معضلة المخدرات و تداعياتها على الأمن المجتمعي

 إن تعاطي المخدرات والإدمان عليها يعتبر من أخطر المشاكل التي يواجهها الشباب في العصر الحديث. فبعد أن كان هذا المشكل خاصا بالمجتمعات الصناعية المتقدمة أصبح مشكلا عالميا تعاني منه جميع الدول بما فيها دول العالم الثالث أو ما يسمى بالدول النامية أو الدول المتخلفة. حيث بدأت تنتشر في مختلف المجتمعات وبشكل لم يسبق له مثيل حتى أصبح خطرا يهدد الصغير والكبير بالانهيار.

ويعتبر الشباب الشريعة الاجتماعية الأكثر تعرضا لهده الآفة الخطيرة حيث أن الشاب يعبث بما أنعم الله عليه به، كعبثه بصحته، وعقله وطلك بأن يقوم بتناول هذه السموم القاتلة التي تذهب بعقل المرء وتجعله لا يتحكم في تصرفاته، فتجعله كالبهيمة لا يعقل ما يفعل، كما تؤدي إلى تدمير صحته، فتحيله للإصابة  بآفتك الأمراض، هذا على النطاق الخاص، أما على نطاق الأسرة والمجتمع الذي يعيش فيه فهي تدفعه في أخف الحالات إلى ارتكاب أبشع الجرائم كالقتل والاغتصاب…الخ

         فهي تؤدي به إلى دمار كبير، وإن قلنا أنها تؤدي إلى دمار أكثر مما تؤدي به الحروب من دمار لا نكون قد ضخمنا الأمر.

         ونظرا لانتشار هذه الآفة وازدياد حجم تعاطي وإدمانها وترويجها، فقد أصبحت مصيبة كبرى ابتليت بها مجتمعاتنا تنافي في الآونة الأخيرة، وإن لم نتداركها ونقضي عليها ستكون بالتأكيد العامل المباشر والسريع لتدمير مجتمعنا وتقويض بناياته، لأنه لا أمل ولا رجاء ولا مستقبل لشباب مدمن على هذه السموم الفاتكة.

         من أجل هذا وغيره وجب على جميع أفراد المجتمع التصدي لهذا المرض العفن، وقلعه من جذوره بالرجوع إلى تعاليم ديننا الحنيف وإلى أخلاق سلفنا الصالح من كرم وشجاعة وصدق لكي نعود كما كنا أمة سباقة إلى  كل ما هو مفيد، ولا يكون هذا إلا بشبابنا الصاعد.

     فنسأل الله أن يجعل عملنا هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يأخذ بأيدينا إلى طريق السداد والرشاد، وأن يهدي شبابنا إلى صواب الطريق، وأن يحمي أوطاننا من هذا الوباء، وأن يوفق ولاة الأمور للضرب بكل قوة عل أيدي المفسدين من المهربين والتجار المتعاطين حتى تسلم أوطاننا، إنه القادر على ذلك ونعم الوكيل.

الفصل الأول: المخدرات وأسباب تعاطيها.

تمهيد:

لقد شغلت مشكلة المخدرات أنظار الباحثين والمفكرين في مختلف بقاع العالم إذ أصبحت معضلة من معضلات هذا العصر التي استعصى علاجها، لاسيما أنها شاعت وذاعت بين الصغار والكبار، والشيب والشباب، فلم تعد مشكلة قوم دون آخر، بل عمت جميع أنحاء العالم.

وقبل استعراض أنواع المخدرات وأسباب وعوامل تعاطيها، لا بد أن نتوقف قليلا عند المفهوم اللغوي والاصطلاحي للمخدر، تمهيدا لقراءة الأوراق القادمة، المتعلقة بأصناف المخدرات وموقف الشرع والقانون منها.

المبحث الأول: تعريف المخدرات لغة واصطلاحا.

لغة مشتقة من الخدر …. وهو ستر يمد للجارية في ناحية البيت، والخدر: الظلمة والخدرة : الظلمة الشديدة، والخادر الكسلان، والخدر من الشراب و الدواء :فتور يعتري الشارب وضعف[1] .

يقال: خدر العضو إذا استرخى فلا يطيق الحركة، وكل ما منع بصرك عن شيء وحجبه عنه فقد أخدره.

وذكر الإمام القرافي في “الفروق” بأن المسكر هو الذي يغطي العقل ولا تغيب معه الحواس …والمرقد هو المشوش للعقل كالحشيش والأفيون وسائر المخدرات التي تثير الخلط الكامن في البدن[2].

وفي اللغة الفرنسية تطلق كلمة مخدر على مواد كيماوية متعددة وحتى تلك التي تباع عند بائع العقاقير التي نستعملها في حياتنا اليومية.

وفي اللغة الإنجليزية تطلق كلمة مخدر DRUG على المواد الكيماوية التي نستعملها يوميا، كما تطلق على النباتات وعلى العقاقير الطبية وكذا على المواد السامة[3].

أما اصطلاحا : فلم نجد تعريفا عاما جامعا يوضح لنا مفهوم المواد المخدرة بوضوح وجلاء، بل هناك مجموعة من التعريفات الاصطلاحية للمخدرات، والتي تتنوع بين الشرع والقانون والطب، فعرفها بعضهم بأنها : “كل مادة يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي مع فقدان الوعي أو دونه، أو تعطي شعورا كاذبا بالنشوة والسعادة مع الهروب من عالم الخيال[4] .

ويعرفها البعض الآخر : “كل مادة تعمل على تعطيل أو تغير الإحساس في الجهاز العصبي لدى الإنسان أو الحيوان، وذلك من الناحية الطبية ،أما من الناحية الشرعية فهي كل مادة تقود الإنسان إلى الإدمان وتؤثر على الجهاز العصبي[5] .

وقد عرف العلماء قديما أنواعا محدودة من المخدرات، منها ما هو مستر ومنها ما هو مرقد، ومنها ما هو مفسد أو مشوش للعقل، ولذلك ذكر الإمام القرافي- رحمه الله- في “الفروق” الفرق بين هذه الأنواع الثلاثة حيث قال : “فالمسكر : هو الذي يغطي العقل ولا تغيب معه الحواس، ويتخيل صاحبه كأنه نشوان مسرور قوي النفس شجاع .

والمرقد هو المشوش للعقل، كالحشيش، والأفيون، وسائر المخدرات والمفترات التي تثير الخلط الكامن في البدن،ولذلك يختلف أوصاف مستعمليها، فتحدث حدة لمن كان مزاجه صفراويا، وتحدث سباتا وصمتا لمن كان مزاجه دمويا، فتجد من متناوليها من يشتد بكاؤه ومنهم من يشتد صمته، ومنهم من يعظم سروره وانبساطه[6].

كانت هذه بعض تعار يف المخدرات التي تضمنتها مجموعة من المراجع حيث يبدوا أن هناك تداخلا عجيب بين تعريفاتها، سواء تعلق الأمر باللغوية منها أو الفقهية أو القانونية… أنها تصب في منحى واحد هو أن المخدرات بشتى أنواعها تحدث الفتور وتعطل وظيفة العقل، وقد لا ينفع معها علاج إذا أصبح الشخص مدمنا عليها كما سيأتي إن شاء الله .

المبحث الثاني: أنواع المخدرات.

وللمخدرات أنواع متعددة يمكن تقسيمها على أساس أصل المادة التي حضرت منها إلى نوعين أساسين : أولهما مخدرات طبيعية تستخدم إما في حالتها الطبيعية أو بعد تحويلها تحويلا بسيطا من الأصل النباتي، أما النوع الثاني فهي المخدرات تخلقية أو مصنعة أو تركيبية،وهي تصنع في المعامل وتأخذ شكل الحبوب أو السوائل أو إلى غير ذلك[7] .

أما النوع الأول وهي المخدرات الطبيعية وهي تشمل أساسا:

1- الحشيش أو القنب الهندي

وقد أطلق عليه المغاربة القدماء اسم :”الكيف” وهو نفسه الذي يطلق عليه الأطباء والعلماء المختصين “القنب” أو “القنب الهندي” أو “الشيرا” وهي نبتة ليست غريبة على أرضنا أو على زراعتنا انتشرت بالجبال والسهول منذ مئات السنين، واستهلكها المغاربة طبيا وترفيهيا منذ مئات السنين أيضا، وقد زرع منذ عصور بعيدة، في الهند والصين والبكستان وأمريكا الجنوبية والشمالية وأنحاء عديدة من العالم……

“وهو عبارة عن ساق وأوراق القنب الهندي والأزهار والثمار موجودة في نهاية العشب ويتم استعماله بعد ما يتم جمع هذه الأجزاء وتفتيتها بعد التجفيف فتقطع الأجزاء صغيرة ويتم ضغطها بشكل قوالب يطلق على هذه القوالب اسم الماريجوانا MARIJUANA[8].

وقد جاء في كتاب أهوال المخدرات في المجتمعات العربية للدكتور عايد علي عبيد الحميدان أن الطبيب العقلي “إيمز” قد قام بتتبع التاريخ القديم للحشيش واهتدى إلى أن كلمة cannabis ترجع بأصلها إلى الكلمة اليونانية korabos ومعناها ضوضاء وهي إشارة الأصوات المرتفعة التي يصدرها المتعاطون[9] .

أما في الواقع المغربي فليس هناك تاريخ محدد لظهور نبتة “الكيف” ولكنها تواجدت بالشمال والجنوب منذ عهود بعيدة،وانتشر تدخينها واستعمالها الطبي بين الأوساط الاجتماعية، منذ عهود بعيدة أيضا .وبهذا الصدد يقول محمد أديب السلاوي في كتابه المخدرات في المغرب وفي العالم أن زراعة “الكيف” في منطقة كتامة بالريف الأوسط تعود إلى القرن السادس عشر. وفي نهاية القرن التاسع عشر تحولت إلى زراعة مكشوفة حيث حصل بعض الفلاحين على تراخيص إدارية لذلك .وأما عن طريقة تعاطي الحشيش فإننا نجد أن أغلب المتعاطين يتعاطونه عن طريق تدخينه في السجائر أو يأكلونه بعد تغطيته بقطع من لسكر أو قد يشرب مع الشاي أو القهوة أو مع بعض الحلويات[10].

ويعتبر التدخين الطريقة الأسرع في التأثير، فعندما يستنشق المتعاطي هذا المخدر فإنه ينتشر بسرعة عبر الرئتين، ثم يمر عبر مجرى الدم، ويحمل إلى المخ فذلك خلال ثوان قليلة، أما عندما يأكل هذا النبات فإن العنصر الكيميائي منه يدخل إلى مجرى الدم عبر الجهاز الهضمي، ثم يحمل إلى الكبد، وهنا تقوم بعض الأنزيمات الخاصة بتفتيته إلى عناصر أخرى تحمل إلى المخ من خلال الجهاز التنفسي”[11] .

2- الأفيون ومشتقاته PIUN :

فقد عرف الإنسان الأفيون منذ ما يزيد عن خمسة آلاف سنة، واعتبره الطبيب اليوناني الشهير “جالينوس” فعالا في مقاومة السم ولذعات الأفاعي، وعلاج الصداع والصرع، وفقدان الصوت والربو، والكحة ،وضيق التنفس والحمى والاكتئاب ….. “وقد كان تمثال إله “النوم” عند الإغريق “هيبنوس” ونفس الإله عند الرومان “سومنوس” يصب عصيرا من وعاء في عيني النائم. أما الصينيون ففي أساطيرهم، أن نبات الخشخاش ظهر عندما سقط جفن “ بوذا” اللذين قطعهما حتى لا ينام” [12].

ويستخلص الأفيون عموما من نبات الخشخاش وهو نبات يصل ارتفاعه إلى متر تقريبا وقد يقل إلى نصف متر أو يزيد فيبلغ مترا ونصف، يحمل أزهارا بنفسجية أو بيضاء جميلة اللون، وأما الثمرة فتكون على هيئة كبسولة مستديرة الشكل تعرف باسم إبر النوم وهي التي يستخرج منها مادة الأفيون بواسطة كشطها حيث يخرج سائل أبيض لزج سرعان ما يتحول إلى اللون البني عند تعرضه للهواء ويترك هذا السائل حتى يصير صلبا متماسكا فيقطع إلى قطع صغيرة أو كبيرة حسب الطلب، أو يسحق مكونا مسحوق الأفيون، وتجمع مادة الأفيون بعد 810 أيام من سقوط الأوراق الزهرية، بحيث لا تكون الثمرة ناضجة، والتي تعتبر المصدر الوحيد لمادة الأفيون[13].

ويشمل الأفيون على مكونات ومشتقات صناعية تستخرج منه كالمرفين والكوديين والهروين .

أما المرفين فهو أكثر مشتقات الأفيون شيوعا وأكثرها فاعلية فهو على شكل مسحوق ناعم اللمس أو على شكل أقراص مستديرة[14] .

وقد استخدم لعلاج السعال والحمى والإسهال والإمساك، وغير ذلك من الأمراض…ومن ثم أصبح العديد من الأفراد مدمنين على الأفيون ومشتقاته أي أنهم أصيبوا بمرض آخر جديد أشد فتكا، وهو إدمان الأفيون ومشتقاته، على الرغم من أنهم بدأوا في تناوله لعلاج بعض الحالات التي قد تكون بسيطة نسبيا كالسعال أو الإمساك ولإسهال مثلا.

ويعد الهروين HEROIN من أكثر المواد المخدرة المؤثرة على المتعاطي وهو على شكل مسحوق أبيض ناعم له رائحة الخل، ويشتق الهروين من المروفين، وقد حظر استخدامه لأغراض العلاج في العلم، وحلت مكانه مسكنات أخرى أقل منه خطورة بل ربما كان الهروين بين سائر المخدرات المعروفة، أقدرها على إحداث الإدمان، ولعل النشوة الغامرة التي يحدثها هي التي جعلته أرفع مشتقات المورفين شأنا في أعين المدمنين على تعاطي المخدرات، والهروين الشائع بين المتعاطين يخضع خلال إنتاجه حتى وصوله لأيديهم إلى التخفيف عدة مرات ويعبأ في أكياس لا يشكل الهروين من محتواها سوى 5% فقط، ذلك أن غشى الهروين هو أبسط وسيلة يلجأ إليها تجار المخدرات لزيادة أرباحهم على حساب المدمنين البؤساء[15].

كما يعتبر الكودايين CODAIN من أكثر المواد استعمالا في الأقراص الطبية في تسكين الآلام، ونادرا ما يدمنه الأفراد لأن إدمانه يقتضي تعاطيه لمدة طويلة .

أما بخصوص طريقة تعاطي الأفيون ومشتقاته فيتم تعاطيه من خلال الاستنشاق من الأنف أو التدخين بالفم ،أو بالاستحلاب تحت اللسان أو بابتلاعه مع الماء أو القهوة أو الشاي أو بالحقن في الوريد بعد إذابته في الماء الدافئ[16] .

3- القات:   

وهو نبات على شكل شجرة قصيرة تشبه شجرة الشاي تنمو في إفريقيا لاسيما في الحبشة وكينيا وكذلك في اليمن، وتنمو في ظروف مناخية ملائمة لزراعة شجرة البن، وقد عرفت قبل شجرة البن إلا أنها أكثر ربحا، فهي لا تحتاج إلى رعاية وتكلفة في الحصاد وتعرية الثمار[17] .

وشجرة القات من الأشجار الدائمة الخضرة يتراوح طولها بين مترين وستة أمتار وقد يصل علوها على 25 مترا وتتفرع عنها أوراق خضراء تكون في بدايتها صفراء باهتة يصل طولها إلى 9 سنتيمترات، يتناولها المتعاطي بعد القطف فينظفها بقطرات من الماء ثم يقدمها إلى ضيوف المجلس لتبدأ تلك الجلسات الطويلة التي تعرف بالمقيل في الخليج العربي والعديد من الدول الإفريقية[18].

وقد أكد الطب الحديث انه قد أمكن فصل ثلاثة مركبات من القات أحدهما متبلور وهو (الكاثين ) التي تعزى إليه فعالية القات، والكاثين ضئيل الأثر ويشبه لكوكايين في إحداثه نوعا من التنميل، كما أنه يشبه الأدرينالين في تأثيره على الأوعية الدموية التي يضيفها مما يزيد في ضغط الدم والخفة  والنشاط إلا أنه خال من القدرة على التخدير والتسكين[19].

ويتم تعاطيه عن طريق مضغ أوراق النبات الطازجة أو تجفيف الأوراق وسحقها وتحويلها إلى عجينة.

4- الكوكايين:

وهو عبارة عن مادة منبهة تشتق من أوراق شجيرات نبات الكوكا الذي ينمو غالبا في منطقة أمريكا الجنوبية وتعطي هذه النبتة محصولها خمس مرات في السنة وتعيش 40 عاما تقريبا. وقد كان الكوكايين فعلا أحد العناصر الأساسية في صنع بعض أنواع المشروبات الغازية، فقد قام أحد تجار الأدوية بأمريكا بمزج الكوكايين مع السكر مع مستخلص جوز الكوكا لإنتاج ما يسمى بالكوكا كولا لكن في عام 1906 ثم تحريم استخدام الكوكايين في صنع هذا المشروب ويتم استخدام “الكافيين” الآن بدلا منه كمادة أساسية منبهة في كثير من المشروبات الغازية[20].

والكوكايين في شكله النقي مسحوق أبيض بلوري يبدو كالسكر ومن الممكن أن يشبه شرائح الثلج. وأما طريقة تعاطيه فيستنشق كمسحوق أو يحضر على شكل محلول ويحقن، أو يحول إلى قاعدة حرة ويدخن. وتدخين القاعدة الحرة يولد النشوة القوية بعد فترة وجيزة من التدخين لأن العقار يدخل الدم بصورة أسرع مما لو أخذ بواسطة الفم أو الأنف[21].

ويولد الكوكايين من الناحية الدوائية تفاعلين مختلفين لا علاقة لأحدهما بالآخر. فهو أولا يعمل بنجا موضوعيا (مخدرا) يوقف انتشار الإشارات الكهربائية، ويعمل من ناحية ثانية على توليد الشعور بالنشوة والإثارة. وتعتبر هذه التأثيرات الدافع الأول إلى استعمال الكوكايين. لأن هذا الأخير يقوي أسمى ما يصبوا  إليه الإنسان من حب المبادرة ولانجازات، إذ أنه يزود من يستعمله مزيدا من الطاقة والتفاؤل[22].

5- النيكوتين:

لقد اشتق لفظ “النيكوتين” وهو المادة الفعالة الموجودة في السجائر أو التبغ من اسم” جون نيكوت” سفير فرنسا في البرتغال الذي كان مغرما بزراعة نباتات ناذرة وغريبة في حديقته، ومنها نبات التبغ، وقد تعلق به ومدحه للناس .

وتتكيف هذه النبتة مع مختلف الظروف البيئية بفضل قصر دورة نموها، كما تلزمها تربة جافة ومهواة  بشكل جيد. وتؤثر نوعية هذه التربة، وكذا كمية الأمطار التي تنتشر بها النبتة خلال مختلف أطوار نموها على نسبة النيكوتين في أوراقها العريضة وعلى نكهتها وقابليتها للاحتراق[23] وقبل نقل نبتة التبغ إلى المصنع لمعالجته ينشف من أغلب ما فيه من الماء في المجففات التي يتوفر عليها المزارعون غير أن طرق هذا التنسيق قد تكون مختلفة، وتبقى من العناصر التي تساهم كثيرا في تحديد نوعية المنتوج النهائي[24] .

وتجفف أوراقه ثم تقطع إلى أجزاء صغيرة وتعبأ على شكل سجائر أو دخان الغليون والأرجيلة .

ويحتوي التبغ على أول أكسيد الكربون الذي يقلل من قدرة كرات الدم الحمراء على نقل الأوكسجين للأنسجة، والقطران الذي يسبب سرطان الرئة، وقد لجأت شركات الدخان مؤخرا إلى تخفيض وتركيز النيكوتين والقطران  في السجائر باستعمال عدة وسائل[25].

وأما النوع الثاني وهي المخدرات الصناعية أو التركيبية:

وهي المواد التي يتم إنتاجها وتركيبها بطريقة كيميائية داخل المختبرات وهي غير مشتقة من المخدرات الطبيعية. إلا أنها تحدث أثار متشابهة للمخدرات الطبيعية أهمها حالات التأثير العصبي والبدني والإدمان ،وينقسم هذا النوع من المخدرات إلى ثلاث مجموعات: مجموعة المنبهات والمنشطات ومجموعة المهبطات والمثبطات ومجموعة المواد المسببة للهلوسة[26].

 

مجموعة المنبهات والمنشطات:

وتتميز هذه المجموعة من المخدرات في أنها تعمل على زيادة تنبيه الجهاز العصبي مما يؤدي على زيادة اليقظة والوعي وتحمل الأجواء القاسية ومن أهم أعضاء هذه المجموعة: الأمفيتامين والكافين .

أما الأمفيتامين هو عقار إنشائي، يقوم بتأثير واضح في تنبيه وظائف الدماغ وقد ثم صنعه أول مرة عام 1887 واستخدم طبيا ويعطي هذا المخدر شعورا بالنشوة وميلا إلى قلة الشهية والثرثرة وشدة النشاط، بالإضافة إلى شعور بزيادة في القوة العقلية والبدنية[27] .

واستخدم أساسا لعلاج الربو ولنقصان الوزن، وخلال الحرب العالمية الثانية استخدم للتغلب على التعب لدى الجنود الأمريكيين، واستخدمه اليابانيون في مساعدة قادة الطائرات في القيام بمهامهم  الانتحارية[28] .

وأما الكافين هو مثال جيد على مادة تحدت اعتمادا شديد للانتشار بين الناس، وهو منبه موجود في القهوة والشاي ومرطبات الكولا.

والكافيين مادة كيميائية تنتمي إلى مجموعة من عقاقير منبهة قوية تشبه الأمفيتامينات. وهي تزيد التمثيل الغذائي في الجسم وتولد حالة نشاط ووعي كبيرين بالإضافة إلى زيادة نبضات القلب وزيادة ضغط الدم وزيادة متطلبات القلب من الأوكسجين[29].

وأما المهبطات والمثبطات:

وتصنف إلى منشطات ومسكنات، أما المنشطات فهي على شكل كبسولات أو أقراص تأخذ بالبلع أو بالشم بعد خلطها بالهروين، وهي تؤدي إلى مفعول سريع بعد تعاطيها فتجعل الشخص في حالة استرخاء وإذا أخذت بكمية كبيرة فإنها تؤدي إلى ثقل في الكلام ونوم عميق وفقدان الوعي، والمسكنات تكون على شكل أقراص بيضاء مستديرة ولها مشتقات من مواد مختلفة مثل المتولون التي يطلق عليها لفظ شائع هو : “السكاي هوك” والنوبادين التي تسمى في أوساط المدمنين “فانتوم” فضلا عن الماندركس والريفادال

أما المهدئات فهي مجموعة مواد كيميائية مصنعة تسبب الهدوء والسكينة أو النعاس من أشهرها الفاليوم والباربيتورات التي تستخدم في التخدير العام وفي علاج الصرع والأرق….[30]

ومن أهم مخدرات هذه المجموعة: الخمور أو الكحوليات:

فالخمر كل ما خمر العقل، وهو كل ما مسكر اتخذ من العنب أو من سواه. وعند الفقهاء: هو المائع المسكر خاصة سواء أكان متخذا من الثمار كالعنب والرطب والتين ،أو من الحبوب كالحنطة والشعير، أو من الحلويات كالعسل سواء كان مطبوخا أو نيئا وسواء أكان معروفا باسم قديم كالخمر والطلاء أو باسم مستحدث كالعرق والكونياك والشمبانيا والويسكي والبيرة والودكة وغيرها من الأنواع والأسماء الشائعة اليوم [31] .

وقد عرفت الكحوليات أو الخمور منذ آلاف السنين ،فمن بدء ما سجل من التاريخ وقف الناس على تأثير الكحوليات من خلال الملاحظة دون الإلمام العلمي بالتغيرات الجسمانية والسيكولوجية التي تحدث عند متعاطيها. وقد أجريت مؤخرا أبحاثا عن تأثير الكحوليات على الإنسان ليس من الناحية الجسمية والنفسية فحسب، بل  أيضا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية[32].

وأما بخصوص المواد المسببة للهلوسة:

وهي المواد التي تنتج إما من مصادر طبيعية (كصبار السيلوسيب) أو من تركيبات كيميائية المصنعة في المعامل والمختبرات. ومن أشهرها عقار( إل.إس.دي) LSD وهو مركب كيميائي من مركبات حامض الليسرجيك يجري تحضيره في المعامل والمختبرات على شكل سائل عديم اللون والرائحة والطعم. ويمكن الحصول عليه في شكل صلب مع قطع الحلوى[33] ويؤدي هذا العقار إلى اختلالات جسمية وشخصية وبعض الهلوسة وصعوبة في الكلام، مع اختلال في الإحساس بالوقت وتخيلات خاطئة عن الأماكن والمسافات، ويكون المدمن عرضة لاضطرابات نفسية قد تدفعه إلى الانتحار أو الجريمة[34] .

كما يؤدي انقطاع المدمن عن التعاطي قلق وكآبة وخوف شديد من الموت والاعتداء عليه .

كذلك يعتبر الميسيكالين والسيلوسين من المواد المسببة للهلوسة، وهي تكون على شكل مسحوق يوضع في كبسولات للبلع أو يصنع في شكل مسحوق بني داكن معبأ في حقن وينتج عن تعاطيها أوهاما وهلوسة لمدة حوالي ست ساعات[35].

المبحث الثالث: أسباب وعوامل تعاطيها.

إن أسباب انتشار ظاهرة المخدرات وتعاطيها لا يحصيها العد، إذ لكل مجتمع أسباب خاصة في تفشي هذه الظاهرة، فهي نابعة من ظروف العصر وأسبابه الخاصة.

ولقد أسهم الحديث عن أسباب تعاطي الشباب للمخدرات والنتائج المترتبة عن ذلك الأستاذة هبة ضياء في كتابها “في بيتنا مراهق” بقولها : “يلجا المراهقون عادة إلى المخدرات للهروب من مشكلة ما، أو بسبب عدم قدرتهم على التكيف مع التغيرات التي تحدث لهم، وللأسف فإن المنتفعين من تجارة هذه السموم يستغلون فرصة ضعف المراهقين خلال تلك الفترة من حياتهم ويقدمون لهم المخدرات- بلا مقابل أحيانا-وبجرعات مكثفة حتى يضمنوا عملاء جددا …ويوما بعد يوم يزداد عدد المدمنين، وعدد الوفيات من المدمني المخدرات، ويرجع السبب المباشر في ذلك إلى أن المحيطين بالمدمن يتركونه فريسة للموت بدلا من نقله إلى مستشفى أو مصحة للعناية به إذا أصابه مكروه خوفا من استجواب الشرطة لهم ،الأمر الذي يعرضهم ويجر عليهم متاعب لا حصر لها وهذه الوقائع تدل على أن الإدمان يسلب الناس إنسانيتهم[36].

ويقول الدكتور محمد عباس نور الدين في كتابه قضايا الشباب في المجتمع المعاصر: “……كثيرا ما يعاني الفرد في مواقف مختلفة من الشعور بالإحباط نتيجة فشله في تحقيق ما يطمح إليه من أهداف، ويتعمق هذا الشعور كلما اصطدم من صعوبات وعراقيل مما يشعره بالقلق والاكتئاب والعجز. وعندئذ تنتاب شخصية الفرد حالة من عدم التوازن النفسي تجعله يبحث عن حلول بديلة تعيد لشخصيته هذا التوازن، بحيث يحقق الفرد ما لم يستطع أن يحققه في الواقع. في هذه الحالة قد يلجأ الفرد لتعاطي المخدر كي يقطع  صلته بالواقع الذي لم يتح له تحقيق ما يطمح إليه، ويسبح في عالم من الخيال والأحلام يسمح له- ولو عن طريق الوهم والخيال- بإشباع رغباته وطموحاته[37] وفي نفس الإطار يقول الدكتور علي بوعناقة في كتابه الشباب ومشكلاته الاجتماعية في المدن الحضرية ” إن أسباب ظاهرة تعاطي المخدرات الظروف المادية والاجتماعية التي تعيشها شريحة اجتماعية من الشباب من بطالة وأزمات أخرى ، الأمر الذي يجعل إمكانية الانزلاق في بؤرة المتعاطين هينة، في محاولة للهروب والهجرة من الواقع الذي رفضه…..”[38]

والحقيقة أن هناك مجموعة أخرى من العوامل التي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تفشي هذه الظاهرة وسط شباب الأمة .وهي التربية غير السوية من طرف الوالدين، فالطفل كالصفحة البيضاء ترسم فيها ما تشاء فإذا كانت تربيته منذ البداية مبنية على أسس ومبادئ الدين الإسلامي فالنتيجة هي إنسان صالح بإذن الله تعالى، ولا أقصد في قولي بأن كل اللوم يكون على الوالدين فهناك الأسرة والمدرسة والمجتمع ولكن ما أقصده هو أن الطفل أول ما يفتح عينيه يرى أمه وأباه، فإذا وجد الطفل الأب يدخن مثلا وهو يعتبر هذا الأب قدوة له فإنه والحال هذا يكون من الصعب إقناعه بعدم التدخين إذ كيف يستطيع الأب أن يمنع ابنه عن شيء هو يفعله وكما قيل قديما فاقد الشيء لا يعطيه

أضف إلى ذلك الرفقة السيئة، إذا كان الاتصال بقوم منحرفين ومصاحبتهم يؤثر كثيرا على عقل وتفكير الشباب، لأن الرفقة من الحاجات الاجتماعية لكل إنسان، فهي متأصلة من النفس البشرية فإذا  صلحت صلح الإنسان والعكس بالعكس. هذه بعض الأسباب الرئيسية التي تكون سببا في انحراف الشباب، هذا وثمة أسباب أخرى لوقوع الشباب في شبح المخدرات لخصها الشيخ علي الطهطاوي في كتابه النفيس معالم الخيرات بشرح أضرار المخدرات بقوله : “الأمية وضعف الثقافة الصحية وعدم إدراك الكثير من الناس لعواقب تعاطي المخدرات. ومن ناحية أخرى توفر المال الآن في أيدي كثير من الفئات الأمية. سواء من ناحية التعليم أو من ناحية النظافة ومن ناحية ثالثة إمكانية حصول المواطنين على بعض أنواع الأدوية التي يمكن أن تؤدي إلى الإدمان بيسر. وفيما يبدوا سهولة تهريب وتداول كثير من أنواع المخدرات الممنوع تداولها دون إحكام الرقابة واكتمال الإجراءات التي تمنع هذا التهريب وهذا التداول “[39]

فهذه كانت بعض أسباب تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات بين أوساط الشباب على سبيل المثال لا على سبيل الحصر إذ الموضوع أكبر من أن يحاط بهذا البحث البسيط .

المبحث الرابع: موقف الشرع والقانون من المخدرات.

المطلب الأول : موقف الشرع.

 إن الشريعة الإسلامية جاءت رحمة للناس، اتجهت في أحكامها إلى إقامة مجتمع فاضل تسوده المودة والعدالة والمثل العليا في الأخلاق والتعامل بين أفراد المجتمع، ومن أجل هذا كانت غايتها الأولى تهذيب الفرد وتربيته ليكون مصدر خير للجماعة، فشرعت العبادات سعيا إلى تحقيق هذه الغاية وإلى توثيق العلاقات الاجتماعية، كل ذلك لصالح الأمة الإسلامية .

والمصلحة التي ابتغاها الإسلام وتضافرت عليها نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تهدف إلى المحافظة على أمور خمسة يسميها فقهاء الشريعة الإسلامية الضرورات الخمس: وهي الدين والنفس والمال والعقل والنسل.

وإذا كان من الضروريات التي حرص الإسلام على المحافظة عليها حفظ النفس وحفظ العقل، فانه في سبيل هذا حرم الموبقات والمهلكات المذهبات للعقل والمفسدات له فإنه أحدا من الناس لا يشك في أن سعادة الإنسان رهينة بحفظ عقله، لأن العقل كالروح من الجسد. به  يعرف الخير من الشر والضار من النافع، وبه رفع الله الإنسان ففضله وكرمه على سائر مخلوقاته، وجعله به مسؤولا عن عمله، ولا كان العقل بهذه المثابة فقد حرم الله كل ما يذهبه حرمة قطعية .

ومن أجل هذا حرم تعاطي ما يؤدي بالنفس وبالعقل من مطعوم أو مشروب واتفقت سائر المذاهب الإسلامية على تحريم المخدرات بجميع أصنافها، بل أفردت في تحريمها مصنفات عديدة قديما وحديثا.

ومن هذا القبيل جاء في شان أم الموبقات والخبائث (الخمر) فقد تبث حرمتها بالكتاب والسنة والإجماع. ففي القرآن الكريم قوله تعالى: ” يا أيها اللذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأصنام والأزلام  رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون”[40]

وجاءت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك مبينة هذا التحريم ومن هذا قوله:” كل مسكر خمر وكل خمر حرام “[41] .

وإذا كانت الشريعة إنما أقامت تحريمها للخمر على دفع المضار وحفظ المصالح فإنها تحرم كل مادة من شأنها أن تحدث هذه الأضرار أو أشد، سواء كانت مشروبا سائلا أو جامدا مأكولا أو مسحوقا أو مشموما.

ومن هنا لزم ثبوت حكم تحريم الخمر لكل مادة ظهرت أو تظهر تعمل عملها.

يدل لذلك قول الرسول صلى الله عليه و سلم: ” كل مسكر حرام[42] إذ لم يقصد الرسول بهذا إلا أن يقرر الحكم الشرعي وهو أن كل ما يفعل بالإنسان فعل الخمر يأخذ حكمها في التحريم.

وإذا كانت المخدرات كالحشيش والأفيون والكوكايين وغيرها من المواد الطبيعية المخدرة وكذلك المواد التركيبية المخدرة تحدث أثار الخمر في الجسم والعقل بل أشد فإنها تكون محرمة بحرفية النصوص المحرمة للخمر وبروحها ومعناها، والتي استمدت منها القاعدة الشرعية التي تعتبر من أهم القواعد التشريعية في الإسلام وهي دفع المضار وسد ذرائع الفساد .

ومن هذا فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” كل مسكر حرام، ما أسكر كثيره فقليله حرام[43]  وقد نقل العلماء إجماع الفقهاء على حرمة تعاطي الحشيش وأمثاله من المخدرات الطبيعية والمخلقة لأنها جميعا تودي بالعقل وتفسده وتضر بالجسم والمال، وتحط من قدر متعاطيها في المجتمع قال ابن تميمة في بيان حكم الخمر والمخدرات، والأحاديث في هذا الباب كثيرة ومستفيضة جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أوتيه من جوامع الكلم كل ما غطى العقل واسكر ولم يفرق بين نوع ونوع ولا تأثير لكونه مأكولا أو مشروبا على أن الخمر قد يصطبغ ها وهذه الحشيشة قد تذاب في الماء وتشرب وكل ذلك حرام وإنما لم يتكلم المتقدمون في خصوصها ،لأنها إنما حدث أكلها من قريب في أواخر المائة السادسة أو قريبا من ذلك، كما أنه قد حدثت أشربة مسكرة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وكلها داخلة في الكلم الجامع من الكتاب والسنة[44] .

وإذا كان ما أسكر كثيره فقليله حرام كذلك فإنه يحرم مطلقا بإجماع فقهاء المذاهب الإسلامية ما يفتر ويخدر من الأشياء الضارة بالعقل أو غيره من أعضاء الجسد .

المطلب الثاني: موقف القانون.

وأما بالنسبة للقانون يختلف الأمر إذ لا يوجد تعريف لما يسمى مخدرات في القانون بينما نجد التعريف اللغوي والفقهي واضحين تمام الوضوح تندرج فيه أي مادة لها خصائص معينة.

لهذا تتجه القوانين لإصدار قوائم بالمواد المحرم استخدامها.

والمشكلة في القوانين الوضعية حسب المختصين إن ما يسمى مخدر يعاقب عليه القانون في بلد مالا يعتبر مخدرا يعاقب عليه القانون في بلد آخر.  وعلى سبيل المثال كان الأفيون ومشتقاته من المواد المباح تعاطيها في أوروبا والولايات المتحدة طوال القرن التاسع عشر وفترة من القرن العشرين… وكان الكوكايين يباع في أوروبا والولايات المتحدة كمادة مقوية ومشهية[45] .

وبالنسبة للمخدرات في القانون المغربي فقد حرص المشرع المغربي على وضع مجموعة من النصوص القانونية التي تقوم بمعاقبة كل مظاهر إنتاج وتسويق المخدرات وهي في مجموعاتها تلائم المتطلبات الوطنية والدولية .

فإدارة مكافحة المخدرات تجلت بوضوح الجهاز القانوني المعدل لهذه الغاية فانطلاقا من 1916 بدأت عملية إصدار قوانين المكافحة، حيث صدر ظهير 1916 الذي يعتبر كل حيازة للمخدرات بدون رخصة أو صفة طبية غير مشروعة مخالفة يعاقب عليها القانون،ثم ظهير 1932 ليمنع زراعة الكيف، وليؤكدا معا الصلاحيات التي تملك احتكار زراعة وتصنيع وتسويق الكيف والترخيص لبعض الأشخاص القيام بزراعته لحسابها .

فمن الناحية القانونية يعتبر المغرب من بين الدول الحديثة التي اهتمت بموضوع المخدرات وأولته العناية ألازمة، سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد الدولي، حيث اتجه إلى مكافحتها بالقانون. وفيما يلي لائحة القوانين الصادرة في هذا الموضوع انطلاقا من سنة 1916 كما أوردها كتاب الدكتور محمد أوغريس “جرائم المخدرات في التشريع المغربي”:

1- الظهير الشريف المؤرخ في 22 ربيع الأول 1334 و الموافق ل 25/01/1916 المتعلق بالأفيون وما يستخرج منه وما يصنع به وهو يشمل على 32 مادة .

2- الظهير الشريف المؤرخ في 5/11/1919 بشأن ضبط زرع الكيف وهو يشمل على ثمان مواد .

3- الظهير الشريف المؤرخ في 12 ربيع الثاني 1314 الموافق ل 12 ديسمبر 1922 بشأن تنظيم استيراد المواد السامة والاتجار فيها وإمساكها واستعمالها .

4- الظهير الشريف المؤرخ في 12 رجب 1351 الموافق ل 12 نونبر 1932 الخاص بوضع نظام لأنواع التبغ والكيف بالمغرب وقد أدخلت عليه عدة تغيرات .

5- الظهير الشريف المؤرخ في 17 شعبان 1373 الموافق ل 21 أبريل 1954 المتعلق بمنع قنب الكيف بالمغرب،وقد ألغى كل المقتضيات الخاصة بمادة الكيف والمضمنة بالظهير المؤرخ في 12 نونبر1932 بشأن نظام التبغ.

6-الظهير الشريف المؤرخ في 27 ماي 1954 بشأن الحصول عن طريق وثائق صورية على مواد سامة، والمغير لظهير 2 ديسمبر 1922 في مقتضياته الأخيرة .

7- مرسوم رقم 255083 المؤرخ في 30/6/1956 بشأن منع صوائر مالية للأعوان المكلفين بزجر ترويج مادة الكيف .

8- الظهير الشريف المؤرخ في 30/06/1962 بشأن مصادرة وسائل النقل والأشياء المستعملة في إخفاء المواد السامة.

9- قرار السيد نائب رئيس الوزارة ووزير المالية والسيد وزير الصحة العمومية المؤرخ في 11 يناير 1963 والذي بمقتضاه يمدد إلى المنطقة التابعة سابقا للحماية الإسبانية وإلى منطقة طنجة التشريع المتعلق بالقنب الكيف والجاري به العمل في المنطقة الجنوبية .

10- الظهير الشريف المؤرخ في 28 ربيع الثاني 1394 الموافق 21 ماي 1974 بشأن الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين عليها .

11- المرسوم المؤرخ في 19 شوال 1397 موافق 3 أكتوبر 1977 والذي بموجبه أحدثت اللجنة الوطنية للمخدرات.

وقد استهدفت المقتضيات القانونية المغربية ردعا للذين يمتهنون المتاجرة في المخدرات والعقوبات المستحقة صارمة في هذا الشأن إذ يصل الحد الأقصى لعقوبة السجن إلى 10 سنوات كما أن الغرامة قد ترتفع إلى 500 ألف درهم. ويعاقب كذلك على المحاولة والحث على الاستخدام غير المشروع مما يترتب عنه حبس الجاني  من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 500 إلى 50 ألف درهم[46].

الفصل الثاني: آثار المخدرات السيئة.

للمخدرات آثار كثيرة وعديدة فهي خطر اجتماعي داهم وآفة مسمومة وخطيرة تدمر الإنسان وتفتك بصحته وتمتد آثارها من الفرد إلى الأسرة والمجتمع فهي تؤثر على العقل وتوهن الجسم وتضعف القدرة الاقتصادية وتحط من الإنتاج وتؤثر على التنمية فضلا عن أنها تجعل الدولة فريسة لأعدائها الذين طالما تعمدوا استخدام هذا السلاح(المخدرات) في كسر شوكة الشعوب وتهديد قيمها والقضاء على مقاوماتها وتقويض كيانها الداخلي للنيل منها وإخضاعها. وسنحاول من خلال هذا الفصل إن شاء الله تسليط الضوء على الأضرار الصحية والاجتماعية والاقتصادية للمخدرات على سبيل العرض وليس على سبيل الحصر.

المبحث الأول : الأضرار الصحية :

يتوقف مدى التأثير الصحي للمخدرات على عوامل كثيرة منها الحالة الصحية للمتعاطي وبناءه الجسدي، وتركيب شخصيته وحالته النفسية، وأيضا نوع المخدر ونسبة المادة الفعالة فيه وجرعته المتعاطاة، ودرجة الإدمان للمتعاطي وطريقة التعاطي، فضلا عن الظروف الاجتماعية والبيئية المحيطة بالمتعاطي نفسه.

وعموما يمكن أن نشير إلى أهم الآثار الصحية المدمرة التي تشترك بها كافة المخدرات.

فالإدمان يؤدي إلى ضمور الدماغ الذي يتحكم في التفكير والإرادة وتؤكد الأبحاث الطبية أن تعاطي المخدرات ولو بدون إدمان يؤدي إلى نقص في القدرات العقلية وإلى إصابة خلايا بالمخيخ بالضمور مما يخل بقدرة الشخص على الوقوف من غير ترنح[47] .

وبهذا الصدد يقول الشيخ سيد سابق في كتابه فقه السنة ” إن من أعظم الأخطار التي تهدد نوع البشر لا بما تورثه مباشرة  من الأضرار السامة فحسب بل بعواقبها الوخيمة أيضا وجلبها لمرض السل، والخمر والمخدرات توهن وتجعله أقل مقاومة لكثير من الأمراض، وتؤثر في جميع أجهزته وخاصة الكبد والجهاز العصبي الذي يؤدي إلى الجنون والشقاوة والإجرام والموت فهي علة الشقاء والعوز والبؤس وجرثومة الإفلاس والمسكنة والذل وما نزلت تلك السموم بقوم إلا أودت بهم بدنا وروحا وجسما وعقلا[48].

فتعاطي الكوكايين والهروين له آثار ضارة ومدمرة على الجهاز العصبي والدموي والعضلي والكبد، ويؤدي إلى دموره وتأكل الغشاء المخاطي للأنف ومع استمرار المدمن في تعاطي المخدرات يصاب بثقب في الحاجز الأنفي وتشوهات بالأنف، مما يؤدي إلى تكوين قشور سميكة بالأنف عند محاولة التخلص منها ينتج نزيف متكرر مما يؤدي إلى ضعف وذبول وهزال المدمن، كما أن جفاف وضمور الأغشية المخاطية يؤدي إلى فقد كامل لحاسة الشم وما يتبعها من عدم القدرة على تذوق الطعام، ويسبب تعاطي الهروين احتقان أغشية دهليز الأنف وانتفاخ الحاجز الأنفي مما يسبب صعوبة واستحالة التنفس عن طريق الأنف، وفي كلتا الحالتين يفقد المدمن وظيفة الأنف كصمام أمان، لوقاية الجهاز التنفسي ولتكييف هواء التنفس من حيث الحرارة والرطوبة. مما يعرض المدمن لالتهابات متكررة في الجهاز التنفسي فيشعر بجفاف في الحلق والتهابات بالحنجرة وبحة بالصوت وسعال مستمر وقد يؤدي إلى نزلات شعبية ربوية مع ضيق التنفس وطنين بالأذنين وتأثير الدورة الدموية لجهاز التوازن بالأذن الداخلية وإحساس بالغثيان والدوار وعدم القدرة على الاتزان خاصة أثناء المشي والحركة[49]   .

ولقد ثبت طبيا أن الخمر يؤدي إلى انقراض عائلات برمتها في الحقب الأول أو الثاني أو الثالث .

أما الأول: فهو قتل الجنين أو فتكها بالطفل بعد الوضع وأما الثاني : فهو أنه إذا سلم الابن الأول فقد يكون عقيما أو قد تخرج منه أطفالا وتلبث أن تقضي نحبها، أو يموتوا أجنة أما إذا ولد أبناء للحقب الثاني فلا شك أن الثالث يولد عقيما، أو لا تعيش أبناءه وبذلك تنقرض الأسرة ولقد تبث ذلك طبيا، وأجريت تجارب كثيرة انتهت كلها بإثبات فعل الخمر وهدمه للأسرة والعمران وذكر أن في المائة ستة وثمانين من شاربي الخمر تنعدم فيهم الحيوانات المنوية فلا يعقبون نسلا .

كما تحدث اضطرابات في ضربات القلب، ويرتفع ضغط الدم ويمكن حدوث اضطرابات مزمنة في عضلات القلب تؤدي إلى فشله في النهاية في القيام بوظائفه الهامة[50] .

فعندما يتناول الفرد نسبة كبيرة من الكحول يكون معرض لأن يصاب بأعراض التسمم الباتالوجي وتظهر هذه الأعراض وبالتحديد إذا تجاوزت كمية الكحول في الدم 0.2 ملغم /للسنتمتر المكعب ومن المؤكد أنه إذا تجاوزت نسبة التركيز 0.5% يكون الفرد عرضة للوفاة[51] .

هذا وقد أكدت بعض الدراسات العلمية أن الخمور تقتل أكثر مما يقتل مرض السل، وأن التدخين يعتبر من ضمن الأسباب الرئيسية للأمراض والوفيات المبكرة[52].

كما أن للحشيش أثار جسدية أجملها الدكتور أحمد بن حجر في كتابه الخمر وسائر المسكرات بقوله: ” أن المسرفين في تعاطي الحشيش لمدة طويلة، تبدوا عليهم أعراض التدهور الصحي،كالنحافة والهزال والضعف العام،وصفرة الوجه أو سواده، وأن الحيوية تقل والقدرة على مقاومة المرض تضعف، وبذلك يصبحون عرضة للمرض كما يكونون أكثر حساسية للتقلبات الجوية من غيرهم. ويصفر الجلد ويجف كثيرا ما يكون مغطى بالقشر، وتصاب الأسنان بالتدهور والتلف ويجف الشعر ويفقد لمعانه[53] .

ويعتبر كذلك الأفيون من أخطر المخدرات لآثاره الفتاكة بالصحة، وإهداره للطاقة ولشدة الاعتماد العضوي والنفسي عليه عند إدمانه، ومن الآثار الوقتية المباشرة للأفيون الاسترخاء والنعاس والرغبة في النوم مع شعور زائف بالنشوة والزهو واستجابة بطيئة في الحركة والكلام،وضعف الإحساس  للمثيرات الخارجية للآلام وللتعب، مع زيادة في التخيلات والطموح وأحلام اليقظة، والاعتقاد بقوة وهمية واختلال في إدراك الزمان والمكان مع الشعور برغبة في القيء واصفرار اللون و شحوب الوجه وإفراز للعرق واحمرار العيون  وضيق حدقتها وارتخاء الجفون وهرشة واكلان وجفاف في الحلق والفم[54].

فأضرار المخدرات الصحية والعقلية لا تحصى ولا تعد فقد أجملها الدكتور ناصح علوان في كتابه تربية الأولاد في الإسلام بقوله ” من المجمع عليه لدى الأطباء وعلماء الصحة أن تعاطي المسكرات والمخدرات تسبب الجنون، وتضعف الذاكرة وتورث أمراض عصبية ومعدية ومعوية، وتشل حدة الفكر والذهن فتحدث آلام في الجهاز الهضمي وتفقد الشهية وتسبب سوء التغذية والهزال والخمول والضعف الجنسي وتؤدي إلى تصلب الأنسجة والشرايين …إلى غير ذلك من الأمراض الخطيرة كالسرطان ومرض فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز) وانتشار الزهري الخطير والتهاب الأوعية الدموية والأوردة …[55].

المبحث الثاني : الآثار الاجتماعية :   

لقد أضحت مشكلة المخدرات من اخطر الأنشطة الإجرامية في العالم وباتت آثارها المتعلقة بالإدمان وانتشار الأمراض الاجتماعية وإهدار طاقة الفرد والمجتمع واستنزاف طاقاته وموارده خطرا يقع على حياة الفرد نفسه وعلى البيئة من حوله.

و مما لاشك فيه أن قضية المخدرات لا تدمر صحة متعاطيها فقط بل ترهق ماله وأسرته ومجتمعه وسوف نسلط الضوء في مبحثنا هذا على أهم الآثار الاجتماعية لهذه الآفة الخطيرة .

فقد تناولت جريدة بيان اليوم تحت عنوان ” استفحال ظاهرة تعاطي المخدرات بمدينة سلا ” موضوع الانتشار المقلق لتعاطي مختلف أنواع المخدرات وسط تلاميذ وتلميذات المؤسسات التعليمية ببلادنا وسلا بخاصة وبالتحديد في الإعدادي والثانوي أصبح هذا الموضوع يؤرق كل الأطراف التي لها علاقة بموضوع التنشئة والتربية والتعليم وعلى رأسها السلطات التربوية والأمنية كما أضحى الجميع خصوصا الآباء والأطر الإدارية والتربوية والفاعلون الجمعويون يتساءلون بنوع من عدم الثقة عن المصير الذي ينتظر طفولة وشباب البلاد وهم يرون الأوضاع التمردية غير المسبوقة التي تعيشها المدرسة العمومية والتخريب الذي يتعرض له العديد من أبناء الشعب المغربي في صحتهم وعقولهم وما يتبع ذلك من انحراف وجرائم ومستقبل مجهول..؟ فالكل يسجل انتشار المخدرات ومظاهر الانحراف لدى تلاميذ وتلميذات المؤسسات التعليمية بشكل خطير[56] هذا وقد أكدت بعض الإحصاءات الفرنسية الصلة بين الخمور وجرائم التشرد والاعتداء على العرض، إذ تبين أن السكارى يمثلون 61.5 % من مرتكبي جرائم الاعتداء على الأشخاص و 37 % من مرتكبي جرائم الاعتداء على العرض     و 80 % من المتشردين والمتسولين، و 60 % من مرتكبي حوادث السير[57] .

كما أن تعاطي المخدرات يعتبر في حد ذاته جريمة فتناولها فيه ضرر كبير فهي تدمر الشخص وتحد من إنتاج المجتمع، وان قال كثير من الباحثين أنها من العوامل المهيئة للإجرام عن طريق إيقاظ ما يوجد من ميل سابق لها وأنها توقظ  في متناولها روح العنف والمغامرة وعدم المبالاة[58].

فقد أصدرت جريدة بيان اليوم بتاريخ 24 مارس 2009 وذلك تحت عنوان ” حبوب الهلوسة تقتل ”  أن شخص لقي مصرعه وأصيب آخرون من بينهم رجل أمن بجروح متفاوتة الخطورة بعد تعرضهم بمدينة الفنيدق لاعتداء شنيع بواسطة سيف كبير من طرف شخص كان في حالة هستيرية وذلك بعد تناوله الكحول وحبوب الهلوسة “[59] .

وفي نفس السياق ذكر الشيخ علي الطهطاوي في كتابه أضرار المخدرات قصة الشاب الذي قتل أمه حيث انهال عليها طعنا بالسكين ومزق جسدها بعد طعنات وذلك بسبب إدمانه على تعاطي الأقراص المخدرة والحشيش بشراهة[60] .

وفي نفس الإطار فقد أصدرت جريدة تمودة عدد 219 ليوم 9 مارس 2009 الجريمة البشعة التي اهتز لها سكان مدينة تطوان ونواحيها وهي قصة الشاب الذي ذبح والدته وأضرم النار في بيتها حيث جاء في اعترافه أنه يستهلك المخدرات ويعيش على جمع التلاشيات ويعيد بيعها للحصول على مبالغ مالية يستعملها في استهلاك مخدر الشيرا[61] .

وهناك أضرار أخرى جانبية للمخدرات نجملها فيما يلي إعطاء المثل السيئ لأفراد الأسرة حيث يقوم المتعاطي أو المدمن بشراء المخدرات بقوته أو بقوت أولاده وأسرته تاركا أسرته للجوع والحرمان،الأمر الذي قد يؤدي بأفراد أسرته إلى السرقة والتسول كما قد يؤدي بزوجته إلى حرمان الأبناء من التعليم أو الحصول على العلاج أو المسكن الملائم .

كما يؤدي تعاطي المخدرات إلى سيادة التفكك الأسري لما يسببه من مشكلات ينتج عنها الطلاق أو الهجر بالإضافة إلى تميز الآباء المتعاطين للمخدرات بعدم احترام زوجاتهم والاعتداء عليهن أمام الأطفال كما يتسم سلوك متعاطي المخدرات بعدم الالتزام بالقيم الأخلاقية في المجتمع وهذا ينعكس على بيوت المتعاطين في ظهور التفكك والانفصال والتنازع بين الزوجين[62].

وأما إذا تكرر تعاطي رب الأسرة للمخدرات فهذا سوف يثير فضول أبنائه ويدفعهم إلى التعاطي كما قد يرسل الآباء أبناءهم لجلب المخدرات من أماكن بيعها ومن المعروف أن الأطفال سريعي التأثر بآبائهم وتقليد أفعالهم.

أضف إلى  ذلك عدم الآمان في الأسرة حيث يكون المنزل  بصفة مستمرة عرضة للتفتيش من جانب أجهزة الأمن الوطني بحثا عما بحوزة الشخص أو ما يحرزه من المخدرات التي يتعاطاها وشعور أفراد الأسرة بعدم الأمان بالإضافة إلى الشعور بعدم قدرة عائلها على حمايتها[63].

هذه هي بعض الآثار الاجتماعية التي تسببها تعاطي المخدرات وهي ليست كل الآثار إذ ثمة آثار أخرى لا يمكن تغطيتها بهذا البحث المتواضع.

المبحث الثالث: الآثار الاقتصادية.    

يؤثر تعاطي المخدرات على الاقتصاد بدرجة كبيرة حيث أن المتعاطي يصرف ما يحصل عليه من دخل، من أجل الحصول على المخدرات، وهذه الأموال تهرب إلى الخارج وبالتالي يضعف الاقتصاد في الدول. كما أن المتعاطي يفقد الكثير من قوته الجسمية والعقلية من جراء تعاطي المخدرات فيؤدي ذلك على ضعف إنتاجه مما يؤثر على الاقتصاد الوطني، كما أن الدولة تصرف الكثير من اجل مكافحة المخدرات عن طريق بناء المصحات لعلاج المتعاطين، كما أن الدول تصرف الكثير لبناء السجون والمحاكم والمبالغ التي تصرف على المسجونين في قضايا المخدرات، إذ نجد انه كان من الأفضل صرف هذه المبالغ الطائلة في تطوير الدول.

وبهذا يقول أحمد بن حجر في كتابه الخمر وسائر المسكرات ” يترتب على الإدمان على المخدرات أضرار اقتصادية يتأثر بها الوطن لأن الإدمان يقلل من كفاية المدمن الإنتاجية مما يترتب عليه إنقاص الإنتاج العام للدولة والإدمان يدعوا الدولة لإنفاق ملايين من الجنيهات لمكافحته رغم حاجاتها إلى هذه الأموال لمشروعاتها العمرانية والصناعية”[64].

وفي نفس المجال تقول الدكتورة عائدة عبد العظيم البنا في كتابها الإسلام والتربية الصحية ” من المستحيل أن يختار مستهلك أن يشتري منتوجا ما تزيد قيمته ما يدفعه فيه عن قيمة الفائدة التي يحصل عليها من ورائه .وعلى هذا النحو فإن على المجتمع أن يتحاشى تلك السلع التي تزيد قيمة الخسارة الاجتماعية الناجمة عن شرائها عن قيمة مكسبها الاجتماعي. وبالإضافة على ذلك ونظرا لأن موارد الفرد محدودة لذا فإنه عادة ما ينفق من دخله في شراء السلع التي تزيد فائدتها على ما دفع فيها داخل نطاق معين وموارد المجتمع هي الأخرى شحيحة لذا فإن اختيارات المجتمع يجب أن تتبع ذات المنهج ومن المؤكد أن أي برنامج أو مشروع لا يستحق عناء التنفيذ إذ لم تكن فوائده تساوي على الأقل تكلفته. وفي حالة ما تكون الموارد محدودة فإن الاختيار بين البرامج والمشاريع يجب أن يبنى على تفضيل تلك التي تدر أكبر الفوائد بالنسبة للتكاليف “[65] .

وقد يؤدي الإدمان على الخمور والمخدرات غالبا ونتيجة للرغبة الجامحة عند أصحابها إلى صعوبة مالية بسبب كثرة استهلاك الكحول مع ضيق الموارد وعدم القدرة على العمل الذي يغطي الإنفاق مما يسبب كثرة الجرائم التي ترتكب ضد الأموال[66].

كما تؤدي المخدرات إلى إهمال المدمن لعمله وعدم التزامه بضوابطه، والخروج على مقتضيات نظامه هذا فضلا عن إقدام نسبة من المتعاطين على تغيير مهنتهم التي يكسبون منها وهو أمر له تأثيره السلبي على كفاءة العمل، وتؤدي أيضا إلى تدهور مستوى طموح المتعاطي وقوة إرادته مكافئته في ممارسته للعمل وإمكانات الإبداع والابتكار لديه، وهي تذهب بنخوة الرجولة والشجاعة والإقدام وتحمل المسؤولية فيصبح المتعاطي غير متفان لعمله وغير مخلص لوطنه معرض للتأثير عليه وجذبه إلى مختلف أوجه الانحراف والخيانة .

كما تساهم المخدرات بشكل كبير في رفع سعر الدولار وتحطيم القوة الشرائية للعملة الوطنية، فقد تبث لدى مباحث أمن الدولة الاقتصادي أن جزاءا كبيرا من عمليات تهريب الدولار للخارج كان بقصد تمويل كميات ضخمة من المخدرات لجلبها لبلدنا سعيا وراء ربحها الفاحش وبلغت قيمة هذه العمليات في بعض التقارير بما يقرب من ثلاثة مليارات جنيه شارك فيها أصحاب مكاتب تصدير وسياحة وتجار ومستوردون  مخدرات سابقون ومهنيون وعمال[67].

فالمغرب مثلا يفقد في حرب المخدرات عدة مليارات أغلبها من العملة الصعبة وتخسر خيرة شباب الأمة الذين تنتهي رحلتهم سريعا مع الإدمان إما الجنون أو الوفاة إلى الضرر لا يقتصر على المدمن فلن يوجد التاجر أو المهرب حسب نظرية العرض والطلب ولا شك أن هذه خسارة كبرى وضرر فادح بالاقتصاد الوطني يتحمل ثقل تبعاته الأمة كلها ويؤدي بها لا محالة إلى التخلف والضعف والإعياء وما يستتبعه كل ذلك من مشكلات جسيمة وأضرار وخيمة كما يعتبر الحشيش من أهم المشكلات التي تعاني منها الإنسانية في هذه الأيام نظرا لتداوله وانتشاره والحقيقة أنه نظرا لظاهرة القلق والصراعات الغريبة التي سادت أخيرا في هذا العالم  وفي فترات الضياع التي يعاني منها الشباب فقد كثر التعاطي بين صغار السن من الطلبة والتلاميذ واجتاحت الشباب ظاهرة استخدام كل ما يبعدهم عن مشاكلهم بالهروب من واقع ومستقبل مظلم .

وبوجه عام يمكننا أن نستنتج جسامة الضرر الذي يمكن أن يصيب الأمن القومي والاقتصاد الوطني كنتيجة مباشرة للتعاطي في ضوء اتساع نطاق انتشار هذه السموم بين مختلف طبقات المجتمع وفئاته المختلفة وبوجه خاص بين الشباب أكثر الفئات قدرة على الإنتاج والعطاء .

  الفصل الثالث: التدابير الوقائية من المخدرات.

تمهيد :

إن الحياة هبة من اله تعالى، وواجبنا هو الحفاظ عليها حيث أمرنا الله سبحانه وتعالى بان لا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة بقوله :” ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[68] والمخدرات التي أصبح تعاطيها متفشيا بين سائر أفراد المجتمع الإسلامي وهي هلاك مؤكد ،حيث أنها تؤثر سلبا على الجسم والعقل، وعن العلاقات بين الأفراد والأسر والمجتمعات، وتعطل من قدرات الشباب على العمل والإبداع والإنتاج وخدمة الأمة .

” وقد استهدفت الشريعة الإسلامية تحقيق سعادة الفرد والمجتمع وتعمير الدنيا ومن ثم جاءت بمبادئ خالدة صالحة لكل زمان ومكان من بينها دفع الضرر ورعاية مصالح الناس في العاجل والآجل وتحريم عوامل الشر والفساد ومن أوليات مقاصد الشريعة حماية الإنسان وحفظ دينه ونفسه وماله وعقله”[69].

وقبل أن نتحدث عن أهم التدابير الوقائية من المخدرات، لا بد وأن نشير إلى أن الوقاية خير من العلاج، ومن بين جوانب هذه الوقاية دور الأسرة في علاج أفرادها من هذه السموم القاتلة وهو ما سنراه في المبحث الأول، ثم البرامج التربوية حول المخدرات من خلال المبحث الثاني، ثم محاربة الدولة للمخدرات في المبحث الثالث والأخير.

المبحث الأول: دور الأسرة في علاج المخدرات :

يعتبر رب الأسرة مركز اجتماعي لأسرته وهو الذي يوفر لها الأمن والاستقرار كما أن الدولة متمثلة بسلطاتها وأجهزتها الأمنية استقرارا للجماعة، توفر لها الطمأنينة فالحلقة متواصلة ومتشابكة ولا يعيش مجتمع بلا استقرار كيانه الرئيسي وهو الأسرة وأفرادها، فواجب على رب الأسرة وأفرادها أن يتكاثف مع قطاعات المجتمع لدرء أي خطر، ومنها شبح المخدرات .

ومن هنا فعلى الآباء والأمهات أن يقوموا بوضع أبنائهم وبناتهم تحت الرعاية الدائمة نصحا وتوجيها وتعديلا لسلوكهم، فإذا ما كانت تربية الابن من الأساس صالحة فإنه من المستبعد أن يخرج ذلك الابن على غير ذلك، فعليه يجب أن يكون الأبوان على قدر من الأخلاق والسلوك الحسن حتى يكون قدوة له .

وبصدد هذا يقول الدكتور محمد بن جمعة بن سالم “على الأسرة القيام بواجبها نحو إعداد النشئ وتربيته وفقا لقواعد الإسلام الصحيحة، بترسيخ المثل العليا في نفوسهم وأن يكون الآباء قدوة صالحة لأبنائهم في الخلق والسلوك، فيجب أن يعطوهم نموذجا وقدوة ذات أبعاد صحيحة ملائمة مع ما هو في المجتمع وما يأمر به الدين من قيم صحيحة وعدم إهمال النشئ بتركه للمربيات فمسؤولية الأسرة هي مجموعة مسؤوليات نفسية واجتماعية، واقتصادية، وتربوية، وقضائية، إذا لم تأخذها الأسرة  بعين الاعتبار جميعها فإنها تحدث خللا في الأسرة[70].

وفي نفس الإطار تقول إحدى الإنجازات الجمعية المغربية للدراسات النفسية. بأن التربية تقوم على أساس توفير التنمية المتكاملة أكثر ما يمكن لكفاءات كل شخص في نفس الوقت كفرد وكعضو في مجتمع أساسه التضامن.ولا يمكن فصل التربية على التغيير الاجتماعي، فهي إحدى القوى التي تحسم هذا التغير. ويجب أن يعاد النظر باستمرار في غرض التربية وطرائقها كلما تنامت معارفنا حول الطفل والإنسان والمجتمع[71]  .

فالرقابة المستمرة ومراقبة أي تغيير في سلوك الأبناء وتصرفاتهم وطباعهم له دور هام للأسرة بغية التقاط بوادر الانحراف والإدمان عند أبنائهم وخصوصا في سن المراهقة كما يجب على الوالدين معاونة الابن في تعلم ممارسة السلوك الاجتماعي خارج محيط الأسرة، بتوجيهه بطريقة غير مباشرة إلى كيفية الارتباط مع الأقارب والأصدقاء ذوي الأخلاق الحميدة، والتحذير من صحبة رفقاء السوء الذين يرتكبون المعاصي والمنكرات لأن في مجالستهم إقرارا وتشجيعا لهم على ارتكاب تلك المعاصي،فيكون المجالس شريكا في الإثم لقوله تعالى : ” وإما ينسينك الشيطان فتقعد بعد الذكرى مع القوم الضالين[72] .

لذا يجب على الفرد أن يختار أحسن الأصحاب خلقا من الذين يخافون الله ويحافظون على عقيدتهم وعلى أسرهم .

وفي نفس السياق يقول الشيخ عبد العال الطهطاوي :” يجب على الأبوين أن يؤديا الدور المطلوب منهما فهما مسئولان تمام الله عن تأدية هذا الدور لقوله صلى الله عليه وسلم:” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الاب راع و مسؤول عن رعيته ،والأم راعية ومسئولة عن رعيتها [73]  .

وهذا يستلزم أن يكون الأبوان قدوة حسنة وأسوة طيبة لأبنائهما وهذا جانب من جوانب علاج المشكلة بالنسبة للأسرة. أما الجانب الآخر فيكون على الأبناء لكي يتم التفاعل بين أطراف الأسرة وذلك بالانصياع للأوامر والانقياد للتوجيه والاستماع للنصائح والإرشادات. وأن  يحذر الأبناء أولئك الذين  يخدعونهم ويغزون بهم فيدسون لهم السم في العسل أو خير وسيلة يلجأ إليها شبابنا وأبناؤنا المساجد ففيها الدواء الشافي والعلاج الناجح[74]

وذلك لقوله تعالى: ” وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين[75] فلم يبق أمام الإنسانية إلا حل واحد لتخرج من براثين الإدمان ومشاكل التفرقة العنصرية والحروب والدمار، ومن حياة الضيق والقرف والتفاهة والأفيون وإدمان الخمور والانتحار وهو العودة إلى طريق الله الرحب، طريق الإسلام….

وكما يقول الدكتور محمد علي البار في كتابه المخدرات الخطر الداهم: “إن الروح الإسلامية تستطيع أن تحرر الإنسان من رقبة الكحول عن طريق الاعتقاد الديني العميق والتي استطاعت بواسطته أن تحقق ما لم يمكن للبشرية أن تحققه في تاريخها الطويل، حيث استطاع الإسلام أن يحقق ما لم تحققه القوانين المفروضة بالقوة ومن خارج النفس…..

” إن الإسلام يستطيع أن ينقذ الإنسانية من تأثيرات المجتمعات المدنية الغربية التي تبث شباكها في أنحاء العالم أجمع[76].

وكخلاصة القول فإن مشكلة الإدمان وتعاطي المخدرات بأشكالها وأنواعها المتجددة والفاتكة يصعب على علماء الدين وأجهزة الإعلام ودور التربية والتعليم وغيرها أن تحمي الشباب منها في غيبة البيت، في حالة عدم قيام الأبوين بدورهما الأساسي في حفظ ووقاية أبنائهما من شرور وبراثن هذه الآفة الخطيرة .

المبحث الثاني: البرامج التربوية حول المخدرات.

إن وقاية الشباب من المخدرات يجب أن يكون إحدى المحاور الأساسية  التي تستهدف حماية المجتمع من آفة المخدرات باللجوء إلى وسائل المكافحة المباشرة وغير المباشرة، ومن بينها وسائل الوقاية التي تعمل على توعية الشباب بأخطار المخدرات والآثار السلبية التي تخلفها على سلوك الفرد والمجتمع بصفة عامة. وهذا الدور يمكن أن يساهم فيه مختلف المؤسسات الاجتماعية والإعلامية والدينية والتربوية …إلخ.

ولهذا فقد أكد الدكتور محمد بن جمعة بن سالم في كتابه النظرية الإسلامية لمكافحة المخدرات على أن من أهم سبل الوقاية من السقوط في براثين المخدرات أن تنهض المؤسسات التربوية بدروس الدين والآداب والتربية النفسية والنشاط المدرسي كإنشاء جماعة ضمن الجماعات المدرسية لتقوم بالتوعية بأضرار المسكرات والمخدرات وعرض المسرحيات بالمسرح المدرسي عن آثار هذه المشكلة في المجتمع وتزويد مكتبات المدارس بالكتب والمراجع الكافية للتوعية من السقوط في الإدمان[77] .

وفي نفس السياق يرى الدكتور محمد عباس نور الدين في كتابه قضايا الشباب في المجتمع المعاصر أن خطاب الوعظ والإرشاد الموجه للشباب يجب أن يقترب من تفكير الشباب واهتماماتهم ويستخدم أسلوب في الإقناع لا يعتمد على  التعالي على الشباب وإدانتهم وإشعارهم بالذنب وإنما ينسجم مع تطلعات الشباب وكيفية نظرتهم للحياة وكيفية معالجتهم للأمور. ولا بأس من إشراك الشباب أنفسهم في أي مجهود يستهدف التوعية بأخطار المخدرات والوقاية منها، إذ من شأن هذا الاشتراك أن يشجع الشباب المعرض للوقوع في شرك هذه الآفة للإبتعاد عنها والتسلح بقناعات إيجابية تقيه من الاستسلام  للإغراءات التي قد يتعرض لها في بعض المواقف والتي تغريه بتعاطي سموم المخدرات[78].

 هذا وبالإضافة إلى شغل أوقات فراغ الشباب بإنشاء الأندية الثقافية والعلمية التي تعود بالنفع ، كممارسة الرياضة والقراءة والرحلات، ويجب أن يكون هذا الترفيه بمشاركة بعض الأساتذة وتحت رعايتهم، والحد من السياحة السيئة إلى البلدان المشبوهة والاهتمام بالسياحة الداخلية بوضع برنامج رحلات شبابية وإنشاء معسكرات دائمة للشباب في المناطق السياحية .

وبصدد هذه النقطة يقول مصطفى محسن في كتاب الشباب ومشكلات الاندماج أن الحل الإستراتيجي فهو الذي يتمثل في التصدى لظاهرة تعاطي المخدرات من زاوية تقوية المجتمع المدني مجتمع المؤسسات الاجتماعية بسماتها وصفاتها المادية والمعنوية لتؤطر صراع الشباب وتوجهه نحو الوظيفية وللوقوف به عند عتبة الاحتمال …..وهذا يتطلب مبدئيا خلق مؤسسات إدماج الشباب من كافة النواحي وبالتالي خلق مرصاد أو مرصد اجتماعي لمشاكل الشباب….[79] .

وعلى هذه البرامج التربوية أن تشجع الشباب على النجاح والابتكار والإبداع، لأن إبعاد الشباب عن كل ما يشعرهم بالإحباط واليأس والفشل يعتبر عملا هاما في الحيلولة بينهم وبين الوقوع في براثن الانحراف بما فيه تعاطي المخدرات. وإذا ما استطعنا أن ندفع الشباب إلى ممارسة أنشطة يرضون عنها وينمون من خلالها قدراتهم الإبداعية …..فإننا نعطيهم من خلال البرامج التربوية الفرصة لتقدير ذواتهم، ولتكوين صورة إيجابية عنها ونشجعهم على التعامل مع الآخرين على أساس التعاون والتآزر لتحقيق أهداف مشتركة لما فيه خير للأفراد والمجتمع. كما من شأن النشاط الإبداعي والتربوي الذي يمكن توجيه الشباب إلى ممارسته أن يجعلهم يكتشفون قدراتهم الحقيقية، ويدركون بكيفية سليمة وواقعية رغباتهم وحاجياتهم، ويصبحون قادرين على التعامل مع الآخرين.

فإذا ما اتسمت شخصية الشاب بمثل هذه الصفات والمميزات فإنه سيكون أقل عرضة للانجراف إلى عالم  المخدرات من غيره من الشباب كما تلعب المؤسسات الدينية دورا هاما في الوقاية من المخدرات وتعريف الناس بمخاطرها وتحريم الدين لها بعد إمداد العاملين بها بالمعلومات  والحقائق اللازمة المتعلقة بها، وبما يحقق تناول أمور الدين لهذه الظاهرة بأسلوب عصري مع التوسع في تنظيم الندوات الدينية وتحديد موضوعات المناقشة وتصحيح الفكر وتوجيه السلوك فيها.

وعن أثر المسجد في توعية الناس وتوجيههم نحو أفضل سبل الوقاية من المخدرات والمسكرات يرى الشيخ علي أحمد عبد العال الطهطاوي في كتابه معالم الخيرات بشرح أضرار المخدرات أن تكرار ارتياد المسجد أكثر من مرة في اليوم الواحد والاستفادة من توجيهات الإسلام فيه من خلال تقديم الندوات والمحاضرات الدينية التي تركز على هذه المشكلات فإن هذا الانتظام المتواصل يؤدي إلى تعويد المسلم السلوك الإسلامي الصحيح الذي دعا إليه المشرع الحكيم. وفق فرائض الإسلام وإتباع أوامره واجتناب نواهيه[80] .

إن خير علاج هو العلاج الإيماني والرجوع إلى دين الله عز وجل الذي ارتضاه لنا فيه وحده يمكننا أن نعود كما كنا أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لقوله تعالى : ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله[81] .

المبحث الثالث: محاربة الدولة للمخدرات.

كما سبق الذكر فظاهرة المخدرات والتعامل فيها من شر الآفات وأخطر الظواهر التي تهدد حياة المجتمع اليومية.

ولما كانت هذه الظاهرة تشكل وباءا خطيرا تزداد خطورته يوما بعد يوم، فقد اعتنت كل الدول بمكافحتها بكافة الطرق وقد نالت عناية كبيرة منها يتجلى ذلك في إحداث قوانين زجرية ذات عقوبات رادعة. كما أن الجهود المبذولة لمكافحتها لم تعد قاصرة على الصعيد المحلي فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى الصعيد الدولي حيث عقدت المؤتمرات وأبرمت المعاهدات والاتفاقيات من أجل مكافحتها ومناقشة مختلف أشكالها، فمكافحة المخدرات تتطلب تضافر جهود جميع العاملين في هذا الإطار وخاصة جهود الأجهزة الأمنية والتشريعية،

 الذين يعتبران من أهم المرتكزات التي تعتمد عليها كل الدول للقضاء على المخدرات[82].

ومن الأكيد أن الدولة المغربية أدركت مبكرا الخطورة التي تشكلها المخدرات على صحة مواطنيها. واهتمت بهذا الموضوع وأولته العناية اللازمة سواء على الصعيد الوطني أو الصعيد الدولي، حيث اتجهت إلى مكافحتها بكل الوسائل الممكنة وذلك للحيلولة دون انتشارها.

فعلى الصعيد الوطني نجد المشرع المغربي قد أصدر العديد من القوانين الزجرية والتي سبق ذكرها في الفصل الأول من هذا البحث.

وعلى سبيل المثال فقد نص في المادة 8 من قانون زجر الإدمان على المخدرات السامة على أنه ” يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة يتراوح قدرها بين 500 و 5.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من استعمل بصفة غير مشروعة إحدى المواد أو النباتات المعتبرة مخدرات “[83].

فطبقا للمادة المذكورة نجد المشرع المغربي قد عاقب على تعاطي واستعمال المخدرات بصفة غير شرعية.

كما اتخذت السلطات المغربية عدة تدابير ذات طابع اقتصادي واجتماعي تهدف إلى ضمان تنمية مندمجة لمنطقة الريف، حيث اعتبر الخبراء المغاربة أن السبيل الوحيد للقضاء على زراعة مادة الكيف وإخلاء أسواق الاستهلاك منها هو اتخاذ إجراءات اقتصادية واجتماعية وسياسية أكثر جرأة، تهدف إلى تعويض هذه الزراعة بزراعات أخرى .

وإعادة هيكلة الاقتصاد الجهوي وتحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية لمنطقة الريف خاصة، و منطقة الشمال عامة. واتخاذ إجراءات مماثلة في الأهمية لتطوير الوعي الشعبي ضد استهلاكها والتعامل معها[84]  .

ومنذ سنة 1977 أحدث المغرب لجنة وطنية للمخدرات، وضعت تحت الرئاسة الفعلية لوزارة الصحة العمومية تضم ممثلين عن الوزارات المهتمة بظاهرة المخدرات وتتولى هذه اللجنة اقتراح إجراءات تطبيق الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية في مجال مكافحة المخدرات، وإعداد البرامج الإعلامية حول مخاطر المخدرات، وبحث الوسائل الكفيلة بتحقيق مكافحة فعالة للإنتاج والترويج الغير مشروع. وحيازة وبيع ونقل واستعمال المخدرات[85].

وعلى الصعيد الدولي فإن المغرب قد انظم إلى منظمة الانتروبوبل وفتح بالرباط مركزا وطنيا لمكافحة الجريمة وترويج المخدرات .

وفي عام 1961 انظم إلى الاتفاقية الدولية حول المخدرات. وفي عام 1971 ساهم في صياغة اتفاقية فيينا التي صادق عليها جلالة الملك في 9 أكتوبر 1992[86] .

وهناك تدابير أخرى لا تقل أهمية عن التدابير السالفة الذكر كتحسين البنيات الأساسية بما يضمن حاجيات العيش الأساسي للسكان. وإيصال خدمات الصحة والتعليم والشغل والطرق للمناطق الأكثر زراعة لنباتات المخدرات، مع التخفيف من بعض الصعوبات المرتبطة بالتجهيز كالتزويد بالماء الصالح للشرب والكهرباء …إلخ .

بالإضافة إلى فتح مصحات متخصصة لمعالجة المدمنين من الناحية الجسمية والنفسية وتشجيعهم على مراجعتها وعدم مضايقتهم من قبل رجال مكافحة المخدرات وإعطائهم فرص التوبة ذلك مما أوجبه الإسلام من رحمة للناس،[87] لأن الإسلام حث على التوبة في أي وقت لقوله تعالى : ” إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فألئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما “[88] .

هذا وقد ذكرت مجلة القضاء والقانون أنه من أجل سياسة جنائية أكثر فاعلية لمكافحة المخدرات كان لا بد من بيان الأسس التي يجب أن تبنى  عليها هذه السياسة مع تقديم بعض الاقتراحات التي نرى فيها بديلا منطقيا ومقبولا من أجل سياسة فعالة من أجل الحد ن انتشار هذه الآفة[89] .

فالمطلوب إذن هو وجود تدابير اجتماعية تنهض على أكبر مقدار من التفهم لهذه الوضعية والتحسب من مستقبلياتها هذه التدابير تفيد في محاولة الحد بقدر الإمكان من انتشار تعاطي المخدرات بين أفراد المجتمع أو على الأقل في الحيلولة دون اتساع نطاق هذا الانتشار وفي هذا الإطار فإن التدابير الإعلامية والتشريعية والطبية بإمكانها القيام بأدوار مهمة، فالمشكل هام ولا يمكن تركه أو السكوت عنه.

خــــــاتمــة :

إن المخدرات آفة يتجاوز خطرها الشباب ليهدد مصير البلاد، إذ كنا لا نريد الشطط في الخيال والتصور بأن إغراق بلادنا بالمخدرات وراءه مخطط لتدميرنا ويجعلنا دول عاجزة عن العمل والعطاء فالتقدم لا يكون بالتكنولوجيا فقط بل بشباب قادر على بناء الوطن، فالمخدرات بدأت تغزوا المغرب بشكل لا نقول منظم ولكنه يدعوا إلى القلق لأنه أخذ شكلا منظما لاسيما في السنوات العشر الأخيرة .

مما يدعوا إلى القول أن المشكل المطروح بحدة وأنه آن الأوان للخروج من قوقعة السكوت واللامبالاة وعدم الاهتمام.

ذلك أن ظاهرة التعاطي تتفشى بصفة مستمرة، ورقعة المتعاطين تمتد اتساعا وسوق المخدرات يعرف رواجا، وأمام هذا الوضع نجد قانون المخدرات يقف عاجزا ولا يستطيع الإجابة لخصوصية ظاهرة الإدمان وزراعة الكيف وترويجه في بلادنا الشيء الذي يزيد من تفاقم هذه الظاهرة .

لا بد أن هناك أسباب ثم تجاهلها ألا وهي الظروف الاجتماعية المعاصرة التي تسهل الطريق للسقوط في التعاطي والإدمان، ومن هذه الظروف وأهمها هي تلك الظروف الاجتماعية التي تربط الفرد مع الأسرة والقبيلة والمجتمع، إن تدهور العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة سبب في انحراف كثير من الشباب، وعليه فالواجب علينا مراعاة تلك الظروف ومحاولة علاجها لكي نقضي على تلك الآفة .

إن الوازع الديني الذي يفتقده الكثير من شبابنا وسبب ذلك من الأسرة أولا، ثم من المجتمع ثانيا هو من أهم أسباب تفكك الأسرة، ومن تم ينتج شباب غير قادر على تحمل المسؤوليات اتجاه دينه ووطنه ومجتمعه الذي يعيش فيه. إذن فالإسلام هو الوحيد الذي يقدم حلا شموليا لهذه المشاكل ذلك أنه يعالج المشكلة من جذورها وأهم جذورها هو المستهلك وهو الشخص القابل لتناول المخدرات.

وعليه يجب تطبيق الإســــلام في كافة مناحي الحياة ليشمل الفرد والمجتمع والحاكم والمحكوم من أجل القضاء على كل ما يخامر العقول ويذهبها حفاظا على نقاوة المجتمع الإسلامي الحقيقي المترابط والمتكامل كما صوره الإســـــــلام.

تم بحمد الله وعونه

مصادر والمراجع

         القرآن الكريم برواية الإمام ورش.

  • المسند للإمام أحمد بن محمد بن حنبل الجزء الثامن ،الطبعة 1414هـ /1994م.
  • صحيح مسلم بشرح الإمام أبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري الجزء الثالث الطبعة الأولى ( 1375هـ-1955م) دار الإحياء، التراث العربي.
  • صحيح البخاري للإمام محمد بن إسماعيل البخاري دار القلم بيروت 1987
  • فقه السنة للشيخ سيد سابق الجزء الثاني ،الطبعة الأولى 1418هـ-1997م دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
  • الحلال والحرام في الإسلام للشيخ أحمد محمد عياف ،الطبعة الأولى 1401هـ-1981م
  • الفتاوي الكبرى لشيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية الجراني المتوفى سنة 768هـ-المجلد الرابع الطبعة الثانية 1419هـ-1998م دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع
  • السياسة الشرعية لإبن تيمية .
  • لسان العرب لأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم إبن منظور الإفريقي
  • المصري المجلد الأول/ دار بيروت للطباعة والنشر 1968
  • الفروق للإمام العلامة شهاب الدين أبي العباس الصنهاجي المشهور بالقرافي فهرس تحليلي لقواعد الفروق، الجزء الأول (تهذيب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية.
  • تربية الأولاد في الإسلام للأستاذ ناصح علوان، الجزء الأول الطبعة الأولى، دار السلام للطباعة والنشر.
  • الإسلام والتربية الصحية للدكتورة عائدة عبد العظيم البنا الطبعة الأولى 1404هـ-1984م.
  • معالم الخيرات بشرح أضرار المخدرات للشيخ علي أحمد عبد العال الطهطاوي، رئيس جمعية أهل القرآن والسنة، الطبعة الأولى 1423هـ-2002م.
  • أهوال المخدرات في المجتمعات العربية للدكتور عايد علي عبيد الحميدان الشمري، الطبعة الأولى 2003م توزيع المعارف بالإسكندرية.
  • تعاطي المخدرات، المعالجة وإعادة التأهيل للدكتور سعيد محمد الحفار أستاذ وخبير في جامعتي دمشق وقطر،الطبعة الأولى 1415هـ/1994م دار الفكر دمشق-سورية.
  • المخدرات الخطر الداهم 1 الأفيون ومشتقاته للدكتور محمد علي البار/دار القلم.
  • المخدرات في المغرب وفي العالم لمحمد أديب السلاوي الطبعة الأولى سنة 1997.
  • المخدرات وآثارها السيئة من الناحية العلمية للدكتور شاكر عبد المجيد الرياض 1413هـ-1993م.
  • أثر المخدرات على الأمة وسبل الوقاية منها للدكتور أحمد عطية بن علي الغامدي الأستاذ المشارك بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة الأولى 1410هـ.
  • فن المرافعة في جرائم المخدرات تأليف المحامي السيد عفيفي والمحامي سمير عفيفي الطبعة الأولى سنة 2002.
  • النظرية الإسلامية لمكافحة المخدرات للدكتور محمد بن جمعة الطبعة الأولى 1415هـ/1995م.
  • المخدرات، أنواعها، حكمها لإسماعيل الخطيب، منشورات البعث الإسلامي 1410هـ/1989م.
  • الخمر وسائر المسكرات، تحريمها وأضرارها لأحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي قاضي المحكمة الشرعية –الدوحة- قطر الطبعة الرابعة 1337هـ/1977م.
  • جرائم المخدرات في التشريع المغربي لمحمد أغريس دكتور في الحقوق ، مستشار بالمجلس الأعلى، دراسة مدعمة بأحداث قرارات المجلس الأعلى الطبعة الرابعة سلسلة الدراسات القانونية 2002 الدار البيضاء.
  • مبادئ في علم الإجرام لمحمد الأزهر الطبعة الرابعة سنة 2002.
  • في بيتنا مراهق لهبة ضياء إمام، دليل الآباء إلى حل مشكلات المراهقين دار الطلائع للنشر.
  • الجريمة والمجتمع، محاضرات في الإجتماع الجنائي والدفاع الإجتماعي للدكتور محمد شفيق.
  • قضايا الشباب في المجتمع المعاصر للدكتور محمد عباس نور الدين رقم الإيداع القانوني1330هـ/2000 مطبعة فضالة.
  • الأحداث المنحرفون (عوامل الإنحراف –المسؤولية الجزائية –التدابير) دراسة مقارنة للدكتور علي محمد جعفر أستاذ في كلية الحقوق الجامعة اللبنانية الطبعة الأولى 1405هـ/1984م. المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.
  • الشباب ومشكلات الإندماج /تنسيق :عبد السلام الداشمي ومصطفى حدية، منشورات كلية الآدلب والعلوم الإنسانية بالرباط جامعة محمد الخامس الطبعة الأولى 1995 سلسلة ندوات ومناظرات رقم 49
  • الشباب المغربي في أفق القرن الحادي والعشرون ، إنجاز الجمعية المغربية للدراسات النفسية وتنسيق مبارك ربيع الطبعة الأولى 1996 منشورات كليات الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط سلسلة ندوات ومناظرات رقم 59..
  • الشباب ومشكلاته الإجتماعية في المدن الحضرية للدكتور علي بوعناقة، سلسلة أطروحات الدكتوراه مركز دراسات الوحدة العربية الطبعة الأولى بيروت يناير 2007م.

 المجلات والجرائد

  • مجلة الفكر العربي عدد 47 السنة الثامنة ،غشت 1987 – القضايا المعاصرة للشباب المسلم –مقال:”مشكلة إدمان الشباب على تعاطي المخدرات ” بقلم أحمد ظافر محسن.
  • مجلة الفكر العربي عدد 16 السنة الثانية يوليوز/غشت 1987 –الشبيبة والرفض- مقال:”المخدرات آفة شبان العصر” لمحمد فرحات.
  • مجلة القضاء والقانون العدد 138 السنة 26 جمادى الثانية 1408/فبراير 1988 تصدرها وزارة العدل.
  • مجلة الشرطة في خدمة الشعب، مجلة شهرية تصدرها الإدارة العامة للأمن الوطني العدد العاشر السنة الأولى أكتوبر 1961 مقال:”الخمر والمخدرات وأثرهما البالغ في صحة الإنسان “
  • موسوعة المعارف الحديثة لعبد القادر وساط (الكون 2) طبع بالمغرب في مارس 2001 منشورات عكاظ –أوزو
  • جريدة بيان اليوم العدد 5695 ، 23 مارس 2009 إعداد عبد الإله عسول
  • جريدة بيان اليوم العدد 5696، 24 مارس 2009 إعداد بلعيد السدهومي
  • جريدة تمودة أسبوعية، جهوية ، مستقلة، شاملة تصدر كل يوم أتنين العدد 219 السنة الثامنة من 6إلى 15 مارس 2009 مدير التحرير عبد السلام أندلوسي
  • جريدة المساء العدد 834، 09/05/27 مدير النشر:رشيد نيني المدير العام
  • سمير شوقي.
  • المساء عدد 834الأربعاء 27 ماي 2009.

– لسان العرب لابن منظور ج 4 ص 232 باب الخاء .[1]

– الفروق للقرافي ج1 ص 217 بتصرف، فهرس تحليلي لقواعد الفروق السنية في الأسرار الفقهية .[2]

– المخدرات في المغرب وفي العالم ص 23 لمحمد أديب السلاوي الطبعة الأولى 1997 .[3]

– أثر المخدرات على الأمة وسبل الوقاية منها للدكتور أحمد عطية بن علي الغامدي ص 10 .[4]

– النظرية الإسلامية لمكافحة المخدرات للدكتور محمد بن جمعة بن سا لم[5]

– الفروق للقرافي ج 1 ص 217 – 218 بتصرف مرجع سابق .[6]

– الجريمة والمجتمع للدكتور محمد شفيق ص 66 بتصرف .[7]

– نفسه ص 67 .[8]

[9]– أهدال المخدرات في المجتمعات العربية الدكتورعايدعلي عبيد الحميدان الشمري ص 157 الطبعة الأولى 2002 .

– المخدرات في المغرب والعالم بتصرف (ص101-102) لمحمد أديب السلاوي ط 1 .[10]

– المخدرات وآثارها السيئة من الناحية العلمية ص 33 الدكتور شاكر عبد الحميد .[11]

– أهوال المخدرات في المجتمعات العربية بتصرف ص 172 للدكتور عايد علي عبيد الحميدان .[12]

– أهوال المخدرات في المجتمعات العربية للدكتور علي عبيد الحميدان الشمري ص173 .[13]

[14] – مجلة الفكر العربي عدد 16 السنة الثامنة يوليوز /غشت1987 مقال المخدرات آفة شبان العصر .لمحمد فرحات ص 191

– تعاطي المخدرات المعالجة وإعادة التأهيل للدكتور سعيد محمد الحفار ص 64-65 .[15]

– الجريمة والمجتمع بتصرف ص 67 للدكتور محمد شفيق .[16]

– تعاطي المخدرات مرجع سابق ص 85 بتصرف .[17]

– المخدرات في العالم وفي المغرب للدكتور محمد أديب السلاوي ص 27 الطبعة الأولى سنة 1997 .[18]

– تعاطي المخدرات المعالجة وإعادة التأهيل للدكتور سعيد محمد ص 86 بتصرف . [19]

– المخدرات وآثارها السيئة من الناحية العلمية للدكتور شاكر عبد المجيد ص 60 بتصرف .[20]

– الجريمة والمجتمع محاضرات في الاجتماع الجنائي والدفاع الاجتماعي للدكتور محمد شفيق ص 68 .[21]

– تعاطي المخدرات مرجع سابق ص 82 .[22]

– موسوعة المعارف الحديثة لعبد القادر وساط (الكون 2) منشورات عكاظ أوزو 2001 ص 122 بتصرف .[23]

– نفس المرجع ص 123 .[24]

– المخدرات وآثارها السيئة من الناحية العلمية للدكتور شاكر عبد المجيد ص 24 و 25 .[25]

– الجريمة والمجتمع مرجع سابق ص 68 .[26]

– أهوال المخدرات مرجع سابق ص 189 بتصرف .[27]

– المخدرات وآثارها السيئة ص 67 مرجع سابق .[28]

– تعاطي المخدرات ص 85 بتصرف مرجع سابق .[29]

[30]– مجلة الفكر العربي عدد 16 السنة الثامنة يوليوز/غشت 1987 مقال المخدرات آفة شبان العصر محمد فرحات ص 191-192 .

– معالم الخيرات بشرح أضرار المخدرات للشيخ علي أحمد عبد العال الطهطاوي ص 123 .[31]

– الإسلام والتربية الصحية الدكتورة عائدة عبد العظيم البنا ص 79 الطبعة الأولى [32]

– المخدرات وآثارها من الناحية العلمية ص 71 و 72 بتصرف مرجع سابق .[33]

– تعاطي المخدرات ص 72و 73 بتصرف مرجع سابق .[34]

– الجريمة والمجتمع ص 70 مرجع سابق .[35]

– في بيتنا مراهق دليل الآباء إلى حل مشكلات المراهقين لهبة ضياء ص 73 .[36]

2- قضايا الشباب في المجتمع المعاصر للدكتور محمد عباس نور الدين ص 60-61 مطبعة فضالة  .

1-الشباب و مشكلاته الاجتماعية في المدن الحضرية للدكتور علي بوعناقة ص 236 سلسلة اطروحات الدكتوراه مركز دراسات الوحدة العربية ط :1   2007

1- معالم الخيرات بشرح اضرار المخدرات للشيخ علي أحمد عبد العال الطهطاوي ص :(86-87) الطبعة الأولى :(1423هـ/2002م) دار الكتب العلمية ببيروت .

– المائدة :(90-91) .[40]

2- أخرجه مسلم بشرح الإمام محي الدين النووي كتاب الأشربة باب بيان أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام رقم الحديث 2003 .

– نفس رقم الحديث 1733 .[42]

– أخرجه الإمام احمد بن محمد بن حنبل في مسنده الجزء الرابع باب الأطعمة والشربة رقم الحديث 5648 .[43]

– فتاوى ابن تميمة (ج 4 ص 257 ) وكتاب السياسة الشرعية له(ص 121) .[44]

– المخدرات في المغرب وفي العالم للدكتور محمد أديب السلاوي ص 37 الطبعة الأولى سنة 1997 .[45]

1- جرائم المخدرات في التشريع المغربي محمد أوغريس دكتور في الحقوق مستشار بالمجلس الأعلى دراسة مدعمة بإحداث قرارات المجلس الأعلى الطبعة 4 سلسلة الدراسات القانونية 2002/ الدار البيضاء .

– المخدرات والخطر الداهم 1 الأفيون ومشتقاته للدكتور محمد علي البار،  ص: 163-166.[47]

– فقه  السنة للشيخ سيد سابق (ج 2 ص 43 بتصرف)[48]

– معالم الخيرات بشرح أضرار المخدرات للشيخ علي أحمد عبد العال الطهطاوي ص (29-30) .[49]

1- المخدرات وآثارها السيئة من الناحية العلمية للدكتور شاكر عبد المجيد الرياض ص 45 طبعة 1413 هـ 1993 م .

2- مجلة الفكر العربي عدد 47 السنة الثامنة  غشت 1987 القضايا المعاصرة للشباب المسلم مقال مشكلة إدمان الشباب على تعاطي المخدرات بقلم احمد ظافر محسن ص 58 .

3- مجلة الشرطة في خدمة الشعب تصدرها الإدارة العامة للمن الوطني عدد 10 السنة الأولى أكتوبر 1961

 4- -مقال الخمر والمخدرات وأثرهما البالغ في صحة الإنسان بقلم الدكتور احمد العيساوى ص 5 بتصرف .

1- الخمر وسائر المسكرات تحريمها وأضرارها لأحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي قاضي المحكمة الشرعية بالدوحة قطر الطبعة الرابعة 1397 هـ 1977 ص 148

– الجريمة والمجتمع مرجع سابق ص 93 .[54]

– تربية الأولاد في الإسلام مرجع سابق (ص 180-181) .[55]

– جريدة بيان اليوم في يوم 23 مارس 2009 عدد 5695 بقلم عبد الإله عسول ص 5 . [56]

2- الأحداث المنحرفون (عوامل الانحراف – المسؤولية الجزائية – التدابير) دراسة مقارنة للدكتور علي محمد جعفر أستاذ في كلية الحقوق الجامع اللبنانية ط 1 – 1405 هـ 1984 م ص 86 .

– مبادئ في علم الإجرام لمحمد الأزهر 97 الطبعة الرابعة سنة 2000 .[58]

– جريدة بيان اليوم عدد 5696 ليوم 24 مارس 2009 ص 1 بقلم بلعيد السدهومي .[59]

– معالم الخيرات بشرح أضرار المخدرات ص 238-239 بتصرف مرجع سابق .[60]

– جريدة تمودة يوم 9- 15 مارس 2009 عدد 219 السنة الثامنة بقلم خليل السباعي .[61]

[62]– الإسلام والتربية الصحية للدكتورة عائدة عبد العظيم البنا  ص 86 .بتصرف الطبعة الأولى 1404 هـ – 1984 م .

– أهوال المخدرات في المجتمعات العربية ص 459 بتصرف مرجع سابق .[63]

– الخمر وسائر المسكرات ص 149 مرجع سابق .[64]

– الإسلام والتربية الصحية ص 85 مرجع سابق.[65]

– الأحداث المنحرفون 87 مرجع سابق.[66]

– معالم الخيرات بشرح أضرار المخدرات ص 67 مرجع سابق .[67]

– سورة البقرة الآية 194 .[68]

– النظرية الإسلامية لمكافحة المخدرات للدكتور محمد بن جمعة بن سا لم ص 40 بتصرف مرجع سابق .[69]

– النظرية الإسلامية لمكافحة المخدرات ص 42 مرجع سابق .[70]

2- الشباب المغربي في أفق القرن الحادي والعشرين ،انجازات الجمعية المغربية للدراسات النفسية وتنسيق مبارك ربيع ص 35 منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط الطبعة الأولى 1996 .

– سورة الأنعام الآية 68 .[72]

2- أخرجه البخاري في صحيحه في باب أمر ولاة الأمور بالرفق برعايتهم ونصيحتهم والشفقة عليهم والنهي عن غشهم، والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلة عنهم رقم الحديث 2008 .

– أضرار المخدرات ص 113 مرجع سابق .[74]

– سورة الإسراء الآية 82 .[75]

– المخدرات الخطر الداهم للدكتور محمد علي البار ص 365 ط دار القلم دمشق .[76]

– النظرية الإسلامية لمكافحة المخدرات ص 43 بتصرف مرجع سابق .[77]

– قضايا الشباب في المجتمع المعاصر للدكتور محمد عباس نور الدين ص 88 .[78]

– الشباب ومشكلات الاندماج تنسيق عبد السلام الداشمي ومصطفى حدية ص 22 منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ط أولى 1995 .[79]

– معالم الخيرات بشرح أضرار المخدرات للشيخ عبد العال الطهطاوي ص 111 و112 بتصرف مرجع سابق .[80]

– سورة آل عمران الآية 110 .[81]

1- مجلة الشرطة في خدمة الشعب، مجلة شهرية تصدرها الإدارة العامة للأمن الوطني، عدد 10 السنة الأولى أكتوبر 1961 مقال الخمر والمخدرات وأثرهما البالغ في صحة الإنسان،محمد العيساوي ص 5 .

– جرائم المخدرات في التشريع المغربي لمحمد أوغريس ص 77 مرجع سابق[83]

– المخدرات في المغرب وفي العالم لمحمد أديب السلاوي ص 111 – 112 بتصرف .[84]

– نفسه ص 118 .[85]

– جرائم المخدرات في التشريع المغربي لمحمد أوغريس ص 12 و 13 بتصرف .[86]

– النظرية الإسلامية لمكافحة المخدرات ص 45 مرجع سابق .[87]

– سورة الفرقان الآية 70 .[88]

– مجلة القضاء والقانون العدد 138 السنة 62 جمادى الثانية 1480هـ/ 1988 م تصدرها وزارة العدل .[89]

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button