النظم السياسية المقارنة

مفاهيم في السياسة المقارنة الجديدة

جامعة الجزائر 3
قسم العلوم السياسية و العلاقات الدولية
د.أمحند برقوق – مادة النظم السياسية المقارنة

قائمة المفاهيم:

1- العولمة: الظاهرة و المفهوم
2- العولمة السياسية
3- المواطنة الديمقراطية
4- الثقافة الديمقراطية
5- السلم الديمقراطي
6- المواطنة العالمية
7- التباين السلطوي
8- التعقيد المؤسساتي
9- الجودة السياسية
10- العقلانية السياسية
11- الحنكة السياسية
12- الفعالية السياسية
13- المشروعية السياسية
14- الديمقراطية المشاركاتية
15- الشفافية السياسية
16- التعددية السياسية
17- المجتمع المدني
18- الديمقراطية المحلية
19- الإنتخابات الديمقراطية
20- الحكم الراشد
21- الرشادة السياسية
22- الدولة المنطقية
23- الدولة الذكية
24- الدولة الفاشلة
25- الهندسة السياسية

مقدمة:
تشكل السياسة المقارنة الجديدة أحد المجالات العلمية المنتجة لمفاهيم مركبة و هجينة من جهة، كما أنها تتميز بالحركية و التأسيس النظري. كما يعرف هذا المجال محاولات جدية لبناء مساقات إبستيمولوجية عبر-تخصصية Constructions epistemologiques trans-disciplinaires بإستخدام لمناهج متعددة الإنتماءات النظرية d’origines poly-theoriques و مركبة الأليات التحليلية ، مع إعتمادها على منطق تحليلي هادف و عضوي.

فبالنظر لغياب مادة علمية حول السياسة المقارنة الجديدة باللغة العربية أرتأينا تقديم هذه المفاهيم الأساسية لطلبة العلوم السياسية و العلاقات الدولية بشكل يمكنهم من التحكم أكثر في التحليل المقارن للأنظمة السياسية في عالم يتجه أكثر نحو نمطية قيمية قوامها حقوق الإنسان و نموذجها السياسي المؤسس حول نظام الديمقراطية المشاركتية.

(1) العولمة : الظاهرة و المفهوم

على الرغم من الاستخدام الواسع لمفهوم العولمة إلا أنه مع ذلك مازالت ظاهرة غامضة و مفهوما متضارب المعاني ، ليس فقط من حيث المكونات ، الأبعاد و الفواعل و لكن أيضا على مستوى القيم التي تحركها .

فمن أجل تبسيط هذا المفهوم يمكن حصر النقاش حول ثلاثة مداخل أساسية:

(1)- فأما الأول فيتعلق بالعولمة كمجموعة مسارات متشابكة اقتصاديا ، ماليا ، تكنولوجيا ، ثقافيا ،سياسيا، اجتماعيا و قيميا تشمل كل العالم و تحركه فواعل فوق وطنية (الأمم المتحدة ووكالاتها ، البورصات العالمية ،الشركات المتعددة الجنسيات ،و المجتمع المدني العالمي) و حاصرة بذلك لدور الدولة .

(2) – فأما المدخل الثاني فيحصر العولمة في محاولات مترابطة تهدف لتنميط القيم المحددة للسلوكيات الفردية بصفة تعكس توجهات عالمية نحو التجانس و التماثل من حيث القواعد ، القيم ، السلوكات و الأذواق و تجعل العالم مجالا مفتوحا للاستهلاك المادي و القيمي

(3)- أما المدخل الثالث فهو ذلك الذي ينظر للعولمة كحراك إنساني ،يتماشى وطبيعة الوضع الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة ماديا و الغرب حضاريا ، و يهدف في النهاية لغربنة العالم على المستوى القيمي –السلوكي و للتأسيس لحركية تسلط أمريكي على المستوى الكوني .

و انطلاقا من هذه النقاشات يمكن الاستخلاص ،كما هو متفق عليه في التعريفات الإجرائية في العلاقات الدولية حول العولمة ، بأنه بإمكاننا وضع العناصر التالية في تحديد ماهية العولمة :

-1- العولمة حركية شاملة، شمولية تجعل من العالم كله مجالا لها .

-2- العولمة حركية تخلق في ذاتها و بذاتها آليات جديدة تعمد على تكييف الدول و المناطق و القيم مع منطقها التجانسي .

-3- العولمة حراك يهدف ، بمنطقه الإرغامي ،على خلق حركيات تنميط قيمي –سلوكي و مجموعة منمذجة على مستوى أسس و أشكال التنظيم الإنساني (ديمقراطية إقتصاد السوق الحر ، الحكم الراشد …الخ ) .

فمن هنا فالعولمة ليست فقط ظاهرة ولكنها حركية و حراك إنساني يعكس طبيعة النظام الدولي ، درجة الترابط الإنساني و طموح الهيمنة المادية و الحضارية للغرب

(2) العولمة السياسية

تشكل العولمة السياسية أكثر الأبعاد حيوية ، حركية و خطورة للعولمة ، إذ أنها لا تقوم فقط بإعادة النظر في المنطلقات الأساسية للدولة بجعلها أكثر ارتباطا بمحورية الإنسان و حقوقه و لكن أيضا بتنميط مجموعة قواعد التفاعل السياسي الداخلي و الوطني مع فرض تصورات منمذجة لأساليب الحكم .

فالعولمة السياسية، و إن كانت مرتبطة إلى حد بعيد بالمنطق الجدلي للفلسفة النيوليبرالية ، ولكنها أيضا تعكس التصورات و الطروحات التي أفرزها عالم ما بعد الحرب الباردة و التي تهدف لخلق نموذج حكم صالح لكل الأوطان والشعوب و الثقافات تماشيا مع منطق العالم الرافض للنسبية و الفارض للقيم المنمطة و الأنمطة المنمذجة .

فالعولمة السياسية تقوم على مجموعة من المحددات التأسيسية لهذا المنطق :

-1- ضرورة بناء تصور موحد و إلزامي لحقوق الإنسان لا تعترف لا بالثقافة و لا بالدين و لا تعترف بالحدود، و لا بالسيادة و لا بالاختصاص الداخلي للدولة. فهنا نجد أولوية الإنسان على الدولة و أولوية منطق حاجات الإنسان على منطق أمن الدولة .

-2- جعل الديمقراطية نظام الحكم الوحيد القادر على التكيف مع منطلقات العولمة.

-3- جعل الديمقراطية حقا يستخدم لتغيير الأنظمة السياسية باسمه، و ترفض الأنظمة الإنقلابية باسم، و يتدخل في الشؤون الداخلية باسمه كما كان في حال تدخل الأمم المتحدة ، عن طريق تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في هايتي سنة 1994 لإرجاع نظام حكم منتخب بعد أن كان ضحية انقلاب عسكري.

-4- تفعيل منطق دولة الحق و القانون .

-5- بناء منطق المجتمع التعددي بخلق حراك اجتماعي و سياسي مؤثر يتمحور حول المجتمع المدني.

-6- أما المحدد الأخير فيهدف إلى خلق آليات الرشادة و العقلانية السياسية عن طريق فرض فلسفة الحكم الراشد .

فمن هنا يظهر أن العولمة السياسية هي حركية تهدف لجعل العالم يحكم بنفس المنطق السياسي ، بنفس المنطلقات القيمية المرتبطة بالتصور الغربي لحقوق الإنسان ، و يهدف لجعل كل الدول تحكم بمنطق الديمقراطية المشاركاتية و الحكم الراشد في حال عدم تعارضها مع مصالح القوى المهيمنة .

(3) المواطنة الديمقراطية

من الأهداف الأساسية للهندسة السياسية هو بناء مواطنة ديمقراطية تجعل من الحقوق المدنية و السياسية المنطلق الأساسي لبناء فلسفة الدولة و الحكم، و من الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية المحور الوظيفي الأول المحدد لأولويات النظام السياسي و الهادفة لتحقيق الحاجات الأساسية للمواطنين حسب منطق جامع بين الفعالية ، النجاعة ، العقلانية و الشفافية .

فالمواطنة الديمقراطية تقتضي مجموعة من الشروط التأسيسية و منها :

*ضرورة بناء هيكلة دستورية و قانونية و إجرائية متمحورة حول حقوق الإنسان العالمية و هادفة لتحقيق دولة العدالة و الرفاه .

*ضرورة جعل المشاركة السياسية للمواطن المحرك الأساسي لعمليات التداول و التجديد السياسيين.

*ضرورة بناء دولة قوامها الحق و القانون و هدفها تحقيق التنمية الإنسانية المستدامة.

* ضرورة بناء دولة الجودة السياسية التي تثمن الكفاءة و الاستحقاق و ترفض الرداءة السياسية ، المحسوبية و الجهوية .

و بناء على ذلك، فالمواطنة الديمقراطية هي مسار اندماج لتطلعات المواطنين لتحقيق أكبر قدر ممكن من حاجاتهم الأساسية و إلغاء هاجس الأنظمة السياسية في الحفاظ على الاستقرار و تحقيق أكبر قدر من العقلانية الاقتصادية و التسييرية. فالمواطنة الديمقراطية ،من هذا المنظور تجعل من النظام السياسي أداة مجتمعية لتحقيق الصالح العام و الخدمة العامة داخليا و الدفاع عن المصالح الوطنية خارجيا حسب منطق سياسي –مجتمعي توافقي وتفاعلي .

فمن هنا فالمواطنة الديمقراطية هي انعكاس لنضج ديمقراطي مجتمعي و لوجود فلسفة حكم تجمع بين حقوق الإنسان ، الديمقراطية المشاركتية ، الحكم الراشد و المحاسبة الديمقراطية على مستوى الدولة و النظام السياسي.

(4) الثقافة الديمقراطية

من بين شروط الهندسة السياسية الديمقراطية و المتوافقة مع القيم الأساسية للعولمة السياسية هي تطوير ثقافة ديمقراطية توجه عمليات التنشئة السياسية و تأطير حركيات التداول السياسي و التفاعل الديمقراطي .

فالثقافة الديمقراطية ليست مجرد قناعات فكرية أو قيم سياسية و لكن هي بالأساس إطار لترشيد عمليات التعزيز الديمقراطي حسب منطق جامع بيم العقلانية السياسية ، الشفافية ، الحسبة الديمقراطية و الحكم الراشد .

فالثقافة الديمقراطية بهذا المنظور تقتضي إستوفاء مجموعة من الشروط و منها :

-1- وجود حرية الصحافة و التعبير بصفة تشكل حراكا فعليا للشفافية و للتوجيه الديمقراطي .

-2- قيام مؤسسات المجتمع المدني، الإعلام و المؤسسات التعليمية بدور تكاملي للنشأة السياسية الديمقراطية.

-3- تطابق الممارسة السياسية مع المنطلقات القيمية الديمقراطية و ذلك بوجود نظام التداول الديمقراطي، دولة الحق و القانون، العقلانية السياسية و الشفافية مع ضرورة إعمال مبادئ المحاسبة الديمقراطية و الجزاء السياسي .

فالثقافة الديمقراطية من هذا المنظور هي الإطار الاجتماعي لدمقرطة الحياة العامة بما يتماشى و مبادئ التعددية، الاختلاف و الحوار، السلم الاجتماعي، التداول، الاستحقاق، الفعالية، العقلانية و المواطنة الديمقراطية.

(5) السلم الديمقراطي:

من بين المفاهيم الأساسية التي يروج لها أنصار العولمة السياسية في مفهوم “السلم الديمقراطي” و الذي تعود جذوره لأفكار مفكر و فيلسوف النهضة الايطالية Dante allege في القرن 15 و طروحات المفكر الألماني إيمانويل كانط في القرن 19 و التي تقوم على فكرة أساسية مفادها أن :

الديمقراطية تنشأ ثقافة الحوار ، و الحوار هو الآلية الأساسية للوقاية من الأزمات و منع تفاقمها لتصبح حالة مستعصية من العنف المسلح، أي أن السلم المجتمعي بأشكاله السياسية و الثقافية والاجتماعية و الاقتصادية تقتضي تطوير آليات الحوار و لا يمكن لهذه أن تكون فعالة إلا في ظل نظام الديمقراطية المشاركتية .

كما يستخدم مفهوم السلم الديمقراطي للترويج للقيم السياسية الليبرالية حسب منطق يقول أن السلم العالمي يستدعي الديمقراطية لأن التاريخ لم يعرف حروبا بين الديمقراطيات، لأن الديمقراطية تقوم على الإجماع ، العقلانية ،و الحوار و بالتالي تغلب الدبلوماسية على الحرب. و لكن التحليل الموضوعي للسياسية العالمية يؤكد على أن أغلب الحروب و الحملات الاستعمارية و الاستدمارية في العالم كانت وراءها أنظمة ديمقراطية : الولايات المتحدة الأمريكية ، فرنسا ، و بريطانيا . أما منطق السلم الديمقراطي بمعنى الهندسة السياسية فيقوم أساسا على مجموعة من المبادئ و هي :

-1- ضرورة تطوير ثقافة ديمقراطية محلية تكرس الاختلاف، التعددية و الحوار مع احترام الخصوصيات المجتمعية للدولة.

-2- ضرورة تبني نمط دولي و مؤسساتي يتماشى مع الطبيعة الاجتماعية للدولة ومستوى نموها.

-3- ضرورة تفعيل شروط المشاركة السياسية لخلق حركية حوار دائم قادرة على احتواء الأزمات قبل تحولها لشروخات سياسية و اجتماعية عنيفة .

-4- تمكين العدالة المستقلة من فرض قواعد دولة الحق و القانون كشرط أساسي لتمكين الإنسان-المواطن من حقوقه.

-5- ضرورة جعل العدالة التوزيعية المعيار الأساسي المحدد لسلوك الدولة لمنع التهميش ، الإحباط ، التطرف ، و العنف .

فالسلم الديمقراطي إذن هو نتاج وجود ثقافة و آليات ديمقراطية تكرس الاختلاف و التعددية و تأسس لدولة الحوار و المشاركة لا الإملاء و الإقصاء.

(6) المواطنة العالمية

من بين المصطلحات التي يروج لها أنصار العولمة السياسية و الكوسموبوليتالينون الجدد نجد مصطلح المواطنة العالمية التي تطرح تبديل مستقبلي للمواطنات الدولتية، أي أن مسار العولمة السياسية بعملياتها المتشابكة على المستويات الخاصة بنشر قيم متجانسة و منمطة لحقوق الإنسان و مؤسسات منمذجة متوافقة و طروحات الديمقراطية ، اقتصاد السوق الحر و الحكم الراشد .

يهدف هذا المنظور المعرفي ليس فقط لتحوير دور الدولة أو ومنطقها الوظيفي ولكن بالأساس لبناء كيان كوني على أنقاض الدول بإسم إنسانية الإنسان و المصدر الإنساني للمواطنة لا المصدر الدولي .

فحسب منطق دعاة هذا الطرح ، يمكن الوصول للمواطنة العالمية عن طريق العمليات التالية :

-1- نشر قيم معولمة لحقوق الإنسان ، الديمقراطية و المبادرة الاقتصادية الحرة .

-2- السماح بتطور شبكات المجتمع المدني العالمي مع روافد فعلية لها عبر كل العالم فعملية محلنة المجتمع العالمي
La glocalisation de la société mondiale قادرة على تطوير هذا التجانس القيمي العالمي مع جعل الهموم المحلية كونية و القيم العالمية المحلية.

-3- تحويل المؤسسات الدولية ( الأمم المتحدة ووكالاتها خاصة ) إلى آليات الحكم العالمي مع تمكينها من فرض الخيارات العالمية على الدولة متخطية بذلك الحواجز القانونية الخاصة بإحترام الخيارات الوطنية للدولة بشكل لا يتوافق أساسا مع مبدأ السيادة.

-4- إعادة النظر في فلسفة السيادة بجعلها شكلية و رمزية و ليست عائقا على عمليات العولمة السياسية أو مبررا لعدم التدخل في الشؤون الداخلية الخاصة بالدولة باسم الديمقراطية و حقوق الإنسان .

فالمواطنة العالمية بهذا المنحى لن تكون مجرد إحساس إنساني ،أو قيمة طوباوية و لكن يعتقد الدعاة لها أنها سوف تكون تجربة إنسانية مستقبلية بخلق عالم ما بعد الدولة يتميز بالتعقيد على المستوى التنظيمي بين الحكم المحلي المجزأ (الجهات ) ،و الحكم العالمي المعقد (الحكومة العالمية) في حين يلعب المجتمع المدني العالمي دورا فعالا ووسيطا بين المواطن المحلي –العالمي و الحكومة المحلية لخلق شفافية المشاركة المباشرة من خلال هذا الضمير العالمي .

و لكن هل يمكن لهذا الطرح المثالي أن يتحقق و إن تحققت كثير من الأفكار التي تبدو خيالية قرون بعد ذلك؟

(7) التباين السلطوي

من بين المفاهيم الأساسية للهندسة السياسة نجد “مفهوم “التباين السلطوي ” الذي يهدف إلى أن يعوض المفهوم الدستوري الكلاسيكي للفصل بين السلطات المطور في عصر النهضة الأوربية من طرف Montesquieu و أتباعه .

فالتباين السلطوي يعتبر أن في عالم تتعقد فيه الحاجات و تتشابك فيه التفاعلات الدولية و الوطنية و خاصة بوجود الآليات المساعدة على اتخاذ القرارات بسرعة و بحوار مستمر (أليات الإتصال و التواصل الحديثة) و حرصا على تلبية أكبر قدر من الحاجات للمواطنين، و تفعيلا للمشاركة السياسية كحق سياسي محوري يهدف للوصول إلى حد أقصى من الشفافية و العقلانية السياسية و تحقيق العدالة و المسؤولية بالجزاء ، يجب بالتالي إعادة هندسة العلاقات بين السلطتين التشريعية و التنفيذية بجعل هذه الأخيرة نابعة بالضرورة من انتخابات حرة ، نزيهة ، تعددية و منتظمة. , عليها أن تكون مسؤولة أمام ممثلي الشعب ليس فقط دوريا و لكن بصفة مستمرة مع مراعاة قيم الكفاءة ، الاستحقاق، الفعالية و الجزاء . فالتباين السلطوي من هذا المنظور يقتضي مجموعة من الشروط التأسيسية و منها :

-1- ضرورة تكريس محورية المواطن في العملية السياسية مع جعل حقوق الإنسان الخارطة القيمية الموجهة لتفاعلات الدولة و المجتمع .

-2- ضرورة تمكين السلطة القضائية المستقلة من أن تلعب دورا فعالا في درء الفساد و معاقبة التعسف .

-3- جعل المشاركة السياسية حركية بناءة في عمليات التجديد المؤسساتي ، التداول السياسي و المراقبة على السلطة التنفيذية .

-4- ضرورة إعادة النظر في قاعدة الحصانة بتقييدها أكثر أو نزعها لمنع تعدي بعض البرلمانيين على القانون وإفلاتهم من العدالة خاصة في مسائل الفساد و جرائم القانون العام.

فالتباين السلطوي، من هذا المنظور، يهدف لخلق توازن وظيفي بمنع هيمنة سلطة على أخرى مع مساهمة السلطة التنفيذية في التشريع ” الإاستعجالي ” وقدرة السلطة التشريعية على المساهمة الفعلية في صناعة السياسيات العامة و التأثير على القرارات الوظيفية باسم الفعالية ، العقلانية و الأداء و تحقيقا لحاجات الإنسان و حقوقه .

(8) التعقيد المؤسساتي

من بين المفاهيم الأساسية للهندسة السياسية نجد مفهوم “التعقيد المؤسساتي ” الذي يقصد به أساسا جعل فلسفة دولة ما بعد الحداثة قائمة على تقريب الإدارة و مؤسسات الدولة من المواطن ربحا للوقت و اقتصادا للمال مما يرفع من وتيرة الأداء و يزيد من نجاعة الدولة و فعاليتها .

فالتعقيد المؤسساتي يستدعي أساسا إعتماد مجموعة من العمليات و الشروط و منها :

-1- جعل فلسفة الحكم متمحورة حول منطق أمن الإنسان التي تقوم على حقوق الإنسان و المواطن .

-2- التأسيس لديمقراطية مشاركاتية جوارية بالتشجيع على بناء مجتمع مدني ناضج و مبادر وطنيا و محليا .

-3- جعل مبدأ المحاسبة الديمقراطية قيمة أساسية في الحكم لتحقيق العقلانية و للرفع من مستوى الفعالية.

-4- إعادة النظر في الخارطة الإدارية بتقريب الإدارة من المواطن لتلبية حاجاته و تحقيق الاستقرار السكاني منعا للتهميش و الإحباط .

-5- جعل مبادرة التنمية المحلية متمحورة حول المجتمع المدني المحلي و الإدارة المحلية المنتخبة لتحقيق سلم أولويات الحاجات الإنسانية التي يجب أن تكون بالضرورة متوافقة مع الأولويات الوطنية .

-6- تطوير سياسة الجباية المحلية و التضامن الوطني لتمكين الإدارة المحلية من تطوير سياسات تنمية محلية عقلانية تتماشى و حاجات المواطنين و تطلعاتهم .

-7- خلق آليات مراقبة و مرافقة تسييرية في التسيير وطنية بهدف الرفع من مستوى الأداء الوظيفي للمؤسسات المحلية و الوطنية معا .

-8- إعمال آليات المتابعة القضائية عند وجود الفساد و التعسف مع المساعدة على تطوير صحافة محلية قدرة على تكريس الشفافية التسيرية على المستوى الجزئي .

فالتعقيد المؤسساتي ، القائم على المشاركة ، التمكين و التكامل يهدف أساسا لتحقيق أكبر قدر ممكن من الحاجات محليا و دون انتظار لمبادرات مركزية قد لا تكون مناسبة مع الأولويات المحلية . هذا هو لب فلسفة الدولة الذكية التي بدأت ولاية Queensland بأستراليا تطبيقها و الذي أصبح نموذجا عالميا يحتذى به .

(9) الجودة السياسية

من بين المفاهيم الجديدة التي أفرزتها العولمة السياسية نجد مفهوم الجودة السياسية التي تعني بمعناها البسيط بناء نظام حكم يقوم على الأداء الفعال ، على العقلانية ، على الشفافية ، على الديمقراطية المشاركتية ، على حقوق الإنسان ، و يؤمن بالتداول على السلطة ، بالتعددية، بالمحاسبة و بالجزاء .

فالجودة السياسية إذن هي نمط جديد للحكم ينطلق من حقوق المشاركة السياسية بأشكالها الثلاثة:

أما الشكل الأول فيقوم على -1- مشاركة سياسية دائمة تؤسس لهيكلة حزبية تعددية لها دور التأطير السياسي للمجتمع ، كما تلعب دور الرقيب في المعارضة و داخل السلطات التشريعية و القرارية. أيضا كما تتكون المشاركة السياسية الدائمة من مجتمع مدني فعال ، مستقل سياسيا عن السلطة السياسية و الأحزاب و يملك ذمة مالية خاصة تمكنه من المبادرة .

أما الشكل الثاني -2- فهو مرتبط بالمشاركة السياسية الدورية التي تقوم على حرية الترشح و المشاركة في إنتخابات حرة ، نزيهة ، تعددية و منتظمة حسب منظومة انتخابية قانونية و إجرائية تحدد شروط الترشح و الانتخاب و مدة العهدة و تضمن شفافيتها و حريتها و نزاهتها .

-3- أما البعد الأخير للمشاركة السياسية فهو البعد التمثيلي الذي يقوم على مركزية السلطة التشريعية في النظام السياسي ، بدورها الرقابي و محوريتها في التشريع و دورها الفعال في المساهمة في صناعة السياسيات العامة و في مراقبة السلطة التنفيذية ، هذا على المستوى الوطني . أما على المستويين المحلي و الجهوي فتقوم المجالس التمثيلية المنتخبة بالمبادرة في صناعة سياسات التنمية المحلية و الجهوية بما يحقق الأولويات النفعية لسكان هذه المناطق مع احترام مبادئ المشاركة و العقلانية في التسيير .

ونتاجا للمشاركة السياسية فنظام الجودة السياسية يعيد النظر في طبيعة النظام السياسي بتفضيل مركزية السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية ، بإعادة النظر في مفهوم الحصانة و بإعادة بناء فلسفة العقلانية ، بإعادة بناء منطق القانون حسب فلسفة حقوق الإنسان، و بإعادة محورة التنمية الوطنية حول أولويات تكاملية عمادها المحلي و ليس الوطني لتحقيق تنمية إنسانية متوازنة ، متكافئة و مستدامة. و هذا ما من شأنه أن يجعل من مشروعية النظام السياسي قائمة ليس على خطابات و لا رمزيات و لكن على مشاركة سياسية للمواطن من جهة و فعالية النظام السياسي من جهة أخرى .

فالجودة السياسية إذن هي حركية جامعة بين منطق المشروعية ، فلسفة التداول و عمليات الفعالية لبناء دولة الذكاء و الرشادة.

(10) العقلانية السياسية

من بين عناصر الجودة السياسية المرتبطة بالديمقراطية المشاركاتية و الفعالية حسب المنطق العولمي لحقوق الإنسان نجد العقلانية السياسية التي تعني في معناها البسيط قدرة النظام السياسي الوصول إلى مجموعة عمليات اتخاذ القرارات و صناعة السياسات العامة حسب منطق اقتصادي- مادي قائم على اختزال الزمن و اقتصاد المال و صرفه بصفة تحقق أكبر قدر من الخدمة العامة من جهة ، كما ترتبط العقلانية السياسية من جهة أخرى بفتح مجال لمشاركة كل الفواعل الاجتماعية ، السياسية و المؤسساتية بصفة تخلق عدد من الخيارات و البدائل السياسية و القرارية للرفع من مستوى النجاعة الوظيفية و الفعالية السياسية .

فالعقلانية السياسية، من هذا المنظور، تقتضي توفر مجمل الشروط التالية:

-1- ضرورة توفر تصور توافقي حول حقوق الإنسان على المستوى الوطني بشكل يجعلها تشكل مصدرا محوريا للتشريع تبني من خلاله أسس فلسفة الدولة و المجتمع .

2- وجود تصور توافقي لمفاهيم الخدمة العامة و الصالح العام .

-3- قدرة الفواعل السياسية و الاجتماعية من أحزاب و مجتمع مدني في التأثير في صناعة السياسات العامة و اتخاذ القرارات بتحولها لمصادر خيارات سياسية و قرارية و فواعل لتقييم مخرجات النظام السياسي من أجل تحسين الأداء الوظيفي و السياسي لنظام الحكم.

-4- توفير الكفاءة السياسية و الحنكة الديمقراطية الكفيلتين بترشيد وظائف النظام السياسي حسب منطق الفعالية ، اقتصاد الزمن و المال العام و تمكين المواطنين من حقوقهم .

فالعقلانية السياسية من هذا المنطلق هي مجموعة العمليات التي تجعل النظام السياسي أكثر حركية و فعالية و تحقيقا لحقوق المواطنين و حاجاتهم حسب منطق الإدارة بالجودة و الأهداف، و حسب منطق استشراف المخاطر و التهديدات كلها قبل بروزها و تفاقمها. فالعقلانية السياسية هي من معايير تقييم وقياس درجة جودة النظام السياسي ، مستوى نجاعته و فعاليته و درجة شدته الديمقراطية. فالنظام السياسي العقلاني يضمن في النهاية درجات عالية من العدالة الاجتماعية و السياسية من جهة، و الاستقرار السياسي المزمن من جهة أخرى .

(11) الحنكة السياسية

من بين الأبعاد الأكثر حيوية للجودة السياسية هي تلك المرتبطة بالحنكة السياسية كمنطق عقلاني في البناء الوظيفي للدولة الذكية. فالحنكة السياسية هي تلك العمليات المرتبطة بالاتصال السياسي الايجابي للنظام السياسي اتجاه البيئتين المجتمعية و الدولية و الهادفة ليس فقط للتلميع المجالي لصورة النظام السياسي و لكن لخلق حركيات تعبئة و دعم فعلية للخيارات السياسية و القرارية. فهذا الدعم ضروري لتقوية الظروف الداخلية المرتبطة بالمشروعية خاصة عندما يتعرض النظام السياسي لحركيات أزموية إقتصادية و إجتماعية أو سياسية .

كما تحتاج الحنكة السياسية أيضا لمجموعة من عمليات العقلنة السياسية المرتبطة بالتسيير الإيجابي للموارد العامة مع تحقيق حد عالي من الخدمة العامة .

فالحنكة السياسية ،إذن ،تقتضي مجموعة من الشروط التأسيسية و من بينها :

-1- وجود نظام ديمقراطي مشاركاتي قوامه الكفاءة و التنافس .

-2- توفر مجتمع مدني حركي و تعددية سياسية فعالة تساعد على إثراء الخيارات السياسية و القرارية للنظام .

-3- توفر أليات الشفافية و الرقابة و المساءلة و الجزاء .

-4- وجود آليات حرة للتعبير التعددي و الفعال.

فمن هنا فالحنكة السياسية هي منطق مرتبط بالكفاءة ، الفعالية ،العقلانية و الإستباقية في التعامل مع المصادر التأسيسية للأزمات بشكل يضمن عدم سقوط الدولة و المجتمع في معضلات التنمية السياسية و الإنسانية، التي قد تأثر سلبا على استقرارها الداخلي ، و تجانسها الاجتماعي و دورها الدولي . فالحنكة السياسية هي أيضا تعبير عن ثقافة سياسية ناضجة قوامها القانون و الحوار مع وجود منطق اجتماعي- سياسي يرفض احتكار السلطة و الرأي و يقر بالتقييم و التقويم من أجل التحسين المستمر في أداء النظام السياسي للرفع من درجة التمكين الإنساني و المواطني من الحقوق .

فالحنكة السياسية، هي في المحصلة الأخيرة، صفة مرتبطة بالنضج الديمقراطي، بالحس المواطنتي و بتوفر آليات دولة الحق و القانون الضامنة لمحورية المواطن في فلسفة الدولة و المجتمع.

(12) الفعالية السياسية

من بين المفاهيم المرتبطة بالجودة السياسية و الأداء الديمقراطي نجد مفهوم الفعالية السياسية الذي يعبر عن طبيعة الحركية الاجتماعية، السياسية و الوظيفية للنظام السياسي من حيث تكريسه لمفهوم محورية حقوق الإنسان، مركزية الحاجات الأساسية للإنسان المواطن في فلسفة الحكم و مدى قدرة هذا النظام على تحقيق تمكين كلي للإنسان من حقوقه حسب منطق جامع بين العقلانية السياسية و العدالة التوزيعية .

فالفعالية السياسية تقتضي مجموعة من الشروط التاسسية و منها:

(1).وضوح دستوري و قانوني و إجرائي تام حول ماهية حقوق الإنسان، ضماناتها، حدود و آليات تفعيلها و حمايتها.

(2).وجود نظام ديمقراطي مشاركاتي قائم على التداول، المراقبة، المساءلة و الجزاء .

(3).وجود مجتمع مدني يشكل قوة اقتراح و آلية أساسية مساهمة في حركيتي الشفافية و العقلانية.

(4).محورية الإنسان قي مسارات التنمية السياسية و الاقتصادية.

انطلاقا من هذه الشروط يمكن القول أن للفعالية أبعاد أساسية:

1-أما البعد الأول فيقوم على فعالية النظام السياسي على المستوى الاتصالي بقيامه بمجموعة من الوظائف التي تساعد على إيصال المعلومات في وقتها و بكل شفافية و على تقبل الطلبات المعبرة عن حاجات و رغبات و اقتراحات المواطنين للرفع من لأداء السياسي للنظام بجعله متفاعلا مع المجتمع حسب منطق المواطنة.

2-أما البعد الثاني فيقوم على فعالية النظام السياسي من حيث تحقيق حقوق المواطنة بجعله يضمن المشاركة السياسية التعددية بالسماح بوجود مجتمع سياسي فعال و مجتمع مدني حركي من جهة، و يساهم في تنظيم انتخابات حرة و نزيهة و تعددية و منتظمة حسب منطق الديمقراطية المشاركتية الضامن للتداول السلمي و المواطني للسلطة .

-3- أما البعد الأخير ، فيقوم على فعالية وظيفية هادفة لتحقيق حاجات المواطنين الأساسية سواء أكانت اجتماعية ،اقتصادية أو ثقافية وذلك بجعل حقوق الإنسان محورا صانعا للسياسات العامة للدولة وهدفا في أن واح.
فمن هنا فالفاعلية هي حركية وظيفية تنطلق من حقوق الإنسان –المواطن و تهدف لتحقيق حاجاته الأساسية السياسية و الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية بصفة تضمن للدولة الاستقرار و للمجتمع الرفاه .

(13) المشروعية السياسية Légitimité Politique

تشكل المشروعية السياسية أحد المفاهيم المحورية في العلوم السياسية خاصة بالنظر لارتباطها (كمفهوم ) بالحقوق المدنية و السياسية ، بمفهوم المواطنة و بالمشاركة السياسية الديمقراطية و بالتدول. فالمشروعية السياسية (كمعنى و محتوى ) قد تغيرت كثيرا في ظل العولمة السياسية إذ لم تعد قائمة ، بصفة حصرية ، على وجود مصادر متفق عليها من طرف المجتمع سواء أكانت قائمة على التوريث كما هو في الملكيات ، أو على القدرة الخطابية و الشخصية الكاريزمية في الأنظمة الشمولية و التسلطية أو على وجود خيارات عقلانية عن طريق تنظيم انتخابات حتى و إن كانت شكلية .

فالمشروعية السياسية ، بمعناها العولمي تقوم بالإضافة لحصر الشروط التأسيسية لها في وجود انتخابات حرة ، نزيهة تعددية و منتظمة بقدرة النظام السياسي على أداء وظائفه بفاعلية و أمانه و ذلك بتحقيق أكبر قدر ممكن من الحاجات الإنسانية حسب فلسفة التمكين الحقوقي المرتبطة بالعدالة التوزيعية للموارد و القيم الاجتماعية ،و سياسية و القانونية .

فالمشروعية السياسية ، بمعناها العولمي، تشترط مجموعة من الشروط التأسيسية و منها :

-1- وجود هيكلة دستورية، قانونية و إجرائية لتنظيم و إجراء انتخابات حرة، نزيهة، تعددية و منتظمة بصفة تجعل المواطن و مشاركته السياسية منطقا حركيا محددا للتداول السياسي.

-2- وجود تعددية حزبية تضمن التداول على السلطة مع توفرها للقدرة على المعارضة الايجابية للسلطة التنفيذية لضمان الرقابة و المساءلة .

-3- وجود صحافة حرة ،نزيهة و تعددية تضمن الشفافية.

-4- وجود كفاءة سياسية و عقلانية ترفع من الأداء و الفعالية السياسية للنظام السياسي بما يحقق تمكين كلي للإنسان من حقوقه وحاجياته
.
-5- وجود ضمانات دستورية ، قانونية ، إجرائية و سياسية تمنع من التعدي على حقوق المواطنين مع حماية الدور المواطني المنتج لنظام ديمقراطي مشاركاتي .

فالمشروعية السياسية ،إذن ، تتمثل في بعدين :

أمل البعد الابتدائي فيقوم على تفعيل حقوق المشاركة الديمقراطية القائمة على وجود تعددية حزبية ، مجتمع مدني فعال ، و تنعكس في انتخابات حرة ، نزيهة ، تعددية و منتظمة مع وجود سلطة تشريعية تضمن الرقابة على السلطة التنفيذية .
أما البعد الثاني فيضمن استمرار مسار المشروعية عن طريق الفعالية التي تعني تمكين الإنسان من حقوقه و حاجاته في ظل دولة الحق و القانون .

( 14) الديمقراطية المشاركاتية

من بين القيم الأساسية للعولمة السياسية هي تلك المرتبطة بتمكين الإنسان –المواطن من حقوقه السياسية و المدنية المرتبطة بكينونته الإنسانية من خلال تفعيل حركية المشاركتة السياسية لتجعل النظام السياسي متمحورا حول المواطن وخادما لحاجاته الاجتماعية ،الاقتصادية ،الثقافية و السياسية .

فالهدف من هذه الحركية التأسيسية و الشاملة هو التأصيل لنظام الديمقراطية المشاركاتية القائمة على أسس قيمية عالمية تعيد النظر بالضرورة في طبيعة النظام السياسي ،فلسفته، فواعله ، و منطقه. فالديمقراطية المشاركاتية تجعل من حقوق الإنسان المنطق الفلسفي و التأسيسي الأول الذي يقيم دولة عمادها الحقوق قبل القانون ،و تجعل من أمن الإنسان بعدا محوريا في أمن الدولة ، و تجعل من السلطة التشريعية عمادا محوريا للنظام السياسي و تجعل في النهاية النظام السياسي خادما للمواطن ، و المواطن و حاجاته مصادر المشروعية ومعايير قياس مستوى فعالية النظام السياسي و درجة ديمقراطيته .

فالديمقراطية المشاركاتية تقوم بالأساس على 5 مبادئ كبرى :

(1)- ضرورة إقامة دولة تؤمن بالحق في الديمقراطية التي مصدرها الفلسفة العالمية لحقوق الإنسان .

(2)- ضرورة تطوير و بناء دولة الحق و القانون يجعل الإنسان و حاجاته أساس منطق الحكم و العدالة .

(3)- ضرورة جعل المجتمع المدني الحلقة الاتصالية الأولى بين المجتمع و النظام السياسي .

(4)- ضرورة تطوير مفهوم الشفافية المرتبطة بالتعددية الحزبية و بحرية الصحافة .

(5)- ضرورة جعل المساءلة القانونية و المؤسساتية مرتبطة بالأساس بتقييم و تقويم السلطة التنفيذية و الهياكل القرارية المحلية بما يخدم حاجات المواطن .

فمن هنا فالديمقراطية المشاركاتية لا تنحصر فقط في وجود تعددية حزبية أو وجود شبكة جمعوية ، و انتخابات و قواعد قانونية و دستورية تنص على قوائم حقوق الإنسان و لكن أكثر من ذلك فهي تجعل من مشاركة المواطن الدائم في الاتصال السياسي، في الرقابة و المحاسبة أهم الشروط المنتجة للحكم الصالح المحقق لتنمية إنسانية مستدامة .

(15) الشفافية السياسية

من بين الإفرازات الجديدة للعولمة السياسية هي تلك المرتبطة بالشفافية السياسية كمنطق تسييري معبر عن مدى نضج النظام السياسي و درجة تفتحه على المجتمع و كذلك مستوى تجذر الحريات العامة فيه .

فالشفافية السياسية لا تعبر فقط عن مدى قدرة النظام السياسي على بناء اتصال تفاعلي مع المجتمع بجعل الحق في الإعلام حقا فاعلا و فعليا ، ولكن أيضا في وجود عدد من الميكانيزمات التي تفرض الرقابة و التحقق من السياسات و القرارات بإسم المواطنين و حسب منطق دولة الحق و القانون.

فالشفافية السياسية، من هذا المنظور تحتاج لمجموعة من الشروط التأسيسية و هي :

-1- بناء دولة الحق و القانون

-2- وجود تعددية إعلامية تتميز بالاستقلالية المهنية و النزاهة .

-3- وجود آليات رقابة و مساءلة مؤسسة في السلطتين التشريعية و القضائية.

-4- وجود مجتمع مدني يشكل الضمير الحي للمجتمع و يلعب في آن واحد حركية اجتماعية تساعد على الرقابة و التأثير الفعلي في عمليات صناعة السياسات العامة و القرارات.

فالشفافية السياسية هي أحد أبعاد الجودة السياسية المعبرة عن مستوى النضج الديمقراطي و درجة محورية الحنكة السياسية فيه. يقوم هذا النوع من الشفافية على 04 أبعاد أساسية:

-1- آليات الإعلام، الاستعلام و التحقيق

-2- آليات الرقابة و المساءلة

-3- آليات المسؤولية بالجزاء

-4- آليات التدقيق و التحسين الديمقراطيين.

فمن هنا فالشفافية السياسية ، كمنطق تسييري ، يرفع من درجة تفتح النظام السياسي على المشاركة ، و كعمليات تعبر عن رغبة النظام السياسي في الرفع من أدائه و فعاليته ،و يقوم على حركية اجتماعية قانونية ، إجرائية و إعلامية تساعد على التحسين من شدته الديمقراطية المشاركاتية .

(16) التعددية السياسية

من بين المفاهيم المرتبطة بالديمقراطية المشاركاتية نجد مفهوم التعددية السياسية ، الذي لا ينحصر فحسب في وجود عدد من الأحزاب السياسية و لكن أيضا بقدرة هذه الأحزاب على بناء تصورات لبرامج الدولة و المجتمع تتميز عن بعضها البعض و معبرة بذلك على نضجها ، عن فعاليتها و عاكسة بالضرورة لمستوى تفاعلها مع المجتمع .

كما أن التعددية السياسية، إضافة لبعدها الحزبي ، تقتضي وجود مجتمع مدني تعددي يتعدى مجرد كونه كتلة جمعوية ذات وظائف تعبوية ليكون مجتمعا مدنيا مستقلا عن النظام السياسي و الأحزاب و قادرا لأن يكون قوة اقتراح اجتماعية وقوة ضغط سياسية مؤثرة على الخيارات السياسية و القرارية لنظام السياسي .

فالتعددية السياسية ،بمعناها الايجابي و الفعال تقتضي الشروط التالية :

(1)- وجود تصور دستوري و قانوني يسمح بحركية سياسية داخل و خارج السلطة مع إلغاء الشروط القمعية ، القهرية ،القصرية التي تحد من نشاط الأحزاب و قدرتها على فرض التداول و الرقابة .

(2)- وجود ثقافة سياسية تكرس قيمة المعارضة و ترفض التدجين أو التهجين السياسيين للأحزاب و الجمعيات المدنية .

(3)- وجود صحافة حرة قادرة على نشر البرامج السياسية للأحزاب كما يخلق مجالا إعلاميا حرا و فاعلا ينمي النضج الديمقراطي للنخب و الموطنين على حد السواء.

(4)- وجود هيكلة سلطوية تكرس الدور المحوري للسلطة التشريعية المنتجة للحكومات و المراقبة لها .

فالتعددية السياسية ، إذن لا تعبر فقط على مجموعة من الأحزاب أو كتلة من الجمعيات ، و لكن هي بالأساس مؤسسة و معبرة في أن و احد لثقافة الاختلاف ، الحوار ، التلاقح الفكري و السياسي. كما أنها تكرس التنافس السياسي من أجل تطوير آليات العقلانية السياسية ، الرشادة الديمقراطية و الحكم الراشد بما يخلق في النهاية نظاما سياسيا يؤمن بالتداول ، بالرقابة ، بالشفافية ، بالمحاسبة و الجزاء. فالتعددية السياسية تؤسس للمشروعية السياسية بالانتخابات و الفعالية من جهة، كما أنها تؤسس أيضا لمنطق حكم يكرس حقوق المواطنة و يؤمن بالحريات العامة و يقدسها بما في ذلك حرية الرأي و التعبير و حرية المعارضة المؤسسة لحركيات التغيير السياسي حسب هندسة انتخابية تعددية تعكس طبيعة المجتمع و تبنى من خلالها ثقافة سياسية مواطنية و ديمقراطية .

فالتعددية السياسية إذن هي الركيزة الأساسية لنظام الديمقراطية المشاركاتية التي تجعل من المواطنة منطلقا لها و من حقوق الإنسان قيمتها المركزية .

(17) المجتمع المدني

يتم التركيز في ظل العولمة السياسية، و من خلال كل برامج الإصلاح السياسي الخاصة بالمجتمعات الصاعدة ، على ضرورة تفعيل المجتمع المدني كقيمة اجتماعية معبرة عن درجة انفتاح النظام السياسي على المجتمع ، كما أنه يعبر أيضا على مدى تكريس هذا النظام لحقوق المشاركة السياسية المؤسسة لدولة مدنية عمادها حقوق الإنسان العالمية .

فالمجتمع المدني بهذا المنظور هي قيمة اجتماعية و فاعلا اجتماعيا في آن واحد يتكرس في شبكة جمعوية تتميز بالخصائص التالية :

(1)- استقلالية وظيفة و عضوية عن النظام السياسي و الأحزاب بشكل تحولها إلى قوة اقتراح و آلية لضبط الشفافية و فرض الرقابة المجتمعية على البنى السلطوية و المؤسساتية للدولة .

(2)- استقلالية الذمة المالية لكي لا تكون عرضة للتوظيف أو التدجين السياسيين و لكن هي تحافظ على صفتها المدنية المعبرة على المواطنة المستقلة و المسؤولية .

(3)- كما تتميز أيضا بالنضج الديمقراطي و بالحس المواطني بصفة تجعلها عماد الديمقراطية المحلية و فاعلا محوريا في الديمقراطية المشاركاتية .

(4)- المجتمع المدني بكونه شبكة من الجمعيات تتميز بالاختصاص الوظيفي سواء في ما يخص البيئة ، الصحة ، الثقافة و غيرها مما يجعلها قادرة على أن تكون شريكا و وظيفيا للقطاع الوزاري الذي يقابلها بما يسمح بتوسع احتمالات اتخاذ القرارات الأكثر توافقا مع الحاجات الخاصة بالمجتمع في الميدان المعين و هذا ما سيرفع أيضا من حركية التنمية الإنسانية المستدامة ، كما ستؤدي أيضا لتعميق النضج الديمقراطي في الدولة و المجتمع.

لكي نطور مثل هذا المجتمع المدني، الذي يشكل الرأسمال الاجتماعي المعبر عن درجة الوعي الجماعي للدولة و المجتمع مما يقتضي بالضرورة مجموعة من الشروط ومنها:

-1- ضرورة تفعيل الدولة للهيكلة الحقوقية العالمية بما يكرس مفاهيم المواطنة ، الديمقراطية المشاركاتية ، الحاجات الإنسانية ، التدقيق الديمقراطي و الجودة السياسية .

-2- وجود قواعد قانونية مرنة تساعد على تطوير المجتمع المدني دون عرقلة سواءا فيما يخص النشاط ، التمويل أو الاستفادة من التجارب العالمية .

-3- وجود سياسة اتصالية تعددية تساعد على خلق حركية للتلاقح الفكري الضروري لبناء الحوار عن طريق تكريس فلسفة الاختلاف التي تشكل عماد الديمقراطية المشاركاتية .

فمن هنا فالمجتمع المدني هو أداة لتجسيد الديمقراطية كما أنه فاعلا في العقلانية السياسية و عنصرا محوريا في الرشادة السياسية. فمن هنا فبناء الدولة ما بعد الحداثية تستدعي بالضرورة دعم هذا المسار المدني حسب دينامية جامعة بين منطق الدولة و حاجات الإنسان – المواطن .

(18) الديمقراطية المحلية

تشكل الديمقراطية المحلية أحد المفاهيم الأكثر ارتباطا بالديمقراطية المشاركاتية بجعل المشاركة السياسية للمواطن في اتخاذ القرارات المحلية ضمانا أساسيا لبناء نظام سياسي عماده الموطنة ، المشاركة السياسية و الشفافية .

فالديمقراطية المحلية بهذا المنظور تقوم أساسا على ضرورة تقريب الإدارة من المواطن و جعلها في خدمته حسب منطق الصالح العام ، ودوما منفتحة على حاجاته ، أولوياته و رغباته بتطوير شبكة اتصالية مادية وجوارية، و أخرى افتراضية –معلوماتية تتخصص في إعلام المواطنين بكل المستجدات العملية من جهة، مع فتح آليات مشاركاتية في تقديم البدائل القرارية و الاقتراحات المحلية .

فالديمقراطية المحلية تقتضي بالتالي توفر مجموعة من الشروط و منها:

(1)- هيكلة دستورية تكرس الاستقلالية القرارية للمكون المحلي ( البلدية مثلا ) لتجسيد الأولويات التنموية المحلية .

(2)- تمكين المؤسسات القرارية المحلية من الموارد المالية الضرورية بالسماح لها بتطوير سياسة جباية محلية قوامها العدالة و الفعالية .

(3)- وجود إطارات ذات كفاءة عالية و متخصصة و بإمكانها أن ترفع من مستوى جودة الإدارة المحلية بما يحقق أكثر قدر من العقلانية الإدارية الجامعة بين التسيير العقلاني للمال العام مع تحقيق أعلى مستويات التنمية المحلية و الإنسانية.

(4)- وجود قواعد قانونية و إجرائية واضحة تحدد طبيعة العلاقات الوظيفية بين المكون المحلي و باقي العناصر المكونة للدولة.

(5)- ضرورة وجود مؤسسات للتدقيق المالي المحلي و آليات للرقابة المدنية و القضائية و الإدارية على تسيير الشأن العام المحلي.

من هنا يظهر جليا أن الديمقراطية المحلية تجعل من المواطن و حاجاته ركيزة أساسية لدولة الجودة السياسية، كما تجعل من المجتمع المدني الفاعل الأكثر حيوية في التفاعل المشاركاتي للمجتمع المحلي مع آليات ومؤسسات الحكم المحلي. فالديمقراطية المحلية ،هي حلقة أساسية أيضا في دينامكية الدولة المنطقية التي تهدف العولمة السياسية لإقرارها و تجسيدها .

(19) الانتخابات الديمقراطية

تشكل الانتخابات تفعيلا لمجموعة من الحقوق المدنية و السياسية للمواطنين التي أسسها النسق الحقوقي العالمي انطلاقا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) و العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية (1966) ووصولا لإعلان و برنامج عمل فيينا (جوان 1993) الذي أعمل حركية عولمة حقوق الإنسان و الديمقراطية .

فالانتخابات هي بالتالي تفعيل حركي للحق في الترشح و التصويت بصفة منتظمة على خيارات تعددية. فعقلنه الخيارات ، بالمنطق الديمقراطي ، تستدعي مجموعة من الشروط و منها : الحق في إنشاء و الدخول في الجمعيات المدنية و الأحزاب السياسية، و الحق في حرية التفكير و التعبير و التجمع و الدفاع عن القناعات السياسية و الفكرية.

فتوفر الحركيات الدستورية و القانونية و الإجرائية الضامنة لهذه الحقوق و الحريات لا تكفي و حدها، إذ أنها تستدعي تفعيل مجموعة من الآليات السياسية و الإعلامية و القضائية الكفيلة بتحقيق أكبر قدر من التمكين الحقوقي للمواطنين بشكل يجعله محورا مركزيا لفلسفة الدولة و النظام السياسي
فمن هنا فالانتخابات الديمقراطية ، كما تعرفها المعايير المتعارف عليها عالميا سواء من طرف برنامج الأمم المتحدة للتنميةPNUD) )، برنامج إدارة و تمويل الانتخاباتACE) )، منظمة الأمن و التعاون في أوربا (OSCE) و غيرها، تقتضي توفر أربعة محددات أساسية للانتخابات لتوصف بالديمقراطية و هي ، الانتظام ،التعددية ، الحرية و النزاهة .

أما الانتظام فيقصد به احترام النظام السياسي لمدة العهدة المحددة دستوريا دون افتعال أسباب و ظروف “استثنائية ” لتبرير تأجيل الاستحقاقات الانتخابية ، خاصة عندما تكون الدولة لا تعرف حالات من الاضطرابات الاجتماعية و السياسية . فالانتظام ، من هذا المنظور، هو إحترام للعهد الانتخابي المحدد مجاليا و المعبر عن حق المواطنين في تفعيل حقوقهم لإحكام شروط التداول أو التغيير .

أما التعددية ، فهي بالأساس تعبر عن حق المواطنين في الترشح في إطر حزبية أو كمستقلين . فالتعددية هي شرط لصيق بالديمقراطية، فغيابه يعني غياب الصفة الديمقراطية عن الانتخابات. و التعددية شكلان: تعددية فعلية و أخرى صورية. فأما التعددية الفعلية فهي تقوم على توفير تنافس حر دون تمييز بين الفواعل السياسية مع غياب أي شكل من أشكال التقييد للمبادرات الحزبية أو الخاصة للمواطنين. فهي قائمة على مبدأ التساوي الفعلي في الفرص السياسي. و أما التعددية الصورية (كحالات سوريا و تونس مثلا ) فهي تقوم على هيمنة حزب السلطة و إن دخلت أحزابا “موجهة ” أو “ديكورية” ، لإضفاء نوعا من المصداقية على هذه الاستحقاقات، فهي ديمقراطية مظهرية يغيب عنها جوهر و روح الديمقراطية التي عمادها الحرية و المواطنة .

أما الحرية فهي تعبير عن مجموعة من الشروط الكفيلة بالمساعدة على بناء خيارات عقلانية تقدم للمواطنين من أجل إرشادهم لانتقاء المرشحين الكفيلين بإحداث الفعالية التشريعية و التنفيذية الضروريتين لإنتاج الأمن و الرفاه . فالحرية تعني بالأساس حرية التعبير و التفكير و المبادرة ، مع ضرورة غياب أي شرط أو فعل يحدث الإكراه أو التوجيه القصري لخيارات المواطنين . فالديمقراطية تقوم على القناعة و الإقناع ، على الاختلاف و الحوار و على تعددية الأفكار و قنوات التعبير عنها .

فالحرية تستدعي أيضا وجود مجال حر للصحافة تبتعد عن الموسمية و المظهرية. فالديمقراطية ليست مجرد فلكلور انتخابي قائم على الشعبوية و الوعود الزائفة و التجمهر أيام الحملات الانتخابية في التجمعات العامة و في الإذاعة و التلفزيون ، بل هي ممارسة يومية لإثراء النقاشات العامة حول هموم و آمال و آلام المواطنين لتشكيل حلقة اتصالية إضافية بين الحاكم و المحكومين من جهة ، و آلية فعلية لديمقراطة الثقافة السياسية المتمحورة حول حقوق الإنسان و المواطن و الفعالية و المحاسبة .

أما شرط النزاهة فهو قائم بالأساس على جعل التنافس شريف و عادل بين الفواعل السياسية لإقرار قدسية حقوق المواطنة و الصوت الانتخابي للمواطن . فالنزاهة من هذا بالمنظور تشمل على مجموعة من العمليات و التي تقوم بالأساس على بناء مصداقية الانتخابات بعدم التلاعب بالقوائم الانتخابية و عدم التلاعب بصناديق الاقتراع ،عدم تزوير محاضر الفرز و الاحترام الشامل لنتائج الصندوق .

فالنزاهة تقتضي بالأساس الحياد الإيجابي للإدارة المنظمة و المشرفة على العمليات الانتخابية ،و الذي هو بحد ذاته التزام للنظام السياسي بقواعد الديمقراطية و التداول .

فالانتخابات الديمقراطية ، من هذا المنظور تقتضي توفر مجموعة من القواعد و الآليات الضامنة لحقوق المواطن و المسهلة لديمقراطية الانتخابات و منها بالأساس تجريم التزوير ، احترام الحق المتساوي للمترشحين في الإعلام و المعلومات ، الرقابة لمواطنية و المؤسساتية للعمليات الانتخابية إبتداءا من إحصاء الناخبين لغاية الترسيم الدستوري للنتائج .

كما تقتضي أيضا الفعالية الديمقراطية إضافة لهذه الشروط التأسيسية ، التشجيع على تداول النخب بفتح مجال المشاركة السياسية للنخب المثقفة حسب قاعدة الكفاءة و الاستحقاق المنتجة للسياسات الاقتصادية و الاجتماعية المحققة لأكبر قدر من التنمية الإنسانية المستدامة و الأمن الإنساني. فعولمة حقوق الإنسان و الديمقراطية تستدعي بالإضافة للانتخابات و تعددية الأحزاب و المجتمع المدني عولمة المعرفة و الكفاءة أيضا .

(20) الحكم الراشد

من بين المفاهيم الأكثر تسويقا في ظل العولمة السياسية نجد الحكم الراشد (أو الحكمانية ، الحكمية عند البعض أو فلسفة إدارة شؤون الدولة و المجتمع عند البعض الأخر ). فاحكم الراشد و إن كان مرتبطا من حيث المنطق العولمي بسياسيات البنك العالمي (منذ 1989) الهادفة لترشيد النفقات العمومية بعيدا عن الفساد الإداري و التسييري، فإن الحكم الراشد كقيمة أصبحت لصيقة بكل أبعاد العولمة السياسية التي تهدف لبناء أنموذجا سياسيا جامعا بين حقوق الإنسان وحاجاته ، الديمقراطية المشاركاتية ، اللامركزية الوظيفية القائمة على المبادرة المحلية الناجعة ، و العقلانية في إدارة الموارد و الوقت .

فالحكم الراشد كفلسفة تسيير، مكملة للديمقراطية المشاركاتية لبناء نظام الرشادة السياسية، تقتضي مجموعة من الشروط الأساسية و هي :

(1)- وجود دولة الحق و القانون .

(2)- وجود تعددية المجتمع المدني و فاعليته .

(3)- وجود تعددية الرأي و التعبير الحر .

(4)- استقلالية القضاء و فعالية العدالة .

(5)- وضوح مفاهيم الخدمة العامة و الصالح العام في الخطاب السياسي الرسمي و العام .

(6)- توفر آليات الرقابة السياسية المؤسساتية و المدنية القادرة على فرض الشفافية و الجزاء .

فمن هنا فالحكم الراشد هو النظام القائم على المنطلقات المرتبطة بمجموعة من القيم الديمقراطية: الفعالية و النجاعة و العدالة في التوزيع المادي و القييمي، كما أنه الأساس الذي تبنى من خلاله دولة الجودة السياسية التي تمكن المجتمع من التفاعل التعاوني بين القطاع العام والقطاع الخاص و المجتمع المدني في ظل توفر شروط التنافس الاقتصادي الشريف و في ظل توفر شروط الارتقاء الاجتماعي القائمة على الكفاءة (compétence ) و الاستحقاق (le merite) و ليس على الرداءة (mediocrité ) و لا على المحسوبية nepotisme .

فالحكم الراشد، و إن كان ضامنا للعقلانية في التسيير، فهو أيضا منطقا مسهلا لبروز الكفاءات الوطنية التي تمكن الدولة و المجتمع من الخروج من التخلف و الفساد على المستويين السياسي و التسيري .

فالحكم الراشد إذن كما لخصه أب النهضة الماليزية ووزيرها الأول الأسبق الدكتور ماهاتير محمد هي فلسفة تجمع بين التسيير بشفافية باشتراك المواطن في إدارة الشؤون الدولة و المجتمع و عن طريق الحكم بأمانه لمدة زمنية معينة خدمة للصالح العام بمنطق الخدمة العامة الهادفة لتنمية محققة لحاجات المواطنين بصفة عادلة ، فبدون الشفافية ، الأمانة و العدالة. فلن تكون الدولة مهما كانت مواردها قادرة على تحقيق تنمية الدولة و لا المجتمع و لا الإنسان.

فرشد حكم الأنظمة يقاس بهذه المعايير الثلاثة (الشفافية ، الأمانة و العدالة ) .

(21) الرشادة السياسية

تعد الرشادة السياسية من بين الأبعاد الأكثر محورية و فعالية في بناء النظام السياسي العولمي حسب المنطق النيوليبرالي الذي يجعل من حقوق الإنسان المنطلق و من العقلانية الإطار العملياتي و الإجرائي الضامن للنجاعة و الفعالية من اجل تحقيق مستوى تمكين عالي للإنسان من حقوقه .

فالرشادة السياسية هي فلسفة حكم و تسيير تجعل من الإنسان المواطن فاعلا مركزيا في بناء الدولة و المجتمع، و في نفس الوقت موضوعا لكل العمليات العقلانية الحدية و محورا في فلسفة الغايات للدولة و المجتمع. إذ يشكل الإنسان وحاجاته منطقا ذاتيا مشكلا للخارطة النفعية للنظام السياسي .

فالرشادة السياسية ،حسب هذا المنطق تشترط 4 أساسيات كبرى و هي :

(1)- جعل منطق الدولة متمحورا حول حقوق الإنسان ،كرامته و حاجاته .

(2 )- جعل المنطق مكرسا لهذا المنطق الحقوقي، حاميا له و مدعما له.

(3)- بناء نظام ضمانات لمحورية الإنسان المواطن و حقوقه ببناء نظام سياسي قائم أساسا على التعددية، التداول ، الشفافية، الأمانة و المسؤولية بالجزاء .

و أخيرا جعل النظام السياسي هادفا للتحقيق الكلي و المتكامل للحاجات المرتبطة بذات الإنسان بشكل يحقق أمنه و يوسع من مفهومي أمن الدولة و أمن الوطن.

و بناءا على ذلك فالرشادة السياسية تجمع بين ثلاثة أبعاد أساسية :

* البعد الأول مرتبط بحقوق الإنسان المنشئة لدولة الحقوق و القانون الضامنة لتفاعل ايجابي ، عقلاني و فعال بين الحاكم و المحكومين .

*البعد الثاني مرتبط بالديمقراطية المشاركاتية التي عمادها حقوق المواطنة التي تؤسس لعمليات مراقبة و مساءلة وجزاء لمن يحكم من طرف مؤسسة تشريعية مستقلة تتميز بالكفاءة و المبادرة ، ولها القدرة على التأثير على السياسات العامة و توجيه السياسية الداخلية و الخارجية للدولة بما يتماشى و مفهومي الخدمة العامة و المصلحة الوطنية .

*أما البعد الأخير فهو مرتبط بالحكم الراشد الذي يقوم على إشراك القطاع العام ، القطاع الخاص و المجتمع المدني بشكل يجعل النظام السياسي يقوم على الشفافية و التسيير بأمانة و يهدف لتحقيق التنمية الإنسانية المستدامة بعقلانية و بمنطق العدالة التوزيعية .

فالرشادة السياسية إذن ، هي فلسفة معيارية تهدف لبناء دولة منطقية تعمد على تمكين الإنسان من حقوقه حسب منطق الديمقراطية المشاركاتية، الحكم الراشد وفلسفة حقوق الإنسان .

(22) الدولة المنطقية

تعد الدولة المنطقية من التصورات الجديدة حول التنظيم السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي للمجتمعات بما يتوافق مع المنطق الحركي ، المعقد و المتشعب للعولمة السياسية. فالدولة المنطقية تستقي صفتها “المنطقية ” من مدى قدرتها على تكييف هياكلها الداخلية القانونية ، الإجرائية ، الدستورية و التنظيمية على كل المستويات : الفردية و الجماعية ، المؤسساتية و السلطوية و في كل النشاطات الإنسانية: اللإقتصادية، الإجتماعية ، السياسية ، الثقافية ، الدينية بل وحتى الرياضية بما يتماشى و المنطلقات القيمية و المعيارية للعولمة .

فالدولة المنطقية من هذا المنظور هي نموذج للدولة المعولمة و المتوافقة مع المنظور النيوليبرالي للتنظيم السياسي ، الاقتصادي ، الاجتماعي و الوظيفي. فهي من هذا التصور تحتوي على 05 أبعاد كلية :

(1)- دولة تقوم على حقوق الإنسان و تعمد على تحقيق أعلى مستويات التمكين الكلي للمواطنين من حقوقهم المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، و الثقافية.

(2)- بناء نمط حكم يقوم على مركزية المواطنين و اختياراتهم و قناعاتهم حسب نمط دستوري ، مؤسساتي و انتخابي يتماشى و طبيعة الدولة و المجتمع .

(3)- بناء نظام اقتصادي قائم على الحق المتساوي في المبادرة الاستثمارية للفواعل الوطنية (قطاع خاص أو عام ) و الأجنبية بصفة تخلق أكبر اندماج للدولة المنطقية في الاقتصاد العالمي .

(4)- بناء عدالة تتميز بالاستقلالية ، الشفافية ، الفعالية وكذلك التوافق من حيث المنطلقات القانونية مع القيم و المعايير النمطية في ظل العولمة بمجمل مساراتها العالمية المتشابكة .

(5)- و أخيرا تمكين الأقليات الدينية ، اللغوية و العرقية و كذلك النساء من حقوقهم الخاصة لخلق دولة منطقية عمادها العدالة التوزيعية و التساوي في الفرص .

و من أجل بناء هذه الدولة المنطقية يجب توفير مجموعة من الشروط و منها:

-1- بناء دولة الحق و القانون .

-2- وجود نظام الديمقراطية المشاركاتية .

-3- وجود تصور توافقي للنظام السياسي و المجتمع حول تخطي الخصوصية و النسبية للاندماج في العولمة ،دون فقدان الذات الحضارية –كما يقول المفكر الماليزي Chandra Muzzafar .

-4- و أخيرا قدرة الأنظمة السياسية الخاصة بالدول الصاعدة على تبني الإصلاحات الضرورية دون تدخل أجنبي مخل بالتجانس الاجتماعي أو بالاستقرار السياسي للدولة
و التي تهدف لخلق فواعل وطنية أكثر اندماجا مع منطقها (أي مع منطق العولمة ) بما يسمح بجعل السيادة و الحدود مفاهيم تاريخية أكثر من أن يكون واقعا متعايشا بما يخدم المنطق التنميطي و الإدماجي للعولمة .

23 – الدولة الذكية

من بين المفاهيم الجديدة التي أفرزتها العولمة نجد مفهوم “الدولة الذكية “بالانجليزية Smart Stateأو l’Etat Intelligent باللغة الفرنسية ،و الذي أصبح يطبق و لأول مرة منذ أقل من سنة في ولاية Queensland بشمال شرق أستراليا. فالدولة الذكية يراد لها أن تكون أنضج تصور للدولة المنطقية التي تهدف العولمة بمساراتها المتشابكة لتحقيقها .

فالدولة الذكية تستقي تسميتها من طبيعتها التي تقوم على المكونات السبعة التالية:

(1)- دولة تقوم على المشاركة الديمقراطية التي يعد المجتمع المدني الفاعل المركزي و الأكثر تأثيرا في صناعة السياسات العامة أو في بناء التصورات القرارية .

(2)- وجود قنوات اتصال تعددية تساعد على خلق تفاعل بين السلطات و الإدارة من جهة و المواطنين من جهة أخرى بشكل تصبح الدولة شفافة و مسئولة أمام المواطنين.

(3)- وجود سلطة قضائية لها الحق في فرض الجزاء القانوني و الجنائي على كل مسؤول مهما كان المنصب الذي يشغله .

(4)- قيام الفلسفة التسيرية للدولة على الحكم الراشد .

(5)- قيام الدولة بكل مكوناتها السلطوية و المؤسساتية على منطق العقلانية السياسية الهادفة لتحقيق أكبر قدر ممكن من حاجات و متطلبات الإنسان بأقل تكلفة وأقصر وقت .

(6)- قيام الدولة الذكية على مركزية حقوق الإنسان العالمية .

(7)- و أخيرا وجود رقابة مواطنية على عمل السلطات السياسية و القرارية مع بناء شبكات اتصالية تربط المواطنين بالمسؤولين في ظل الديمقراطية الكترونية التي تعمق من مفهوم الديمقراطية المشاركاتية .

فمن هذه المكونات، يمكن القول أن الدولة الذكية تصبو لتحقيق الأهداف التالية:

-1- الرفع من مستوى مشاركة المواطنين السياسية و كذلك مساهمتهم في توجيه الخيارات السياسية للدولة من أجل تحقيق تنمية متمحورة حول حقوق الإنسان حاجاته و مقتضياته .

-2- الرفع من الأداء الوظيفي للدولة حسب منطق الخدمة العامة و دون هدر للموارد العمومية مع خلق آليات لإلغاء شروط الفساد السياسي ، الإداري أو التسيري .

-3- الرفع من مستوى شفافية الإدارة و سلطات النظام السياسي بما يخلق مصداقية أعمق لها ، مع خلق آليات رادعة للفساد ورافضة للرداءة أو المحسوبية .

فمن هنا فالدولة الذكية ، هي تعبير عن رغبة ديمقراطية في تعميق الأداء الوظيفي للأنظمة السياسية و هياكلها الإدارية بما يحقق مستويات عليا من الشفافية و من العقلانية ، من الرقابة ، و من الفعالية و من التحقيق الكلي لحقوق الإنسان و حاجاته .

24- الدولة الفاشلة

من بين المفاهيم الجديدة في العلوم السياسية و العلاقات الدولية في ظل العولمة نجد مفهوم “الدولة الفاشلة”. فالدولة الفاشلة مفهوم يعبر عن الدرجة العليا لأزمة متعددة الأبعاد تعيشها الدولة :على مستوى ضعف التنمية الإنسانية ، ضعف التجانس الاجتماعي ، غياب دولة القانون ، غياب الديمقراطية ، مع انتشار الفساد ،و التهميش ، الفقر ، المرض ، بل وحتى أحيانا المجاعة و العنف السياسي .

فالدولة الفاشلة بهذا المنظور هي حالة من استعصاء أزمات الهوية ، المشاركة ، المشروعية و التوزيع مع عدم قدرة النظام السياسي على فرض سلطة القانون على كل مواطن و على كل شبر من الوطن. فهي حالة دولة تعيش خارج مسارات العولمة و خارج الحركية ما بعد الحداثية القائمة على : الديمقراطية المشاركاتية، اقتصاد السوق الحر ، دولة الحق و القانون / الحكم الراشد و المفهوم الموسع للأمن الوطني الإنساني الجامع بين أولويات و حاجات الإنسان. هذا يعني أن الدولة الفاشلة هي تلك الدولة التي فشلت في عمليات بناء الدولة ما بعد الاستعمار. فشلت في تحقيق التنمية الإنسانية المواطنية ببقائها في عصر الأنظمة الشمولية ، و التي فشلت في تحقيق الحد الأدنى من التنمية حسب مؤشرات برنامج الأمم المتحدة للتنمية (الخاصة بالتنمية الإنسان) و التي فشلت أيضا في دمج بلدها بصفة ايجابية في مسار التفاعلات العالمية .

من بين التصورات الخاصة بحل معضلة الدول الفاشلة نجد أساسا تصورين هما:

أولا – التصور الذي يقوم على الوقاية بمحاولة احتواء مصادر الفشل عن طريق مشاركة عالمية (في إطار الأمم المتحدة و وكالاتها ) أو إقليمية (المنظمات الجهوية ) و عن طريق المجتمع المدني العالمي بتقديم المساعدات التقنية ، المادية و المالية و الإنسانية لمنع بروز و تفاقم الأزمات (المجاعة و تأثيراتها على الاستقرار السياسي للدول و احتمال فشلها مثلا .

أما التصور الثاني – فيقوم على الاستباقية بنشر قيم الديمقراطية ، حقوق الإنسان و العدالة مع وجود آليات مرافقة عالمية لغرس هذه القيم و تطويرها لمستوى نماذج حكم منتجة لتنمية إنسانية و ديمقراطية مشاركاتية .

فالدولة الفاشلة، إذن لا تشكل تهديدا على بقاء الدولة فقط و لكن أيضا على حياة سكانها بل قد تكون أيضا من التهديدات الأكثر خطورة و حساسية على الأمن الإقليمي بحكم الهجرة و انتشار الأوبئة بل وحتى توسيع رقعة النزاعات المسلحة.

25- الهندسة السياسية

من بين المفاهيم الأكثر تعبيرا عن العولمة السياسية نجد الهندسة السياسية، إذ ظهر المفهوم سنة (1994) ليعبر عن طموح غربي لبناء تصور سياسي موحد قوامه حقوق الإنسان العالمية التي تنشأ نمطية قيمية ومعيارية غربية موحدة تساعد على بروز نموذج سياسي واحد و متوافق جامع بين الديمقراطية المشاركاتية و الحكم الراشد و دولة الحق و القانون .

فالهندسة السياسية مفهوم و منهجية تعبر عن تطلع غربي هادف لإعادة تشكيل مفهوم السيادة لتحويلها لمجرد قيمة رمزية و ليست تعبيرا عن الاختصاص الداخلي للدول ولا قاعدة تمكن الدول من تبني الأنظمة السياسية. فالهندسة السياسية تصبو لأن تجعل الإنسان -الفرد النقطة المحورية التي تؤسس أنظمة سياسية هادفة لتحقيق حاجاته بما يتماشى و منظور حقوق الإنسان العالمية ، المتكاملة ، الرافضة للانتقاء و لا التجزئة كما ظهر في إعلان و برنامج عمل فيينا حول حقوق الإنسان 1993 .

فمن هنا، فالهندسة السياسية ترتكز على القيم المحورية التالية :

(1)- عالمية حقوق الإنسان.

(2)- الديمقراطية المشاركاتية كنموذج حكم .

(3)- الحكم الراشد كنموذج تسيير .

(4)- مركزية حاجات الإنسان في تعريف الأولويات السياسية و القرارية للدول .

(5)- ضرورة تراجع الدول و سيادتها للسماح ببروز حكم عالمي و مواطنة عالمية .

و أخيرا ضرورة استخدام القوة المادية و العسكرية للغرب لإعادة تشكيل أنظمة حكم في العالم بما يتماشى و تصورات الهندسة السياسية .

فبالنظر للتباين البارز و الصارخ في مستوى ارتباط الدول الصاعدة بهذا المنظور تقترح هذه المنهجية 03 تصورات أساسية للتلاؤم مع هذا المنظور :

-1- الهندسة التغييرية التي تجعل النظام الشمولي ( العسكري أو القائم على حزب الدولة ) يتحول جذريا نحو الديمقراطية المشاركاتية عن طريق الثورة المواطنتية أو التدخل الأجنبي .

-2- الهندسة الانتقالية التي تعني انتقال النظام التسلطي تدريجيا نحو نمط الديمقراطية المشاركاتية بمرافقة دولية.

-3- الهندسة التكيفية للتدقيق الديمقراطي في الدولة التي تعرف مستوى ضعيف من الشدة الديمقراطية لتكون متوافقة فعليا مع فلسفة حقوق الإنسان و المشاركة السياسية .

فمن هنا فالهندسة السياسية هي منهجية تهدف لبناء نمط قيمي –معياري أساسه حقوق الإنسان و نموذج حكم قائم على الديمقراطية المشاركاتية و الحكم الراشد .

قائمة المراجع:
– Jeffrey Haynes : ” Comparative Politics in a Globalizing World”, London: Polity, 2005

– David Held: “Political theory today”, London: Polity, 1991

– David Beetham: “Democracy and Human Rights”, London: Polity, 2003

– Alain Nonjon: “La mondialisation”, France: SEDES, 1999

– Pierre Senarclens & Yohan Ariffin: “La politique internationale: Theories et enjeux contemporains”, Paris: Armand Colin, 2006

– Laurence Boisson de Chazournes et Rostane Mehdi (ed.): “Une societe internationale en mutation: Quels acteurs pour une nouvelle gouvernance”, Bruxelles: Bruylant, 2006

– Paul R. Viotti & Mark V. Kauppi: “International Relations Theory”, Sydney: Allyn Bacon, 1999

– Martin Albrow : “The Global Age”, London: Polity, 2003

– David Held & Anthony McGrew (eds): “Governing globalization: Power, authority and governance”, London: Polity, 2004

– Stephan Lawson (ed.): “The new global agenda of International Relations”, London: Polity, 2002

– Amitai Etzioni: “Security First”, New Haven: Yale University Press, 2007

– Zygmunt Bauman: “Globalization: The human consequences”, London: Polity, 2000

– David Held et al: “Global transformations: Politics, economics and culture”, London: Polity, 2003

– David Marsh & Gerry Stoker (eds): “Theory and methods in Political Science”, Basingstoke: Basil Blackwell, 1995

– April Carter & Geoffrey Stokes (eds): ” Democratic theory today”, London: Polity, 2003

– David Held: “Models of Democracy”, London: Polity, 2003

– John Baylis & Steve Smith: “The globalization of World Politics: An introduction to International Relations”, Oxford: Oxford University Press, 1997

– Mark Kesselman & Joel Krieger: “Readings in Comparative Politics: Political challenges and changing agendas”, Boston: Houghton & Mifflin, 2006

– Alan S. Zuckerman: “Doing Political Science: An introduction to Political Analysis”, Boulder: Westview Press, 1991

– Mattei Dogan & Dominique Pelassy: “How to compare nations: Strategies in Comparative Politics”, New Jersey: Chathan House, 1990

– Peter Calvert: ” An introduction to Comparative Politics”, London: Harveseter Wheatsheaf, 1993

– Ronald H. Chilcote: “Comparative Inquiry in Politics and Political Economy: Theories and Issues”, Boulder: Westview Press, 2000

– Mark Lichbach & Alan S. Zuckerman (eds): “Comparative Politics: Rationality, culture, and structure”, Cambridge: Cambridge University Press, 1997

– Kay Lawson: “The human polity: An introduction to Political Science”, Boston: Houghton & Miffin, 2003

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى