مبادرة الحوار المتوسطي حول الهجرة: المقاربة الشاملة بدل المحتشدات

عامر مصباح – جامعة الجزائر
أعلن عدد من المسئولين في الاتحاد الأوربي أنه بصدد الإعداد لحوار مع دول شمال إفريقيا بما فيها مصر بشأن إيجاد حل للهجرة غير الشرعية، وذلك من أجل الحد من تدفق المهاجرين نحو الشواطئ الأوربية وترحيل العدد الزائد من المهاجرين الأفارقة من الدول الأوربية نحو دول جنوب المتوسط؛ وبالنهاية حل مشكلة الهجرة التي تهدد وحدة الاتحاد والاستقرار المجتمعات لتلك الدول.
طالما أن الهجرة تشكل أزمة جدية للأمن الأوربي، فإن دول جنوب المتوسط هي الأخرى تواجه التحديات الأمنية الخاصة بها، والتي البعض منها ترجع أسبابها إلى السلوك الأوربي نفسه، إذ أسقطت القوات الأطلسية نظام معمر القذافي بواسطة القصف الجوي، لكنها تنصلت من عملية إعادة بناء الدولة واستعادة الأمن والاستقرار الأهلي للبلاد، بل فضّل كل طرف دعم أحد الأطراف المتنافسة على السلطة؛ وتعتبر ليبيا اليوم البوابة الرئيسية لتدفق المهاجرين نحو الشواطئ الأوربية.
بالرغم من الصعوبة السياسية والسياقية التي تواجه دول شمال إفريقيا حول تقديم مبادرة أو أرضية مشتركة لتحاور على أساسها نظراءها الأوربيين، إلا أنه يمكن طرح الاهتمامات في إطار حوار شامل حول القضايا والاهتمامات المركبة التي تواجه دول المنطقة؛ والتي سوف تكون مخرجاتها مفيدة لكل الأطراف. تشمل المقاربة الشاملة التنمية الاقتصادية، التعليم، الاستثمارات، التجارة، الثقافة، السياحة، والتبادل الثقافي والعلمي. تملك الدول الأوربية خبرة كبيرة في التنمية الاقتصادية وبناء المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية، التي بإمكانها أن تقدمها كمقابل للمساعدة التي يمكن أن تقدمها دول شمال إفريقيا حول الهجرة. صحيح أن نقل الخبرة والمساعدة الفنية في التطوير الاقتصادي لابد لها من مقابل ذو قيمة بالنسبة للاقتصاديات الأوربية، والحل في ذلك هو تبني الشراكة المربحة للطرفين المتضمن حل مشكلة الملكية، نقل الأموال، حركة الأفراد، براءة الاختراع، والمعايير الثقافية والسياسية.
إذا أخذنا مثال الجزائر، فإن المشكلة المستمرة والجدية التي تواجه البلاد منذ الاستقلال هي استمرار الاعتماد على الاقتصاد الريعي وعدم القدرة على تخطي عقبة تنويع مصادر الدخل، بسبب عدم القدرة على تحويل الاقتصاد إلى المستوى الإنتاجية وامتلاك معايير الجودة وشروط المنافسة؛ عندئذ يكون تركيز النظر على ما يمكن أن يقدمه الأوربيون في هذا الشأن كمقابل للمساعدة على الحد من الهجرة. إذا استطاع الأوربيون المساعدة على تقوية الاقتصاد الجزائري فإن ذلك سوف يعمل باتجاه امتصاص الهجرة قبل أن تصل إلى أوربا. وهكذا الأمر بالنسبة للدول الأخرى.
إذا أرادت أوربا وشمال إفريقيا حل مشكلة الهجرة، يجب أن يكون ذلك في إطار المقاربة الشاملة، وليس حول اعتراض حركة الهجرة وتشييد محتشدات في الصحراء لتجميع المهاجرين وإعادة الترحيل إلى بلد المصدر.

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button