مستويات التحليل في العلاقات الدولية ونظرية المركب الأمني الإقليمي
الذي طرح هذا المصطلح هو باري بوزان في كتابه “الشعب، الدول، والخوف: مشكلة الأمن القومي في العلاقات الدولية People, States, and Fear : The National Security Problem in International Relations”[2]، وكان إشارة منه إلى بداية التحول في مضمون المفاهيم التقليدية لقضية الأمن في تحليل العلاقات الدولية؛ لتنتقل من المستوى الوطني إلى المستوى الإقليمي. لا شك أن هذا المفهوم لم يتنصل تماما من الأساس الواقعي في اعتبار الدول أطرافا أساسية أو أحادية في العلاقات الدولية؛ لكن يركز في المقام الأول على الديناميكيات الأمنية التي تخترق الحدود الوطنية للدولة بحيث يصبح الاستقرار الأمني المحلي محددا بما يحدث في المنطقة الإقليمية التي تحيط بالدولة.
في مقابل ذلك، يرى بوزان وويفر أن الكثير من الخاصيات الجوهرية للدول التي اعتمد عليها الواقعيون في تحليل العلاقات الدولية وفهم السياسة الدولية لم تعد لها نفس الأهمية في إنتاج الديناميكيات الأمنية. فالتباين في القوة والموقع الجغرافي والقدرات الطبيعية والبشرية لا تتدخل كثيرا في تحديد ثقل الدولة وتأثيرها في العلاقات الأمنية الإقليمية، فباكستان لا تقارن مع الهند من حيث القوة العسكرية والثقل الديمغرافي والعمق الجغرافي؛ إلا أنها طرف أساسي أو أحد القطبين في إنتاج الديناميكيات الأمنية الإقليمية بحيث أن الاستقرار أو عدم الاستقرار في جنوب أسيا متوقف على العلاقات الأمنية الهندية الباكستانية.