كورونا الفيروس … الكابوس

لقد أثّر تفشي فيروس كورونا المستجد (COVID-19) بالفعل بحياة البشر وفرض نفسه كواقع جديد في الأيام القادمة، على جميع الدول (حتى التي لم تسجل حالة إصابة واحدة بالفيروس) اتخاذ خطوات ضرورية من خلال السياسات اللازمة لحماية مواطنيها وتخفيف الأضرار بمنعكساتها على الأوضاع الاجتماعية – الاقتصادية .

خطورة كورونا الفيروس المستجد تكمن في قدرته على التطور والتحول والانتشار بما لا يمكن التنبؤ به – في ظل عدم معرفة ما هو مجهول عنه سواء لمصدره وسلالاته وانتشاره …وكم عدد البلدان التي سيصل اليها، وما مدى استدامة وتضافر سياسات المواجهة المنسقة والسريعة التي يتم تبنيها ، على المستوى المحلي والاقليمي والدولي .

ثلاثة أشهر من هذا العام الفريد2020 ، حملت معها مئات آلاف الإصابات بفيروس كورونا حول العالم.

إضافة الى اجتياح أسراب رهيبة من الجراد لأراضي اليمن ودول شرق إفريقيا ، وعواصف مختلفة التسميات اخرها التنين الذي عصف بمصر وبلاد الشام ، واندلاع حرائق رهيبة اصابت غابات الشرق والغرب وصولاً الى استراليا حيث الحقت الأضرار بملايين الكائنات الحية من الصعب تحديدها ، وانهيار كبير للبورصات العالمية وأسعار النفط مما ينذر بعواقب وخيمة ، وإقبال كبير من مواطني الدول التي اصابها الفايروس او التي تحذر منه على شراء المواد الغذائية التموينية هلعاً من عدم توفرها عند التزام الناس مساكنهم تحسباً لانتشار الفيروس ، وانخفاض حاد في السعر العالمي للمواد الغذائية حسب الفاو بحدود ٢٠٪؜ مع ما يماثلها لأسعار المواد الأولية للدول النامية لصعوبة النقل وإيصالها الى المصانع الكبيرة التي توقف العديد منها عبر التصدير .

ثمة سؤال كبير. يطرح نفسه بعد هذا الانهيار وهذه الكارثة، هل العالم بحاجة الى صياغة عقد بيئي وأخلاقي و انساني وحضاري جديد ؟ يتجاوز البروتوكولات والمنظومات السابقة، لمواجهة كورونا وما يُولد من جديد (أسوأ منه) في مستقبل الكون والانسانية، لحماية حياة البشر وأرواحهم، والحد من الأضرار الاجتماعية – الاقتصادية.

إن النساء أكثر تضررا من الآثار الاقتصادية لانتشار COVID-19 بالرغم من أنهن أقل عرضة للعدوى حسب الدراسات والإحصائيات لأسباب هرمونية ، نظراً لأنهن يعملن في العديد من المجالات بشكل غير متناسب مع العمل الآمن .

إن الأضرار الاجتماعية – الاقتصادية تحدث غالباً لأسباب أهمها:

  • توقف بعض المصانع وتأخر استئناف التشغيل.
  • انكماش رأس المال المحلي- البشري والمالي- لمكوث معظم الناس في منازلهم.
  • تراجع في حركة النقل والسياحة وزيادة القيود على السفر.

كل ما سبق ذكره يدعونا لتذكير واضعي السياسات لأجل إدارة المخاطر أفضل ما يكون بعدم الانطواء على الذات، بل بمشاركة أوسع لقطاعات عديدة منها المجتمع المدني وخبراء الأزمات والصحة والوقاية والإعلام وشبكات الامان الاجتماعي لتحفيز ثقافة مواجهة ومكافحة الفايروس مجتمعياً ، والحد من تفاقم آثاره الاجتماعية – الاقتصادية عبر حزمة من الإجراءات أهمها :

  • تفعيل باقات الانترنيت وتسريعها وتخفيض نفقاتها ، مع توفير الطاقة الكهربائية بأقل حد من التقنين ، لتمكين الأهالي من اتخاذ اجراءات السلامة والحيطة والحذر عبر تلقيهم المعلومات الضرورية من خلال وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي .
  • توزيع الكمامات والقفازات مجاناً للأطفال وكبار السن وذوو الإعاقة .
  • مع توفير المواد الغذائية في الأسواق وخصوصاً لدى مؤسسات التدخل الإيجابي لضمان تدفق المواد .
  • إن الحد من وجود تجمعات بشرية ، يستدعي من السلطات القضائية الرعاية الصحية للموقوفين بتهم جنائية مختلفة, والإفراج عن الموقوفين تحت المحاكمة ولم تصدر احكام نهائية بحقهم ، باستثناء المحكومين بالجنايات الهادمة للمجتمع واستقراره وقيّمه ، كواقع جديد وحالة طوارىء صحية .
  • زيادة الإنفاق على الصحة والمؤسسات الطبية وتعزيز الاستثمارات التي تدعم هذه الأنظمة لتمكينها من تسريع جهود العلاج والاحتواء، وتعزيز التعاون مع منظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية ذات الصلة، بما لا يضر بالمصلحة الوطنية.
  • الأزمات وحالة الطوارئ الصحية تستدعي وزارات المالية والبنوك المركزية والبنوك الخاصة والعامة بالعزوف عن الشروط القاسية لتوفير السيولة النقدية ومنح التسهيلات المصرفية ، وقد تحتاج هذه البنوك إلى تخفيض أسعار الفائدة وضخ السيولة لاستعادة الاستقرار المالي وتعزيز النمو ، والغاء جميع الإجراءات الاحترازية التي قامت بها بالحجوزات التنفيذية ومنع السفر للمدينين والكفلاء ، بما يساهم في اعادة تدوير الانتاج وتحفيز الصناعيين على توفير المواد بالأسواق والحد من ترهل الشركات الخاصة .
  • تحسين مستوى الثقة بإجراءات حزمة من الدعم والمساندة المالية للمواطنين تساعدهم على توفير مستلزماتهم الغذائية والطبية والصحية الوقائية مما يحد من انتشار الفايروس .

ختاماً، لا يجوز التهاون والاستخفاف بالفايروس – الكابوس ، في نفس الوقت يجب أن يستدعينا الذعر والهلع لاتخاذ اجراءات السلامة ، وبالعمل الشفاف وبتضافر الجهود الأهلية والمحلية والإقليمية والدولية ، سنتمكن من القضاء عليه والحفاظ على البيئة والانسان وصحته وحقه في الحياة الآمنة والسليمة.

حمى الله البشرية جمعاء، نحو التقدم والرخاء وتجاوز الأزمات.

مهندس باسل كويفي

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button