دراسات سياسية

مصر وفقدان الدور – وليد عبد الحي

بعد مراجعة متأنية لنماذج القياس الدولية والتي تستخدم مئات المؤشرات المركزية والفرعية من سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وتكنولوجية وبيئية ..الخ ، اتضح لي أن حادي العيس العربي(مصر) قد تراجع خلال العشر سنوات الماضية 20 منزلة من منازل ترتيب الدول، وقد تبين من خلال نتائج القياس ما يلي:

1- تحتل مصر المرتبة 142 من بين 178 دولة في المعدل العام للمؤشرات المركزية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
2- حصلت مصر على علامة 26.08 من مئة في المعدل العام لكافة المؤشرات مثل: المؤشرات السياسية( مستوى الشرعية السياسية للنظام السياسي ومستوى الخدمة العامة لمؤسسات الدولة ودرجة تطبيق القوانين ومراعاة حقوق الانسان ومستوى تدخل الاجهزة الامنية في الحياة العامة وتنامي دور النخب الفئوية او الطائفية او المذهبية ومستوى تدخل القوى الخارجية في سياسات الدولة) والمؤشرات الاقتصادية (مستوى الفساد الاقتصادي ودرجة التباين في مستويات الدخل بين افراد المجتمع والفروق في الدخل بين الطوائف والمذاهب او التنوعات الاجتماعية أو الاقاليم الجغرافية للدولة ودرجة تراجع الوضع الاقتصادي كالناتج الاجمالي والصادرات والواردات والديون..الخ) والمؤشرات الاجتماعية( الضغط الناتج عن الزيادة السكانية، النزوح داخل الدولة من مكان لآخر، مستوى التذمر المجتمعي نتيجة الجريمة او الفساد الاخلاقي..الخ ثم هجرة الكفاءات )
3- عند قياس مؤشرات العسكرة (( militarization index يتبين ان مصر تحتل المرتبة 26 بين 152 دولة، ويتم قياس معدل العسكرة من خلال قياس نسبة الانفاق العسكري قياسا لاجمالي الناتج المحلي وقياسا للنفقات على الصحة وعدد الاطباء قياسا لعدد القوات المسلحة ونسبة الاسلحة الثقيلة قياسا لعدد السكان.
4- معدل نسبة السكان الذين يتعاطون المخدرات في مصر- طبقا لبيانات وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية ” غادة والي ” عام 2018 هو حوالي 10% من السكان وهو ما يعادل ضعف المعدل العالمي، والملفت للنظر ان 40% من المدمنين على المخدرات هم من الذين تقل اعمارهم عن 35 سنة(أي شباب المجتمع).
5- تحتل مصر المرتبة 110 بين 189 دولة في مؤشر التنمية البشرية لعام 2018، وهو مؤشر يتضمن التعليم ومعدل العمر..الخ، والملاحظ ان المؤشر في مصر لم يتقدم منذ 2010، بل انه بين 2013 و 2018 تراجع الى مستوى دون عام 2010.


عند الوقوف امام هذه المؤشرات المرعبة، أتذكر خطاب السادات عام 1977 والذي وعد فيه ان تكون مصر ” كالنرويج” وتبنى الأخوان علي ومصطفى أمين في جريدة الأخبار المصرية الترويج لفكرة ان الحرب مع اسرائيل هي المسئولة عن “فقر مصر”، وها هي مصر في حالة سلام مع اسرائيل منذ اربعين عاما(توقيع معاهدة السلام) ولم تبلغ حتى مستوى أغلب الدول الافريقية.
وعند متابعة الاعلام المصري والأفلام المصرية المعاصرة تشعر ان مشكلة مصر الوحيدة هي الحب والغرام والسهر والرحلات..”، يضاف لها الضحك ..لكنه حقا ” ضحك كالبكا” كما قال المتنبي.
لقد مرض وتاه ” حادي العيس”، وهو يعيش انفصاما بين زهو يشحنه التاريخ الحقيقي والمزخرف وبين واقع يعج بالفساد والفقر والمخدرات والعسكرة والمنزلة المتأخرة جدا حتى بين المتخلفين…وها هو ” حادي العيس” ترك موقعه ودوره وسلمه لقرى الخليج فضاع العيس كله وتاه…ربما.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى