ولجان توثيق الصلات.

فالمنظمة الدولية تبرم إتفاقيات دولية مع غيرها من المنظمات بشأن تبادل المراقبين الدائمين المتواجدين بالمنظمة بصفة دائمة والمؤثتين  لحضور دورة من دورات الجهاز العام للمنظمة لرعاية مصالح المنظمة الموفدة والمشاركة في المناقشات التي تدور في الإجتماعات ولا يتمتع المراقبون بحق التصويت لأنه مقصور على الأعضاء وحدهم ولكنهم يملكون حق الإشتراك في المناقشات وتقديم المقترحات .

الإتفاقات التي تبرم بين الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة أو بين هذه الوكالات والمنظمات الدولية الأخرى كجامعة الدول العربية.

ثانيا : علاقات المنظمة الدولية مع الدول

تقيم المنظمات الدولية باعتبارها من أشخاص القانون الدولي علاقات مع الدول الأعضاء وغير الأعضاء عن طريق إبرام المعاهدات الدولية وإقامة علاقات تمثيلية معها لتنظيم المصالح المشتركة ورعايتهاوتحمل تبعات المسؤولية الدولية.

1-المنظمة الدولية تتمتع بأهلية إبرام المعهجات مع غيرها من المنظمات والدول في إطار الأهداف المنصوص عليها في المواثيق المنشئة له ويخضع إبرام هده المعاهدات إلى القواعد المعمول بها في القانون الدولي وفي مقدمتها إتفاقية فيينا 1969 واتفاقية فيينا 1986.

2-للمنظمات الدولية أن تقيم علاقات تمثيلية مع الدول عن طريق تبادل الممثلين معها ( الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، البعثات التي ترسلها الأمم المتحدة للعمل في المراكز الإعلامية التابعة لها لقصد توزيع المعلومات عن الأمم المتحدة).

3-والصورة الأخيرة للعلاقات الدولية للمنظمة مع الدول، هي تحمل الدولة تبعة المسؤولية الدولية عن مخالفتها للإلتزامات الدولية المفروضة بموجب أحكام القانون الدولي.

 

الفصل التاسع: حصانات وامتيازات المنظمات الدولية

يتمتع مقر المنظمة بالحصانة القضائية والحماية القانونية كحرمة المباني والأماكن الخاصة بها ومحفوظاتها وتشديد الحراسة عليها وإعفاء المقر من الضرائب والرسوم الجمركية وحصولها على التسهيلات المالية .

والموظفون الدوليون العاملون بالمنظمة الدولية يتمتعون بمجموعة من المزايا والحصانات اللازمة لتحقيق أهداف المنظمة الدولية والمحافظة على إستقلالها وحسن أداء مهامها على الوجه الأمثل ، وتنص المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية على مزايا وحصانات موظفيها،مثال ذلك في الفصل 105 من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على أنه  “يتمتع موظفوا هذه الهيئة بالمزايا والإعفاءات التي يتطلبها استقلالهم بمهام وظائفهم المتصلة بالهيئة”.

كما تضمن العديد من المواثيق الخرى المنشئة للمنظمات الدلية على مزايا وحصانات الموظف الدولي مثال ذلك إتفاقية مزايا وحصانات المنظمة الدولية المتخصصة الصادرة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 21 نونبر 1947 واتفاقية حصانات وامتيازات الجامعة العربية الصادرة في أبريل 1953 واتفاقية مزيا وحصانات منظمة الوحدة الإفريقية سابقا ، والإتفاقية العامة لحصانات ومزايا الأمم المتحدة الصادرة في فبراير 1946.

كما تنص اتفاقية المقر التي تعقد بين المنظمة الدولية ودولة المقر على حصانات وامتيازات الموظف الدولي ، مثال ذلك إتفاقية المقر المبرمة بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية أكتوبر 1947 واتفاقية المقر المبرمة بين مصر وجامعة الدول الإفريقية في 10 أبريل 1953 واتفاقية المفر المبرمة بين منظمة الوحدة الأفريقية سابقا والإتحاد الأفريقي حاليا وأثيوبيا سنة1964 .

والحصانات والإمتيازات التي يتمتع بها الموظف بموجب الإتفاقية المرتبطة بالوظيفة التي يشغلها الموظف لذلك فهي تختلف من موظف إلى آخر تبعا للمسؤولية التي يضطلع بها الموظف في الوظيفة.

فكبار الموظفين كالأمين العام والأمناء المساعدين للمنظمة يتمتعون هم وزوجاتهم وأولادهم القاصرين بالمزايا والحصانات التي يتمتع بها المبعوثون الدبلوماسيون كبقا للقانون الدولي كحرمة مسكنه وحرية افتصال ومنحهالإعفاءات المالية من الضرائب والرسوم وتمتعه بالحصانة القضائية.

أما فئة الموظفين المهنيين الذين تعينهم المنظمة الدولية فإنهم لا يتمتعون إلا بالمزايا والحصانات الضرورية لمباشرة عملهم.

أما باقي الموظفين الإداريين والمستخدمين المؤقتين فلا يتمتعون بالمزايا والحصانات المقررة لغيرهم من الموظفين الدوليين .

وهذه المزايا قررت للموظفين الدوليين أثناء مباشرتهم لأعمالهم الرسمية في مواجهة جميع الدول بما فيها الدولة التي يحملون جنسيتها وهي مزايا قررت أصلا لصالح المنظمة الدولية لذلكلايحق للموظف التنازل عنها.

ومن اهم صور حصانات وامتيازات الموظف الدولي الحصانة القضائية الجنائية والمدنية وافعفاء من الضريبة على المرتبات والمكافآت التي يتقاضونها والحصانة القضائية فيها يصدر عنهم بصفتهم الرسمية من أقوال وتصرفات وكتابات زافعفاء من إلتزامات الخدمة الوطنية وإعفاؤهم وزوجاتهم من قيود الهجرة وإجراءات قيد الأجانب وأخذ البصمات ومنحهم التسهيلات الخاصة بتحويل العملة وتسهيل عودتهم إلى أقطارهم إبان الأزمات الدولية وإعفاء أمتعتهم المستوردة عند داية تعيينهممن الرسموم الجمركية كما يتمتعون بحرية افتصال واستعمال الشفوالحقيبة الدبلوماسية وعدم طردهم من دولة المق إلا بموافقة وزير خارجية تلك الدولة والفرع الخاص للمنظمة وفقا لإجراءات الدبلوماسية التي تتبع مع المبعوثين الدبلوماسيين.

وللأمين العام للمنظمة حق رفع الحصانة عن اي موظف إذا كان الجهاز الرئيس للمنظمة رفع الحصانة عن المين العام للمنمة ( المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الإفريقية سابقا ).

 

الفصل العاشر : تمويل المنظمات الدولية

وجود ميزانية مستقلة للمنظمة الدولية تجسيد للشخصية القانونية المستقلة التي تتمتع بها المنظمة ويتم وضع ميزانية خاصة بالمنظمة مع ناهية كل سنة للصرف منها على ما تحتاجه المنظمة من مبالغ على أنشطتها الإدارية والتقنية ، مثل مرتبات الموظفين ومقابل إيجار مقر المنظمة والدوائر الملحقة بها وغير ذلك من المصروفات.

ويتم إعداد مشروع الميزانية سنويا من قبل الأجهزة الفنية في المنظمة ويقوم أمين عام المنظمة بتقديم المشروع إلى الجهاز الخاص للمنظمة لإقراره وعرضه للتصويت والموافقة النهائية عليه من قبل الحهاز العام أي الجمعيةالعامة وتضع بعض المنظمات ميزانيتها لمدة سنتين (منظمة اليونيسكو) أو لمدة أربع سنوات ( المنظمة العالمية للأرصاد الجوية) وتشمل الميزانية على بيان المداخيل والمصروفات السنوية المتوقعة ،ومع ذلك تأخذ بعض المنظمات بنظام تعدد الميزانيات ، تكون إحداها إدارية والأخرى لما تخصصه من خطط وبرامج وأنشطة خلال السنة وتقدر الميزانيةلى أساس الوحدة النقدية التي يوجد بها مقر المنظمة .

وتتكون إيرادات الميزانية من مساهمات الدول الأعضاء والمساهمات الإختيارية والتبرعات .

ويتم تحديد مساهمة كل دولة بنسبة مئوية محددة من ميزانية المنظمة ، ووفقا للقدرة المالية وعدد سكان الدولة العضو بالمنظمة ووفقا لمدى حدم إنجازاتها الدولية مثال ذلك تحدد الجمعية العامة للأمم المتحدة عن طريق لجنة الإشتراكات الأنصبة السنوية لإشتراكات الدول العضاء على أساس مستوى الدخل القومي ة مقارنة بنصيب الفرد ، وبحد أقصى 25%من ميزانية المنظمةبحد ادنى 0.04% حتى لا تقع المنظمة تحت تأثير أي دولة عضو.

وتنص المواثيق الدولية على الجزاء المترتب على عدم قيام الدولة العضو بدفع نصيبها في ميزانية المنظمة ، مثال ذلك المادة 19 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أنه ( لا يكون لعضو الأمم المتحدة الذي يتأخر عن تسديد إشتراكاته المالية في الهيئة حق التصويت في الجمعية العامة إذا كان المتأخر عليه مساويا لقيمة الإشتراكات المستحقة عليه في السنتين الكاملتين السابقتين أو زائدا عنهما ، وللجمعية العامة مع ذلك أن تسمح لهذا العضو بالتصويت إذا إقتنعت بان عدم الدفع ناشئ عن أسباب لاقبل للعضو بها ).

كما قررت نفس الجزاء المادة 62 من إتفاقية شيكاغو المؤسسة لمنظمة الطيران المدني الدولية.

بالإضافة إلى إشتراكات الدول العضاء فإن المساهمات الإختيارية التي تقدمها الدول والمنظمات الحكومية او غير الحكومية لتمويل برامج ونشاطات المنظمة تمثل جزءا من موارد المنظمة مثل المساعدات والتبرعات والهبات التي تقدم لصندوق المم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) أو لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

كما تتكون موارد المنظمة من القروض التي تتحصل عليها المنظمة لمواجهة بعض النفقات الطارئة وهي لا تلجأ إلى الإقتراض إلا بصفة  إستثنائية.

أيضا تمثل المبالغ التي  يتم تحصيلها مقابل تقديم بعض الخدمات التي تؤديها المنظمة وأجهزتها جزء من موارد المنظمة

والمنظمة الدولية لا تملك فرض ضرائب معينة لأنها لا تتمتع بالسلطة التي تملكها الدولة على الأفراد والهيئات بإنشاء مايتم تحصيله من ضرائب على مرتبات موظفيها.

ويتم مقاربة أوجه الصرف في المنظمات الدولية سنويا من قبل الخبراء الماليين الذين يتم تعيينهم بالخصوص من خارج المنظمة وعن طريق جهاز المراقبة المالية الداخلية بهدف تحقيق إدارة فعالة واقتصادية والمحافظة على الأصول المادية للمنظمة الدولية.

 

         اللائحة المرجعية المقترحة

o    باللغة العربية

 

  • مراجععامة

         د . جعفر عبد السلام، المنظمات الدولية.  راسة فقهية وتأصيلية للنظرية العامة للتنظيم الدولي وللأمم المتحدةوالوكالات المتخصصة والمنظمات الإقليمية. دار النهضة العربية  1990.

–         د.حسن نافعة ، د . محمد شوقي عبد العال، التنظيم الدولي مكتبة الشروق الدولية 2002.

–         وليد بيطار ، القانون الدولي العام، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ، 2000 .

–         د . عبد القا ر القا ري، قضايا القانون الدولي العام- المصادر-، دار توبقال للنشر 1987.

–         د . علي صادق أبو هيف ، القانون الدولي العام، دار النهضة المصرية، 1984.

–         محمد سعيد الدقاق : التنظيم الدولي . دار الجامعة ، بيروت 1983.

–         د. إبراهيم شلبي : التنظيم الدولي – دار الجامعة ، بيروت 1984.

–         مفيد شهاب : المنظمات الدولية ، دار النهضة العربية ، بيروت 1978.

 

 

  • مراجعمتخصصة
  • باللغةالفرنسية

–      Pierre-Marie-Dupuy, Droit international Public, Ed, Dalloz 1993

–      -Frank Attar, Droit international entre ordre et chaos, Ed Hachette 1994.

–      Jean Charpentier,Institutions internationales,mémentos dalloz, 1993.

–      Bertrand Badie, Guillaume Devin, Le multilatéralisme, nouvelle formes de l’action internationale. Ed. La Découverte, 2007.

–      Jean CharpentierM institutions internationales , Ed : Mementos Dalloz 1993.

–      Paul Reuter : Les organisaions internationales , Ed.Puf Thermis Paris 1990.

–      Marcel Merle : Sociologie des relations internationales, Ed : Dalloz 1993.

الوثائق القانونية:

  • ميثاقالمم المتحدة
  • قانونالمعاهدات (قانون فيينا  1969 )
  • إتفاقيةفيينا لعام  1986.

 

المواقع اللكترونية

  • www.un.org (منظمة الأمم المتحدة)
  • www.icj-cij.org ( محكمة العدل الدولية)
  • www.ridi.org ( Réseau Internet pour le Droit international)

 

إعداد: د. عادل مساوي

“تخصص قانون عام”

الموسم الجامعي 2015-2016

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى