مفاهيم استراتيجية:مفهوم الجيواقتصادية

عرف النظام الدولي تغيرات كبيرة مباشرة بعد سقوط جدار برلين و نهاية الحرب الباردة ، يمكن إجمالها فيما يلي:

_ التحولات الجيوسياسية التي ترتبت عن إعادة توزيع عناصر القوة بين أطراف النظام الدولي ، وانعكست على الجغرافيا السياسية بزوال الاتحاد السوفييتي ، و تفكك الكتلة الشرقية ثم توسيع الاتحاد الأوربي و الحلف الأطلسي و إعادة طرح مسألة الحدود من جديد.

_ التحولات الاقتصادية و التي تجلت في التوجه نحو بناء نماذج تنموية ترتكز على اقتصاد السوق ، و الانفتاح على الخارج و بروز كتل تجارية حول بعض الأقطاب الاقتصادية مع تطور نوع من المنافسة بين هذه الكتل وكذا عولمة الاقتصاد و تسارع حركة راس المال.

_ التحولات القيمية بروز نظريتان لتوجيه العالم :

الأولى: نظرية نهاية التاريخ (فوكوياما) و التي تؤكد أن الديمقراطية الغربية هي شكل التنظيم الاجتماعي الذي لا يمكن تجاوزه (بعد انتصارها على الشيوعية )

الثانية: نظرية صدام الحضارات (هانت نغتن) و التي حاولت إيجاد عدو من خلال تغيير صراع الأيديولوجيات الذي ساد خلال الحرب الباردة بصراع الحضارات و الثقافات1. ([1])

لقد شكلت هذه الحقبة ، عاملا أساسيا في إعادة تشكيل بنية النظام الدولي ، حيث أصبحت الأولوية السياسية و العسكرية ثانوية بالمقارنة مع الأولوية الاقتصادية ، و صارت الشؤون الاقتصادية و التجارية تحتل مكانة الصدارة في سياسة الدول الخارجية و أصبحت المواجهات اليوم اقتصادية أكثر مما هي عسكرية كما أضحت الدبلوماسية الثنائية و المتعددة الأطراف أداة ردع و تدخل في سياسات الدول، ولذلك لاحظنا لمعان مصطلح الجيواقتصادي مقابل احتشام مصطلح الجيوسياسي ([2])

تحديد المفهوم:

 الجيواقتصاد مصطلح جديد ظهر سنة 1990 مع تحليلات الاقتصادي الأمريكي Edward LUTTWAK. ويعني ارتكاز النظام العالمي الجديد على السلاح الاقتصادي، عوض السلاح العسكري، كأداة فعالة تستخدمها الدول والشركات الكبرى لفرض قوتها ومكانتها في العالم.

في حين ذهب Pascal LOROT في تعريفه لهذا المصطلح إلى اعتباره ” علم يهدف إلى تحليل الاستراتيجيات ذات الصبغة الاقتصادية لا سيما التجارية التي تنتهجها الدول في إطار سياساتها الهادفة لحماية اقتصادياتها الوطنية عبر احتكار على التكنولوجيا الدقيقة وعبر التحكم في الأسواق العالمية المتعلقة بالإنتاج و التسويق لمنتوج أو مجموعة من المنتجات الحساسة، التي نجد امتلاكها أو التحكم فيها يمنح ممتلكها سواء كان دول أو مؤسسات وطنية قوة و إشعاعا دوليين و يؤدي إلى تمتين إمكانياتها الاقتصادية و الاجتماعية “.

من خلال هذا التعريف تطرح عدة تساؤلات هل أصبح الاقتصاد هو العامل المحدد في إشعاع أو أفول الدولة؟ و هل يمكن اعتبار الجيواقتصادية امتداد للجيوسياسة أم تشكل لحقل معرفي مستقل؟

للإجابة عن هذه التساؤلات نقترح إتباع التصميم التالي:

المبحث الأول:تعريف مفهوم الجيواقتصادية

المبحث الثاني: المقاربة الموضوعية للجيواقتصادية

المبحث الثلث: التحولات الجيواقتصادية الكبرى في النظام الدولي

المبحث الرابع: مجالات تطبيق الجيواقتصادية

المبحث الخامس: تحديات تعيق انتعاش الاقتصاد العالمي وتضع مفهوم الجيواقتصادية على  المحك.

تعريف مفهوم الجيواقتصاد

من الناحية اللغوية الجيواقتصاد “((Géoéconomie كلمة انجليزية الأصل محدثة مركبة من جزأين:

الأول:”الجيو” كلمة تنحدر من اليونانية القديمة “η γη” و تعني الأرض، و يراد فها كلمة المساحة،و الفضاء،والمتسع أو المكان الواسع من الأرض.

الثاني: “الاقتصاد” ((economics ، و المقصود هو عالم الاقتصاد و ما يرتبط به من علاقات نشاطات الإنتاج،و التوزيع،و الاستهلاك، و التمويل،و ما يترتب عليها من علاقات و تبادلات و منافسات و صراعات.

و عليه فإن موضوع الجيواقتصاد هو دراسة التفاعلات و التداخلات و التركيبات المعقدة بين الفضاء و الاقتصاد.

أما من الناحية الاصطلاحية فلا يوجد تعريف جامع مانع لمفهوم الجيواقتصاد حتى عند الخبير الاستراتيجي الامريكي إدوارد لوتواك([3])الذي اشتهر به في مقالته المشهورة “من الجيوسياسية  إلى الجيواقتصاد”([4])  و كتابه “الحلم الامريكي في خطر”([5]) ،الذي تردد فيه بين تعريفين :

في التعريف الأول : يحتل الاقتصاد مكان السياسة في القيادة. و عليه يجب على الولايات المتحدة أن تخوض في سباق الأسلحة الجيواقتصادية بإعطاء الأولوية للأسلحة الهجومية المتمثلة في التكنولوجيا المتطورة مع التنسيق المحكم بين البحث و التطوير المدعم من قبل الدولة و الإنتاج الصناعي في القطاعات الإستراتيجية, فليس هناك حاجة لدعوة الدول المنافسة أن تفتح أسواقها الداخلية او الحفاظ على تحسين العلاقات الدبلوماسية. يجب على علاقات القوة أن تفرض نفسها لأنها الوسيلة الوحيدة لضمان الاتفاقات التجارية التي تخدم الأمن القومي للولايات المتحدة ([6])و من أنصار هذه السياسة المدرسة الصناعية الأمريكية التي ترى أن قطاع الصناعة يمثل الركيزة الأساسية للتنافسية الوطنية([7])

أما في التعريف الثاني فإن الجيوسياسية التقليدية مطالبة بإدراج البعد الاقتصادي في علاقات القوة بين الأمم،ويجعل التجارة الدولية هي الركيزة الأساسية للرفاهية([8])

ويستند هذا الطرح إلى المذهب التجاري أو المركنتيلي و يربط المقاربة الجيواقتصادية بأفكار المنظرين لهذا المذهب في الولايات المتحدة على رأسهم ألكسندر هميلتون Alexander Hamilton (1804-1757) وهنري كلايHenry Clay 1752 – 1777.وعرفه الخبير الاستراتيجي الفرنسي جان فرنسوا دغوزان (Jean-François Daguzan) ([9])في مقالة عنوانها ” النجاة من الأزمة أو العودة المفاجأة للجيواقتصاد ” قائلا: ” الجيواقتصاد هو دراسة التدفقات الاقتصادية و الاجتماعية وتفاعلات الأطراف الفاعلة فيها –سواء كانت دولة أو غيرها- المرتبطة بالسلطة ، أي –بعبارة أخرى- دراسة قدرة هؤلاء الفاعلين على التأثير و / أو عدم التأثير على هذه التدفقات” ([10])

و عرفه الخبير الجيواقتصادي الفرنسي باسكال لورو Pascal Lorot) ([11])من حيث موضوع الدراسة بقوله:” يتولى الجيواقتصاد تحليل الاستراتجيات الاقتصادية – و بالأخص التجارية- التي تقررها الدولة في الإطار السياسي لحماية اقتصادها القومي أو بعض القطاعات المحددة بدقة، ومساعدة شركاتها الوطنية للسيطرة على التكنولوجيا و/أو غزو قوة ونفوذ على المستوى الدولي و تساهم في تعزيز دورهم الاقتصادي و الاجتماعي.

ومن خلال استقراء الأدبيات المتوفرة باللغتين الانجليزية والفرنسية، يتضح أن “الجيواقتصاد” لفظ متعدد المعاني يحمل دلالات مادية، ومعنوية، ووصفية، ومعيارية، ومعرفية منها:

  • النموذج الإرشادي(paradigm) الجديد الذي يفسر بطريقة أفضل علاقات القوى الدولية
  • دراسة العلاقة بين الجغرافيا و الاقتصاد أو بالتحديد الفضاء و الاقتصاد.
  • المناطق الجغرافية التي تتميز بموارد اقتصادية ذات الأهمية البالغة، فيتم الحديث عن “جيواقتصاد الزراعة”، و “جيواقتصاد الماء،و “جيواقتصاد الطاقة،” أو التي تتميز على نقيض ذلك بموارد اقتصادية ذات الضرر البالغ، فيتم الحديث في هذه الحالة عن” جيواقتصاد المخدرات،جيواقتصاد صناعة الجنس إلخ.
  • الفضاءات الافتراضية كالحديث عن “جيواقتصاد التكنولوجيا”وجيواقتصاد الابتكار.
  • التوسع والامتداد الفضائي عبر القوة الاقتصادية و المعارك الاقتصادية التي يهدف من خلالها الاستحواذ على فضاءات جديدة.
  • التكتلات الإقليمية التي تخلق مناطق تجارية جديدة.

من جهة أخرى، يعرف الجيواقتصاد من المنظور الجيوسياسي بأنه التخصص الذي يتخذ كموضوع دراسة الاستراتيجيات الاقتصادية للدول وفق موقعهم الجغرافي و قوتهم السياسية،أو الرهانات السياسية للتجارة الدولية([12]) وعليه يظهر الجيواقتصاد كقراءة جيوسياسية للاقتصاد باعتبار أن الجيوسياسية تدرس كيفية إنشاء الأقاليم من خلال السلطة السياسية، أو الاقتصادية أو الاثنين معا.

و يعرف من منظور العلاقات الدولية بأنه يدرس القوى و الرهانات الاقتصادية في العلاقات الدولية باعتبار أن السياسة الخارجية لا تقتصر على حماية المصالح السياسة فحسب، بل تشمل أيضا المصالح الاقتصادية التي تحملها أشكال المواجهة الجديدة.

و يعرف الجيواقتصاد من منظور الجغرافيا الاقتصادية بتوليه دراسة دور المناطق regions،والأقاليمterritories، و المدن في الديناميكية الاقتصادية و آثار ذلك على هياكل السلطة و أشكال التفاعل بين الدول،و المناطق،و الأقاليم،والمدن المعنية. و عليه يرتكز الجيواقتصاد على الجيوفضاء أو المعلومة الجغرافية التي ترتبط بالمكان الجغرافي([13])

2- المبحث الأول:الجيواقتصادية الأهداف والمرتكزات

حسب ادوارد لوتواك فإن الهدف المركزي للجيواقتصادية هو تمكن الدولة أو الشركة من السيطرة أو الحفاظ على وضعية قوية و محصنة ضمن الاقتصاد العالمي.

أما باسكال لورو و فيفيان دي كاستيل Viviane du Castel فقد ذهبا في تحليلهما لهذا المفهوم إلى اعتبار (الجيواقتصادية) ترتكز حول العلاقة التي تربط القوة و المجال.([14])

فمجال الجيواقتصادية هو مجال افتراضي يسمح بالتحرك دون اعتبار للحدود الطبيعية أو السياسية التي لطالما تنازعت الدول حولها وذلك نظرا لأن طبيعة الصراعات قد تغيرت و لأن إرادة الدول في فرض قوتها لم تعد بالشكل التقليدي المتعارف عليه (النزاعات المسلحة) ولكن عبر هذا السلاح الجديد الذي يدعى “الاقتصاد”. ([15])

وهذا لا يعني إطلاقا انتهاء النزاعات و المطالب الإقليمية و إنما العكس تماما و الدليل على ذلك هو زيادة تكريس مفهومي، الهيمنة العالية و القوة العسكرية.

فالأولى (الهيمنة العالمية) يمكن الاستشهاد بها بمثال مجموعة الثمانية الذي يوضح تنامي وضعية الهيمنة العالمية التي تسعى كل دولة في إطارها للوصول إليها.

و القوة الناعمة يمكن أن نستشهد بمثال الولايات المتحدة الأمريكية التي برزت أهميتها الاقتصادية من خلال ما تتسم به من هيمنة علمية و تقنية و مواكبتها للثورة الصناعية الثالثة و هي ثورة المعرفة (القدرة على ضبط شبكة الاتصالات و المعلومات) ثم قدرتها على نشر ثقافتها عالميا.

ولقد سارت على هذا النهج معظم الدول الصناعية الكبرى و لعل هذا ما جعل من مفهوم الجيواقتصادية في تطبيقه مقتصرا على هذا النادي الغربي مع ترك الباب مفتوح أمام دول أخرى خارج هذا النادي و لكن شريطة أن تكون لها مقومات الدولة التي تعتمد استراتيجياتها الاقتصادية على ما اصطلح عليه بالعولمة الاقتصادية وذلك بفتح حدودها و تحرير مبادلاتها التجارية و اعتمادها سياسة اقتصاد السوق .

المبحث الثاني:التحولات الجيواقتصادية في النظام الدولي

لقد كان الإطار التقليدي لدينامية العلاقات الدولية الجغرافية السياسية التي من خلالها تتحدد الأهمية الإستراتيجية للدولة ومدى أهميتها بالنسبة للصراع بين القطبين، فكان بذلك الأمن الوطني رهينا بمدى إدراك هذا البعد الجيوسياسي واستغلاله جيدا لضمان استمرار توازن الدولة والمحافظة على كيانها إقليميا ودوليا.

لكن مع الانتقال إلى الجيواقتصادية( ) أصبح كيان الدولة رهين بقدرتها الاقتصادية ومدى إمكانيتها في مواجهة شراسة التنافس الاقتصادي العالمي، لم يعد للأمن العسكري نفس الثقل السابق، فالعالم يعيش زمن الإعتماد المتبادل المعقد، ولذلك يقترح البعض( ) صيغة التحول من الدول الأمة إلى الكوكب –الأرض كمرجعية أكثر شمولية- بإمكانها تجسيد مختلف الترابطات العالمية التي لا تنحصر في البعد الإقتصادي وإنما تشمل مجموعة أخرى من الأبعاد كمشاكل البيئة والهجرة والإنفجار السكاني والأمراض المعدية الفتاكة والمخدرات…والتي لم يعد بالإمكان لدولة واحدة حلها بمفردها.

فمنذ أوائل السبعينات تبلور مفهوم “النظام الاقتصادي العالمي الجديد” كتعبير عن احتلال العالم الثالث مركز المحاور لبلدان الشمال، وذلك بفضل أغلبيته الساحقة في الأمم المتحدة ودور مجموعة السبعة والسبعين والدور الضاغط لمنظمة الأوبك( ).

ولقد شهد العالم خلال العقد الأخير من القرن 20 بروز قوى اقتصادية جديدة، ساهمت في إحداث تحولات جيو – اقتصادية في النظام الدولي، على حساب الجيو – السياسية، ومن أبرز هذه القوى نجد:

1/ الـيـابـان:

ولقد سعت السياسة اليابانية لكي يكون لها وجود سياسي ملموس على الساحة الدولية يعكس ثقلها الاقتصادي، واعتبرت اليابان من الناحية السياسية تابعة للسياسة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، وعملت على تغيير النظام الاقتصادي ليركز على الفكر الرأسمالي، وإن كان بوصفة يابانية حيث استطاعت اليابان غزو السوق الأمريكية بالسلع الرخيصة والجيدة( )، فلقد تحولت اليابان في السنوات الأخيرة إلى قوة عظمى من الناحية الاقتصادية في وقت خفت فيه القيود المفروضة عليها شيئا فشيئا ليكون لها دور نشيط في الساحة الدولية، بعد أن فرض عليها التحجيم السياسي والعسكري الذي استفادت منه لتدعيم وتطوير قوتها الاقتصادية، لقد استطاعت اليابان أن تصبح في الوقت الحاضر منتجة أكثر مما تستهلك( ).

فمنذ بداية التسعينات أصبحت مسألة الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن تقع على رأس أولويات السياسة الخارجية اليابانية باعتبار أن اليابان مؤهلة أكثر من غيرها للحصول على هذه المكانة، وذلك في ضوء كونها ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم (يبلغ حجم ناتج اليابان المحلي نحو 4.6 تريليون دولار، وقيمة الصادرات نحو 400 مليار دولار سنويا)، ومساهمتها المتنامية في إقرار السلم والأمن الدوليين، فضلا على أنها ثاني أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة بعد الولايات المتحدة( )، وينبغي أن نشير أن ترتيب الدول حسب قوتها الإقتصادية هو خاضع للمد والجزر.

لقد كان يشار إلى اليابان خلال ربع القرن الأخير بأنها “عملاق اقتصادي وقزم دبلوماسي”، ولكن اليابان منذ حرب الخليج بدأت تقوم بدور دبلوماسي يتناسب مع قوتها الإقتصادية( ) على صعيد العديد من الأزمات والمشكلات العالمية المتفجرة، وفي مقدمتها الأوضاع في العراق بعد الإحتلال الأمريكي-البريطاني لها، جنبا إلى جنب مع تطورات الأزمة النووية لكوريا الشمالية والمساهمات اليابانية بالنسبة للأوضاع في أفغانستان وسيريلانكا وتايلاند… والقارة الإفريقية والوضع في الشرق الأوسط على حد سواء( ).

إن اليابان عضو نشيط ومؤثر في مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى، وفي منتدى التعاون الإقتصادي لأسيا والباسفيك (APEC)، وشريك تجاري هام لمجموعة دول الأسيان وفي منتدى الأمن الأسيوي الذي أنشئ سنة 1994، بالإضافة إلى عضويتها النشيطة في الأمم المتحدة وفي أجهزتها المتخصصة في جميع المجالات من سياسية واقتصادية واجتماعية، لاسيما عن طريق الدعم المادي لمعالجة المشكلات العالمية كالبيئة والسكان والتنمية.

وإلى جانب رغبة اليابان في المساهمة بجهد واضح في قوات حفظ السلام الأممية، فإنها تحرص على المشاركة في مختلف المؤتمرات الخاصة بقضايا نزع السلاح ومنع الإنتشار النووي وحظر التجارب النووية، وتعلن تأييدها المطلق لإقامة مناطق خالية من الأسلحة النووية( ).

2- ألـمـانـيـا:

إن تحول ألمانيا إلى قوة اقتصادية جعلها تسعى إلى استعادة دورها المؤثر في الشؤون العالمية المحرومة منه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وإن احتمالات تحول ألمانيا إلى قوة عسكرية كبرى، وربما إلى دولة تملك السلاح النووي، تؤيدها عدة مؤشرات. فالتفوق العلمي والتكنولوجي، والتقدم الصناعي والإقتصادي، ليس كافيا في حد ذاته لفرض الهيبة اللازمة في نهاية القرن العشرين، حيث يتشكل نظام دولي جديد يتميز بتكريس الدور القيادي للدول الأقوى عسكريا، وألمانيا يمكنها التجول بسهولة إلى قوى عسكرية كبرى لأنها تمتلك التقنيات العالية التي تؤهلها لامتلاك الأسلحة النووية بأسرع وقت ممكن مع الوسائل المتطورة لتوصيلها، بل والإنتقال بسرعة إلى الإستراتيجية الفضائية( ).

فألمانيا الموحدة زادت قوتها بعد ما انقلبت الموازين بعد نهاية الحرب الباردة وضمها لألمانيا الشرقية وإمساكها حاليا بورقة عضوية بلدان وسط وشرق أوروبا التي تعتبر العمق الإستراتيجي لألمانيا( ).

ولقد وصف صندوق النقد الدولي ألمانيا بالقاطرة الرئيسية لأوروبا سنة 2007، نظرا لكونها تتمتع بنمو اقتصادي ثابت وبتحسن واضح في التوقعات الخاصة بألمانيا.

وجاء سنة 2007 تقرير الوزارة الاتحادية للاقتصاد عن الوضع الاقتصادي ليؤكد تلك المقولة، ووقفا للتقرير سوف يعيد الإستهلاك الخاص إحياء فترة الإنتعاش الإقتصادي مرة أخرى في وقت قريب، ذلك أن الطلب على الإستثمارات في تصاعد وجميع المؤشرات تسجل ارتفاعا.

كما جعل الإنتاج الصناعي القوي مؤشر مركز الأبحاث الإقتصادية الأوروبية للوضع الإقتصادي الحالي يقفز بنسبة 7.7 ليصل إلى 76.9 نقطة( ).

ولقد كثفت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل جهودها مع بداية عام 2007 لتحقيق أهدافها المعلنة، وهي تجاوز أزمة الثقة بين شاطئ الأطلنطي وإقامة منطقة تجارة حرة تجمع أوروبا والولايات المتحدة، وأتت تلك الجهود في إطار احتلال ألمانيا موقعا قياديا على الساحة الدولية في تلك السنة، حيث ترأست الإتحاد الأوروبي، وأيضا مجموعة الدول الثماني الكبرى( ).

كما يتوقع المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية نمواً اقتصادياً في عام 2011 يصل إلى 2،2%، مما سيجعل الاقتصاد الألماني يحافظ على تقدمه في العامين 2011 و2012.

3- الـهـنـد:

إذا كان التنين الأصفر –الصين- قد فرض نفسه عالميا وإقليميا، فإن النمر الهندي يتبعه الخطى في المجال الاقتصادي ويسعى إلى تعميق دوره وعلاقاته الدولية وتتويجها بالمطالبة بحقه في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن، استنادا إلى أدائه الداخلي والدعم الخارجي.

فكلتاهما أي الهند والصين، لا تحبذ أن تكون أمريكا هي القطب العالمي الأوحد، فكان إعلانهما مواصلة الجهود الرامية إلى تقوية منظمة الأمم المتحدة والعمل معا لتحقيق الإصلاح في المنظمة وإعطاء الأولوية لزيادة حجم تمثيل الدول النامية، وهذا يعني دعم المطالب الهندية في الحصول على مقعد دائم، وتوضحه القراءة الموضوعية للإعلان المشترك الصادر بعد زيارة رئيس وزراء الهند السابق لبكين في شهر يونيو 2003، ثم التصريحات التالية من جانب مسؤولين صينيين في الآونة الأخيرة.

لقد حققت الهند من استيعابها السريع لتكنولوجيا المعلومات وأدائها الاقتصادي عدة نقاط إيجابية تنضاف إلى رصيدها في المطالبة بمكان يلائمها على الساحة الدولية، كما أنها حولت الكثافة السكانية الضخمة التي تخطت حاجز المليار نسمة، رغم ما تعنيه من مشاكل اجتماعية واقتصادية وكذلك عرقية، إلى أساس تستند إليه في المطالبة بحقها على الساحة الدولية، وفي ظل ديمقراطية التمثيل في مجلس الأمن، وأن تكون النسبة السكانية إلى سكان العالم هدفا تسعى إلى تحقيقه على الصعيد التكنولوجي بمعنى أن يكون هناك هندي ضمن كل ستة علماء أو خبراء في تكنولوجيا المعلومات على صعيد العالم، بالإضافة إلى المميزات المترتبة على ارتفاع إنتاجية العامل مع انخفاض الأجور على صعيد القارة الأسيوية، بحيث أصبحت تمثل منافسا سريع الخطوات يحاول اللحاق بالصين في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة الصادرات الخارجية، والأهم من هذا وذاك التوسع الضخم في القيام بأعمال الغير في قطاع التكنولوجيا لصالح شركات عالمية، في مقدمتها الشركات الأمريكية، ثم الأوربية مع التوسع في صادراتها في تكنولوجيا المعلومات، وقد بلغ إجمالي صادرات الهند من تكنولوجيا المعلومات والخدمات المرتبطة بها 60 مليار دولار خلال العام المالي 2010.

لقد أصبحت السوق الهندية مع تعاظم معدلات النمو الاقتصادي والضخامة السكانية، هدفا تتطلع إليه شركات الغربية لإقامة المزيد من المشروعات وتسويق المنتجات محليا، ويكفي أن نشير إلى تراكم احتياطي العملات الأجنبية إلى 299،226 مليون دولار في يناير2011، وحسب آخر استبيان لآفاق الاستثمار العالمي في الفترة ما بين 2010 و2012، خلص مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في جنيف إلى أن الشركات المتعددة الجنسيات تظل مزدهرة بخصوص آفاق الاستثمار في كل من الصين والهند والبرازيل. وتراجعت أمريكا إلى المرتبة الرابعة بعد الركود الاقتصادي الذي شهدته إثر تداعيات الأزمة المالية العالمية.

ويتوقع أن يقفز حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الهند من 2ر1 تريليون هذه السنة إلى 5.1 تريليون في 2011، ليبلغ 6ر1 تريليون في عام 2012م .

ولقد توصلت دول الآسيان ASEAN إلى اتفاق وقعته مع الهند يتعلق بالتعاون التجاري والثقافي والسياسي بينهما، فالهند تؤمن بالدور الاقتصادي المهم الذي تعلبه دول الآسيانASEAN في المنطقة. وقد قفز حجم تجارتها مع دول الآسيان بأكثر من الضعف عام 2010 ليبلغ نحو 50 مليار دولار.

وقد تعهد مسئولون من الهند ورابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان” في نيودلهي بتعزيز التجارة الثنائية إلى 70 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2012 ( ).

لقد حققت الهند قفزة علمية كبرى مما مكنها من بناء قاعدة نووية وأجرت أول تفجير نووي عام 1974، ولقي ذلك صدى إيجابيا من دول العالم الثالث التي كانت تعارض التسلح النووي للدول الكبرى فضلا عن تطور صناعة السلاح الهندية والتكنولوجية الهندية في مجالات صناعية عديدة، ولقد عززت الهند قوتها العسكرية بتفجير القنبلة النووية في مايو 1998، وكذلك تطورها النووي والتكنولوجي، وفي مجالات الصواريخ والفضاء، وهذا رفع من مكانة الهند الدولية والإقليمية وترتب على ذلك مزيد من المهادنة أو التقارب الأمريكي مع الهند( ).

المبحث الثالث : مجالات اشتغال الجيواقتصادية

1-الطاقة

لطالما شكل الملف الطاقي أهمية داخل المنظومة العالمية لكن أهميته زادت بعد نهاية الحرب الباردة .لقد تنبهت الدول إلى أن مصادر الطاقة و بالأخص النفط أصبحت تشكل ضرورة حيوية و إستراتيجية لنماء وتطور اقتصادياتها الوطنية باعتبارها تشكل رهانا أولويا للسلطة . و هذا ما يفسر الصراع الذي نشهده حول هاته المادة الأولية الإستراتيجية،فقد أصبح العالم يعرف ما أسماه باسكال لورو بحرب النفط تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تنبأ المحللون بأن أسعار النفط لن تستقر في القريب المنظور وبأن العالم مقبل على مرحلة حرجة وصعبة من الأزمات المفتوحة و الحروب المعلنة من أجل التحكم في النفط و لعل الملفات المطروحة على الساحة الدولية من حرب على العراق، الملف النووي الإيراني، كوريا الشمالية الصراع الأوربي الروسي ثم الضغوطات السياسية في الجمهوريات القوقازية لها صلة وثيقة بالهيمنة على مصادر الطاقة و بصورة استباقية ذلك أن الشغل الشاغل للدول الان هو كيفية تأمين أكبر احتياطي للطاقة .

وهذا ما يفسر الصراع الأمريكي الصيني، فخشية الولايات المتحدة الأمريكية من التعملق المتسرع للصين هي التي دفعتها إلى إقامة شراكة اقتصادية طاقية و إستراتيجية مع روسيا فهده الأخيرة تملك 5% من المخزون النفطي العالمي و 45% من الغاز العالمي و تقترب في توجهاتها و سياساتها من العقيدة الأمريكية المرتكزة على السوق الليبرالية أما المنطقة الغربية لروسيا ما بين بحر قزوين و آسيا الوسطى فهي تنام على 6 % من المخزون العالمي وتشكل منطقة تنافس شرس بين الشركات الأمريكية والأوربية و الروسية . و لعل تمويل واشنطن لانشاء أنابيب تربط بين باكو عاصمة أذربيجان و بين ميناء سيهان في تركيا يدخل ضمن مسلسل هذا الصراع المفتوح، كما أن مناطق خليج غينيا في غرب القارة الإفريقية تتمتع بمخزون متزا يد من النفط و هي مناطق أقرب جغرافيا للقارة الأمريكية و يمكن أن تشكل أحد المصادر الطاقية المهمة..

2-الأمن الغذائي

في مطلع القرن 21، لقد دخلنا عهدا جديدا في اهتمامات الأمن الغذائي العالمي. وقد ارتفع عدد سكان العالم إلى أكثر من ستة مليارات ويتوقع أن ترتفع إلى تسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050. وقد أصبح تحقيق الأمن الغذائي للكثير من الناس أكثر صعوبة في السنوات الأخيرة بسبب مزيج من العوامل المترابطة العلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية([16]).

لكن العوامل الاقتصادية هي المحرك الرئيس لجميع المخاطر التي يواجهها العالم على جميع المستويات السياسية والاجتماعية، كارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، وازدياد الطلب على الطاقة، وظهور القوى الاقتصادية الجديدة، وانخفاض الدولار، والتحديات التي تواجه الأسواق المالية العالمية، والارتفاع الكبير لمعدلات التضخم العالمية لجميع السلع. إن هذه العوامل تمثل لب مشكلة ارتفاع تكاليف الغذاء حول العالم التي جعلت مخزون الغذاء العالمي في أدني مستوياته منذ 25 سنة، فلا شك أن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، وتحديدا في الصين والهند، وبالتالي ارتفاع معدلات دخل الفرد وازدياد الرفاه الاقتصادي لدولتين تمثلان نحو 40 في المائة من سكان الكرة الأرضية، لا شك أن هذا التغير الاقتصادي ـ الاجتماعي يرفع معدلات الطلب، وبلا شك يضغط على الموارد الغذائية العالمية ويزيد أسعارها، ويهدد مستقبلها. العامل الآخر الذي يهدد مستقبل الغذاء العالمي هو ارتفاع أسعار البترول لمستويات تاريخية، فارتفاع أسعار البترول إلى مستويات تاريخية يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في الأمن الغذائي العالمي، فارتفاع مدخلات القطاع الزراعي من الصناعات البتروكيماوية كالأسمدة وغيرها يزيد من تكلفة الإنتاج بشكل مباشر، وكذلك فإن ارتفاع أسعار البترول كان له مردود طردي على إنتاج الوقود الحيوي الذي تحاول الكثير من الدول تطويره كبديل للبترول، فعلى سبيل المثال، فإن 30 في المائة من إنتاج الذرة في الولايات المتحدة يستخدم في إنتاج الوقود الحيوي، ولا شك أن الدعم الحكومي الأمريكي لذلك التوجه جعل الاتحاد الأوروبي يعترض على اعتبار انه من الدعم الذي ينافي اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، ولا شك أن هذا الاستخدام يؤثر في مخرجات القطاع الغذائي لغير الاستخدامات الغذائية، وبالتالي قلة العرض من المنتجات الغذائية.

من العوامل الاقتصادية الأخرى التي أثرت في مستويات طويلة الأجل، وكذلك بشكل غير مباشر، ذلك الناتج عن سياسات السوق الاقتصادية المفتوحة التي بدورها شجعت عمليات الاستثمار الأجنبي لجميع الدول، ومنها ازدادت العجلة الصناعية العالمية بشكل غير مسبوق، هذا العامل أثر في المناخ العالمي، ما أدى إلى ارتفاع حرارة الأرض وتأثير ذلك في القدرة الزراعية العالمية، ومن ثم الإنتاجية في هذا المجال. من جهة أخرى، فإن الثورة الصناعية قد أثرت في التركيبة السكانية للعالم من ناحية زيادة عدد المدن الحضرية، وتقليل جاذبية القرى الزراعية، وكذلك قلة المزارعين، وبالتالي قلة الناتج الزراعي العالمي، ليس هذا فحسب، بل إن العالم يواجه تقلصا في الأراضي الزراعية لحساب التوسع الصناعي، وبذلك يتم تحويل المزارع إلى مصانع، لتزيد الرفاهية الاقتصادية ويقل الغذاء.

ختاماً، فإن الأمن الغذائي العالمي الذي أصبح هاجس جميع الدول هو نتيجة حتمية وطبيعية للمتغيرات الاقتصادية الدولية، وعلى رأسها ارتفاع أسعار البترول، ولذلك، فإن هذه الدورة الاقتصادية، إذا ما استمرت لفترات أطول قد تكون خطرا يجب التعاطي معه بصفة جماعية

المبحث الرابع: تحديات تعيق انتعاش الاقتصاد العالمي وتضع مفهوم الجيواقتصادية على المحك.

إن تحصيل المكاسب الاقتصادية سيدفع الدول إلى التكتل أو إلى تشكيل قلاع اقتصادية كنوع من الحمائية الاقتصادية.

والملاحظ الآن أن تكوين تكتلات اقتصادية هو في تعاظم مستمر، وهو ما يدل حتما على أنه لا مكان للدول في العولمة إن لم تندمج في فضاءات اقتصادية.

إلا أن الدول النامية وبالرغم ما يتوفر لها من مقومات التكتل لم تشهد قيام تكتلها الاقتصادي الذي تواجه به عولمة الاقتصاد ومختلف التكتلات الاقتصادية القائمة حاليا، فأصبحت اقتصادياتها في الوقت الراهن من غير الممكن أن تكون بمعزل عن تلك التطورات والمستجدات، كما أنها لا تستطيع أن تتوقف عن الاندماج في الاقتصاد العالمي، واندماجها قد يتوافق مع إتاحة فرص جديدة للتقدم الاقتصادي للدول، إلا أنه في المقابل يعني تصاعدا كبيرا في التبعية الاقتصادية للدول المتقدمة خاصة صناعيا.

الانتعاش الاقتصادي في 2011 قد لا يكون بمنأى عن خطر الانزلاق وراء قوى كثيرة تشكل تهديداً له، فالأعوام المقبلة حافل بالتحديات الجديدة، التي تتمثل في تسع مشاكل، كالآتي:

1- الإنفاق: قد يكون المستهلكون والشركات قد أرهقوا أنفسهم في الربع الأخير من 2010، فالمتسوقون انحازوا إلى الادخار أثناء الركود وربما بدأوا الآن في إعادة الاقتراض من أنفسهم. وهو ما قد يسبب صداعاً للإنفاق في 2011.

2- أسعار النفط: بدأت أسعار النفط بالاتجاه تصاعديا نحو 100 دولار للبرميل، أما أسعار الغازولين فبلغت 3 دولارات للغالون العادي، و3.50 دولارات للممتاز. وتبدو منظمة أوبك جاهزة لتثبيت إنتاجها عما هو عليه حاليا، لكن بعض الأسباب تبرز لأعضاء المنظمة التخلي عن هذا النهج الذي سيجعلهم أغنى مما هم عليه، فشهية الصين على الخام والطقس البارد غير العادي في شمال الكرة الأرضية سيعزز من الطلب على الوقود، وتهدد الأحوال الجوية والطقس البارد من جانبها انتعاش الدول الأوروبية.

3- خلق الوظائ‍ف: لم يستطع الاقتصاد الأميركي توفير إلا القليل من الوظائف، واعترف مجلس الاحتياطي الفدرالي بان مستويات البطالة ستبقى أعلى من 9 في المائة خلال العام المقبل، وتعد الشركات الصغيرة محركاً حساسا لأي انتعاش، وفي هذا تجد معظم هذه الشركات فرصا قليلة للحصول على تسهيلات ائتمانية، مما يجعل من توسعها أمرا بالغ الصعوبة، وربما يأخذ قطاع الوظائف فترة أطول حتى ينتعش، فالمستهلكون يمثلون ثلثي الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، أما معدلات البطالة الطبيعية فتصل إلى 5 في المائة، وهو معدل قد لا يظل منخفضا لسنوات عدة قادمة.

4- الأرباح: قد لا تكون الأرباح جيدة كما يتوقع في 2011، فأرباح البنوك ستنخفض من دون شك، والنشاط المؤسساتي سيتباطأ وهو ما سينطبق على عمليات الاستحواذ والاندماج أيضا، كما أن شركات مالية كبيرة لا تزال تحتفظ بأصول متعثرة بقيمة مئات المليارات من الدولارات، وتشمل هذه الأصول قروضا تجارية وعقود أسهم، وكثير منها قد لا يستعيد قيمته الأصلية أبدا.

6- التقشف: أصبح مبدأ التقشف شائعاً جداً في الآونة الأخيرة في أوروبا، الأمر الذي جعل الساسة الأميركيين يفكرون في تنفيذه، وتقول النشرة ان معايير التقشف ستكلف 400 الف وظيفة حكومية في بريطانيا، وربما يكون هذا الرقم أعلى بكثير في أميركا.

7- الاضطراب العالمي والعربي : يبدو العالم اليوم أكثر اضطرابا مما كان عليه قبل عام مضى، وأوضح مثال على ذلك هو ما يجري في كوريا، فالحرب بين الكوريتين مهما كانت صغيرة أو تم احتواؤها فستدمر الثقة من ان العالم بات أكثر أمانا،زد على ذلك الثورات التي تشهدها الدول العربية و تأثيرها على الوضع الاقتصادي الدولي وبالتالي على استمرارية مفهوم الجيواقتصادية.

8- التضخم: تتجه أسعار السلع في الفترة الاخيرة نحو الارتفاع، ولعل النفط الخام ابلغ مثال على ذلك، في حين ان سلع القطن والصويا والحبوب واللحوم تتجه كل واحدة منها الى اعلى مستوياتها، وعلى الشركات والمستهلكين تحملها من دون شك، وان لم يستطيعوا فسوف تعاني الشركات التي تستخدمها من انخفاض هوامشها، الامر الذي سيؤثر في الارباح، وانفاقات رأس المال، وفي حين يتجه التضخم نحو الارتفاع يبدو ان المشكلة الحقيقية ستتبلور أكثر بعد فصل أو اثنين على ابعد تقدير.

9- الاقتصاد العالمي: من المتوقع المزيد من الانهيار أمام اقتصاديات دول أوروبية عديدة وهو ما سيحمل اثرين فوريين، الأول يتعلق بزيادة الحكومات الضريبية على المستهلكين في تلك المنطقة في محاولة لتخفيض العجز، وهو ما سيؤثر سلبا في استيراد السلع الاستهلاكية التي تشكل تحديا للاقتصادين الأميركي والصيني، والأمر الثاني هو أن الديون السيادية لكثير من دول منطقة اليورو تعود إلى بنوك ذات جنسيات متعددة، وقد يسبب التعثر سلسلة أخرى من خسائر البنوك كالتي حصلت قبل نحو عامين، وبناء على ذلك، لا يبدو أن الانتعاش من الركود العميق سيسير مثل تجارب التعافي السابقة. ([17])

[1] – مصطفى بخوش، مجلة العلوم الانسانية، جامعة محمد خيضر بسكرة العدد الثالث.

[2] – حنان بناصر، انكفاء الدبلوماسية المغربية في المحيط العربي حقيقة أم ادعاء،جامعة محمد الخامس،أكدال.

[3] – إدوارد نيكولاي لوتواك : ولد في 1942 برومانيا ، اقتصادي أمريكي متخصص في الجيوسياسة و الاستراتيجية، و هو عضو في مجمع دراسات الأمن القومي (National security study group) بوزارة الدفاع الامريكية و مركز الدراسات الإستراتيجية و الدولية (center for strategic and internetionel studies) في واشنطن. Edward Luttwak , from geopolitics to geoeconomics, national.

[4] – Edward Luttwak, Le rêve américain en danger, Paris, Odile interest 20, 1990, pp 17-24

[5] – Jacob ; translated from the endangered American Dream .how to stop the united states from being a third world contry and how to win the Geoeconomic Struggle For Industrial supremacy, New York Simon & Schuster, 1993.

[6] – Edward Luttwak,op.cit,pp.34-35.

[7] – Steve Cohen et John Zyman , Manufacturing Matters, The Myth of the post-Industrial America’s Mistakes, The Berkeley Roundtable on The International Economy, University of California, Working Paper 40,September 1992

[8] – Edward Luttwak, op.cit, pp 41-42.

[9] – جان فرنسوا دغوزان(Jean-François Daguzan): من مواليد 1953، حصل على دكتوراه في القانون والعلوم السياسية، و هو كبير الباحثين في مؤسسة البحوث الإستراتيجية Fondation pour la recherche stratégique))، و أستاذ في جامعة باريس 2، كلف بعدة مهام في الشؤون الصناعية البحث و التطوير بالأمانة العامة لوزارة الدفاع (Secrétariat général de la défense nationale) (1987-1991) المرتبطة مباشرة برئيس الوزراء. وشغل منصب كبير الباحثين ثم نائب الّامين العام في مركز البحوث و الدراسات في الإستراتيجية و التكنولوجيا(Centre de recherche et d’étude sur les stratégies et les technologies ) (-1991 1998)، و مدير الدراسات في مؤسسة البحر الأبيض المتوسط للدراسات الاستراتيجية Fondation méditerranéenne d’étude stratégiques)) (2000-1996)، ويشغل أيضا منصب رئيس تحرير مجلة الجيواقتصاد(Géoéconomie) ومجلة المشرق العربي (Maghreb-Machrek).

[10] – Jean-François Daguzan Survivre à la crise ou le retour brutal de la géoéconomie , revue Géoéconomie,2009,n°50,pp.31-38.

[11] – بسكال لورو Pascal Lorot:من مواليد 1960، حصل على الدكتوراه في الاقتصاد بمعهد العلوم السياسية بباريس و دكتوراه في العلوم السياسية بجامعة باريس2، ويشغل –منذ عام 2003-منصب رئيس مجلس إدارة “Institut Choiseul pour la politique internationale et la géoéconomie”، و هو مؤسس و مدير مجلة “الجيواقتصاد” منذ عام 1997.

[12] – Sylvain Allemand, La géoéconomie, les enjeux politique du commerce, entretien avec pascal Lorot , Sciences Humaines, Hors-série n°22, septembre-octobre 1998.

[13] – Bob Ryerson 2008, La géoéconomie, Direction Magazine,17 juin.

[14] – VIVIANE DU CASTEL, la Géoeconomie et les Organisations internationals les enjeux du XXIe siècle

[15] – PASCAL LOROT, La Géoeconomie. Nouvel Grammaire des Rivalités Internationales-

[16] – http://www.purdue.edu/dp/food/.

[17] – http://www.w-tb.com/wtb/vb4/showthread.php?1132

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button