اصدارات الكتب

كتاب دراسة في علم الاجتماع السياسي

علم الاجتماع السياسي هو فرع من علم الاجتماع العام ينظر إلى الظواهر السياسية كوقائع اجتماعية، ويدرس القوة والقدرة والنفوذ والسلطة في إطارها الاجتماعي وداخل الجماعات. وترجع نشأة علم الاجتماع السياسي إلى الأزمات التي ظهرت بعد حركات الإصلاح الديني في ألمانيا على يد مارتن لوثر وكذلك إلى الأزمات التي أعقبت ظهور الثورة الصناعية في أوروبا. وثمة عوامل عدة غير مباشرة أسهمت في نشأة علم الاجتماع السياسي، ضمنها ثورة الحداثة، التي قسمها إلى ثلاث ثورات “الثورة الدينية” (أي الإصلاح الديني أو الثورة الأيديولوجية)، والثورة الفرنسية (أي الثورة السياسية والحقوقية)، والثورة الصناعية (الاقتصادية والاجتماعية). فهو علم حديث نسبياً، ظهر في أعقاب الحرب العالمية الثانية ليسد الفراغ الموجود بين علم السياسة وعلم الاجتماع، من خلال تقديم المعرفة العلمية للظواهر السياسة، فأصبح من مجالات البحث الهامة في علم الاجتماع. وهو علم يدرس العلاقة بين السياسة والواقع الاجتماعي الذي يعد الحاوي للأحداث السياسية وتأثير الأحداث السياسية على البنية الاجتماعية والعكس. فعلم السياسة أقدم من علم الاجتماع السياسي، فبينما نشأ الأول مع ظهور الدولة المدينة (أثينا وروما مثلاً)، فإن الثاني نشأ مع تشكل الدولة الأمة كإطار للاجتماع السياسي مع القرن التاسع عشر. والظواهر السياسية التي يدرسها علم الاجتماع السياسي ليست حديثة العهد كعلم الاجتماع السياسى، لكنها أقدم من ظهور علم الاجتماع نفسه حيث أنها قديمة قدم وجود الإنسانية ذاتها، حيث أهتم علماء العلوم الإنسانية الأخرى، مثل الفلسفة والقانون، بدراستها ولكن بشكل محدود، فأتسم علم الاجتماع السياسي وكذلك العلوم السياسية بدراستها بشكل منهجي ومنظم. فمثلاً عند دراسة ظاهرة سياسية كالحرب أو الثورة، يدرس علم الاجتماع السياسي تأثير ذلك على المجتمع، كما يدرس أيضاً تأثير البنية الاجتماعية على السياسة، فمثلاً ظاهرة البطالة والتفكك الاجتماعي واختلال القيم وغياب العدالة الاجتماعية (الظاهرة الاجتماعية) وبين حدوث الثورة أو الحرب (الظاهرة السياسية). يهتم علم الاجتماع السياسي بأثر المتغيرات الاجتماعية في تكوين بنية السلطة السياسية وتطور أنظمة الحكم في المجتمع، فالنظم الاجتماعية من وجهة نظر علم الاجتماع السياسي ليست إلا عوامل متغيرة (أو متحولات) أو عوامل مسببة، وما أمور السياسة وشؤونها غير عوامل تابعة، تتأثر بالعوامل الاجتماعية وتتغير بتغيرها. وعلى هذا فإن أي فهم دقيق للنظم والمؤسسات السياسية يتطلب تحليلاً لمرتكزاتها الاجتماعية ورصداً لعناصر التغير في المجتمع. ثم إن علم الاجتماع السياسي يبحث في كيفية نشوء مجتمع دولي «مسيَّس» يقوم على السلام والعدل ويسعى إلى سعادة البشرية جمعاء، غير أن هذا لا يعني تطابق النظرة والمعالجة لهذه الموضوعات بين علم الاجتماع السياسي وعلم السياسة فالنظرة الاجتماعية إلى أمور السلطة والسياسة تختلف عن النظرة السياسية، لأن العلوم السياسية تركز اهتمامها على تبيان أثر السلطة في إحداث التغير الاجتماعي وتدرس مسائل الإدارة وشؤونها بمعزل عن التطورات الاجتماعية والاقتصادية في نطاق المجتمع الواسع، في حين يهتم علم الاجتماع السياسي بأثر العامل الاجتماعي والتغير الاجتماعي في تكوين بنية السلطة والدولة والحكم والسياسة وتفسيرها.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى