مفارقة البحث عن النفوذ والهشاشة الإستراتيجية

دعت السعودية إلى ثلاث قمم دولية متتابعة للاجتماع في القصر الملكي المحاذي للكعبة في نهاية رمضان أو قبيل ليلة السابع والعشرين (رمزية هذه الأيام عند المسلمين)، من أجل حشد الدعم الخليجي والعربي والإسلامي ضد دولة إسلامية جارة وهي إيران، على خلفية مزاعم وجود تهديدات إيرانية جدية لدول الخليج والملاحة الدولية في مضيق هرمز.
المفارقة المثيرة للاهتمام التي تستوجب التوقف عندها والتمعن فيها، أن السعودية حشدت تحالفا إسلاميا وعربيا من قبل لمساعدتها على حربها في اليمن ضد مليشيا مسلحة تسمى الحوثيين عام 2015، وبعد أربع سنوات من القتال لم تستطع أن تحقق تقدما يذكر، وعلى العكس من ذلك جلبت نقمة دولية كبيرة عليها. وإذا كانت السعودية اليوم متحالفة مع أمريكا من أجل المحافظة على أمن الخليج، فلماذا تحتاج إلى الدعم الخليجي والعربي والإسلامي؟
يعكس هذا التوجه في السياسة الخارجية هشاشة إستراتيجية كبيرة في الأمن القومي السعودي بالرغم من النفقات الدفاعية الهائلة (ثالث دولة من حيث الإنفاق العسكري في العالم) من جهة، وأن الحشد الدبلوماسي في مكة (القيمة الرمزية للمكان) هو من أجل إعطاء رسالة للغرب بأن السعودية قادرة على حشد العالم العربي والإسلامي وراءها من اجل دعم أي سياسات أو مواقف دولية؛ وفي نفس الوقت، استعادة نفوذها الذي تآكل أمام تقدم النفوذ الإيراني والتركي. من بين المواقف التي يتم التحضير لها، إقناع العالم العربي والإسلامي بصفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية نهائيا.
تتحدد الهشاشة الإستراتيجية في ضعف الفعل السياسي الذاتي والتأثير الإستراتيجي المنبثق من عمق القوة الوطنية السعودية، إذ لحد الآن لم تثبت السعودية أنها قادرة على الدفاع عن نفسها بنفسها، أو أن تحارب الآخرين بمفردها، بل لم تثبت حتى القدرة على هزيمة مليشيا في اليمن. إن الهشاشة الإستراتيجية للقوة السعودية نابعة من التدخل المتزايد في الأزمات الأمنية والسياسية داخل البلدان العربية والتسبب في الحروب الداخلية والخراب في عدد من المجتمعات (مصر، ليبيا، السودان، سوريا، العراق، اليمن)؛ وقيادة محور الثورة المضادة المناهض لعملية التحول الديمقراطي في المنطقة. يضاف مصدر آخر منتج للهشاشة الإستراتيجية، وهو التقارب غير المبرر وغير الوظيفي مع السياسة الإسرائيلية في المنطقة بدون الحصول على مصالح محددة وواضحة.
يقابل الهشاشة الصلابة والتماسك الإستراتيجي الذي يتطلب مراجعة عميقة في السياسة الحالية على مستوى الدفاع، السياسة، الاجتماع والتحالفات الإقليمية؛ وذلك بالانتقال الفعلي من الاعتماد على الآخرين إلى تعزيز القدرة الذاتية في الدفاع والأمن.

عامر مصباح  – جامعة الجزائر 3

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button