دراسات سياسية

مفاهيم سياسية: الخداع السياسي

مفهوم الخداع يعني الكيد والمكر والتدبير في الخفاء ، وإظهار شيء واستبطان شيء آخر ؛ أي إظهار الخير وإبطان الشر . ويندرج الخداع تحت صفات النفاق وهي التلون والكذب والغدر والمكر والرياء والتملق والتحريف والتدليس والمواربة والمداهنة والتلاعب والختن والزيف والزور والبهتان .
وهناك صفات شيطانية ومنها يتشعب الحسد والبغي والحيل والغش والتمويه والتضليل والنفاق والأمر بالفساد وفي لغة المصلحة يندرج بصفات الإغراء والمراوغة والتسلق والانتهازية والطفيلية ” وعادة ما يلبس الباطل لباس الحق للتمويه والتضليل ولبساطة عقول الناس ولحسن ظنهم قد ينجح الباطل ولوجود أنصار مؤيدين ولكن وعد الله بأن يزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً ؛ وقال تعالى ( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ” فاطر 43) وتتجلى صور الخداع والمكر في قصة يعقوب عليه السلام وأولاده في القرآن الكريم قال تعالى ( جاؤوا أباهم عشاء ً يبكون * قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين “) ” “يوسف 16-17 ” وما الحول و القوة لرجل مسن أن يفعل وهو يواجه أحد عشر رجلاً اتفقوا بمكر وخداع على كلمة واحدة ومثلوا مسرحية ” قميص ملطخ بالدم وكلهم يبكون على أخيهم صغير السن المفقود ؟!!! وما الذي جعلهم يلقون أخاهم الصغير في البئر للتخلص منه وهم رجال بالغين عاقلين سوى الحسد والغل مع المكر والخداع !!كذلك الكذب بقولهم أكله الذئب ….. ولسيدنا يوسف شأن آخر مع القميص ولكن هذه المرة بدون دم في قصته مع امرأة العزيز ” وشهد شاهد من أهلها … وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين ” قال تعالى ” والمكر السيء يحيق بأهله ” صدق الله العظيم .. ومع كل ذلك أصبح لسيدنا يوسف مكانا لم يتخيل لإخوته أن يصل إليه عندما أصبح أمينا ً على خزائن أرض مصر .
دستور الخداع السياسي الغاية تبرر الوسيلة كتاب الأمير يحتوي على فن المكر والخداع وهو دستور الساسة ولا نرى عجبا ً أن يتخذ موسليني هذا الكتاب موضوعا في رسالة الدكتوراة وان يتخذ صديقه هتلر زعيم النازية كتاب الأمير كتاب المفضل وقيل إنه لم يخلد إلى النوم قبل أن يقرأ شيئا ً منه ؛ أما تشرشل رئيس وزراء بريطانيا فقد تأثر هو الآخر بهذه الأفكار الميكافيلية في مقولته الشهيرة ” ليس لبريطانيا أصدقاء دائمون وأعداء دائمون بل مصالح دائمة “
*الغاية تبرر الوسيلة
يرى ميكافيلي أن التجارب قد أكدت بالرغم من مدح الناس للأمير العادل فإن استعلاء الحكام وعظمتهم تعود إلى استعمالهم لأساليب المكر والخداع وإن على الحاكم الجمع بين القانون واستعمال العنف والقوة ؛ فلا حكم يستمر إلا لمن يستطيع الجمع بين القوة والمكر والخداع حتى لا يفتضح أمره و من سذاجة الرعية تجعلهم ينقادون بسهولة نحو الخداع والألاعيب .
والنشاط السياسي في منظور الغاية تبرر الوسيلة لا أخلاق معه فلا مانع من الكذب والمكر والخداع والرشوة وشراء الذمم ، وإن كل شيء في الحياة يتخلص في معركة الوسائل التي تمكنه من بلوغ الغايات المرجوة !! مع شرط عدم وجود حكم أخلاقي في هذه القاعدة !!
الخداع السياسي وقضية فلسطين!!
على مدى مراحل القضية الفلسطينية صاحبها مكر وخداع حيك بإتقان بتزييف التاريخ وظلم وجور وقع على العرب وقد مر هذا الخداع على مراحل أهمها :
1-خداع البريطانيين للشريف حسين بغدرهم به عندما تنصلوا بوعودهم باستقلال المناطق العربية في الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق مقابل قيام ثورة عربية ضد العثمانيين فيما عرف بمراسلات الحسين ومكماهون 1915-1916 .
2- خداع البريطانيين العرب بإعطاء اليهود وعد بلفور والذي يقضي بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين عام 1917 .
3- صك الانتداب البريطاني الذي أقر من عصبة الأمم عام 1922وتعيين هربرت صموئيل الصهيوني المندوب السامي لبريطانيا ؛ وقد ساعد إلى حد كبير هجرة اليهود وتملك الأراضي العربية في فلسطين و تمكنوا من إنشاء قوات عسكرية ومؤسسات اقتصادية وسياسية وتعليمية وقد اقترن الانسحاب البريطاني من فلسطين بإعلان قيام دولة إسرائيل . 4- قرار التقسيم خداع سياسي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة نوفمبر 1947 صدر قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية وإسرائيلية الذي أعطى الأقلية اليهودية 54% من مساحة فلسطين و45% للعرب .
5-قيام دولة إسرائيل الذي تزامن مع الانسحاب البريطاني في 14 مايو 1948 وفي اليوم التالي أعلن اليهود قيام دولة إسرائيل في 15 مايو 1948 فيما أطلق عليه العرب بنكبة فلسطين .
6-حرب حزيران 1967 حيث شنت إسرائيل هجوما مفاجئا على العرب و ادعت إسرائيل بأنه دفاع عن النفس وأطلق عليها العرب نكسة فلسطين حيث سقطت فلسطين كاملة واحتلت سيناء وهضبة الجولان .
7- خداع سياسي إسرائيلي بعدم التقيد ببنود معاهدات السلام أوسلو1993 بإقامة المزيد من المستوطنات وقيام الجدار العازل واعتقال أعضاء في البرلمان الفلسطيني ، و حصار قطاع غزه .
الخداع والتلاعب بنص القرار 242
عندما أقر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 242 حول الصراع العربي الإسرائيلي وقع العرب ضحية خداع في ترجمة النص من اللغة الإنجليزية والفرنسية والخطأ يدور حول ” ال” التعريف إذ حذف من النص الإنجليزي حول الانسحاب الإسرائيلي من ” أراضي عربية محتلة ” والذي اعتمدته الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ، أما النص الفرنسي للقرار ويفيد بضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة . إن إسقاط ال التعريف في الترجمة حدث عن طريق خداع وتضليل سياسي فاضح قام به ممثل بريطانيا في مجلس الأمن الدولي اللورد كارادون عندما تلاعب في مسودة ” القرار 242 “.
” طغاة وجبابرة على نهج ميكافيلي “
يعد الخداع رأس الفساد وقد مثل دور الحاكم المستبد ” فرعون” والسياسي الوصولي الذي يسخر مكره وخداعه وذكائه وخبرته في خدمة الحاكم المستبد ويمثله ” هامان ” والرأسمالي الإقطاعي زعيم المحافظين الجدد الذي يسعى لكسب رضا الحاكم من أجل زيادة رأس ماله من عرق ودم الشعب ويمثله ” قارون ” وإن كان هؤلاء قد سبقوا نيكولو ميكافيلي بقرون و يضاف إليهم النمرود الذي حاج إبراهيم في ربه ” وقال أنا أحي وأميت ” كذلك القيصر الروسي إيفان الرهيب الذي مكر وخدع واستخف الناس وذبح الآلاف ، وجاء سليم الأول المرعب ليعمل بوصية ميكافيلي أيضا عندما خلع والده بايزيد الثاني عن العرش بمساعدة الإنكشاريين في الدولة العثمانية وقام بنفيه لتوافيه المنية على الحدود ولم يكتفي بذلك بل جمع جميع إخوته الكبار وأبنائهم وقضى عليهم جميعا ً بحجة ضمان أمن ملكه وقام وبضربة واحدة ليقضي على 40 ألف شخص بريء في الأناضول واستحق لقب ياوز ؛ أي المرعب أو الرهيب ، و تستمر هذه الأصناف مكراً و خداعاً و استبداداً في كل زمان و مكان إلى قيام الساعة . وليس من الصدفة أن يطبق قادة الأمريكان وحيث نيكولو نصا ً وروحا ً.
فقد ابلغ الرئيس الأمريكي السابق بل كلينتون عام 1993 الأمم المتحدة بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستتصرف جماعيا ً عندما يكون ذلك ممكنا ً ، وستتصرف أحاديا ً عندما يكون ذلك ضروريا ً وأعلن أيضاً وزير الدفاع الأمريكي ويليام كوهين عام 1999 أن الولايات المتحدة ستستخدم القوة أحاديا ً للدفاع عن المصالح الحيوية التي تشمل ضمان الدخول غير المقيد إلى الأسواق ومصادر الطاقة والمصادر الإستراتيجية هذا ما صرح به ” نعوم تشومسكي الدول المارقة ” وقد طبقت الإدارة الأمريكية و هذه بعض النماذج: 1- هاري ترومان يأمر بإسقاط القنبلة الذرية الأولى في العالم على مدينة هيروشيما وبعد ثلاثة أيام لاقت مدينة نجازاكي نفس المصير لتمسح المدينتان عن وجه الأرض وهذا الإجرام تعزز بأن غاية العقيدة العسكرية تبررها الوسيلة وهي القضاء على المدن والمدنيين من أجل أن يستجيب العسكر للاستسلام عن طريق الإبادة الغير تقليدية وهم يفتخرون بذلك . 2- في حرب الكوريتين طالب الجنرال جون مكارثر بان تضرب القوات الأمريكية كوريا الشمالية بالقنابل الذرية بعد أن دكت مدنها بأطنان القنابل والأسلحة الفتاكة الأخرى ولكن طلب الجنرال مكارثر واجه معارضة قوية .
3- الرئيس الأمريكي جونسون أمر بحرق فيتنام بقنابل النابالم المحرمة دوليا ً ورش المبيدات السامة ومعظم ضحاياها من المدنيين .
4- الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب استخدم سلاح اليورانيوم المنضب وعلى مدى شهرين تم قصف جميع المدن العراقية بملايين القنابل ولا ننسى قصف ملجأ العامرية في وسط بغداد وقد فاق سلاح الحصار سلاح القنابل والصواريخ فقد مات ملايين الأطفال والنساء والشيوخ من جراء هذا الحصار على مدى اثني عشر عاماً قبل اجتياح العراق، والسلاح الآخر هو ضريبة الحرب الباهظة التي أمر بوش دول الخليج خاصة والدول الرأسمالية بدفع مليارات الدولارات لتمويل حرب الخليج الثانية.
5- جورج بوش الابن: ” إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا ؟!!” غاية ميكافيلي التي تبرر الوسيلة تمر الآن بصراع الحضارات حسب هنتغتون وصولا بنهاية التاريخ لصاحبها فوكوياما، ويعد جورج بوش القائد الفذ الذي استلهم هذه المفردات وترجمها من خلال تمكنه من حرق للحضارات وتدمير لعديد من الدول تحت مبررات نشر القيم والديمقراطية وحقوق الإنسان على الطريقة الأمريكية التي تطبق مبادئها عبر استخدام أسلحة الدمار الشامل و منها الفسفور الأبيض والحصار والتجويع والاحتلال وإفناء ً للشعوب وتغيير النظم السياسية بالقوة وتستخدم التعددية لإفناء الشعوب ، وتخرق حقوق الإنسان جهارا ً نهارا ً وتنشئ معسكرات التعذيب الشبيهة بالمعسكرات النازية !!
الخداع والكذب واحتلال العراق !!!
أعدت الخطة بإتقان بخداع ومكر حيك بخيوط الأجهزة الاستخباراتية FBI ، CIA بوهم الرأي العام الأمريكي بصحة المعلومات التي تفيد بوجود أسلحة الدمار الشامل وباتت مشروعية الحرب باطلة بعدم إثبات امتلاك العراق لهذه الأسلحة وباتت الأصوات تتعالى في لندن وواشنطن الحيلتين بالخداع و تلفيق الأدلة وتضليلا للرأي العام .
و في أفغانستان والعراق شلال دم ، ونار الحرب طالت باكستان وتركيا ، و تدخل سوريا دائرة العقاب الأمريكي إذ قامت القوات الأمريكية المحمولة جواً بالإنزال على مزرعة السكرية التابعة لمنطقة البوكمال داخل الأراضي السورية في 26/10/2008 لتقتل و تجرح عدداً من المدنيين الأبرياء و لتعود هذه الطائرات إلى قواعدها في العراق و هناك دول أخرى تنتظر على قائمة الفوضى الأمريكية الخلاقة !! ومن مفردات الغاية تبرر الوسيلة استلهم الأمريكيون مفردات الفوضى الخلاقة .!!!!!
الفوضى الخلاقة :
ففي سنة 1924 أصدر عالم الاقتصاد النمساوي شامبتير 1883-1950 كتابه الشهير عن الرأسمالية والاشتراكية والديمقراطية ، وأطروحة الكتاب المركزية ” أطروحة التدمير الخلاق ” وما أنتجته من ” المنافسة الهدامة ” إنها تدمير هدام يسهم في خلق ثورة داخل البنية الاقتصادية عبر التقويض المستمر للعناصر الشائخة والخلق المستمر للعناصر الجديدة . أطروحة ” شامبتير “عقيدة استرشد بها غلاة الإدارة الأمريكية فباسم هذه الأطروحة دمر العراق واستلبت موارده وزرعت به بذور فتنة طائفية ومذهبية وأحزاب متناحرة وفوضى الخطف والتقليد والقتل والتهديد ، إنها فوضى بوش وإدارته الخلاقة التي تبشر بشرق أوسط جديد !!
أهداف الفوضى الأمريكية الخلاقة :
الفوضى الخلاقة هي إثارة الفتنة وتفتيت القوى وزعزعتها ضمن إستراتيجية ( فرق تسد ) وضمن الدوائر التالية كما بينها السيد محمد حسين فضل الله لمجلة ” تحولات “
1-في الدائرة الإسلامية تحاول هذه الإدارة إثارة المشكلة السنية الشيعية لإشغال المسلمين بهذا الجدل التاريخي الطويل عن القضايا الكبرى مثل احتلال فلسطين واحتلال العراق . 2-دائرة التطرف والاعتدال ، فالإدارة الأمريكية تحاول تقسيم العالم العربي والإسلامي إلى قسمين الدائرة ” المعتدلة ” التي تتوافق مع سياسة الإدارة الأمريكية وتسير في ركبها الدائرة ” المتطرفة ” التي تعارض سياسة الإدارة الأمريكية لأن هذه الإدارة تحاول إدخال خطوط سياسية جديدة تقحم إسرائيل والدول غير المتصالحة معها على فرضية إن العدو ليس إسرائيل وإنما هو إيران .
3-دائرة القوميات – القومية العربية مقابل الإيرانية تحت تأثير سعي إيران للسيطرة على العالم العربي ومن خلال إثارة الملف النووي الإيراني ، و إذكاء سياسة المحاور كالمحور الإيراني و الدول المندرجة تحته و محور الاعتدال العربي الذي يقف ضد المحور الإيراني .
الأهداف الرئيسة لاحتلال العراق :
1-السيطرة على النفط العراقي ومخزونه الإستراتيجي على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة من أجل تامين إنتاجه وإتاحة فرص الاستثمار فيه للشركات الأمريكية في ظل الاحتياجات المتزايدة وإذا علمنا بأن احتياطي النفط العراقي يقدر بثلاثمائة مليار برميل .
2-إزاحة نظام متطرف حسب التعريف الأمريكي بنظام موالي وتحويل الجيش العراقي من جيش عقائدي إلى جيش ذو صفة أمنية ودفاعية فقط .
3-تحويل العراق إلى قاعدة ومحمية أمريكية ولما لها من تأثير على توازن القوى الدولية .
4-إخراج العراق بقوته وموارده من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي وربما تحويله إلى مؤيدا ً للسياسات الأمريكية والإسرائيلية في ظل معطيات الفوضى الخلاقة .
العواقب الوخيمة والاتفاقية الأمنية :
في ظل مطالبة بعض المسؤولين العراقيين تعديل الاتفاقية الأمنية مع الإدارة الأمريكية لان فيها بنوداً مجحفة أدلى قائد هيئة أركان الجيش الأمريكي الجنرال ” مايكل ميلان ” بتصريح عنيف فيه تحذير شديد اللهجة للحكومة العراقية إن هي رفضت التوقيع على الاتفاقية فإنه سيكون هناك “عواقب وخيمة ” وترددت هذه المقولة على لسان ” روبيرت غيتس ” وزير الدفاع الأمريكي هناك عواقب وخيمة في حال عدم اتفاق سريع مع العراقيين ورافضا ًأي تعديل على هذه الاتفاقية .
إن العواقب الوخيمة على العراق هي في إبقاء الاحتلال ولو بوجود جندي أمريكي واحد على أراضيه و بعدم ارتباطه بمعاهدات واتفاقيات تمس سيادته .
والعواقب وخيمة أيضا ً على الأمريكان في ظل المستنقع العراقي الذي دفعهم اليه غرور وحقد الإدارة الأمريكية لا سيما مع ارتفاع خسائر قواتها وتنامي المعارضة الشعبية لهذا الاحتلال وارتفاع تكاليف الحرب على العراق التي وصلت إلى ترليونات الدولارات وقد وصلت حسب التقارير إلى ما يصل إلى 12مليار دولار شهريا مؤثرا ً بذلك على الدين الداخلي الأمريكي حيث يزداد بحوالي 1,4 مليار دولار يوميا ً ويساوي مليون دولار كل دقيقة !!
جدل الاتفاقية الأمنية !!
الاتفاقية الأمنية ستوقع وإن كانت المعارضة لها أمورا شكلية على مجمل بنود الاتفاقية وقد أوردت بعض الصحف الأجنبية عرضاً لبنود الاتفاقية والتي من أهمها إقامة 50 قاعدة عسكرية أمريكية في العراق بشكل دائم والسيطرة الأمريكية على الأجواء العراقية وأنه لا يسمح لأي شخص أن يدخل أي طائرة أو سفينة أو قاعدة أمريكية !! والحصانة القانونية للقوات الأمريكية والمقاولين الأمريكيين .
يجيء الضغط الأمريكي للتوقيع على الاتفاقية قبل نهاية حكم الإدارة الأمريكية وهذا ما سبب حرجا ً للحكومة العراقية ويكون هنا التوقيع دعما ً للمرشح الجمهوري جون ماكين ؛ وفي المقابل يصعب على رئيس ديمقراطي قادم إذا فاز أوباما تعهده بسحب القوات الأمريكية من العراق بسرعة.
و في النهاية شكل العدوان الأمريكي على العراق ضربة قوية للنظام العربي تمثل في فشل الجامعة العربية من منع وقوع العدوان و الاحتلال بل إن بعض الدول العربية قد ساهمت و للأسف في العدوان بفتحها الأجواء و البحار للقوات الأمريكية و المتحالفة معها و قدمت دعماً لوجستياً لهذه القوات الغاشمة أما على الصعيد الدولي فإن الفوضى الأمريكية الخلاقة و وصية ميكافيللي ” الغاية تبرر الوسيلة ” التي من خلالهما غزت القوات الأمريكية أفغانستان تحت ذريعة التخلص من نظام طالبان و غزت العراق للتخلص من نظام ديكتاتوري حسب زعمها و كان ذلك بحجة أن الأمن القومي الأمريكي معرض للخطر فقد كرس هذا العدوان ضعف الأمم المتحدة و هامشية دور أعضائها و تعزز الدور المحوري للولايات المتحدة في إدارة العالم مفرزةً آثاراً خطيرة على مجمل العلاقات الدولية و النظام الدولي و فاتحةً الباب أمام تكرار هذه السابقة الخطيرة في نزاعات مشابهة أو مفتعلة يساعد في ذلك هيمنتها على قرارات الأمم المتحدة و بتوظيف القانون الدولي حسب مصالحها و أخيراً إننا ننتظر أن ينال الظالم جزاؤه ، و أن تقع عقوبة الله سبحانه و تعالى على من نكّل و قتل و تلطخت يداه بدم كل طفل و امرأة و شيخ بريء سواءً في البلاد العربية و الاسلامية أو في أي مكان في العالم و أن تطال يد العدالة كل مجرمي الحرب في الإدارة الأمريكية المتصهينة و ينالوا جزاءهم العادل .

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى