مراجعة لكتاب سورية الجنرال أسد – Daniel Le Gac

 

يأخذ هذا الكتاب أهمية خاصة في هذه المرحلة السوداء من تاريخ سورية التي تشهد تدميرًا ممنهجًا من قبل آل الأسد؛ إذ يلقي الضوء على عقدين من حكم الأسد الأب، أي مرحلة التأسيس، ومرحلة مصادرة الدولة السورية، والاستحواذ على المجتمع السوري، وبناء الآلة القمعية لإخضاع المجتمع مرة واحدة إلى «الأبد».
أسهمت هذه الدراسة -ربما- في فهم آلية عمل النظام وأساليبه، للإمساك بمفاصل الحياة جميعها، والتلاعب بها، وتسخيرها لخدمة حفنة من النخب الحاكمة التي باعت ضميرها وأخلاقها، وبرعت بالكذب والفساد والتملق والمدح والتمجيد وخلق آلهة ممسوخة تعبدها، وتفرض على الشعب السوري أن يعبدها أيضًا.

أبرز الأفكار التي وردت في الكتاب:

  • زعماء وقادة من العالم قدروا هذا الجنرال رغم ضعف الامكانيات..
  • الغرب يتجاوز قدرة الأسد في اللعب على التوازنات سواء في لبنان أو المنظمات الفلسطينية وحتى الحالات الشديدة الدموية كمجزرة حماه وتدمر..
  • أكيد أن الأمر لا يتعلق بالثروات الطبيعية المتواضعة للبلد..
  • ثم يتكلم المؤلف كثيرا عن قدرة الجنرال على الخروج من المآزق الداخلية والدولية بمنتهى الواقعية والذكاء..
  • ناقلا عن أحد المعارضين قوله : ( الأسد هو المكيافيلي الوحيد في تاريخ سورية )!
  • همه الرئيسي البقاء في السلطة, ودغدغة نزعة ( الأنا ) عنده من خلال التركيز على السياسة الخارجية وتجاوز الداخلية..
  • يتكلم الكاتب مطولا عن حياة السوريين اقتصاديا واجتماعيا..
  • بعد أن يتكلم عن الفرق بين السياسة الزراعية عنده وعند صلاح جديد, يقول: ( قديما كان صغار الفلاحين يموتون جوعا بينما الشعب يأكل بشراهة, الآن أغتنى الفلاحون لكن الشعب جائع )!!!
  • النظام وعد الفلاحين بتحسين أوضاعهم وأراضيهم, لكن تم استغلالهم بوظائف الدولة والجيش!
  • يتكلم عن تطور ملحوظ في أمور داخلية, لكن للفساد الحضور الأبرز, فالجامعات مثلا زادت, لكن طلبة تحولوا لجواسيس!
  • يتحدث عن الوضع البيئي السيء والخطير للبلد..
  • يتكلم عن نشأة الطائفة النصيرية, وأثر الأمراء الحمدانيين بانتشارها..
  • الصراع الشرس بين العلويين والإسماعيليين, جعل فرنسا تقف حكما بينهما, لكن فيما بعد ونتيجة تعنت العلويين ( ومنهم صالح العلي ) تم لهم الحكم الذاتي تحت الانتداب عام ١٩٢٠م
  • غير أن التخلف التاريخي للعلويين وعدم جهوزيتهم للإدارة والحكم تم ضمهم لسوريا..
  • وحين قام السوريون بالضغط للاستقلال , أرسل وجهاء العلويين – ومنهم والد حافظ الأسد وبدوي الجبل – رسالة لحكومة فرنسا تطالب ببقاء الاحتلال خوفا من السنة والإسلام والمدن الكبرى, ومشبهين وضعهم باليهود ” الطيبين ” بين الفلسطينين (المؤلف ذكر الرسالة كاملة, وقال هي مؤرشفة بوزارة الخارجية الفرنسية)
  • الاستعمار الفرنسي اعتبر العلويين لأول مرة مواطنين كاملي الحقوق بخلاف الحقبات التاريخية السابقة!
  • وهذا يوضح ضراوة العلويين ضد الإسلاميين الذين يريدون إرجاعهم لما قبل الاستعمار الفرنسي.
  • في القومية العربية وجد العلويون متنفسا للتعبير عن ذاتهم..
  • العلوي بخلاف بقية السوريين يشعر بأنه محتقر , فيلجأ إلى الدين ليعطيه شعور أنه ( مختار )!!
  • أحد المستشرقين رأى أن العلويين يعود معتقدهم لأقدم الديانات السامية المتفانية التي لا يوجد فيه حضور إلهي!
  • عند الانتداب لم يكن هناك محاكم شرعية عند الطائفة العلوية, فحاولت فرنسا إيجاد ذلك وفق النموذج السني, فلم تفلح, فاستقطبت قضاة شيعة من لبنان, فجاؤوا مؤقتا وعلموا العلويين القضاء, وهذا – كما يرى المؤلف – ما مهّد لاحقا القرب بين حافظ الأسد ومنظمة أمل!
  • استطاع حافظ الأسد أن يستقطب أبناء طائفته (على اختلاف منازعهم) بشكل مصلحي, مما جلب له مشاكل من بقية مكونات الشعب وكذلك من طائفته..
  • يرى المؤلف أن الجماعات والأفراد المنتظمون تحت قيادة قوية هي من تضع القانون في أرض العلويين.
  • كان حافظ الأسد في شبابه قوي البنية, لا يتردد بضرب الشرطة خلال المظاهرات السياسية, وكان يحمل في جيبه دائما سكِّينا!!
  • هو الرجل الوحيد الذي استطاع بناء جهاز مخابرات له وليس للدولة, ولم يكن حينها إلا وزير دفاع !!
  • يتكلم المؤلف مطولا عن الصراع بين صلاح جديد وحافظ أسد, وكيف أن الأول اعتمد على البعث والمدنيين والثاني اعتمد على الجيش, ونقل الضباط المحسوبين على جديد!
  • يذكر صفات الجنرال الجسدية والطبعية ثم يذكر حدة غضبه أحيانا , فمثلا عام ١٩٧٠ صفع أحد مسؤولي البعث بسبب اقتراح له!
  • .. الحقد في نفس الأسد يستطيع أن يقوده إلى أخطاء سياسية.. وعندما تكون سلطته معرضة وعندما تكون الدولة – ويعتبر نفسه الدولة – مهددة يبقى غير قابل للين.
  • لقد برهن عدة مرات على استهانته بشعبه حين يقمع بوحشية لا تصدق أكثر من مرة مظاهرات شعبية..
  • حين مرض الأسد بمرضه الشهير عام ١٩٨٤م ودخل في غيبوبة موت, أخذ نفوذ رفعت يتمدد, لكن نفوذه جوبه بمجموعة ضباط , أحدهم علي دوبا الذي لقوته ” فرض ” لاحقا على حافظ أن يحجم أخاه وينفيه !, وحين طلب حافظ من ضابط سوفيتي كبير الوساطة لدى دوبا ببقاء رفعت في سورية , أجاب دوبا : إن أراد ذلك فليغادر أخوه حافظ معه, إنه خائن, إنه جاسوس أمريكي!!
  • في عام ١٩٧٧ ضاقت على الأسد أمور سياسية فعرض المشاورة على معتقليه السياسيين كصلاح جديد ورياض الترك فقوبل بالرفض منهما!
  • يحكي المؤلف الشيء الكثير والمهم جداااا – والذي يصعب تلخيصه لأهميته – عن تدخُّلات حافظ الأسد بلبنان..
  • الجنرال استفاد من تدخلات جيشه في لبنان لكي يشغل ضباطه بهذا البلد الجميل والغني!
  • لقد شبهه بعض الساسة الغربيين ” التافهين ” ببسمارك كاستراتيجي رفيع, لكن الفرق بينهما أن الأسد قسّم العرب ودمر جزئيا المجتمع المدني السوري!
  • يتكلم المؤلف طويلا عن علاقة النظام السوري بإيران والعراق, وكيف أن الجنرال تعامل مع إيران بحذر ووفق مصالحه.
  • في شباط ١٩٨٧ قام النظام بذبح ٢٠ شابا من حزب الله اللبناني لكي يطرده إلى الضاحية تاركا بيروت لحركة أمل..
  • الجنرال يكره صدام كثيرا, ويتمنى إزالته من الحكم, لكن يفضل بقائه حاكما إن كان خليفته أحد ملالي إيران!!
  • يحاول المؤلف كثيرا تأكيد أن الجنرال واقعي ومكيافيلي ورجل دولة لا أيديولوجية وليس تابعا للسوفيت كما تظن أمريكا..
  • الجنرال لايتطلع لدولة فلسطينية بقدر مايتطلع لسورية الكبرى بها محافظة فلسطينية يحكمها هو!!
  • قديما كان السوريون يتطلعون لدولة العروبة, لكن في عهد الجنرال تخندق الشعب وراء الطائفة, واسرائيل لها المصلحة في بروز دولة الطوائف..
  • وسائل الإعلام الغربية – متشجعة بالقادة السياسيين – جعلت من الوحشية غير المعقولة للنظام ومستوى الفساد الذي يفوق أحيانا الإدراك شيئا خياليا!! .. فهو الذي يجسد الاستقرار لمنطقة دائمة الغليان.. وشريكا مناسبا لأمريكا..
  • على الساسة الغربيين المعجبين بالجنرال العيش في سورية لمعرفة حقيقة العنف الشرس للنظام..

*  تعليقي على الكتاب:

  • كتاب مهم جدا عانيت من صعوبة في تلخيص أهم نقاطه, لأن الكتاب البالغ (٣٢٢) صفحة كله مهم.
  • مؤلفه صحفي فرنسي, خشي من ذكر اسمه فذكر اسما مستعارا!!!
  • تحدث عن جوانب مجهولة لنا من حياة حافظ الأسد الشخصية والطائفية والحزبية والعسكرية والسياسية..
  • وعن مشاريعه وخططه , وعن نجاحاته وأخفاقاته..
  • وعلاقاته بمصر والعراق ولبنان وإسرائيل والخليج..
  • بتحليل جيد ومصادر معتبرة.
  • كل ذلك حتى عام 1991 م فقط.
  • الكتاب في بدايته تظهر فيه لمحات قد تذكرنا بمنهج ” باتريك سيل ” حينما تكلم عن الأسد, فهو يصفه بالديكتاتور لكن يبرر له بأن هذا شيء طبيعي في العالم الثالث حين يُجابه الحاكِم المخاطر!! لكن في نهاية كتاب “لوغاك” يتضح الأمر , لأنه في البدايات حين تساءل عن سبب إعجاب الغربيين به, قال  في النهايات – بعد السرد الطويل لطغيان الجنرال وتجبره على شعبه -: “إنّ على هؤلاء الساسة والدبلوماسيين أن يسكنوا في داخل البلاد ويعيشوا المعاناة ليصح حكمهم”.
  • كما أن نظرتي الأولية عن الكتاب ذهبت إلى الظن بوجود أثر النظرة الفرنسية حول مستعمراتها السابقة, باعتبارها قد تركتها كنظام سياسي وجيش وكل ما هو قابل للاستمرارية بشكل مقبول, متذكرا فيلما وثائقيا فرنسيا, بُثَّ قبل الثورة يتحدث عن بشار وعائلته وحكمه ونظامه, ولم يكن إلا مادة تسويقية!
  • لكن بالمجمل الكتاب يقرأ بتمعن كلمة كلمة لتحقيق الفائدة, وأهميته تكمن برأي كونه شاملا, مما يجعله مختلفا عن كتاب الهولندي نيكولاس فاندام – الذي عرضته في صفحتي سابقا – لأنه توصيفي يعتمد الاحصاءات والارقام, مركزا على الجيش بالدرجة الأولى..

 

أهم أفكار الكتاب والتعليق عليه بقلم: الباحث علاء البيطار

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button