لماذا تراجع الاهتمام العالمي بالتسريبات المعلوماتية؟

على الرغم من كشف “أوراق باراديس”، التي تم نشرها في 5 نوفمبر 2017، عن تورط عدد كبير من الشركات العالمية والسياسيين والشخصيات العامة في ممارسات التهرب الضريبي وغسيل الأموال؛ لم تَحْظَ هذه الموجة الجديدة من التسريبات بالفاعلية المتوقعة في حشد الرأي العام المحلي والعالمي للضغط على الحكومات لاتخاذ إجراءات قانونية ضد هذه الممارسات.

ويرتبط ذلك بتحول التسريبات المعلوماتية من كونها حدثًا استثنائيًّا يحظى باهتمام ومتابعة الجماهير والنخب السياسية، ويؤثر على القناعات السياسية والسياسات الخارجية للدول؛ إلى إحدى الحقائق اليومية للممارسات السياسية فيما بات يُطلق عليه “حروب التسريبات” و”التضليل المعلوماتي” المتعمد.

عصر التسريبات:

أدى تزايد وتيرة الكشف عن التسريبات إلى تشكل عالمٍ موازٍ للتدفقات المعلوماتية يستهدف اختراق حواجز السرية والإجراءات الأمنية بهدف الكشف عن المعلومات والوثائق بصورة متواصلة. وكان التسجيل الرسمي لموقع “ويكيليكس” في أكتوبر 2006، والكشف عن وثائق وزارة الخارجية الأمريكية من جانب جوليان أسانج بمثابة تدشين لشبكات التسريبات العالمية التي لم تتوقف عن نشر الوثائق السرية منذ ذلك الحين.

ولا تقتصر عضوية شبكات التسريبات على المخترقين الإلكترونيين، وإنما تضم الصحفيين الاستقصائيين، والمؤسسات الإعلامية، وجماعات الضغط، وبعض المسئولين السياسيين الساعين لفضح بعض الممارسات داخل مؤسساتهم ممن يطلق عليهم “كاشفو الأسرار” (Whistle Blowers)، والمطلعين من الداخل (Insiders) الذين يسعون للانتقام من مؤسساتهم.

وتُعد تسريبات “إدوارد سنودن” (العميل السابق بوكالة الأمن القومي الأمريكية)، في يونيو 2013، من أكثر التسريبات إثارةً للجدل، حيث كشف “سنودن” عن وجود برنامج يُسمى PRISM يُتيح مراقبة الاتصالات والمعلومات والبريد الإلكتروني والملفات الخاصة بالأفراد في كافة دول العالم، وأن وكالة الاستخبارات الأمريكية تعتمد عليه في اختراق الخوادم الخاصة بكافة شركات التكنولوجيا الأمريكية (مثل: مايكروسوفت، وياهو، وجوجل، وفيسبوك، وسكايب) وكافة شبكات التواصل الاجتماعي، مما أثار جدلًا واسع النطاق حول أنشطة التجسس العابر للحدود التي تقوم بها الولايات المتحدة، والتي استهدفت بعض حلفاء الولايات المتحدة، مثل: رئيس الوزراء البريطاني، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وفي السياق ذاته، تحول “الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين” إلى فاعل مهم ضمن شبكة التسريبات العالمية، حيث قام في نوفمبر 2014 بنشر وثائق تفيد بقيام “جان كلود يونكر” (رئيس المفوضية الأوروبية) بمنح تسهيلات لشركات عالمية كبرى لمساعدتها في تخفيض ضرائبها.

والأمر ذاته ينطبق على دور بعض الصحف العالمية، مثل صحيفة “لوموند” الفرنسية التي نشرت في فبراير 2014، تسريبات من الأرشيف الرقمي لأحد البنوك السويسرية الكبرى الذي يمتلك فروعًا في العديد من دول العالم، وقد أفادت هذه التسريبات بأن البنك قد ساعد عملاء من أكثر من 200 دولة على التهرب الضريبي عن طريق حسابات مصرفية تصل قيمتها إلى 119 مليار دولار.

ويمكن اعتبار تسريبات بنما التي تم نشرها في أبريل 2016 بمثابة نموذج للتسريبات الضخمة، حيث وصل حجم الملفات التي تم تسريبها عن المعاملات المالية التي أشرفت عليها شركة “موساك فونسيكا” في بنما إلى حوالي 2,62 تيرابايت من البيانات مدونة فيما يزيد على 11,5 مليون ملف متنوع ما بين رسائل إلكترونية، وقواعد بيانات، وصور، وتعاقدات. وتغطي الوثائق التعاملات الخاصة بأكثر من 214 ألف جهة من مؤسسات وشركات عالمية، في أكثر من 200 دولة حول العالم. وكشفت الوثائق أسماء 140 شخصية سياسية، وشخصيات عامة، ومشاهير، متورطين في عمليات إخفاء ثروات، وتهرب ضريبي بطرق غير مشروعة.

تسريبات “باراديس”:

أعلن “الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين” وكل من صحيفة “الجارديان” و”هيئة الإذاعة البريطانية” (بي بي سي)، وصحيفة “نيويورك تايمز”، في 5 نوفمبر 2017؛ عن مجموعة ضخمة من الوثائق حول الملاذات الضريبية وممارسات التهرب الضريبي، والتي عُرفت باسم “أوراق باراديس”، والتي بلغ عددها ما يزيد على 13 مليون وثيقة تسع حوالي 1.4 تيرابايت من وسائط التخزين.

ولقد كشفت هذه الوثائق عن تورط عدد كبير من السياسيين والشخصيات العامة في حوالي 50 دولة حول العالم، وتضمنت الوثائق الكشف عن عدد من الشركات التي تشرف على ممارسات غسيل الأموال في ملاذات ضريبية، مثل: جزر كايمان، وبرمودا.

وتعود غالبية الوثائق إلى مكتب المحاماة الدولي “أبلباي” الذي يقع مقره في برمودا، ويشرف على استثمارات عدد كبير من الشركات، حيث شملت الوثائق رسائل البريد الإلكتروني، واتفاقيات القروض والبيانات المصرفية لأكثر من 25 ألف شركة أشرف عليها مكتب المحاماة خلال الفترة من خمسينيات القرن الماضي حتى عام 2016.

وأكدت الوثائق تورط عددٍ كبيرٍ من الشركات العالمية في أعمال التهرب الضريبي (مثل: فيسبوك، وآبل، ومايكروسوفت، وآيباي، وأوبر، ونايكي، وول مارت، وسيمنز، وماكدونالدز)، وغيرها من الشركات التي قامت بتأسيس شركات في الخارج للتهرب من الضرائب في دولهم.

وترددت أسماء عددٍ من الشخصيات السياسية ضمن الوثائق، من بينها وزير الخارجية الأمريكي “ريكس تيلرسون”، والمستشار الاقتصادي لترامب “جاري كوهن”، رغم عدم وجود أدلة على مخالفات في أنشطتهم الاقتصادية. أما وزير التجارة الأمريكية “ويلبر روس” فقد كشفت الوثائق عن امتلاكه استثمارات بملايين الدولارات في شركة “نافيجيتر” للشحن، والتي ترتبط بشركة “سيبور” الروسية للطاقة وثيقة الصلة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعائلته.

كما كشفت وثائق باراديس عن استثمارات لملكة بريطانيا في شركات “أوف شور” للقروض الطبيعية والاستهلاكية، وكذلك “ستيفن برونفمان” مستشار رئيس الوزراء الكندي “جاستن ترودو” الذي نُسبت إليه استثمارات في أنشطة غير معلومة في جزر كايمان في إطار عمليات التهرب الضريبي.

وترددت أسماء أخرى، مثل الرئيس الكولومبي “خوان مانويل سانتوس”، ورئيس بلدية برشلونة السابق ومستشارها الحالي “كافيي ترياس”، وثلاثة من رؤساء وزراء كندا السابقين (وهم: “جان كريتيان”، و”بول مارتن”، و”بريان مولروني”)، ووزير المالية الأرجنتيني “لويس كابوتو”، ورئيسة ليبيريا “إلين جونسون سيرليف”، ورئيس مجلس الشيوخ النيجيري “بيكولا ساراكي”، ووزير النفط والغاز في كازاخستان “ساوت مينباييف”، ورئيس الوزراء الياباني السابق “يوكيو هاتوياما”.

كما وردت أسماء بعض الشخصيات الشرق أوسطية ضمن الوثائق مثل: “رامي مخلوف” ابن عم الرئيس السوري “بشار الأسد”، و”غسان شوكت” العضو سابق في البرلمان العراقي، بالإضافة إلى أبناء رئيس الوزراء التركي “بن علي يلدرم”، ورئيس وزراء باكستان السابق “شوكت عزيز”.

وعلى الرغم من إعلان الاتحاد الأوروبي وعدد كبير من الدول حول العالم إجراء تحقيقات في تورط بعض الشخصيات السياسية في التهرب الضريبي؛ إلا أن موجة التسريبات الضخمة لم تحظَ بالفاعلية المتوقعة التي تتمثل في إثارة الرأي العام المحلي والعالمي ضد الشخصيات التي تم الكشف عن أسمائها، كما لم تتخذ غالبية الدول المعنية حتى الآن إجراءات قضائية بناء على هذه الوثائق.

تحولات ضاغطة:

على نقيض موجات التسريبات الكبرى التي حظيت باهتمام عالمي ومتابعة واسعة النطاق؛ تعرضت التسريبات المعلوماتية في الآونة الأخيرة -وفي مقدمتها “وثائق باراديس”- إلى تحولات أثرت على فاعليتها ومدى تمتعها بالحد الأدنى من الثقة بين المتابعين. فعلى سبيل المثال، تعددت الاتهامات لتسريبات ويكيليكس بالتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح روسيا من خلال تسريب رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالحزب الديمقراطي وأعضاء الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون لترجيح فرص “دونالد ترامب” للفوز بالانتخابات الرئاسية

وفي هذا الإطار، تتمثل أهم التحولات التي شهدتها التسريبات والتي أثرت على فاعليتها فيما يلي:

1- تزايد كثافة التدفقات: لم تعد التسريبات تتم على فترات متباعدة وفي صورة موجات ضخمة كما كان في السابق؛ وإنما بات الكشف عن تسريبات جديدة يتم بصورة يومية على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية، مما أثر على قدرة الجمهور على استيعاب هذا الكم الهائل من التسريبات المتعارضة، كما باتت التسريبات تتضمن أنواعًا متعددة من المعلومات التي يصعب التحقق من مصداقيتها، مثل: الوثائق، والمكالمات الهاتفية، والمقاطع الصوتية، ورسائل البريد الإلكتروني، ورسائل حسابات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات المحادثات؛ مما أثار جدلًا واسع النطاق حول ما يُمكن أن يطلق عليه “تسريب معلوماتي” بالمعنى الدقيق بعدما اختلط الرث بالثمين تحت مظلة نفس المفهوم.

2- حروب التسريبات: تحولت التسريبات إلى “سلاح” ضمن حروب المعلومات، ولعل تسريبات بعض المؤسسات الأمنية والقضائية الأمريكية حول التقارب بين أعضاء إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” وروسيا، ووجود تنسيق قُبيل الانتخابات؛ يكشف عن التوظيف السياسي للتسريبات، إذ إن هذه التسريبات اكتسبت طابعًا أكثر حدة عقب إقالة “ترامب” لرئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي “جيمس كومي” في مايو 2017.

وفي المقابل، فإن بعض المصادر تنسب لترامب القيام ببعض التسريبات المتعمدة لاستعراض استحقاقه لمنصب الرئاسة، على غرار قيامه بالكشف عن معلومات لوزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” في منتصف مايو 2017، حول تنظيم “داعش” حصلت عليها الولايات المتحدة من دولة حليفة.

وينطبق الأمر نفسه على “حروب التسريبات” بين الدول، إذ استغلت روسيا شبكات للمخترقين الإلكترونيين بهدف التأثير على الانتخابات الأمريكية، ودعم صعود اليمين المتطرف في الدول الأوروبية.

3- الاختراق بالوكالة: تراجعت استقلالية أعضاء شبكات التسريبات العالمية بسبب تصاعد تأثير الدول، وقيامها بتوظيف بعض المجموعات من المخترقين للقيام بالتسريبات لصالحها، ومقارنةً بوجود منظمات عالمية أو مؤسسات صحفية تقوم بإطلاق التسريبات المعلوماتية بعد التأكد من مصداقيتها مثل “شبكة الصحفيين الدوليين الاستقصائيين”؛ تكونت مؤخرًا مجموعات مجهولة من المُسرِّبين غير معلومي الهوية تقوم ببث تسريبات متعددة دون إمكانية معرفة مصدرها، أو التحقق من مصداقيتها، وتتبع هذه المجموعات بعض الدول، وتقوم بتنفيذ التسريبات لصالحها فيما يمكن تسميته “التسريب بالوكالة”.

ففي أبريل 2017، أعلنت مجموعة تسمى “وسطاء الظل” عن اختراقها وكالة الأمن القومي الأمريكي، والاستيلاء على برمجيات خبيثة لاختراق الأجهزة الإلكترونية، وقامت بإتاحتها مجانًا للمتابعين، وهو ما تسبب في تنفيذ هجوم الفدية الخبيثة العالمي “وانا كراي” (Wanna Cry)، في 12 مايو 2017.

كما باتت “ويكيليكس” متهمةً بالتبعية لروسيا وتسريب بعض المعلومات التي تُمثل تهديدًا للأمن العالمي، على غرار تسريبات “القبو 7” التي تضمنت معلومات حول أدوات اختراق وتجسس تستخدمها وكالة الأمن القومي الأمريكي، مما تسبب أيضًا في تهديدات للأمن السيبراني لملايين المستخدمين في العالم.

4- تضارب التفسيرات: لم يعد المتابعون يقومون بتقبل التسريبات باعتبارها مُسلمات ينبغي قبولها دون تشكيك، فمع تصاعد وعي الجماهير باتت أسئلة متعددة تُطرح حول التسريبات، من بينها: هوية القائمين بالتسريب ومصالحهم، ومدى مصداقية التسريبات وارتباطها بوقائع حقيقية، بالإضافة إلى الاختلاف حول تفسير مدى جدوى وأهمية التسريبات في حد ذاتها. فعلى سبيل المثال، فإن التسريبات المتتالية حول وجود اتصالات بين أعضاء فريق “ترامب” الانتخابي وروسيا لم تجد صدى بين أنصاره.

حيث اعتبر مؤيدو ترامب هذه التسريبات ضمن الحملات المضادة من جانب الخصوم السياسيين، بينما اعتبر متابعون آخرون هذه الاتصالات بمثابة أمر طبيعي لا يستحق الضجة باعتبارها ضمن مهام التواصل الخارجي لحملة المُرشح الرئاسي حينها.

معضلة الثقة:

على الرغم مما يتضمنه انتشار التسريبات من دلالات حول تفكيك النماذج التقليدية للاتصال السياسي، وتراجع قدرة الدول على السيطرة على تدفقات المعلومات؛ فإن الانفجار العالمي للتسريبات المعلوماتية بات يتعرض لانتقادات حادة وعوائق متعددة تحد من فاعليتها، والتي يتمثل أهمها فيما يلي:

1- تراجع المصداقية: لم تعد التسريبات تحظى بذات القدر من المصداقية كما سلفت الإشارة، ويرجع ذلك إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي (مثل: فيسبوك، وتويتر) قد أدت إلى تبلور مساحات واسعة النطاق وأنماط من التفاعلات واسعة الانتشار تفتقد الضوابط أو الحواجز أو سلطة عليا تنظم تدفق المعلومات والأفكار بين الفاعلين، بحيث تغيب الحقائق المطلقة وسط ركام هائل من المعلومات التي لا يُمكن التحقق من صحة أيٍّ منها، خاصةً في ظل تزايد عمليات الترويج لمعلومات غير دقيقة أو شائعات عبر المساحات الافتراضية، والتناقضات في محتوى المعلومات، وعدم وجود المعايير المهنية وقواعد الممارسة الإعلامية على منصات الإعلام البديل التي تُدار بواسطة الأفراد.

ويَعتبر بعض الباحثين هذه الفوضى الافتراضية أحد تجليات رأسمالية ما بعد الحداثة التي خلقت مساحة بديلة للجدل الاجتماعي يحكمها انعدام اليقين في العملية الاتصالية بين الطرف المرسِل والمستقبل في إطار ما يُطلق عليه “إيمانويل والرشتين” “النظام العالمي للتواصل الذي تحكمه مبادئ التعددية المفرطة، والفردية، والحرية المطلقة، وتعدد الروايات للأحداث المختلفة وفق اختلاف المنظورات الفردية”.

2- التسريبات المزيفة: كشفت إجراءات التحقق من بعض التسريبات المعلوماتية عن تزييف بعض الوثائق الرسمية والمحادثات الهاتفية والمقاطع الصوتية، وخلال الثورات العربية كشفت بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عن وثائق تم الادعاء بأنها تم الكشف عنها خلال اقتحام بعض المؤسسات الأمنية، ثم تبين تزييفها باستخدام برامج تحرير الصور والوثائق بهدف نشر بعض الشائعات.

3- الانتقائية السياسية: تركز بعض التسريبات على انتقاء بعض المعلومات من الوثائق تدعم رواية معينة تسعى لترويجها بهدف تحقيق مصالح الدول أو الأطراف الراعية للتسريبات، وهو ما يُطلق عليه “تأويل الحقائق”. ففي إطار بعض التسريبات يتم إخفاء بعض المعلومات عمدًا، والكشف فقط عن جزء من المعلومات، كما تختلط المعلومة بالتفسير من جانب الجهات التي تقوم بالتسريبات لترسيخ صورة ذهنية معينة لدى الجمهور.

4- الاستهداف المتعمد: تستند التسريبات المعلوماتية إلى حجج أخلاقية حول ضرورة كشف الممارسات غير القانونية والفساد فيما يُطلق عليه البعض “الاختراق الأخلاقي”، وهو ما كان يُعزز من فاعلية وتأثير التسريبات في الماضي؛ إلا أن الآونة الأخيرة قد شهدت توظيف التسريبات بصورة متعمدة ومقصودة ضمن سياسات الاستهداف، وممارسات المنافسة التجارية غير النزيهة بين الشركات.

وتتسم بعض التسريبات بالانتقائية، والتركيز على بعض المتورطين، وإخفاء أسماء آخرين، وهو ما اتضح في تسريبات بنما التي لم تتضمن الكشف بصورة كاملة عن قوائم المتورطين في التعاملات المالية مع شركة “موساك فونسيكا” للمحاماة، وتدفع هذه الانتقائية إلى التشكيك في صحة الوثائق المسربة، وهو ما يزيد من ضعف فاعلية التسريبات في الاعتداد بها كوثائق قانونية.

إجمالًا، يمكن القول إن التضخم في كثافة ووتيرة التسريبات المعلوماتية أدى إلى فقدانها جانبًا كبيرًا من فاعليتها وأهميتها بسبب افتقادها للمصداقية، وعدم وجود آليات للتحقق من صحتها، في ظل انتشار فوضى التواصل الاجتماعي، والتسريبات المزيفة، والتضليل المعلوماتي، والاستهداف المتعمد، والانتقائية في عرض وتفسير المعلومات.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button