ماهية المخاطر المالیة في ظل التحولات السياسية والاقتصادية العالمية

في عالم الاستثمار والاقتصاد، هناك أنواع متعددة من المخاطر التي من الممكن أن تواجهها، كمستثمر، خلال تجربتك الاستثمارية. فالمخاطرة المالية هو مصطلح غالباً ما يستخدم ليعني حالة عدم اليقين التي قد تمر بها في ما يتعلق بقدرتك على تحقيق عائد مناسب على استثماراتك، ومدى احتمالية تكبدك خسائر مالية نتيجة ذلك. ولقد تطورت العلوم المتعلقة بإدارة السوق والمخاطر المالية التي بدأها الدكتور “هاري ماركويتز” في عام 1952 من خلال طرحه نظرية “المحفظة المالية الحديثة”، إذ استخدم ما يسمّى بـ”الانحراف المعياري” أو “التباين” لتحديد نسبة المخاطر المتوقعة لمحفظة استثمارية ما.

قبل الشروع في أي مغامرة استثمارية عليك أن تدرك بأن قرارك الاستثماري الذي ستتخذه سيكون معرّضاً للمخاطر المالية، بغضّ النظر عن ارتفاع العوائد المتوقعة من العملية الاستثمارية. في الواقع، كلما ارتفعت العوائد المتوقع تحقيقها ارتفعت نسبة المخاطر المالية، والعكس. وتشتمل أنواع المخاطر المالية التي يجب عليك معرفتها تلك المرتبطة بشكل مباشر بالأصول المستثمرة، كالسندات مثلاً، إذ أي تغيّر يطرأ على أسعار الفائدة على هذه السندات، أو تاريخ استحقاقها، سيؤثر بشكل كبير على قيمتها عند السداد.

وهناك مخاطر مالية أخرى مرتبطة بتخلّف المقترض عن سداد دفعات الدين كما وعد، وتسمى أيضاً بـ”مخاطر الائتمان”. في هذه الحالة، قد تشتمل خسائر المستثمرين فقدانهم قيمة الدين المقدّم وعوائد الفائدة، وانخفاض التدفق النقدي، وزيادة تكاليف التحصيل. وإن كنت بصدد الاستثمار خارج حدود بلدك، فإن استثماراتك قد تكون عرضة لتغييرات سريعة في قيمتها نتيجة عدد من العوامل من بينها صغر حجم الأسواق في الخارج، واختلاف معايير المحاسبة والإفصاح والتدقيق، وارتفاع معدلات تضخم الضرائب في الدولة المراد الاستثمار فيها، والصراعات الاقتصادية والسياسية. هذا النوع من المخاطر يسمى بـ”مخاطر الاستثمار الأجنبي”

يمكنك تخفيف هذه المخاطر المالية، جزئياً، من خلال القيام بما يُعرف بـ”تقسيم الأصول”، إذ يُقصد بها قيامك باستثمار أموالك في مجموعة متنوعة من الأصول الاستثمارية، عوضاً عن الاستثمار في نوع واحد منها بحيث تمتلك آفاقاً ربحية مختلفة ومستويات متباينة من المخاطر. فقيامك بتوزيع أموالك، من خلال تقسيم محفظتك الاستثمارية بين أصول مختلفة، يسمح لك بتعويض الخسائر التي قد تتكبدها في نوع من الاستثمار عن طريق تحقيق مكاسب في نوع آخر. بعبارة أخرى، لا تضع كل البيض في سلة واحدة.

ادارة المخاطر المالية Financial risk management، هي العلاقة بين العائد المطلوب على الاستثمار وبين المخاطر التي تصاحب هذا الاستثمار، وذلك بقصد توظيف هذه العلاقة بما يؤدي إلى تعظيم قيمة ذلك الاستثمار من وجهة نظر أصحابه ويمكن تعريفها أيضا بأنها إدارة الأحداث التي لا يمكن التنبؤ بها، والتي قد يترتب عليها خسائر محتملة الحدوث في المنشأة، إذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب أن إدارة المخاطر المالية بالمنشأة تتضمن القيام بالأنشطة الخاصة بتحديد المخاطر التي تتعرض لها المنشأة، وقياسها، والتعامل مع مسبباتها، والآثار المترتبة عليها. وأن الغرض الرئيسي لإدارة المخاطر المالية بالمنشأة يتمثل في تمكين المنشأة من التطور وتحقيق أهدافها بشكل أكثر فعالية وكفاءة.
الأدوات الإحصائية=
الأدوات الإحصائية لقياس المخاطر المالية: وتعتمد هذه الأدوات على قياس درجة التشتت في قيم المتغير المالي ومن أهم هذه الأدوات:

المدى
المدى Range، والذي يتمثل في الفرق بين أعلى قيمة وأدنى قيمة للمتغير المالي موضع الاهتمام ، ويمكن استخدام المدى كمؤشر للحكم على المستوي النسبي للخطر. وكلما زادت قيمة المدى كان ذلك مؤشراً على ارتفاع مستوى الخطر المصاحب للمتغير المالي موضع الاهتمام.

التوزيعات الاحتمالية
التوزيعات الاحتمالية Probability distributions وهي تقدم أداة كمية أكثر تفصيلاً من مقياس المدى ، وذلك من خلال تتبع سلوك المتغير المالي وتحديد القيم المتوقعة الحدوث في ظل الأحداث الممكنة. وتحديد التوزيع الاحتمالي لهذه القيم ، واستخدامه في المقارنة بين مستويات الخطر المصاحبة لعدد من الأصول المستقلة ، وبما يمكن من المفاضلة فيما بينها . وكلما كان التوزيع الاحتمالي أكثر اتساعاً نحو الطرفين كان ذلك مؤشراً على ارتفاع مستوى الخطر.

الانحراف المعياري
الانحراف المعياري : Standard deviation يعتبر أكثر المقاييس الإحصائية استخداماً كمؤشر للخطر الكلي المصاحب للمتغير المالي ، وهو يقيس درجة تشتت قيم المتغير موضوع الدراسة حول القيمة المتوقعة له ، وكلما زادت قيمة الانحراف المعياري دل ذلك على ارتفاع مستوى الخطر.

معامل الاختلاف
معامل الاختلاف: Coefficient of variation هو مقياس نسبى ( أو معياري ) لدرجة التشتت. حيث يربط بين الخطر (مقاساً بالانحراف المعياري ) وبين العائد ( مقاساً بالقيمة المتوقعة )، ولذلك يصبح معامل الاختلاف أكثر دقة وتفضيلاً عن الانحراف المعياري عند المقارنة بين عدة أصول مستقلة ومختلفة فيما بينها من حيث العائد والخطر. إن معامل الاختلاف يعبر عن درجة الخطر لكل وحدة من العائد ، و كلما ارتفعت قيمته دل ذلك على ارتفاع مستوى الخطر.

معامل بيتا
معامل بيتا: Beta coefficient، وهو مقياس لمدى حساسية قيم المتغير المالي موضع الدراسة للتغيرات التي تحدث في متغير آخر، ( فمثلاً يمكن قياس درجة حساسية عائد سهم معين للتغيرات في عائد السوق ، أو للتغيرات في أسعار الفائدة بالبنوك … )، ويدل معامل بيتا المرتفع على ارتفاع درجة الحساسية وبالتالي ارتفاع مستوى الخطر.

أدوات التحليل المالي لقياس المخاطر المالية
وهي تعتمد على قياس قدرة المنشأة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الغير، وبخاصة الدائنين ، في الآجال المحددة لاستحقاقها ، وتحقيق تدفقات نقدية صافية للمساهمين . ويعتمد قياس المخاطر المالية بالمنشأة على مجموعة النسب والمؤشرات المالية,ومن أهم النسب أو المؤشرات المالية التي يمكن استخدامها في هذا الصدد:

  • نسبة المديونية.
  • نسبة التداول.
  • درجة الرافعة الكلية ( مؤشر حساسية ربح السهم للتغير في المبيعات).
  • نسبة حق الملكية إلى إجمالي الديون.
  • نسبة التمويل طويل الأجل في هيكل التمويل.
  • نسبة التمويل طويل الأجل إلى الأصول طويلة الأجل.
  • نسبة صافي رأس المال العامل إلى الأصول.

أدوات إدارة المخاطر المالية
يمكن تحديد ثلاثة استراتيجيات رئيسية لإدارة المخاطر المالية وهي :

1- إستراتيجية ترك الموقف مفتوح: ويقصد بذلك الاحتفاظ بمستوي الخطر علي ما هو عليه ، ويمكن أن تعتمد الشركة على هذه الإستراتيجية حينما يكون مستوى الخطر منخفض بشكل لا يبرر التكلفة المتوقعة لإدارته، وتندرج تحت هذه الإستراتيجية سياسة قبول الخطر.

2- إستراتيجية تحمل مخاطر محسوبة: ويقصد بذلك تحديد مستويات الخطر التي يمكن تحملها بالمنشأة – والتي لا ترغب المنشأة في تحمل أكثر منها – ثم اتخاذ كافة التدابير المناسبة لتدنيه المخاطر بالمنشأة حتى هذا المستوى المقبول . ويندرج تحت هذه الإستراتيجية سياسات تخفيض الخطر مثل التنويع , والتغيير في مستوى الرافعة التشغيلية والمالية.

3- إستراتيجية تغطية كل الخطر :ويقصد بذلك تحييد مصدر الخطر بالنسبة للشركة ، أي تدنية الخطر إلى الصفر ، ويندرج تحت هذه الإستراتيجية سياسات تحويل الخطر مثل التغطية الكاملة أو التأمين ضد الخطر باستخدام أدوات الهندسة المالية ، تحويل الخطر المالي إلى طرف ثالث بواسطة عقود التأمين.

المصادر

  • منير إبراهيم هندي، الفكر الحديث في إدارة المخاطر، الهندسة المالية باستخدام التوريق والمشتقات ، الجزء الأول ؛ التوريق، ( الإسكندرية : منشأة المعارف ، 2002 )
  • منير إبراهيم هندي، الادارة المالية مدخل تحليلي معاصر، ( الإسكندرية : منشأة المعارف ، 1999)
  • Crockford, Neil (1986). An Introduction to Risk Management (2nd ed.). Woodhead-Faulkner. ISBN 0-85941-332-2.
  • Charles, Tapiero (2004). Risk and Financial Management: Mathematical and Computational Methods. John Wiley & Son. ISBN 0-470-84908-8.
  • Lam, James (2003). Enterprise Risk Management: From Incentives to Controls. John Wiley. ISBN 978-0471430001.
  • van Deventer, Donald R., Kenji Imai and Mark Mesler (2004). Advanced Financial Risk Management: Tools and Techniques for Integrated Credit Risk and Interest Rate Risk Management. John Wiley. ISBN 978-0470821268.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button