دراسات سياسية

ما وراء التصعيد الايطالي الأخير فى وجه مصر

كان يفترض ان يتوجه وفد من النيابة المصرية الى العاصمة الايطالية روما للقاء نظيره الايطالي الخميس الماضي، لعرض عليه أخر المعلومات بخصوص مقتل الشاب الايطالي جوليو ريجيني، ولكن لم يتوجه الوفد المصري لاسباب لا نعلمها، وعلى أساس ذلك جاء التصعيد من النيابة الايطالية الى البرلمان ثم ووزارة الخارجية بروما، كي يقطع البرلمان علاقاته بنظيره المصري، وتستعدي وزارة الخارجية الايطالية السفير المصري بروما، حتى أنذرت روما (أكثر من مصدر مسئول هناك) القاهرة بأن لم تقدم القاهرة الجديد وما يفيد بأسباب مقتل ريجيني ستذهب فى التحقيق من جانب واحد (وأنا لا أعرف كيف ستقوم روما وحدها بالتحقيق فى القضية دون القاهرة!)، وأن ايطاليا ستذهب الى ما هو ابعد من قطع العلاقات بين برلماني البلدين بنهاية ديسمبر القادم، وأن شركة ايني الايطالية لاستكشاف الغاز فى مصر لن تكون بعيدة عن اي خطوة ستتخذها روما تجاه القاهرة بعد 31 ديسمبر الجاري.

حقيقة الامر لا أعرف اسباب عدم توجه الوفد المصري الى روما فى موعده كما كان متفق مع نظيره الايطالي، ولكن ما أعرفه جيدا أن اي تصعيد على مستوى الفعل وليس الكلام من جانب ايطاليا سيضر بها هي لا مصر، وهنا أتذكر ما قاله وزير الخارجية الايطالي في جلسة ازيعت علي الهواء لبرلمان ايطاليا لاستجوابه، وعندما سئل وزير الخارجية عن اسبابه لاعادة سفيره الي مصر رغم عدم تقديم من قتلوا ريجيني للعدالة، رد وقال : “لندرك نصيبنا من تورتة العقود التجارية مع النظام المصري التي وزعت علي المانيا وفرنسا ونصيب ايطاليا لايجب تعطيله لاجل ريجيني”.

ومن تلك القناعة والتفكير بواقعية كانت القيادة السياسية فى ايطاليا تسير على عكس هوى النشطاء بروما المطالبين بقطع العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية مع مصر، أو حسب أغراض بعض الهدول الاقليمية المعادية لمصر والتى استغلت ورقة ريجيني لضرب العلاقات والمصالح بين البلدين.

ومن هنا أتمنى أن يذكر الجانب المصري نظيره الايطالي بمن قتلوا من المصريين فى ايطاليا العام الماضي، فالشاب الايطالي ريجيني ليس أغلى منهم، وأن لم نتذكر هولاء من أجل حقوقهم الواجبة علينا، فعلى الاقل نكون براجماتيين ولو بعض ما عند الغربيين، ونستغل تلك الورقة ضد روما، كذلك اتمنى فتح ملف الفتاة المصرية مريم المقتولة سحلا على يد عشرة فتيات فى عاصمة الضباب، وكذلك ما يتعرض له الطلاب السوريين كل يوم فى مدارس وجامعات لندن من عنصرية شديدة، فبريطانيا كانت ومازالت هى المحرك الاساسي لكل ما يدور عندنا وحولنا من فوضى وخراب، ولعل أمر مظاهرات السترات الصفراء التى تفشت فى باريس وخرجت خارج حدود فرنسا حتى طالت وضربت بقوة أمس بلجيكا، فى خطوة تأتى كبداية للربيع الاوروبي (على غرار الفوضى والدمار الذى ضرب الشرق الاوسط2011 المسمى بالربيع العربي)، يكشف لنا كيف من خططوا لتفكيك الشرق الاوسط الان يسعون لتمزيق أوصال القارة العجوز وبنفس الادوات المستخدمة فى 2011.

أخيرا وليس أخرا مشهد تصعيد روما الاخير ضد القاهرة يذكرني برد ماتيو رينزي (وزير خارجية ايطاليا الاسبق وصديق مصرن واحد منافذ مصر على الاتحاد الاوروبي بعد ثورة 30يونيو2013 بجانب اليونان وقبرص) منذ عامين ونصف على مسرح فلورانسا، عندما سأله أحد الصحفيين قائلا: “أن العلاقات مع مصر تشهد توترا فما السبب”، فقال رينزي “أن هناك من يضغظ على روما لقطع العلاقات مع مصر”.

ومن ذلك المشهد نرى بوضوح أهمية ايطاليا لمصر والعكس، ووضع العلاقات الحالي بين البلدين بعد مؤتمر باليرمو، وكيف كانت وستظل ليبيا العنصر الاساسي فى اي علاقة بين روما والقاهرة.

فادي عيد

الباحث والمحلل السياسي بشؤون الشرق الاوسط

fady.world86@gmail.com

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى