لماذا ازدادت الأهمية النسبية للإعلام بالنسبة للأجهزة الأمنية في معظم دول العالم بحيث صرنا نتحدث عن الإعلام الأمني ؟

ا.د محمد سعد ابوعامود

ازداد اهتمام الأجهزة الأمنية في كل دول العالم بالجوانب لأنشطتها المختلفة خلال العقدين الأخيرين ويرجع ذلك للعديد من العوامل ،بعضها يرجع إلى التطورات التي لحقت بالظواهر الأمنية ذاتها وهى الظواهر التي تتعامل معها الأجهزة الأمنية الأمر الذي تطلب تحديثًا وتطويرًا مستمرًا للسياسات الأمنية وللاساليب والوسائل والتقنيات التي تستخدمها في تعاملها مع هذه الظواهر، البعض الآخر يرجع إلى مجموعة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والتكنولوجية التي شهدتها وتعيشها المجتمعات المعاصرة ،هذا فضلا عن التطورات التي حدثت في تقنيات الاتصال والإعلام الأمر الذي أدى إلى ازدياد أهميتها النسبية في كافة مجالات الحياة بما في ذلك المجال الأمني ،وفي هذا الإطار تستهدف هذه الدراسة تحديد أهم العوامل التي أدت لازدياد الاهتمام بالجوانب الإعلامية للأنشطة الأمنية ومن ثم بروز وتشكل مفهوم الإعلام الأمني وتبلور وظائفه ووسائله في نطاق الأنشطة الأمنية ، وذلك استنادًا إلى فرضية علمية نضعها محلاً للاختبار في سياق هذه الدراسة وتتمثل في مفهوم ووظائف ووسائل الإعلام الأمني في الحقبة المعاصرة ترتبط ارتباطًا واضحًا بالتطورات التي تعيشها المجتمعات المعاصرة وما نتج عنها من تغيرات كمية ونوعية بالنسبة للظواهر الأمنية المعاصرة ،كما ان ثمة علاقة ارتباط أخرى بينها وبين تطور تقنيات الاتصالات والإعلام ،ولكن ثمة سؤال محوري نسعى إلى تقديم إجابة علمية عليه وهو لماذا ازدادت الأهمية النسبية للإعلام بالنسبة للأجهزة الأمنية في معظم دول العالم بحيث صرنا نتحدث عن الإعلام الأمني ؟

الاجابة يمكن أن نصل إليها من خلال ثنايا هذا البحث وبالتالي فقد تحددت خطة الدراسة على النحو التالي :

أولاً- المتغيرات الجديدة في الواقع المعاصر وأثرها على الأنشطة الأمنية.

ثانيًا – المتغيرات في تكنولوجيا الاتصال والإعلام وأثرها على الأنشطة الأمنية.

ثالثًا – ازدياد الأهمية النسبية للإعلام في الأنشطة الأمنية.

رابعًا – الإعلام الأمني :المفهوم ،الوظائف ،الاشكاليات.

ولنتابع كلا من هذه المحاور بايجاز :

أولاً-المتغيرات الجديدة في الواقع المعاصر وأثرها على الأنشطة الأمنية

تتعدد المتغيرات التي يشهدها الواقع المعاصر وتتنوع ما بين المتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية ،إلا أننا سنركز على المتغيرات ذات التأثير الواضح على الأنشطة الأمنية وذلك على النحو التالي :

  • بالنسبة لأهم المتغيرات الاقتصادية المؤثرة على الأنشطة الأمنية تبرز مسالة حرية التجارة العالمية وما تفرضه من فتح الأسواق الوطنية أمام كافة الشركات الأجنبية بل ومعاملتها معاملة الشركات الوطنية وهو الأمر الذي يفتح المجال واسعًا أمام العديد من الاحتمالات التي تتولد عنها مصادر متعددة وجديدة لتهديد الأمن الاقتصادي لأي بلد من البلدان وذلك بدءًا من عمليات الاحتيال والغش والتدليس والمضاربة على العملات الوطنية والمضاربة في البورصات مرورًا بامكانية القيام ببعض العمليات غير المشروعة كتبييض الأموال وغيرها ،كما ان اعتماد النشاط الاقتصادي على المبادرات الفردية لا يمنع من دخول بعض الأشخاص الذين يستغلون قواعد الاقتصاد لممارسة أنشطة اقتصادية خادعة ووهمية كتوظيف الأموال وهو الأمر الذي يؤدى إلى ضياع أموال المودعين ونموذج مادوف وغيره يقدم ابرز الأمثلة على ذلك ،من ناحية أخرى أدى اعتماد النشاط الاقتصادي على المعرفة كمصدر لتوليد القيمة المضافة إلى ازدياد الأنشطة غير المشروعة لسرقة المكونات المعرفية للمنتجات المختلفة وازدياد عمليات النقل غير المشروعة للمعارف والأفكار الجديدة بالمخالفة لقواعد حماية الملكية الفكرية ،كما أن ازدياد حدة التنافس على الأسواق أدى إلى ازدياد عمليات التجسس الاقتصادي ودون خوض في التفاصيل فان هذه المتغيرات الاقتصادية الجديدة تتولد عنها أنشطة أمنية جديدة كما أنها تؤثر على الأنشطة الأمنية التقليدية بمعنى انها توسع من دائرة حركة هذه الأنشطة داخليًا وخارجيًا، من ناحية أخرى فان علاقات الاعتماد الاقتصادي المتبادل والتشابك بين الأنشطة والعمليات الاقتصادية والتجارية والمالية في عالم اليوم تؤثر تأثيرًا مباشرًا على طبيعة الأنشطة الأمنية المعاصرة والأساليب الملائمة لانجازها .

[(المتغيرات السياسية ذات التاثير على الأنشطة الأمنية )]

يمكننا أن نشير إلى ازدياد الحراك السياسي في معظم دول العالم واتساع نطاق المطالبة بتوسيع نطاق الممارسة الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان وبالرغم من انه لا يمكن تجاهل أهمية هذا التطور السياسي إلا أن عمليات التحول الديموقراطى عادة ما يتولد عنها تهديدات أمنية بالغة الخطورة خاصة في المجتمعات التي لم تصل إلى المستوى الملائم من الوعي السياسي ولم تستطع بلورة قواعد وتقاليد للممارسة السياسية الديموقراطية يؤكد ما شهدته العديد من الدول من احداث عنف عند اجراء الانتخابات وبعدها ،كما ان الأوضاع العالمية القائمة تفتح المجال للتدخلات الخارجية في الشئون السياسية الداخلية بأشكال وصور متعددة الأمر الذي يتولد عنه مصادر تهديد جديدة وبالتالي أنشطة أمنية جديدة لا تنحصر بالضرورة على اقليم الدولة كما ان طبيعة الممارسة السياسية المعاصرة في ظل تنامي حركة حقوق الانسان تفرض العديد من المحددات على أسلوب أداء المهام الأمنية وما تتطلبه من ضرورة اتساع نطاق الافصاح والشفافية وإبراز التزامها بالقواعد القانونية المنظمة لقيامها بأعمالها والتي لا تتعارض ومتطلبات احترام حقوق الانسان وحمايتها وتوفير الضمانات اللازمة لها ،من ناحية أخرى فقد يتولد عن اتساع نطاق الممارسة الديموقراطية في بعض المجتمعات اتساع نطاق وحدة الاستقطاب الفئوي أو القبلي أو الطائفي أو الديني أو الجهوي وكلها استقطابات تمثل تهديد مباشرًا لوحدة وتماسك هذه المجتمعات وهنا لابد وان يكون لأجهزة الأمن دور للحفاظ على وحدة وتماسك المجتمع ،والخبرة المعاصرة توضح أن استخدام أدوات العنف المشروعة لا يكفي للتعامل الفعال والمثمر مع مثل هذه الحالات بل ان أدوات القوة اللينة تزداد أهميتها بالنسبة للأجهزة الأمنية وأهمها وسائل وأدوات الاتصال بينها وبين القوى الاجتماعية والسياسية المختلفة ،بل ولا نغالي إذا ما ذكرنا ان التطورات السياسية التي شهدتها المجتمعات المعاصرة قد أسفرت عن ضرورة الاهتمام بعملية التسويق السياسي لكافة السياسات والأجهزة والمؤسسات العاملة في المجال العام بما فيه السياسات والمؤسسات والأجهزة الأمنية ،والإعلام هو احد الادوات الرئيسة في هذا الشان .

وإذا ما نظرنا إلى ابرز المتغيرات الاجتماعية ذات الصلة بموضوعنا فإننا سنجد ان المجتمعات المعاصرة تشهد العديد من التحولات الاجتماعية الجديدة سواء على مستوى النخب الاجتماعية أو على مستوى الأبنية الاجتماعية أو على مستوى العلاقات الاجتماعية ومحصلة هذه التحولات تتمثل في اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء ما ينجم عنه ازدياد معدلات التهميش والاستبعاد والحرمان الاجتماعي وازدياد سرعة الحراك الاجتماعي الصاعد والهابط ، وتفكك التكوينات الاجتماعية التقليدية وبدء تشكل تكوينات اجتماعية جديدة ، وظهور تقسيمات وتحالفات اجتماعية جديدة تتسم بالهشاشة والسيولة وسرعة التفكك ، وازدياد حدة الاستقطابات الاجتماعية ،تحلل منظومة القيم الاجتماعية وعدم تبلور منظومة جديدة.

هذه المتغيرات الاجتماعية ينتج عنها بالضرورة أنواع جديدة من الجرائم التي لم تكن معهودة بل كان من الصعب تصور حدوثها كما انها تؤدي إلى تفاعلات معقدة ومتشعبة بين أبناء المجتمع قد تؤدي إلى ضرورة التدخل الأمني الذي يتطلب توظيفًا فعالاً لوسائل وأدوات الاتصال .

أما المتغيرات الثقافية الجديدة ذات الصلة بموضوع الدراسة فتتلخص في ان المجتمعات المعاصرة تشهد صراعًا بين العديد من الاتجاهات الثقافية التي يعبر كل منها عن رؤية معينة للذات وللمجتمع ولمعنى الحياة بصفة عامة ،فهناك الاتجاه العولمي الذي يرى ان ما يجمع البشر يفوق ما يفرق بينهم وانه قد ان الأوان لثقافة كونية واحدة تسود العالم متجاوزة كافة الاختلافات البشرية ،وهناك اتجاه آخر يرى ان التنوع والاختلاف بين البشر هو السمة الأصيلة للمجتمعات البشرية وان كل مجتمع يتشكل من جماعات متمايزة لكل منها خصوصياتها الثقافية ورؤيتها لذاتها وللمجتمع والحياة وانه لا يمكن تجاوز مثل هذا التنوع بل لابد من التوصل إلى الآليات والوسائل التي تحقق القدر الملائم من تماسك المجتمع ووحدته من خلال التنوع ،وثمة اتجاه ثالث يرى ان ما يشهده العالم من صراع ثقافي إنما يستهدف اخضاع الأمم والشعوب الضعيفة وتذويبها في أطر ثقافية جديدة ،أو تفجيرها من الداخل من اجل ان تحكم القوى الاستعمارية الجديدة القديمة سيطرتها على مصائر هذه الشعوب والأمم فهذه بعض نماذج الاتجاهات الثقافية المعاصرة المتصارعة على عقول الناس في سائر المجتمعات البشرية ،الأمر الذي يجعل من تطوير رؤية وسياسة وأساليب وأدوات كافة المؤسسات العاملة في هذه المجتمعات ضرورة ملحة لكي تستطيع القيام بمهامها والوفاء بالمسئوليات الملقاة على عاتقها ،وخاصة المؤسسات التي تعمل في مجالات بالغة الحساسية والأهمية كالأجهزة الأمنية ،ومن هنا تبرز أهمية الأنشطة الاتصالية لأجهزة الأمن ممثلة في الإعلام الأمني .

ثانيًا –التطور في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والإعلام وأثره على الأنشطة الأمنية.

بداية لابد وأن نشير إلى أن هناك بعض الفروق بين تكنولوجيا الاتصال وتكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الإعلام ،فالأولى تدور حول التطور الهائل في وسائل الاتصال بحيث صارت أكثر سرعة وكفاءة واقل تكلفة في القيام بوظائفها ،والثانية تتعلق بالتطورالهائل الذي حدث في مجال جمع وتبويب وتخزين وتأمين وتحليل واسترجاع البيانات ونشرها وإنتاج نماذج متعددة للمعلومات تغطي شتى مجالات الحياة ،الأمر الذي جعل من الصعوبة الحديث عن امكانية حجب المعلومات أو التحكم في الإعلان عنها فما تقوم بحجبه أو منعه السلطات المختصة عن مواطنيها في الداخل سيصل إليهم بشكل أو بآخر من الخارج ومن ثم قد يكون من الافضل في كثير من الأحيان أن تبادر هذه السلطات بالإفصاح عن المعلومات المتعلقة بها لأن هذا الافصاح يساعد على خلق أرضية مشتركة مع مواطنيها تقوم على الثقة والمشاركة من جانب كما انه يوفر قدرًا ملائمًا من الدقة والحيلولة دون تشويه هذه المعلومات من جانب أية أطراف أخرى في الداخل أو الخارج يكون لها مصلحة في القيام بعملية تلاعب أو تشويه للمعلومات المتعلقة بموضوع أو مسألة معينة ،وتزداد احتمالات التلاعب والتشويه بالنسبة للمؤسسات ذات المهام والمسئوليات الاستراتيجية والحساسة وأبرزها المؤسسات الأمنية ،الأمر الذي يتطلب من هذه المؤسسات أن تمسك بزمام المبادرة في هذا الشأن بقدر الإمكان .

أما تكنولوجيا الإعلام فنقصد بها التطورات المهنية التي شهدها حقل الإعلام من حيث تقنيات إعداد الرسائل الإعلامية وانتاجها بأشكال وصور مختلفة تتلاءم والقنوات الاتصالية المختلفة هذا بالإضافة إلى التخطيط الاستراتيجى اللازم لإطلاق الحملات الإعلامية المختلفة وما قد تتضمنه من رسائل ،على أية حال هذه التطورات بقدر ما خلقت من تحديات بقدر ما أوجدت من فرص بالنسبة للكافة ،والعبرة في كيفية التعامل معها بما يقي أو يقلل من المخاطر الناتجة عنها من جانب وبما يساعد على خلق واقتناص الفرص التي تتيحها من جانب آخر .
ولاشك ان هذه التطورات لابد أن يكون لها تأثيرها على الأنشطة الأمنية المختلفة في سائر المجتمعات المعاصرة فقد أوجدت مجالات جديدة للأنشطة الأمنية ،وغيرت من محتوى أنشطة أخرى ،ووسعت من نطاق أنشطة وحددت من نطاق الأخرى ،وان كان العنصر الأساسي الذي يجب أن تقوم عليه الأنشطة الأمنية المعاصرة يتمثل في المكون العلمي والمعرفي الذي لا يمكن أن يخلو منه أي نشاط في المجتمعات المعاصرة خاصة النشاط الأمني .

ثالثًا- ازدياد الاهمية النسبية للاعلام في الأنشطة الأمنية المعاصرة

بداية لابد وأن نشير إلى أن إحدى الظواهر التي تشكلت بفعل تفاعل المتغيرات الجديدة السابق الإشارة إليها تتمثل في ازدياد الأهمية النسبية للمكون الأمني في مختلف مجالات الحياة المعاصرة ولعل أفضل من عبر عن هذا الوضع الدكتور بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة في تقرير أصدره في التسعينيات من القرن الماضي حيث ربط بين التنمية والأمن والديموقراطية فلا تنمية ولا ديموقراطية بغير امن كما أن الأمن لا يتحقق بدون تنمية وديموقراطية.

والواقع العملي في المجتمعات المعاصرة يؤكد هذا فلقد صار المكون الأمني متغيرًا حاكما للأنشطة الاقتصادية والتكنولوجية والمعرفية والمعلوماتية والسياسية وغيرها ،هذه الظاهرة الجديدة فرضت على الأجهزة الأمنية البحث عن الأساليب الملائمة للتعامل الفعال مع هذه الأوضاع المستجدة واحد هذه الأساليب تمثل في الإعلام .

من ناحية أخرى فان ازدياد ارتباط الأنشطة الإعلامية بالمجتمع جماعات وافرادًا اوجد الحاجة إلى أساليب جديدة للتعامل الأمني مع المجتمع بمكوناته المختلفة ،بل نستطيع القول بان احد المتطلبات الرئيسة للعمل الأمني المعاصر تتمثل في ايجاد قنوات للاتصال المباشر وغير المباشر بالمجتمع بقواه وعناصره وفئاته المختلفة من اجل ايجاد الأرضية المشتركة بين الأجهزة المعنية والمجتمع والمواطنين ،وتشكيل الصورة الذهنية الايجابية عند المواطنين تجاه هذه الأجهزة ،استنادا إلى كون الأنشطة التي تقوم بها هذه الأجهزة ذات صلة مباشرة بمصالح المواطنين وحياتهم وان قيام هذه الأجهزة بوظائفها بالكفاءة والفعالية المطلوبة يتطلب بناء شراكات مجتمعية قوية وفعالة تؤمن برسالة الأمن ومتطلباته .
من ناحية أخرى فإن المتغيرات الجديدة السابق الإشارة إليها وتفاعلاتها تتولد عنها احتمالات تورط الناس في ممارسات مخالفة للقانون وضارة بالمجتمع دون إدراك من جانبهم لذلك وهنا تبرز مهام جديدة للأجهزة الأمنية في نطاق ما يعرف بالإجراءات الوقائية التي تتطلب اتصالاً بالمواطنين لتوعيتهم وتعريفهم بمثل هذه الأمور .

إن خلاصة ما نصل إليه من العرض المتقدم يتمثل في أن المتغيرات السابق الإشارة إليها وتفاعلاتها قد أدت إلى ازدياد الأهمية النسبية للإعلام في المجال الأمني .

رابعا – الإعلام الأمني: المفهوم ،الوظائف ،الوسائل

تتعدد التعريفات التي قدمها الباحثون لمفهوم الإعلام الأمني وذلك تبعا للجانب الذي ركز عليه كل باحث في تناوله للمفهوم ،وتشير إحدى الدراسات إلى ان الإعلام الأمني يعد فرعا من فروع الإعلام المتخصص الذي يهدف إلى إخبار الجمهور أو قطاع معين منه بموضوعات تخص الأمن ويقوم به رجال الأمن ذاتهم ،كما يقوم به رجال الإعلام إذا كان الأمر متعلقا برجال الأمن .
دراسة أخرى تشير إلى ان الإعلام الأمني يقصد به كافة الأنشطة الإعلامية المقصودة والمخطط لها وما يتم اعداده من رسائل إعلامية بهدف إلقاء الضوء والتعريف بجميع الجهود وانجازات وزارة الداخلية في إطار إستراتيجيتها الأمنية الشاملة من خلال كافة وسائل الإعلام والاتصال المختلفة .

ويركز باحث آخر على مفهوم الإعلام الأمني من زاوية أسلوب الاتصال الذي يتبع في مجال الإعلام الأمني ومن ثم فهو الإعلام الذي يتحقق بمبادرة من رجال الأمن إما بطريقة مباشرة لإنتاج الرسائل الإعلامية كالبرامج الأمنية الإذاعية والتليفزيونية كالأفلام السينمائية وغيرها ،أو بطريقة غير مباشرة مثل تزويد الصحف بأخبار بشأن الأحوال الأمنية ومجرياتها بشكل موضوعي يعتمد على المعلومات الموثوق بها .
ويوضح باحث آخر أن الإعلام الأمني لم يعد يقتصر على الأخبار وطبيعة الاتصال الرأسي بل امتد إلى وظائف كثيرة اخبارية وتعليمية وتثقيفية وارشادية وتوعوية وفق نمط الاتصالات المتبادلة بين ثلاثة قطاعات هى الشرطة والإعلام والجمهور ،وواضح ان الباحث يركز على وظائف الإعلام الأمني ونطاقه كأساس للتعريف بهذا المفهوم .

والواقع ان كلا من هذه التعريفات يقترب من مفهوم الإعلام الأمني من زاوية معينة هي الزاوية التي ركز عليها كل باحث وافترض انها تمثل المحور الرئيسي للمفهوم والواقع اننا نرى تحديد مفهوم الإعلام الأمني يرتبط أولاً بمفهوم الإعلام وثانيًا بمحتوى الرسالة الإعلامية المتخصصة التي يقوم عليها وثالثًا بالوظائف الموكلة إليه ورابعًا بالجمهور المستهدف .

وفيما يتعلق بمفهوم الإعلام يرى البعض انه عملية الأخبار أي نقل الرسالة من جهة إلى أخرى من خلال أداة أو وسيلة من وسائل الاتصال الجماهيري التي تجعل عملية الاتصال لا تتجه إلى شخص معين وإنما إلى جمهور متسع ومن ثم فالإعلام في جوهره هو شكل من أشكال الاتصال .

وهناك رأي آخر يقول بان الإعلام هو تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب بصدد واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات حيث يعبر هذا الرأي تعبيرًا موضوعيًا عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم ،وهو ما يعنى ان الإعلام يقوم بالاقناع عن طريق المعلومات والأرقام والاحصاءات والحقائق ،فالإعلامي ليس له غرض معين فيما ينشره أو يذيعه على الناس فهو يقدم حقائق مجردة وهذا ما يميزه عن رجل الدعاية
ومن ثم يمكننا القول بان الإعلام في جوهره نمط من أنماط الاتصال الجماهيري الذي ينقل الواقع القائم كما هو إلى جمهور متسع مختلف من حيث الخبرات والتوجهات والقيم ،ويطلق عليه بعض الباحثين اصطلاح الاتصال النقي لتمييزه عن أنماط الاتصال الأخرى كالاتصال الدعائي والإعلاني الذي عادة ما يكون غير نقي اذ يعتمد في أغلب الأحيان على التلاعب بحقائق الموقف مستخدمًا أساليب ووسائل متعددة في هذا الشأن .

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل واقع الممارسة الإعلامية يقدم نموذجا يتطابق مع هذا التعريف لمفهوم الإعلام أم انه يقدم نماذج متنوعة تقترب أو تبتعد عنه ؟

الإجابة الواضحة هي أن الواقع العملي يقدم نماذج مختلفة من الممارسات التي تقترب أو تبتعد عن هذا المفهوم ويرجع ذلك لأسباب مختلفة أهمها ما يتعلق بطبيعة مهنة الإعلام ذاتها والتي تعتمد على العنصر البشرى في نقل الحقائق والأخبار والمعلومات فمع افتراض عدم وجود أية عوامل تحول دون وضع أي قيد على العمل الإعلامي فانه يصعب القول بان وسائل الإعلام تقوم بالفعل بنقل الواقع كما هو فالحدث الواحد الذي يقوم بنقله عدد من الإعلاميين سوف يختلف نسبيًا من إعلامي إلى آخر لأن كلاً منهم ينقل الحدث من زاوية تختلف عن الآخر ،حتى عملية تصوير الحدث تختلف باختلاف المصور ونوعية الكاميرا المستخدمة وإمكانياتها التقنية بل نستطيع القول بان طبيعة العلاقة بين فريق العمل الإعلامي المكلف بنقل حدث معين ومستوى مهاراتهم المهنية تؤثر على عملية نقل هذا الحدث ،وهذا ما استطاع عالم الاتصال السياسي المعروف كارل ديوتش أن يصيغه صياغة نظرية علمية بقوله إن الإعلام هو عملية اتصال يتم من خلالها نقل رسائل مصممة وفقًا لنموذج معين .

وهذا يقودنا إلى أن نعرّف الإعلام بذات التعريف أي انه العملية التي يتم من خلالها نقل رسائل مصممة وفقًا لنموذج معين من خلال وسائل الإعلام المختلفة المقروءة المسموعة المرئية .

ولا يختلف الإعلام الأمني برأينا عن ذلك إلا من حيث المحتوى الذي تشتمل عليه رسائله وأهدافه والجمهور المستهدف .
ومن ثم نستطيع أن نقدم تعريفًا للإعلام الأمني يتلخص في انه عملية الاتصال التي يتم من خلالها نقل رسائل مصممة ومنتجة وفقا لنموذج معين يتناسب والمحتوى الأمني المراد نقله لقطاعات أو قطاع معين من المواطنين عبر الوسيلة الملائمة للجمهور المستهدف.

[(عناصر عملية الإعلام الأمني)]

إن استخدام مصطلح عملية لتحليل الإعلام الأمني يعنى انه يتكون من عناصر متفاعلة فيما بينها بشكل مستمر ،كما أنها تتفاعل مع البيئة المحيطة بها بمستوياتها المختلفة بدءًا من البيئة الداخلية التي يتم في نطاقها التخطيط والاعداد للمنتج الإعلامي ومن ثم انتاجه واطلاقه ومرورًا بالبيئة الداخلية المحلية والوطنية ووصولاً إلى البيئة الخارجية الإقليمية والدولية والعالمية .

نوعية معينة تميزها عن عناصر الإعلام العام و مجالات الإعلام التخصصي الأخرى وفيما يلي نعرض بايجاز لعنصر الإعلام الأمني والخصائص النوعية المميزة لها :

  • القائم بالاتصال

القائم بالاتصال في نطاق عملية الإعلام الأمني هو الجهات الأمنية المختصة سواء تم ذلك بشكل مباشر أم غير مباشر والفيصل في تحديد الشكل المباشر أو غير المباشر يتمثل في الظروف التي يتم خلالها إطلاق الرسالة الإعلامية الأمنية وموضوع الرسالة والجمهور المستهدف ،فثمة ظروف تتطلب أن يكون القائم بالاتصال الجهة الأمنية المختصة ،في حين تفرض ظروف أخرى استخدام الشكل غير المباشر ،كما أن بعض الموضوعات يكون من الملائم أن يتم تناولها من جانب رجال الأمن أنفسهم بينما موضوعات أخرى يكون من الملائم تناولها بواسطة أطراف أخرى ،وكذلك الحال بالنسبة للجمهور المستهدف .
واحد الخصائص الحاكمة لفعالية العملية الإعلامية تتمثل في درجة الثقة التي يتمتع بها القائم بالاتصال لدى جمهور المتلقين ومدى قدرته ومهارته في نقل الرسالة ومدى اقتناعه الذاتي وإيمانه بالرسالة التي يقوم بنقلها ،وإلمامه بالجوانب الفنية التي يشتمل عليها محتوى الرسالة ،وتزداد أهمية مثل هذه الخصائص بالنسبة للإعلام الأمني نظرًا لأهمية وحساسية الموضوعات والقضايا التي يتناولها.
والخاصية النوعية للقائم بالاتصال في نطاق الإعلام الأمني تتمثل في كونه مصدرًا واحدًا محددًا له هذا الاختصاص وذلك بخلاف الأنماط الأخرى من الإعلام المتخصص الذي يمكن أن تحتمل تعدد المصادر القائمة بالاتصال .

  • الرسالة

وتتمثل في الفكرة أو الموضوع أو الرؤية أو الخبر أو المعلومة أو الحدث المراد نقله ،والرسالة تمثل صلب العملية الإعلامية ،وهى تتكون من شكل ومضمون والشكل لابد وان يتناسب مع المضمون ويتلاءم مع قناة الإعلام التي سيتم استخدامها كما أن التوازن بين الشكل والمضمون من الأمور الأساسية لإطلاق رسالة فعالة فلا ينبغي أن يتغلب احدهما على الآخر لأن هذا يضعف من اثر الرسالة وقد يوجهها بعيدًا عن الهدف المنشود ،فإذا ازداد معدل الإبهار في الرسالة فإن هذا يجذب المتلقي للاهتمام بالشكل ويقلل من اهتمامه وفهمه لمحتوى الرسالة كما ان الاهتمام بالمضمون على حساب الشكل الذي تتخذه الرسالة يعد من العوامل الرئيسة لانصراف المتلقين عن الرسالة وعدم اهتمامهم بها بل وقد يؤدى هذا إلى اضعاف ثقتهم بالقائم بالاتصال لأن البعض قد يفسر هذا على انه عدم احترام من جانبه لهم أو على انه تعبير عن مستوى مهني إعلامي منخفض جانب آخر هام لابد وان يكون متوافرًا في الرسالة الإعلامية وخاصة الأمنية وهو التوازن في كم المعلومات الذي تحتويه الرسالة فلا ينبغي أن تحتوى الرسالة على كم كبير أو مبالغ فيه من المعلومات بحيث لا يستطيع المتلقي ان يستوعب هذا الكم ولا يجب ان يكون كم المعلومات محدودا بحيث لا يفي باحتياجات المتلقي لأنه في هذه الحالة سوف يقوم باستكمال المعلومات الناقصة ذاتيًا أو من خلال الآخرين الأمر الذي يؤدى إلى تشويه الرسالة الإعلامية أو تحريفها بما يخل بالهدف المراد الوصول إليه من إطلاقها ،هذا بالإضافة إلى الدقة والوضوح وعدم استخدام أي ألفاظ أو جمل تقبل تأويلاً وتفسيرات متعددة .

  • القناة الإعلامية
    من المعروف انه توجد ثلاثة أنواع من القنوات الإعلامية المقرؤة والمسموعة والمرئية ،ولا يمكن القول بأفضلية نوع على نوع آخر لأن العوامل المحددة لتفضيل قناة على قناة أخرى تتمثل في طبيعة موضوع الرسالة وخصائص الجمهور المستهدف والأهداف المراد الوصول إليها من إطلاق الرسالة وتوقيتها ،وقد يتطلب الأمر استخدام أكثر من قناة في وقت واحد إلا انه في هذه الحالة لابد من مراعاة طبيعة كل قناة من هذه القنوات عند تصميم وانتاج الرسالة الإعلامية فلرسالة التي تصمم وتنتج لقناة مرئية تختلف عن الرسائل المصممة للقنوات الأخرى ،والأهم ان يأخذ في الاعتبار عند تصميم الرسالة الإعلامية المزايا النسبية الخاصة بكل قناة وذلك لتوظيفها التوظيف الأمثل الذي يخدم الأهداف المراد الوصول إليها .

من ناحية أخرى تتطلب عملية استخدام أكثر من قناة لإطلاق الرسالة الإعلامية ضرورة التنسيق فيما بينها بحيث لا يوجد أي تناقض في جوهر محتوى الرسالة الإعلامية المراد توصيلها للجمهور المستهدف ،ومراعاة التوقيت فيما بينها من حيث النشر والإذاعة .
وبالنسبة للإعلام الأمني فهو الأقرب إلى استخدام أكثر من قناة لنقل رسالته وذلك لاتساع نطاق الموضوعات التي يتناولها وأهميتها النسبية المرتفعة بالنسبة لقطاعات كبيرة من المجتمع الأمر الذي يعنى اتساع قاعدة الجمهور المستهدف وتنوع خصائصه وعاداته الاتصالية ،هذا فضلاً عن تعدد المستويات النوعية التي يخاطبها الإعلام الأمني الأمر الذي يتطلب نقل رسائله من خلال عدة قنوات وعدم الاقتصار على قناة واحدة إلا إذا كانت هناك ظروف موضوعية تتطلب ذلك.

  • الجمهور المستهدف

يعد الجمهور المستهدف احد العناصر الحاكمة لأي عملية إعلامية فتبعا لخصائص هذا الجمهور وعاداته وتقاليده وقيمه ومفاهيمه ورؤاه تتشكل العملية الإعلامية ولا يعنى هذا أن الإعلام يجب أن يكون أداة لترسيخ التقليد ومقاومة التغيير والتجديد وإنما على المخطط الإعلامي أن يضع في الاعتبار خصائص الجمهور المتلقي للرسائل الإعلامية التي قد تشتمل على بعض الأفكار والرؤى الجديدة بحيث يقدمه بالشكل وبالصيغة التي لا ينتج عنها أي شك أو حذر أو صدام مع الجمهور المتلقي
والواقع أن هذه المسالة تعد إحدى المعضلات التي تواجه الإعلام في كافة المجتمعات وهناك عدة استراتيجيات للتغلب عليها أو على الأقل تجنب آثارها السلبية وأبرزها الاستراتيجية التي تعتمد على التكرار المنظم للرسالة الإعلامية من خلال استخدام أشكال مختلفة للرسالة تحمل ذات المضمون حيث يتولد عن التكرار نوع من التآلف بين المتلقي والرسالة الأمر الذي يجعله أكثر استعدادا لقبولها والتسليم بصحتها .
الاستراتيجية الثانية هي استراتيجية بناء اتجاه لقبول الرسالة الجديدة دون الدخول في صدام مع الاتجاهات القائمة لأن الهدف هو توصيل الرسالة وليس الصدام مع الذين يحملون افكارًا مضادة لها .

الاستراتيجية الثالثة هي استراتيجية القاطرة وتقوم على أساس وجود مجموعة في كل جماعة من قادة الرأي الذين يكون لهم تأثير في باقي أعضاء الجماعة ومن ثم فيمكن البدء بتوجيه الرسالة إليهم ثم يقومون هم بعد ذلك بنشرها بين قطاعات أوسع ،ومن ثم فهم بمثابة القاطرة التي تشد وتجذب باقي الأطراف نحو وجهة معينة وبعض الدراسات تطلق على هذه الإستراتيجية استراتيجية الاتصال على مرحلتين .
وهناك العديد من الاستراتيجيات الأخرى في هذا المجال والإعلام الأمني يحتاج إلى معظم هذه الاستراتيجيات بل لا نغالي إذا ما ذكرنا انه يحتاج إلى ابتكار استراتيجيات خاصة به في هذا المجال من خلال توثيق وتحليل الخبرات المتراكمة في هذا الشأن .

  • التغذية العكسية
    احد العناصر الهامة لأية عملية إعلامية فعالة لأنها تتضمن ردود أفعال المتلقين على الرسالة الإعلامية ومن ثم فهي بمثابة اكتمال دورة الاتصال التي تمهد لدورة جديدة ،وهى تدل على وصول الرسالة إلى الجمهور ومن خلال تحليلها يمكننا أن نعرف هل وصلت الرسالة إلى الجمهور المستهدف أم انها قد ضلت طريقها ،كما انها توضح رؤية المتلقين الفعليين للرسالة وفهمهم لها ومدى اقتراب أو ابتعاد ذلك الفهم والإدراك عن المحتوى أو المعنى المراد توصيله كما ان التغذية العكسية توضح لنا نوعية استجابتهم للرسالة من حيث مدى القبول أو الرفض سواء للشكل أو الموضوع أو الاثنين معا ،وكل هذه الأمور تمثل مداخل هامة لتطوير وتحديث العملية الإعلامية وزيادة كفاءتها وفعاليتها باستمرار .

ويتطلب اكتمال دورة الاتصال والإعلام ضرورة أن يراعى المخطط الإعلامي توفير كافة الوسائل والسبل التي تتدفق من خلالها ردود الأفعال الناجمة عن إطلاق رسالته الإعلامية .

والإعلام الأمني بحكم طبيعته وخصائصه النوعية في أشد الحاجة لذلك فهو بحاجة إلى التأكد من وصول رسائله إلى الجمهور المستهدف وبحاجة إلى التيقن من مستوى تطابق فهم هذا الجمهور للمعنى المراد توصيله هذا فضلاً عن حاجته إلى التعرف على نوعية استجابة هذا الجمهور لرسائله الإعلامية .

[(وظائف الإعلام الأمني)]

تتعدد وظائف الإعلام الأمني ويمكننا أن نشير إلى أهم هذه الوظائف على النحو التالي :

  • خلق صورة ذهنية ايجابية لدى المواطنين عن الأجهزة الأمنية ووظائفها ومهامها باعتبارها في الأساس موجهة لتحقيق الصالح العام المشترك لكافة أبناء المجتمع .
  • تنمية روح المشاركة والارتباط بين أجهزة الأمن وأبناء المجتمع على أساس أن تحقيق الأمن يمثل ضرورة أساسية لكل أبناء المجتمع وان تحقيق الأمن والاستقرار يتطلب تكاتف جهود الكافة .
  • اعداد البيانات والأخبار الإعلامية المتعلقة بالجوانب الأمنية .
  • التغطية الإعلامية لكافة الأحداث المتعلقة بأجهزة الأمن .
  • التعريف بالأنشطة المختلفة التي تقدمها أجهزة الأمن والتي تدخل في نطاق الخدمات الحكومية الرسمية التي يحتاج إليها المواطنون وشرح الاجراءات اللازمة لحصول المواطنين على هذه الخدمات .
  • التوعية بكل ما هو جديد في نطاق الجريمة خاصة الجرائم الالكترونية وغيرها من أنواع الجرائم الجديدة التي بدأت في الظهور في المجتمعات المعاصرة ، هذا فضلاً عن غرس المفاهيم الأمنية لدى المواطنين وتحصينهم من الوقوع في براثن الجريمة بما يدعم أوجه التعاون بينهم وبين أجهزة الأمن.
  • توجيه الجمهور للإجراءات التي يجب اتخاذها لمواجهة خطر داهم أو عند مشاهدة جريمة .
  • التسويق للسياسات والأنشطة الأمنية المختلفة والاستطلاع المنتظم لآراء المواطنين بصدد الخدمات التي تقدمها وزارة الداخلية وذلك للتوصل إلى الأساليب الملائمة لتطوير الأداء باستمرار .
  • السعي المستمر والمنظم لتشكيل بيئة حاضنة للأنشطة الأمنية وخلق رأي عام مساند لها .
  • إعداد السيناريوهات اللازمة للتعامل الإعلامي مع الأزمات الأمنية المحتملة.
  • إيجاد الآليات التي تكفل التنسيق والتعاون مع وسائل الإعلام المختلفة في المجتمع .
  • المتابعة الدقيقة والمستمرة لما ينشر في وسائل الإعلام المختلفة داخليًا وخارجيًا بصدد الموضوعات الأمنية أو ذات الصلة بالأجهزة الأمنية وتوثيقها وتحليلها من زوايا ومنظورات متعددة والاستفادة منها في وضع الاستراتيجيات والخطط الأمنية .

هذه هي أهم الوظائف المتعلقة بالإعلام الأمني ولاشك في أن تحديد الأولويات بالنسبة لها وأساليب القيام بها يرتبط ارتباطا واضحا بالاستراتيجية العامة الشاملة للأمن وموضع إستراتيجية الإعلام الأمني منها .

[(الإشكاليات التي تواجه الإعلام الأمني)]

تواجه الإعلام الأمني العديد من الإشكاليات في واقع الممارسة ويمكننا أن نشير إلى أهم هذه الإشكاليات على النحو التالي:

  • إشكالية الإفصاح والسرية

وهي إشكالية ترتبط بكل من الإعلام الذي يسعى إلى السبق ومن ثم الإفصاح السريع بصدد أي حدث والأمن الذي قد تتطلب المهام المكلف بالقيام بها الاحتفاظ بقدر من السرية لبعض المعلومات ،والواقع أن أحد المهام الرئيسة للإعلام الأمني هي الوصول إلى نقطة التوازن الملائمة بين ما يمكن الإفصاح عنه وما يجب حجبه .

  • إشكالية الأمن والحرية

وهى إشكالية تواجه كافة المجتمعات المعاصرة وتتمثل في أن متطلبات تحقيق الأمن في بعض الظروف قد تؤدى إلى تقييد للحريات وهو الأمر الذي يتعارض مع الأسس التي تقوم عليها النظم الديموقراطية ،والواقع ان الخبرات المعاصرة توضح أن الأولوية يجب أن تعطى للاعتبارات الأمنية وهو الأمر الذي شهدته أعرق الديموقراطيات على أن يكون ذلك في إطار القانون ولاشك أن الإعلام الأمني يواجه هذه الإشكالية وعليه أن يتعامل بالأساليب الملائمة .

  • إشكالية الأحكام المسبقة

هي إشكالية تواجه الأجهزة الأمنية في معظم دول العالم ويرجع ذلك لطبيعة المواقف التي يتعامل فيها الإنسان العادي مع أجهزة الأمن وإلى طبيعة بعض المهام الأمنية كالضبط والاحضار والقيام بالحملات الأمنية وغيرها هذا فضلا عن الثقافة السائدة في المجتمع والتي تشكل رؤية الناس للأمن وأجهزته وأنشطته والتي في اغلب الأحيان تكون سلبية ويترتب على ذلك أن ما يقدمه الإعلام الأمني قد يتم استقباله وفهمه وتفسيره بعيدا عن الواقع واستنادا إلى الأحكام المسبقة ،ولقد بدا هذا واضحا في بعض الحالات بمصر فقد استطاعت أجهزة الأمن إلقاء القبض على مرتكبي بعض الجرائم بعد وقوعها بمدى زمني قصير وهو ما يعد انجازًا هامًا في مجال عملها وأصدرت بيانات رسمية تعلن فيها كيف تم القبض على مرتكبي هذه الجرائم والأدلة والقرائن التي اعتمدت عليها في عملها ولكن المفاجأة تمثلت في عدم تقبل قطاعات من المواطنين لما جاء في بيانات الشرطة استنادا إلى رؤية مسبقة غير صحيحة تقوم على أساس أن الشرطة لا تتحرى الدقة في عمليات الضبط وانها ترغب في التخلص السريع من أعباء البحث عن الجناة وذلك من خلال اتهام أي من المجرمين المسجلين لديها ،أو من يقع تحت يديها من أشخاص في حملاتها الأمنية .

هذه هي أهم الإشكاليات التي تواجه الإعلام الأمني ولاشك في أن المخطط الاستراتيجي للإعلام الأمني لابد وأن يأخذها في الاعتبار عند وضعه لاستراتيجية الإعلام الأمني .

مراجع الدراسة :

  • د.محمد سعد ابوعامود ،النظم السياسية في ظل العولمة،الاسكندرية ،دار الفكر الجامعى ،.2008 .
  • لسلى سكلير ،سوسيولوجيا النظام الكوكبي ، في فرانك جى لتشز وجون بولى ( تحرير) ،ترجمة فاضل جتكر ، العولمة :الطوفان أم الانقاذ ،بيروت ،مركزدراسات الوحدة العربية والمنظمة العربية للترجمة ،الطبعة الاولى ،2004 ،ص127 –ص136 .
  • هانز بيتر مارتن وهار الدوشمان ،فخ العولمة : الاعتداء على الديموقراطية والرفاهية ، ترجمة عدنان عباس على ،الكويت سلسلة عالم المعرفة ،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ،العدد238 ،اكتوبر 1998 ،ص 60 – ص80
  • د.حازم الببلاوى ،على أبواب عصر جديد ،القاهرة ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،1997 ،ص 13 – ص22 .
  • بيرتران بادين،مارى كلود سموتس ،انقلاب العالم : سوسيولوجيا المسرح الدولي ،ترجمة سوزان خليل ، القاهرة ،دار العالم الثالث ،1998 .
  • د.محمد سعد ابوعامود ،العلاقات الدولية المعاصرة ،الاسكندرية ،دار الفكرالجامعي ،2007 .
  • د.ابراهيم إمام ،الإعلام والاتصال بالجماهير ،القاهرة ،مكتبة الانجلو المصرية ،1981 .
  • حمدي شعبان ،الإعلام الأمني وإدارة الأزمات والكوارث ، القاهرة ،مطابع الشرطة، 2005 .
  • على الباز ،الإعلام والإعلام الأمني ،الاسكندرية ،مركز الإشعاع الفني ،2001
  • د.محمد عبد الوهاب حسن عشماوى ،دور الصحف في ادارة الازمات :دراسة تطبيقية على جريمة الثأر ،الاسكندرية منشأة المعارف ،2009 ، ص166-168 .
  • د.محمد سعد ابوعامود ،الإعلام والسياسة في عالم جديد ،الاسكندرية ،دار الفكر الجامعى ، 2008 .

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button