القاموس السياسيدراسات سياسية

مفهوم المعرفة السياسية/علم السياسة/العلوم السياسية

– مفهوم علم السياسة :

1- السياسة عند العرب : السياسة عند العرب هي الرياسة و ساس الأمر يعني القيام به و تصرف فيه و و اداركه بحكمة و دراية فالسياسة في نظرهم تدور حول الرعاية و التدبر لشؤون الناس و هدفها تحقيق الصلاح و الخير.
2- السياسة عند اليونان : في الأصل اللاتيني تعني لفظة سياسة “Police” تدبر شؤون الدولة،أو المدينة ثم أصبحت المدنية و يقصد بها المجتمعات التي دخلت الحضارة و تطور هذا العلم بتطور اليونان و أصبحت تعني كل ما يتعلق بشؤون الدولة و العلاقات بين الدول.
3- السياسة في المفهوم الشامل : كما ورد في الإبستومولوجيا تعني “فن حكم الدولة” أي أنه علم حكم الدولة أو دراسة المبادئ التي تقوم عليها الحكومات و التي تحدد علاقاتها بالمواطنين و بالدول الأخرى.كما عرفها “روبر” وقال بأن السياسة هي “فن حكم المجتمعات الإنسانية”.

وهناك تعريف آخر أكثر دقة وإلمام بالموضوع و الذي يعتبر السياسة بأنها تلك العمليات الصادرة عن السلوك الإنساني فردا أو جماعة التي تتجلى فيها الصراع بين مصالح الجماعات المشكلة للتجمع البشري و يظهر فيها استخدام القوة بصورة أو أخرى لإدارة هذا الصراع أو التخفيف منه أو استمراره.

وهكذا يتضح من التعاريف أن مصطلح السياسة يتركز في جوهره على مفاهيم قوية مثل”القوة ، الصراع ،السيطرة” .

وهناك من اعتبر أن للسياسة مفاهيم أخرى تعتبر أن السياسة هي “فن ممارسة الحكم وهي فن المساومة و التسوية ”

II- مفهوم المعرفة السياسية/علم السياسة/العلوم السياسية :
1- مفهوم المعرفة السياسية : المعرفة هي حوار بين العقل و المادة المستهدفة و إذا كانت هذه المعرفة تعتمد على المنهج التجريبي ، و إذا كانت هذه المعرفة السياسية تعتمد على المنهج العلمي التجريبي يصبح علم السياسة و إذا أردنا أن نحقق العلاقة الابستمولوجية بين علم السياسة و المعرفة السياسية نقول انه علم السياسة هو معرفة سياسة التي تعتمد على المنهج العلمي التجريبي.
2- مفهوم علم السياسة: هو عبارة عن مجموعة المبادئ و القواعد التي اثبت التجريب صحتها و التي تتعلق بالسياسة.

أ- علم السياسة هو علم الدولة:* يعرف “بري لوا” علم السياسة على انه معرفة منهجية منظمة للظواهر التي تتعلق بالدولة.
* ويعرفه “روجيه سلطوا” على انه دراسة الدولة و أهدافها و المؤسسات التي تسمح بتحقيق هذه الأهداف و العلاقات القائمة بين هذه الدول و بقية الدول. و يتضح من خلال المفهومين أن مادة علم السياسة هي “الدولة”.

ب- علم السياسة هو علم السلطة و القوة: أي العلم الذي يتركز على مفهومي السلطة و القوة كمفاهيم أساسية تشكل محور العمليات ة التفاعل السياسي.فالحياة السياسية جوهرها الصراع من أجل السلطة و القوة و السيطرة و هنا تم تقسيم المجتمع الدولي إلى دول عديدة ضعيفة و أخرى قوية و الكشف عن العلاقات السلطوية بين السياسة و علاقات القوة و السلطة بين العوامل السياسية داخل الدول و ما بين الدول.

  • يعرف “دافيد استن ” علم السياسة على انه العلم الذي يدرس التوزيع السلطوي للقيم * يعرف “بوريغوا” علم السياسة على أنه العلم الذي يدرس العلاقات السلطوية المحددة لطبيعة المجتمع وصيرورته أي يصورها على شكل بسيط و متغير فلكل فرد قوة و الذي يسيطر على مجموعة من القوة هو الذي يكون الأقوى بينهم وهو الذي يقوم بتوزيع على هذه الجماعات القيم و تسمى ” التعاضضية السياسية” أي إعادة توزيع سلطوي و توزيع للقيم المادية و المعنوية. وهنا أصبح علم السياسة يدرس “القوة و الصراع” على نحو السلطة.
  • تعريف “هارولد لازويل” الذي يرى أن علم السياسة هو العلم الذي يدرس السلطة في المجتمع و كيفية ممارستها و ما أهدافها و نتائجها إما منهجه فهو العلمي التجريبي.

3- مفهوم العلوم السياسية : يعرف العلم بمادته و منهجه وإذا تعدد مواده ومناهجه يصبح يسمى “علوم”
كان يسمى علم السياسة عندما كانت مادته الدولة،أما عندما أصبح يدرس القوة و السلطة أصبح يسمى “علوم السياسية”.

III- فروع علوم السياسية : حسب وثيقة اليونسكو (1948) :

  • النظرية السياسية و تشمل تاريخ الفكر السياسي
  • النظم السياسية و تشمل الدستور، الحكومة،الحكم المحلي، و إدارة عامة ووظائف اقتصادية ، الاجتماعية للحكومة، النظم السياسية المقارنة

*الأحزاب و الرأي العام و تشمل الأحزاب، الانتخاب ،المشاركة السياسية، النقابات، الجماعات الملحية، الإعلام و الرأي العام.
* العلاقات الدولية وتشمل السياسة الدولية ،التنظيم الدولي ،المنظمات الدولية و القانون الدولي
وهذه الفروع ضرورية لفهم الحياة السياسية الدولية و الداخلية.
V- مراحل تطور العلم السياسة :

لقد مر علم السياسة بخمس مراحل هي :

1- المرحلة الفلسفية: (05 ق م- 18م )
دامت هذه المرحلة من القرن (05 ق.م) حتى حدود القرن (18م) حيث كان المجهود الفكري في هذه المرحلة يدرس ماذا يجب إن يكون و ليس ما هو كائن.و لقد اتسمت هذه المرحلة بالدراسات التقليدية”الفلسفة” التي كانت تدرس مواضيع عديدة تتعلق بالحياة السياسية”الحرية، الديمقراطية، العدالة..الخ” ،إلا أنها لم تكن تدرسها بطريقة علمية بل كانت تنطلق من مقدمات ميتافيزيقية خيالية مثل موضوع “المدينة الفاضلة” لأفلاطون.

ولطوال هذه المرحلة التي امتدت من القرن( 05 ق.م) إلى القرن( 18م) شهدت عدت تطورات يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل هي :
أ- من القرن 05 ق.م إلى القرن 12م: التي كان بدّأ عملية المعرفة فيها من مقدمات ميتافيزيقية خيالية
ب- العصر الوسيط:اين كانت الكنيسة هي التي تسيطر فكان بدأ عملية المعرفة من مقدمات دينية لاهوتية أخلاقية .
خ- في القرن 16م (عصر التنوير) : حيث بدأ العلماء من شتى العلوم ينسلخون من الفلسفة و الدين و يعالجون قضايا منطقية مثل “بودان الجمهورية ، الأمير لميكافيلي” إلا أنه لم يدرسها دراسة علمية لأنه لم يقوم بالتجريب، فلقد انطلق من مقدمات واقعية ولكن ما يعاب على هذا الاتجاه ما يلي :
– السعي خلال عملية البحث فيما يجب أن يكون بدل البحث فيما هو كائن.وهذا ما أدى إلى تجاهل الفيلسوف للواقع الاجتماعي والسياسي في أي مجتمع من المجتمعات.كما أن هذا الاتجاه تؤسس نتائجه علي مقدمات غير محققة أو بديهيات مسلم بها،وقد اقتصرعلي الفلسفة الغربية وتجاهل كل ما هو خارج عن هذا الإطار .

2- المرحلة القانونية : (16م-19م)
تميزت هذه المرحلة بأنها بقيت علماء يبحثون في ما يجب أن يكون و ليس ما هو كائن و الاعتماد و التركيز على البنى و مؤسسات المشكلة للدولة أي وصف قانوني ولقد اتسمت في ظلها العلوم السياسية بالدستورية من خلال استخدام الإجراءات و القواعد القانونية و الدستورية في التعامل مع الظاهرة السياسية هذا التطور الذي حدث أدى إلى إيجاد الصلة بين القانون و العلوم السياسية .لكن في الواقع أن كل من القانون و علم السياسة يدرس الظاهرة السياسية من زاويته الخاصة.وفي هذه المرحلة كان الاتجاه الغالب هو الاتجاه القانوني، خصوصا بعد ظهور وبروز الثورة الفرنسية و على إثرها برز بعض المفكرين أمثال : “مونتس كيو” صاحب نظرية الفصل بين السلطات لكن من زاوية قانونية وما يعاب على هذا الاتجاه ما يلي:

  • تجاهل كل ما هو خارج الإطار القانوني أو خارج الدستور و أصبح بذلك معيار النظم السياسية ﴿مدى دستوريتها وديمقراطيتها﴾ يبين على أساس القانون والدستور.
  • اهتم هذا الاتجاه بدراسة الدول الغربية أو الدول التي تتوفر فيها نظريات مسبقة كنظرية الحكم ونظرية الفصل بين السلطات أو نظرية الأحزاب .
  • ويعتبر هذا الاتجاه أيضا أن أية عملية سياسية داخلية أم خارجية لا تعدوا أن تكون سوى مجموعة من الحقوق وتلازمها مجموعة من الواجبات .كما لم يهتم بالعوامل أو المؤثرات الداخلية أو الخارجية مما جعل التحليل القانوني يبدو واحدا بدلا أن يكون شاملا لأبعاد متعددة.

3- المرحلة الواقعية 18م-19م)
تزامنت هذه المرحلة مع الثورة الصناعية في أواخر القرن(18م) و بداية القرن (19م) حيث انتقلت الدراسات السياسية في هذه الفترة من دراسة ما يجب أن يكون إلى دراسة ما هو كائن و محاولة إيجاد حلول لهذا الواقع ، أين بدأت المدارس الوضعية تسيطر على المجهودات العلمية حيث أنها بدأت تستغني عن الكنيسة و النظرة الفلسفية للعلوم. فشهدت العلوم التطبيقية في هذه الفترة تطورا كبيرا، لهذا رأى علماء الاجتماع على وجوب العلوم الاجتماعية على الانسلاخ عن “الفلسفة، الاختلاق ، الدين ،التاريخ و القانون” و قد تميزت هذه المرحلة بما يلي:

  • علماء السياسة انتقلوا في هذه الفترة من دراسة ما يجب أن يكون إلى دراسة ما هو كائن أي دراسة الواقع كما هو. ومحاولة إيجاد حلول لهذا الواقع.
  • التركيز علي دراسة محددات ومتغيرات العملية السياسية وكشف العلاقات والتفاعلات بين البنى والمؤسسات المتكلة للنظام السياسي وليس الاكتفاء فقط بالوصف القانوني لهذه المؤسسات،و ما يعاب في هذه الفترة ما يلي :
  • عدم وجود مناهج علمية تجربيه متطورة بآليات وأدوات بحتة سليمة وهذا الحداثة
  • سيطرة النظرية الإيديولوجية علي المجهودات العلمية
  • فشل مسألة التعميم لانحصار الدراسات والمجهدات على الدول الأوروبية فقط ” المركزية الأوروبية” فلقد عالج “دوركايم” قضية الانتحار في فرنسا فقط و فشل في تعميمها

4- المرحلة السلوكية:
و هي فترة وجيزة من بدايات الحرب العالمية الثانية إلى نهاية الستينيات و تسمى هذه المرحلة بالثروة بالسلوكية لأنها تعتبر منعرجا كبيرا جدا في تطور العلوم الاجتماعية و السياسية خاصة و التي أضفت سمات الموضوعية و الدقة و القياس و القدرة على التنبؤ في مجال الدراسات السياسية.و من مميزات هذه المرحلة ما يلي:

  • انسلاخ الدراسات السياسية تماما عن المناهج التقليدية ” الفلسفية ،التاريخية ،القانونية”
  • التركيز على دراسة الأنشطة و الأدوار و التفاعلات السياسية دون التركيز على المؤسسات كوحدة للتحليل”أي كانت الدراسات القانونية تركز على ذكر ووصف البنى و المؤسسات من الناحية الخارجية فقط فأصبح الباحث في العلوم السياسية يفسر و يبحث في العلاقات و التفاعلات ” – الاعتماد على ما بين التخصصات فبعدما شهد علم السياسة تطورا كبيرا وصل إلى درجة أنه يعتمد على التخصصات الأخرى فعلم السياسة في هذه المرحلة أصبح مجبر على الاعتماد على العلوم الأخرى لتفسير الظواهر السياسية مثل ” ظاهرة الانتخاب يعتمد على الإحصاء،كيف يتخذ القرار السياسي في الجزائر يعالج من الناحية القانونية الاجتماعية والنفسية” – الاعتماد على التفكير الإمبريقي في الدراسة و البحث
  • كان لا يخلو أي بحث كان من المنهج الكمي أي أن كل ظاهرة سياسية كان لها تعبير رقمي مثل “الديمقراطية”
  • الاعتماد على الدراسات السياسية المقارنة

5- المرحلة ما بعد السلوكية:
في فيفري (1969) كتب ” دافيد استن” مقالة ينتقد فيها علم السياسة في المرحلة السلوكية التي نقلت علم السياسة من مرحلة سلوكية إلى مرحلة ما بعد السلوكية لأنه رأى أن الدراسات السياسية أصبحت تنحرف عن معناها الحقيقي وقد تمثلت هذه الانتقادات فيما يلي :

  • هي ظاهرة إنسانية بتعبير رقمي فقط مثل “التعبير عن الديمقراطية في الجزائر بـ :-4 ” أي يجب التعبير عن الظاهرة السياسية بالقيم بالإضافة للدراسات الكمية
  • البحوث و المجهودات في العلوم السياسية في إطار المرحلة السلوكية كانت تدرس الظاهرة السياسية لكن لم تكن تقدم الحلول لها فيجب أن تكون بحوث مقصديه هادفة مثل ” دراسة التحول الديمقراطي” و محاولة إيجاد حلول لهذه الظاهرة .

IV- القواعد الابستمولوجية :

  • يعرف العلم بمادته و منهجه
  • كل مجال معرفي يعتمد فيه على المنهج العلمي يعتبر علما و يصل إلى نتائج علمية
  • تدل كلمة المعرفة الابستمولوجية على جملة من الإجراءات الذهنية التي تدور بين طرفين هما العقل الإنساني و المادة المستهدفة من جهة أخرى و ذلك قصد الكشف عن حقيقة هذه المادة و هذه الأخيرة هي “الظاهرة” و جملة تلك الإجراءات الذهنية هي ما يعرف “بالمناهج”
  • ما لا يقاس لا يدرس فالظاهرة السياسية تكون قابلة للقياس عندما تكون متغيرات هذه الظاهرة قابلى للقياس وذلك عندما نعتمد على التعاريف الإجرائية

VI- المجهود الإنسان في تطور المناهج :
عموما مر المجهود الإنساني في التعاطي مع الظواهر المختلفة في ثلاث مراحل فانتقل من المنهج الفلسفي إلى المنهج الصرف حتى المنهج التجريبي:
1- المنهج الفلسفي المثالي : يعني بدأ عملية المعرفة من مقدمات ميتافيزيقية،أي أن العقل الإنساني لا يعتمد على أمور مؤسسة علميا بل كان يعتمد على ايسقاطات “فلسفية ، دينية” غير تابعة إلى علم وضعي مثل “المدينة الفاضلة ” لأفلاطون فانه لم يؤسس المدينة الفاضلة بطريقة علمية واقعية بل انطلق بخياله في تأسيس دولته و هي غير مؤسسة علميا
2- المنهج الاختباري الصرف (المطلق) : هو الذي يبدأ عملية المعرفة بملاحظة الواقع المستهدف باعتباره حالة، حيث لاتصل هذا المجهود إلى التعميم و محاولة معالجته في الواقع مثل “دراسة دركايم لظاهرة الانتحار في فرنسا “،”أنواع الحكومات اليونانية لأرسطو” فهي تعتمد عن التجربة و الاختبار لكن خاصة بالحالة المدروسة فقط لا يمكن تعميمها
3- المنهج العلمي التجريبي : حيث يعتبر في العلوم الاجتماعية “المجتمع” هو المخبر الذي ينطلق من اختبار الواقع عن طريق التجربة ثم إخضاعها لقانون “التكرار و التحقق” مع مراعاة مسألة التعميم ،و لقد تمتعت العلوم الاجتماعية و خاصتا العلوم السياسة بعد الثورة الصناعية أصبحت تعتمد على التجريب و الخروج بنتائج علمية مثل “دولة إذا كانت تسلطية يكون لها
قدرة رمزية “،” كلما ازداد الوعي السياسي انخفضت نسبة الانتخاب و ادن تكرر ذلك في السنوات يصبح هنا قانون التكرار.

محاضرات للأستاذ المحترم :بلغيث من جامعة وهران

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى