دراسات سياسية

بحث حول ماهية الإدارة التشاركية

سواء كنت مسئولاً عن إعداد منظمة جديدة ,أو منظمة غير حكومية جديدة أو أهلية, أو إدارة جديدة أو مشروع جديد ,أنت تريد التأكد من أن عملية الإدارة سوف تعزز من فعالية المنظمة. إذا كنت على “مجلس إدارة” ,ستحتاج إلى إسداء المشورة إلى المدراء تجعل المنظمة أقوى, ولكن أيضا أكثر عادلة وإنسانية. قد تكون رئيس قرية تبحث لتحديث المجلس والمكتب . قد تكون رئيس منظمة للعمال, تضغط من أجل تحسين إدارة تعطي صوت أكبر للموظفين،و أكثر احترام لهم. تساعدك المبادئ التوجيهية هنا بشأن كيفية جعل الإدارة أكثر مشاركة في المساعي الخاصة بك.

و قد أصبح من الضروري القول اليوم بأن نموذج القيادة التشاركية قد فرض نفسه على واقع المؤسسات والإدارات وذلك لكثرة أعباء العمل والمسؤوليات الملقاة على عاتق المدير ، ومن الواضح بأنه مها كانت قدراته فإنه لا يستطيع الإنجاز وتحقيق الأهداف دونما إشراك المرؤوسين في تنفيذ العديد من الأعمال ، ويعد الأسلوب التشاركي من أبرز عوامل نجاح القيادة ، ونجاح المؤسسة في تحقيق أهدافها، و عليه فالمشكل المطروح يكمن في ما مدى مساهمة الإدارة التشاركية في تحسين أداء العاملين في المؤسسة؟

المبحث الأول: إطار مفاهيمي حول الإدارة التشاركية

المطلب الأول: تعريف الإدارة التشاركية

فالمشاركة هي تفاعل الفرد عقلياً وانفعالياً مع الجماعة التي يعمل معها بما يمكنه من تعبئ

جهوده وطاقاته لتحقيق أهدافها وتحمل مسؤوليته إزاءها بوعي وحماس ذاتي[1].

وفي تعريف آخر المشاركة هي إشراك المرؤوسين في اتخاذ القرارات الإدارية فهي إذا علاقة متبادلة بين طرفين في المنشأة هما الإدارة والعاملون، تهدف إلى زيادة إنتاجية المنشأة بشكل مستمر، عن طريق ضمان تأثير القوى العاملة على القرارات التي تتخذ فيها بما يؤدي إلى تحقيق التعاون بين العاملين من جهة والإدارة من جهة أخرى للتخفيف من

حدة الصراع بينهما[2].

وكذلك المشاركة تعرف على أنها الاعتراف القانوني لمجموع العاملين في المشروع بدور

منظم ودائم في وضع السياسة العامة الملزمة لسير المشروع . أو في إدارته العادية عل

نحو ينتقص من سلطات رأس المال المطلق في حكم المشروع واتخاذ القرارات فيه طبقا للنظرية التقليدية.[3]

وقد عرف كيث وجيرلينغ النمط التشاركي في الإدارة على أنه “ذلك النمط الإداري الذي يقوم على المشاركة النظامية والملموسة للعاملين في المؤسسة في عمليات صنع القرارات المتعلقة بسياسات المنظمة ومهامها ومشكلاتها[4].

لقد اختلفت المفاهيم و وجهات النظر كما لاحظنا و لكن جميعها كانت تدور حول محور واحد و هو أن التشارك في الإدارة، و أو الغدارة التشاركية، أو الغدارة بالمشاركة، كل هذه التسميات تعتبر من أهم العوامل التي تحقق التعاون بين الإدارة و العاملين، و تخفف من أشكال الصراع القائمة، إنها وسيلة لنجاح و استمرار عمل المنظمة، و بإنتاجية عالية، شرط تطبيقها فعليا و بالأسلوب الصحيح.

ولكي تنجح عملية المشاركة لا بد من توافر عوامل منها:

– وجود درجة عالية من الثقة المتبادلة بين العاملين من جهة، و بين الإدارة و العاملين من جهة ثانية

– عاملين لديهم رغبة أو مؤهلات تؤهلها للوقوف إلى جانب الإدارة في رسم السياسات و اتخاذ القرارات

– مستوى عال من القناعة بمفهوم القيادة التشاركية، و صناعة القرار على أساس تعاوني

– أن تكننا من التوصل إلى تحقيق الأهداف العامة للمنظمة[5]

و قام “دكسن” بتقسيم الإدارة بالمشاركة إلى قسمين[6]:

مشاركة مباشرة ،تتمثل في المناقشات و الاجتماعات الدورية والندوات التي تعقدها الإدارة مع المرؤوسين من أجل إشراكهم في صنع الفرارات .

مشاركة غير مباشرة ، وتتمثل في جعل ممثلي العمال وسائر المرؤوسين والمنتخبين متهم

أعضاء دائمين في مجال الإدارة ولجان العمل المشتركة واللجان الاستشارية .

المطلب الثاني: تاريخ ظهور الإدارة التشاركية

التطورات التي أدت إلى ظهور الإدارة التشاركية في بعض الدول:

أول تطبيق لاشتراك العاملين في الإدارة في بريطانيا:

إن تبوء انجلترا مركز الصدارة في الثورة الصناعية نتج عنه تصدرها للمركز الرئيسي للاقتصاد العالمي في منتصف القرن التاسع عشر، آما أنها سيطرت بالتي على جزء كبير من التجارة الخارجية العالمية في ذلك الوقت بوصفها الدولة الصناعية القائدة.[7]

إلا أن علاقة أصحاب الأعمال بالقوى العاملة في هذا الوقت اتخذت شكل الضغط المستمر من جانب أصحاب الأعمال على القوى العاملة متمثلة في فلسفة هذا العصر في إدارة المنشآت على أساس خفض أجر العامل إلى أدنى حد ممكن و إدخال فئات جديدة من القوى العاملة مثل النساء و صغار السن بشكل واسع لضمان خفض الأجر. بالإضافة إلى اتجاهات أكثر لزيادة ساعات العمل اليومي حتى وصل متوسطها في ذلك الوقت من 12 و حتى 18 سلعة في اليوم. مما أدى بالعمال بالانضمام إلى تنظيمات سرية للدفاع عن مصالحهم، ونتيجة لضغط العمال على الحكومة، فقد شكلت عام 1916 لجنة لوضع التوصيات اللازمة لتوفير التحسن المستمر في العلاقات بين أصحاب الأعمال والعمال[8].

و في عام 1937 عندما لاحت بوادر الحرب العالمية الثانية بالظهور، أصدرت الحكومة في بريطانيا قرارات بتمثيل العمال في اللجان الحكومية، كما أن نشوء حكومة العمال عام 1945 على تأميم عدد من الصناعات و تنظيم إدارة هذه الصناعات في شكل مؤسسات نوعية، و ما نتج عنه من مناقشات حول الطريقة التي تشكل على أساسها الأجهزة الإدارية لهذه الصناعات، إذا رأى النقابيون بأن يترك لهم العمال إدارة الصناعات المؤممة، أما الإشتراكيون الفابيون فقد كان رأيهم بتمثل في ضرورة الإشراف المباشر من جانب الحكومة على إدارة هذه الصناعات، و قد استقر الرأي النهائي على إشراف الحكومة على إدارة هذه الصناعات و إعطاء الإدارة للخبراء المتخصصين مع الاحتفاظ للعمال بتأثيرهم على أجهزة الإدارة[9].

و يرجى “أواليفر كلارك” أن المناخ الملائم لم يكن متوفرا بعد في انجلترا لعملية التشارك الحقيقي للعاملين في تسيير مرافق الوحدات التي يعملون فيها. و ذلك بالغرم من التوجهات الاشتراكية القومية التي تسود الفكر الاقتصادي البريطاني. و قد دعا المديرون إلى عدم تشجيع توسيع فكرة المشاركة بين صفوف العاملين خارج نطاق مفهوم المساومة الجماعية[10].

إشراك العاملين في الإدارة في فرنسا:

تعتبر فرنسا من أوائل الدول التي سارت على منهج الثورة الصناعية، كما أن القوى العاملة في فرنسا تعتبر في مقدمة البلاد التي عانت من آثار الثورة الصناعية نتيجة ممارسة مالكي المنشآت لأقصى أنواع الاستغلال البشري على العاملين بمنشآتهم دون أي اعتراف بآدمية العامل أو حقه المشروع في ناتج جهده، و يكفي أن نعرف أن ساعات العمل اليومية وصلت في وقت من الأوقات في فرنسا إلى 18 ساعة يوميا دون تمييز بين فئات العمال من الصغار أو النساء أو الرجال، و في خلال هذه الظروف السيئة لم يكن للعمال أي دور في اتخاذ قرارات داخل المنشأة، و إزاء إصرار أصحاب الأعمال على أسلوب معاملة القوة العاملة طبقا للمفهوم السابق عرضه، تكونت في الاتجاه المضاد تنظيمات العمال السرية التي أدت فيما بعد إلى ظهور النقابات و فرضت نفسها كقوة ملموسة تدافع عن مصلحة العاملين في مواجهة أصحاب الأعمال و إشراكهم في اتخاذ القرار[11].

اشتراك العاملين في الإدارة في ألمانيا:

تعتبر ألمانيا من اكثر الدول الغربية قدما ة توسعا في إشراك العاملين في الإدارة،لقد تم تكريس هذه المشاركة في دستور عام1849 منح المشرع العاملين صوتا محدودا داخل المنشأة،ثم صدر بعدها قانون في عام1920 الذي أعطى للجان التي تمثل العاملين الحق في أن يجلسوا و يصوتوا في مجالس الإدارة،لكن هتلر ألغى هذا النظام،و مع نهاية الحرب العالمية الثانية أعيد نظام المجالس إلى حيز التطبيق.

ثم صدرت القوانين في1976 تسري بموجبها أنظمة التشارك في الإدارة على الشركات التي يبلغ عدد العاملين فيها2000 عامل فأكثر،بالإضافة لوجود نظام آخر للمشاركة يسمى”مجلس الإشراف”هذا المجلس له الحق في مطالبة الإدارة في أي وقت بالسجلات أو الوثائق التي يحتاجها،و المتعلقة بالشركة التي يعملون فيها.وفي عام1981 صدر القانون الذي أقر تثبيت القوانين المشاركة في الإدارة في الشركة التي تعتمدها،و ما يميز النظام الألماني في التشارك الإداري هو أن كافة الجهات دون استثناء تمثل في المجلس الإدارة[12].

اشترك العاملين في الإدارة في الوطن العربي:

طبعا نظرا لصالة حجم قطاع الصناعي و التجاري،و بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي كانت سائدة في الوطن العربي فإن تشارك العاملين في الإدارة أو الإدارة المشاركة لم تظهر في البلاد العربية إلى في الوقت متأخر،و قد كانت الأفكار الاشتراكية في بدايات الستينات ساعدت في تأييد فكرة تشارك العاملين في الإدارة .

ففي مصر مثلا اقتصرت مساهمة العمال في الإدارة قبل عام1961 على شكل لجان استشارية في الشركات الصناعية.

و في الجزائر و بعد الاستقلال مباشرة برزت فكرة اشتراك العاملين في الإدارة و قد تم الاعتماد على الكوادر المحلية لإدارة الشركات التي كان الفرنسيين يديرونها.

و كذلك ظهرت في كثير من الدولة العربية فكرة التشارك في الإدارة مثل سورية عام1963 و ليبيا عامة 1973 و اليمن عام1969.

و لكن بقيت الإدارية في بلادنا العربية تفتقر إلى كثير من التنسيق المسبق بين العملين و إدارات التابعين لها،ومن خلال هذا الاستعراض نجد أن نظام الإدارة التشاركية أخذ به في كثير من دول العالم،بغض النظر عن طبيعة النظام الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي في هذه البلاد.وقد أدى ذلك إلى تحقيق نتائج تختلف حسب الطريقة المتبعة في تطبيق هذا النظام و تختلف الأهداف التي تقوم عليها[13].

المطلب الثالث: عوامل ظهور الإدارة التشاركية:[14]

سوف نقصر الحديث على العوامل التي ساعدت على ظهور الصيغة الثانية من

المشاركة التي أخذت شكلا مباشرا على مستوى الورشات خلافا للصيغة الأولى التي

اتسمت بطابعها غير المباشر والتمثيلي ( عن طريق النقابات، مجالس العمال، لجان

التسيير…) وتتعدد العوامل التي ساعدت على بروز هذه الصيغة المباشرة في

المشاركة مند منتصف الستينات وأهمها:

1- قصور النموذج الكلاسيكي للتسيير:

يقوم النموذج الكلاسيكي على المبادئ التايلورية الفوردية التي تركز على

التجزئة المفرطة للمهام وتنميطها، والفصل المطلق بين مهمات التخطيط والتصور

وتلك الخاصة بالتنفيذ، إضافة إلى تركيز اتخاذ القرار بين أيدي أقلية من المسيرين.

ويتميز هذا النمط عموما بطابع الاستبداد والسلطوية حيث يلجأ المسيرون باستمرار

إلى التهديد والعقوبات، وتتقلص عمليات الاتصال إلى أبسط مظاهرها باختزالها إلى

مجموعة من الأوامر والتعليمات الصادرة من قمة الهرم باتجاه القاعدة، متعرضة في

ذات الوقت إلى قدر كبير من التشويه والحجز أو المن ع. فضلا عن اتساع المسافة

الفاصلة بين المسيرين والمنفذين على المستويين الاجتماعي والنفس ي. وقد كشفت

الأبحاث والدراسات عن وجود عدد من المؤشرات الدالة على القصور الذي يعاني

منه هذا النموذج من بينها؛ ارتفاع معدلات الغياب، ودوران العمل، وأعمال التخريب،

وسوء استخدام الموارد، وتزايد ظاهرة كبح الإنتاج، وارتفاع ملحوظ في صراعات

العمل…الخ.

2- التقدم التقني والتغير التكنولوجي:

لقد تزايد نمو المعارف والتطبيقات العلمية بوتيرة سريعة بخاصة منذ منتصف

هذا القرن، وقد أدى تراكم المعارف وتطبيقاتها تقنيا إلى تغيير تكنولوجي هائل تجسد

في اختراع وابتكار آلات ومكنات جديدة، أو إلى إدخال تحسينات جوهرية على

التجهيزات القديمة، مما نتج عنه ثورة صناعية ثانية منذ بداية الاستخدام الواسع

للأتمتة والآلوية وإقحام المعلوماتية في ميدان الانتاج. وقد صاحب ذلك التغيير

التكنولوجي السريع والمكثف تغيير في طبيعة المهارات المطلوبة لدى المستخدمين

وفي مستويات تأهيلهم، إضافة إلى تغيير ملحوظ في طبيعة المهام والوظائف، مما

يعني في نهاية الأمر أن سيرورة العمل والعملية الإنتاجية قد عرفتا تحولات جوهرية

في طبيعتهما.

3- تحول العمل نحو الطابع التصوري:

في ضوء التقدم العلمي والتكنولوجي اللذين شهدهما النصف الثاني من القرن

الحالي لحقت بطبيعة العمل وسيرورته تغييرات جوهرية تمثلت خاصة فيما يلي:

– تزايد المهمات التي لا تقبل التحديد بواسطة نموذج إجرائي دقيق، والتي تفترض

تعاونا مستمرا ضمن جماعات عمل صغيرة.

– تطور سيرورة إنتاج غير إنسانية، بمعنى تزايد العمليات التي لا تستدعي تدخل

الإنسان مباشرة.

– تنامي المهمات التي تعتمد على التحكم في مجموعة معطيات تأخذ صيغة

إشارات ورموز.

– تقلص المهمات القائمة على تصنيع الأشياء لصالح مهمات تخص تصور

الأشياء و السيرورات والتنظيمات.

4- تغيير تركيبة القوى العاملة:

كانت التغييرات السابقة الذكر سواء على مستوى التجهيزات، أو في طبيعة ا لعمل

والمهمات سببا في حدوث تغييرات على تركيبة القوى العاملة المستخدمة في

المؤسسات؛ من ذلك تزايد نسبة العمال المهرة، وذوي الخبرات الفنية العالية (

مهندسون، تقنيو ن…) المكونين في المعاهد العليا والجامعات، مما أدى إلى ارتفاع

مستوى طموحاتهم المهنية وجعلهم يرفضون أداء أدوار محدودة والقيام بأعمال

روتينية غير مشبعة، مطالبين بتوسيع مهماتهم وإثرائها بتوسيع مجال المبادرة، وممارسة المسؤولية، وتقوية دورهم كفاعلين نشطين على مختلف المستويات.

5- تحديات المحيط الاقتصادي:

عرف المحيط الاقتصادي ت طورا وتعقيدا كبيرين وبخاصة في العشريتين

الأخيرتين أين تميز بانفتاح متزايد للسوق في ظل تيار جديد تمثله العولمة وسقوط

الحواجز بين الاقتصاديات الإقليمية والمحلي ة. وأدى ذلك في ذات الوقت إلى عدم

استقرار السوق، و اشتداد حدة المنافسة بين المؤسسات وظهور الحاجة الملحة إلى

تحقيق النوعية الكامل ة. في هذا الجو أصبحت ميزات مثل سرعة رد الفعل، والمرونة،

وتعبئة الموارد والقدرات التنظيمية، واستغلال إبداعات العاملين عوامل حاسمة في

تشكيل سياسات المؤسسة وذات تأثير على مستقبلها.

المطلب الرابع: أسس الإدارة التشاركية:

– الإقرار بالفروق الفردية لدى المرؤوسين والمحافظة عليها وتشجيعها بحيث يسمح لكل فرد تنمية ما يخصه من قدرات وميول واتجاهات واستعدادات ، وليس إخضاع الجميع لتعليمات وأوامر أحادية المنهج والاتجاه .

– التجديد الواضح والكامل لوظيفة كل عضو في المؤسسة ،ومهامه ، وسلطاته بشكل يضمن عدم التداخل أو التضارب في الاختصاصات والمسؤوليات ولا يؤدي الى التناقض أو المشاحنات بين المرؤوسين .

– تنسيق جهود العاملين في المؤسسة وتشجيع التعاون بينهم بما يسه تحقيق الأهداف بطريقة متناسقة ومتكاملة بعيدا عن الذاتية والأنانية

– إشراك العاملين في إدارة المؤسسة من خلال المشاركة في تحديد السياسات والبرامج واتحاد القرارات ، وتقويم النتائج ، إضافة إلى مشاركتهم في التنفيذ

– تكافئ السلطة مع المسؤولية : حيث يقوم القائد التشاركي تمشيا مع مبدأ المشاركة في الإدارة ، بتفويض بعض الواجبات والمهام للمرؤوسين بما يتفق واستعداداتهم وقدراتهم وخبراتهم ،وبمنحهم السلطات التي تتكافأ معها لتسهيل عملهم وتوفير فرص النجاح لهم.

– الحرص على إقامة علاقات إنسانية في المؤسسة ، قوامها احترام شخصية الفرد وآرائه وأفكاره وتوجيهه توجيها بناء وتعزيز انتمائه إلى مؤسسته ، وثقته بنفسه واحترامه للعمل الجماعي والشورى والالتزام ، والولاء للقيم والمبادئ وليس للأشخاص .

– اعتماد معيار القدرة على القيام بالعمل والرغبة بذلك عند إسناد العمل للمرؤوسين ، بحيث يتم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب مع مراعاة العدالة في توزيع المهام وإستادها للمرؤوسين دون محاباة أو تحيز .

– يعتمد على الترغيب والإقناع ويبتعد عن أسلوب العقاب والإرهاب ويوظف الحوافز المادية و غير المادية من اجل العمل على زيادة الإنتاج[15] .

المبحث الثاني: الإدارة التشاركية: نطلقها، أهدافها، فوائدها.

المطلب الأول: نطاق المشاركة الإدارية

لقد أثيرت تساؤلات عديدة فيما لو كانت المشاركة تعني إشراك كل المرؤوسين على اختلاف مستوياتهم في صنع القرار أم إشراك أصحاب الكفاءات والخبرة فقط ، وللإجابة عن هذه التساؤلات ظهر اتجاهان التقليدي والحديث :

1- الاتجاه التقليدي: يرى أن المشاركة مرتبطة بنوعية القرارات إذ أن المستويات الإدارية العليا تتخذ القرارات الإستراتيجية في حين تتخد القرارات الروتينية من قبل الإدارات الدنيا.

الاتجاه الحديث : يرى أن المشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات تقتضي استخدام الأساليب الجماعية وهذا يتطلب أشراك المرؤوسين جميعا ، إن هذا الأسلوب يصعب تطبيقه عمليًا لأنه مكلف للوقت والمال إذ أن هذا يعني مشاركة الأفراد التي يعنيهم الأمر من خارج التنظيم والتي سوف تتأثر بالقرار ومن هؤلاء مثلا الأجهزة الاستشارية ، معاونوا المدير ، الوحدات الأخرى داخل التنظيم أو التابعة لتنظيمات أخرى فضلا عما يتعرض له صاحب القرار من ضغوط ومما يترتب عليها من مناخ نفسي لديه ، مما يحدد من تطبيق المشاركة بهذا النحو ذلك ما أثبتته دراسة العالم “بلز”[16].

المطلب الثاني: أهداف القيادة التشاركية

– تهدف إلى الحصول على كفاءة إنتاجية عالية من جميع المرؤوسين.

– تؤكد على الذكاء واللجوء إلى التحليل المنطقي في حل المشكلات.

– تراعي السيطرة الذاتية من خلال فهم الآخرين للأهداف.

– تعود المرؤوسين نحو الاستفادة من كل مجهوداتهم وطاقاتهم.

– مواجهة النزاع وحله.

– تقديم حوافز سلبية وايجابية.

– الاتصال بالنسبة للقيادة التشاركية تتم بشكل ثنائي

– اتخاذ القرارات استراتيجي مع إشراك المرؤوسين للوصول إلى قرار مثالي.

– تهدف إلى إشراك المرؤوسين في الخطط الإستراتيجية[17].

– تعمل على تنمية القيادات الإدارية في الصفوف الدنيا وأشعارها بأهميتها وبفعاليتها في التنظيم.

– يتيح للمرؤوسين المجال للتعبير عن أرائهم و الإسهام بمقترحاتهم مما يؤدي إلى تحسين العلاقة بين الإدارة والمرؤوسين ويرفع من روحهم المعنوية .

– المشاركة تؤدي إلى ترشيد عملية اتخاذ القرار وذلك لان المشاركة تساعد على تحسين نوعية القرار و الاستفادة القصوى من ذوي الخبرة الواسعة والعقول الناضجة في اختيار البدائل فضلا على أن المشاركة تمنع معارضة القرار وتخفف من العقبات التي قد تؤدي للحيلولة دون تنفيذه[18].

المطلب الثالث: فوائد النمط التشاركي[19]

إضافة إلى الفوائد التي يمكن أن نجنيها على مستوى تفجير الطاقات الفكرية و الفنية،و زيادة دافعيتهم نحو العمل المنتج،فغن هناك مجموعة عن الفوائد التي يمكن تحقيقها على مستوى المنطقة ككل،نورد منها:

1- وضح الرؤيا:

في المنطقة المدارة تقليديا يتم إملاء برامج العمل و الأهداف و السياسات على العاملين بغض النظر عن إدراكهم لها،الأمر الذي يؤدي إلى الغموض و اختلاط الفهم من جانبهم،ما ينعكس سلبيا على أدائهم،أما في حال النمط التشاركي بما يوفره من مناخ منفتح للحوار بين العاملين و المديرين،فإن هذا الأمر يقود إلى فهم واضح للسياسات و الأهداف و البرامج و القرارات فيما بين أفراد المنظمة،و بالتالي تمنح المنطقة فرصة متتابعة تطور واقعها بشكل منتج[20].

2- تعزيز مستوى الاتفاق حول القرارات المراد تنفيذها في المنظمة:

انسجاما مع الفائدة السابقة و استمرارا لها،فإن القرارات التي يتم اتخاذها ضمن النمط التشاركي،تحمل في طياتها قدرا كبيرا من آراء قطاع واسع من الإداريين و مشاركاتهم و تصوراتهم،الأمر الذي يقود إلى مستوى عال من الاتفاق حول هذه القرارات[21].

3- حل الخلافات بشكل فعال:

في ضوء النمط التشاركي، يتم التطرق و التصدي إلى الخلافات بروح الانفتاح و الثقة و الحوار البناء، و بخاصة أن ذلك يتم في ضوء ما تم الاتفاق عليه من الأهداف و سياسات و برامج[22].

4- القدرة على التكيف مع التغيرات في البيئة المحيطة:

إن هذه الفائدة تشير إلى قدرة المنظمة على الاستجابة لمتطلبات المحيط الاجتماعي، التي أصبحت عرضة للتغيير المتسارع تبعا لروح هذا العصر. و في الواقع، إن المنظمة المدارة تقليديا يصعب عليها الاستجابة لهذه الميزة التي ترى بضرورة مواكبة المنظمة لروح التغيير المتسارع في هذا العصر، الذي يتميز برفع توقعات المجتمع المحلي من المنظمة و ذلك نظرا لمحدودية قدرة الإدارة الأوتوقراطية في تلمس تلك المتطلبات المتغيرة و الاستجابة لها. و على العكس من ذلك، فإن المنظمة ذات النمط التشاركي في الإدارة تمتلك قنوات الاتصال، و تعدد الطاقات الفكرية المتوفرة، بحيث تستطيع تلمس تلك المتطلبات و الاستجابة لها[23].

5- المقدرة على التجدد:

يقصد هنا بالمقدرة على التجدد بأنها أعادة تركيبة البنية الإدارية “طبيعة الأدوار- العلاقات – قواعد الاتصال” الأمر الذي يصعب أن يتم من خلال إملاء القرارات الفوقية، و يمكن أن يتم هذا التغيير من خلال الماركة الشاملة، في البحث عن ماهية التغيير، و النقاش الهادف و الناقد حوله، كخطوة منطقية و في الاتجاه الصحيح على الطريق التغيير المنشود[24].

الخاتمة:

و في الأخير نستنتج أنه يمكن أن تحسن الإدارة القائمة على المشاركة من فعالية وقدرة المنظمة ، وهي تسهم إلى القيادة الجيدة في الإدارة. وهي تسهم في زيادة الشفافية في اتخاذ القرارات التنظيمية.

ومن بين هذه الشعارات التي توجهك إلى الإدارة الجيدة, عبارة لا تعمل بجد ؛ احصل على نتائج. وهذا هو إستراتيجية المدراء الجيدين. إذا كان شخص ما يعمل بجد ، لا يعني بأنه يدير.

[1]Keith Davis l 1966 – human relation at work – Kogakusha- co.ltd – Tokyo – second ed – new York– p427

[2] عمر وصفي عقيلي ، فلسفة الإدارة، 1981، ص 2

[3] بشير الخضر، المشاركة في الإدارة العامة ، (عمان: المجلة العربية للإدارة ، عدد 9، 1986) ، ص.. 83

[4] – Keith & Girling, R: (1991). Educational Management and participation, USA, Allyn & Baccon – p27 – 1991)

[5] محمد ناصر، الإدارة بالمشاركة و أثرها على العاملين و الإدارة، ( دمشق: كلية الإقتصاد،2009)، ص 15.

[6] نبيل أحمد محمود العرابيد، دور القيادة التشاركية بمديريات التربية و التعليم في حل مشكلات مديري المدارس الثانوية بمحافظة غزة، (غزة: جامعة الأزهر، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير،2010) ، ص. 42.

[7] النظام السياسي والاقتصادي، (المملكة المتحدة: مكتب الرئيس للأبحاث الاقتصادية، 1964) ،ص 3-4.

December 1957 pp. 167-187[8] Collaboration between public authorities and employers and workers organization I-L-I-R.

[9] محمد ناصر، مرجع سابق، ص 16.

[10] المرجع نفسه، ص.17.

[11] المرجع نفسه، ص 18.

[12] محمد ناصر، مرجع سابق،ص 19.

[13] المرجع نفسه، ص 22.

[14] العياشي عنصر، الإدارة بالمشاركة رهان المستقبل في المؤسسة الجزائرية،( الجزائر: جامعة باتنة،1997)،ص4- 6.

[15] حاتم دحلان، التخطيط التشاركي في الإدارة المدرسية “المفهوم ، المبررات، الفوائد، المعيقات”) . مجلة رؤى التربوي ، مركز القطان، العدد الحادي والعشرون، 2003) ، ص ص 133، 134.

[16] هناء محمود القيسي،الإدارة التربوية مبادئ – نظريات – اتجاهات حديثة ،( عمان: دار المناهج للنشر والتوزيع،ط.1، 2010)، ص130.

[17] رافدة الحريري، مهارات القيادة التربوية في اتخاذ القرارات الإدارية ، (ب.ب.ن: دار المناهج للنشر والتوزيع، 2008)،ص 41.

[18] هناء محمود القبيسي، مرجع سابق، ص131.

[19] محمد حسين الرفاعي، الإدارة بالمشاركة و أثرها على العاملين و الإدارة، ( دمشق: مذكرة تخرج لنيل شهادة الدكتوراه،2009).ص 99.

[20] المرجع نفسه، المكان نفسه.

[21] المرجع نفسه، المكان نفسه.

[22] المرجع نفسه، المكان نفسه.

[23] المرجع نفسه، ص100.

[24] محمد حسين الرفيعي، المرجع السابق، ص 100.

 

5/5 - (1 صوت واحد)

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى