دراسات قانونية

محاضرات في حقوق الإنسان والمواطن

“إعلان حقوق الإنسان والمواطن”، هو الإعلان الذي أصدرته الجمعية التأسيسية الفرنسية في جلساتها أيام 20، 21، 23، 24، و26 آب/أغسطس 1789 بعد شهرين من النقاشات في إعلان قطيعة مع النظام القديم بعد الثورة الفرنسية وقبل سقوط الملكية.

هذا الإعلان معروف باسمه: “إعلان حقوق الإنسان والمواطن”. ليس حقوق الإنسان كإنسان وحسب بل الإنسان كـ”مواطن” . citoyen

يجد هذا الإعلان مصادر إلهامه في فكر التنوير (جان جاك روسو، فولتير، مونتيسكيو، ديدرو، لوك والفيزيوقراطيين) وهو يشكل نصف المعبر الضروري إلى دستور مؤسس للدولة والمجتمع بالمعنى الحديث. الحقوق الطبيعية تنال أكمل صيغة أوربية ولو أن بعضها جرى تغييبه (ويمكن القول بقراءة تاريخية، تأجيله للنص الأكثر تفصيلا والأقل شهرة، الذي صدر في 23 حزيران/يونيو 1793) بسبب التوازنات الداخلية وعلاقة المجلس بالملك.

استفاد الفرنسيون من إعلان فرجينيا للحقوق (12 حزيران/يونيو 1776) وإعلان الاستقلال الأمريكي (3 أيار/مايو 1776).  وقد جاء هذا الإعلان ليجسد فكرة العقد الاجتماعي عند روسو ومن قبله هوبز في أقوى مضامينه. ومن الضروري التذكير بتصويت النواب بعد يوم على قضية في غاية الأهمية  تعطي فكرة عن النسبية عند المشرع ومبدأ المشروع غير المنجز عند المصوتين عليه: ” تعترف الجمعية التأسيسية بأن إعلان حقوق الإنسان والمواطن لم ينته، وأنها ستهتم دون أي تساهل بموضوع الدستور، وإن كان في أثناء النقاشات، قد برزت عدة مواد تستحق أن تكون في هذا الإعلان، فإنها ستوضع للنقاش والتصويت عند الانتهاء من الدستور. وعليه، فهي في تصويتها اليوم، تعتمد المواد التي شكلت موضوع توافق”.

كان الهم الرئيسي للمشاركين تصفية النظام القديم وممارساته القمعية وتثبيت الحقوق الطبيعية في نص نابع عن سلطة من سلطات الدولة وليس مجرد أفكار يدافع عنها المثقفين والحقوقيين والسياسيين. ومن أجل الحصول على موافقة الملك، حمل النص الذي قدم له عنوانا آخر: “إعلان حقوق الإنسان في المجتمع”.

 جاء لهذا الإعلان النقد من يمينه ويساره، فثمة من رفض الفكرة واعتبرها خطوة لضرب الملكية، وثمة من اعتبر الإعلان نصوص مجردة لا تتناول المشكلات الحقيقية للشعب الذي يحتاج لحقوق اقتصادية واجتماعية ملحة. لكن التاريخ لا يتوقف عند موضوعات تصبح بعد عقود وقرون تفاصيل تنتمي لروح الحقبة. ورغم صياغة نص أكثر تفصيلا بعد أربع سنوات (من 35 مادة)، يؤسس لحقوق اجتماعية تجاور السياسية والمدنية، كما يتناول مبدأ المحاسبة في جنوحات السلطة ويؤكد على حق المواطنين في التمرد على السلطة الجائرة وحق المقاومة وحق التأهيل مع التأكيد على حق السعادة العامة للناس، بقي لهذا النص قوته الرمزية الأكبر.

لا شك بأن انسجام هذا إعلان 1789 مع المبادئ الليبرالية وعدم تعرضه لتفاصيل جاء عليها إعلان 1793، قد ساهم أيضا في جعله مرجعا مشتركا لعدد كبير من الأوربيين، الأمر الذي لم يحرم الأخير من لحظات ذهبية كما في ربيع 1848 وولادة الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان في 1898.

ترجم النص للعربية ثلاث مرات أولها قام بها فرح أنطون عام 1901 وهي التي نعتمدها مع ترجمة خاصة للمقدمة.

تحميل المحاضرات

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى