كيف بدأت الثورة السورية وكيف هي الأن و ماهي مآلاتها ؟

بداية ليس مقالي هذا مدحا لأي طرف أو قدحا وذما لطرف آخر، إنما الهدف تتبع مسارات الثورة السورية منذ بدايتها و إلى أين يبدوا أنها ستنتهي . لأن الثورة على ما يبدوا حُمٍِّلت أكبر من طاقتها وإستخفى تحتها كثير من المنتفعين من أطراف عدة ومتناقضة و كما هو ظاهر وجلي ولا ينكره أحد فلم يتضرر إلا الوطن السوري وشعب سوريا وحضارة سوريا العريقة وتوابع أخرى كثيرة لا حصر لها سنذكر بعضها في سياق تحليلنا للموضوع

منذ بداية موجة الربيع العربي كما اُطلق عليها إبتداء من حادثة صفع المرحوم البوعزيزي من طرف شرطية تونسية وما تبعه من رد فعل البوعزيزي بإحراق نفسه إحتجاجا على الإهانة التي تعرض لها بداية من النصف الثاني من شهر ديسمبر 2010 . كانت تلك الشرارة الأولى التي أطاحت بعدة أنظمة سياسية عربية وتحولات وتكييف في أنظمة اخرى في كل من تونس و مصر وليبيا واليمن و العراق والجزائر والمغرب وسوريا . لكن أعنف تلك الثورات كان في سوريا التي إنطلقت فيها شرارة الثورة في مارس 2011 ولا زالت مستمرة ولكن هل بقيت كما بدأت و هل بقي طرفاها من أبناء الوطن الواحد من موالاة و معارضة ؟.

فإفرازات هذه الثورة تعددت نظرا لتشبث النظام البعثي بالحكم مهما كلف ذلك من تدمير للإنسان والعمران و كذا إصرار أطراف إقليمية موالية لهذا النظام على دعمه لأن نهاية النظام السوري كان سيمثل ضربة موجعة لنظام توازن القوى في المنطقة لذلك إستعمل كل طرف قوته الصلبة ( العسكرية ) وقوته المرنة من تأثيرسياسي ومالي وإقتصادي وديني و ديموغرافي .فالتدخلات من كل الاطراف كانت عنيفة بغض النظر عن نتائجها المأساوية .مما جعل الدناءة و جرائم بحق الإنسانية شيء مميز لهذه التدخلات وهنا لن نستثني أي طرف ( النظام وحلفاؤه + المعارضة وحلفاؤها + القوى الإقليمية + الجامعة العربية + إسرائيل + القوى الدولية ( روسيا وأمريكا ) + الامم المتحدة والمجتمع الدولي + تنظيم داعش الإرهابي الذي خدم كل الاطراف المتحاربة وأضر فقط بالدين الإسلامي الحنيف وبالحضارة السورية وبالشعب السوري.

فكل الاطراف المذكورة آنفا لعبت دورا سلبيا منافيا للأخلاق ومجافيا لمنطق الإنسانية حتى أن مصطلح الثورة السورية أصبح خياليا ولم يكن الأمر إلا حربا دولية متعددة الاطراف والهويات وبالتالي ستكون المآلات كذلك ولاشك. فإذا كانت سايكس بيكو سنة 1916 إتفاقية سرية لتقسيم المنطقة بين قوى إستعمارية تقليدية فقد كانت هذه الحرب تنفيذا عمليا وعلنيا للإتفاق الحاصل بين مصالح روسيا و أمريكا ومن دار في فلكهما .خدمة للكيان الصهيوني و تمزيقا لشعوب المنطقة و تمهيدا لإتمام صفقة القرن بعد ماحصل في دول الخليج من إنقلاب في هرم السلطة وتقديم شخصيات شبابية للحكم كانت مستعدة لتقديم أي شيء مقابل الحصول على الملك كمثل ( محمد بن سلمان و محمد آل نهيان ) ولعب دور الشرطي المنفذ لأوامر عليا لإدارة ترومب التي بدورها تخضع للوبي الصهيوني العالمي.

وتم تحييد قطر ليس لأن نظامها ديمقراطي غير متورط في مآسي الشعوب العربية ولكن تم إبعاده لتقاربه مع تركيا و حركة الإخوان العالمية التي تعاديها مصر ودول الخليج و في النهاية نظام قطر غير مستعصي على إدارة القوى الكبرى للعب به كورقة رابحة متى شاؤو فجرائم وفضائح نظام ال تميم بقطر لا تعد ولا تحصى . يبدوا ان الامور تتجه إلى الحسم في الثورة السورية لصالح روسيا وحلفائها ولا نقول لصالح النظام السوري وحلفاءه فالمعركة أدارتها روسيا بوتين ضد إدارة ترومب و نجحت في إفتكاك مصالحها والحفاظ على مكانتها في المياه الدافئة و بدأت القوى الدولية و الإقليمية ترتب اوراقها من جديد للتموقع والتمركز فقد أصبح الحديث الأن عن إعادة الإعمار بدل الحديث عن هوية خليفة بشار الأسد .

و كما أوضحنا منذ البداية أن الخاسر الأكبر كان الوطن والشعب وحضارة سوريا والمصالح الإقتصادية و الحواضر التجارية في سوريا العميقة فالأردن كان الخاسر في كل الحالات بحكم عدم وضوح رؤيته السياسية وضعفه الإقتصادي لذلك دفع الثمن ولازال للأسف .

أخيرا أختم كلامي بمقطوعة عراقية حزينة للفنان سعدون جابر تقول :
الي مضيع ذهب في سوق الذهب يلقاه ..
والي مفارق محب يمكن سنه وينساه . .
لكن الي مضيع وطن !! وين الوطن يلقاه ؟

الطالب : نورالدين عفان
ماستر دراسات أمنية وإستراتيحية

جامعة قاصدي مرباح ولاية ورقلة

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button