قراءة في واقع الشرق الأوسط في الاحلاف والمحاور الدولية

تعتبر منطقة الشرق الأوسط من أهم المناطق الاستراتيجية في العالم    ،  لذلك لا غرابة أن نجدها محل أطماع القوى الكبرى . تشكل في منطقة الشرق الأوسط الكثير من التحالفات الدولية والإقليمية في منتصف القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، كان من أهمها الحلف العربي او ما يعرف باتفاقية الدفاع المشترك حيث تشكل هذا الحلف من الدول التي وقعت على ميثاق جامعة الدول العربية ، هذا الحلف لم يأخذ دوره بشكل مؤثر بسبب التناقضات العربية العربية او بسبب التدخلات الغربية . من أهم الأحلاف أيضاً التي تشكلت في منطقة الشرق…

مشكلة البحث

تشكل كثير من التحالفات والمحاور خلال القرن العشرين وبداية الواحد والعشرين  في منطقة الشرق الأوسط والسؤال الرئيس للبحث  يكمن في التالى : ما هي أبرز التحالفات والمحاور الدولية  والاقليمية  في الشرق الأوسط ؟ ويتفرع من هذا السؤال أسئلة فرعية

ما هو التحالف ؟

لماذا هذا الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط بالنسبة للدول الكبرى؟

ما هي أهم الأحلاف التقليدية ؟

ما مفهوم محوري الاعتدال والممانعة؟

كيف أثرت الثورات العربية علي محوري الاعتدال والممانعة؟

ما هي طبيعة التحالفات والمحاور بعد تولى الملك سلمان الحكم في السعودية ؟

ما هي أهم الأحلاف الدولية في الشرق الأوسط بعد ما يسمى بالربيع العربي؟

فرضيات البحث

تشكل  الحلف العربي لرد العدوان لكنه فشل في تحقيق اهدافه.

تشكلت تحالفات في ظل الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.

يتميز محور الاعتدال بالثبات ما قبل ما يسمى بالربيع العربي وبقربه من الولايات المتحدة الأمريكية ومشروع التسوية للقضية الفلسطينية.

يتميز محور الممانعة بالثبات ما قبل ما يسمى بالربيع العربي وبُعده عن الولايات المتحدة ورفضه لمشروع التسوية للقضية الفلسطينية.

حصول تغييرات على مستوى محوري الاعتدال والممانعة.

تشكلت تحالفات جديدة بعد تقلد ملك السعودية الملك سلمان مقاليد الحكم في السعودية.

تشكلت عدة تحالفات دولية تتزعمها الولايات المتحدة وأخرى تتزعمها روسيا من اجل محاربة ما يسمى بالإرهاب خاصة ما يسمى تنظيم داعش.

أهداف البحث

يهدف البحث إلى

معرفة مفهوم التحالف .

التعرف على أهم التحالفات والمحاور الدولية والإقليمية في منطقة الشرق الأوسط قبل وبعد ما يسمى بالربيع العربي.

الوقوف عند بعض التغيرات التي أصابت بعض المحاور خاصة محوري الاعتدال والممانعة.

أهمية البحث

تبرز أهمية البحث من أهمية منطقة الشرق الأوسط التي لا زالت منطقة ساخنة ومحل اهتمام القوى الدولية والإقليمية التي تحاول كل منها أن يكون لها نفوذ وهيمنة على المنطقة عبر تشكيل العديد من المحاور والتحالفات .

 خطة البحث

الفصل الأول : سياسة المحاور والتحالفات  في الشرق الأوسط

المبحث الأول : تعريف التحالف

المبحث الثاني: أهمية الشرق الأوسط

المبحث الثالث : الأحلاف التقليدية في منطقة الشرق الأوسط

المطلب الأول : الحلف العربي

المطلب الثاني : حلف بغداد

الفصل الثاني : المحاور والتحالفات قبل وبعد ما يسمى بالربيع العربي

المبحث الأول : محوري الاعتدال والممانعة قبل أحداث ما يسمى بالربيع العربي

المبحث الثاني : محوري الاعتدال والممانعة بعد أحداث ما يسمى بالربيع العربي

المبحث الثالث : التحالفات بعد تولى الملك سلمان الحكم في السعودية

المطلب الأول : التحالف في عملية عاصفة الحزم

المطلب الثاني : التحالف الإسلامي ضد الإرهاب

الفصل الثالث : التحالفات الدولية في منطقة الشرق الأوسط

المبحث الأول : التحالف الدولي  ضد الإرهاب

المبحث الثاني : التحالف الرباعي ضد الإرهاب

مقدمة

تعتبر منطقة الشرق الأوسط من أهم المناطق الاستراتيجية في العالم    ،  لذلك لا غرابة أن نجدها محل أطماع القوى الكبرى . تشكل في منطقة الشرق الأوسط الكثير من التحالفات الدولية والإقليمية في منتصف القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، كان من أهمها الحلف العربي او ما يعرف باتفاقية الدفاع المشترك حيث تشكل هذا الحلف من الدول التي وقعت على ميثاق جامعة الدول العربية ، هذا الحلف لم يأخذ دوره بشكل مؤثر بسبب التناقضات العربية العربية او بسبب التدخلات الغربية . من أهم الأحلاف أيضاً التي تشكلت في منطقة الشرق الأوسط حلف بغداد والذي تشكل اثر الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي بهدف وقف المد السوفيتي في منطقة الشرق الأوسط ولكن هذا الحلف تفكك عام 1979 م أثر الثورة الإسلامية في إيران و ثورة  العراق عام 1958 التي أطاحت بالنظام الملكي في العراق وتولية عبد الكريم قاسم الحكم في العراق. الانقسامات الفعلية حدثت في الجسد العربي كانت اثر توقيع الرئيس المصري السابق أنور السادات اتفاقية كامبد ديفيد حيث نقل مقر الجامعة العربية إلى تونس وبدأ العراق يأخذ منحى مؤثر في الوسط العربي حيث أن البعض أرخ لهذا التاريخ بتشكيل محوري الاعتدال والممانعة.  محور الاعتدال تشكل من دول عربية مهمة يقف على رأسها مصر والأردن والسعودية وباقي دول الخليج وهذا المحور قريب من الولايات المتحدة الأمريكية ويؤمن بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية , في حين تشكل محور الممانعة من سوريا وإيران  وبعض القوى الفلسطينية واللبنانية.  هذه المحاور سواء الاعتدال أو الممانعة تخلخلت بعد ما يسمى بالربيع العربي ونجاحه جزئياً في البداية في دول مثل تونس ومصر وإخفاقه في دول مثل ليبيا وسوريا واليمن ، حيث خرجت دول وحركات  ودخلت اخرى  إلى سياسة المحاور ينتابها أحياناً الغموض والتناقض والاستغراب . في حين ترفض دول محور الاعتدال الثورات العربية بشكل عام تجد بعضها مثل السعودية تدعم باتجاه إسقاط انظمة حكم مثل  النظام السوري، كذلك في حين ترى دول  مثل قطر تدعم ما يسمى بالمعارضة في سوريا ومن قبلها في ليبيا والآن في اليمن لأسباب غامضة تراها ترفض الديمقراطية في بلدانها. زادت وتيرة التحالفات والمحاور بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية وتولى أخيه الملك سلمان الحكم في السعودية حيث وفور تقلده الحكم في السعودية شكل تحالف من  عشر دول  إسلامية وعربية هدفه الإطاحة بجماعة أنصار الله الحوثية والقوات الموالية لعلى عبد الله صالح في اليمن ، ومع زيادة دور المملكة السعودية في المنطقة تم تشكيل ما يسمى بالتحالف الإسلامي ضد الإرهاب والذي تشكل من ستين دولة عربية وإسلامية . بالإضافة لهذه التحالفات الإقليمية فقد تشكلت عدة تحالفات  دولية  في منطقة الشرق الأوسط تحت ذريعة مكافحة تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية داعش ومن أهم هذه التحالفات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب التي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الرباعي الذي تقوده روسيا ، هذه المحاور والتحالفات زادت من لهيب المنطقة في إطار لعبة المصالح بين الدول الكبرى ولكنها ولحتى اللحظة لم تحقق هذه التحالفات  الاهداف التي تشكلت من اجله وهذا يطرح تساؤل كبير يحتاج الى اجابة.

الفصل الأول : سياسة المحاور والتحالفات  في الشرق الأوسط

المبحث الأول : تعريف التحالف

يعرف هولستى الأحلاف بأنها اتفاق رسمي بين دولتين أو أكثر للتعاون في قضايا تخص الأمن القومي.[1] فالحلف عبارة عن اتفاق رسمي بين دول ، ذات طابع عسكري تتعهد فيه الدول المتحالفة باتخاذ تدابير مشتركة لحماية أمنها القومي.[2] ويعرف قاموس العلوم السياسية الحلف بأنه علاقة تعاقدية بين دولتين أو أكثر يتعهد بموجبها الفرقاء المعنيون بالمساعدة المتبادلة في حالة الحرب. وسياسة الأحلاف هي بديل لسياسة العزلة التي ترفض أي مسؤولية عن أمن الدول الأخرى وهي تتميز كذلك عن سياسة الأمن الجماعي التي تعمم من حيث المبدأ ، مبدأ التحالف حتى تجعله عالمياً ، بحيث تردع أي عدوان وتتصدى له عند الضرورة.[3] والأحلاف هي إحدى الأدوات التي تلجأ إليها الدول كإطار لتنسيق أنشطتها من أجل تحقيق أهداف مشتركة لا تستطيع أي منها تحقيقها منفردة ، فتكوين حلف دولي قد يتيح للدولة أن تزيد من مقدرتها العسكرية بتدخل الحلفاء إلى جانبها في حالة وقوع عدوان خارجي كما قد يؤدى إلى ردع المعتدى المحتمل بدفعه إلى الاعتقاد أن الدولة لن تكون وحدها في حالة نشوب حرب ، إلا أن تكوين الحلف قد تكون له تكاليفه بالنسبة للدول الأعضاء ، لان الحلف يتضمن تنازلاً من الدولة عن جزء من قدرتها المنفردة المستقلة على اتخاذ القرارات . [4]وتعتبر الأحلاف من أهم النشاطات في السياسة الدولية ومن أعظم فنونها ، لأنها أداة فعالة لتحقيق الأهداف السياسية ، وتهدف في نهاية المطاف إلى تقوية مواقع الأطراف  المتحالفة في مواجهة أطراف أخرى ، سواء كانت دولة أو كتلة دولية ودلك للضغط على الطرف الآخر أو لمقاومة ضغوط التي لا يمكن مواجهتها بشكل فردى.

إن ظاهرة التحالف ظاهرة طبيعية في الحياة بشكل عام وفي السياسة الدولية بشكل خاص ولعل أفضل تعبير عن هده الظاهرة هو تعبير ( دونالد ميشيل ) القائل ( عندما كان ثمة شخص واحد في العالم عرف السلام أو عندما كان ثمة شخصان عرف الصراع ، وعندما كان ثمة ثلاث أشخاص عرف التحالفات )

يعود تاريخ الدخول في الأحلاف وعقد التحالفات إلى نشوء العلاقات الدولية ، فالوحدة السياسية ، أياً كان شكلها حسب مرحلة تطور النظام الدولي ، تعقد تحالفاً مع وحدة أو وحدات أخرى لخدمة أهدافها وحماية مصالحها ، وقد يكون للوحدات المتحالفة أهداف ومصالح واحدة أو مختلفة ولكن غير متناقضة بالطبع وقد يكون التحالف موجه ضد وحدة أو وحدات محددة ومعينة أو ضد كل من يقوم بعمل ما يعتبر خطراً أو متناقضاً لما قد تنص عليه مبادئ التحالف .[5] وتأسيساً على ذلك فان الحلف يجب أن يتم بمقتضى اتفاق رسمي يحدد التزامات الأعضاء وحقوقهم على وجه الدقة ، فلا يمكن نشوء حالة تعاون أو تنسيق بين الأطراف لمواجهة مسألة أو ظرف معين ليمكن القول أنهما في حالة تحالف ، كما يجب أن يكون التحالف ذا طابع عسكري لأن هدفه هو حماية الأمن القومي للدول المتحالفة كما يجب أن يتم التحالف بين أطراف دولية متساوية في السيادة ومن الطبيعي بروز قطب ما وتزعمه للتحالف لا يلغى التحالفية وبشرط ألا يصل ذلك حد الهيمنة المطلقة التي تجعل الأطراف الأخرى في موقع التابع.[6] كما إن الحلف قد يعنى ” الاتفاق بين دولتين أو أكثر على تدابير معينة لحماية أعضائه من قوة أخرى معينة تبدو مهددة لأمن كل من هؤلاء الأعضاء وهنا نجد مبرراً لإقامة الحلف في ضرورة توفير الأمن الدفاعي للدول الأعضاء .[7]

من أقدم الأحلاف في العالم دلك الحلف الذي نشا عام 1280ق م بين ملك مصر رمسيس الثاني وملك الحيثين ختيسار بعد حروب طاحنة بينهما ، وعرف اليونانيون بعض الأحلاف لرد الخطر الخارجي كحلف أركاديا ، وبعد انتصار اليونان على الفرس نشأ الحلف الاثينى الذى يضم مدن بحر ايجه لتأمين سلامتها . في القرن التاسع عشر نشأت عام 1815م كتلة على أساس إيديولوجي بين الملكيات الأوروبية المنتصرة على نابليون وهي انجلترا ، النمسا ، بروسي ، وعرفت باسم الحلف المقدس أو التحالف المقدس وعلى الرغم من طرح مبدأ الأمن الجماعي من خلال المنظمات الدولية في القرن العشرين ، فان الأحلاف والكتل استمرت قائمة واتخذت أبعاداً إيديولوجية عميقة ، كما اتخذت أهدافاً اقتصادية وسياسية فضلاً عن غايتها العسكرية ولعل أهم هده الأحلاف والكتل : حلف شمال الأطلسي ، وحلف وارسو.[8]

تؤثر طبيعة النظام الدولي في نمط التحالفات وسلوكية الوحدات الأعضاء فيها ، فتبعثر القوى في النظام الدولي يساهم في زيادة المرونة عند الأطراف الداخلة في تحالفات وبالتالي في تغيير التحالفات خاصة في ظل غياب العامل العقائدي في لعبة التحالفات ، أي إذا اتسمت الوحدات السياسية مجموعة من القيم والمفاهيم العامة المتماثلة أو المتشابهة أو الواحدة حيث كانت الوحدات السياسية متشابهة( ارستقراطية ، وعائلات ملكية حاكمة ) مما كان يسهل عقد التحالفات وحلها وتغييرها ، يقابل دلك مثلاً نظام دولي يتميز باستقطاب حاد وقطبية ثنائية كما هو النظام المعاصر خاصة في فترات عودة الحرب الباردة.[9]

إن الهدف النهائي للتحالف هو سعى الأطراف الى زيادة القوة ، فالقاعدة الرئيسية هي سعى الدول بصورة  مستمرة للتفوق على الأطراف الأخرى . إن البديل المجدي لسياسة التسلح هو الأحلاف الدولية التي توفر لأعضائها أمناً جماعياً بتكلفة مالية أقل نسبياً ، ومن الطبيعي أن الغرض من زيادة القوة هو ردع العدو المحتمل لأطراف التحالف وفرض الضغوط عليه للكف عن أية أطماع امبريالية ، فالخوف هو الذي يصنع الأحلاف وهو الذي يؤدى إلى تماسكها وقد كان ( هارلود ماكميلان) رئيس الوزراء البريطاني محقاً في القول (بأن الأحلاف تتماسك بالخوف لا بالحب ) فسياسات الدول لا تصنعها المواقف ولا الميول الشخصية.[10]

على الرغم من كل الدوافع التي تصنع الأحلاف إلا أن السبب الرئيس لها هو اعتبارات توازن القوى ، سواء كان ذلك على الصعيد الدولي أو الإقليمي ، فلما كانت سياسة الدولة هو تحقيق أكبر قدر ممكن من القوة والردع ، فان عينها يجب أن تكون ثابتة ومراقبة لتوازن القوى ، فهو الذي يملى عليها التحالف مع هذا الطرف أو ذاك. [11]

تهدف سياسات الأحلاف والتحالفات إلى أهداف عديدة أهمها

خدمة تصور استراتيجي معين عند إحدى القوى الكبرى كما كانت مثلاً أهداف السياسة الأمريكية في الخمسينات التي عملت على تطويق الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية بسلسة من الأحلاف الإقليمية العسكرية كالسيتو ، السانتو ، الناتو ، والانزوسز.

دفاعي / ردعي كحماية منطقة معينة كما هي حال الناتو وحلف وارسو.

حماية نظام ضعيف داخلياً عبر الحصول على شرعية التدخل في حال تعرضه للخطر.

حماية نظام مهدد من محيطه الاقليمى ، وبالتالي ردع محاولات إضعافه وإسقاطه وإحداث توازن رادع مع أعدائه.

رسم حدود مناطق النفوذ.[12]

يظل عقد التحالفات جزءاً أصيلا في العقيدة السياسية والعسكرية وحتى الاقتصادية لكل الدول ، فبينما تفضل دول التحالفات العسكرية على التحالفات الاقتصادية فهناك من يفضل العكس ، فالتحالف السياسي بين دولتين دلالة على مصير وجودهما في حين ترى دول أخرى ، إن إقامة تحالف يجمعهما مع دولة أخرى يعنى بالضرورة أنه موجه لدولة ما وبالتالي تذهب إلى عقد شراكة استراتيجية لا تحالف ، تحقق من خلاله مصالحها فالمصطلح دقيق وحساس  ولا يجب الاستهانة بإطلاقه دون وعي وإدراك لمغزاه وتأخذ التحالفات سمة طول الأمد لكنها لا ترقى للديمومة فلا أصدقاء دائمون في السياسة ولا أعداء دائمون .[13]

الرياض التحالفات والعقيدة السياسة (ايمن الحماد)

يقول مورغانتو احد كبار منظري النظرية الواقعية في العلاقات الدولية إن اختيار دولة ما لطريق الأحلاف ليس مسألة مبدأ بل مسألة ملائمة ، فالدولة تستغني عن أحلافها إذا ما هي امتنعت بأنها من القوة بحيث يمكنها الصمود أمام أعدائها من دون دعم أحد أو أن أعباء الارتباطات الناتجة عن الأحلاف تفوق حسناتها المرتقبة.[14]

حذر ميكافيلى الدول الضعيفة من الانخراط في أحلاف مع دول كبرى إلا بدافع الضرورة الملحة وتمثل العلاقة بين واشنطن وكوريا الجنوبية صورة لما ذكر ، لكي يكون الحلف فعالاً أي قادراً على التنسيق بين السياسات العامة والتدابير الدقيقة لأعضائه لا بد أن يتفق أعضاؤه ليس على الأهداف العامة وحسب بل على السياسات والتدابير التفصيلية أيضاً .[15]

تنتهي الأحلاف بهزيمة أو تحطم إحداها أو كل أطرافها أو برفض الالتزام بها أو بشذوذ احد الأحلاف أو بعضهم عنها بطريقة أو بأخرى ، كما قد تنتهي الأحلاف بسبب تغير السياسة الداخلية لأحد أطرافها أو بعضهم كحلف بغداد أو الحلف المركزي الذي انتهى عملياً بانسحاب العراق منه عقب ثورة 1958 وكنتيجة لتبدل العلاقات الدولية

المبحث الثاني: أهمية الشرق الأوسط

للشرق الأوسط أهمية جيوسياسية وظل محط أنظار القوى الكبرى، ولا تزال المنطقة تعيش كثير من الصراعات وهناك عدة أهداف من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين .

 فيما يتعلق بالأهداف الأمريكية فانه ورغم تراجع الأهمية الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط فبالنسبة للولايات المتحدة بعد تمكنها من زيادة وارداتها من النفط وزيادة إنتاجها منه ومن الغاز ،فان المنطقة لا تزال الأكثر أهمية استراتيجياً وجيوسياسياً للأمريكيين ، بسبب امتلاكها  لأكثر من 50% من بترول العالم واحتياطات الغاز ، ومن منطلق حيويتها في حال النزاعات المستقبلية . كما يقول حلفاء الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادي على الخليج العربي لإمدادهم بالنفط والغاز ، فاليابان مثلا تحصل على 79% من وارداتها من النفط من الشرق الأوسط ، والذى يعزز من أهمية الشرق الأوسط للولايات المتحدة رغبتها في إدارة شبكة أنابيب تربط الشرق الأوسط بأوروبا من خلال تركيا. والتي ستقلل من النفوذ الروسي على أوروبا وخاصة في ظل تمتع روسيا بميزة جيوسياسية على سوق الطاقة الأوروبية تساعدها على فرض نفوذها السياسي بصورة قوية على الحكومات الأوروبية ، باعتماد سياسة ” العصا والجزرة” ويظل الشرق الأوسط وحده هو من يمتلك احتياطات من الغاز والنفط بحجم مماثل لروسيا ويمكن أن يمثل البديل لها.

 أما الأهداف الروسية في المنطقة تتركز في منع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من اتصال أوروبا بأنابيب الشرق ، لان حدوث ذلك سيخلق تنافساً في سوق الطاقة الأوروبية ، مما سيقلل من أسعار وإيرادات روسيا ، وتقليل ” جيوسياسية” الغاز والنفط الروسيين وبالتالي الاعتماد الأوروبي عليها في أمن الطاقة ، خاصة إن مبيعات الغاز والنفط تمثل غالبية الصادرات الروسية ، والتي بلغت نحو 68% عام 2013 وبالتالي أهداف روسيا من الشرق الأوسط ترتبط فقط بضمان عدم العبث بمبيعاتها من النفط والغاز الطبيعي في أوروبا ، وبعكس الولايات المتحدة الأمريكية والصين فهي ليست مستوردا للنفط والغاز الطبيعي ، بل هي مصدر ومنافس طبيعي للدول الغنية بالنفط والغاز في المنطقة.

أما الصين فلا تختلف نظرتها للشرق الأوسط عن الولايات المتحدة ، فالمنطقة مصدر رئيسي لضمان امن طاقتها للعقود القادمة ، وفي الوقت نفسه تجنب خلق أي عداء في المنطقة ، بإبعاد جيشها عن الانخراط في منطقة الخليج وتاركة هذا الدور للولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي الظهور بمظهر ” رجل الأعمال المسالم في المنطقة “[16]

المبحث الثالث : الأحلاف التقليدية في منطقة الشرق الأوسط

المطلب الأول : الحلف العربي

اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة العربية

يمكن القول من غير تجاوز إن فكرة الضمان الجماعي العربي ضد العدوان أو التهديد به تجد أصولها في ميثاق جامعة الدول العربية الذي وقع في الثاني والعشرين من اذار ( مارس ) 1945 ص 69

 بعد الجولة الأولى للحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 م والهزيمة التي منيت بها فيها ، استشعر المسئولون العرب خطورة النقص الكبير في نظرية الأمن الجماعي العربي فكان قد أبرمت الدول العربية في السابع عشر من حزيران (يونيو) 1950 ما يعرف باتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي لدى الجامعة العربية التي أنشأت بشيء من التفصيل ما يمكن اصطلاحاً تسميته الحلف العربي وقد اعتبر قائماً فعلاً اعتباراً من آب (أغسطس) 1952والدول الأعضاء في الحلف العربي : هي الدول العربية الأعضاء في الجامعة التي وقعت أو انضمت إلى اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي على النحو التالي : سوريا ، مصر ، الأردن ، العراق ، السعودية ، لبنان ، اليمن ، المغرب ، الكويت ، تونس ، الجزائر ، السودان ، ليبيا ، البحرين ، قطر ، اليمن الديمقراطية الشعبية ، الصومال .[17]

أهداف الحلف العربي

حددت مقدمة هذه الاتفاقية الهدف الرئيس من هذا الحلف إذ نصت على أنه ” رغبة منها في تقوية الروابط وتوثيق التعاون بين دول الجامعة العربية حرصاً على استقلالها ومحافظة على تراثها المشترك ، واستجابة لرغبة شعوبها في  ضم الصفوف لتحقيق الدفاع المشترك عن كيانها وصيانة الأمن والسلام وفقاً لمبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الامم المتحدة ولأهدافها وتعزيزاً للاستقرار والطمأنينة وتوفير أسباب الرفاهية والعمران في بلادها ، فقد اتفقت على عقد هده المعاهدة. ولعل أهم مادة من مواد الاتفاقية هي المادة الثانية التي تنص على ما يلي ” تعتبر الدول المتعاهدة كل اعتداء مسلح يقع على أية دولة أو أكثر منها أو على قواتها اعتداء عليها جميعاً، ولذلك فإنها عملاً بحق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي عن كيانها ، تلتزم بأن تبادر إلى معونة الدولة أو الدول المعتدى عليها وبان تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة جميع التدابير وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك القوة المسلحة لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلام إلى نصابها “.[18]

تقييم الاتفاقية

من الملاحظ أن هذه الاتفاقية لم تحقق أي من الأهداف التي انشات من أجلها ولعل خير دليل على ذلك حرب 67 وأيضاً من الملاحظ أن تنفيذ القرارات التي اتخذها مجلس الدفاع المشترك في دوراته المختلفة قد واجه صعوبات كثيرة ترجع إلى أسباب شتى :  التحفظات التي أبدتها في البداية اليمن والعراق على معاهدة إنشائه ، ومنها المحاولات الغربية المناوئة والمواقف المعطلة التي كان يقودها حكم نورى السعيد في العراق والجدل الذى أثير حول قيادة الجيش الأردني ، والأزمة التي نجمت من موقف الحكومة الأردنية حول الضفة الغربية والتناقضات العربية ، واختلاف درجات التطور التقني بين الدول الأعضاء وانضمام العراق إلى حلف بغداد وما صاحب ذلك من قيام مصر بعقد اتفاقيات ثنائية مع سوريا في  20/ 10/1955 والسعودية في 27/ 10/ 1955 والأردن في 5/ 5/ 1956 أو كسر احتكار بيع السلاح الغربي بعقد صفقات الأسلحة التشيكية السوفيتية.

ليس فرية أن نقول إن الدول العربية إجمالاً لم ترقى إلى مستوى مسؤولياتها القومية رغم الانتكاسات والهزات التي مرت بها ، فهي ما زالت تعتمد سياسة ردود الأفعال لا سياسة الأفعال ولا لما ظل حلفها الوحيد على هامش الأحداث إبان حرب 1956 وحرب 1973 وما بينهما من أزمات وما لم ترتقى هده الدول إلى مستوى الأحداث العالمية وتدرك حقاً وعملاً الأخطار المحدقة بالوطن العربي فان الأمن القومي العربي يبقى في غير أيدى أصحابه وفي هدا منتهى الإحباط لآمال أمة العرب كلها.

الخلافات العربية الداخلية

عندما حاولت أنقرة وطهران في الخمسينات فرض لونها بدعم من لندن ثم واشنطن عبر حلف بغداد أو غيره ، لم تستطيعا النجاح أمام المد الناصري الذي حكم دمشق في 25 شباط 1958 وقلقل بيروت في 12 أيار 1958 ثم سقطت بغداد بين تحالف عسكري – مدني من العروبيين والشيوعيين ٍ في 14 تموز يوليو 1958. كان تنامي المد الناصري سبباً في تفكك تحالف القاهرة – الرياض الذي كان بين عامي 1945 – 1957 في وجه هاشميي بغداد أو طموحاتهم لاستعادة دمشقٍ التي لم تهدأ من خروج الملك فيصل بن الحسين بعد معركة ميسلون في 24 تموز 1920 ، وليكون يمن 1962 – 1970 ساحة رئيسية للمواجهة السعودية – المصرية بعد أن فقد عبد الناصر بغداد مع المجابهة بين الشيوعيين والعروبيين منذ أيلول (سبتمبر) 1958 وبعد أن فقد دمشق مع الانفصال في 28ايلول1961ٍ

أتى تشكل ثالوث (الرياض – القاهرة – دمشق ) بين عامي 1971و 1977 لكي يحافظ على اللون العربي للشرق الأوسط وكانت بغداد تكمل هدا المثلث ، بعد زيارة السادات “اسرائيل” في 19 تشرين الثاني نوفمبر 1977 ، عبر التقارب السوري العراقي بين شهري تشرين الأول اكتوبر 1978 وتموز 1979 قبل أن يحصل الخلاف بين عاصمتي العباسيين والأمويين الذي أتى على وقع ما حصل في طهران 11 شباط 1979

مند تسلم الخميني السلطة في إيران كانت هناك إشارات واضحة على أن القلب النابض  لمنطقة الشرق الأوسط انتقل إلى خارج العرب للمرة الأولى مند عام 1945، لم يمنع انتصار صدام حسين في الحرب العراقية – الإيرانية بين عامي 1980- 1988 من حصول ذلك ، خصوصاً بعد وقوعه في أغسطس 1991في الكويت هنا لم تستطع عودة ثالوث ( الرياض – دمشق – القاهرةٍ) إلى الالتئام على وقع حدث 2 آب 1990

تم احتلال العراق 2003 وهدا يشير إلى تولى واشنطن تقليع الشوك الإقليمي بيدها.[19]

المطلب الثاني : حلف بغداد

يمكن تحديد بداية حلف بغداد Central Treaty Organization (CENTO) أو ما يعرف باسم المعاهدة المركزية في الرابع والعشرين من شباط 1955 عندما عقدت تركيا والعراق ميثاقاً ينص على «تعاون الدولتين في مجالات الأمن والدفاع». وتُرك باب العضوية مفتوحاً أمام الدول التي يعنيها الدفاع عن السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط من الخطر الشيوعي.

وقد تلا عقد هذا الميثاق انضمام بريطانيا إليه في نيسان 1955 وأعقب ذلك انضمام الباكستان في تموز عام 1955 وإيران في تشرين الثاني عام 1955 وأصبح هذا التحالف معروفاً بحلف بغداد.

وقد أخفقت مساعي نوري السعيد رئيس وزراء العراق آنذاك بإقناع عدد من الدول العربية، وفي مقدمتها مصر وسورية، بالانضمام إلى الحلف لقناعة هذه الدول الصحيحة بأن مصدر الخطر الحقيقي على المنطقة يتأتى من إسرائيل وحلفائها الذين يقفون وراء الحلف وليس من الاتحاد السوفيتي، الذي بدأ يصبح المزود الوحيد للدول العربية المواجهة لإسرائيل بالسلاح والعتاد، والذي أقيم الحلف واقعياً لمواجهته دون سواه.

لم تنضم حكومة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحلف بصورة كاملة على الرغم من دورها المحرض على إنشائه. وإنما قصرت مشاركتها على الانضمام إلى عضوية لجنة النشاط الهدام وكذلك اللجنتين الاقتصادية والعسكرية التابعتين للحلف. وقد استمر ذلك حتى عام 1959. وبعد ثورة العراق أصبحت أمريكا عضواً عاملاً كامل العضوية في هذا الحلف الذي وصفته بأنه كان «تطوراً طبيعياً من شأنه أن يدعم السلام والاستقرار وأحوال الرفاهية العامة في منطقة الشرق الأوسط كما أكدت أن الحلف لا يمكن النظر إليه على أنه أداة للعدوان أو أنه موجه ضد أمن أية دولة من الدول».

ويرى بعضهم وبحق «أن الدوافع التي أملت على الدول الغربية أن تتبنى هذا المشروع ترتبط بالقيمة الاستراتيجية الهائلة لمنطقة الشرق الأوسط من الناحية العسكرية بوصفه متاخماً للاتحاد السوفيتي ومن الناحية الاقتصادية بوصفه مركز أكبر احتياطيات معروفة من البترول في العالم».

أهداف حلف المعاهدة المركزية

نصت المادة الأولى من معاهدة حلف بغداد على أن الغرض من إقامته هو الدفاع عن أمن وسلامة الأطراف المتعاقدة. وتعهدت هذه الأطراف بموجب المادة الثالثة بالامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها، وكذلك بتسوية منازعاتها بالطرق السلمية تمشياً مع ميثاق الأمم المتحدة.

أما مدة سريان معاهدة الحلف فقد حددتها المادة السابعة بأنها خمس سنوات قابلة للتجديد مدة مماثلة، وقد كفلت هذه المادة حق الانسحاب لأي من الدول المتعاقدة وذلك بتقديم إخطار خطي قبل ستة شهور من انتهاء مفعول المعاهدة. وجلي أن هذا النص لم يراع في انسحاب العراق من الحلف، فقد كان هو حريصاً على هذا الانسحاب. ولم تكن الدول الأطراف الأخرى بعد ثبات النظام الجديد في بغداد حريصة على استمرار العراق في عضويته لانعدام وجود الهدف المشترك بين هذا النظام وأنظمة الدول الأطراف الأخرى ونعني بذلك معاداة المعسكر الشيوعي. وقد كان مقر قيادة الحلف في بغداد ثم نقل منه إلى أنقرة بعد انسحاب العراق منه.

الفصل الثاني: المحاور والتحالفات قبل وبعد ما يسمى بالربيع العربي

المبحث الأول: محوري الاعتدال والممانعة قبل أحداث ما يسمى بالربيع العربي

عملياً بدأ مفهوم الاعتدال والممانعة بعد توقيع اتفاقية كامبد ديفيد حيث تم نقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس وأصبحت العراق هي التي تقود معسكر الممانعة والمقاومة في مواجهة مصر.[20] ولكن الانقسام العربي وصل ذروته اثر العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف 2006 وعلى قطاع غزة ديسمبر 2008، يناير 2009 مما أدى إلى تعميق حالة الانقسام العربي التي ظهرت في استقطاب عربي جديد من محورين أحدهما أخد اسم محور الاعتدال وضم مصر والأردن والدول العربية الست أعضاء مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية وثانيها أخد اسم محور الممانعة وضم إيران وسوريا ومنظمات المقاومة العربية لا سيما الفلسطينية منها على وجه الخصوص حركتا حماس والجهاد الإسلامي ، هذا الانقسام العربي بين محور الاعتدال ومحور الممانعة كان جوهره الانقسام حول كيفية إدارة الصراع مع ” اسرائيل ” واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني بين من يؤيدون ويلتزمون خيار التسوية السلمية وبين من يرون أن خيار المقاومة يجب أن يكون الخيار الاستراتيجي للعرب ضد ” اسرائيل “.[21]  تختلف الممانعة كثيراً عن المقاومة فالأخيرة طالما ارتبطت بشكل شبه دائم بالتصدي للعدوان العسكري بوسائل عسكرية  هادفة إلى هزيمة العدوان أو إيقافه ، لا لبس حقيقي … حول مفهوم المقاومة ، أما الممانعة كما طرحت بعيد اندفاع الثور الأمريكي إلى المنطقة حاملا قائمة بمن يجب إزاحته أو قتله أو محاسبته ، فقد طرحت من منطلق أن مواجهة العدوان العسكري الأمريكي بوسائل عسكرية ، هي أمر شبه مستحيل ، ومعروف الخواتم كما أن الرضوخ والقبول بما يريده الثور الأمريكي يعنى فقدان شرعية الوجود ، فكان الحل الوسط هو طرح فكرة الممانعة ، الانحناء قليلاً في وجه العاصفة عندما تشتج لتجنب الانكسار ، وفي الوقت نفسه ، العمل على تعطيل المشروع الأمريكي لكن من دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الآلة العسكرية الأمريكية التي تحركت على نطاق يفوق ما فعلته في حرب فيتنام مقاربا مستويات الحرب العالمية الثانية.[22]

 وتسمية الاعتدال منتج أمريكي فلقد تردد استخدامها كثيراً في واشنطن وازداد الكلام عن أهمية استخدام دول الاعتدال وهي التسمية التي باتت معتمدة ورسمية لهذا المحور ، إن اختيار الدول المنضوية تحت راية هذا المحور تم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، ولم تختر دول هذا المحور نفسها بنفسها أو مع من تتحالف ، كما اختارت واشنطن أركان هذا المحور وهي الدول التي يشهد لها بالتطابق والتساوق التام مع سياسة الولايات المتحدة في المنطقة حيث تضم كل من مصر والأردن علاقة سلام مع الكيان الصهيوني ولديها سفارات وتمثيل دبلوماسي متبادل بينما تعتبر السعودية صاحبة المبادرة العربية المعتدلة القاضية بالاعتراف بشرعية وجود الكيان الصهيوني والتطبيع الكامل معه مقابل دولة فلسطينية على أراضي 67  .[23]

وقد يكون من الصعب الاتفاق على التاريخ الدقيق لميلاد مفهوم الممانعة ولكن يمكن القول إن الغالبية لن تعترض إذا ما قلنا إن فكرة الممانعة قد طرحت وتبلورت في أعقاب هجمات 11سبتمبر وطرق حربها العالمية تحت شعار محاربة الإرهاب.[24]

وأطراف محور الممانعة تتفاوت درجة ممانعتها وطبيعتها وتتباين أهداف كل منها ، سواء أكانت دولاً أم منظمات . إيران هي النواة الصلبة لهذا المحورٍ ، ويأتي بعدها سوريا ، وبينهما العراق ( خالد الحروب 13ايلول 2015 وحزب الله وحركة أنصار الله في اليمن.[25]

وفي الوقت نفسه ، العمل على تعطيل المشروع الأمريكي لكن من دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الالة العسكرية الأمريكية التي تحركت على نطاق يفوق ما فعلته في حرب فيتنام مقاربا مستويات الحرب العالمية الثانية.[26]

المبحث الثاني : محوري الاعتدال والممانعة بعد أحداث ما يسمى بالربيع العربي

جاءت الثورات العربية لتحدث ارتباكاً في المواقف تجاه قضايا المنطقة ، وجاءت لتحدث خلخلة داخل محوري الاعتدال والممانعة ، فالثورة المصرية في 25 يناير  ألقت بتبعاتها على محور الاعتدال  ، بيمنا ألقت الثورة السورية تبعاتها على محور الممانعة ، وبدأت دول كل محور تحاول إنقاذ أنظمة حلفائها ورغم رفض دول الخليج وخاصة السعودية ثورات ما يسمى بالربيع العربي كان موقفها داعم للثورة السورية حيث تبنت خيار الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد ، وبذلك بدأ محور الاعتدال رافضاً للثورات من منطلق أنها تحمل شروراً للشعوب وستهدد أمن واستقرار المنطقة فيما عدا دعمها للإطاحة بنظام بشار الأسد.[27] وهذا يطرح تناقض كبير بين من يريد الإطاحة بأنظمة معينة ويرفض الإطاحة بأنظمة أخرى وهذا يتجسد في  موقف السعودية وقطر .

بعد نجاح بعض ما يسمى بثورات الربيع العربي في عدد من الدول العربية خاصة تونس ومصر وتنحى زين العابدين بن على وحسنى مبارك ووصول جماعة الإخوان المسلمون للحكم ، بدأت ملامح محور جديد يتشكل ضم مصر وتونس وتركيا وقطر وأحياناً كان يمتد ليصل ليبيا واليمن وأعلنت تركيا وقطر تأييدهما لثورات مصر وتونس وليبيا واليمن وقامت تركيا وقطر بتقديم دعم معنوي ومادي للأنظمة الجديدة في كلا من تونس ومصر إلا أن الإطاحة بالرئيس المصري الجديد محمد مرسى من الرئاسة في 3 يوليو 2013 جمّد محاولات بناء هذا المحور وفتح قبلة الحياة لمحور الاعتدال القديم الذي  أخذ موقفاً متحفظاً تجاه الرئيس السابق محمد مرسى رغم زيارة مرسى للسعودية فور انتخابه رئيساً لمصر ، حيث أيدت أغلب دول محور الاعتدال التقليدي ما قبل الثورات خطوة عزل الرئيس السابق محمد مرسى حيث قدم الملك عبد الله الثاني ملك الأردن دعماً معنوياً وسياسياً كبيراً لخطوة عزل مرسي وكذلك فعلت السعودية والإمارات . لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل فعلاً خرجت مصر من محور الاعتدال فعلا إبان حكم الإخوان المسلمين بزعامة الرئيس محمد مرسي ؟  يقول المؤرخ والمفكر السياسي محمد الجوادى ” إن محور الاعتدال لم يسقط أصلاً بعد انتخاب الرئيس المصري محمد مرسي وانه لم يكن عائقاً أمام إحياء محور الاعتدال بل سعى لإعادة إحياء المحور عبر مقاربات جديدة من خلال توثيق الصداقة بالمملكة العربية السعودية ” وأضاف  ” إن من عطّل إحياء المحور كانت تصريحات وزير الخارجية المصري نبيل العربي الذي قال فيها بضرورة العودة لإيران وهذا خلق تناقضاً مع السعودية والإمارات حتى قبل حكم الإخوان ، ويلفت إلى أن تناقض هذه الدول مع الإخوان ورغبتها بإعادة  إحياء المحور يعود لمصالح ذاتية لكل دولة فالسعودية تريد الاحتفاظ بالشرعية الدينية على طريقتها لا على طريقة الإسلام السياسي الذي تتبناه الإخوان المسلمون ، والأردن تريد الاحتفاظ بالشرعية الدينية لحكم آل البيت.[28]

هذا من زاوية أمّا من زاوية أخرى من المشهد الإقليمي ، فالبعض يرى انه وبعد اندلاع الثورة السورية وخروج حركة حماس منه عام 2012 فقد تحول محور الممانعة إلى محور ذات صبغة إيرانية ويضم العراق وسوريا وحزب الله اللبناني وهذا المحور له دور كبير في الدفاع عن نظام بشار الأسد .

المبحث الثالث : التحالفات بعد تولى الملك سلمان الحكم في السعودية

بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، عمل الملك سلمان بن عبد العزيز إلى تبنى سياسات تسعى إلى تحقيق التوازن بين الاحتفاظ بالتعاون الاستراتيجي مع مصر والاقتراب من تركيا  يهدف تقويض ما اعتبر النفوذ والتغلغل الإيراني في سوريا وخلال أسابيع استقبل الملك سلمان عددا من زعماء وقادة الدول من أبرزهم الرئيس التركي ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي وأظهر هذا اللقاء بعداً جديداً في السياسة الخارجية السعودية وفتح باباً واسعاً أمام التكهنات بوجود مساع سعودية لتشكل حلف سني موسع يضم عدة دول في المنطقة على رأسها تركيا ومصر لمواجهة ما يسمى بالمحور الشيعي الإيراني  وهذا ما حصل فيما بعد ولكن تحت مسمى التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب .

المطلب الأول: التحالف العربي في عملية عاصفة الحزم

 بدأت السعودية بأخذ زمام المبادرة وشكلت تحالف من عدة دول لمواجهة ما يسمى بالتغلغل الإيراني في اليمن وإعادة شرعية الرئيس اليمنى عبد الهادي منصور من أيدى جماعة أنصار الله الحوثية التي سيطرت على عدة مدن مهمة في اليمن من أهمها صنعاء العاصمة ، هذا التحالف وهذه العملية سميت بعاصفة الحزم وقد أعلنت الرياض أن هذا التحالف الموجه للحوثيين يضم دولاً عدة بجانب المملكة السعودية هي ( الإمارات – الكويت- قطر – البحرين – مصر – الأردن – المغرب – السودان – باكستان) مع تأييد تركي وأمريكي لهذه العملية ثم أعلنت السنغال مشاركتها في هذا التحالف

وانسحاب باكستان من هذا التحالف بعد تصويت البرلمان الباكستاني رفضه للمشاركة.

هذا الحلف قد يدفع مستقبلا إلى تطوير جامعة الدول العربية بتحويلها إلى اتحاد عربي، له مرتكزاته السياسية والاقتصادية وله أداته العسكرية، لكن مثل هذا الحلف سيكون مستهدفا من كل الأطراف سواء كانت دولية أم إقليمية. فهو مرفوض حتما غربيا (أميركيا – وأوروبيا) وهو بالتأكيد مرفوض إسرائيليا وإيرانيا وتركيا، لكن ربما تحاول تركيا أن تنسج لنفسها خيوط تواصل مع هذا الحلف العربي دون إخلال بتوازن علاقاتها مع إيران، ودون أن تتورط في تفاعلات صراعية غير محسوبة مع إسرائيل. لذلك سيبقى أمر هذا الحلف محكوما بمدى توفر إرادة سياسية صلبة لتكوينه، وبمدى عزيمة الدول الأعضاء في الدفاع عنه، والحيلولة دون اختراقه أو توريطه في صراعات غير محسوبة ليست لها علاقة بالأهداف المحددة له.

وفي إبريل من العام نفسه أعلنت قيادة العملية عن توقف العملية وبدأ عملية إعادة الأمل بعد أن أعلنت وزارة الدفاع السعودية إزالة جميع التهديدات التي تشكل تهديدا لأمن السعودية والدول المجاورة. ولا تزال عمليات التحالف العربي في اليمن مستمرة إلى الآن.

المطلب الثاني : التحالف الإسلامي ضد ” الإرهاب”

التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة «الإرهاب» هو حلف عسكري تم إنشاؤه منتصف ديسمبر  2015بقيادة السعودية، لمحاربة” الإرهاب” بجميع أشكاله ومظاهره أيا كان مذهبها وتسميتها، عبر انضمام 35 دولة إسلامية، سيجري التنسيق فيما بينها من خلال غرفة عمليات مشتركة مقرها الرياض.

ويضم التحالف مجموعة من الدول الاسلامية التي تشكل أغلبية العالم الاسلامي، خاصة التي تعاني من “إرهاب” مستمر مثل سوريا والعراق وسيناء واليمن وليبيا ومالي ونيجيريا وباكستان وأفغانستان.

فضلا عن تأييد 10 دول إسلامية للتحالف من غير انضمامها إليه مثل إندونيسيا، حيث سيجري محاربة” الإرهاب” وفق النظرة السعودية عسكريا وفكريا وإعلاميا بالإضافة إلى الجهد الأمني، بينما الدول العربية المشاركة هي الأردن والإمارات والبحرين وتونس والسودان والصومال وفلسطين وقطر والكويت ولبنان وليبيا ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن وجمهورية القمر.

أما الدول غير العربية، فهي باكستان وبنغلاديش وبنين وتركيا وتشاد وتوغو وجيبوتي والسنغال وسيراليون والغابون وغينيا وكوت دي فوار والمالديف ومالي وماليزيا والنيجر ونيجيريا. المحلل والكاتب السياسي السعودي، قينان الغامدي يقول “لا تعتمد طبيعة هذا التحالف على تشكيل قوات عسكرية، لكنّ تعتمد بالدرجة الأولى على تبادل الخبرات اللازمة عبر تقديم الدعم الأمني واللوجيستي، وتبادل المعلومات والاستفادة من تجارب البلدان والدول الرائدة في مكافحة الإرهاب، إضافة إلى العمل على توفير الاحتياجات للدول التي تفتقر إلى الخبرة في هذا المجال؛ كالاستفادة من برامج المناصحة التي كانت تركز عليها السعودية لمكافحة الفكر المتطرف والمنحرف”، مشدداً على أهمية الجهد الفكري في هذا التحالف الذي سيكون جهداً عاماً لا يقتصر على جهة أو دولة بحد ذاتها، مشيراً إلى إشادة الدول الأوروبية بتجربة السعودية للحد من الفكر المنحرف عن طريق المناصحة ، وحول غياب الجانب الإيراني عن هذا التحالف وهل له أبعاد سياسية، يرى الغامدي أنّ غياب إيران لن يؤثر كثيراً على سير هذا التحالف وعمله ونجاحه، مشيراً إلى أنّ غياب إيران عن هذا التحالف يعود إلى التباين والاختلاف في وجهات النظر بين إيران من جانب والدول العربية والخليجية من جانب آخر، ولكن ومع ذلك لن يمانع التحالف انضمام إيران إليه، شريطة التوصل إلى حلول سياسية بين إيران ودول المنطقة، إضافة إلى ضرورة توافر حسن النية من قبل طهران، مشدداً على أنّ السعودية ليس لها عداء تجاه إيران فهي لا تشكل أي تهديد حقيقي للسعودية. أما فيما يتعلق بغياب سلطنة عمان عن هذا التحالف، فإنّ الغامدي يؤكدّ أنّ هذا الغياب له ما يبرره؛ ويعود بالدرجة الأولى إلى دستورها الذي يمنع المشاركة في أي تحالفات سياسية أو عسكرية في المنطقة، معتبراً أنّ ذلك يعدّ أمراً إيجابياً يصب في خدمة دول المنطقة ودول الخليج ويحقق الأمان لهم. وفيما يتعلق بالجزائر فإنّ ذلك، بحسب الغامدي، ربما يعود إلى سياستها الداخلية التي تحتاج إلى الرجوع إلى مجلس النواب والقيام بمشاورات قبل البت أو اتخاذ القرار في موضوع كهذا، مشيراً إلى أنّ عدم مشاركة العراق وسوريا في هذا التحالف يعود إلى انشغالهما بأمورهما الداخلية.[29]

ولكن للوهلة الأولى ومن النظر إلى الدول الأعضاء في هذا التحالف وطريقة تكوينه سيتضح أنه قائم على أساس (مذهبي/طائفي)، ولا يحتوي دولة شيعية مثل إيران والعراق على الرغم من أنهما من الدول الأعضاء في «منظمة التعاون الإسلامي». ويعتبر تشكيل هذا التحالف بمثابة مناورة جديدة في الصراع بين المملكة العربية السعودية من جهة وإيران وشركائها من الحوثيين، و «وحدات الحشد الشعبي»، و «حزب الله» من جهة أخرى. وينبئ هذا التحالف عن احتمال متوقع لتوسيع دائرة القتال بين السنة والشيعة في أماكن. لكن يبدو أن القاهرة تخشى من أن يصبح التحالف الإسلامي بديلاً عن مشروع “القوة العربية المشتركة”، لذا أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقائه الأخير مع الأمير بن سلمان في القاهرة “أن التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب لا يعد بديل عن «القوة العربية المشتركة»”. وقد برر تلك المخاوف، قيام السعودية بإلغاء اجتماع وزراء الدفاع والخارجية العرب الذي كان مقرر عقده في آب/أغسطس الماضي، لبحث آليات تنفيذ “القوة العربية المشتركة”. وفى لفته تصالحية على ما يبدو، أعلنت المملكة العربية السعودية عن حزمة جديدة سخية من المساعدات المالية والبترولية إلى مصر بعد الإعلان عن التحالف. وبهذه الطريقة، كانت قادرة على استغلال الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد وحاجة مصر لمثل هذه المساعدات، لضمان موافقة الأخيرة حتى ولو ظاهرياً.

ولكن فعلياً، لا يبدو هذا التحالف بديل جاد وحقيقي لمشروع “القوة العربية المشتركة” وذلك لافتقاره للآليات التنفيذية والأطر الواضحة، ولأن أغلب الدول الأعضاء في التحالف كما يُفترض قد أعلنت عن عدم نيتها إرسال قوات عسكرية، ولكنها على استعداد لتقديم تعاون استخباراتي. وعلى النقيض من التحالف، قد ترسل “القوة العربية المشتركة” قوات يصل عددها إلى حوالي 40 ألف جندي، تكون قادرة على التدخل السريع والمباشر ضد أي عدوان يواجه المنطقة بما في ذلك تهديد الإرهاب. وما هذا التحالف سوى مغامرة جديدة للأمير محمد بن سلمان، ويأتي لصرف الأنظار عن اخفاقات التحالف السابق الذي أعلن عنه بن سلمان في حربه على اليمن. ومع ذلك، ينبغي النظر إلى هذا التحالف على أنه خطوة هامة نحو توسيع دائرة الصراع الطائفي بين المملكة العربية السعودية وإيران، حيث يسعى الطرفين الى اقحام بقية دول المنطقة في حرب [لا تخدم سوى مصلحتهما

الفصل الثالث : التحالفات الدولية في منطقة الشرق الأوسط

المبحث الأول : التحالف الدولي  ضد الإرهاب

 التحالف الدولي للقضاء على «داعش»:هو تحالف دولي أنشيء في سبتمبر من العام 2013 بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ويضم أكثر من عشرين دولة، لمحاربة ” داعش”، ووقف تقدمه في العراق وسوريا بعد سيطرته على مساحات شاسعة في البلدين، حيث بدء شن الغارات في سوريا والعراق من الشهر نفسه. واتفقت أمريكا والسعودية ومصر والعراق والأردن ولبنان وقطر والكويت والبحرين والإمارات وسلطنة عُمان على محاربة التنظيم، والعمل على وقف تدفق الأموال والمقاتلين إلى التنظيم، وإعادة بناء المجتمعات التي روعها التنظيم بأعماله “الوحشية”. وثمة من يرى أن هذا التحالف مشابه للذي تشكل في حرب الخليج الثانية “حرب تحرير الكويت” في بداية التسعينيات، إذ بلغ عدد الدول المشاركة في حرب الخليج الثانية 32 دولة بقيادة أمريكا لتحرير الكويت من الغزو العراقي سنة 1990، بينما التحالف الحالي بلغ عدد الدول الأوروبية والعربية والشرق أوسطية ما يقرب من خمسين دولة. والجدير ذكره أنه يختلف أدوار الدولة المشاركة في التحالف، فمنهم من يشارك بالدعم المالي وآخرون في العمليات العسكرية الميدانية والعمليات اللوجستية، فأمريكا وكندا وبريطانيا وفرنسا وأستراليا وألمانيا وإيطاليا وألبانيا وبولندا والدنمارك وأستونيا كان دعمها عسكريا. فيما السعودية استعدت لمنح 500 مليون دولار للمفوضية العليا للاجئين، والكويت عشرة ملايين دولار من المساعدات الإنسانية، بينما استقبلت أستراليا: 4400 لاجئ عراقي وسوريا وإلقاء الكثير من المساعدات الإنسانية من الطائرات. وبما أن السبب المعلن لهذا التحالف هو القضاء على” داعش”، فإن ثمة أسباب تقف وراء قيادة أمريكا له وهي تأمين موارد النفط التي تؤثر في الاقتصاد العالمي، خاصة بعد سيطرة” داعش” على منطقة” نينوى” وما تحويه من مصافي النفط في حزيران العام الجاري. إضافة إلى تأمين الحلفاء الرئيسيين الذين شعروا بتهديد حقيقي من تمدد “داعش”، وفي مقدمتها إسرائيل التي اعتبرت أن تقدم التنظيم صوب الحدود العراقية الأردنية تهديد مباشر لأمنها، فضلا عن الضغوط الخليجية على” أوباما” خشية تهديد الجماعات الجهادية من ناحية، وتوسع نفوذ إيران في العراق وسوريا من ناحية أخرى. [30]

المبحث الثاني : التحالف الرباعي ضد الإرهاب

التحالف الرباعي او غرفة عمليات بغداد ، هو عبارة عن مركز استخباراتي معلوماتي مقره في بغداد نشأ نتيجة تحالف استخباراتي دولي بين كل من ( ايران ، العراق ، سوريا ، روسيا ) ، في نهاية سبتمبر 2015 ، قررت روسيا وايران وسوريا والعراق على انشاء مركز معلوماتي يضم ممثلي هيئات اركان جيوش الدول الاربع. يهدف المركز جمع ومعالجة وتحليل المعلومات عن الوضع في منطقة الشرق الاوسط وتوزيعها على هيئات اركان القوات المسلحة للدول المشاركة في المركز وذبك لتنسيق العمليات العسكرية لمحاربة تنظيم داعش ، وسيترأس العراق المركز لمدة 3 شهور ، وفقا لما تم الاتفاق عليه بين الدول الاربع ، وسيناوب ادارة المركز بين ضباط من سوريا والعراق وايران على الا تتجاوز فترة ادارة كل طرف ثلاثة اشهر.

واشار الرئيس الروسي الى ان انشاء المركز المعلوماتي هو لهدف توحيد جهود دول المنطقة في مواجهة الارهاب وتنظيم داعش وذلك من خلال تشكيل لجنة لتنسيق العمليات وادارة قوات روسية وسورية وعراقية وايرانية في محاربة داعش[31]. واشار المندوب الروسي الى “ان محاربة داعش بجهود مشتركة قد تساعد اطراف الازمة في سوريا على ايجاد سبل تسوية الخلافات بينها[32]”

الخلاصة

توالت التحالفات في الشرق الأوسط كنتيجة طبيعية لعدة صراعات إيديولوجية وعرقية وسياسة واقتصادية . من أهم هذه الأحلاف الحلف العربي أو اتفاقية الدفاع العربية المشتركة كرد فعل على الانتهاكات الصهيونية في فلسطين ولكن هذا الحلف أثبت ضعفه بعد عدوان حزيران 67 . تشكل أيضاً حلف بغداد في ظل الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي ولكن هذا الحلف لم يكتب له النجاح اثر ثورة العراق وتولى عبد الكريم قاسم الحكم في العراق الذي تبنى سياسة أكثر قربا من الاتحاد السوفيتي وكذلك الثورة الإسلامية في إيران وعدم رغبة دول في زج نفسها في الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي . تشكل أيضاً خاصة بعد توقيع اتفاقية كامبد ديفيد ما يعرف بمحوري الاعتدال والممانعة حيث كانت لكل منهما وجهة نظر في موقفه تجاه الولايات المتحدة وقضايا الصراع في منطقة الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية وهذا المحوران تميزا بالثبات حتى انطلاق ما يسمى بثورات الربيع العربي حيث تغيرت مواقف بعض الدول وبعض حركات التحرر تجاه المحورين إيجاباً وسلباً. في ظل توسع وامتداد تنظيم ما يسمى بتنظيم داعش خاصة في العراق وسوريا  واتساع نفوذ جماعة أنصار الله في اليمن تشكلت عدة تحالفات جديدة تحت عناوين مختلفة مثل ما  يسمى إعادة الشرعية كالحلف العربي في اليمن “عملية عاصفة الحزم” أو التحالف الدولي ضد الإرهاب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية أو الحلف الرباعي بقيادة روسيا أو التحالف الإسلامي ضد الإرهاب.  يظهر للعيان أن أهداف تلك التحالفات مشتركة ولكنها في الأساس مختلفة لأن جزء منها  حافظ على أنظمة مثل النظام السوري ومنها لم يستطع لهذه اللحظة القضاء على تنظيمات كتنظيم داعش أ جماعات كجماعة الحوثي في اليمن لنخلص لنتيجة نهائية أن الصراع الدائر هو من اجل تحقيق المصالح.

المراجع

الكتب

1-حمد ، إبراهيم. (1990) ، تاريخ ونظريات العلاقات الدولية ، الطبعة الأولى ،  عمان ،دار مجدلانى للنشر والتوزيع

2- أبو خزام ، إبراهيم. (1985) ، الحروب وتوازن القوى ، الطبعة الأولى ، دار الكتاب العربي ، الرملة البيضاء

3- حتى ، ناصيف يوسف ، النظرية في العلاقات الدولية ، دار الكتاب العربي

4- حسين ، عدنان السيد. (2003) نظرية العلاقات الدولية ، الطبعة الأولى، توزيع أمواج للنشر والتوزيع

 دار أمواج للنشر والتوزيع  بيروت

5- شكري ، محمد عزيز(1978) ، الأحلاف والتكتلات في السياسة العالمية ، عالم المعرفة

مواقع الكترونية

1- رياض التحالفات والعقيدة السياسة” ،  أيمن الحماد في  1136075 www.alryadh.com/

2- ” نظرية التحالف في العلاقات الدولية”  bohothe.blogspot

3-  ” أمريكيا وروسيا والصين في الشرق الأوسط – التحالفات والنزاعات _ لاكوفوس الحاديف ) siyassa.org.eg/ news content/4/96/8707

4-  “الشرق الأوسط الجديد كيف يتشكل” ،  صحيفة الحياة ، محمد سيد رصاصى ،

Alhayat.com/m/story/13268959

5- صحيفة الأهرام      ( ahram.org.eg  ) news print

6- “وقفة عند الممانعة”  محمد صالح الفتيح”   www.amad.ps/ar/details/118358

7-  “حقيقة محور الاعتدال” ، صحيفة العصر  alasr-m/articles/view/8670

8-  “انجازات محور الممانعة : كشف حساب (1/2) ”  Alhayat.com/m/opinion/11133913

9- “الثورات العربية تضع محوري الاعتدال والممانعة إزاء سياسة إلى الخلف در” alarab.co-uk m /? Id = 17962

10-“محور الاعتدال العربي يستعد لولادة جديدة”   Aljazeera.net/news/report sandi

11-التحالف الإسلامي العسكري.. تعرّف على طبيعته وأهدافه

http://alkhaleejonline.net/articles/1450252676197693900/

12- هدف التحالف العسكري الإسلامي بقيادة السعودية  http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/the-purpose-of-saudi-arabias-islamic-military-coalition

13-مركز استخباري في بغداد ، جريدة السفير ،20-10-2015)

14- تشوركين : روسيا لن تنضم للتحالف ضد ” داعش” بقيادة واشنطن ، rt news  ، تاريخ النشر 2-9-2015

[1]  أبو خزام ص 160

[2] نفس المصدر  163

[3]  السيد حسين ، عدنان ، ص 109

[4]  حمد ، إبراهيم ، ص 372

[5]  حتى ، ناصيف ص 167

[6] أبو خزام ، إبراهيم ، ص 162

[7]  حسين ، عدنان  ، ص 109

[8] . مرجع سابق  ، ص 111،112

[9] حتى ، ناصيف ، ص 167-168

[10]  مصدر سابق ، ص 163

[11] مصدر سابق ص 164

[12] مصدر سابق ،  ص 164

 [13] انظر في ” الرياض : التحالفات والعقيدة السياسية” ،  أيمن الحماد في  1136075 www.alryadh.com/

[14]  انظر في ” نظرية التحالف في العلاقات الدولية”  bohothe.blogspot

 [15] نفس المصدر

[16]   انظر في  ” أمريكيا وروسيا والصين في الشرق الأوسط – التحالفات والنزاعات _ لاكوفوس الحاديف )siyassa.org.eg/ news content/4/96/8707

[17]   شكري ، محمد عزيز “الأحلاف والتكتلات في السياسة العالمية” ،  ص 70

[18] مصدر سابق ص 71

[19] انظر في  “الشرق الأوسط الجديد كيف يتشكل” ،  صحيفة الحياة ، محمد سيد رصاصى ،

Alhayat.com/m/story/13268959

[20]  أبراش  ، إبراهيم ، محاضرة أكاديمية “ماجستير العلوم السياسية” ، مارس 2016

[21]     انظر في صحيفة الأهرام      ( ahram.org.eg  ) news print/

 [22]  انظر في “وقفة عند الممانعة”  محمد صالح الفتيح”   www.amad.ps/ar/details/118358

[23]  انظر في “حقيقة محور الاعتدال” ، صحيفة العصر  alasr-m/articles/view/8670

[24] انظر في ” وقفة عند الممانعة”   محمد صالح الفتيح”   www.amad.ps/ar/details/118358

[25]  انظر في “انجازات محور الممانعة : كشف حساب (1/2) ”  Alhayat.com/m/opinion/11133913

 [26]  انظر في “وقفة عند الممانعة” ،  محمد صالح الفتيح www.amad.ps/ar/details/118358

[27]  انظر في “الثورات العربية تضع محوري الاعتدال والممانعة إزاء سياسة إلى الخلف در” alarab.co-uk m /? Id = 17962

[28]  انظر في  “محور الاعتدال العربي يستعد لولادة جديدة”   Aljazeera.net/news/report sandi

[29] التحالف الإسلامي العسكري.. تعرّف على طبيعته وأهدافه

http://alkhaleejonline.net/articles/1450252676197693900/

 30هدف التحالف العسكري الإسلامي بقيادة السعودية  http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/the-purpose-of-saudi-arabias-islamic-military-coalition

[31] مركز استخبارى في بغداد ، جريدة السفير ،20-10-2015)

[32]تشوركين : روسيا لن تنضم للتحالف ضد ” داعش” بقيادة واشنطن ، rt news  ، تاريخ النشر 2-9-2015

بقلم أ. محمد أحمد عطاالله فلسطين

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button